-->

رواية جديدة لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 21

 

قراءة رواية لأنني أحببت

الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


الفصل الواحد والعشرون 

أعاقب نفسي



بعد مرور يومين لم يتغير فيهم شيء سوى أن وليد ونور اشتروا خاتم وحددوا يوما للاحتفال بخطبتهم.


اقتحمت الغرفة على عبير دون سابق إنذار هاتفة بصوت مرتفع أزعجها كثيرا يووه بقى يا عبير أنتي لسه نيمة قومي بقى عايزاكي تنزلي معايا عشان اختار فستان.


رمقتها عبير بدهشة متسائلة: فستان إيه يا بنتي أنتي لسه خطوبتك بعد أسبوعين عايزانا ننزل من دلوقتي!


أجابتها بلهفة: طبعا يا بنتي افرض ما عجبنيش حاجة يعني يلا قومي بقى بلاش كسل.


وعندما لم تجد نور عبير متحمسة رسمت الحزن ببراعة فوق قسمات وجهها البريء مغمغمة بصوت مختنق: ما هو أنا لو كان عندي أخت كان زمانها دلوقتي بتختار معايا كل حاجة بس للأسف أنا ما ليش أخوات يا عيني عليكي يا نور آه يا وحدانية يانا يا اللي ما ليش حد هنا.


لوهلة شعرت عبير بالحزن عليها لكنها سرعان ما انفجرت بالضحك عندما استمعت إلى جملتها الأخيرة فضـ ربتها برفق فوق رأسها مغمغمة بهدوء: والله صدقتك يا زفته اديني ثواني بقى أقوم البس لأحسن أنا تعبانه حاسة أني دايخة مش متظبطة يعني.


سألتها نور بقلق وهي تجذبها من يدها: تعبانه مالك؟

بصري استحملي بس لحد ما ننزل النهاردة وبعدين نعدي على الدكتور واحنا راجعين ماشي؟


هزت عبير رأسها بقلة حيلة ولم تجد سبيلا سوى الموافقة فهي على يقين بأن تلك الصغيرة الثرثارة لن تتركها وشأنها أبدا.

والحقيقة أن عبير أحبتها كثيرا فهي خلال اليومين المنصرمين كانت تهون عليها كثيرا.


❈-❈-❈


طب وبعدين يا عمار يا ابني هنعمل إيه دلوقتي؟


ذلك السؤال تساءل به الحاج كامل الذي يجلس برفقة كل من عمار والحاج سعد على مقهى المعلم فكري.


أجابه بكل بساطة: ولا حاجة يا عمي مش هي صَبا عايزة ورقة الطلاق أنا هديها لها.


فتح الحاج كامل فاهه مندهشا

بينما الحاج سعد رمقه بابتسامة ذات مخزي والذي بدوره ردها له عمار مغمغما بتأكيد: أنا قلت إن ما حدش هيفهمني غيرك يا حاج سعد.


هتف الحاج كامل بنفاذ صبر: وبعدين معاكم بقى أنتم هتقعدوا تبصوا وتضحكوا لبعض كده وأنا مش فاهم حاجة ما تفهموني منك له.


اعتدلا عمار في جلسته موجه حديثه له هاتفا بمراوغة: طيب تدفع كام وانا افهمك يا حاج كامل؟


زفر الحاج كامل بقوة وراح يضرب كفا بالآخر مغمغما بعدم تصديق: هو ده وقت هزار يا عمار يا ابني احنا في ايه ولا في ايه بقول لك البت مصرة على كلامها المرة دي وانا مش قادر امنعها لأن ده حقها والنهارده طلبت من امها انها تنزل تشتري لها الحاجات اللي هي محتاجاها ومصرة ان خلال شهر تتجوز كامل اعمل ايه انا دلوقتي؟


فتح عمار فاهه ليتحدث لكن الحاج سعد سبقه هاتفا بجدية: انا اللي هفهمك يا كامل الاول خلينا نشرب حاجة عشان انا ريقي نشف وبعدين هشرح لك ببساطة.


❈-❈-❈


كعادته في الآونة الأخيرة وبالتحديد بعد الحادث مستلقيا فوق فراش المشفى ينظر إلى السقف بشرود ويفكر في حاله الذي بات عليه الآن

رغما عنه راحة الشيطان يوسوس له بأن ينهي حياته البائسة تلك فالشعور بالعجز أبشع شعور يمكن أن يواجهه الإنسان في حياته وخاصة إذا كان شخصا مثل حسام شخصا مليء بالحيوية يفعل ما يحلو له دون قيود.


ابتسم بسخرية على ما آلت إليه الأمور فلو كان بكامل صحته لم ولن يفكر في الانتحار أبدا مهما كانت النتيجة فهو شخص مقبل على الحياة يحبها بجنون ويعشق ملذاتها المحرمة قبل المحللة.

استحسن تلك الفكرة وقرر تنفيذها لكن كيف فهو لا يستطيع الحراك من مكانه.

ابتسامة مريرة ارتسمت فوق شـ فتيه فهو حتى الانتحار غير قادر عليه يا الله كم هي قاسية تلك الحياة.


وفي خضم الزحام الذي يدور في رأسه ولجت تلك الممرضة البشوش تسأله باهتمام: أستاذ حسام عايز حاجة قبل ما أمشي علشان الوردية بتاعتي خلصت خلاص.


محتاج منك خدمة.


هتفت بابتسامة سعيدة فلأول مرة سيطلب منها شيئا: اؤمرني محتاج إيه وأنا أعمله لك فورا؟


صمت قليلا ثم أردف بحزن عايزك تديني إبرة هوى وتخلصيني من العزاب اللي أنا فيه ده.


شهقت الممرضة بقوة هاتفة بعدم تصديق: معقولة الكلام اللي أنت بتقوله ده عايز تموت نفسك ده بدل ما تفكر أنك تتعالج وتدعي ربنا أنه يشفيك وهو قادر على كل شيء

بتفكر انك تكفر بيه وتعصيه!

أنا مش مصدقة اللي أنت بتقوله ده أنت أغرب مريض أنا شفته في حياتي.


دمعت عينيه في تأثر هاتفا بنشيج: وإيه الفايدة من حياتي أصلا وأنا نايم في السرير لا حول ليا ولا قوة؟

ليه أحس بالشفقة من اللي حواليا وليه أحس أني عاجز أصلا؟


قاطعته بحدة: وليه ما تقولش ان ربنا بيديك فرصة عشان تلجأ له وتطلب منه أنه يشفيك ويقربك منه ربنا -سبحانه وتعالى-  لما بيبتلي العبد بيستنى أن العبد يحمده ويرجع له ويطلب منه أنه يشفيه مش يقعد يسأل ليه وليه وليه

صدقني يا حسام ربنا رحمته وسعت كل شيء فكر في كلامي ده كويس وانا هعدي عليك بالليل يلا سلام عليكم.


دلفت للخارج مغلقة الباب من خلفها تاركة اياه يبكي بصوت مرتفع.

فهو لا ينكر بأن حديثها مس قلبه رغما عنه مر شريط حياته أمام عينيه وكلما مر أمامه صورة له وهو يعصي الله يزداد نحيبه فوجد نفسه لا إراديا يقول: استغفر الله العظيم يا رب.

يا رب سامحني واغفر لي أنا عصيتك كتير بس عارف يا رب إن رحمتك وسعت كل شيء.


❈-❈-❈


عاد باكرا من عمله وهو يشعر بالسعادة فنادى على زوجته بعد أن ولجه مغلقا الباب من خلفه: زوزة يا زوزة انتي فين؟


أقبلت عليه بابتسامة مشرقة سائلة إياه في حنو: محمد إيه اللي رجعك بدري كده يا حبيبي أنت تعبان ولا حاجة؟


دنا منها معانقا إياها بقوة وهو يشتم عبيرها بافتتان هامسا: أنا كويس يا روحي ما تقلقيش أنا بس خدت اذن النهاردة ده أولا ثانيا بقى أنا حجزت تذاكر الطيران خلاص يوم السبت بإذن الله هنسافر عشان تولدي في مصر زي ما وعدتك يا قمر.


ضحكت بقوة ثم عانقته هاتفة بامتنان: ربنا ما يحرمني منك يا محمد بجد أنت عوض ربنا ليا بس أنا كل اللي طلباه منك أنك تسامح.


أبعدها عن حـ ضنه برفق يسألها بعينيه؟


فأجابته بابتسامة صافية: قصدي يعني تسامحني لو كنت قصرت في حقك في يوم من الأيام صدقني أنا بحبك قوي يا محمد وأنت دلوقتي بالنسبة لي كل حاجة في حياتي ربنا ما يحرمني منك أبدا يا أبو فهد.


ضمها إلى قلبه مرة ثانية وهو يهمس بشقاوة: ولا يحرمني منك يا أمو فهد

هما فهد وفريدة في المدرسة مش كده؟


أومأت له بابتسامة.

فجذبها برفق للداخل مستطردا حديثه: طب تعالي بقى أما اشرح لك بالتفصيل الممل أنا عملت إيه النهارده.


❈-❈-❈


يقف هنا وهناك يوجه هذا ويعطي التعليمات لذاك وبداخله حزن عميق.

زفر بقوة عندما أبصر أحد الشباب يفعل شيئا خاطئا قد علمه إياه من قبل فدنا منه موبخا إياه بفظاظة: إيه يا غبي ده كم مرة حقول لك إن المسمار ما بيتركبش كده.


رمقه الشاب بعتاب خفي مغمغما باعتذار: أسف يا باشمهندس ما تأخزنيش أصل بصراحة يعني مش مركز خالص النهاردة الست أم العيال بتولد وقلقان عليها جدا.


شعر بإحراج شديد فهتف ماعتذرا: حقك عليا يا اسطى أصلي متضايق شوية.


قاطعه صوت عمار الذي ولجا للتو: ومتضايق من إيه يا هندسة؟


استدار إليه بابتسامة صغيرة رسمها فوق شـ فتيه هاتفا بترحاب: أهلا وسهلا بالمهندس الكسول لسة فاكر تنزل مش قلت لك تنزل كل يوم تتابع معايا الشغل بدل قعدة البيت.


أجابه وهو يستقل أحد المقاعد ومن ثم أشار إليه: كنت متضايق بس شوية هات لك كرسي وتعالى جنبي هنا عايزك في موضوع.


أومأ له بالموافقة ثم استدار لذلك الشاب ثانية مربطا فوق كتفه بهدوء مكررا اعتذاره مرة أخرى ومن ثم سار باتجاه صديقه مستقلا أحد المقاعد بجواره هاتفا باهتمام: احكي لي إيه اللي مضايقك يا صاحبي؟


هزه عمار رأسه نفيا مردفا بإصرار: أنت اللي هتحكي لي إيه اللي حصل بينك وبين عبير وما تقوليش ما فيش حاجة عشان أنا عارفك كويس مفهوم؟


أومأ له رؤوف ومن ثم راحة يقص عليه ما حدث بالتفصيل

وكلما توغل بالحديث نفرت عروق عمار بالكامل وغلا دمه وقبض على يديه بقوة فصرخ بعد أن أنهى رؤوف حديثه: وديني ما أنا سايبه الكلب ده.


قاطعه رؤوف مهدئا اياه: أهدى يا عمار أنا أديته بما فيه الكفاية بس كل اللي مزعلني موقف عبير هو اللي حازز في نفسيتي قوي مش قادر أتصور أنها خبت عليا حاجة زي دي.


صمت عمار يفكر فهو يعلم أن حديث صديقه صحيح وعبير مخطئة إلى حد كبير

فعندما تخفي الزوجة شيئا هاما عن زوجها يشعر زوجها بالنقص والخذلان.


❈-❈-❈


بشرود شديد تسير بجواره حتى أنها لم تستمع إلى أي كلمة يتفوه بها

مما جعله يناديها بصوت مرتفع: صَبا يا صبا؟


رمقته باستفهام فاستطرد: يا بنتي بقالي ساعة بكلمك وأنتي مش بتردي عليا إيه سرحانه في إيه؟


أجابته بتلعثم:  ما فيش أنا بس بفكر في حياتي اللي جايه.


حياتي؟

تلك الكلمة تساءل بها كامل

مما جعلها تصحح حديثها: أقصد حياتنا يعني حياتنا مع بعض.


ابتسم باتساع عندما استمع إلى تلك الكلمة من شـ فتيها التي لطالما حلم بها فهو لم يتوقع يوما بأن ستكون هناك حياة بينها وبينه لطالما رآها نجمة صعبة المنال.

فرمقها بعشق متمتما: هتكون أجمل حياة أنا بوعدك يا صَبا.


حاولت رسم ابتسامة صغيرة على شـ فتيها ثم هتفت: يا رب يا رب يا كامل لاحسن أنا تعبت قوي تعبت من الصراع اللي جوايا وتعبت من كل شيء حصل وبيحصل معايا.


امسك يدها ثم أردف بسعادة كبيرة: أوعدك أنك هتعيشي معايا أسعد أيام حياتك وحنسيكي كل اللي حصل لك يا صَبا ده وعد مني ليكي وخليكي عارفة ان عمري ما أديت كلمة وخالفتها أبدا.


وزعت بصرها بين وجهه السعيد وبين كفه الذي يقبض عليه ثم سحبت يدها برفق هاتفة بجدية: ما تعملش كده تاني ما تنساش أني لسه ما اتطلقتش من عمار.


تنحنح بحرج ثم غمغمة باعتذار وراح يمطرها بوابل من الكلمات العذبة غافلا عن شرودها الذي عاد إليها مجددا.


❈-❈-❈


عبر الهاتف تتحدث إليه وهي مستلقية فوق ظهرها على فراشها تتلاعب بخصلاتها.

فسألها مباغتا: قولي لي يا نور بتعملي إيه دلوقتي؟


أجابته بعفوية: نايمة حكون بعمل إيه يعني مستنية الحاجة تخلص الأكل أصلي ميتة من الجوع.


سألها على الطرف الآخر مستنكرا: هو أنتي على طول جعانة كده امال مش باين عليكي ؤعني!


عبست بوجهها ومن ثم استقامت جالسة هاتفة بحزن: كده برضو يا ليدو بتعد عليا الأكل امال لما اتجوزك وأكل معاك في طبق واحد هتعمل إيه أكيد حتقولي أنتي أكلتي كام معلقة رز وكام حتة لحمة وكام بطاطساية آه أنا عارفة النوعية دي

لا بص أنا قررت حاجة عايزاك تساعدني عليها قررت ان وأحنا بناكل اغميلك عنيك عشان ما تشوفش أنا أكلت قد إيه وتحسدني آه أصل أنا بصراحة يعني نجمي خفيف.


اتسعت ابتسامتها عندما استمعت إلى قهقهته على الطرف الآخر يليها صوته الضاحك: أنتي عسل والله يا نور من ساعة ما عرفتك والضحكة رجعت لي تاني ربنا يكمل لنا على خير وما يحرمنيش منك أبدا بس في حاجة كده كنت عايز أتكلم معاكي فيها بس يا ريت جد بقى مش كله هزار ماشي؟


أومأت له وكأنه يراها هاتفة بمرح: طيب اعمل إيه في دمي الخفيف يعني وبعدين أنا واحدة هزق ما بعرفش أتكلم كلمتين جد على بعض بس أوعدك يعني عشان خاطرك أنت بس هحاول.


صمتت تستمع إلى حديثه والذي كان: شوفي يا نور أنا ما بقتش صغير وأنتي لسه في سنة أولى جامعة يعني فكرة أني استناكي ست سنين دي صعب جدا أنا ما عنديش مانع أنك تكملي دراستك طبعا بالعكس ده أنا هساعدك كمان ولو اضطريت أجيب لك دكاترة البيت ما عندي مشكلة بس مش هينفع نستنى السنين دي كلها فايه رأيك لو أكلم الحاج سعد ونتجوز في أقرب وقت ودراستك تكمليها عندي.


يا ريت.

تلك الكلمة تفوهت بها نور

مما جعلت وليد يضحك بقوة

فتنحنحت باحراج هاتفة بتلعثم: قصدي يعني يا ريت ينفع كلكم بتقولوا تكملي دراسة عندي وبعد ما تكتبوا الكتاب تحبسونا في البيت وتقطعوا لنا الكتب لا يا عم يفتح الله.


كبت ابتسامته بصعوبة هاتفا بجدية: وبعدين يا نور مش قلنا نتكلم جد شوية؟

انا بجد عايز اعرف رأيك ايه علشان اكلم الحاج سعد؟


اجابته بلهفة: طب اديني خمس ثواني افكر الخمس ثواني خلصوا انا موافقة يا وليد.


❈-❈-❈


في الشرفة يقف يراقب الطريق وهو يحتسي كوبا من الشاي وينظر في ساعته من وقت إلى آخر فلقد حل الليل وهي تأخرت كثيرا.


دقائق قليلة وأبصرها تقترب من المنزل ويرافقها المدعو كامل

مما جعلت الغيرة تسري في اورردته وارتفع الأدرينالين في جسده وتمنى لو أنه يكسر رأسها اليابس ثم ينقض على كامل ويقطعه إربا اربا

ذلك المشهد الإجرامي دار في مخيلته قبل أن يترك كل شيء ويدلف للخارج مسرعا عازما على وضع حد لتلك المهزلة.

ولكن قبل أن يفتح الباب توقف قليلا يفكر فإذا فعل شيئا به حماقة ربما ستبوء خطته بالفشل

فراحة يفكر مرة ثانية وسرعان ما جاءت في رأسه فكرة سيحل بها تلك المعضلة فعاد للداخل مناد على زوجته بصوت مرتفع كي تستمع إليه: زينة عايزك ضروري.


ثواني وامتثلت زينة بين يديه تسأله بلهفة: في حاجة يا عمار يا حبيبي؟


رسم ابتسامة واسعة على شـ فتيه مغمغما: أيوة يا روحي عايز أنزل اشتري لك فستان علشان تحضري بيه خطوبة نور  وفستان عشان فرح صَبا اللي اتحد آخر خميس في الشهر ده.


ابتهجت من ذلك الحديث الذي راق لها كثيرا فوجدت نفسها دون شعور تدنو منه وتحتضنه بقوة وهي تحمد الله بداخلها لأن زوجها سيعود لها ثانية وان خطتها سارت على ما يرام.


❈-❈-❈


بمفتاحها الخاص ولجت إلى منزلها وعلى وجهها يرتسم ملامح الحزن بحرفية والغريب أن ذلك الحزن لم يزدها إلا جمالا

استقبلها والدها بابتسامة صغيرة سائلا إياها باهتمام: اتأخرتي كده ليه يا صَبا؟


أجابته باعتذار: آسفة يا بابا كنا بنبص أنا وكامل على العفش وكده يعني.


اخرج من جيب سرواله ورقة ثم دنا منها يقدمها لها مردفا بحزن: اتفضلي يا صبا.


دي إيه دي يا بابا؟


تلك الكلمات قالتها وهي تأخذ الورقة من بين يدي والدها والذي أجابها على الفور: دي ورقة طلاقك أنت وعمار.


سقط قلبها بين قدميها من هول ما استمعت إليه ولم تتفوه ببنت شفا بل استأذنت بلباقة وولجت إلى غرفتها

وفور ما أغلقت الباب راحت تبكي وتنتحب مغمغمة بقهر: معقولة بعتني بالسهولة دي يا عمار للدرجة دي أنا رخيصة في نظرك وهونت عليك

بس أنا اللي استاهل أنا اللي رخصت نفسي وأديته فرصة يدوس على قلبي وعلى كرامتي.


ثواني وانفتح الباب يليه ولوج والدتها التي أغلقته من خلفها وأسرعت إليها تحتضنها بلهفة هاتفة بحزن: بتعيطي ليه دلوقتي يا حبيبتي هو مش ده كان طلبك اللي أنتي اصريتي عليه!


تشبثت بأحضـ ان والدتها مردفه بنشيج: أيوة يا ماما.


طيب بتعيطي ليه يا صَبا دلوقتي؟


أجابتها بشهقات متقطعة: بعيط عشان أنا هنت عليه يا ماما وكأنه ما صدق أني طلبت منه الطلاق.


ربطت والدتها على حجابها مغمغمة: اهدي يا حبيبتي وفكري في نفسك وفي مستقبلك بقى وكمان في الراجل اللي أنتي هتتكتبي على اسمه بعد أسبوعين تلاته واللي أنتي برده اخترتيه فهماني يا صَبا؟


ابتعدت عن حـ ضن والدتها ورمقتها بعينين دامعتين: مش عارفة يا ماما إذا كان القرار اللي أنا أخدته ده صح ولا غلط

أنا عملت كده عشان انتقم من عمار وأعرفه إن هو مش فارق معايا بس مش عارفة لو كنت بالقرار ده بعاقبه هو ولا بعاقب نفسي؟


أنهت حديثها وانخرطت في موجة من البكاء

مما جعل والدتها تحتـ ضنها مرة ثانية وهي تغمغم بحزن كبير: لا حول ولا قوة إلا بالله اهدي طيب يا حبيبتي ولو يعني مش عايزة تكملي جوازك من كامل احنا...


ابتعدت صَبا عن أحضـ ان والدتها وهبت واقفة تقاطعها بإصرار: مش هيحصل يا ماما وجوازي من كامل حيتم وده قرار ما فيهوش رجوع

هعرف عمار أن زي ما أنا ما اهمهوش هو كمان ما يفرقش معايا وهبدأ حياتي من جديد أنا أستحق الأفضل مش كده يا ماما؟


أومأت والدتها بالموافقة

فاستطردت هي حديثها بتحدي سافر: أنا هعرفه مين هي صَبا وحسبت له إن هو ولا حاجة بالنسبة لي.


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة