رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - اقتباس الفصل 17
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
اقتباس
الفصل السابع عشر
وقفت مهرة على أرضية المرحاض الباردة و بطرف يدها مسحت جبهتها التي كانت تتصبب عرقًا من الجهد الذي استهلك طاقتها من ترتيب المنزل وصنع الطعام كالعادة كل يوم ، لكنها لا تعرف سبب زيادة الألم لها بشكل غير عادي، تجولت عيناها المرهقتان حولها و ضغطت على شفتيها السفلية لأنها شعرت بجفاف الحلق ولهثت بسبب القيء المستمر.
مددت يدها المرتجفة لتفتح صنبور الماء لتغتسل فرفعت عينيها أمامها ورأت فيه انعكاس المرآه شبحها وليس مهرة التي تعرفها؟ تحسست بحذر الكدمات الصغيرة على وجهها وهي تتأوه بأوهات صافية وتضغط على عينيها بشدة في محاولة لكبت بكائها و تنهداتها المكتومة كانت تختنق.. انهارت قوتها فجأة وهي تبكي بمرارة فآلامها النفسية أكبر بكثير .. فماذا فعلت بقصر عمرها لتنال كل ذلك العذاب .! فإذا ذاقت كل ذلك في صغرها ، فماذا سيكون القادم لها؟
الجميع جرحها وجعل روحها المضطربة تتلوى من الألم والآهات بكت بصوت مكتوم ، غير مدركة لمن تلجأ إليه ليحميها من غدر الزمن .. وعذاب القريب قبل الغريب، فعائلتها هي بنفسها من اوصالتها هنا مقابل تأسيس حياتهم دون التفكير فيها كأنها لا تعنيهم.
سمعت غلق الباب بالخارج لتعرف أن زاهر عاد،
لكن لم تخرج له و إدعت النوم لعلها تهرب من واقعها المخيف.. فليس بها أي ذرة أخــرى لتتحمل إعتداء وحشي منه فلم تتحمل تلك الحياة اللا آدمية مع حيوان لا يعرف الرحمة؟ فالعيشة مع أسرتها أسهل بكثير من أن تخوض ذلك العذاب اليومي والمذلة المهينة على يديه ، يكفي تعبها والمها التي لا تعرف مصدره حتى الآن !!.
في الخارج سار زاهر نحو الطاولة المليئة بالطعام، يكشف الغطاء عن كل طبق فوجد العديد من الأصناف التي صنعتها مهرة بعد مجهود كبير، مدد جسده فوق الأريكة بعد ان أشعل التلفاز و تناول قطعة دجاج بيده يأكلها بإستمتاع و لذة، ألتقط قطعة أخري و ملعقة أرز و القليل من المقبلات، ورغم ان هذه المره الاولى التي يتناول بمفرده دون مهره! لكن لم يهتم إليها ويتساءل لما وضعت الطعام هنا وتركته دون أن تأتي للتناول معه.
فكانت نفسه شهيا اليوم على غير العاده وذلك بسبب ضربه لطة، شعر بالتخمة و تناول المحرمة يمسح يديه ثم استمع الى صوت طرقات فوق باب منزله عنيفة، نهض زاهر علي مضض وفتح الباب وهو يقول بنفاذ صبر
= ما بالراحه على الباب هيتكسر في ايدك يا اللي بتخبط
وعندما فتح الباب اقتحمت وفاء بالداخل بملامح قاتمة، شعر بالدهشة قليلا ثم قال بمكر
= وفاء اهلا بيكٍ يا مراتي العزيزه..اتفضلي ده مهما كان بيتك برده في يوم من الأيام ولا نسيتيه؟
وقفت أمامه تنظر إليه بأعين مشتعلة ، وصرت على أسنانها وهي تهتف محتجة
= ايه اللي انت عملته في اخويا ده انا مش قلت لك ما تقربش منه تاني ولا تيجي جنبه انت ايه يا اخي شيطان ما عندكش دم ولا رحمه، سابقه وعملتها وحطيت جزمه في بقي وسكت وفضلت على ذمه واحد زيك مقابل انك تبعد عني وتسيبني في حالي وما تاذيش اي حد قريب مني.. ليه عاوز تكسرني باي طريقه وتحرمني من أخويا
حدجها بنظرات حـادة وهو يصدح بصراخ
قوي
= حيلك حيلك مالك داخله تزعقي وتشخطي فيا كده ليه، لا حسبي على كلامك يا وفاء عشان ما تزعليش مني وانتٍ جربتي زعلي قبل كده أكثر من مره ! أولا اخوكي هو اللي جالي لحد عندي وكان عاوز يرسم نفسه عليا ويعمل فيها راجل بس اهو خد على دماغه زي كل مره .. فبدل ما انتٍ جايه تزعقي فيا اقعدي جنب اخوكي الحيله وانصحيه انه ما يلعبش مع اللي اكبر منه عشان ما ياخدش على دماغه، واهو المره دي جت سليمه يا عالم اللي هيحصل المره الجايه ؟.
حـاولت أن تضبط إنفعالاتها فأخذت نفساً عميقاً وزفرته على عجالة وهي تردف بإحتقان
= انت كمان بتهددني عيني عينك باخويا، اسمعني كويس يا زاهر انا اخويا ارجل منك ومن عينتك كلها على الأقل ما بعنيش وفضل واقف جنبي .. انا سكتلك على حاجات كتير من اهانه وظلم فيا بس إلا أخويا يا زاهر .. حتى لو هموتك بايدي مش هخليك تاخده مني، والله لابلغ عنك المره دي و هتتحسب علي اللي عملته فيه، يا مفتري ده راقد في المستشفى وما اعرفش حالته ايه لسه من الدكاتره.
رد عليها باستهزاء وهو عاقد لحاجبيه بحدة
= حافظه نمره البوليس ولا اقولها لك ؟ تصدقي خفت وجلدي اترعش حتى المسيني كده وشوفي ؟.
تطلعت وفاء بحقد فيه وهو يتابع حديثه ببرود مستفز
= القسم عندك ومحدش منعك تروحي تبلغي عني، بس اعملي حسابك أن اخوكي هو اللي جه في منطقتي ومش هيلاقي شاهد واحد على كلامه ، يعني لمي الليله احسن ليكي عشان مخلصلكيش عليه المره دي فعلا .
غمغمت بصوت متجهم قائلة
= هو انا مش هعرف اخلص منك في حياتي أبدا ربنا ياخذك ويخلصني منك، انت اللي زيك عايش في الدنيا عشان يزود اعماله السيئه اللي هيتحاسب عليها ان شاء الله في اخرته .
وفي ذلك الاثناء خرجت مهرة من غرفتها بخطوات غير متوازنه لتري مع من يتشاجر زوجها، لتجد تلك السيده أمامها لمحتها وفاء لتنظر إلي مهرة بتعجب ثم خمنت أنها ابنه زوجتة الحاليه ، لتنظر له بـ حيرة متسائلة بفتور
= هي دي بنت مراتك غريبه يعني اتجوزت المره دي واحده ومعاها عيال .
ابتسم زاهر إبتسامة تشفي وقال بتحدي
= لا وانتٍ الصادقه دي مراتي نفسها، سلمي على ضرتك يا مهره دي وفاء مراتي الأولى !؟.
لم تتقبل ما تسمعه أو تراه أثر الصدمة التي وقعت علي رأسها، لذا أخذت تصرخ بعدم تصديق
= مرات مين انت اتجننت ولا ايه؟ هو خلاص مخك فوت دي عيله صغيره؟ دي آآ شكلها صغيره أوي انت متجوز البنت دي بجد ؟؟.
هز رأسه بعدم مبالاة وهو يقول بسخرية
= وانا هكذب عليكي ليه؟ خايف منك! ما انا ياما اتجوزت عليكي بدل الست عشرة و بطلقهم وقت ما يجيلي مزاج! صغيره كبيره بقى ما يخصكيش .
فغرت شفتيها في ذهـول ونظرت مرة ثانية الي مهرة بإندهاش وردت قائلة بعصبية واضحة
= والله انت ما بني ادم طبيعي هي وصلت بيك القذارة تتجوز قاصر عشان تمارس عليها سلطته الحقيره، ويا ترى دي بقى عندها كام سنه؟, واتجوزتها بموافقتها؟ ولا اشتريتها من اهلها زي ما بتعمل مع غيرها .
اعتقد انها تتحدث هكذا بسبب غيرتها من تلك الفتاه لذا شعر بالسعاده لانه اغاظها، ثم أجاب بصوته الغليظ
= مالك يا وفاء أول مره أشوفك قاعده بتغلي في نفسك كده عشان اتجوزت عليكي! تكونيش غيرانه منها ما انا ياما قلت لك يا بنت الحلال تعالي ننسى القديم ونعيش بس انتٍ اللي عامله فيها عندك كرامه وحساسه اوي .
عاودت النظر إليها مجدداً و لاحظت وفاء جسدها المرتجف و الهزيل لتشعر بالقلق عليها وهي تراها تزداد شحوباً هكذا، بينما هزت راسها بيأس وحسرة نحو تلك المسكينه وهي تردف بإهتياج
= هغير من ايه؟ ده انا بحمد ربنا كل يوم ان انا خلصت منك.. انا عقلي لحد دلوقتي مش مصدق اللي انا شايفاه توصل بيك القذارة انك تتجوز عيله صغيره! يا شيخ ده انت لو كان ربنا كرمك باولاد كان زمانك دلوقتي معاك قدها.. حرام عليك هو انت ما فيش في قلبك رحمه دي منظر واحده تستحمل جواز وبيت ومسؤوليه .
هتف مهددة بصوت مرتفع وهو يلوح بيده في الهواء
= ما تلمي لسانك بقى واحترمي نفسك شكلك كده اشتقتي لعلقه من بتوع زمان
بينما كانت مهره تنظر اليهم بحاله لا وعي و بالأخص نحوه تلك السيده التي لا تعرفها لكن شعرت نحوها بالامتنان الشديد لانها وجدت أخيراً شخص يدافع عنها ويتحدث بما داخلها؟ لكن فجاه شعور رهيب بالدوار اجتاح رأسها فجعلها مترنحة غير قادرة على الوقوف و لم تستطع حفظ توازنها.. وعندما رايتها وفاء ستسقط ركضت دون التفكير اليها و إستندت بكفيها على ظهرها تمنعها من الارتطام بالأرض وحوطت خصرها بيديها الأخري، لتكون رأس مهرة فوق صدرها أو بالمعني أوضح أصبحت بحضنها وحوطتها الاخرى بخوف وعطف شديد، ثم ضربت على وجنتيها بخفه وهي تشعر بالخوف عليها
= يا نهار ابيض البنت شكلها خلصانه خالص انت عملت فيها ايه؟ فوقي يا حبيبتي وردي عليا مالك .. يا لهوي البنت مش بتنطق !.
لوى زاهر فمه إلى الجانب بضيق مكتوم وهو ينظر إلى الاثنين باستنكار، لم يكن يتوقع أن تشفق وفاء عليها وتعاملها بلطف ولا بغضب مثلما كان يتوقع! في بالنهاية هذه الفتاة ضرتها، لكن هذه الحقيقة ستستمر في الظهور أمامه أنه لم يعد يعني شيئًا لوفاء بحياتها على الإطلاق ، وعندما لم تفوق مهرة خفق قلب وفاء بذعر على تلك المسكينه وهي تقول بنبرة حادة
= ما تتحرك يا بني ادم البنت شكلها تعبانه اوي وانت ولا حاسس بيها، اتحرك و شيلها معايا بسرعه نوديها اي مستشفى .
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية