رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 12
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثاني عشر
حاولت تجاهد أن تسحب وعيها من هذا
المحيط الأسود الذي يغلفها لتفشل للمرة التي
لا تعلم عددها، ترى من خلف أجفانها المنسدلة
هيئته رجل يعتلها ولم يبتعد الا عندما انهك روحها الصغيرة... شعور سئ تسلل لقلبها فلم تشعر بحماس عروس يوم زفافها مطلقاً.. جاهدت لإرجـاع رأسها للخلف و تعلقت مهرة عينيها بسقف الغرفة وهي تسمع صوت هماماته وهو يتنفس جانبها أعلي الفراش تدل على نومه العميق.
أغمضت مهرة عينيها لتشعر بمرارة لا توصف ذلك الآلم النفسي والبدني..هي رأت رجل ذي قوة وجبروت.. شخص لا يُستهان به! يتلذذ بالمها ولا يرحم، أيقنت هي أن هناك شيئاً ما بداخلها قد مات؟ شيء أُخــذ منها بالقوة لتصبح بقايا اثـني.. أو حطـام .. فهي لن تنسى ظلمها يوماً؟ خصوصا بعد تلك الليله .
مر وقت وجاء الصباح وهي لم تنهض من مكانها لتغير ملابسها الممزقة و التي تلطخت بدمـاء برائتها بل ظلت على تلك الوضعية ترتجف وترتعش وهي تتآلم في داخلها من هـول ما مرت به.. وأجهشت بالبكاء علي حالها كانت إلى وقت قريب تلك الطفلة الصغيرة الطيبة الساذجة عديمة الخبرة، تسعى لإرضاء الاخرين! ولم يكن لها أي رأي حتي؟ و عليها إستسلام تام لأوامر أسرتها، دون حتي أن تنعم بحب والدها .. لكن رغم كل ذلك كانت حياتها بسيطة للغاية.. أحلامها بريئة .. مطالبها لم تكن بالكثيرة.. حلمت وسعت أن تغير واقعها الأليم التي نشأت به إلي واقع أفضل لتصبح شئ هام بيوم !. لكن مع الأسف تدمرت تلك الأحلام الوردية وأصبحت رمادية !.
تنفست بصعوبة بالغة بسبب ألمها فهي
قاومته رغم حالة الوهـن البادية عليها.. لكن مقاومتها لا تقارن بقوته المشحونة ضدها؟؟
فهي تقف بمفردها في مهب الريح ..جاهدت لتنسل من أحضانه حيث إزداد إشمئزازها منه حقا .
فكيف ينتظر بعد ارتجافها خوفا من بطشه طيلة معاشرته أن تسكن بين ذراعيه ليلا! شعرت به ليله كاملة يفترس جسدها المستباح امامه وهي رافضة لما تتعرض له فتكن تلك الليلة هي الأسوأ في حياتها بالفعل.. كانت راضخة بالقهر مقيدة بالخوف ومنتهكة بوعی کامل.. ولم يغب عن عقلها للحظة ما فعله بها بطريقة وحشية لا رحمة فيها
فكذلك الزواج المبكر مشكلة طفلة غير ناضجة لا فكرياً ولا جسدياً كيف يريد أن تقوم بدورها مع رجل ناضج !!. وهي طفله صغيره لم يكن بحياتها تعرف سواء اللعب و الدراسة .
وهنا تساءل العقل؟ أين الإنسانية بذلك..و الاخلاق.. والضمير.. و العقل.. لكن مع انحدار الأخلاق وتدنى القيم لا صوت للانسانيه ولا ظل للضمير !.
تمنت البعد و الرحيل !. لكن ليست الحياة بالامنيات وهي تعلم ذلك جيداً وبعدها عنه لن يتحقق بتمنيها.. إلا بموته أو موتها .
أغمضت مهرة عينيها لتمنح الفرصة الأخيرة لعبراتها لكي تنهمر رغماً عنها متجاوزة شعور الآلم الذي يحتل كامل جسدها ثم مسحت تلك العبرات الحارقة بكفيها وأخذت نفساً عميقاً لتمنع حالها من البكاء المرير .. لقد بات لزاماً عليها أن تتقبل تلك الحقيقة المرة.
وعندما اعتدلت من فوق الفراش إرتفع صدرها وهبط بسبب أنفاسها اللاهثة فجاه .. فقد رأت على ملابسها الممزقة وجسدها أثار تعذيبه جلية.. وايضا دماء قد هبطت منها أسفل الجزء السفلي!!. لم تفهم لما ذلك فإزدادت شهقاتها و صرخت بفزع رهيب دون مقدمات .
تثاءب زاهر وهو يحاول فتح جفنيه الثقيلين ثم انتفض علي صراخ زوجته وهي تضم ركبتيها إلى صدرها و وجهها شاحب.. ملامحها كالموتى من الفزع، ليقول باندهاش وهو يرمقها بنظراته الغير مهتمة
= في ايه بتصوتي ليه علي الصبح؟ مالك؟
إنكمشت بجسدها وحاولت أن تشير بيدها علي تلك البقعة الوردية الموجودة أثارها أعلي الفراش و.. ملابسها لتتأوه بصوت مكتوم وهي تتحدث بصوت متقطع من حـالة الآلم الرهيبة المسيطرة عليها
= فـ.. فـ.. آآ فـ.. في دم.. آآ انا بنزف دم كتير
لينصدم زاهر بما يحدث امامه وهو لا يُصدق بأنه قد تورط في طفلة ! إزدادت قتامة عينيه وهو يجيبها بغضب شديد
= مصحياني مفزوع على الصبح عشان كده؟ الله يقلق منامك يا شيخه.. عادي عشان اول مره، هو انتٍ ما فيش حاجه كده عارفاها في حياتك خالص .. حتى دي كمان ما تعرفيش عنها حاجه؟
نظرت له بنظرات زائغة بحيرة ولم تنبس بكلمة بيننا لوي هو فمه للجانب وتابع بصوت غليظ خشن
= اتفضلي بقى قومي اعملي لي حاجه اكلها طالما صحتيني.. جوازه هم .
❈-❈-❈
في منزل تسنيم، أسند أيمن صينية الطعام على الكومود المجاور لفراش أخته تسنيم حيث كانت ترقد فوقه و تفرد قدمها التي التوت فوق الوسادة، مسد هو على رأسها ثم إنحني ليقبلها فوق رأسها بحنان وقال لها بعتاب
= نفسي افهم وقعتي ازاي على رجلك، وليه ما اتصلتيش بيا اجي اخدك على طول بدل ما انا عرفت بالصدفه ، لا وكمان رحتي المستشفى وكشفتي وكل ده لوحدك مش عارف ليه؟ و وسط كل ده ما فكرتيش تتصلي بيا
أبتسمت إلي توأمها بنفس نظرات الحنان، وقبل أن تتحدث تذكرت عندما كانوا يتشاجران هي و سالم وتلك المشاحنة أدت إلى التواء قدمها عندما اتهامها بالسرقة، سعلت بصوت خشن وهي تجيب بتوتر بشكل ملحوظ
= يا أيمن قلتلك من الوجع ما دريتش بنفسي وبعدين انا ما رحتش المستشفى لوحدي ولاحاجه آآ زمايلي معايا في الشركه ساعدوني ما تقلقش عليا انا كويسه و الموضوع بسيط زي ما انت شايف انا حتى ما جبستهاش .. اطمن أنا بخير.
هز رأسه بعدم رضي، ثم قال بإيجاز
= ماشي المهم انك بخير الحمد لله، حمد لله على سلامتك
ساد الصمت لدقيقة ثم تنهدت في يأس بعد أن إعتدلت في جلستها ، وأردفت بخفوت
= اخبارك ايه انت وليان، لسه برده مصمم على موضوع انك تتجوز عليها ده؟ أيمن لو بتقول كده عشان تضايقها وخلاص قول لي وانا اوعدك مش هتكلم بس فهمني ايه اللي في دماغك
نظر لها بعيون يتطاير منها شرار وقال
= ليه شايفين عيل صغير خايف منها ولا منك انا كنت بتكلم جد يا تسنيم انا هتجوز وقريب لما الاقي واحده مناسبه
هتفت تسنيم بنبرة جادة
= ايمن انت اتجننت وبدل ما تصلح بتخرب اكثر حياتك، عاوز توصل لايه من اللي بتعمله انك تظلم واحده تانيه وخلاص.. فكرت في الواحده الثانيه اللي انت عاوز تتجوزها دي مصيرها هيكون إيه في حياتك؟ هتقدر تكمل معاها؟ هتعملها زي ما كنت بتعامل ليان ولا هتفرق بينها وبين مراتك.. ولا هتيجي على مراتك عشانها وعشان تثبتلها انك قادر تعمل زيها واكتر
نظر لها بإستخفاف وهو يرفع حاجبه للأعلى متسائلاً بحدة
= جري ايه يا تسنيم هو انتٍ مالك جايه عليا أوي كده ليه؟ مش واخده بالك هي عملت ايه عاجبك أوي ان انا عشت حياتي طرطور والهانم كانت بتستغفلني، هي مش بتقول حكيتلك كل حاجه! إيه ما صعبتش عليكي
مط ثغره للجانبين ، ولوح لها بكف يده وهو يتابع بنبرة ساخرة
= ولا الهانم ما حكيتلكيش كل حاجه والفت القصه على هواها وطلعت نفسها المظلومه البريئه وانا الشيطان اللي كان مهمل في مراته
إزداد إنعقاد ما بين حاجبيها لتنظر إليه بنظرات حانقة قائله بضيق
= لا يا ايمن حكيتلي كل حاجه وانا عاتبتها وفضلت حتى اكثر من اسبوعين مش بكلمها عشان مش قادره احط وشي في وشها بعد اللي عرفته وعملته معاك بس بعد كده رجعت وكلمتها لان في النهايه ما ليش حق احاسبها،
و دلوقتي بعتبك انت عشان اخويا و خايفه عليك .. انت عاوز تتجوزي عند في مراتك عشان اللي عملته انا اكتر واحده فاهمك وبلاش لف ودوران، لو مش قادر تسامح الموضوع سهل طلقها وريح نفسك بدل ما انت بتعذبها وبتعذب نفسك كده .
انصدم من طلبها رغم أنها كانت محقة فإذا لم يستطع النسيان و التسامح ! الإنفصال هو الحل إذن؟ لكنه ببساطة لا يريد ذلك مطلقاً لسبب هو يعرفة جيد! إبتلع ريقه بعصبية وهو يجلس على طرف الفراش ثم أخذ نفساً عميقاً وزفره ببطء شديد ليسيطر على إنفعالاته قبل أن يصيح فيها بصرامة
= انتٍ عاوزه أطلقها !.
بادلته نظرات متحدية وهي تهتف بتأكيد
= ايوه يا ايمن لو مش قادر فعلا تسامح وتكمل الحل بايدك تنفصل عنها، مش تتجوز واحده ما لهاش ذنب عشان تثبت لغيرك انك قادر تجرحها زي ما جرحتك.. انا صحيح بعتبرها زي اختي زيك وهزعل عليكم بس في نفس الوقت وضعكم كده مش عاجبني وكل واحد بيفكر يؤذي التاني ازاي.. انت مش هتعمل حاجه عيب ولا حرام لما تبعد عن علاقه حاسس فيها ان كرامتك مهدوره ومش قادر تسامح .. وبعد كده يا سيدي ابقى اتجوز براحتك
لم تكن رغبة تسنيم بانفصال أيمن عن زوجته كما تتحدث! لأنها تعلم أنه غير قادر على فعل هذا؟ يكفيها أن تنظر إلى وجهه المتصلب لتتأكد من صدق حدسها.. لذا حاولت أن تتحدث بتلك اللهجة لعلة يسامح ويعيش حياته دون شك وانتقام. ثم صمتت للحظة وأضـافت قائلة بجدية
= ابعد وانت مظلوم يا أيمن! احسن ما تبقى ظالم .
❈-❈-❈
في منزل حسام التي استاجرته والدته لزواجه،
اغلق باب المنزل بعد ان اخذ علبه السجائر من البواب الذي كان يطرق على الباب منذ الصباح، ثم تحرك بخطوات ثابته تجاه غرفة النوم ليجد فريدة قد نهضت عن الفراش ليقف هو يتمطع بذراعيه في الهواء بكسل ثم زم فمه للجانب قائلا بنبرة خبيثة قاصد ارعبها
= حظك حلو البواب اللي تحت نجادك من ايدي عشان كنت بعته يجيبلي سجاير .. يلا بقى نكمل اللي كنا هنبداوا احنا وصلنا لحد فين
ولكن لم يؤثر بها أي شيء مما قاله، ثم أقترب وتمكن من الإمساك بها ، وأحكم سيطرته عليها ولف ذراعيه حولها ليقيدها بهما دون مجهود يذكر ، ثم بخفة الصقها بصدره ومـال على وجهها حتي يقبلها لتشعر هي بأنفاسه الحارقة التي تبغضها.. وفي لمح البصر قبل أن ينال منها مرة ثانية ؟؟ نظرت له بشراسة و حاولت فريدة أن تنال منه هي وإنهالت عليه بقبضتيها الضعيفتين محاولة الدافع عن نفسها فلكمته عدة مرات بصدرة، ولكنه لم يتحرك قيد أنملة في البداية حتي تألم و تركها رغم عنه ..
قبل أن تهجم عليه بإنفعال ثم دفعته للخلف بعنف شديد كاد أن يختل توازنه ويسقط لكن تمسك بآخر لحظه بصدمة ..
ثم رفعت يدها نحو وجهه لتخدشه بكل غل في وجنتيه ليصرخ بوجع ويسبها بلفظ سيء، ثم التفتت خلفها إلي تلك المزهرية الصغيرة على الطاولة فهرولت نحوها وقبضت عليها ، ثم قذفتها بعنف في إتجاه الأرض لتحدث دوياً هائلاً قبل أن يتساقط الزجـاج محطماً على الأرضية وهبطت بسرعه تأخذ قطعه كبيرة تتحامى بها !! نظر حسام إلي تلك الفوضى بأعين متسعة وقال بغضب
= يا بنت المجنونه بتعملي ايه ؟
نظرت له بإزدراء وهي ترفع قطعه الزجاج تجاهه لتهتف بنبرة تحمل التهديد
= والله العظيم لو فكرت تقرب مني تاني هقتلك ومش هتردد لحظه واحده.. سامعني!! انا جوايا غل وغيظ منك ما يتوصفش فبلاش تقف قدامي وتعاندني لاني مش هتردد لحظه واحده واعملها .. واديني سبب واحد ما يخلينيش أشرب من دمك واقتلك بعد كل اللي عملته فيا
نظرت بإحتقار وقد اشتمزت منه لتصيح فيه بصرامة
= خدتني المره اللي فاتت على خوانه ومش هتحصل تاني .. غور من وشي وابعد عني .
جحظ بعينيه المذعورتين وهو يراها تحولت بغمضه عين الي نمر متوحش مستعد للقتال مع خصمه دون خوف! و لقد لاحظ حسام بانها لم تهدد فقط بل اذا اقترب منها ستفعلها بالفعل وتقتله دون تردد! لذا تراجع للخلف بتوتر وهو يحاول ان يكون ثابت إمامها ولا يراها قلقه منها ثم نظر إليها بنظرات حانقة وهو يهتف بحنق
= ماشي انا هبعد بس مش خوف منك؟ وانتٍ بنفسك شفتي اللي حصل امبارح .. بس عشان ما ليش مزاج بس لو عزت؟ مش هتقدري تمنعيني عن حقي فاهمه .
رمقها بنظرات أخيرة قبل أن يلتفت للرحيل من الغرفه باكملها وهو يحسس بأصابعه أثـار الخدوش التي فعلتها فوق وجهه، في حين صرت على أسنانها وهي تصرخ عالياً بعصبية
= ما لكش حق عندي عشان امنعك .. وانت اللي لازم تفهم ده مش انا، اللي زيك هيعيش و يموت في الدنيا يدفع كتير .. واذا كنت ما عرفتش اخد حقي منك في الدنيا يبقى هستنى ربنا يجيبهلي في الاخره .
❈-❈-❈
لا تؤذي أحد في قلبه فـ تصيبك لعنة الدعوات دون توقف.
كان أسر يتقلب على فراشه بأعين دامعه
وهو يتذكر مشهد رحيل فريدة مع.. زوجها.. لتتحول مشاعرا لتلك اللحظة الي جنون.. و غيرة.. فقد أصبحت لغيرة وانتهي الأمر، وضع يده على قلبه بحسرة يخبره بأن حبيبة رحلت ولم تعد لهم بعد الآن؟ تألم حقا رغم أنه لم يسعى للحصول عليها ولم يدافع عنها ولا منع أي أحد تحدث عنها بالسواء.. بل هو من تركها دون أن يحارب حتي ولو جوله واحده ليكسبها.. إذن لما يتألم الآن و يعاني من الفراق .
فتوقع في حياته المستقبليه معها بأن يزفها والدها لمن يختار قلبها ؟ ليكون هو الاختيار ذلك بالتأكيد، فيقف مزهوة معها.. فهو علي يقين تام بانها احبته بصدق! وهو خذلها و اليوم أصبح عاجزة عن معرفة مصيرها و مصيرة أيضا ، فوالدته حذرته من القرب منها ، وهو مع الأسف أستمع الى حديثها ولم يمنع ذلك الزفاف .
شعر بالغضب الشديد من نفسة، فكيف طاوعة قلبه أن يبتعد عنها و يتركها إلي اشباه الرجال ذلك، كيف ستتحمل بطش و جبروت شخص بغيض مثله.. كائن لا حول له ولا قوة ، أوصلها إلى ما هي عليه الآن ..
تمني أن يعود الزمن الى الخلف قليلا ليتمسك بها أكثر.. و ود لو يساندها ويمنعها عن إرتكاب تلك الجريمة الشنعاء بحق نفسها.. لكن لم يتحرك من البداية مطلقاً وتمرد علي تعليمات والدته تحت أي ضغط للحفاظ على مكانه وسط الآخرين عندما يتزوج بفتاه لديها سمعه جيده.. و شرفها مصان ليتمتع بحياته البسيطة معها .
يظن أن زواجه من نرمين ابنه خاله.. هو الإختيار الصحيح.. فتاة طاهرة نقية لم يمسها رجل غيره ، فيما عدا أهلها .. تلك هي الاخلاق الحميده والزوجه الصالحه التي يبحث عنها الجميع .. وكانه متاكد بنسبه 100% بان نرمين لم يكن لها علاقات قبل سابق؟ ليس شكوك بها! لكن من متى تكون المظاهر تدل على الاخلاق الحميده.. و الفتاه العذراء هي من حافظت على شرفها .
هو لا يعلم الغيب! ولا يطلع داخل اي نوايات فتيات ليعلم الخفي داخلهم، وهل بالفعل
اذا كانت الفتاه العذراء ! هل هذا دليل كافي علي شرفها.. و دليل أنها لم تتعرض لاي لمسات محرمه من الاخرين حتى وإن كانت حدثت رغم عنها.. مثل ما حدث مع فريدة ! لذا ؟ هو تركها وابتعد باحث عن فتاة عذراء ليتأكد من أخلاقها وأنه أول رجل بحياتها .
❈-❈-❈
في مكتب سالم بالشركة، ظل هو يجوب غرفته ذهاباً وإياباً وهو ممسك بذلك القلم الحبري يفكر بتوتر شديد في موقفه نحو تسنيم! فبعد أن اتهامها بالسرقة و تسبب في إصابة كحلها لم يعد يراها و بالتأكيد لم تأتي بعد ما صدر منه ضـدها .. لم يتوقف عقله للحظة عن التفكير في تسنيم ، وظل يسأل نفسه بضغط رهيب ماذا اذا كانت بريئه؟ ولم تسرق الملف كما اتهامها !.
ماذا ستكون رده فعله حينها؟ هو لم يكن ظالم ولم يظلم احدهم في حياتهم بل على العكس هو من تعرض للظلم من اقرب الناس بحياته... عندما كانت تتهمة زوجته دائما بانه يخونها مع الأخريات دون دليل ؟ وايضا حماته عندما اتهمته بأنه السبب في موت زوجته ؟ أجبر نفسه على عدم التفكير فيما مضى .. لكن الان هو فعل نفس الشيء اتهامها دون مبرر قوي !. لا يعلم لما شعر بذلك الاحساس البشع كلما فكر بان يكون ظلمها.. لكن ربما هذا الشعور نابع من ضميره المهني.. والانساني .. او هكذا برر الشعور لنفسه .
آفاق من شرودة علي صوت دقات الهاتف و
أسـرع ناحية هاتفه الموضوع على الطاولة ليجيب و ضغط على الزر لياتي صوت ذلك الرجل قائلا بجدية
= خير يا استاذ سالم بالك كتير يعني مش بتتصل بيا هي مش الجلسه اتحددت برده انا جاتلي دعوه عشان اروح اشهد زي ما اتفقنا وانت هتيجي تترافع .
زم فمه للجانب ليجيب بهدوء زائف
= الصراحه مش عارف اجيبها لك ازاي بس الملف اللي انت اديتهلي اتسرق من عندي و اتحط مكانه ورق ابيض، وقبل ما تنفعل وتضايق عارف ان الموضوع صعب عليك وليك حق تعمل اللي انت عاوزه وانا اتصرفت و طردت البنت اللي سرقته و لو مش عاوز تكتفي بكده ممكن نحولها للتحقيق كمان .
حك سالم رأسه عدة مرات بارتباك وتوتر وأكمل بصوت جاف
= بس انا يعني بقول كفايه الرفد، وما اعتقدش حد هيرضى يشغلها عنده في المكتب لما يعرف اللي عملته فما لوش يعني داعي السجن ليها .. وهي ممكن تكون عرفت قيمه غلطها ومش هتعملها تاني
عقد حاجبيه باستغراب وقال بتوجس
= هو انا مش فاهم هي مين اللي طردتها .. بس بالنسبه للملف! انا اللي عاوز اعترفلك بحاجه انا اديتك ملف عباره عن ورق ابيض مش الملف الحقيقي لاني شكيت ان ممكن حد يسرقه لما جاتلك المكتب؟.. او يعني يكون مراقبني .. عشان كده ما رضيتش اخاطر واسيبه عندك .
لم يفهم مقصده، فهتف بضيق وعدم استيعاب
= نعم! لا انا مش فاهم قصدك؟ يعني ايه اديتني ملف عباره عن ورق ابيض هو انت ما كنتش واثق فيا ولا ايه؟ وبعدين ازاي الملف اللي اخذته منك كان عباره عن ورق ابيض وانا فتحته واتاكدت انه كان الورق المطلوب
حمحم الآخر وهو شاعراً بغضبة ليقول بتوضيح
= ما لما حضرتك قمت عشان ترد على التليفون بتاعك بدلته، ما تزعلش مني يا استاذ سالم بس انا اتعرضت للسرقه من اقرب الناس ليا زي ما شرحتلك اخر مره فكان لازم ماثقش في اي حد علي طول، بس معنى ان الملف اللي معاك لسه ورق ابيض يبقي محدش سرقه اصلا .. وده اللي انا اديتهلك .
كز على أسنانه وظهر صوته مهتاجاً وهو يصيح قائلاً بعد أن بدأ يفهم الأمر
= انت عارف بسبب كلامك ده أنا عملت ايه؟ خلتني اظلم واحده مالهاش ذنب في حاجه و اتهمتها بسرقه الملف وانت تاجي تقولي معلش مكنتش واثق فيك!!.
تشنجت عضلات وجهه، وإهتز بعنف وهو يشعر بالحماقه من نفسه .. فيؤنبة شعور سيء
جدا وهو يرى نفسه ظالم ! كان يرى نفسه الشخصي الذكي الذي لا يستهين به أبدا ولا يمرر خطأ دون عقاب! حتى لا يتساهل معه الآخرين .. لكن بالنهايه قد اوقع نفسه بذلك الخطا بدلا من ان يحذر .. لكن ماذا سيفعل الآن هل سيتجاهل ما عرفة دون ان يصلح الأمر! هل سيترك ذلك الذنب معلق برقبته دون ان يزيحة ويريح ضميره .
لكن یهوی من نفسه أنه يدفع ثمن تلك الإنسانية فأن ذهب إليها علي كل حال لن يجد من تمد يدها له بترحيب! فقد دهس هو كل القيم معها ؟ فما يتوقع إذا تصرفا أخلاقيا منها؟, بالبطع سيكون الأمر صعب المنال .
لقد أغلق الخط مع ذلك الشخص وهو يشعر بالغضب تجاه وتجاه نفسه أيضا، وبعد فتره ضغط على الزر ودلفت عزه لتسألة بأدب
= حضرتك طلبتني يا استاذ سالم .
مسح بيدة علي وجه بضيق ثم حدجها بنظرات جافة و أردف بصوت جــاد
= تعرفي عنوان تسنيم اللي كانت بتشتغل معانا هنا، مش كده .
❈-❈-❈
بعد أيام جاءت خيريه لتطمئن على ابنتها بمفردها فريهام قد ذهبت الى منزلها وعادت من جديد بعد زواج فريده.. وعابد انشغل بالعمل او هكذا فعل حتى لا ياتي وتلومة هي كعادتها بكلماتها الثقيله على قلبه، فهو لم يعد يتحمل ذلك الوضع، لكن فريده لم تهتم الى كل ذلك ولم تعلق على وجود والدتها بمفردها .
ذهب حسام الى غرفته علي الفور بعد ان سلم على خيرية بجفاء و رحل دون اهتمام بوجودها بمنزله و اعتقدت خيريه انه تركها حتى تنفرد مع ابنتها براحة.. وعندما اختفى عن نظرها تساءلت خيرية بسرعه بقلق
= عامله ايه يا بنتي طمنيني عليكي اخبارك ايه .
تألم قلب فريدة وهي تسمع سؤالها وقد ظنت انها لم تعد تبالي بها، لذا السخريه ارتسمت فوق شفتيها تتسأل داخلها هل من المفترض ان يسأل الجاني عند ضحيته اذا كانت بخير ام لا؟ فكيف تسألها عن روحها وهي من قدمتها الى الذئاب كوجبه جاهزه للافتراس .. تلاحقت خيرية أنفاسها قليلاً وهي ترى بعض الخدوش فوق وجهها الأسمر لتضيف بلهفة
= مالك يا حبيبتي ما بترديش ليه؟ آآ هو ايه اللي على وشك ده مين عورك كده .. انتٍ كويسه
نيران نهشت احشائها فما عاشته بحياتها لا يأتي ذرة مما تعيشه تلك الآيام، ثم أجابت هي بكل ما تحمله من آلم لتجفل أمها خائفة عليها
= كويسه!! سؤال جه متاخر أوي وحتى الاجابه مش هتفرق معاكي ولا معايا ! قولي لي يا ماما لو قلتلك دلوقتي مالي هتعملي حاجه؟ هتحاسبي اللي كسرني مرتين؟ هتاخديني وتمشي من هنا عشان تعملي لي كرامه؟ هتهدي الدنيا زي اي ام قلبها على بنتها عشان تجيبلها حقها ..
لتتسع مقلتيها لا تستوعب ما سمعته منها لتشعر بالريبة من أن يكون اذاها مرة أخرى،
أغمضت فريدة عيناها وجعاً عندما طال صمت أمها بقله حيلة كعادتها، فحتى عندما تشعر ببصيص الأمل فيها تضيع آمالها في مهب الريح، فتحت عيناها تبتسم لها بسخرية مريرة
= ولا هتسكتي زي كل مره وتعملي نفسك مش سامعيني ولا شايفاني ..!
اطرقت خيرية رأسها فماذا ستفعل لها بعد ان أصبحت في منزله وتزوجت به، ثم زفـرت فريدة مجدداً ذلك الهواء الثقيل المحبوس في صدرها وتحدثت قائلة
= اظن الاجابه وصلت يبقى ما لوش داعي تعرفي انا مالي، لانها مش هتفرق معاكي في حاجه ولا حاجه هتتغير .. خلاص انتم بعتوني بالرخيص يبقى ما تجوش دلوقتي وتعملي فيها قلبك عليا .
قبضة مؤلمة اعتصرت قلبها علي أبنتها وهي تسمع تلك الكلمات منها وعندما نهضت فريدة لتنسحب من أمامها قالت بقلق شديد
= طب استني فهميني مالك هو عمل لك حاجه تاني .. يا بنتي ريحي قلبي وردي عليا .
لكن مجددا لم يأتي الرد..فلا تنتظر عودتها كما كانت سابقآ.. ابتسامتها اختفت حتى حماسها و روحها بدأت تنطفئ.. نظرت خيريه الى رحيل فريده بأعين متسعة بذهول بشع! لم تصدق ردودها الجفاء معها.. و نفورها منها فحينما جاءت إليها لتطمئن عليها.. احتضنتها اول ما رأتها كالعاده لتشعرها بالامان والدفء داخل احضانها.. لكن تفاجات للمره الثانيه لم تبادلها الحضن وكانت جامده بين ذراعيها ؟ كانت سابقآ تلجأ اليها عندما تشعر بالخوف و الوحدة! لكن الآن لم يحدث ذلك؟ فهل افتقدت الأمان داخل احضان ولم تعد تشعر بالدفء والحنان معها .. حدقت أمامها في الفراغ .. وتنهدت بمرارة .. فلقد بدأت تشعر مؤخرا بأنها بدأت ان تفتقد ابنتها وهي على قيد الحياة .
أما فريدة ألمها قد تضاعف هذه المره... ولكنها لم تتحرك أو تشتكي ولما الشكوى اذن وقد فقدت روحها بعد ما حدث ؟ وهم الذي اجبروها على ذلك .
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية