رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 18
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثامن عشر
نحْن لا نمُوت حِين تُفارِقنا الرُّوح وَحسب، نمُوت قبْل ذلك حين تتَشَابه أيَّامنا ونتوقَّف عن التّغيير.. حِين لا يَزْداد شيءٌ سِوى أعْمارنا وأوْزانِنا.
جني الليل ليأتي العذاب من جديد كانت فريدة مستيقظه ولم تغفو من التعب والبكاء طول الوقت علي ما راح، فهذا حالها منذ خروجها من المستشفى تجلس وحيدة في غرفتها ولا تتحدث مع عائلتها ولا تجلس معهم! فأصبحت تتعامل معهم وكأنهم غرباء عنها، حتى الطعام تتناول القليل بمفردها ليساندها على العيش لا اكثر.
لكن داخلها قررت تلك المرة لم تستسلم إلي أي شخص مهماً كأن! تعلقت فريدة عينيها بسقف الغرفة لم ترمش عينيها وكأنها فى غيبوبة لتشرد عن واقعها الأليم تتمنى أن تفهم كيف طاوعت نفسها وتقبلت فكرت أن تتزوج من مغتصبها حينها؟ كيف واقفت أن تعيش معه تحت سقف واحد؟ وتتقبل أن تعاشر نفس الشخص الذي قتل روحها وأفقدها شرفها وحقوقها... عليها أن تعترف بأن أكبر خطأ ارتكبته بحياتها عندما تنازلت عن قضيها ولم تحارب أكثر من ذلك .. كأن يجب أن تقف أمام الكل حتي وإن كانت ستحارب عائلتها نفسها، والمجتمع.. والعالم .. وكل من يعترض .
تبدلت نظراتها للقسوة وألم وهي تتذكر كيف ارتسمت بعض الراحة الممتزجة بالتشفي بأعينه عندما بخسها كل حقوقها، بالأول شرفها وحقوقها القانونية و كرامتها و بالاخير طفلها وحرمها من الأمومة كلها فلم تستطع أن تولد و تحمل جنين اخر بعد ذلك! جزاء منها داخل أحشائها وتسمع كلمه "أمي" آه كم صعبة خسارتها هذه المرة .
كانت مستعدة لدفع أى ثمن للتخلص منه صحيح، لكن لم تتمناه أن تكون تلك هي الخسارة الفاجعة !!
لم تستطيع الإنكار بأن عائلتها أيضا السبب في تلك الحالة التي وصلت إليها معه.. فلم يجدوا حل غير زواجها من مغتصبها ليصمت الجميع
وبالمقابل فقدت الكثير و عانت، و سعاد والدته و حسام وافقوا علي الفور حتي يتخلص من سجنه فلم يكلفه زواجه بها كثيراً حيث كأن يريد والدها تزويجها ليطمئن قلبه كما أخبرها لذا تساهل كثيرا فى حقوق ابنته لينالها ذلك الخسيس ويفعل كما يحب تماماً .
تزوجته لمدة أربع أشهر و كانت أسوأ أيامها ، كانت تثق أن زواجها منه لم ينتهى بالخير لها وقد حدث بالفعل؟ تنهدت بألم وهى تتذكر تلك الأشهر التى عاشتها مع شبيه الرجال ذلك، و
لم ينغص حياتها الآن سوى استئصال الرحم واهانتها التي تعرضت لها، لتتحول حياتها لجحيم بفضله و بفضل أمه التي بدلا من أن تعترف بخطا أبنها .. بل عاونته على السير بذلك الطريق وتصلح من اخطائه حتى يتمادي من تلك الأفعال الشنيعة .
ابتسمت بسخرية مريرة لا تعرف اتفرح ام تحزن؟ كلما تذكرت حياتها سابقآ التي كانت ستبنيها مع أسر خطيبها والتي أحبته بيوم؟ والذي تخلى عنها من البدايه، لتنقشع غيوم الرجولة التى تخفى خطيبها خلفها وتظهر حقيقته الضعيفة خاصة حين صارحها بعجزة عن تحمل أحاديث الجميع وما صار لها، ولم يستطع أن يصمد أمام ضغط والدته أكثر من ذلك عليه!! لتصمت هي متحملة لوم الجميع علي سوء اختيارها ليسعى والدها بعدها لتزويجها و ارتباطها مجدداً فيكون حظها بشبيه رجل كسابقه ، بل أكثر سوءا .
ضاع عليها دفء الأسرة، شخصية مثل فريدة نشأت مشوهة نفسيا بسبب ما عاشته من قهر وخلافات مع عائلتها ورغم ذلك تزوجت و نفذت رغبة أسرتها و استمرت الحياة الزوجية بزعم مصلحة الجميع ماعدا هي.. والحقيقة أن الاستمرار يضر نفسيتها أكثر مما تتوقع ويكفي أن تعيش عمرها دور المضحيه بسعادتها وحياتها لأجلهم .
فـإنها العائلة، إما أن تصنع إنساناً أو كومة عُقد ..
لم تعد تستطيع مواساة نفسها هذه المرة لقد هزمت.. رغم أنها لقد فعلتُ كل ما بوسعها لتكون بخير؛ لكن أحيانًا ما بوسع المرء غير كافي. فالذكريات اختلطت مع الاحلام.. مع الأوهام مع الحقائق.. لدرجة أنها شعرت بأنها محكوم عليها بالوِحدة.
المهم أنها ابتعدت عن تلك الأسرة ، فتبين لها أنهم برعوا في قمعها ، وخاصة ذلك الشخص الحقير. المتعجرف. القاتل. الوحش. المغتصب! حتى لو كان فراق مؤقت! وانفصلت عنهم مع الكثير من الخسائر وبدون الربح بشيء واحد.
لكنها اخذت القرار ولم تعود، تريد أن تنام وهي تعني بذلك أن تغفو كل الأشياء المستيقظة بداخلها، ان يغفو الحنين والخيبات والجراح والندم وصوت البكاء، فهي طول الليل تردد داخلها لعلها تسترجع قوتها المستنزفه ...
أنا بخير ..
أنا فقط حزينة .
الحقيقة أنها عادت إلى نقطة الصفر مرة أخرى، عادت إلى صمتها، واختارت أن تبقي بمفردها عادت إلى قلة الكلام وعدم الرغبة في التواصل مع الجميع.. ألا تستحق أن تكون سعيدة؟؟ لا أحد يعيش في مكانها ، ولا أحد يعرف ما مرت به.
تشعر دوما أنها تريد الإنفصال عن كل شيء .. والابتعاد عن أي شيء قد يضايقها والابتعاد عن الأشخاص الذين يؤذونها تريد أن تبتعد عن المشاكل وألهرب من الهموم وتنسى الألم وكل الأحداث السيئة التي مرت بها... تريد أن تولد من جديد بذاكرة جديدة ، لا يوجد أناس مكروهون بأرواح سوداء ، ولا يوجد ناس منافقون وحقودة.. وتكون بعيد عن خبث البشر واذاهم وحقدهم وحسدهم .. بعيد عن المكايد والحروب وتدخلات الناس بحياتها ..
اصبحت لا تريد أي شيء من العالم بعد الآن سوى العيش بسعادة وبعقل هادئ تريد فقط الاستمتاع بحياة بسيطة وهادئة لأنها عانيت من الألم. وتعبت من المقاومة .. وكفيها من الحزن والبكاء .. بكل بساطة ، لا تريد أي شيء سوى أن تكون سعيدًه .
❈-❈-❈
الثقة هي اغلي صفه في الوجود هي التي تجعلنا نحارب ونقف امام تيارات الحياه هي التي تجبرنا علي المقاومة والتحدي لذلك حينما نفقد الثقة او نعطيها لمن لا يستحقها تنهار حياتنا ولا يتبقي منها سوء الرماد لان الثقة هي اساس الحياه.
خرج أيمن من غرفته وكأنت ليان تجلس فوق الأريكة بالصالة وتتحدث مع أحد عبر الهاتف وعندما خرج في نفس اللحظة أغلقت هاتفها، عقد حاجبيه باستغراب وهو يسألها بصوت
محتد
= كنتي بتكلمي مين؟ وقفلتي اول ما دخلت
نظر أيمن إلي التي تجلس كالتمثال المتحجر بعد أن سمعت ما أخبرها إياه للتو، فمن الواضح أنها ستظل تعاني كثيراً بسبب شكه المستمر رغم ابتعادها عن طارق، شحوب مريب حل على بشرتها حينما رأت تلك القسوة تنبعث من نظراته، لتقول بقلب منقبض
= كنت بكلم ايناس صاحبتي وقفلت اول ما دخلت عشان المكالمه خلصت مش قصدي اقفل عشان انت داخل ولا حاجه
جلس علي الأريكة بغضب مكتوم جانبها وهي أخفضت راسها بالأرض بيأس منه، ساد صمت ثقيل بينهما للحظات عجز فيه عن إيجاد الكلمات المناسبة لإخراجه من حالة الضيق المتمكنة منه، ثم سألها بتردد
= هو العشا خلص ، آآ بقول يعني اتغدى معاكي قبل ما أمشي طالما خلصتي الأكل
لم ترد عليه في البدايه واكتفت بالإيماء الخفيف برأسها، وهو ظل متسمر في مكانه عدة ثوان آملة أن ترمقه بأي نظرة لكنها لم تستدر نحوه وكانت مشغوله بالهاتف أو هكذا فعلت حتي لا تنهار أمامة من الاهانه، ومع ذلك قاومت رغبتها بالبكاء أمامه، وهتفت بجمود
= مش قلت ما عندكش وقت تتعشى معايا وهتروح تشوف تسنيم النهارده ، بلاش تتاخر عشانها أفضل .
لمح تلك العبرات وهي تسقط من طرفي جفنيها فانقبض قلبه و نهضت وهي تضع الهاتف أمامه كأنها تريد أن تصل إليه؟ إذا لم يصدقها يحق له البحث و التفتيش خلفها.. لكنه تجاهله وهو ينهض خلفها و تحرك بتمهل نحوها شاعراً بتأنيب الضمير وعاتب نفسه وبقسوة شديدة لكونه لم يرفق بها ولا لنفسها البريئة، سب نفسه بشراسة و انحنى على جبينها ليقبلها معتذرًا بأعينه وليس بكلماته
= مش هيجرا حاجه لو اتاخرت عليها ساعه وهي مش هتزعل طالما هتعرف ان انا قاعد
معاكي، ولا شكلك كده مش عاوزه تاكليني
اقول لك على حاجه طالما الاكل جهز خليني انا احطه وانتٍ روحي اقعدي مكانك
أجابته بنبرة واهنة وهي تهز رأسها برفض
= أيمن أنا كنت بكلم إيناس فعلا وتقدر تتاكد بنفسك أنا مش عاوزاك تزعل مني وأنا..
قاطعها قائلاً بود وهو يضع إصبعيه على طرف ذقنها
= مش زعلان، بس يا ستي غيران عليكي لازم تفهمي ده كويس مرضاش أبدًا أشوفك بتحكي مع غيري كده واسكت .. تؤ مش عاوز افتح في القديم دلوقت! انسي خلاص، و المرادي أنا اللي هحط العشا وانتٍ استني هنا .
أومأت برأسها دون أن تجيبه، فطبع قبلة عميقة على جبينها وهو يتمنى أن يتوقف عن شعور الشك الملازمة طول الوقت.
❈-❈-❈
انسابت دمعة صامتة خدشت بشرتها الجميله السوداء وهي تطالع الفراغ حولها!!!... كانت لا تزال في مكانها فكانت تجلس في تلك الغرفة التي حبست نفسها فيها غير راغبة برؤيه اي احد، و عيناها شاردة في الفراغ أمامها بينما دموع صامتة تنساب على حرير بشرتها وهي لا تكلف عناء نفسها ان ترفع يدها لتمسحها، بل تركتها قاصدة علّها تطهر قلبها من تلك الأوجاع التي تكالبت عليه، ربّاه أنها لا تصدق أن هذا أصبح حالها ...
رفعت أناملها المرتعشة تتحسس بشرتها و شفتيها المتورمتين، تكتم شهقة ألم عميقة
فقد تعرضت لاهانه شديده لا يتحملها بشر ! لكن هل يعتقد أنه هكذا قد اخافها؟... هل هكذا وضع صك ملكيته لها كما همس لها بقسوة بعد أن ضربها بوحشية أدمتها وكأنه يعاقبها على
تمردها ورفضها لتلك الاهانه و مصيرها المرير معه .
و حينما دخلت والدتها غرفتها وهي تحمل صينيه الطعام للداخل بعد دقائق وما ان وقعت فريدة عيناها على وجهها حتى شعرت بانقباضة غريبة في قلبها وكانها التي تقف امامها ليست والدتها التي تعرفها، بينما أبتسمت الأخري وقالت بصوت خافت
= يلا يا حبيبتي انا جبتلك الأكل عشان تاكلي وتعرفي تصلبي طولك وما تقوليش لا المره دي كمان، انتٍ لسه خارجه من المستشفى وعامله عمليه صعبة، ولازمك الراحه والتغذيه
أجابت فريدة وكادت دمعة تطفر من عينيها
= سبق وقلت لك مش عاوزه حاجه ولما هجوع هقوم احط لنفسي يا ريت ما تشغليش نفسك بيا انا هعرف أخدم نفسي بنفسي شكراً
وضعت خيرية صينيه الطعام أمامها فوق الفراش ونهرتها أمها قائلة
= هو احنا غرب عنك يا بنتي؟ ايه يعني لما نخدمك ونخلي بالنا منك، ليه يا حبيبتي من ساعه ما رجعتي من المستشفى وانا حاسه انك واخده جنب مننا هو انتٍ زعلانه مننا في حاجه؟
صمتت فريدة ولم تجيب عليها بينما نظراتها القاسية تحدثت بالكثير، شعرت امها بأسى نحوها و بتنهيدة عميقة قالت
= حقك علينا يا بنتي لو زعلناكي في حاجه بس لازم تعرفي ان الاب والام مهما يعملوا في ولادهم بيكون هدفهم واحد بس؟ يكونوا في احسن حال وساعات غصب عنهم بيضطروا وياذوهم كمان.. يا حبيبتي الضربة اللي ما تكسرش تقوي.. التجربة لما بنمر بيها بنتعلم منها درس وعلى أد قسوة التجربة بيكون عمق الدرس دة.. والشاطر اللي يستوعب التجربة كويس أوي ويفهم الدرس صح.
رفعت عينان حمراوين إليها و ابتسمت بسخرية مريرة بصمت فدائما الجميع جاهز للتبرير والدفاع وحتي لـي اقوال الحكم طالما الأمر لا يهمه، اقتربت خيرية منها وهي تلاحظ هيئتها الشاحبة وعينيها الذابلتين، و وضعت يدها فوق كتفها وقالت باهتمام
= انا هطلع واسيب الاكل جنبك و وقت ما تجوعي كلي، و لو عاوزه حاجه اندهي عليا انا جنبك ومش هبعد
لكنها حقا أبتعدت وتركتها منذ زمن! اتجهت أمها إليها تقبلها ثم انطلقت للخارج وهي تلفظ دعوة لها بأن يكفيها الله شر الآخرين ويعوضها خير للقادم... أغلقت الباب و تنهدت خيريه بعمق وهي تراقب زوجها الجالس بالخارج لتتمتم في حزن
= صعبانة عليّا أوي فريدة... انا ماسكه اعصابي بالعافيه مش حرام اللي بيحصل لها ده؟ وهي سنها صغير كده وتتحرم من الخلفه
وضع عابد قدح الشاي على الطاوله وقال بضيق
= ومين سمعك ربنا يتولانا كلنا ، بقول لك ايه لما تيجي تخرجي انتٍ وهي عشان تروحوا المستشفى تكشف على الجرح أو تغير عليه، ابقوا روحوا الصبح أوي او بالليل عشان ما حدش ياخد باله منها و يشوفك و يعرفوا انها رجعت عندنا من تاني
عقدت حاجبيها بتعجب متسائلة باستنكار غاضب
= ليه ان شاء الله عاملين عامله وعاوزين نستخب ما تبطل بقى يا عابد تهتم بكلام الناس اللي مش جايبلنا غير الهم
عابد بجدية تامة
= بس انتٍ عارفه كلام الناس، لما ترجع بيت اهلها بعد كم شهر جواز هتشوفي دلوقتي الكلام هيكون عامل ازاي؟ واللي هتكون متعاطفة بجد واللي شمتانه ده طبعا غير الكلام اللي هيطلع عليها، عشان كده بقول لك لما تعوزي تخرجي انتٍ وهي خليها الصبح خالص أو بالليل اوي
خيرية بزفرة عميقة
= معقول إللي بتقوله ده يا عابد وبتفكر فيه ما كناش زمان بنربي عيالنا على كلام الناس احنا دايما بنقولهم طالما انتوا صح وما بتعملوش شيء يغضب ربنا يبقى ما يهمكوش حد.. يا عابد رضا الناس غاية لا تدرك وما لا يدرك كله يترك كله !!...
سكت قليلا قبل أن يتحدث عابد مقطبا
= عشان الزمن اتغير واحنا كمان اتغيرني يا خيرية! وانا مقتنع بكلامك ده، لكن مهما كان دي بنتي وانا خايف عليها ولازم احميها، وهي اتعرضت لتجربة قاسية جداً وأنا مشفق عليها من اللي هتشوفه وتسمعه.. عشان كده بحاول اخلي بنتك ما تتعرضش لاي مضايقات من حد مهما كان مين؟ وبالذات في الوضع اللي هي فيه ده مش هتستحمل كلمه زياده من اي حد حتى لو بيقولها بهدف الشفقه .
❈-❈-❈
في منزل زكريا، كأن أنس و زوجته يشاهدون بصمت ما يحدث! حيث دفعها زكريا بقسـوة للخلف وهو يصرخ فيها بشراسة
= انتٍ اتتجننتي يا بنت يعني ايه تسيبي بيت جوزك من غير ما تقولي له ؟ عاوزه توقعينا مع الباشا وتخربي علينا .. هي كلمه واحده يلا علي بيتك دلوقتي
بكت بحرقة وشهقت بصراخ وهي تصيح بانكسار
= هو ده كل اللي فارق معاك ومش فارق معاك منظر بنتك؟ ما ترحموني بقى انا تعبت منكم ومنه، من الاول وانت عارف كويس ان انا مش موافقة على الجوازه دي؟ وغصبت عليا ولما كنت بتيجي تزورني انت ولا هما كنت بتشوف منظري عامل ازاي من ضربه فيا وما كانش حد منكم بيفتح بقه بكلمه واحده ويسالني مالي ولا عامله ايه؟؟ وكل ده عشان مصلحتكم طبعاً ..
أغمض زكريا عينيه القاسيتين بغضب مكتوم وهو يستمع إليها، لتضيف بنبرة أشـد قوة و بصلابة وعيناها تكاد تبرزان من محجريهما
= يبقى افكر في مصلحتكم ليه لما انتم مش بتفكروا فيا؟ و كل اللي هممكم نفسكم وبس، بيعتني يابا وقبض تمني مش كده؟ وخدت ١٠٠ الف جنيه قصاد ما رميت بنتك لواحد زيه يعمل ما بداله فيا من ضرب و اهانه كل يوم ..
وانت يا أنس اتفقت مع مراتك تتهمني في شرفي عشان ابوك يوافق يجوزني لي مش كده؟ رميت ودنك لمراتك وبعت اختك عشان الفلوس! وانتٍ يا حسناء جايه لي البيت و عاوزاني اطلب من زاهر يجيبلك شقه وسكن كويس تقعدي فيه انتٍ وجوزك وعيالك مرتاحين .
جحظ أنس بعينيه في صدمة وهو يستمع بذهـول إلي كلمات أخته بعد ان نهض من مقعده مفزوعاً كان يخشى أن يصدق والده كلامها حتى لا يعرف أنه يعرف منذ البداية، لكن زكريا صمت ولم يعلق على اي كلمه من كلماتها بينما حسناء كانت تراقب رده فعله بشك .. أطلقت مهرة لنفسها العنان لتخرج ما في صدرها ، وبكت بحرقــة أشد وهي تصرخ بإنفعال
= ومش مهم انا !! في داهيه هنفكر فيها ليه اصلا ؟ كلبه ولا تسوى هي بتحس ولا ليها راي عيله صغيره نقول لها يمين تقول حاضر نقول لها شمال تنفذ من غير حرف، مش هيجيلنا من وراها فلوس وهنعرف نامن مستقبلنا ونخلص من الفقر اللي نحس جدتنا .. عمالين تتعاملوا معايا كاني سلعه تبعوها للي يدفع اكتر وكاني مش بني ادمه ولحم زيكم .؟؟ يا ريتني أموت وأرتاح من ده كله .. يا رب خدني ، يــا رب
لم شعر أحدهم بتأنيب الضمير قليلاً حتي، ولا بأدنى قدر من الندم ، لأن قلوبهم قاسية بالفعل بلا رحم، ثم إبتلعت مهرة ريقها في حلقها الجاف ، واضافت بصوت لاهث قائلة
= مش هرجعله سامعين!! خلاص قلبي قسى عليكوا زي ما قسيتوا عليا ومش هفكر فيكم زي ما بتفكروا في مصلحتكم بس ! واعملوا ما بدلكم فيا بس ما حدش هيغصبني ارجعله ؟؟ هتعملوا إيه يعني اكتر من اللي عملتوا؟ سبق و اتهمتوني بشرفي! وانت ضربتني يابا و حرمتني من الدراسه! وهو كمل عليا .. يعني مش هتعملوا حاجه زياده اكتر من اللي عملتوا فيا زمان، خلاص جسمي نحس من القسوة
❈-❈-❈
ثبتت الطبيبة الواقفة إلى جوار فراش طه الإبرة الطبية في كف يده لينتقل المحلول لجسده، وتابعت بعينيها إنتظام وميض ضربات القلب على شاشة الجهاز الملاصق للفراش ..
بينما وقفت وفاء أمام أخيها وهي غير مستوعبة الحالة الذي وصل إليها بسبب زاهر زوجها كادت أن تخسرة.. إبتلعت ريقها بصعوبة وهي ترى أثار قبضتيه عليه ، وما سببه له من كدمات زرقاء بدت واضحة للعيان في وجه بالإضافة إلى رأسه الملفوفة بالشاش الأبيض حمدت الله كثيره أن الإصابة لم تكن خطيرة، فقط أصابه بسيطة برأسه مع الخدوش البارزة في عنقه انهت الطبيبة عملها ورحلت لتقترب وفاء منه بخطوات بسيطة وهي تنظر إليه بقلق شديد هاتفه
= طمني يا طه بقيت عامل ايه دلوقتي؟ بخير يا اخويا حاسس بحاجه بتوجعك اطلب لك الدكتوره تاني
رد عليها أخيها بنبرة فاترة وهو يشيح بوجهه للناحية الأخـرى
= سالتيني اكتر من مره وقلت لك كويس يا وفاء، لو عاوزه تريحيني بجد بطلي كل شويه تروحي للكلب زاهر وتتحايلي عليه يبعد عني ايه للدرجه دي شايفاني مش راجل مش عارف اجيبلك حقك
حدقت بعينيه قليلا بحب واضح، ثم أردفت برجاء وقلة حيلة
= معاش ولا كان إللي يقول عليك كده ده انت راجل وسيدي الرجاله غصب عن اي حد، هو انت مفكر هتبقى راجل في نظري لما اشوفك بتضحي بنفسك عشاني وتموت..انت سندي و رجلي في الدنيا يا طه كفايه انك واقف جنبي وبتسددني في كل خطوه بخطيها وعمرك ما زهقت مني وقلتلي منك لجوزك انا تعبت من عمايله.. كفايه ان كل مره بتثبتلي انك السند الحقيقي ليا في الدنيا ومهما كان بيعرض عليك زاهر من الفلوس عشان يزغلل عينك وتبيعني كنت بترفض وتقول لي لا دي اختي عاوزاني ابيعهالك دي ولا بكنوز الدنيا كلها .
أخفض رأسه بقله حيلة وضعف ليقول بصوت حزين
= كان نفسي اجيبلك حقك واطلقك منه عشان ما يرضيش ربنا انك تضيعي عمرك كله
وانتٍ على ذمه واحد زيه وهو يتجوز ويطلق على مزاجه وسايبك كده.. وبعدين طول ما انتٍ على ذمته وهو عمال يذل فيكي كده بحس اني مش راجل عشان مش عارف اخلصك منه يا وفاء ، ده انتٍ اختي الكبيره و وياما عملتي عشاني كتير وانا مش قادر اساعدك واخليكي تعيشي حياتك زي اي واحده حتى.
تألمت كثيراً من كلماته و ملامحه الحزينه التي تشعرة بالضعف دوماً، ثم تنهدت بعمق وحاولت أن تبدو هادئة وهي تجيبه بصوت ثابت
= بس يا طه ما تقولش الكلام ده تاني وقلت لك انت في نظري احسن من اي راجل شفته في حياتي ده اخويا وابني وسندي في الدنيا، وانا راضيه بنصيبي خلاص وبعدين فكرك حتى لو طلقني هعرف اتجوز واعيش حياتي وانا مش بخلف! اخري هتجوز واحد ارمل عشان اربيله عياله ويا عالم العيال هتقبلوني زي امهم ولا لاء؟ ولا هو احتمال يكون متجوزني لغرض واحد بس عشان اكون خدامه لي ولي عياله.. يعني برضه مش هعيش مرتاحه، عشان العيب مش في زاهر وبس يا طه .. العيب فيا انا !؟.
نظر لها بضيق قائلاً بصوت جــاد بعد أن اعتدلت في جلسته بتعب
= هو فين العيب ده؟ انتٍ ليه محسساني أن قرار الخلفه بايدك وانتٍ اللي منعاه ده قدرك ونصيبك و إللي ربنا رايده يعني ولا انا ولا انتٍ ولا اي حد في الدنيا يقدر يغير مشيئه ربنا.. اوعي تشوفي تاني مره نفسك ناقصه ولا فيكي عيب و اللي يقول لك كده هو اللي ناقص.. وبعدين على اساس اني زاهر كان هيموت على الخلفه هو كمان ، اللي زيه عاوز يذل في الخلق وخلاص ده أنا عمري ما شفته في مرة هيموت على الخلفه ذيك كده؟ ولا فتح معاكي الموضوع ولا حتي بيتجوز ويطلق عشان عاوز عيال .. عشان اللي زيه مش قد المسؤوليه ولا بيتجوز عشان غرضه الخلفه .
صمتت للحظات وهي تتذكر طيف تلك الصغيرة "مهرة" وكيف سقطت بلا حول ولا قوه بين احضانها بروحها الضعيفة فحتي رائحتها مازالت تعبئ جسدها و تذكرها بأنفاسها اللاهثه الأخيرة التي التقطتها قبل أن تفقد الوعي، مـدت وفاء يدها لتمسك بكوب المياه الموضوعه فوق الطاولة لترتشف منه القليل بعد أن جف حلقها من فرط قلقها وإبتلعت ريقها وهي تتحدث قائلة بشرود
= مش انا لما رحتله المره دي لقيته متجوز عيله صغيره هي عندها 15 ولا 16 سنه .. لا وكمان طلعت حامل انا مش عارفه اللي زيه عنده قلب ازاي ذينا دي البنت قطعت قلبي يا طه شكلها صغير أوي ومش مستحمله اللي بيعمله فيها.. ازاي اهلها جالهم قلب يعملوا فيها كده ويجوزوها لواحد زيه
أجابها طه بتهكم وهو يشعر بالكراهية تجاه ذلك الحقير زاهر
= اللي زي ده توقعي منه اي حاجه! ده ما عندوش ضمير ولا رحمه .
وضعت وفاء كفيها على أنفها وتنهدت في إنهـاك ثم نظرت إلى طه بنظرات إحباط وأجابته بيأس
= طب زاهر وعارفاه طول عمره بيحب يذل اللي قدامه ويدوس على الخلق ويتباهى بالفلوس الكتير اللي معاه ودايما بيحب يشوف نفسه احسن من غيره ، انما اهل البنت الغلبانة دي غرضهم ايه من الجوازه؟ الفلوس برده! طب ومفكروش في بنتهم؟ ما بيسالوش عليها مش شايفين شكلها عامل ازاي؟ أنا مش قادره أصدق ان في ناس كده وممكن يعملوا في بنتهم كده.. ده انا لو ربنا كان رزقني وخلفت بنت زيها عمري ما كنت هفرط فيها لاي سبب من الأسباب حتى لو هشحت وهتحوج للناس بس ما فرطش في ضنايا أبدا لاي سبب مهما كان ؟. هما اكيد مش عارفين قيمه النعمه اللي في ايديهم عشان يعملوا فيها كده .
❈-❈-❈
في منزل زكريا، مالت حسناء بجسدها فوق الفراش بملامح مرتخيه بارتياح شديد.. ثم
سألها أنس بعدم فهم وهو يزم فمه الغليظ
= مالك فرحانه أوي كده ليه ان مهره حامل هتفرق معاكي في ايه ما انتٍ كنتي بتكرهيها ومش طايقاها عشان رفضت تساعدك، من امتى الحب اللي نزل عليكي مره واحده ده
إرتسم على ثغرها إبتسامة رضـا وهي تقترب منه، وقالت بتلهف
= مش كنت قلت لك أختك مش هتورث عشان جوازها عرفي من زاهر اهو جالك الوريث ! العيل اللي في بطنها ده هو اللي هيقش وهيخليها تورث غصب عن اي حد
لوي ثغره للجانب بضيق وقال بفظاظة
= ايوه انا قلت اكيد الحكايه فيها أن !!. بس يا عالم مين اللي هيورث التاني ، هو حد ضامن عمره يا حسناء مش ممكن هي اللي اجلها يجي قبليه ولا العيل ده يجرا له حاجه من قبل ما يجي علي الدنيا .
حدجته حسناء بنظرات أكثر سخطاً وإنزعجت من تشاؤمه، فقالت بقسوة
= ما تقعدش بقى تقفلها في وشي وبلاش احباط ده آخر امل لينا مش ناقصه.. اتفائل شويه يا اخي مش كده، المهم قول لي هو زاهر بتاعك ده لي قرايب كثير في عيلته ممكن يورثوا فيه
عقد حاجبيه بتفكير وقال بتذكر
= هو لي عيله كبيرة بس شبه مقطعينه ومش بيكلموا من عمايله اصل فاضحهم في العيله بجوازاته الكتير كل شويه وخصوصا اخر جوازه من مهرة لما عرفوا انه متجوز عيله صغيره اتخانقوا معاه جامد ، بس هو مهتمش ولا فارقين معاه وكمان هم مستورين ومعاهم اضعاف ما معاه، الخوف بس من مراته الأولي اللي لسه على ذمته دي اكيد هتورث، وكمان هو متجوزها رسمي
إنتفضت حسناء بغضب شديد لتهتف بنبرة حاقدة
= نعم هي الوليه دي لسه على ذمته بعد اللي عملته فيه؟ هو ما عندوش دم ولا هي ما ترفع عليه قضيه وتريح نفسها وتريحينا، كده هتورث مع البنت .. هي الحكاية ناقصة
مال زوجها بجذعه و أخبرها بتوضيح
= هي لو عليها مش طايقاه، ده هو اللي متمسك بيها بالعند، و هي ياما اتخنقت معاه ورفعت عليه قضيه خلع كمان لولا خوفها على اخوها منه اتنازلت على اخر لحظه..و اخر خناقه كانت مع اخوها لما جالو المحل عشان يطلقها وبرده عند وما رضاش يطلق! و زاهر متمسك بيها مش حبا فيها يعني، هو عشان بس هي الست الوحيده اللي قالت له لا، فعاوز يكسرها.. بس الحمد لله اللي اعرفه انها مش بتخلف عشان ما تورث هي وعيالها كمان، وبعدين انتٍ ناسيه دلوقتي ان مهره عندنا فكرك زاهر هيسكت ده هيقلب الدنيا لما يعرف انها موجوده هنا ومش هيسكت
حدقت زوجها بابتسامة قناص ينصب شباكه و يحبُكها جيداً حتي لا يذهب مخططها في مهب الريح هذه المرة مثل المرة السابقه وتجلس تبكي على الاطلال، ثم أبتسمت قائلة بمكر ذئب
= أختك مقدوره عليها كده أو كده هترجع يعني هترجع حتي لو بالغصب! اذا كانت من ناحيه ابوك او من ناحيته هو ، المهم تولد بس اختك بالسلامه ويا سلام لو جابت الواد عشان يقش فلوس اكتر من مراته الأولى ؟ وبعد كده هنشوف مين هيورث مين! مقدوره عليها بعدين .
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع.
جلس عابد علي معقد السفرة الصغيرة وهو يقلب بالطعام بلا شهية ويفكر في حال ابنته فريدة بحزن، وكان ينتظر خروج زوجته و ابنته لتناول الطعام معه لكنها تاخرت بالداخل، وبعد ثواني لجت للخــارج أخيرا بمفردها؟ مط عابد شفتيه في إهتمام وهو يغمغم بإيجاز
= برده مش عاوزه تيجي تاكل معانا وبعدين يعني اخره الوضع ده ايه ؟
تنحنحت خيرية بصوت خافت قبل أن تجيبه بحزن شديد
= قالتلي وقت ما اجوع هاكل لوحدي ومش مستنيه اهتمامكم ولا حد يقول لي.. قلبي واجعني على البنت دي اوي يا عابد نصيبها من الدنيا قليل وحظها وحش اوي .. هتلاقيها منين ولا منين يا عيني! بالأول خطيبها اللي كانت بتحبه و اتخلى عنها بسهولة و الحيوان إللي اغتصبها وبدل ما نقف جنبها جوزنها لي وفي النهايه خسرت ابنها ومش هتبقى ام ثاني، يرضي مين بس اللي بيحصل ده
تنهد عابد بضيق شديد وقال
= هنعمل ايه ادي الله وادي حكمته، ادعيلها وخليها الايام دي براحتها بلاش نضغط عليها اللي شافته برده مش قليل
نظرت له بحدة بعد أن رفعت حاجبها للأعلى في إستنكار ، وأجابته بغضب
= طب وبعد الأيام دي ما تعدي هنفضل كده مش بنعمل حاجه والكلب حسام مختفي ولا حد بيرد عليك من اهله؟ طبعا مش حصل اللي هم عاوزينه وابنهم طلع براءه .. حسبي الله ونعم الوكيل ربنا ينتقم منهم دنيا واخره، بنتك لازم ما تفضلش على ذمته ولا لحظه واحده بعد كدة .
أشـار لها بالجلوس على مقعد السفرة ، وأردف عابد قائلا باضطراب
= طب اقعدي كلي وبلاش تقولي الكلام ده قدام بنتك وهي في الحاله دي، برده بلاش تيجي مننا واحنا إللي نخرب بيتها بنفسنا.. وما تنسيش ان الوضع دلوقتي اتغير وبنتك لو اتطلقت بعد شهور من جوازها وهي مش بتخلف الناس مش هترحمها .
❈-❈-❈
أنعشت تسنيم جسدها بالماء الدافئ كي تزيل عنها أعباء اليوم.. فاليوم كان لديها جلسة بالمحكمة وانتهت لصالحها ثم ذهبت بعدها لأنها أرادت الراحه بالمنزل، انتصبت بجسدها تلف الروب حولها وهي واقفة أمام المرآة بالمرحاض مغمضة لعينيها ومكورة لأصابع قبضة يدها اليمنى ثم فتحت عينيها ببطئ و حركت يدها الباردة لتمسح البخار من فوق الزجاج وبشدة حدقت في قسمات وجهها وبشرتها البيضاء الناعمه، وهي في حالة تعب لا تحسد عليها، عصرت عقلها بشدة لتصل إلى تفكيرها في سالم !.
كانت مستنكرة تفكيرها فيه، كيف لشخص مثله أن يتودد لها وهو لا يملك أي شيء لتقدمه لها؟ لكنها لا تنكر أنها شعرت بتأثيره القوي عليها و باستجابة خلاياها لفيض المشاعر ومع ذلك ظل صدى صوته العذب يرن في أذنيها كالطنين، وفجأة كأنها أصابت بماس كهربائي صعقها لتنظر لنفسها بنظرات إستنكار وهي تعاتبها بشدة
= لأ لأ لأ، ايه الهبل ده ما لقيتش الا ده مشاعري تتحرك ليه؟ أهو ده بالذات ما ينفعنيش خالص بقى انا فسخت الخطوبه بتاعتي اكتر من ثلاث مرات عشان كنت دايما بحس أن انا و اللي مرتبطه بيه مش متفاهمين مع بعض في اي حاجه ودايما احتياجاتنا عكس بعض.. وعمر ما حد منهم فهم انا عاوزه ايه؟
تفاجأت من حالة العصبية التي سيطرت عليها دون سابق إنذار، و تنهدت مستاءً وهي تفرك مؤخرة رأسها في حيرة، ثم أرجعت ظهرها للخلف وزفـرت مجدداً في ضيق وتابعت باعتراض شديد
= اقوم احب واحد كل إللي يفرق معاه في الجواز واحده تربي له بنته وبس .. لا العلاقه دي ما تنفعش ده احنا ما فيش يومين بيعدوا في الشركه الا ما نتخانق مع بعض بسبب سوء ظنه
لتصمت فجاه وتركت صوت قلبها ينساب إلى داخل خلايا عقلها بتمهل، في حين ارتجف بدنها من قوة مشاعرها وهي تفكر به؟ فكان التفكير بملامحة يروي عطش قلبها حقا، توترت أنفاسها فبدأ صوتها غريب عليها وهي تتحدث قائله
= بس انا اقتنعت اني مش لازم اللي هرتبط بيه يكون شبهي أكيد لازم نكون عكس بعض في حاجات ، وهو كان بيعتذر على طول اول ما يحس انه غلط ودي حاجه تحسبله يعني، وجايز خناقنا مع بعض لاننا لسه ما نعرفش بعض كويس
عبست بوجهها ، وقطبت جبينها وهي تتحدث مع نفسها بضجر
= هو انا قاعده ببرر ايه وليه؟ ما ينفعش يا تسنيم انتٍ خدتي عهد على نفسك انك مش هتكملي في علاقه حاسه انها هتتعبك و هتستنزف من وقتك وعمرك ومجهودك كثير علي الفاضي، و انتٍ بتدوري على الراحه مش العذاب .. بالظبط كده ولو في حاجه من مشاعرك ناحيته لازم توقفيها من البدايه دلوقتي اريح ليكي وليه .
نفخت مغمغمة مع نفسها بكلمات متبرمة
= وبعدين انا عماله اتكلم كانه كان طلبني للجواز ده كان مجرد تلميح على الموضوع مش اكتر وجايز كان بيتكلم عادي وما يقصدش حاجه! هو كده أكيد .
❈-❈-❈
في الصباح تحاملت فريدة على نفسها لتنهض قبل أن يستيقظ من بالمنزل لتذهب و تعود، لتبدأ في ارتداء ملابسها بسرعه وهي عازمة على عدم العودة لهذا المنحط الذى لا يرى من زواجه منها إلا حقه فيها .. كان يصر عقلها على جلدها برؤيتها تحت اقدام حسام هذا الخسيس، مترنحة بين صفعات تتقاذف بدنها مخلفة أثره الكريه فوق كل ملامحها .. تعلم أن زواجها منه ابتلاء و اختبار بالتأكد .
لكن لا تريد إختبارات أخرى, لا تريد أن ثبت شيئاً, لا لنفسها و لا للآخرين كل ما تريده هو بعض الراحة.. لملمت شتات نفسها بعد وقت لم تحصيه لتخرج من الغرفة التى أصبحت جدرانها تشعرها بالاختناق، لتفتح الباب ببطئ وتخرج بخطوات بسيطة في اتجاهها إلي شركة سالم.
محاولة أخيرة لن تضر هذا حق نفسها عليها .
ستنفض هذا اليأس الذى كاد يتمكن من روحها ليزهقها ستفعل هذا لأجل نفسها.. نفسها فقط .
بعد فترة . رفعت تسنيم عينيها عن الأوراق لتنظر بفزع فور رؤيتها رباط طبى يحيط رأسها واخر يضم ذراعها الذى تعلق إلى رقبتها.. وبعض الخدوش بوجهها واضحه و ملامحها شاحبة للغاية لتتساءل بعدم تصديق
= فريده!! ايه ده انتٍ مالك ؟ ايه اللي في وشك ده و مال ذراعك انتٍ كويسه؟
تقدمت بتثاقل وراءه تلك الألام التى تنخر بدنها وتحركت عدة خطوات وما إن وقفت أمامها حتى تحدثت بيأس وحسرة
= لا مش كويسه و اللي حصل لي ده بسبب حسام اللي مفروض جوزي! واللي اغتصبني برده في يوم من الأيام واللي انا رفعت عليه قضيه واتنازلت بنفسي بسبب الضغط اللي اتعرضتله من كل اللي حواليا .. انتٍ كنتي صح لما قلتلي الجوازه دي مش هتكمل وهتنتهي بطريقه ماساويه مش هتحبيها خالص ولا هتكون لصالحك ، انتٍ كنتي صح انتٍ واي حد نصحني ما تنازلش ولما طلبتي مني اكمل وبلاش اتسرع في قرار ذي ده .
نظرت تسنيم نحوها بتأثر ولم تجد كلمات مناسبة للتحدث إليها، فالجميع إما يعاقبها لضياع شرفها أو يحاول أن يستغلها لنفس السبب والذى لم تختره ولم يكن لها حيلة تجاهه، أصبحت حملا وعبئا يسعى الجميع للتنصل منه وتحميله غيره لكنها عزمت أمرها ، لن تصير عبئا مجدداً أو تترك فرصه للآخرين يستغلون ضعفها، لتأتى كلمات فريدة نصال حادة تمزق القلوب
= عارفه مفيش ألـم في الدنيا أصعب من الإحساس بالندم، إحساس مُر.. كئيب.. بيسقط جوة الانسان زي مايكون حجر تقيل بيُخنق أي فرحة أو أمل.. كل أحلامي القديمة بقت أشباح سـودا قدامي ملازماني ليل مع نهار .. بفتكر لحظاتي الحلوة مع عائلتي زمان بتـعذب أكتر.. بصـرخ في نفسي وأقول أنا اللي ضيعتها .. بفتكر براءتي و احلامي البسيطه بحس إن في صدري شيء بيلهب أنفاسي ويحولها لصهد .. نـار تلـسع ما تحرقش.. أنا آسيت في الدنيا دي علي نفسي؟
رفعت فريدة رأسها تحاول التبسم لتفشل و تتسارع كل الألام تتقاتل فوق ملامحها المجهدة لتبكي علي لما وصلت إليه بلا ذنب أو خطيئة وهي تضيف من الحزن كلمات
= أتمنيت في يوم أنسي اللي حصل.. أتمنيت في يوم أصحى ألاقي نفسي أتجوزت اللي كنت بحبه وحققت كل أحلامي و ان كل اللي فات كأن مجرد حلم.. وهم ما لوش اثر.. لكن حتى الأمل ده مش قادره اتخيلة! عشان هفوق علي واقع حياتي المسيء
شعرت بألم بدنها و بإرتجاف قلبها خوفا من القادم ومن غيره، فقد رأت بعينيها ألما لا يتحمله بشر لذا كان عليها أن تضع حدا لحياتها البائسة فمنذ زواجها من حسام وبداية سلسال التنازل من قبلها والاستغلال من قبله، ثم تخاذل أبيها فى البداية و والدتها حدثتها مرارا على الصبر والتحمل فهي عبء ثقيل عليهما وكان يجب التخلص منه لأجل مصلحتهم وها هى الان أصبحت بلا دعم! بلا ملجأ! بلا حماية، رمشت عينيها بخمول مبعثه الألم النفسى وهي تتابع حديثها قائلة بنبرة منكسرة و تذرف عبراتها
= انا غلطت واستاهل أي حاجة تحصلي بعد كدة ، صح هو غلطي انا عشان اتنزلت عن حقي .. انا اسفه لنفسي اني في يوم قبلت وضع انا مش عايزاه عشان كان عندي امل انه يتغير واخد عليه بعدين، بس محصلش انا اسفه لنفسي اني اجبرتها في يوم تعمل حاجه مش عايزاها ، عشان ترضي ناس هما مش في دماغهم اني اجاي علي نفسي عشان أرضيهم، انا اسفه لنفسي اني مخلتهاش تعمل اللي هيا عايزاه ومش مهم اي حد! ذي ما غيري عمل
رأت فريدة اللوم بنظرات تسنيم قبل أن تسمعها فى كلماتها
= انتٍ جايه ليه دلوقتي يا فريده عشان تقولي لي ان انا كنت صح وانتٍ اللي غلط وانك ندمانه انك اتنازلتي عن حقك! يبقى ما كنتش في داعي تتعبي نفسك وتاجي لان انا ما كنتش مستنيه منك الكلمتين دول؟ كده او كده كنت واثقه من النتيجه في الاخر بس المهم انتٍ تكوني اتعلمتيها .. وانا مش هكون مبسوطه باللي انتٍ وصلتي له اكيد ولا هقف في وسط الشركه واكون فخوره وافضل اردد انا كنت صح؟؟ وانتٍ تستاهلي عشان تتعلمي بعد كده تسمعي كلامي.. انا مش مبسوطه باللي انتٍ وصلتي له دلوقتي وانا شايفه منظرك ده قدامي، بس حزينه عليكي لكن مش بايدي حاجه اعملها لك خلاص انتٍ اتنازلتي واتجوزتي وكله حصل بموافقتك؟ متوقعه مني ايه دلوقتي ارفعلك القضيه تاني ؟؟
لوت شفتيها بحزن شديد وهي تقول بقله حيلة
= ما بقاش ينفع يا فريده خلاص! ندمك مش هيفيد بحاجه اللي راح مش بيرجع .. وما فيش قانون هيقف حتي جنبك بعد ما بقى جوزك .. يعني بالنسبه لقضية الاغتصاب بعد ما كان ليكي حق فيها اصبحت دلوقتي ولا ليها اي وجود بسبب جوازك منه .
اخفضت عينيها بعيداً عنها وظهرت خيبة الأمل فوق ملامحها وهي تضيف
= انتٍ كان ممكن من الأول تدوري على مساعدة بعيد عن اهلك او حتى انتٍ ذات نفسك اللي تساعدي حالك وتخلصي روحك من تحكم الجميع بس انتٍ كمان كنتي بتسكتى
محقه لا تستطيع الإنكار، هي كانت الجانى الأول في حياتها، لكن لم يبدو عليها الاستسلام وهي تجيب عليها بخيبة أمل كبيرة
= عارفه كل ده، عارفه ان انا السبب وانا اللي اتنازلت انتٍ معاكي حق، انا اللي ضيعت حقي بايدي.. ما كانش ينفع اوصل نفسي للنتيجه دي.. حتى مهما اتعرضت من كم ضغوطات ما كانش ينفع اعمل كده .. بس انا عملت كده للأسف
زادت دموعها لتخفى وجهها بإحراج وتوهجت بوميض غريب وإبتلعت ريقها وهي تقـــاوم سيطرة بكائها المريرة وتتابع بانكسار
= انا كل اللي عملته ان انا اديته رخصه أنه يغتصبني تاني؟ بس المرة دي في الحلال !.
ظلت تسنيم تحملق بها دون إجابة وكأنها لم تستوعب ما سمعته للتو، كما من مصائب و خسائر كبيرة صارت معها ليست هنيئه مطلقاً
وبعد فترة هتفت بنبرة مهزوزة
= هو اغتصبك تاني بعد جوزك منه! عشان كده عمل فيكي كده
صمتت فريدة كأنها تبحث عن إجابة داخلها رغم المعرفة لكنها الحقيقة المرة ثم مالبثت أن تحركت نحوها قالت بثبات زائف
= اه عملها تاني ويا ريتها جت على كده وبس؟ انا ابني مات ومش كده وبس انا شلت الرحم بسبب الضرب اللي ضربهلي، يعني حرمني كمان من أني ابقى أم في يوم من الأيام .!
نظرت لها تسنيم بفزع وصدمة ، ولم تدرك أن دموعها سقطت بلا وعي وهي تستمتع الي معاناتها وشهقت بعدم استيعاب عندما أخبرتها عن أمر استئصال رحمها ...
كان حديثها مشوشا متداخل الأحداث بين صدمتها وسقوط الاقنعه الزائف عن وجه من حولها ثم استسلامهم فالجميع تركها تتلوى ألما بسياط ألسنة المجتمع .. وحديث أبيها الدائم عن ضرورة الزواج بذلك الشخص لتصمت لسان الآخرين مقابل تقديم بعض التنازلات نظرا لظروفها التى يراها مخزية ومدعاة للتضحية ، لم يخبرها أحد بهذا صراحة لكن اخبروها أعينهم .. لذلك كان الطرق سينقطع مهما طال الزمن، تنهدت بإختناق وهي تبكي و تتابع حديثها قائلة
= أنا جبانة والجبان اللي زيي يستاهل كل
اللي يحصله يستاهل أن الناس يستضعفوا وتقلل منه وتتحكم فيه طول ما هو سامح ليهم بكدة .. حتى اهلي سكوتهم المستمر لسه حاسه انهم مش هيساندوني وهيتخلوا عني لثاني مره؟ المشكله أن فجاه الكل بيبقي مثالي لغايه ما يتحط في الموقف ، محدش بيفكر فيا
صحيح الكل حكيم مادامت القصة ليست قصته، ردت عليها متحدثه بيأس
= مين اللي يفكر و مين اللي يقول؟! احنا للاسف بنعيش في مجتمع بيطلق اكتر ما بيتجوز بسبب ناس مش عارفه الجواز و لا فاهماه و أهالي كل تصرفاتهم تؤدي الي الخراب يعني جيل مش فاهم و الجيل اللي رباه عايز يخربها بسبب امراضه النفسية او انه معقد .. فريده انا ما فهمتش برده انتٍ جايه لي هنا ليه؟ ايه مستنياني اساعدك محدش يقدر يساعدك إلا نفسك صدقيني
إجابتها علي الفور دون تفكير للحظة واحدة
= انا عاوزه اجيب حقي! عاوزه اجيب حق ابني والاهانه اللي اخذتها منه طول فتره جوازي منه.. وعاوزه اطلق منه مش عاوزه اكمل معاه مش طايقاه ولا طايقه اسمع سيرته
تنهدت بإحباط وهي تجيبها قائلة
= عاوزه ترفعي قضيه تاني عشان ترجعي تتنازلي عنها وتنسحبي في اخر لحظه انتٍ لسه قايلاها بلسانك مش متاكده ان اهلك هيقفوا جنبك ويسندوكي المرة دي كمان ، انا اسفه يا فريده مش هقدر امسك قضيتك المره دي عشان هتيجي في الاخر تبعدي وما تكمليش مشوارك
بدأت تتوسل بعينها و صوتها، شعور الوحدة بذلك العالم وسط أشخاص سيئة صعب حقا و نسبة الأمل ليست كبيرة فما حدث معها لم يمر عليها مرور الكرام دون أن يترك أثرا داخلها مشوه، صحيح لديها عائله لكن اين هم؟ ها هي وحدها تماماً تطلب المساعدة حرجا ، تطلب الدعم فضلا، و تطلب الراحة ألما
= لا والله العظيم انا حرمت و المره دي صدقيني مش هعملها تاني، خدي عهد مني ولا ضمان لو عاوزه ؟ المره دي بموتي لو فكرت اضيع حقي تاني بايدي .. صدقيني يا استاذه تسنيم انا والله ما هتنزل المره دي عن حقي وحق ابني.. انا جوايا حرقه قلب مش قادرة اسيطر عليها من ساعه اللي حصل لي ومش هتنطفي إلا لما اشوف الحيوان ده في السجن مرمي وحقي جايبه منه
صمتت تفكر باهتمام، ثم هتفت تسنيم بنبرة لوم مقصودة
= عاوزة تسجنى جوزك؟ ولا المحضر هيكون وسيلة ضغط علشان يطلق بس! في ناس بتعمل كده في القضايا دي بتترفع بس عشان تكون وسيله ضغط للانفصال
نظرت لها بعينيها الحمراوتين و إزداد بريق عيني فريدة وهي تنطق بصوت شبه مختنق
= لا طبعاً عاوزه احاسبه على كل حاجه عملها
فيا انا ليله فرحي اغتصبني تاني وضربني واهني، ما عرفتش اشتكي لمين واهلي ذات نفسهم اللي سابوني لي، عشان كده سكت والنتيجه كانت في الآخر ان انا خسرت ابني وخسرت اني ابقي أم
لتبحث تسنيم بعينيها بين قسماتها عن التردد والتراجع فتجد بعض الألم بعينيها بينما قالت هي بجدية واضحة
= فريده لازم تكوني عارفه ان الطريق هيكون طويل وحقك مش بالساهل هيجيلك، اعتبري نفسك في حرب فعلا ؟ حرب ضد اهلك وضد المجتمع والناس والعالم كله.. انتٍ هتطمنى نفسك لما تحسى انك قادرة تاخدى حقك
تهلل وجهها الشاحب دليلا على مدى المعاناة
وهي تقول بمرارة
= انا مش عاوزة اعيش الإحساس ده تاني ،
نفسه، ريحته ، لمسته كل حاجة بتكسر جوايا ،
تعرفي القهر؟ مش عاوزة اعيش القهر ثانی
تنهدت تسنيم بقوة واقتربت تربت على كتفها بدعم قائله
= متزعليش لو اتوجعتي ، ما انتٍ كان لازم تتوجعى علشان تقدرى تكملى حياتك بعد كده ، وتعرفى ان الحياة مينفعش تتعاش بقلب الطفله اللى جواكى اللي بترضي غيرها علي حساب نفسها
كان قلب فريدة يخفق بشدة وهي تتخيل الأســوأ فـهي بالاساس جاءت إلي هنا دون علم أهلها.. بينما تابعت الأخري بصوت هادئ
= إحنا هنعمل محضر تعدى بالضرب وعاوزين تقرير طبى يعنى تحويل المستشفى، هتروحي تكشفي فى المستشفى وتعملي تقرير طبى بمدى الإصابة ومدة العلاج .. فى الحالة دى ضرورى يكون علاج اكتر من واحد وعشرين يوم .. و انتٍ آآ بتقولي انك شالتي الرحم يعني في عمليه اتعملت والاصابه كانت كبيره و ده هيكون لي صالحنا .
لأول مرة منذ زمن طويل تشعر بنيران قلبها تخمد ببرودة سالمة، ارتفعت عينيها بلهفة بمشاعر تضارب على وجهها وهي تردف بتلهف
= انا عملت التقرير الطبي في المستشفى من اول ما فوقت، عشان كده جيتلك! عشان تمسكي القضيه انتٍ وتجيبي لي حقي .
حدقت تسنيم في نقطة من الفراغ أمامها وقالت مبتسمة بطريقة ذات مغزى
= تمام كويس جداً في تحسن أهو منك ، بس الأهم اللي هيحصل بعد كده .. فريدة للاسف فبعض القضايا بنحتاج زقه بسيطه كده؟ يعني يظهر الإعلام و الصحافة في الصور عشان يتحرك القضاء .. فاهمه قصدي ..!؟
❈-❈-❈
دخل زاهر لعمله بخطوات غاضبة وصفع باب المحل بحدة انتفض له بعض العاملين بالمحل المنتظرين حضوره ونظروا له بقلق، بينما تغيرت نظرته و آمر أحد العاملين
= روح هاتلي القهوه بتاعتي يا زفت وبسرعه
خلي حد يوصي لي على الشيشه .. بسرعه يلا انت هتقف تتفرج عليا كتير واياك تتاخر
تحرك بسرعه فرب عمله لا يبدو مستعدا لتكرار أمره بينما اقترب عدلي الذراع الأيمن الى السيد "زاهـر" وهو يحاول اللحاق به متسائلا بقلق
= مالك بس يا باشا هدي نفسك اللي معصبك، هو انت مش عرفت انها عند اهلها ما تروح تجيبها يا باشا وعلمها الأدب
جلس فوق المقعد ثم ضرب بيده بعنف على سطح المكتب وهو يهتف بإهتياج
= ليه قالوا ليك عني عيل برياله بجري ورا الحريم، ده هم اللي بيجروا ورايا و يتذللوا كمان وانا اللي اقول آه أو لا بمزاجي .. مش هتيجي على اخر الزمن عيله صغيره تعلمني الادب مش عاوزه تقعد عند اهلها في داهيه خليها هناك بقى لحد ما يجيلي مزاج اجيبها ، وتبقى تشوف اهلها هيصرفوا عليها ازاي بي العيل اللي في بطنها
أجابه عدلي بصوت مرتعد
= هدي نفسك يا باشا الأمور ما تتاخدش بالعصبيه واعمل اللي انت عاوزه وشايفه صح
ثم نظر له بإستغراب وردد متذكر وهو فاغر فمه
= بس انا في حاجه مستغربها هي ازاي حملت منك؟ هو مش كل جوازه كنت بتشرط علي الست اللي هتتجوزها تاخد حبوب منع الحمل واذا عصيتك وعملتها من وراك هتنزل العيل غصبا عنها عشان انت مش عاوز عيال .. تبقى اشمعنا مهره دي بالذات إللي حملت منك
وضع ساق فوق الأخري و رمقه بتكبر و تعالي ثم أردف
= عشان الوحيده اللي ما قلتلهاش على موضوع الحبوب تاخدها، و قلت عيله صغيره واكيد مش هتخلف مني في سنها الصغير ده وكمان مخها على قدها، لو كنت طلبت منها حاجه زي كده ولا كانت هتعملها وهتنسى بس اهو حصل وحملت !
وأحكم قبضتيه وأضاف بجموح بوجه شبه متجهم
= وانا مخلي العيل ده في بطنها بس بالعند في وفاء عشان الوحيده اللي حسيتها متضايقه منها دون عن كل الجوازات اللي فاتت ، تلاقيها غارت ان انا فضلت عليها عيلة صغيرة وحملت مني وهتجيبلي العيل اللي ما عرفتش تجيبه .
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية