-->

رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 9 - 1

 

 قراءة رواية بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية بدون ضمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل التاسع

الجزء الأول



في منزل أيمن، ساد صمت مشحون بين أيمن وليان وتطلع نحوها بنظراته النارية والغاضبة فيما بينهما.. في حين إرتمت هي على أقرب مقعد وهي تنتحب بصوت مرتفع ، ودفنت وجهها بين راحتي يدها بيأس من شكه. 


حرك زوجها يديه بعصبية وبنبرة شبه منفعلة هتف


= الزفت ده كان جاي البيت يعمل ايه قولي لي بالظبط ايه اللي حصل ما بينكم واياكي تكدبي 

يا ليان .. انا خلاص جبت اخري من الموضوع ده كل ما احاول اصفى من ناحيتك تطلع لي حاجة .


أبعدت ليان كفي يدها قليلاً عن وجهها ، و رفعت عينيها المنتفختين للأعلى وأجابت عليه بصوت مبحوح بيأس


= طب وانا ذنبي إيه؟ انا مالي؟ انا بعدت عنه وهو دلوقتي إللي بيجري ورايا، هو كان جاي عاوزنا نرجع زي زمان وأن أطلق منك زي ما هو طلق مراته عشاني، بس انا طردته ورفضت طبعا.. ايمن ما تخلينيش اندم ان انا بقول لك كل حاجه بصراحه انا كان ممكن اكذب من اول ما ماما سالتني قدامك، بس انا مش عايزه اخبي عنك حاجه تاني فعشان خاطري ما تخوفنيش منك .


تراجع للخلف برأسه، بسخرية مريرة وعدم تصديق ليردف بنبرته المعتادة بالشك 


= هو طلق مراته عشانك! هو انتم كنتم متفقين على الجواز ولا ايه؟ هو انتٍ ايه اللي كان ما بينكم بالضبط يا هانم، في حاجه تاني انا ما اعرفهاش ولا إيه؟ مش بعيد ما هي اللي تغلط غلطه زي كده مش هتفرق معاها حاجه..

انتٍ حبيتي!!؟. 


استشاطت نظراتها، وشعرت بغلي الدماء في عروقها من إهانته المستمرة وهمست ليان بنبرة مغلوب أمرها


= بطل كل شويه بقى تجرحني وتغلط فيا وانت عارف ان انا مضطر اسكت، مع أني انت السبب يا أيمن من الأول في كل دة؟ انت اللي وصلتني لكدة و كنت هتضيعني من ايدك بتصرفاتك دى ياما حاولت معاك و قولتلك اهتم بيا شوية..حطني في حساباتك.. قولی حتی كلمة حلوة


مشي خطوة للأمام ليقلص المسافة بينه وبين ليان هامسًا لها من بين أسنانه القاسية


= بطلي كل شويه تعلقي اخطائك عليا، و بعدين ما ردتيش على سؤالي انتٍ حبيتيه؟ معنى أن طلق مراته وساب حياته عشانك يعني بيحبك ومستعد يعمل اي حاجه عشان تكونوا مع بعض؟؟ وانتٍ ايه بقى مش بتبدليه نفس المشاعر 


نهضت أمامه و ابتلعت هي ريقها في توتر ، و وزعت نظرها له برجاء، تحاول أن تبدو متماسكة حينما أجابت عليه 


= ولله أبدا، يا أيمن افهمني انا كنت عمله زي القشة اللي بتغرق وبتتعلق في اي حاجه قدامها وهو كان بالنسبة لي طوق النجاه في الوقت ده، انا جاهز حبيت اهتمام ليا بس ما حبيتوش وما حبتش حد غيرك في حياتي


رمقها زوجها بنظراتٍ شرسة و قربها منه اكثر واخذها في حضنه بعنف شديد و قبضته يده بدأت تعتصر جسمها بقوة بعصبية و جنون و تملك، و هو غير قادر علي سماع أكثر من ذلك، 

انصدمت هي من حالته وشعرت بالخوف منه حينما بدأ هو يصرخ عالياً في وجهها بإنفعال


=اخرسي و إياكي تاني مره تقولي انك حبيتي اهتمامة دي ولا تفكري فيه، ومش مسموحلك حتي بكده بينك وبين نفسك فاهمة !!. 


ضغطت على شفتها السفلى بحرجٍ وخوف حينما فهمت حالته الآن، وأن اندلعت نيران الغيرة داخله، لتقول بصوت مرتجف 


= حاضر انا أسفه علي كل حاجة .


تطلع فيها بنظرات مريبة وهي قريبة منه هكذا

ثم داعب طرف أنفها بإصبعة ليمسح دمعتها من أعلي بشرتها الصافية، ونظر لها بأعين لامعة قبل أن يجذبها نحوه ليحضنها بحنو صادق... وضعف عاشق .


لكنها حاولت أن تبعد عنه، ومع دفعها له حتي لا يعود نادم بعد ذلك، حملها بين ذراعيه يسكتها بالطريقه التي يعلم سحرها.. حتي ارتخت وسكنت دفعاتها معه بل وضاعت في بحر عشقه المظلم .


❈-❈-❈


في الصباح الباكر، كان عابد يجلس فوق الطاوله المتواجدة بالصالة يحتسب الشاي بصمت وجانب منه يجلسون احفاده الصغار و كانت خيرية تصنع لهم السندوتشات ليتناولوها و ريهام كانت تنام بالداخل، وفي ذلك الأثناء خرجت فريدة وهي ترتدي ثيابها إستعاد للخروج، وبسرعه نظرت أمها لها وقالت بجدية


= انتٍ رايحه فين كده على الصبح


توترت قسمات فريدة واضطربت نظراتها نسبيًا، ثم ابتلعت ريقها مبررًا


= عاوزه اروح المستشفى اخد ورقي اللي هناك وحاجتي اللي سايباها وكمان عندي شهر لسه ما قبضتوش .. وبعدين هو انا هفضل محبوسه هنا ولا ايه؟ 


نظرت لها والدتها بحنق كبير قائله بصوت متجهم


= انتٍ بتستهبلي عاوزه تنزلي و تروحي المستشفى دي برجلك تاني والناس تشوفك و...


قاطعها عابد بصوته الخشن الحازم


= خيرية! خلاص سيبيها تنزل وتعمل اللي هي عاوزاه يمكن لما تنزل وتسمع كلام الناس بنفسها تعرف ان احنا معانا حق وقعدتها هنا عشان بنحميها من كلام الناس وهي مسمياها حبسه، منعت عنها حاجات كتير بنحاول نخليها ما تتعرضش ليها


عقدت حاجبيها بتعجب وتوتر من كلمات والدها الذي أضاف بنظراته لها بفتور، وهو يكمل بعدم اكتراث


= انزلي يا فريده محدش هيمنعك يلا اتفضلي الباب عندك .. بس ما تتاخريش 


ابتلعت ريقها بتوتر شديد ثم هزت راسها وتحركت لترحل، وبعد أن هبطت الدرج خطت بقدمها للمنطقة حيث كأن كل منهم مشغول بعمله وهذا اشعرها بالراحة وقبل أن تتحرك وجدت أحد السيدات جيرانها تتقدم إليها بفضول وبدأت تساءل بنبرة ذات مغزى 


= فريده عاش من شافك ازيك يا حبيبتي عامله ايه؟ انتٍ رايحه فين لوحدك كده، واهلك ازاي سايبينك تنزلي لوحدك بعد اللي حصل؟ 


بدأ البعض ينتبه إليها وينظرون نحوها بنظرات متراقبة باهتمام وفضول، وذلك جعلها تشعر بعدم الارتياح و الضيق، ونظرت لها باستنكار وردت بزفيرٍ مستاءٍ 


= نعم! يعني ايه نازله لوحدي عيله صغيره قدامك .. عن اذنك لو سمحت.


لكن الأخري لم تبتعد وحملت فمها ببسمة زائف وهي تضيف معلقة بسرعه بفضول


= استني يا فريدة طمنيني يا حبيبتي عملتوا ايه في القضيه، و صحيح اللي سمعناه ده انتٍ حامل!! قلبي عندك يا حبيبتي .


جزت علي أسنانها بغيظ من إصرارها خصوصا بعد تصريح تلك السيدة دون مراعاة بحالتها وكيف تسال عن شيء كذلك دون خجل، التفتت لترحل بتجاهل في حين وقع عيناها علي جارتها وصديقتها التي كانت تأتي فريدة لها كل فترة تتفحص حالتها الجسديه وتعطيها بعض الأدوية الازمه خلال فترة حملها، وقبل أن ترسم ابتسامه متوترة لها تفاجات بها تجذب ابنتها الصغيرة بحدة من ذراعها و رمقتها بفتور شديد


= يلا يا بنت مدي عشان ما تتاخريش على المدرسة، واقفه بتتفرجي على ايه يلا .. 


تألمت فريدة لذلك الموقف ! ونظرت إلى صديقتها بنظرات شبه معاتبة لكن الأخري رحلت دون اهتمام بها. 


ظلت بعض النساء ينظرون الى فريدة بفضول ودهشة حتي أن تحركت بصعوبة و رحلت، وهم ظلوا يتحدثون لبعض بالسوء عنها رغم ليس هناك دليل على ما يقولون، ونهاهن عن اخلاقها المعروفة بشهادة الجميع.. لكن ألسنتهن كانت الأسرع في نقل الأكاذيب عن كلتاهما.. وكعادة تنتشر بعض الشائعات بسرعه حول أن يوجد علاقة آثمة بين فريدة ومغتصبها من البدايه لذلك تجرأ وفعل ذلك معها.


بعد فترة وصلت إلى المستشفى التي حدث فيها حادث اغتصابها، إبتلعت ريقها في توجس بنظرات مرتعدة و تحاشت النظر إلي نفس المكان الذي تم الاعتداء عليها به، واستدارت إلي الداخل بسرعه وهي تحاول تجاهل تلك الغصه.. وحاولت أن تسيطر على نوبة الخوف التي إنتابتها عندما بدأت تعود إليها تفاصيل ذلك اليوم وعندما رايتها احد الممرضين قالت بدهشة واستنكار


= فريده انتٍ بتعملي ايه هنا؟ .


اغتاظت فريدة من أسلوب فضول الجميع في التعامل مع الموقف، وكأنه حياتها تعنيهم بشيء، فصاحت بحدة 


= هو في ايه كل ما حد يشوفني يقول لي بتعملي ايه ونازله ليه لوحدك ؟ هو انتم مديني نفسكم الحق تسالوا عن حياتي ليه؟ جاي اخد اوراقي والشهر اللي ما قبضتوش كفايه كده راضيتي فضولك ولا لسه عاوزه تسالي على حاجه ثانيه .


هتفت الأخري صارخة بانفعال متعمد وهي تلوح بذراعها في الهواء بحركات مستفزة


= هو ايه اصله ده براحه يا اختي علينا، كل ده عشان سالناكي براحتك .. البجاحه ليها ناسها صحيح ده اللي زيك المفروض تقعد في بيتها وما توريش وشها للناس بلا خيبه


تعجبت فريده من عصبيتها الغير مبرره بوجهها وكانها تريد ان تسمع الجميع، وبالفعل اقتربت احد الممرضات منها لتتساءل بدهشة


= ازيك يا فريدة عامله ايه! ما توقعناش نشوفك هنا تاني،هو انتٍ هترجعي تشتغلي ولا إيه . 


قبل أن تتحدث فريدة قاطعتها الأخري ودفعت الممرضة من يديها وهي تكركر ضاحكة لتثير أعصابها بطريقة مستفزة


=تشتغلي ازاي بعد اللي حصل لها هنا؟ انتٍ بتقولي ايه انتٍ كمان، للدرجه دي مش خايفه من اللي حصل يتكرر تاني ولحقت نسيت اللي حصل؟ الا بقى لو اللي سمعناه صح واللي حصل كان برضاها وهي جاية مش فارق معاها، صحيح تحت السواهي دواهي .


كادت أن تنفجر فيها فريدة فقد بدات ان تستوعب الأمر فهم يتعمدوا استفزازها معتقدين انهم مهما فعلوا لم تستطيع الرد عليهم، لكن قطع غضبها قدوم رئيسه التمريض وهي تهتف بصوت حازم 


= واقفين عندكم بتعملوا ايه يلا كل واحده على شغلها .. خير يا فريدة اتفضلي اقدر اساعدك بايه؟ 


هزت راسها الممرضة بعد مبالاة ثم أولتهما ظهرها وهي تبتسم بتشفٍ، بينما فريدة شعرت بأن نيرانها المستعرة قد اشتعلت أكثر فهي لم ترد إليها جزءًا مما تستحق، افاقت على نداء رئيسه التمريض مره ثانيه.. تنفست بعمق وهي تقول بصوت مبحوح


= ليا حاجات هنا ناسيها في اوضه التمريض وليا ورق وشهر ما قبضتوش .


هزت راسها بالايجابي وقالت لها بجدية 


= طب خليكي هنا ما تتحركيش وانا هبعت حد يجيبلك كل اللي انتٍ عاوزاه. 


لم تهتم كثيراً بكلماتها التي كانت توحي بانها لا يجب ان تسير في المستشفى بين الناس بعد الآن، و انتظرت حتى وضعت امامها كل اشياءها التي كانت جاءت اليها وقالت بلهجة شديدة


=اطمني على حاجتك انها كامله قبل ما تمشي 


شعرت فريده بالتعب قليلا ولم يكن لها مزاج للاطمنان على الاشياء الخاصة بها فكانت تريد الرحيل من هنا بسرعه، لذا اخذتها وبدات تتحرك للرحيل، لتتفاجا برئيسه التمريض تقف امامها ونظرت اليها فريده في حيره قبل أن تهتف الأخري بجدية تامة


= ابقي خلي بالك من نفسك يا فريدة يا بنتي، وحاولي بعد كده ما تتاخريش في شغلك ولا اي مكان رايحاه و يا ستي لو مش خايفه على نفسك خايفه على اهلك اللي زمانهم متمرمطين معاكي.. انا بنصحك عشان انتٍ زي بنتي واشتغلتي هنا معانا كثير وما شفتش منك حاجه وحشه وعارفه ان اللي حصل غلطه منك بس اديكي بتدفعي ثمنها عشان كده حرصي .


ارتعشت فريدة جسدها مفعمًا بثورتها الغاضبة أمام وجهها بعدم استيعاب و استشاطت غضبًا 

من الجميع فمن يظنوا أنفاسهم ليدخلوا فما لا يعينهم، لتقول بصوت بطيئ مستنكرة


= غلطه مني !. 


إهانة أخرى وأشد قسوة عن ذي قبل تلقتها فريدة لتقضي نهائيًا على سطوتها الزائفة، وعلى قوتها الوهمية أصبحت مثل البقايا عديمة الفائدة لا تصلح إلا للتخلص منها ولما بالأساس كل تلك المذلة العلنية، فهي بالفعل أصبحت فضيحة مدوية بكل المقاييس، وذلك كأن إعلان صريح منها عن انتهائها.. 


كاد قلبها أن يتوقف عن النبض من كلماتهم القاسية، كم رأت أن ذلك العالم صعب حقا مثل ما أخبرها الجميع فلم يعد يوجد رحمة ولا قلب بين البشر.. حاول الكثير أن يحذرها من قسوة العالم، و الأشخاص الحقودة والأنانية 

فبالرغم من التحذير المستمر من أسرتها لكنها لم تتوقع أن يكون الوضع كذلك أبدا .. لم تتوقع أن العالم لا يرحم الضعيف ولا يشفق على الضحية .


التفتت برأسها لتحدق بأعينها المشتعلة كمدًا وغيظًا، في أعين بعض الممرضات الذي كأنوا زملائها بالعمل، لتري أن ليس أمامها وسيلة متاحة غير الرحيل دون أن تدخل في شجار معهم وهي في موقف ضعف، ستتحمل رغمًا عنها تلك الإهانة حتى ترحل ولم تعود!


أسرعت بخطواتها للرحيل من هنا واذا استطاعت الرحيل من العالم كله أيضا ستفعل، بدأت دموعها بالهطول من عينيها بانكسار لم تهتم أن يظنها أحدهما أنها ضعيفة، فما مرت به ليس بالهين، لرؤيتهم على تلك الحالة السيئة.. اتجهت نحو الدرج هابطة عليه بتريث، وبعد برهة وصلت بسيارة التاكسي إلي منزلها و أسرعت بالنزول بعد أن أعطته النقود حتي لا تري أحد ويبدأ بالتساؤلات عن أحوالها وأحوال القضية دون حياء وبعدم اكتراث لـ معاناتها. 


لكن تأهبت حواسها حينما رأت من بعيد أسر يقف أمام منزله ومعه نرمين التي كانت تتابط بذراعه بتملك وهي تبتسم وتتحدث إليه، أخفضت عينيها بسرعه عنهم واطلقت أنفاسها الأخيرة بصعوبة بالغة بين طياتها فلما يخبئ لها القدر ما يمكنها تحمله، يكفي حقا التحمل والصبر لم يعد له مكان بحياتها .


أدارت رأسها في اتجاههم مرة أخرى لتنظر إليه وهو يستمع إلي نرمين خطيبته باهتمام وكم كانت هي سعيدة، لحظات مرت متأملة إياه بنظرات مرتبكة بألم، فأمسك أسر بها بعينيه في حين تحركت وحادت ببصرها بعيدًا عنه قبل أن يري دموعها المشتاقة.. و النادمه .


لاحظت خيريه عوده ابنتها مبكراً لتنظر لها باستغراب ثم تبدلت ملامح وجهها للقلق والتوتر، ونظرت ناحية وجهها الشاحب و دموعها المتساقطه ، لتسرع نحوها وقالت بخوف


= يا لهوي مالك انتٍ كويسه؟, حد اتعرضلك بتعيطي ليه ردي عليا انا حمل تعب اعصاب


بدأت تقص عليها ما حدث بين دموعها الحزينه بينما انزعجت قسمات وجه خيرية هاتفة بضيق ولوم 


= قلنالك ما صدقتنيش أهو احنا كل يوم في الهم ده، وبنسكت عشانك عرفتي بقى ان احنا مش قد اللي جاي 


نظرت لها بعينين حانقتين قبل أن تصيح بها بعصبيةٍ مفرطة فلم تعد تتحمل اكثر من ذلك 


= خلاص مش عاوزه مبررات للي بتعملوا ولا نصايح تعبت .. تعبت خلاص منكم ومن اللي بره ومن نفسي! خلاص عرفت ان انتوا اللي صح وانا اللي غلط؟ وعرفت كمان ان اللي زيي ما بيعرفش ياخد حقه في الدنيا دي، اقول لكم علي حاجه كمان هتريحكم من همي 


صمتت ثواني ونهج صدرها من قوة قهرها من هيئتها أهكذا تحول حالها في لحظات وحياتها إلى بقايا محطمة؟ وضعت يدها على فمها لتكتم شهقة صارخة من صدرها الملتاع تهدجت أنفاسها، وزادت لوعتها قبل أن تضيف بخيبة أمل كبيرة وضعف


= اعملوا اللي انتم عاوزينه وجوزوني من البني آدم ده وما بقتش عاوزه قضيه ولا عاوزه حقي .


انتبهت خيرية الي كلماتها بعدم تصديق وقالت 

بسرعه


= اهدي يا حبيبتي خلاص اللي عملتيه هو ده الصح، ابوكي هيفرح اوي لما يعرف أن الهم ده اتزاح من على قلوبنا كلنا .


وفي ذلك الأثناء خرجت ريهام بتعجب علي أصواتهم وعندما تساءلت عن الأمر أخبرتها والدتها بموافقة فريدة علي الزوج أخيراً بعد معاناة، ابتسمت ريهام بإبتسامة عريضة وهي تقول بلهفه شديد


= بجد! عين العقل يا فريدة يا حبيبتي ده الصح و اللي مفروض يحصل عشان مصلحتنا و مصلحتك انتٍ كمان طبعا.. ياااه أخيرا ربنا هداكي الحمدلله .


بينما فريدة كانت قالتها دون وعي لم تقصد ذلك مطلقاً، هتفت بها في لحظات يأس و ضعف حول ما رأته بالخارج وقبل، لكن لم يهتم أحد بذلك؟ وهي لم يطاوعها لسانها عن التراجع! وبدأ الآخرين مرتاحين و ينتفسون الصعداء بعد ذلك الخبر! 


بدأ قلبها يخفق بقوة، و تلاحقت نبضاتها بسرعة كبيرة ترقبت وجه أمها واختها بأعصاب مشدودة رؤيتها كيف أصبحوا سعداء للغاية بعد موافقتها وكأنها هم سينزاح قريباً واخيرا.


دعت الله أن يكون ما أصبحت به مجرد حلم لكن خاب رجاؤها، أشفقت أمها على حالها، فلفت ذراعها حول كتفيها لتضمها إليها فالوضع صعب عليها بالتأكيد، همست لها مواسية


= بكرة لما تخلفي هتعرفي أن احنا عملنا ده الصح يا بنتي وان احنا مش قد العالم دول .. 

وانتٍ لو مكانا وليكي بنت حصل لها كده هتعملي نفس اللي بنعملوا دلوقتي.. واكتر كمان.


❈-❈-❈


تطلعت مهرة حولها الي تلك الغرفة الحبيسة بها و التي ذاقت فيها الكثير من العذاب والمذلة، وعانت من ويلات قسوه الجميع، وجبروت زوجة أخيها وأبيها لكن ذلك لا يهم، فما سيأتي لاحقاً سيكون أصعب بكثير.. جزع قلبها بقوة وهي تتذكر ما حدث سابقة، حينما جاء والدها إليها واخبرها بأنها بعد فترة ستتزوج من رجل أكبر عمرا من والدها شخصية وعندما حاولت الاعتراض ضربها والدها كعادة بقسوة.. حتي التعليم حرمت منه.


زاد بكائها المتحسر على ذكريات حياتها بأكملها التي انتهت في لحظات وتحولت لمجرد ركام متهالك فشعرت بنغصة عنيفة في صدرها

أرادت أن يحتويها أحد ويضمها إليه، أن يحتوي حزنها، ويلملم بقوة ضعفها الوشيك ليشعرها أنه معها في أصعب لحظاتها، لكن ببساطة الجميع حولها يبحث عن مصلحته أولا 

دون التفكير بها.


استدارت برأسها فزعة ناحية باب الغرفة حينما فتحت حسناء الباب ودخلت للداخل فنظرت لها بإشمئزاز و أشاحت ببصرها بعيداً عنها وكتمت نحيبها ومسحت عبراتها في كم عبائتها البيتي، في حين اقتربت هي من الفراش و وضعت امامها صينيه الطعام وقالت بنبرة تقصد اغاظتها 


= الأكل يا مهره تعالي كلي واتغذي انتٍ عروسه برده وما ينفعش تدخلي على الراجل وانتٍ معضمه كده يقول علينا ايه بناكل اكلك هيبقى عيبه في حق ابوكي برده 


أجابتها هي بصرامة قاسية وهي تنظر لها بعينيها الحمراوتين


= هو انتٍ اللي زيكوا يعرف العيب قلبك عليا أوي، طول عمري عارفه انك مش بتحبيني ولا بتطيقي حد فينا من اخواتي بس اللي نفسي افهمه ليه اخويا اتبلى عليا معاكي؟ استفدتوا ايه من ورا اللي عملتوا غير انكم ضيعتوا مستقبلي.. منكم لله 


نظرت لها بنظرات ساخطة ثم بنبرة جامدة أردفت 


= بتدعي علينا يا اختي بدل ما تشكريني و تدعيلي على العز اللي هتشوفيه بسببي.. يا بنت فتحي مخك وما تبقيش قفل كده، التعليم اللي انتٍ هتموتي عليه ده مش هيفيدك بحاجه جنب العز اللي هتشوفيه بعد الجواز .. ده أنا اسمع ان زاهر باشا ده غني أوي وعنده محلات ذهب كثير .. بقى في واحده عقله تسيب العز ده برده عشان حته شهاده مش هتفيدك بحاجه .


إعتدلت مهرة في جلستها بنيران مستعرة فصرخت فيها بغضب جم ملوحة بذراعها


= وانتٍ مالك اعمل اللي اعمله في نفسي، دي حياتي وانا حره فيها انا مش زيك كل اللي فارق معايا الفلوس وبس !! وبعدين انا مش عاوزه اتجوز واحد اكبر مني حرام عليكم بتعملوا فيا كده ليه .


فرغت حسناء شفتيها في تهكم وهي تنطق بخبث 


= يا بنت هجيبلك شبكه يجي نص كيلو دهب ولا كيلو كمان ما تبقيش وش فقر .


كفكفت مهرة عبراتها لتحدق فيها بيأس، ثم أجابتها بنبرة مختنقة 


= وهو هياخد ايه قصاد كل ده؟ فكرته فيا زي ما بتفكروا في الفلوس !؟. 


❈-❈-❈


فتح أيمن عيناه و وقعت علي تلك الساكنه بين ذراعيه، رجفة غريبة تسربت إلى جسده بعد مفاجأته قبل أن يقترب منها ويقع لها كعادته أصبح يكره ضعفه معها حين تعطيه من جرعة حنانها.. ظل للحظات ينظر إليها وهي غافية حتي استيقظت و رمشت بعينيها متحرجة من قربة الزائد وشعرت ليان بسخونة طفيفة منبعثة من وجنتيها، فاستشفت على الفور أنهما توردتا من الخجل، وعلى قدر المستطاع تجنبت النظر إلى عينيه.


ليقرر هو يجب أن يجعلها تذوق نفس ما اذاقته من خيانتها، لانه حتى الان لم يستطيع ان ينسى خيانتها له في لحظه ضعف .


كانت نائمه رأسها على صدر أيمن لكن رفعت رأسها ونظرت لوجهه تبسمت حين وجدته ينظر لها بصمت ليتها تعمل بما يفكر به، نهض فجاه جالس واتكئ بإحدي يديه على الفراش. إستغربت هي ذلك ورجف قلبها أن يكون فعلت شئ أزعجته بدون قصد منها، إعتدلت جالسًه هو الآخري تسأله مبتسمة بتوتر 


= هو أنا عملت حاجه أزعجتك 


هز رأسه برفض لينهض وبدأ أن يرتدي ملابسة تنهدت وتبسمت بحياء قائله بإستخبار


= هو انت ليه مصر تعذبني معاك وتعذب نفسك يا أيمن ما الحل قدامك، ما كانش هدفي ان اخونك.. وكل اللي عملته وكل اللي قولته سميه كدب وخداع! بس كان بعيد عن حبي ليك.. انا كل اللي محتاجه منك فرصه واحده .


اقترب أيمن مجدداً منها ووقف قبالتها ونظر لها بجمود ، ثم صر على أسنانه وهو ينطق 


= تمام يعني انتٍ عاوزه نرجع لبعض بعد كل اللي اكتشفته عنك وعرفته؟ ماشي وانا ما عنديش مانع بس تقدري تقولي لي ايه الضمان انك مش هترجعي تخونيني تاني في اي لحظه ضعف او في اي وقت اهملتك فيه .


للحظه أخفضت وجهها بخزي وندم ثم رفعت رأسها ونظرت له قائله بندم


= هو انت معاك حق كل حياتنا لازم يكون فيها ضمان عشان نكون عايشين مطمنين بس انا ما عنديش ضمان غير اني اوعدك بالكلام وانت مش هتبقى واثق بكده .


حدجها بنظرات جفاء وابتسم أيمن نحوها بسخرية مريرة وهو يتحدث بثبات


= كده هبقى عايش حياتي معاكي بدون ضمان 

يا ليان وانا مش هقدر أرجع حياتي معاكي زي ما كانت في الاول .


نهضت من أعلي الفراش لتقف قبالته بثيابها القصيرة، واردفت بإحباط 


= وبعدين؟ 


صمت ساد ثواني، وهو يحدجها بنظراته المهينة لها ثم اعتلى ثغره إبتسامة غامضة 


= مش انتٍ بتقولي مستعدة تعملي اي حاجه عشان نرجع زي الاول واقدر اعدي اللي انتٍ عملتيه ونعيش ذي ما كنا زمان .


هزت راسها بلهفه شديد دون تفكير، رفع عينيه قليلاً لينظر إليها بنظرات مطولة ، وبنبرة ماكرة تشدق قائلا


= يبقى هو حل واحد ما فيش غيره !!؟. اخونك زي ما خنتيني يا ليان .


اتسعت بؤبؤة عينيها الزرقاء الممزوجة بزرقة البحر ولم تنبث بكلمة لأنها لم تستوعب بعد ما قاله،فلم يطرأ ببالها أن يقول لها شيئًا كذلك،هو انقى من أن يفعل فعل كذلك من أجلها وهي أحبته حقًا، فنظرت إليه بذعر ، وبنبرة مشدوهة قالت 


= تخوني ازاي؟ أيمن انت مستحيل تعمل كده

ارجوك بلاش الطريقه دي.. خلاص ارجع و عاقبني ان شاء الله تضربني.. تفضل تجرحني بكلامك كل شويه.. المهم تطلع اللي جواك عشان ترتاح وتريحني . 


تحولت نظراته بنظرات قاتلة و زم أيمن شفتيه في إحتجاج


= ‏مين قال إني لو طلعت اللي جوايا هرتاح؟

انا جوايا نار من اللي انتٍ عملتيه لحد دلوقتي ما بتطفيش 


تركزت عينيها بعيني أيمن لتراه يتألم بسببها، إقتربت منه جذبت يده بين يديها وأنحنت رأسها تقبل باطن كف يده لتسقط دمعه منها بين يدة، و ارتجفت شفتيها وهي تحاول التحدث فخرج صوتها متلعثماً وهي تتوسل له 


= ‏ليه كل ده؟ طيب حاول وأنا هساعدك، بس شيل موضوع أنك تخوني ده من دماغك يا أيمن ابوس ايدك بلاش نمشيها كده احنا زي ما بنخون بعض، بنخون كمان نفسنا واحترامنا لينا وبنغضب ربنا .. 


تبدلت تعابير وجهها للخوف الشديد وهي تنظر إليه بإرتباك قائله بتوضيح ونبرة ندم


= اسالني انا، أنا ضميري معذبني من كل حاجه من ساعه اللي عملته؟ من ناحيتك ومن ناحيه اهلي ومن ناحيه ربنا بلاش تغضب ربنا عشاني ولا عشان نعاند بعض ونثبت ان ما فيش حد احسن من التاني، هتندم بعد كده صدقني وانت عمرك ما كنت خاين يا أيمن .


ضحك هو بطريقة أكثر استفزازية ونظر إليها بنظرات جامدة ثم بنبرة فجة أردف بخبث


= ما هو انا ممكن الوضع يختلف عندي و ما اخونكيش بالمعنى الحرفي! بس اتجوز عليكي! على الاقل مش هتبقى اسمها خيانه ولا ايه ؟؟. 


فرغت هي شفتيها في عدم تصديق واتسعت عينيها في ذهول، وحاولت أن تنطق لكن صوتها لم يساعدها لذا صمتت مكتوماً من الصدمه وعبراتها بدأت تهبط كأنها تواسيها عن تلك الفاجعة، في حين ابتسم هو متهكماً وهو يتابع حديثه بنبرة غير مكترثة 


= اخر كلام عندي يا ليان لو عاوزه اسامحك، انتٍ كمان لازم تحسي باللي انا حسيت بيه لما اتجوز عليكي !. وما عندكيش اختيار هتوافقي يعني هتوافقي.. ايه رايك بقي تختاري انتٍ العروسه ولا انا .


رمقته ليان بنظراتها المشتعلة من عينيها المغرورقتين من البكاء، ثم هدرت صارخة فيه 


= ليه يا أيمن؟ ما انا ندمت و اتاسفتلك كتير و قولتلك انه كان غصب عنى ومكنتش في واعي والله، لية تعمل فيا كدة حرام عليك لية تنتقم منى بالقسوة دى انا مش هقدر استحمل

اشوفك مع غيري .


قهقه أيمن بطريقة مستفزة ناظر نحوها بتحدي وشماته، ثم ببرود مستفز أجابها


= يا سلام مش هتقدري؟؟ امال انا قدرت ازاي اشوفك وانتٍ بتخونيني، قلت لك ما عندكيش اختيار زي ما انا انجرحت منك و استحملت إللى حصل وما سبتكيش لحد دلوقتي؟ 


لوي زاوية فمه في تشفي عندما رآه الدماء تفور منها بسبب الغيرة ، ثم بنبرة غليظة اضاف بأمر 


= انتٍ كمان لازم تستحملى الوضع الجديد و تتأقلمي ! ان انا هيبقى في واحده هتشاركني حياتي غيرك .


❈-❈-❈


في مكتب تسنيم بداخل الشركه، كانت تجلس خلف مكتبها تتابع ملف قضية جديدة كعادتها باهتمام لكن فجأة ظهر بعقلها طيف فريدة وشعرت بالقلق عليها فهي لم تعد على اتصال بها كما كانت؟ لتترك الملف جانب وتفكر بتعجب لما الأيام السابقة لم تتصل بها، لتقرر هي هذه المرة أن تتصل بها وبالفعل أخرجت هاتفها وعندما أجابت فريدة، تنهدت تسنيم بعمق قبل أن تتحدث بخفوت 


=إيه يا فريده بقالك كتير مش بتتصلي، ما تفكريش عشان انا ما قدرتش اساعدك ان انا هسيبكٍ.. والله لو بايدي اي حاجه اساعدك بيها  مش هتاخر 


ارتجفت فريدة وهو تجيبها بنبرة مهزومة


= كثر خيرك بس خلاص ما عادتش تفرق وانا خلاص هتنازل عن القضيه، الظاهر كده اني مش مكتوبلي اخذ حقي في الدنيا


انصدمت تسنيم فغرت شفتيها مدهوشه من كلماتها و استسلامها الصريحة فصاحت بها بنبرة أشد وصرامة 


= فريده انتٍ بتقولي ايه؟ استسلمتي زيهم بدري! ليه نفسك قصير كده؟ ليه فاكرين ان كل حاجه سهله؟ انا ما كنتش عاوزه منك انتٍ واهلك غير مجرد وقت ! وكانت كل حاجه هتمشي زي ما احنا عاوزين بس انتم اللي اخترتوا الحل الاسهل واللي فاكرين هو ده الصح


مسحت بيدها دمعاتها الساخنة التي انهمرت بغزارة على وجنتيها بحسرة و ردت فريدة مبررة بعصبية طفيفة 


= عشان تعبت، انا لقيت نفسي طول الوقت بحارب لوحدي والدنيا كلها ضدي، انا ليا طاقه زيهم وخلاص ما بقتش قادره استحمل الوضع بالشكل ده وهما للاسف كان معاهم حق الناس بره صعبه و ما بترحمش اللي زيي، والمشكله ان بعد كل اللي بعمله ده ما عنديش ضمان ان انا هكسب وهنتصر عليهم .


عبست بوجهها ليظهر حزنها بسبب كلماتها و انسحابها هكذا بكل بساطه دون أن تحارب أكثر من ذلك، زفرت بإحباط قائلة بانزعاج 


= لا يا فريده كان في بدل الضمان عشرة بس زي ما قلت لك انتم اللي دورتوا على الحل الاسهل علي العموم براحتك طالما انتٍ اللي اخترتي، و طالما هتكملوها كده انا اللي هبعد عن القضيه ومش عاوزه أكمل فيها عشان 

ما شاركش في الجريمه دي


أخرجت فريدة زفيرًا مطولاً من صدرها و إبتلعت ريقها بقهر وأجابتها بنبرة مريرة 


= اختياري!! ياااه ده انا نسيت الكلمه دي، انا ما فيش حاجه بقت بتحصل باختياري يا استاذه الوضع لو كان بيختاري زي ما انتٍ فاكره؟؟

ما كنتش أخترت أن انا أضيع حقي بايدي .


❈-❈-❈


في نفس التوقيت، انتبهت حسناء لشرود زوجها الذي كأن يجلس أكثر من ساعة فوق الفراش بصمت، فتلفتت حولها تتأكد من عدم متابعة أي أحد لها وأغلقت الباب خلفها متجهًا صوب زوجها ثم وقفت عند العتبة لتحدق في 

مراقبته بنظرات مطولة ثم قالت بإبتسامة عريضة ماكرة


= مالك سرحان كده ليه؟ تلاقيك سرحان في الفلوس اللي هتنزل علينا بعد جواز مهره، مين كان يصدق اللي نحن فيه.. شفت عشان تعرف بس انك لما تمشي ورا نصايحي هتكسب .


تطلع فيها بنظرات متوترة ثم زم ثغره وأردف بنبرة جادة


= انا قاعد بفكر في أختي مهرة يا حسناء حالها اتبدل ابويا جاي عليها أوي، بقى طول الوقت بيشك فيها ومتاكد انها تعرف حد وكل ما يدخل لها ينزل فيها ضرب وتكسير .. غير انه حرمها من التعليم انا صحيح كنت عاوز كده بس مش بالطريقه دي! و ضميري مانبني شويه ان انا السبب في كده.. وهي ما لهاش ذنب برده .


صرت على أسنانها من الحنق وحدجته بنظرات شرسة وحاقدة ثم همست بغيظ


= نعم يا اخويا صعبانه عليكي اختك وما صعبتش عليكي من الاول ليه؟ على العموم براحتك احنا فيها و لو عاوز ترجع في كلامك وتقول لابوك على اللي احنا عملناه قول مش همنعك وبالمره يرجع في كلامه ويرفض زاهر  وشوف بقى ساعتها زاهر باشا هيعمل فيك ايه ؟؟ انت وابوك .


دب الذعر في جميع أنحاء خلايا جسد أنس فجاه وبنبرة أكثر فزعاً قال بتوتر شديد 


= آآ انا ما قلتش اننا نرفض جواز زاهر باشا من أختي.. انا بس بفضفض معاكي عن اللي حسه، بس خلاص اللي حصل حصل ومش هنقدر نرجع في كلامنا.. مش كده؟ 


إبتسمت حسناء ساخراً ثم تحدثت بسخط وتهكم أشد 


= اسمعني كويس يا أنس اللي حصل ما بينا مش هنفتحه تاني خلاص ولا اكننا عملنا حاجه، وبالنسبه لخوفك وقلقك على اختك فهي بكره بنفسها هتيجي تشكرنا على اللي عملنا معاها لما تتمرمغ في الهنا والعز اللي هتعيش فيه .. هي كانت تطول! ولا حتى التعليم اللي هي عاوزه تتعلمه ده، لو كانت كملت واتخرجت كانت هتجيب ربع اللي هي هتعيشه دلوقتي مع زاهر باشا .. 


أومأ زوجها برأسه بخفة بارتباك بأنها علي حق، اعتلى ثغر حسناء ابتسامة متشفية عندما رأت إزداد جحوظ عيني أنس بالقلق.. مصمصت شفتيها تضيف بتهكم و ببرود مثير للأعصاب


= عشان كده نام وارتاح وما تخليش ضميرك يعذبك تاني مره عشان احنا ما عملناش حاجه غلط احنا بس جينا عليها شويه عشان نقب على وش الدنيا.. وهي كمان ما هينوبها من الحب جانب! جانب إيه دي هتاخد الحب كله واحنا يا دوبك هناخد حاجه بسيطه ما تجيش حاجه جنب العز اللي هتشوفه بعد جوازها .


❈-❈-❈


بعد مرور أيام.


تعمدت فريدة النظر باحتقار إلى تلك السيدة سعاد التي من المفترض ستصبح حماتها قريبا لكنها اظهرت عدم ترحيبها اليها من امتعاض وجهها ونظراتها التي توحي بالاشمئزاز، وقد لمحت تلك النظرات سعاد مما اشعرها بالغضب من تلك الفتاه؟ ثم ردت قائلة بصوت منخفض متعمدة إغاظتها


= ده استاذ عابد ابو العروسه و ده عماد يبقى عم ابني، وهو جاي النهارده عشان يكون شاهد على كلامنا .. والمحامي كمان معايا اهو .


أشاحت وجهها بعيد بألم بينما ابتسم عماد والمحامي بابتسامة صغيرة تدل على الترحيب، وحاول عابد هو الاخر ان يبتسم بوجههم قائلا بهدوء


= اهلا شرفتونا .


أردف المحامي بخشونة جادة


= اهلا بحضرتك يا استاذ عابد انا سمعت ان المحاميه اللي كنت موكلينها رفضت انها تكمل في القضيه بعد ما عرفت انكم هتتنزلوا، وانتم كمان بتفكروا تلغوا التوكيل، وما تقلقش من الناحيه انا هتصرف من ناحيتي بكل حاجه .


احتدت نظرات فريدة فجاه وقست تعابير وجهها وهي تتسائل باستفهام


= هو انت ازاي هتقدر تخرج موكلك بالاثباتات اللي موجوده مع الحكومه. 


نظر نحوها المحامي بهدوء وقال باهتمام


= بصي كمحامي انا هعمل عقد جواز عرفى قديم ونسجله قصاد المحكمة عشان نقول ان مفيش اغتصاب لان مفيش اغتصاب بين الزوجين عشان اخرج المغتصب!! وكده القضية مش هتنفع طبعا لان بالعقد بتاع الجواز الاغتصاب وقع خلاص ومفيش واقعة


عقدت حاجبيها للحظات تستوعب كلماته التي اشعرتها بالاستحقار نحوه ونحو امثاله ثم اردفت متسائلة بقلق 


= معلش بس جي في دماغي سؤال؟ طب لما المحامي إللي هو حضرتك يعمل عقد زواج عرفي عشان قضيه الاغتصاب تقع.. كده مش ممكن المحكمه ترفع عليا قضيه و اتسجن .. ما هو بعد كل ده طلع جوزي وبالنهاية أنا إللي كنت بتبلى عليه .


أسرع المحامي قائلا باندفاع وثقه 


= لا متخافيش المحكمة كمان بتبقى عارفة انها لعبة بس عشان احنا مجتمع شرقي فبنطرمخ على الموضوع والمحكمة مش بتعمل بلاغ كاذب.


وخزة قوية ونغصة مؤلمة أصابت صدرها في تلك اللحظة لتشعر بذلك الاختناق والحنق، ربما هو شعور بالضعف واليأس احتلها لتشعر كم هي ضعيفة وغيرها بذلك المجتمع.. بدأت الدماء الساخنة تتدفق في عروق فريدة لتهيج من مشاعرها الغاضبة بالغيظ و الغضب وذلك انعكس بصورة ملحوظة على بشرتها التي اصطبغت بحمرة جلية، كورت أصابعها ضاغطة عليها بعصبية حينما هتفت باستخفاف مرير 


= لا بجد؟ يعني كمان حتي القانون اللي انا لجاتله بينصفكوا علي الضحيه !!!. 


صدمه اخرست الجميع ولم ينطق احد بكلمه، وربما اسرتها هذه المره صمتت شاعره بالذنب أو تأنيب الضمير، لكن كانت على يقين كامل بأن لم يتراجع من بينهما احد ليحميها، و السبب الرئيسي فيما أصابها لاحقًا من إهانات قاسية وإيذاء بدني بسبب أقول الجميع، التي انتهي بها الأمر بما تراه الآن من نتائج مأساوية، ليسير ذلك الصمت المشحون للحظات قليله، ثم قالت سعاد بضيق بعد أن تداركت الوضع ولملمت شتات أمرها


= بص يا استاذ عابد حكايه الجواز العرفي دي قدام المحكمه بس، انما بعد ان شاء الله لما ابني يطلع على طول هنكتب الكتاب رسمي قدام الناس كلها زي ما اتفقنا .. واديكم كلكم شاهدين على كلامي وعم ابني كمان . 


❈-❈-❈


بداخل محل زاهر كان يجلس فوق مكتبه وهو يمضي بعد الاوراق وبجانبة احد العاملين، ثم افاق على صوت زكريا التفت الاثنان برأسهما نحوه، وبالطبع امتعض وجه زاهر لمجرد رؤية ذلك السمج يقتحم عليه المكان، ثم اشار الى العامل بان يذهب واقترب حينها زكريا ليخبره بموافقته على الزواج من ابنته؟ جمد نظراته نحوه هاتف باقتضاب ساخراً


= اخيرا رضيت عني يا حمايا العزيز، كل ده عشان توافق عليا وتديني بنتك، ايه كنت بتسال عني تشوفني انفع ولا لا ؟ 


أسرع زكريا مبرر له موقفة بتوتر شديد


= لا يا باشا الموضوع مش كده هي العين تعلى عن الحاجب برضه، بس البنت كانت مميله دماغها شوية بس انا عدلتها .


رد عليه بجمود قاسي وقد ضاق نظراته


= ما ليش دعوه بمشاكلك الاسريه وكويس انك عارف قيمتك عندي لسه ايه؟ المهم عشان نخلص من ام الحوار ده اخر الشهر هعقد على بنتك واخدها بيتي وعشان سنها صغير الجواز هيكون عرفي على يد محامي .


رسم زكريا على ثغره ابتسامة سخيفة وهو يهتف عاليًا


= هو انت مش هتعمل فرح يا باشا عشان الناس كلها تعرف، احنا يعني كنا طمعانين في كرمك نعمل فرح حتى لو صغير في الحته عندنا عشان نتباهى بيك 


زفر في ملل يفكر بالأمر، ثم دس في فمه خرطوم الأرجيلة مستنشقًا محتوياتها قبل أن يخرجها دفعة واحدة على هيئة دخان كثيف، وقال ببرود 


= ماشي بس جو اقعد في الكوشه والناس تتفرج عليا مش بتاعي، اخرك عندي تنصب نصبه في الشارع وبنتك تلبس فستان فرح وتتزف لحد البيت عندي .


مرر أنظاره على رب عمله، وعلق بنبرة متلهفة ووجهه يعلوه ابتسامة سخيفة باردة


= ماشي يا باشا واحنا مش عاوزين اكتر من كده احنا نطول، بس يعني طلب صغير كمان 

بالنسبه للمهر اكيد هتكرمني فيه مش كده 


لوي فمه ببسمة متهكمة ونفث دخان الأرجيلة في الهواء مجدداً، مرددًا بسخرية لاذعه


= طول عمرك طماع وكلب فلوس انت وابنك، ماشي اخرج معايا ١٠٠ الف ولو اتنططت قدامي مش هزودهم .


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة