-->

رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 10

 

 قراءة رواية بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية بدون ضمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل العاشر



لجـــأت خيرية إلى غرفه ابنتها فريدة حتي تستعجلها وعندما دلفت وجدتها تجلس فوق الفراش ثم وجهه نظرها اليها وقبل ان تتحدث 

أخفضت رأسها أرضا وهي تنظر إلى فستان الزفاف الذي قطعته فريدة إلى قطع صغيرة ولم يعد صالح للارتداء؟ شهقت مصدومة وقالت بانزعج 


= يا نهارك ابيض انتٍ عملتي ايه في الفستان قطعتي ليه بالشكل ده؟ هتلبسي ايه دلوقتي وتطلعي للناس في الفرح !. 


ردت عليها بإقتضاب وهي تضغط على شفتيها 

بمرارة


= فرح!!. هو انتٍ مصدقه نفسك ان اللي بيحصل ده جواز بجد؟ اللي بيحصل ده اسمه جريمة وانتم بتحاولوا تداروها


ردت عليها امــهـا بإبتسامة باهتة


= رجعنا تاني لنفس الكلام اللي مش بيودي ولا بيجيب حاجه، مش كان ربنا هديكي و وافقتي ايه اللي حصل دلوقتي بس؟ وخليكي تعملي في الفستان كده .. الوقت ضيق هنلحق نجيب غيره ازاي ؟ 


إلتفتت لها وحانت من عينيها نظرة حسرة وإنكسـار لتصرخ متآلمة 


= انا مش هلبس فستان لو جبتلي واحد ثاني هقطعه برضه؟ سـامـعـة! انا عملت اللي انتٍ عاوزينه سيبوني بقى اعمل اللي انا عاوزاه، وبعدين مش هتفرق البسيه... انا اصلا من البدايه قلتلكم مش عاوزه فرح 


ثم تقوس فمها للجانب مستنكرة ضعف عائلتها أمام الآخرين لأجل خوفهما من أحاديثهم، و أضافت بنزق 


= بس انتم اصلا عملتوا كل ده عشان تثبته للناس ان خلاص حكايتي انتهت و هتجوز و لقيت اللي يستر عليا رغم كل اللي حصل، واللي في بطني مش هيتولد من غير اب وهيبقى لي اوراق .. مش خلاص خلصتوا من الفضيحه.. أو بمعنى صح خلصتوا مني !. 


زادت نظرات أمها توتراً وهي تقول بإرتباك


= ربنا يهديكٍ يا بنتي .


وقفت فريدة قبالتها وحدقت فيها مباشرة وهي تقول بنبرة حزينة بإستعطاف كبير وكأنها تجاهد في تلك الدنيا بمفردها 


= عندي امل لحد الآخر ان حد منكم يلغي كل اللي بنعملوا ده! عارفه ان انا خلاص خسرت بس هكون كسبتكم انتم !!. عشان خاطري بلاش تموتوا الأمل ده فيا، عشان خاطري اعملوا اي حاجه بس بلاش ترموني الرميه دي .. ارجوكي يا ماما ما تسيبنيش .


راقبتها والدتها متوترة فهي تعرف ما الذي أصابها فجأة ليبدو وجهها كالموتى وهي 

تترجاها بشدة


=مش عاوزه اخسركم انتم كمان 


نظرت خيرية إلى حولها بنظرات شـاردة فاركة أصابع يديها بقلق وهي تفكر في حديث ابنتها ومع ذلك كانت تشعر بعدم راحة لتخليها عن مسانده ابنتها في تلك المسألة.. و ما فات كأن مشحوناً بالكثير والكثير من الأحداث التي تفوق قدرتها على التحمل، وهي لا ترغب في أن تخوض فريدة مثل تلك التجارب يومياً ، لذا الأسلم من وجهة نظرها التراجع عما يمكن أن يضعها في مواقف متأزمة .. لكن السؤال الأهم هنا ! هل تستطيع التراجع و مساعدة ابنتها ؟. 


إرتجفت بشدة وهي تحاول إجبار حالها على الرفض.. ولكن هل تستطيع تحمل عواقب قرارها هذا، هي تتذكر وتعلم بان الفضحية ستزيد اضعاف حينما يتم الغاء الزفاف! 


أغمضت فريدة عينيها في حزن مرير عندما خرجت والدتها ولم تساعدها .. كم كانت تأمل 

حتى و في اخر لحظاتها بأن يسندوها بدعموها .. لكن ذلك لم يحدث !. 


وبعد فترة، بأصابع مرتجفة ارتدت فريده فستان من اللون الاسود ولم تهتم لتعليقات احد، فهي تشعر بانها تجهز لدفنها وليس زفافها !!. تحركت لتقف امام المراه بدات تلف حجابها ولم تضع أي مساحيق تجميل بوجهها أيضا وعندما تطلعت بالمراه عن حالتها.. مر أمام عينيها لحظات من حياتها السابقة؟ مثل طفولتها عندما كانت طفله صغيره لم يكن في تفكيرها شيء سواء اللعب مع صغار المنطقة.. وفرحه والدتها باول يوم بالمدرسه لها.. ولحظة بلوغها عندما كبرت.. وأصبحت ممرضة كانت سعيده بتحقيق حلمها.. وفرحه عائلتها بخطوبتها من اسر..و صوت أختها المتذمر وهي تعلمها قواعد الطهي وتنظيف المنزل بعد زواجها.. وسيرتها الطيبة وأخلاقها بينهما التي كانت تدعوها للفخر بها.. ثم لحظات الحزن حينما اغتصبت وبدأت معاناتها لفترة طويلة بسبب عجز عائلتها عن تجاهل تعليقات الآخرين السلبية، ليستسلموا الى ذلك المصير المجهول ! 


تساءلت نفسها كيف صارت واصبحت هكذا؟ ولما؟ كيف افقدتها الحياه كل ذلك الدفء الذي كانت تعيش به وسط أسرتها والأمان والاستقرار.. و تلك الأحلام الوردية! أين أصبح وذهب كل ذلك؟ فقد أصبح في مهب الريح و لم يعود كما كان؟ يا الله كم اشتاقت الى كل ذلك؟ فاليوم يتانبها شعور قوي باليتم !؟. 


= ما تقلقش مش هاخدك بذنب حد زي ما غيري عمل معايا؟ أنت ما لكش ذنب وضحية في المجتمع زيي .


كانت تهتف بهذه الكلمات وهي تضع يدها فوق بطنها وتتحدث مع طفلها !!. فقد فكرت بالأمر سابقة وشعرت أنها ستكون ظالمة إذا نفرت منه لذا حسمت أمرها فهو يستحق حنانها وحبها، ولم تكن قاسية القلب علية لأجل ذنب لم يفعلة مثل ما فعل الجميع نحوها .


❈-❈-❈


في منزل حسام، خرج من غرفته بملامح قاتمة فقد أجبرته والدته على ارتداء تلك البدله السوداء ليتقدم منها للجلوس على الأريكة الجانبية وهم في انتظار عماد شقيق زوجها.. لتلاحظ ملامح وجه أبنها المتهجمه بانزعاج، أشـارت ناهد بعينيها إليه، ثم قالت بضيق


= نعم! هتفضل كل شويه تبصلي وتقلب وشك بدل ما تشكرني عشان نجدك من حبل المشنقه.


رد حسام بصوت واضح يحمل التهكم في نبرة صوته وهو يحدجها بنظراته الشرسة


= اه انقذتني من قفص الحكومه ورميتيني في قفص الزوجيه؟ وما لقيتيش غير دي كمان؟واحده اكبر مني بـ ٣ سنين وحامل وكانت رافعه عليا قضيه في المحاكم امال بعد الجواز هتعمل فيا ايه؟ يا زين ما اخترتي فعلا.


نفخت في ضيق من ردوده لتجيب بإمتعاض قائلة 


= هو انت يا واد ما كنتش و اعي لنفسك ولا كنت شارب منوم ما كله على يدك، لا إلا كنت تتجوزها لا كنت هقرا عليك الفاتحه .. وانت تقول لي يا زين ما اختارتي هو انا كنت بنقيلك عروسه عشان تعيش حياتك ولا عشان تنقذ نفسك.. اسمعني بقى وبطل الهبل اللي انت بتقوله ده، خلاص اللي حصل حصل وانت اصلا السبب في البلوه دي من الأول! 


لتضيف ناهد بصوت حازم بتحذير شديد


= انا عارفك كويس ولو في دماغك حاجه عشان تنتقم من البنت دي بعد الجواز يبقى هتدفع الثمن اضعاف يا ابن بطني، خلاص عيش اللي جاي من حياتك وقفل على اللي راح.. فاهمني كويس ولا لأ؟ مش عاوزين مشاكل ثاني ما حدش عارف المره الجايه هنعرف نلحقك ولا لاء ؟ 


إعتلى ثغره بإبتسامة ماكرة ثم اعتدل في جلسته وحدق أمامه بنظرات دقيقة متوعدة ، وأخذ نفساً عميقاً وزفره على مهل مجيباً إياها بسخرية زائدة 


= ما تقلقيش ده انا هعيشها ليله عمرها ما هتنساها في حياتها خالص .


❈-❈-❈


في منطقة فريدة بالاسفل بالشارع امام البناية، تفرس عابد في أوجه الحاضرين بتوتر شديد و بنظرات الترقب الممزوجة بالخوف في أعينه.. فقد مره اكثر من نصف ساعه ولم يصل العريس واسرته في الميعاد المحدد كما اتفقوا، فكر في لحظات بأن من الممكن أن تكون هذة مكيده منهم ولم ياتوا ! بعد ان تنازلوا عن القضيه وقد اخذوا غرضهم ؟؟. 


فإنتاب القلق مما يمكن أن يحدث اذا بالفعل لم ياتي حفل زفاف ابنته.. فكيف سيواجه هذه الفضيحه الاخرى ايضا؟ فهو فعل كل ذلك حتى تتوقف الناس حول سيرة أسرته .. فماذا اذا حدث ما يفكر فيه ولم يصل العريس؟ بالفعل ستكون فضيحه مداويه اخرى حول تلك العائله ولم تنتهي الناس من الاحاديث حولهما .. وبدأ عقله يفكر ويتساءل !! هل لم ياتي حسام ويتسبب في فضيحة كبرى إلي فريدة؟ هل حقاً سيرتكب حماقة ما ؟ كيف سيواجه هذه المره !. 


وفي ذلك الاثناء اقترب منه حسين شقيقه متسائل باستغراب عن حالته


= مالك يا عابد واقف مش على بعضك ليه؟ تكونش بس دلوقتي قلقت على بنتك ومن اللي جاي


نظر له بإزدراء وهو يجيبه بحدة


= سيبني في حالي يا حسين، انا في مشكله اكبر دلوقتي العريس واهله اتاخروا على الميعاد ياجي نص ساعه وعمال اتصل محدش بيرد خايف يرجعوا في كلامهم وما يجوش 


عقد حاجبيه بقلق ثم بسخرية حادة أردف 


= كمان اهو ده اللي ناقص؟ هننتظر ايه من واحد زي ده هو واهله، وأنت كنت جاي تداري الفضايح اللي فاتت اديك هتعمل فضايح اكتر لبنتك استلم بقى من رواء عمايلك يا عابد 


إنزعج عابد من أسلوب أخيه الفظ معه فرد عليه بجدية قائلاً 


= بس يا حسين انا مش ناقص حد يقطمني احسن هتبقى مصيبه بجد لو ما جوش بعد كل ده .


إزداد ضيق عينيه، وهتف بعتاب


= لسه برده لحد اخر لحظه فارق معاك الفضايح وكلام الناس؟ بس هي فعلا هتبقى فضحية ليك انت.. وطوق نجاء لابنتك 


كاد أن يتحدث ويرد عابد لكن قاطعه حسين بصوت يائس وهو يشير بيده 


= بس شكلها ملهاش نصيب تفلت منهم؟ اهم وصلوا هناك .


ألتفت عابد على الفور ينظر نحوهم وسرعان ما رآهم امامه بالفعل، تنفس الصعداء وشعر أن روحه ردت إليه من جديد .. مسح بيده على جبهته فشعر بملمسهما البارد فتنحنح بخفوت وإبتلع ريقه وحاول أن يستعيد هدوئه الإنفعالي وهو يقترب من الشيخ قائلاً براحة تامة


= إبدأ يا شيخ ! العريس وصل. 


❈-❈-❈


تعالت الزغاريد والأغاني المبهجة لأحد المطربين الشعبيين في تلك المنطقه الشعبيه امام الكوافير.. وبدات السيارات تصف ليهبط بعض شباب المنطقه وتراقص الحاضرون واضافوا جواً من الحماس.. وكان في ذلك الاجواء يقف أنس جانب ثم تفاجا بخروج زوجته من محل الكوافير بوجه محتقن، عقد حاجبيه باستغراب وقال متسائلا


= في ايه مالك قلبي سحنتك كده ليه؟ ما اللي انتٍ عاوزاه خلاص هيتم و مهرة هتتجوز زاهر زي ما كنا بنخطط .


زفرت في ضيق ، وحدثت زوجها بغيظ شديد قائلة 


= اختك دي عاوزه قطع لسانها عيله قليله الادب وما لقيتش اللي يربيها.. انا تزعقلي قدام الناس في الكوافير جوه وتقول لي اطلعي بره وما لكيش دعوه بيا .. ماشي اما ربيتهالك ما بقاش انا حسناء .


مط فمه للأمـام وهو يجيب بنبرة عادية


= خلاص بقى بلاش فضايح انتٍ التانية، و سيبك منها اديها هتسيبلك البيت وتتجوز ! 

ما جتش على كلمتين بتطلع فيها غضبها من اللي عملنا فيها .. ما احنا برده اللي عملنا فيها ما كانش قليل 


كزت على أسنانها بشراسة وهي تحدجه بنظراته استخفاف قائله بصوت محتد بينما في ذلك الأثناء كان زكريا يقترب منهم ليسأل إذا كانت مهرة انتهت ام لا؟ لكن توقف مكانة متجمد بذهول وهو يستمع الى حديثهما؟ 


= نعم انت التاني هو انا كنت ضربتك على إيدك؟ ما كانت كل حاجه جايه على هواك، لما عرضت عليك نقول لابوك انها على علاقه بواحد عشان يخاف على سمعتها ويجوزها زاهر! ما رفضتش وساعدتني! غير الفلوس اللي كنت بتاخدها من زاهر قصاد انك تميل دماغ ابوك .. وعينيك زغلله لما قال لك هيمسكك محل من محلته ويخليك الريس بدل مجرد عامل عنده


راقبها أنس بإمعان وتفرس في ملامحها الغاضبة بصمت ولم يتحدث فقد بدأ يشعر بالملل من الحديث حول ذلك الموضوع، لتتابع كلماتها وهي تبتسم له باستهزاء وسخرية


= يعني انت يا حبيبي كمان شريك معايا في كل حاجه وكنت موافقني ما تجيش بقي تعمل نفسك ملاك وهي صعبانه عليك دلوقت؟ عشان احنا دافنين سوا .. وكلنا طالعلنا مصلحه من جوازه مهره !! حتى أبوك اللي ما يعرفش حاجه عن خطتنا لهف ١٠٠ الف جنيه من ورا الجوازه .. 


تجمد زكريا مكانه يستوعب الصدمة وحقاره ابنه و زوجتة؟ فمعنى ذلك ان مهرة بريئه من تلك التهم وهي مجرد أكاذيب! ارتسمت علامات الدهشة الممزوجة بالضيق على تعابير وجهه.. ثم تحرك بعيد عنهما حتى لا يراه أحد وظل صامت بهدوء غريب ولم يعلق على حديثهما .


❈-❈-❈


بدا الجميع في التجمع حول تلك الطاوله الموضوعه بالمنطقه وهم يشاهدون تجهيزات عقد قران فريدة وحسام! وقد لمح عابد ابنته وهي مرتديه ثياب سوداء ليلتفت براسه الى زوجته بعدم رضي التي أشارت بعينيها برجاء بان يتجاهل الأمر ولم يعقب! في حين بدأ المأذون التحدث علي الصيغة الصحيحة التي يتلفظ بها القائم على إتمام الزواج على الطريقة الشرعية الوحيدة في الإسلام.. و سمِ الله ويحمده وعهدوا على قراءة بعض الآيات من القرآن عن الزواج وذكر بعض الأحاديث النبوية، وكعادة والمعروف وجه سؤاله الى العروسه متسائلا باهتمام


= انتٍ موافقه على الجواز يا عروسه ؟. 


لكن طال صمتها ولم تتحدث، إزداد تعجب الشيخ فرفع عينيه نحوها وسألها بجدية 


= ما بتتكلميش ليه يا بنتي؟ 


مررت فريدة أنظارها على المأذون دون أن تنطق بحرف! لوح بكف يده متابعاً بصوته الرخيم 


= انتٍ معترضة يا بنتي؟ لو في حد غصبك على الجوازه ومش موافقه قولي؟ ده جواز ، وفيه قبول ورفض .


تعجب عابد من صمت فريدة الغير متوقع وتسائل بحيرة في نفسه، لماذا لم تتحدث هل سترفض الزواج وتعارض الآن ؟ ابتلع ريقة بارتباك وهو يقول بقلق


= ايه بس اللي بتقوله ده يا شيخنا واحنا هنغصبها ليه؟ اكيد موافقه على الجوازه، بس هي تلاقيها مكسوفه شويه


إلتفت الشيخ نحو عابد بوجه صارم و قال بجدية 


= لازم اسمعها منها عشان الجواز يكون شرعي مش باطل !!. 


أخفضت رأسها ببطء ولم تنطق بكلمة واحدة ، فقد ظلت متسمراً في مكانها، بينما عقد المأذون ما بين حاجبيه متساءلاً بإهتمام 


= لآخر مره هسالك يا بنتي ولو ما تكلمتيش هسيب الفرح وامشي، موافقه على الجوازه دي

ولا حد غصبك .


ضغطت فريدة على شفتيها بقوة مترددة في التحدث لكنها لم تستطيع لذا ظلت صامته! 


اعتلى الموجودين بالفرح وجوههم بدهشة كبيرة حينما لم تنطق العروس! وقد بدأ المعازيم ينظرون الى بعض بتعجب؟ وتعالت فجاه أنفاس الجميع من عائلتها من حولها و زاد من حدة التوتر قليلاً.. وملامح بعضهما تحولت إلي أوجـه جامدة متصلبة يسودها الرعب .. راقبت فريدة ما يحدث بأعين لامعة، مقاومة بصعوبة رغبتها في البكاء من مصيرها المزعوم . 


❈-❈-❈


فــي مــكــان آخــر ..


تحرك الجميع نحو السيارات المرابطة أمام مركز التجميل ليجلس العرائس في أماكنهم بداخل السيارة المزينه متجهين نحو منزل زكريا حيث الاحتفال بالزيجة سيبدأ من هناك

ثم بعد فترة صف سيارته زاهر بالجراچ بعد أن زفت السيارات مهرة طول الطريق حتي وصلت إلي منزل والدها حتي يتم عقد العقود للزواج. 


جلس الجميع حول المحامي الذي سيعقد عقد الجواز العرفي نظرا الى عمرها الصغير! ليجلس بالصالة و بجواره أنس و والده و الشهود.. ثم جلس زاهر قبالتهم واضعاً ساقه فوق الأخرى و ملامحه كانت صارمة .


حافظت مهرة على ابتسامتها الباهتة التي تغطي تعابيرها المرهقة وهي تجلس وسط الجميع، تزين ملامحها بالمكياج الكثير ليغطي علي عمرها الصغير! وأطرقت رأسها في خزي وهي تمتثل لأوامر الغير .. وتراقب اغتيال براءتها علي يد أهلها ! كم تمنت أن تعود والدتها من الموت؟ وتمد يد العون لتلك الصغيرة للمساعدة ولكن لم يحدث لذا ظلت عاجزة عن الوقوف أمام أسرتها و الاعتراض .


افاقت بعد لحظات علي صوت المحامي الذي أخذ يحرك الاوراق الذي بيده قائلا بخشونة 


= على بركة الله يلا هنبدا نجهز العقود العرفي


نظرت له مهرة بعدم فهم وهي فاغرة شفتيها المرتجفتين


= هو الجواز ده حلل ! قصدي مش المفروض الجواز شرعي يكون على يدي ماذون زي ما بشوف .


هز رأسه علي الفور وهو يرد بتوضيح


= ايوه يا بنتي بس الكلام ده لما تكوني كملتي  ١٨ سنه بيتكتب الكتاب على يد ماذون! انما انتٍ لسه قاصر عشان كده الجواز هيتم عرفي حالياً


ثم هز المحامي رأسه بهدوء وهو يتابع الحديث بثقة 


= بس ما تقلقيش الجواز شرعي، انا كتبت عقود كثير لبنات زيك في المنطقه هنا، وعايشين مع اجوزهم ومخلفين وبعد لما يكملوا السن القانوني بيعيدوا الجواز تاني على يدي ماذون .


اتسعت عيناها في ذهـول ثم سألته بتوجس


= طب هو انا ايه؟ اللي يضمنلي انه هيكتب الكتاب بعد لما اكمل ١٨ سنه.. يعني وانت بتكتب العقود العرفي لبنات كتير زيي بتكتب ليهم كمان ضمان !! ان الراجل ده بعد كام سنه هيتجوزها علي يد ماذون ؟. 


نظر اليها المحامي بدهشة ولم يعرف بماذا يجيب عليها؟ رغم انها محقه في كلماتها فيوجد الكثير من الفتيات يعانون من وراء تلك ورقه الزواج العرفي؟ وهي كانت محقه في حصولها على ضمان !! قبل ان تخوض تلك العلاقة دون ان تعرف عواقبها، ساد الصمت للحظات .. و أنزل زاهر ساقيه وإنحنى بجذعه للأمام وحدج بزكريا بنظرات شرسة وهو يسأله بغلظة 


= جري ايه يا زكريا هو احنا جايين نضيع اليوم كله على اسئله بنتك؟ فهمها ان ده جواز مش قاعده في مدرسه وقدامها مدرس بتساله 


نظر زكريا إلى مهرة بعصبية شديدة ثم عـاود النظر إلى رب عملة وهو يردد بحذر و يبتلع ريقه


= معلش يا باشا حقك عليا انا، عيله وغلطه، هي دايما كده لسانها مسحوب منها و تحب تسال كثير .. اسكتي يا مهره دلوقتي .


تنهد زاهر بإنزعاج ثم أخفض نبرته نسبياً لتزداد قتامة وهو يقول بضيق شبه ملحوظ


= وانت يلا ابدا وسيبك منها، عاوزين نكتب الاوراق ونمضي عشان بعد كده ؟ 


سلط هو أنظاره عليها مراقبًا ردة فعلها، لكنه أثار ريبته تجاهله له، ثم لوي ثغرة زاهر بإشتهاء مثير وهو يتابعها بعينيه قائلا بصوت خبيث 


= أخد راحتي مع .. مع مراتي


إنكمشت مهرة في مكانها وهي تنظر له بذعر فمن الواضح ذلك الخوف من تأثير كلمته (مراتي) تمنت لو تنهض من مكانها وتفر من أمامه.. لكنها ظلت مكانها ترتجف بشدة.. 


بينما هز المحامي برأسـه ولم يعقب بل أمسك بالأوراق التي كانت بحوزته وبدأ يدون بها بعض الملحوظات حتي إنتهاء وقال مرة أخرى بهدوء قائلاً 


= تعالي يا عروسة عشان توقعي هنا 


رسمت حسناء إبتسامة مصطنعة على ثغرها وهي تقول بفتور


= قومي يلا يا حبيبتي 


نهضت حسناء لتساعد مهرة في النهوض و أمسكت بيدها وهي تتصنع الحنان الزائف، لكن مهرة سحبت يدها بعنف منها ! لوت حسناء ثغرها بابتسامة شبه متهكمة وهي تتابعها في خطواتها نحوه المحامي للامضاء.. و استسلمت لرغبتهم المُصرة علي إتمام الزواج، و شحب لون وجهها عندما أمسكت بالقلم وبأصابع مرتجفة وقعت على وثيقة سجنها للأبد .. 


إلى أن إنتهت من التوقيع على جميع الأوراق.. فتنهدت حسناء في إرتيـاح وتقوس فمها بإبتسامة سعيدة .


❈-❈-❈


ســاد صمت مشحون بين الجميع وتبادلوا النظرات لبعض بتذمر وتعجب من الوقت الذي يمر دون أن تنطق و تتحدث العروس !. 


توجست خيرية خائفة من صمت فريدة الطويل و شعرت أن هناك شيئاً ما يضمره في صدرها.. بينما أثار سكوت فريدة قلق وذعر عابد فهو لم يتوقع أن تسير الأمور للآخر وتوافق ابنته طول الإجراءات اللازمة وعند آخر لحظة سترفض؟ ولكن ماذا سيفعل معها هو يحاول أن يتستر على فضيحة فريدة ، لذا عليه أن يسير بذلك الطريق مجبراً ، وتتم تلك الزيجة دون أي إعتراض ... لكن من الواضح أبنته هي من ستتسبب في الفضيحة هذه المرة عندما ترفض الزواج أمام الجميع! 


نظرت ريهام بذعر إلى زوجها الذي جز على أسنانه بغضب مكتوم من صمت اختها، الذي طال فهذه المرة بتأكيد سيطلق زوجته حتي لا تكون له علاقة بتلك العائله و الفضائح التي ستلازمهم طول العمر ..


وكان حسام متراقب ردها بفارغ الصبر وداخله يتمنى أن ترفض بشده، أما ناهد اتسعت مقلتاها في صدمة وشهقت واضعة يدها على فمها بتوتر وهي في انتظار رد العروس !. 


تحاشت فريدة النظر إلى والدها بخوف بائن على وجهها وتمسكت بيدها فستانها الأسود أكثر به كحماية لها.. فقد ودت لو يساندها أحد ويمنعها عن إرتكاب تلك الجريمة الشنعاء بحق نفسها.. لكن علي يقين تام بأن ذلك لم يحدث أبدا .


طــال ترددها، بينما هربت الدماء من وجه عابد وبدا يشعر بالخوف والتوتر وهو يراقب تعابير وجه ابنته الصامتة، ثوانٍ مرت على الجميع وكأنها كدهر وظلت فريدة صامتة، وعندما كرر الماذون النداء للمره الاخيره قبل رحيله ! بدت فريدة حائرة للغاية وهي تحاول اتخاذ قرارها النهائي فهتفت بتلعثم بصعوبة بالغة


= هاه، آآ لأ لأ موافقة .


نظر حسام لها شزرًا ثم ضغط على شفتيه بحده مكتوم، أما عن الجميع بدأت الأنفاس أن تتعالي بالمكان وسط الأجواء المشحونة .


بينما عادت الدماء تجري في عروق عابد الذي تنفس الصعداء بزفير قوي، و وضعت خيرية

يدها على قلبها وهي تتنهد براحه كبيرة ..


لقد كانت لحظات عصيبة بحق، وفي ذلك الأثناء بدأ أن يردد الماذون بعض الآيات والتوصيات المعتاده في كل عقد قران، ثم أمر بان يضعون الواكلين يديهم تحت ذلك المنديل الابيض! ليضع حسام قبضته في قبضة عابد ، ثم أسند المأذون قبضته عليهما ، وأردف في الميكروفون بنبرة هادئة 


= قول ورايا يا أبني.. أنا حسام عمر الجندي قد إستخرت الله ، واطلب منك أن تزوجني إبنتك الآنسة فريدة عابد البكر الرشيد على سنه الله ورسوله ، وعلى الصداق المسمى بيننا


نظر حسام له عدة لحظات بصمت ثم إلتفت برأسه نحو والدته التي أشارت إليه بعيناها بان يتحدث، نفخ في ضيق مكتوم ثم تنحنح بصوت خشن قائلاً 


= أنا حسام عمر الجندي قد إستخرت الله ، واطلب منك أن تزوجني إبنتك الآنسة فريدة عابد الـ .. هه البكر الرشيد 


لاحظت فريدة أنه ختم عبارته الاخيره بسخرية! وقد رأت إبتسامة مراوغة علي ثغرة من كلمه بكر! لأنها لم تعد كذلك بالفعل... بفضله فرمقته بنظرات احتقارية مزدرية، وتابع المأذون التحدث إلي عابد هذه المرة هاتف


= قولي ورايا انتٍ كمان يا استاذ عابد 


ردد عابد هو الآخر خلف المأذون وختم بعدها كلماته الشهيرة (بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما).. وبعد فترة انتهى الشيخ من تجهيز أوراق وثيقة الزواج ثم قال بصوت هاديء


= امضي هنا يا عروسه ، وابصمي !


نظرت إلي أبيها و أمها بنظرات رجاء بعطف شديدة نظرات كانت راجية بإستنجد !! ولكن قد تلقت أصعب رد لم تنسي بحياتها؟ فمنهم من أشاح عينا عنها.. ومن أخفض رأسه بتجاهل!. شعرت فريدة بالمرارة تجتاح حلقها و اضطربت أنفاسها بصورة ملحوظة، ونهج صدرها علوًا وهبوطًا من خيبة الأمل التي شاهدتها بأعين من لجات اليهم ؟ كيف أصبحوا بهذه القسوة.. لا يعرفون الرحمة أو الشفقة يذبحون روحها ويغتالون إنسانيتها بدم بـارد ...


لتقترب فريدة لتمضي عقد قرانها أو بالأحرى شهادة وفاتها ..!! تعالت أصوات المباركات والتهاني وأصوات الزغاريد بفرحه بالمنطقه وبدأ الكل شاعر بالسعادة ! ماعدا هي! شعرت بدقات قلبها تزداد قوة وخفقانًا في تلك اللحظات .


اقتربت خيرية و إحتضنها بين ذراعيها بينما فريدة تصلبت بأحضانها ولأول مرة لم تبادلها الحضن الدافئ لتشعر بالأمان داخل احضان والدتها؟ لكن هذه المرة شعرت بالجفاء نحوها! نتيجة ما فعله معها، فإكتفت بالإنكماش على نفسها بين ذراعيها.. ابتعدت عنها والدتها بهدوء و وحاولت رسم ابتسامه خفيفه وهي تقول


= مبروك


أجابتها بخفوت شديد وهي مجفلة لعينيها 


= ما فيش حد بيبارك لحد في جنازته


هزت أمها راسها بحزن ثم أخذت خيرية نفساً عميقاً وزفراته ببطئ و رددت قائلاً بهدوء نسبي وهي تنظر في عيني حسام 


=مش هوصيك على فريدة ! يا ريت تنسوا اللي فات و تبداوا حياة جديده مع بعض


إلتفت حسام برأسه نحوها ونظر لها مطولاً ثم أجابها بلهجة يشوبها اللامبالاة قائلاً 


= آه أن شاء الله أكيد.. مش يالا بقى .


شعرت فريده باختناق عندما حانت اللحظة الحاسمة للذهاب إلي قفص الزوجية، لتشعر بتلك القشعريرة الرهيبة تصيب بقلبها وبدأت تتسرب إلى باقي جسدها.. بينما إبتلعت خيرية ريقها وهي تهتف بصوت متوتر 


= انا مش هسيب بنتي! آآ قصدي مش هسيبها غير لما توصل بيتها واطمن عليها بنفسي .


هز حسام رأسه إيجابياً وهو يرد عليها بهدوء 


= أها .. تمام .


❈-❈-❈


راقب زاهر رحيل المحامي والشهود ثم إنفرج فمه لتظهر أنيابه خلف إبتسامته الماكرة... فتفاجئت مهرة به يحاوطها من خصرها، و يقبل وجنتها بعمق.. توردت وجنتيها قليلاً

ولم تتحدث لكن دقات قلبها تسارعت! مسح بيده على وجنتيها فشعر زاهر بلمسها أنها بارده كالثلج، بينما في ذلك الأثناء إبتلعت ريقها وحاولت أن تستعيد هدوئها وهي تبتعد للخلف عنه لكنه لم يسمح لها بذلك.. لاحظ هو عبوسها فمال عليها متحدث بنبرة عميقة


= مبروك يا مهرة .. مبروك يا حبيبتي بقيتي مراتي ولي لوحدي . 


أرخى ذراعه عن خصر مهرة التي عادت تتنفس الصعداء براحة نوعاً ما، وإبتسم لها إبتسامة هادئة وهو يقول بتلهف


= مش هاتيجي بقى مع جوزك يا عروسة عشان نروح .


إبتلعت مهرة ريقها في توجس وتحاشت النظر إليه، هاتفة بتوتر شديد إلى زاهر 


= هاه !. 


ابتسم بخبث ثم إنتفضت هي فجأة فزعة في مكانها حينما وجدته قابضاً على كف يدها ومقرباً إياها منه مجددا فمال برأسه منها قاصدا فمها يريد أن يقبلها وكان على وشك تقبيلها بالفعل، ولكن توقف عندما ابتعدت هي بذعر وإحراج وإرتبكت بشدة.. فتلاعب بأعصابها حقا، ثم اعتلى فمه إبتسامة مراوغة قائلاً


= ماشي يا مهرة .. هاتروحي مني فين؟ دي الليله ليلتك يا عروسة ! 


نظرت له بنظرات مرتعدة في حين رمقها بنظرات أكثر تفحصاً لمفاتن جسدها ثم مـال على أذنها وهمس لها بحرارة 


= طب مش هترفعي وشك وتخليني أشوف عينيكي الحلوة 


رفعت وجهها و نظرت إليه لتري عيناه السوداء قاتمة، اقترب منها ليتمكن من رؤيتها جيداً، غر فاهه يتأمل عينيها الخضراء تزينها أهداب سوداء كثيفة، يحاوط وجهها المستدير وجنتيها المكتنزة و شاحاً باللون الابيض مثل بشرتها وكأنها بدر منیر تحيطه سماء مظلمة مضيئه بالنجوم اللامعه... ابتسم باتساع قائلا بانتشاء 


=إيه القمر ده .. يا بختي بيكي 


ظلت رافعه رأسها له بتوتر ملحوظ ورمقها بنظرات مطولة وهو يتابع حديثه بهدوء مريب


= الليلة ليلتك يا مهرة.. أوعدك الليلة دي مش هتنسيها طول العمر.. يلا بقي نروح لأحسن ورانا شغل طويل للصبح .


تجمدت عيني مهرة في مقلتيهما ولم تعرف ما الذي يشير إليه بعبارته تلك.. لكنها حاولت أن تنطق ولكن رهبتها الشديدة منه ألجمت لسانها والتحديق به بخوف رهيب ..


أمسك بها من كفها بتملك وتشابكت أصابعهما معاً وثغره يعلوه إبتسامة لئيمة حاول أن يخفيها قدر المستطاع فالليلة هي ليلته الموعودة التي كان يتمناها بشده منذ اول ليله وقعت عيناه عليها 


= جاهزة للي جاي؟. 


إبتلعت ريقها بخوف شديد وشعرت بالخطر القادم؟, أرادت أن تكذب حدسها الذي أوحي لها بذلك بالخطر ولكن قلبها ينبئها بأن ما يحدث هذه مقدمة لشيء ما أسوأ .. فلقد أصبحت أسيرته الآن وباتت برائتها على وشك الإغتيال !!. 


❈-❈-❈


ودعت فريدة أمها بنظرات مليئه بالعتاب وخيبه الأمل بالجميع، بينما الاخرى رحلت بقله حيله دون أن تنطق بحرف واحد، ظلت مكانها في أحد الغرف بالمنزل الخاص بزوجها حسام! 

وفي ذلك الأثناء دلف حسام الغرفة بعد رحيل الجميع بالخارج وأصبحت بمفردها معا !!. انتبهت هي لصــوت غلق الباب بالخـــارج فنهضت من جلستها و إنتفضت بذعر فقد تفاجات بدخوله حقا وكأنها نست أنه معها هنا !. ارتفع حاجبي حسام للأعلى مستنكراً خوفها وهو يقول بسخرية


= مالك شفتي عفريت امال فين الهيرو الشجاع و الأسد اللي كان واقف قدامي في الأقسام ومش فارقه معاها حاجه.. ولما نبقى لوحدنا ؟ .. وشك في وشي تخافي 


تنهدت فريدة بثبات وهي تجيب عليه بهدوء مثير للأعصاب 


= انا مش خايفه منك وانت اخر واحد ممكن اخاف منه اصلا !. بس اصل ما طلعش بس العفاريت اللي بتخوف ! لا كمان قلوب البشر اللي مليان غل .


حدج هو فريدة بنظرات أكثر قسوة ثم بكل فظاظة نطق قاصد استفزازها و إهانتها 


= الله انتٍ كمان بتقولي حكم.. يعني ما اتجوزتش واحده اكبر مني على الفاضي لا طلع ليها فوايد.. ما هو اكيد برده فرق السن اللي بينا علمك من تجاربكٍ السابقة، لكن انا يا دوبك لسه بشق طريقي .. بس منك نتعلم برده ما انتٍ كبيره واكيد عاقله وفاهمه الدنيا عني . 


تطلعت فيه باشمئزاز حيث كانت تريد صـفعه.. تريد ضـربه.. تريد الثـأر.. تريد الأنتـقام؟ فمن أمامها الآن من أغتال شرفها وعرضها دون رحمة.. هو من تسبب في ضياع حياتها.. هو الذي جعلها ضعيفه ومكسوره في تلك الدنيا؟ وهو السبب فيه قله حيله أسرتها .. وبعد كل ذلك لم تستطيع أخذ حقها منة، طال صمتها لينظر لها باستهزاء وقال بخبث متسائلا


= ايه بقالك ساعه عمل تبصي! ايه عجبتك؟ 


صمتت للحظة قبل أن تتحدث بسخرية مريرة


= مش شرط الوحد بيبص على حاجه فتكون عجبته ساعات بيبص ليها عشان قرفان

منها


قبض على ذراعها وغرز فيه أظافره بقوة مسبباً الآلم لها وهو يرد بصوت مهتاج 


= لسانك عاوزه يتقطع بس مش مهم لان احنا كده كده شكلنا مش هنعمر مع بعض كتير وانتٍ بصراحه مش ذوقي؟ ولا جاي على هوايا اني اخد واحده سبق وعملت معاها علاقه.. كلها شهور وهنطلق عشان كده احترامنی و واحترمي نفسك، اصل لو على السان انا ممكن ارد رد عليكي يزعلك ! عشان كده اتلمي .


ثم دفعها بعنف للخلف هاتف وهو يسخر منها باستفزاز بارد


= ارضی وعیشی وانتٍ ساكته..وبلاش شغل

السبع رجاله في بعض اللي انتٍ عاملاه عشان انتٍ مش قدي واديكي جربتي بنفسك؟ رفعتي قضيه وفضحتيني وفضحتي نفسك واهلك وفي الاخر انتٍ اللي اتنازلتي عن القضيه و استسلمتي للأمر الواقع! عارفه ليه؟ عشان انتٍ ضعيفه يا حبيبتي وكل اللي انتٍ عملتيه كان هوا !! ولا اي حاجه مجرد استعراض عملتي عشان تخوفي بي اللي قدامك، بس في الاخر رقبتك اتكسرت واتهزمتي .


صمتت تُطالعه بملامح باهته ولكن عيناها مازالت تتوهج ببريق الغضب وعاد القهر ينبض بقلبها من جديد


= لو الدنيا كلها كانت قالتلي ان في اللحظة دي؟ مش هاكلك بسناني مكنتش صدقتهم .. لكن انت الموت رحمة ليك 


هدر بها قائلاً بصوت مهتاج بتحذير


= بــت انتٍ.. انتٍ مش قدي بلاش تستفزيني 

انتٍ مش هتاخدي في ايدي غلوه علقه واحده بس! هتعرفك مقامك وانتٍ زي العاده هتجيبي وراء قوام .. عارفه بقى اللي من عينتك بنسميهم ايه؟؟ بق ! انما فعل ما فيش .


فهمت فريدة من حديثه و تهديد بانه يوحي باستفزازها والسخريه من قوتها لتري ملامح الإنتصار تلتمع بعينه بشماته وذلك اشعرها بالغضب بالفعل عندما تذكرت بانها تنازلت عن القضية وقد اصبح زوجها الان بالفعل، والآن يهددها بالضرب اذا لم تتادب بالحديث معه؟ لتردف فريدة بتهكم صريح


= وانت عارف اللي بيضرب مراته دا بیبقی

ايه ؟!!!..


ثم صمتت لثانية قبل أن تنطق وهي تضغط على كل كلمة بتحدي وشماته 


= بيبقى معدوم الرجوله .


لا تعلم كيف جاءتها الشجاعه لتقول ذلك؟ لكن كانت محقة فهو ليس رجلاً !! فكل رجل يستلذ بإهانة المرأة، إلا وهو مهان بين أوساط الرجال ..!!. 


لم يجد حسام الكلمات التي يستطيع بها الرد عليها، وإشتعلت الدمـاء في عروقه فصاح منفعلاً 


= يا بنت الكلب، مين اللي معدوم الرجوله؟؟ أنا؟؟ ماشي انا هوريكٍ دلوقتي مين اللي مش راجل !. 


فقد توقع ان يجدها ضعيفه.. مكسوره الخاطر بعد ما حدث! لكنها ما زالت تعافر حتى رغم ضعفها! ثم تابع صائحاً بعصبية واضحة


= حاولت اكون هادي معاكي وقلت بلاش اوريكي الوش التاني من اولها بس انتٍ اللي مصممه بقى تعرفي مقامك، بقى انا مش راجل طب خلي واحده تانيه تتكلم باماره اللي في بطنك يا .. يا مدام فريدة .


زمت شفتيها بنفور ونظرت إليه بإحتقار مردده بحدة


= ليه هو انت مفكر الرجوله بانك تغتصبني !!. على كده القطط والكلاب أرجل منك بقى ؟ ما هو في منهم بيعملوا عملتهم ويجروا .. يا دكر .


جز على اسنانه بنفاذ صبر منها فهي مستمره باهانته بدل ان يكسرها ويهنها هو كما خطط! لذا صاح حسام قائلاً بشراسة مقلقة 


= آه انتٍ هتعملي عليا كبيره بجد وجايه تربيني .


نظرت له في قرف وهي تقول باهانة لاذعة 


= هو اللي زيك متربي ولا يعرف تربيه ولا شافها .


وقبل أن تستوعب كانت صفعته هي ما يجيب

بها؟ حيث باغتها هـو علي الفور صفعة قوية بغل أعلي وجنتيها كادت أن تطريحها ارضا من عنف قبضتيه... كانت المرة الأولى التي يضربها فيها رجل !. بل المرة الأولى التي تضرب فيها على الإطلاق لكنها من الواضح لم تكن الأخيرة ! 


لكن لا إلا ولحظات استعادت السيطرة على نفسها وردت فريدة اليه الصفعة الضعف !!. حيث صفعته مرتين علي وجنتيه بقوة أكبر دون أن تفكر مرتين بنتيجه العواقب بعد ذلك.. أنصدم هو من فعلتها المتهوره !. ليعلم حسام بانه تلك الليله ستكون طويله مع خصمه حتى يحصل علي الانتقام المراد .. الذي يبرد القلب . 


اسود وجه حسام من الغل ثم كور قبضته في حنق، وقال بتوعيد 


= انا هوريكٍ دلوقتي مين اللي محتاج تربيه فينا ؟؟... مش انتٍ لابسه أسود؟ هي شكلها فعلا هتكون ليله سوداء عليكي !!. 


❈-❈-❈


صف زاهر سيارته أسفل البناية الخاصة بعش الزوجيه، ترجل هو من السيارة أولاً ثم لوح لأقاربه وأصدقائه بيده مشير ليهم التحيه بابتسامة مجامله قبل ان يرحلوا، ثم دار حول السيارة ليخرج زوجته الصغيرة.. اعتدلت مهرة في وقفتها وسارت بخطوات متمهلة في اتجاه بوابة البناية التي ستسكن بها، وبعد فترة صعوداً إلى داخل مدخل البناية حتي وصلوا أمام المنزل! وقف زاهر يفتح الباب بالمفتاح بينما انشغلت هي في التأمل ورفعت بصرها للأعلى قليلاً لتتأمل المكان .. ليفتح زاهر الباب ويلتفت اليها بابتسامه صغيره واشار بعينه إليها لتدلف.. رفعت فستانها لتتمكن من السير بخطوات منتظمه وقبل ان تدخل قال بصوت خشن حازم


=استني بس رايحه فين يا قمر؟ 


فغرت شفتيها وتسائلت في إستغراب 


= ايه مش هدخل؟ 


لم يتحدث لكن فجأة شعرت بالفزع والخوف عندما أصبحت ساقيها معلقتين في الهواء وهو يطوقها من خصرها بخفة فنظرت إلى الجانب بعينيها فوجدت زاهر يحملها بين ذراعيه وكان يبتسم ويغمز بطرف عينه لها وهو يردف 


= هي في عروسه تدخل برجليها يوم فرحها كده.. انا بنفسي اللي هادخلك لجوه وانا شايلك بين دراعي .. بس اعملي حسابك المرة دي بس عشان عروسه جديده .


أخفضت رأسها وعينيها للأسفل في إستحياء

فلأول مره يعاملها أحد بحنان واهتمام كذلك؟ لذا لم تجد كلمات للحديث، بينما دفع هو باب المنزل بساقه ثم أنزل زوجته على ساقيها فسارت هي بخطوات خجلة وأطرقت رأسها بالصاله وهو اغلق الباب.. ثم هز زاهر رأسه وقال بإبتسامة عريضة على محياه


= ما قلتليش رايك عجبتك الشقه؟ مش كده! دي كلها ذوقي أنا 


هزت راسها وهي مقطبه لجبينها، ونظرت حولها بنظرات متفحصة ثم أردفت بصوت مرهق وموجز


= آآه .. شكلها حلو


ابتسم زاهر مجدداً لها وبصوت رخيم قال 


= حبيبتي، المهم عندي إنك تكوني مبسوطة 

بصي طول ما انتٍ بتقولي لي حاضر ونعم على كل حاجه هتلاقي مني معامله فوق الخيال وهعاملك كانك ملكه هنا.. والكلمه هنا كلمتي وما تفكريش في مره تعصيني .


كانت تنظر حولها بنظرات مرتبكة وظلت تفرك في أصابع يدها في توتر واضح، ليضيف بصوت جاد بحذر شديد 


= اما بقى لو حاولتي تعصيني؟ هتشوفي مني وشي مش هتحبيه خالص .


لم تجبه مهرة، بل نظرت له بخوف وهي تستمع لأوامره في صمت، وفي ذلك الأثناء اقترب منها بنظرات متنمره بتراقب ..


بينما اتسعت هي عينها في ذهـول حينما شعرت به خلفها يحاول فتح سوسته الفستان من الخلف! دب الذعـر في جميع أنحاء جسدها وبسرعه لفت وجهها إليه لتقابل وجه أمامها الذي كأن يحمل تعابير غامضة وشعرت بالرعب يتسرب إلى بدنها ولكنها جاهدت لتحافظ على رباطة جأشها أمامه .. وهي تسأله بعدم استيعاب 


= آآ انت.. انت بتعمل ايه ؟ 


اعتلى ثغر زاهر ابتسامة واسعة متشفية وشعر بالإنتشاء لأن خطته أوشكت على النجاح وسوف ينال ما يريده! ثم سار في اتجاه مهرة وهو يرمقها بتلك النظرات المترقبة .. وأجاب بابتسامة لئيمة 


= ايه مالك خفتي كده ليه؟ هساعدك تقلعي الفستان وبعدين تاني مره ما تبعديش كده لما اقرب عشان انا خلاص ما بقيتش حد غريب عنك .


عضت هي على شفتيها في قلق بالغ وهي تجيب عليه بخجل شديد 


= بس انا بعرف اقلعه لوحدي وما طلبتش مساعده .


رمقها بإمتعاض و أردف في وجهها بصبر زائف


= لا يا حبيبتي ما انتٍ مش لازم تطلبي؟ انا بس هنا اللي بطلب وانتٍ تنفذي.. وبعدين امال انا ايه لازمتي في الليله دي مش عشان اقلعك الفستان... والبسك كمان .


هتفت مهرة وهي غير مستوعبة للغرض من تلميحاته المريبة تلك 


= بس كده آآ عيب .. وما ينفعش.


انزعج زاهر منها قليلا وانحنى بجذعه للأسفل ونظر إلى مهرة بنظرات جادة قبل أن ينطق بنبرة شبه فولاذية 


= لا مش عيب عشان انا جوزك ! وكلمه ما ينفعش دي ما تتقاليش تاني ؟ 


ودون مقدمات حاول مره ثانيه ان يفتح سوسته الفستان، اكتست وجنتيها سريعاً بحمرة الخجل و ركضت بالمنزل تمنعة من الاقتراب صائحة بفزع 


= لأ لأ، ما تقربش مني انا هعرف اقلع الفستان لوحدي زي ما لبسته .. ارجوك سيبني براحتي


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة