-->

رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 13

 

 قراءة رواية بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية بدون ضمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الثالث عشر




أسفل بنايه منزل تسنيم، صف سالم سيارته وهبط منها وهو يفتح ازرار قميصه ويراقب المكان حوله بتفحص، ويبحث عن رقم منزلها 

وعندما وجده هناك تنحنح بصوت خافت ، ثم تحرك يخطي اول خطوه ثم توقف في نفس اللحظه مترجعه للخلف ! فقد راها تخرج من المنزل بصحبه شخص ما؟ وهي تسير بخطوات ثقيله وهو يساندها.. رسمت إبتسامة هـادئة على وجهها وقالت


= والله يا أيمن ما كان لي لازمه تروح معايا المستشفى وتاخد اجازه مخصوص من شغلك.. كنت ممكن أخذ تاكسي يوصلني المستشفى وبعد ما الدكتوره تكشف عليا هروح زي ما جيت 


فبدى أيمن وجهه منزعجاً وهو ينظر نحوها بعتاب واردف بجدية


= طب اسكتي وهعمل نفسي ما سمعتش حاجه يعني انا بروح للغريب مش هروحلك وايه يعني لما اخد يوم اجازه من شغلي، انا اصلا بقيلي كتير ما باخدش اجازات فمش هتفرق معاهم.. وبعدين مش كفايه سبتك تكشفي اول ما وقعتي لوحدك مستخسره عليا كمان اروح معاكي النهارده


بينما وزع سالم ناظريه بينهما بجمود وفكر ان يتقدم منها ويسالها عن ذلك الشخص؟ من يكون؟ لكن تراجع عن تلك الفكره حتى لا تغضب عندما تراه وتتذكر إتهامه الباطل بالسرقة لها.. وعندما كانوا يتقاتلان وتسبب في التواء كحلها .


تحركت تسنيم بخطوات بطيئه وهي تتألم بصمت وعندما لاحظ ذلك أيمن دون تردد اقترب منها ليحملها وهي لفت ذراعها حول رقبته علي الفور وإنحنت برأسها وقبلته قبلة صغيرة على وجنته، و نظرت إليه بحنان وهي تحدثه قائلة 


= ربنا يخليك لي يا حبيبي تسلملي .


ابتسم أيمن لها ثم لف ذراعه حول خصر أخته أكثر ، ورمقها بنظرات حنونه وهو يهمس قائلاً 


= و يخليكي ليا، يلا عشان ما نتاخرش .


وقف سالم وهو يراقب صعود تسنيم إلي سيارة ذلك الشخص و رحلت معه! وكيف كان يحملها وسط الشارع دون خجل وهي لم تثور عليه مثل ما فعلت معه سابقآ بل على العكس تماما قبلته وهي ترقمه بنظرات حنونه .. او عاشقه فلا يعرف بالضبط من يكون ذلك ، ليتحول وجهه للقتامة ، وتسطع عيناه بشرر مستطر .. ثم زفر في ضيق ، وحدث نفسه بخفوت قائلا 


= بقى انا جايلها مخصوص عشان اعتذر لها وهي مقضياها ولا فارق معاها اصلا، طبعا مش لقيت اللي يهون عليها في داهيه انا بقي.. وأنا اللي مش عارف انام من ساعه ما عرفت ان انا ظلمتها .


ثم أولا سالم ظهره ليصعد الاخر الى سيارته 

بعصبية واضحة دون مبرر و بنظرات جادة قال بغيظ شديد 


= ومالها مقربه منه أوي كده هي سبق وقالت انها انسه مش مدام ؟. وكمان مش لابسه دبله خطوبه يبقى باي حق تقرب منه بالشكل ده؟ و في الشارع كمان ؟ . ايه للدرجه دي مش خايفه على سمعتها .


❈-❈-❈


بعد ساعات، صفت سياره اجره اسفل بنايه حسام، بينما كانت بالداخل تجلس فريدة ممسكه بيديها بصور جنينها تتأمل ملامحه الصغيرة من تلك أشعة ثلاثية الأبعاد لتوضح صورة الطفل الصغير وهو مازال داخل احشاء الأم، فكانت قبل قليل هي و سعاد بالمستشفى ليطمئنوا على وضع الجنين، كان من المفترض ان ياتي حسام بدل من والدته لكن اصطنع الانشغال ولم ياتي لذا ذهبت امه بدل منه.. و فريدة لم تعلق على ذلك فهي بالحقيقه كانت لا تريده هو.. ولا هي .


لاحظت سعاد بان فريدة لم تهبط من التاكسي وما زالت شاردة، لتردف بغلظة  


= يلا انزلي مستنيه ايه .. انا دماغي صدعت من المشوار هرجع بيتي بقى اللي على اول الشارع وانتٍ اطلعي لجوزك  


لكن لم تجيب فريدة وكانت نظراتها موجهه بتلك الصوره التي بيديها وهي تنظر الى طفلها و ظلت شادرة لبعض الوقت هي تشعر بتلك المشاعر الغريبه عليها والتي لم تشعر بها من قبل؟ لكنه كان شعور جميل.. فربما ذلك شعور الامومه الذي يتحاكى عنة، ضربتها سعاد فجاه بقوة فوق ذراعيها فإنتبهت هي لها بتعجب.. ثم سمعت صوتها يقتحم أفكارها قائله بحدة 


= ما تركزي معايا وتردي عليا زي ما بكلمك، بقول لك يلا وصلنا البيت انزلي لجوزك عاوزه الحق اروح بيتي ما لحقتش اعمل حاجه بسبب مشوارك 


نظرت لها بإندهاش وهي تعقد جبهتها وعابسة الوجه.. ثم إلتفتت أمامها تأخذ نفس عميق  لتتحكم بأعصابها وإستدارت مجدداً لتتظر إليها بنظرات جامدة وهي تقول بصرامة 


= انا ما طلبتش منك تيجي معايا وحتي اللي  مفروض ياجي معايا عمل نفسه مشغول ومش فاضي وحتى ده كمان ما طلبتش منه يجي ولا كنت عاوزه معايا اصلا .. رغم انه واجب عليه ! 


فتحت باب السيارة لتهبط لكن إلتفتت لها مرة ثانية واردفت بقسوة تقصدها بعدما أدركت مدى تأثير كلامها عليها 


= وياريت ثاني مره ما تتعبيش نفسك ولا تغصبي نفسك على مشوار مش عاوزه تروحي... أصل مش طول الوقت هتفضلي تلمي ورا ابنك اللي ما لوش نفعه في الحياه ولا عارف يشيل مسؤوليه نفسه حتى 


صرت سعاد على أسنانها وهي تقول بحنق 


= شوفي البنت بترد عليا ازاي؟ ماشي يا بنت عابد طلعلك صوت دلوقتي بس .


لكن رحلت دون مبالاة ولم تجيب عليها.


❈-❈-❈


بالمساء بداخل منزل سالم، وضع هاتفه و مفاتيحه فوق الطاوله بفتور ليجد ابنته ليلى تجلس فوق الأريكة وهي تغمض عينيها فمن الواضح قد غلبها النوم وهي في انتظاره كعادتها، رغم انه حذرها كثيرا بان لا تنتظر إياه وتذهب الى نومها مبكراً.. لكنها لم تستطيع فعل ذلك دون ان تطمئن عليه أولا .


جلس سالم جانبها بهدوء حتى لا يصدر صوت وتستيقظ، وكظم غيظه في نفسه فلم تذهب صوره تسنيم عن باله وهي بصحبه ذلك الرجل الذي حملها وذهب.. وما يشعره بالغضب اكثر بانه كان قادم حتى يعتذر إليها ويتحمل منها اي بطش وسخط ، فهو ظلمها واتهامها باتهام شنيعه لذا راى رحيله إليها افضل من ان يتصل بها و ينهي الأمر بكلمتين اعتذار منه فقط .


ابتسم بسخريه على نفسه فتوقع أنها ستكون حبيسه بمنزلها و حزينه بسبب فعلته واتهماته لذا كان قادم اليها حتى يخرجها من حزنها ويتاسف لها .. لكن أنصدم بها تلهي معه وهو لم يفرق معها كلامه من الأساس .


زفر مستاءة من نفسه فلما مهتم هكذا الى تلك الحد بمعرفه من يكون معها ؟ وكيف يقترب منها كذلك بتلك الجراه ! وما علاقة بها؟ عاتب حاله من أفعاله الطائشة وأنه ذهب إليها بنفسة و خاصة محاولاته باتت بالفشل وهي كانت تتودد مع غيرة دون اهتمام . 


هز رأسه بإحباط فكلما نهر نفسه عن التفكير بها يعود لنفس الدوامه، فرك بيده على جبهته بصداع ثم عندما أبعد يده وجد أبنته قد استيقظت وتنظر إليه مضيقة عيناها باهتمام بالغ من ملامحه المنزعجه .


إبتسم لها إبتسامة هادئة وهو يقول بصوت حنون


= حبيبتي انتٍ صحيتي طب يلا قومي نامي جوه وقلتلك ثاني مره ما تستنينيش خصوصا لما يكون عندك مدرسه الصبح انا مواعيدي  مش ثابته .


أجبرها على النهوض من على الأريكة ، وسارت محتضنة إياه إلى أن وصلت بالقرب من غرفة نومها، وبهدوء مريب اردفت متسائلة بعبوس 


= انا كنت صاحيه بقيلي كتير جنبك وانت سرحان كنت بتفكر في مين وانا جنبك؟ وبعدين المفروض تكون هنا في البيت من ساعتين اتاخرت كل ده فين .


توقف وبخفة رفع رأسها للأعلى بعد أن وضع إصبعيه على طرف ذقنها ثم نظر لها مطولاً ، وأردف بنعومة


= تعرفي يا ليلي ساعات بتفكريني بامك نفس غيرتها عليا، بس انتٍ معدياها بمراحل و انا اللي كنت فاكر ما فيش حد في الدنيا بيغير عليا زيها من كتر حبها فيا 


إحتضنته ليلي بذراعها بقوة ، وربتت على كتفه وهمست له بتملك


= انا ما فيش حد بيحبك ويغير عليك قدي! حتي لو كانت ماما الله يرحمها .


لم يعلق على نبرتها الشديدة تلك، بل ضمها هو الآخر إلى صدره وقبلها من جبينها ليزيد من حبها وتعليقه تجاه.. فأسندت رأسها على صدره وتنهدت في إرتياح مؤقت ....


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوعين.. في منزل أيمن، أرجعت ليان ظهرها وهي تنظر إلى ساعة الحائط فقد تجاوزت الساعه الواحده بعد منتصف الليل و أيمن لم ياتي بعد؟ حتى لم يجيب على اتصالاتها فالهاتف تركه إليها ولم يأخذة هذه المرة بعد أن رأي طارق في عزاء والدها.. شعرت بالغضب الشديد وهي تفكر ربما ذلك التاخير كله يلهي مع الأخريات .. ليقع الاختيار المناسب على عروس ! كما اخبرها سابقاً .


أغمضت ليان عينيها و ظلت تندب حظها البائس الذي جعلها في لحظة تضعف لذلك الشخص، الذي خدعها تحت شعـار الصداقه النقيه.. ليوقعها في شباكه .. وهي كالغبية توهمت أنها وجدت من يعوضها عن أهمال زوجها ولم تنتبه لفعلتها الشنيعه وكيف أصبحت خطيئه بحياتها.. و خائنة لزوجها .. 


هو سوء إختيارها هي.. لذا لن يتمكن أحد من مساعدتها ، فهي من جَنَت على نفسها و لن تتجرأ على البوح بما حدث لها لأي فرد من أسرتها حتى لا تثير سخطهم.. فهي لم تفكر بهم عندما فعلت ذلك؟ لم تفكر في زوجها.. لم تفكر في أسرتها.. لم تفكر في نفسها.. ولم تفكر في ربها .


أغمضت عينيها مرة أخــرى لتبكي بصوت مكتوم لم تتحمل رؤية نفسها بتلك الصورة.. إمرأة سيئه السمعه تخون زوجها وتتواصل مع رجل دون علم زوجها... 


و في نفس اللحظة عاد أيمن من الخارج ليجدها تجلس في الظلام! اقترب منها ثم مد كفه ناحية كتفها وضربها بخفه .. فإنتبهت هي له ، ورمقته بتلك النظرات النارية ، فنظر لها بنصف عين بجمود وهتف بصوت هادئ يحمل التهكم 


= خير قاعده كده ليه في الضلمه؟ اللي مصحيك لحد دلوقتي .


نهضت الأخرى بسرعه إليه وهي تهتف بتلهف


= كنت فين يا ايمن كل ده؟ ميعادك المفروض ترجع من شغلك يكون الساعه ٨ وانت عارف دلوقتي الساعه كام؟ بقيلك خمس ساعات زياده بره كنت بتعمل ايه فيهم ؟


قهقه أيمن بصوت عالياً مثيراً سخطها أكثر ، وأجابها بجموح


= ايه مالك غيرانه ولا بتشكٍ فيا؟ اصل اذا كنتي غيرانه فحاولي تتحكمي في غيرتك عشان بعد الجواز تعرفي تتعايشي مع مراتي الثانيه ! اما اذا كنتي بتشكٍ فيا فانا اكتر واحد هيكون فرحان بالشك ده عشان جواكي هيتحول لغضب وانتٍ هتموتي وتعرفي انا كنت بره بعمل ايه بالظبط 


حاولت ليان أن تلملم شتات نفسها وسألته بصوت مرتعد متوجسة قائلة  


= أيمن انت مش هتتجوز عليا وانا مش هسمحلك بكده وكفايه بقى تعب الاعصاب اللي انت معيشني فيه، ايه كل ده ما اخذتش حقك مني لسه عاوز تكسرني اكتر من كده 


حدجها بنظرات محتقنة وهو ينطق بصوت محتد مليئه بالانكسار 


= اكسرك! هو انتٍ تعرفي يعني ايه انكسار حقيقي اهو ده نفس اللي انا عشت فيه لما عرفت ان انتٍ بتكلمي واحد غيري وانتٍ على ذمتي لا وكمان بتحكيله كل اسرارنا .. حتي علاقتنا سوا .. بذمتك انتٍ لو مكاني هتعدي كل ده عادي وتسامحي .. ليان انتٍ عملتي كل اللي عملتيه وانا مش فارق معاكي اصلا 


تنهدت في يأس، و ابتلعت ريقها بتوتر وحدثته بحزن مرير 


= لا يا أيمن ما تقولش كده، انا اللي حصل حصل غصب عنى، مش هقدر استحمل بعدك عني اكتر من كده ولا انك تتجوز واحده غيري 

اللى حصل منى دة كان في لحظة ضعف

و ضياع و كنت تايهة و زي الغريق اللى بيستنجد بقشة و طارق كان هو القشة دى و استغل ضعفی وقتها و انا مشيت وراه زي المغيبة من غیر تفکیر .. وانا كنت غلط و معترفة بكدة


كانت كلماتها كعود الثقاب الذي أشعل فتيل غضبه، لذا اقترب منها و أطبق بكف يده على فكها ومنعها من إكمـال حديثها ونظر لها بشراسة وهو يحذرها قائلاً بعنف


= اسم الزفت ابن الـ** دة مايجيش تاني على لسانك يا ليان انتٍ سامعة! 


سحبت قبضته عن فكها وفركته وهي تتألم ، ثم نظرت له بحزن وخوف قائله


= حاضر والله ما قصدتش، اسفه اني جرحتك وظلمتك، وبعدين انت زعلان عشان برفض  الوضع ده وانت ما قابلتوش ! يا ايمن انا بحبك زي ما انت بتحبني وبغير عليك زي ما بتغير عليا .. يبقى ازاي عاوزني استحمل الوضع ده


ليجيبها بهدوء مستفز وهو يرمقها بنظراته  المتحديه   


= ما هو ده يا حبيبتي الشرط اللي هيخليني اسامح واعدي، ما انتٍ مش احسن مني عشان توجعيني.. وتخونيني.. وتعرفي غيري وتحكي لي كل اسرارنا؟ وانا المطلوب مني اسامح و اعدي من غير ما تحسي باللي انا حسيته! واذا كنتي بتحبيني فعلا زي ما بتقولي اقبلي الوضع ده لحد ما انا انهي بمزاجي 


احتقنت عينيها أكثر من رده البـارد وقالت بصوت مختنق وهي تضربه في صدره بكف يدها من غيرتها الحارقة


= يعني ايه يا أيمن افهم من كلامك انك مهما حصل مش هتتراجع عن فكره الجواز .


هز كتفيه في عدم إكتراث متعمد ، وأجابها ببرود واضح


= بالظبط كده يا روحي فجهزي نفسك بقى قريب في إستقبال الزوجه الثانيه .


❈-❈-❈


مـــدت مهرة يدها في اتجاه الكومود لتسحب ريموت التلفاز من عليه ، ثم نظرت علي ساعه الحائط لترى أن التوقيت قد تجاوز الرابعة صباحاً وما زال هو لم يعود من الخارج وهذا قد اشعرها براحه كبيره؟ و قد جف النوم من عينيها.. لتضغط علي ريموت لتشغيل التلفاز وظلت تقلب بين القنوات بملل تبحث عن أي شيء يلهي ذهنها من دوامة الأفكار البائسة حتي توقفت علي قناة تذيع فيلم كرتون "الأميرة المفقودة" 


ابتسمت بشوق وحنين الي حياتها القديمة حين كانت تمارس يومها كـ طفله صغيره حلمها أن تتعلم و تلعب! لا أكثر، لكن تحولت فجاءه من طفلة إلى إمرآة، إمرآة لا تُشبها إمرآة مجبره على أن تتوقف عن الحُلم، عن التخيلِ، عن الفرح بمسرَّات صغيرة، وأن تهدأ وتترك تلك الأحلام الذي بها، وتكون مُجرد جُثة هامدة تتحرك، وتسير تأكل، وتنام، وتلبي رغبات الاخرين.. ولا يحق لها الاعتراض ولا البكاء ، وان تصرخ بأنها ما زالت صغيرة علي ذلك، صغيرة جدًا على اعتياد الحياة بهذا الشكل البائس.


لتعدل شعرها البني الناعم و المائل للسواد ذو الخصلات المموجة والمتمردة في بعض الأحيان، أهدابها كثيفة ، وكانت نظرة حزن واضحة على جفونها ،لقد بحثت كثيرًا عن السعادة في أبسط الأشياء ووجدتها. أرادت أن تكون مختلفة عن إخوتها من خلال التدريس والتعلم والتخرج من الجامعة التي تختارها! لكنها حُرمت من تلك الأشياء وما كانت تخشى حدوثه وبدا أن أهلها لهم رأي مختلف ، وبسبب ظروف الحياة وقسوتها ، ومبدأهم أن الحياة لا ترحم الفقراء ، ولن يشفق عليهم أحد؟ لذلك ، اختاروا لها أن تتبع هذا الطريق ، معتقدين أنهم سيؤمنون مستقبلها... لكن في الحقيقه كانوا يفعلون ذلك لاجل مستقبلهم هم، حتي لا يظلوا قابعين في ذلك البؤس ...


فبالرغم من أن الأثاث في المنزل باهظ الثمن ، وهي تعيش حاليًا في منزل واسع به فراش من حرير وثلاجة مليئة بأفضل أنواع الأطعمة والمشروبات الطازجة التي لم تتذوق بعضها من قبل بسبب فقر أسرتها... لكن يوجد مشاعر باردة تغللت داخل روحها حتى أصبحت لا تعرف متى وأين اصبحت تشعر بتلك الاشياء التي تعد اكبر من سنها.. فمن المفترض أن تعيش جميع الفتيات في نفس العمر طفولتهن ولا يعشن الحياة الزوجية مثلها! .


قد ذبلت روحها وانطفئت عيناها اللامعه وللسخرية ان عائلتها هم من ارغموها على تلك الحياه تحت مسمى، الزواج المبكر هو ستره للفتيات، وكأنها قطعه لحم رخيصة معرضة لاقتراب ذئاب شرسة في أي لحظة ، وستذهب معها بسهولة دون أن تلتزم بحماية نفسها من أي شخص. 


سمعت صوت صرير الباب وهو يُفتح ! في حين التمعت عيناها فجاه بقلق بالغ وهي تراه يتقدم منها بعد أن أغلق الباب خلفه تعلقت عيناها بذلك الكيس البلاستيك الذي يحمل ماركه شهيرة ليضعه أمامها فوق الفراش بعد أن أخذ ما بداخله ليظهر وهو معلق بيده "قميص نوم شفاف ومثير" رسم بعينه الخبث تعبيراً عن ما يريده منها وما سيحدث بعد قليل...!! تجمدت في مكانها حينما رأت زوجها محدقاً بها بنظرات غير بريئه.. نظر هو إليها بتفحص ، وإعتلى ثغره إبتسامة وضيعة ، ثم تشدق 


= ايه رأيك؟ في ذوقي هيبقى عليكي يجنن


إنفرجت شفتيها في فزع حقيقي ، وزائغت عينيها ، ونطقت بصوت مبحوح 


= هـاه ، لأ


حدج بها بنظراته المحتقنة لتنهض ثم تراجعت بظهرها للخلف ونظرت إليه بذعر ، ونطقت بصوت مرتجف بخجل شديد


= أنا .. أنا آآ.. مش هقدر ألبس حاجه زي كده قدامك؟ هتكسف أوي! 


تحرك هو في اتجاهها بخطوات غاضبه، ولم يحيد بعينيه القويتين عنها بينما كـور قبضة يده ، وهدر فيها بحنق 


= هو ايه اللي لا؟ يا روح امك، ومكسوفه من ايه؟ انا جوزك ! هفضل افهم فيكي لحد امتى ان اي حاجه بطلبها منك وبتحصل بينا.. حلال، والمفروض ما تقوليش لا لجوزك على اي حاجه يطلبها منك .


جحظت عينيها في رعب ، وهربت الدماء من عروقها ، وتسارعت دقــات قلبها حتى كادت أن تصم آذانها حين نظر لها بقسوة مخيفة حيث صرخ فيها عالياً 


= بت انتٍ انا صبري نفذ عليكي يا اما تتعدلي يا اما هربكي من اول وجديد ، انا مش عارف اهلك ازاي مش بيفهموكٍ الحاجات دي ولا انتٍ اللي مخك ناشف ومش بتفهمي.. 


إبتلع غصة في ريقها وشعرت بسكاكين تغرز بقلبها فكيف سيفهم ان أسرتها لم يهمها شيء غير المال الذي ياتي بعد زواجها منه، وحتى إن علم فلم يهتم بالتأكد، تنفس بغضب شديد عندما لمح ما كانت تشاهده بالتلفاز "فيلم كرتون" فهي لا تريد ان تكبر وتنسى طفولتها وانها أصبحت الآن امراه متزوجه منه، دفع بقدمه طاولة زحاج صغيرة وسقطت أرض بقوة لتنتفض هي بذعر وقال بصوت آجش يحمل الوعيد 


= هو انا مش قلتلك الزفت ده إياكي تشغلي في التلفزيون .. عيله صغيره انتٍ لسه؟ 


كان بالفعل أجاب على حالة فهي مازالت طفله في سن ال 14 عام ، طفله في ثوب امراه متزوجه! بكت هي بحرقة وفي ذلك الأثناء كان يغلق التلفاز ليحرمها من شيء آخر كأن حقها كعادته، وبلحظة كان سحبها من خصرها لداخل حضنه بقوة، ارتطمت بصدره العريض بعنف، وبحنان مقزز مسد على شعرها، وبتنهيده اكمل


= قولتلك قبل كده اسمعى كلامي اللي بقولهولك واتقی غضبی یا مهرة .. لو سمعتي كلامي ونفذتي اللي انا عاوزه من غير مناهده مش هخليكي محتاجه حاجه وهعيشك في الجنه 


لويت شفتيها بسخرية مريرة فعن اي جنه يتحدث فهي منذ زواجها منه تعيش في جحيم؟ ضغط على خصرها بكف يده جعلها تتأوه بعنف عندما وجدها مازالت تبكي بصمت..وأضاف بصوت جاف


= ارضی وعیشی وانتٍ ساكته..وبلاش شغل

الاطفال اللى انتٍ بتعمليه دا لانه هيجبلك الكلام و الضرب.. خلاص مش هقعد كل يوم افهم فيكي.. انتٍ دلوقتي واحده متجوزه مش لسه طفله !. 


لم تتحدث أو لم تجد للحديث نافعة معه ثم سلطت أنظارها عليه بفتور بينما لم يترك لها المهلة لكي تجيب ، حيث أمسك بها من معصمها وجذبها عنوة نحوه ثم إنحنى بجذعه قليلاً للأسفل ليضع ذراعه الأخر أسفل ركبتيها ، وحملها بين ذراعيه عالياً ، وأحكم قبضتيه عليها ، فصرخت هي فيه بصوت مرتفع مستغيثة به؟ فليس هناك أحد بالمنزل غيرهم 

وإذا حاولت طلب المساعدة منهم ، فسوف يتركونها له كما فعلوا من قبل.


وما من ثواني كان يميل نحوها وكعادتها كانت معه كما اعتاد عليها جسد بلا روح... فهي محطمه ليس لديها دفء وحب لتعطي وحتي اذا كان لديها فلما ستعطي الحب؟ لذلك الرجل الذي سرق طفولتها، إلي من قتل روحها بدم بارد الى من يحرمها من ابسط الاشياء حقها ؟ إلي ذلك الجزار كما اعتادت ان تسميه 

منذ ليله زفافها التي تحولت بعدها من هنا؟ من طفله صغيره الى امرأه متزوجه من رجل يكبرها بثلاثون عام .


رجل يبحث عن اشباع غريزته دون أن يهتم بجسدها الذي يصرخ من الآلم و الضعف، لحظات مرت كالدهــر عليها، ومثل العاده في منتصف ما بدأ ابتعد عنها وهو يلهث بغضب شديد دون أن يشعر باشباع غريزته من جسد تلك الطفلة الباردة التي لا تعرف كيف تتجاوب معه وما مفاهيم العلاقه وتجهل ما يحدث بينهما ، و بسبب قهرها من صمتها الدائم أمام ما يطلبه منها ومن حرمانها من طفولتها ولم تعد تعرف شئ عن الحياه الزوجيه وما يحدث معها غير أن ذلك واجباً عليها تقضيته لارضاءه.. دون أن يبحث أحد عن راحتها . 


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة