رواية جديدة البحث عن هوية لهالة محمد الجمسي - الفصل 30
رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية البحث عن هوية
رواية جديدة
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الثلاثون
(أسرار أبو السموم )
شعرت غادة بالقلق يتسرب إلى وجدانها فقالت في صوت به لهجة توسل:
_ظل معي بعض الوقت، لدي رغبة في أن تشاهد فستان الزفاف
هتفت اشجان في صراخ حاد:
_لا، لن أسمح بحدوث هذا الأمر، لا هذا أمر محال أن يشاهده دكتور حاتم، هذا فأل سيء جداً
ثم نظرت إلى حاتم الطبيب ورامي في خجل وتابعت:
_أنا آسفة حقاً ولكن هي عادات قد توارثنها من الأمهات والجدات منذ طفولتنا لا ينبغي على العريس مشاهدة فستان الزفاف قبل يوم العرس
نظر رامي إلى حاتم نظرة تساؤل قبل أن يقول حاتم في هدوء وفي صورة حاسمة:
_يجب أن نذهب الآن
قالت غادة (إيمان) في لهجة أستسلام :
_سوف أنتظر عودتك سوف أنتظرك في المساء
راقبت غادة(إيمان) خطوات حاتم وهي تتجه إلى السيارة ترافقها خطوات رامي في حين قالت أشجان في لهجة مزاح:
_العروس تكاد تجن على الطبيب
نظرت لها غادة في قلق ثم تابعت:
_قلبي لا يشعر بالهدوء ولا أعلم السبب أنا خائفة إلى حد بعيد
قالت أشجان وهي تربت على كتفها:
_احساس طبيعي لأنك على وشك البدء في حياة جديدة
قالت غادة في حيرة:
_ربما، اتمنى هذا فعلاً
رفع حاتم رأسه في تلك اللحظة ينظر إلى غادة ملوحاً لها قبل أن يقود سيارته، في حين تساءلت غادة:
_هل لاحظت شيء غريب بالطبيب رامي؟ لا يبدو بخير
شردت اشجان ثواني ثم قالت في صوت منخفض بعض الشيء:
_يبدو شارد الذهن إلى حد بعيد، ومتهجم الوجه أيضاً، وهذي ليست صفات الطبيب رامي، انت شديدة الملاحظة يا غادة
ثم استدركت قائلة:
_معذرة يا إيمان ولكن تعود لساني على مناداتك ب غادة
تجاهلت الفتاة الأمر كلياً وبدا أنها لم تنتبه لإعتذار أشجان وتابعت في سرعة:
_اظن سبب تلك الحالة التي ظهر بها الطبيب رامي تعود إلى حاتم، هناك أمر ما مشترك بينهم يدعو إلى القلق، كل منهم يخفي أمر ما، هناك أمر يدعو إلى القلق، أمر أشعر به في قوة ووضوح كل جوارحي رغم عجزي عن معرفة هويته وهذا يصيب عقلي وفؤادي بالخوف الشديد
ارتفعت ضحكة أشجان ثم قالت وهي تشير بيدها في لهجة تحذير:
_إياك ثم إياك ومحاولة البحث في أسرار أصدقاء زوجك أعط لزوجك مساحة من الحرية تغفل عينيك عنها هل تفهمين هذا؟
دون أن تنتظر منها إجابة اتجهت أشجان إلى المطبخ في خطوات سريعة وهي تردد لحن شعبي شهير في حين جلست غادة إلى جوار النافذة والقلق يكاد يقتلها، ليت أشجان تشعر بما في قلب غادة من مخاوف تعجز هي عن إيجاد سبب لها أنه القلق هو ما يكاد يقتلها وليس الفضول
وضع رامي يد على كتف حاتم قبل أن يهبط من السيارة ثم قال:
_ لا زلت ترغب في فعل هذا؟
هز حاتم رأسه علامة التأكيد مما دفع رامي أن يقول وهو يتطلع إلى المكان في حذر:
_الناس هنا ليس كما تظن، هذا المكان هو مأوى للأشخاص الخارجين عن القانون والمتسولين، لماذا تفعل هذا؟ هذا يشكل خطر كبير عليك
حاتم: هناك اسئلة تحتاج إلى إجابات، أمور عديدة مفقودة يجب أن نبحث عنها حتى تكتمل الصورة
رامي:بعض الأمور من الأفضل تجاهلها، وبعض الأسئلة من الأفضل له أن يظل بلا إجابات
هز حاتم رأسه علامة النفي ثم قال:
_حين تقع في الغرام مثلي، سوف تفعل أي شيء حتى تجعل من تحب سعيد
رامي:وجودك إلى جوارها سوف يجعلها سعيدة
هبط حاتم من السيارة ثم قال وهو يلقي تحية الوداع على رفيقه:
_يمكنك الإنصراف سوف أعثر على ضالتي
اتجه حاتم في خطوات سريعة إلى حيث العشش ذات الأسقف المصنوعة من الصاج، ثم توقفت خطواته بعد أن شعر بخطوات تسير خلفه في إصرار مما دفعه أن يبتسم وهو يقول:
_لا يمكن لأذني أن تخطيء وقع خطاك على الأرض، لماذا لم ترحل؟
وقف رامي إلى جوار حاتم ثم قال في هدوء:
_فلنقل أن عدوى الفضول انتقلت لي
هز حاتم كتفيه متسائلاً:
_وهل تركتك يوماً ما؟
قال رامي وهو ينظر إلى حاتم في عمق:
_أعلم أن هناك اختلاف في الطباع بين كل منا، ولكنك شبيه الروح، الصديق الوحيد الذي قدم لي كل الدعم في بدايات عملي، والأخ الذي تطيب الحياة به ولن أسامح ذاتي لحظة واحدة إذا تركتك في مكان أشعر أنه ليس ءامن
تنهد رامي في عمق ثم قال:
_عليك الحذر ألف مرة قبل أن تتعامل مع شقيق رجوات
قال حاتم وهو ينظر إلى المنازل المختلفة الارتفاع، والتي توحي بالهمجية الشديدة في تكدسها إلى جوار بعض وتدعو إلى العجب أيضاً في ترك مساحة شاسعة خلفةالبيوت مما يجعل التناقض واضح جداً في المكان:
_ضوء النهار لا يزال مشرق
أعقب رامي في اعتراض واستنكار:
_هل يوقظ هذا ضمير السارق؟ عزيزي حاتم المجرمين وأصحاب النفوس الغير سوية لا يجب التعامل معهم بعفوية، لا يجب منحهم يد الثقة، هذا خطأ كبير،
مما لا شك به أن بين تلك الأرض ألف قاتل هارب
نظر له حاتم في عمق قبل أن يتابع:
_هذا خوف مبالغ به يا صديقي العزيز، أنت مثل من يتوقع محاربة أسد أو حيوان شرش في الغابات والبراري، كل ما أريده هو إجابات مجرد معلومات
قال رامي وهو ينظر إلى حاتم في لهجة تحذير:
_لا أظن الأمر بتلك السهولة التي تظن، سر ظل بين جوارح سارقة ومتسولة عمر كامل، رفضت أن تعترف به هل تظن أن شقيقها سوف يفعل إذا كان يعلم مسبقاً؟
هتف حاتم في هدوء:
_فلنأمل هذا
أشار رامي إلى حاتم أن يقف قليلاً، ثم تقدم في خطوات واثقة وطرق الباب في شدة عدة مرات، قبل أن يجيب صوت ذو نبرة متحشرجة من فتحة في الخشب من
الجهة الموازية التي يقف أمامها حاتم ورامي:
_ماذا تريد أيها الطارق؟
ومن أنتم؟
ما كادت الأسئلة تنتهى حتى تم فتح الباب، ارتفع صياح القرد الصغير ودلف إلى الداخل مسرعاً وهو يصفق بيده ، في حين قال رامي وهو يتقدم بخطاه إلى الداخل:
_أنت تعرفني تمام المعرفة، لقد جئت إلى هنا من قبل
راقب حاتم ببصره القرد الذي جلس فوق المقعد الذهبي الوثير الذي لا يبدو مناسب إلى المكان الفوضوي،قفز القرد على السرير الخشبي التي تعلوه مرتبة وثيرة ويغطيه مفرش سرير كبير، جدران الغرفة تعلوه مسامير تم استخدامها ك سماعات تحمل عدد من الجلابيب الرجالي ذات الأقمشة الزاهية الألوان
جميعها تخص العجوز الذي يبدو عليه النظافة الشديدة واهتمامه بمظهره وأناقته رغم فوضى وعبثيه المكان
❈-❈-❈
اتجه العجوز في خطوات واثقة سريعة لا تتناسب مع عمره وقال:
_أعرفك هذا صحيح، ولكن ليس تمام المعرفة، أنت الذي جئت منذ يوم تسأل عن شقيقتي رجوات، ولكن من أنت؟ ولماذا السؤال؟ ومن هذا الشخص الذي يرافقك؟ كل تلك الأسئلة لا اعرفها
العجوز شديد النحافة وبشرته حالكة السواد عظام وجه تكاد تكون ظاهرة إلى الأعين في حين بدت عيناه التي تومض ببريق مخيف، يحيط بعنقه سوار ذهبي ويداه لا تفارقها سيجار من النوع الغالي الثمن
قال حاتم وهو يمد يده يصافح العجوز:
_أنا حاتم وهذا صديقي رامي
صافح العجوز حاتم و هو يبتسم قائلاً:
_صديقك حذر بعض الشيء
قال العجوز وهو ينظر إلى القرد الذي يثير صخب مرتفع في المكان:
_عليك الهدوء يا ميمون، ليس هناك من خوف كل من الرجلين ليسا من ضباط الشرطة
ثم نظر إلى رامي وتابع:
_القرد لا يأمن إلى الغرباء مثلك تماماً
ثم نظر إلى حاتم وتابع:
_والآن ماذا تريد أنت؟
سادت لحظات صمت بين الثلاث رجال في حين تابع العجوز:
_ما هو الشيء الذي كانت تمتلكه رجوات وكل منكم يبحث عنه؟
قال حاتم في سرعة:
_أنا ابحث عن إجابات فقط وليس شيء آخر
فرد العجوز يده في استسلام ثم قال:
_إذا امتلكت الإجابة سوف أعطيها لك
قفز القرد في تلك اللحظة حاملاً تفاحتين مد يده إلى حاتم في حين أسرع رامي بإبعاد القرد في رفق وهو يردد:
_لا، لا نريد شيء
تبادل حاتم ورامي نظرات صامته أيقن حاتم خلالها أن رامي يحاول تحذيره من القرد السارق،
وعليه أن لا يأمن له
نفث العجوز سيجارته ثم قال:
_لا بأس يا ميمون الرجال لا يريدون
تراجع القرد في سرعة إلى الخلف مما دفع العجوز أن يقول في هدوء ومكر:
_أسمي فتيح والجميع يطلقون على لقب أبو ميمون لأن القرد لا يفارقني، البعض يروق له أن يناديني أيضاً بأبو السموم، وآخرين يدعوني بأبو المكر أو أبو الحيلة،
إذا كان يجهل على كل منكم أن فتيح هو كبير هذا المكان، بل أنا من قمت على تأسيس هذا المكان، كل رجل هنا وكل طفل وكل امرأة تدين لي بالولاء، ويترقبون أي أمر من يدي حتى يقمن بتنفيذه، أنا أيضاً سيد العقاب هنا أقوم على معاقبة أي فرد هنا بما أشاهده مناسب، أكثر شيء أكرهه في العالم هو محادثة شخص يظن أنه يمتلك عقل يفوق عقلي، فلتكن تلك اولى معلوماتكم عنه، ليس هناك قدم تدخل إلى هذا المكان دون أذن من فتيح وليست هناك قشة واحدة تغادر المكان دون إذن فتيح أيضا، فلينظر كل منكم أنه قد وطأ أرض فتيح
تابع رامي وهو ينظر إلى فتيح في حذر فلم تخيفه ثورة العجوز:
_الحذر صفة يجب أن يتحلى بها البشر في مواجهة الأمور بلحظتها الأولى، وأظن أنك أيضاً تؤيد هذا الفكر، وتتعامل به في أوقات عديدة أليس كذلك؟
ابتسم فتيح في سخرية وقال في لهجة استهزاء حادة:
_ما هي وظيفتك؟
أجاب حاتم في هدوء وسرعة:
_نحن أطباء
ألقى فتيح نظرة سريعة على حاتم ثم قال وهو ينظر في عين رامي:
_ما هي صلة القرابة بين كل منكم؟
هتف رامي في هدوء:
_ حاتم صديقي
هتف العجوز في صوت أجش:
_فقط صديق؟!
هز رامي رأسه في علامة الموافقة ثم قال:
_وصاحب فضل
هز الرجل العجوز رأسه في بطء شديد، ثم ألقى السيجارة أسفل قدمه، تحرر من الحذاء الذي يرتديه و قام على دهس السيجار بقدم حافية في قوة وهو يقول:
_مذاق النار به بعض الشغف لدي
قال رامي وهو ينظر له في عمق:
_لقد جئنا إلى هنا من أجل سؤال فقط وليس من أجل إلحاق السؤء بأي فرد هنا
نظر فتيح إلى حاتم وهو يتجاهل كلمات رامي تماماً وقال:
_ما هو سؤالك؟
تمتم حاتم في هدوء:
_شقيقتك رجوات كانت
تتسول بطفلتين في الماضي، هل تعرف من أين حصلت على كل منهم؟
ران صمت بين الجميع لحظات قبل أن يتابع رامي:
_يمكننا دفع ما تريد من مال إذا كنت تعرف إجابة السؤال
نظر له العجوز في عمق، فكر قليل ثم تابع:
_الطفلتين تم إيداعهم إحدى الملاجئ بعد القبض على رجوات، وانتهت علاقة شقيقتي بهم منذ هذا اليوم، لماذا تبحثون عن إجابة السؤال في هذا الوقت؟ هل هناك نزاع على أمر ما؟ هل الفتاتين متورطين بأمر ما؟
هز حاتم رأسه علامة النفي ثم تابع:
_اهتمام بإحدى الفتيات هذا هو كل شيء
هز العجوز رأسه في خيبة أمل مصطنعة ثم قال:
_لا أدري حقاً أي شيء عن الطفلتين، كان هذا الشأن يخص رجوات، لقد رحلت رجوات وتم دفنه معها
صعد حاتم إلى سيارته يرافقه رامي الذي قال في صوت به لهجة تحذير:
_لا تعد إلى هذا المكان مرة ثانية، هل تعدني بهذا؟
قال حاتم في هدوء:
_العجوز يعرف تماماً من أين جاءت الفتاتين؟
قال رامي وهو ينطلق بالسيارة:
_هو من جلب الطفلتين إلى رجوات هذا أمر مؤكد، هو يعرف أيضاً أن الطفلتين تم إيداعهم دار الأيتام، العجوز لئيم وماكر وخطير أيضاً
قال حاتم وهو ينظر في أسف إلى المكان:
_لابد أن أجد طريقة
هتف رامي في لهجة بها كثير من التعنيف:
_سوف أقوم أنا بإتخاذ قرار آخر، سوف أقوم على إبلاغ الشرطة عن هذا الوكر حتى تقوم على إبادته
ما كاد رامي يتم جملته حتى قفز القرد أعلى الزجاج ثم طرق بيده طرقات متتالية وهو يطلق صيحات عالية مما دفع رامي أن يقول في صوت مرتفع:
_أيها الماكر ماذا تفعل؟ أيها الملعون الأشر سوف تهشم زجاج السيارة
قال حاتم وهو ينظر إلى الخلف:
_يريد منا أن نتوقف، العجوز فتيح يشير لنا
قال رامي في لهجة تحذير:
_يبدو أن الأمر به خدعة، لن أتوقف الرجل مراوغ ويجيد فن المكر
قال حاتم في لهجة تحمل توسل ورجاء:
_من فضلك يا رامي توقف، الرجل لن يلحق بنا الذي لقد تأكد من صدق النوايا الخاصة بنا
قال حاتم ساخراً:
_كيف أيقنت من كل هذا؟ لم تمض سوى ثوات منذ مغادرتنا له
تابع حاتم في سرعة وهو يشير إلى العجوز بيده:
_لم تستمع إلى كلماته هناك في الداخل، هو كبير هذا المكان، يمكنه إلحاق الضرر بنا دون أن يشعر أحد بهذا، هو يطلب منا الآن في سلام تام التوقف، من فضلك يا رامي توقف أنا أعلم جيداً كيف يفكر فتيح
أنه يشبه زعيم القبيلة
إذا منح شخص ثقة ما
سوف يمنحه أسراره
وقد يكون لديه أسباب أخرى يفكر بها قبل أن يعطي لنا إجابة الأسئلة
أوقف رامي السيارة ثم قال وهو يفتح الباب:
_لن أغلق الموتور، خير له أن تكون احاديثه مثمرة
قفز القرد إلى جوار حاتم ثم سار إلى جواره يرافق خطواته في حين تتبعهم خطوات رامي، توقف الجميع أمام فتيح الذي قال وهو ينظر إلى رامي في إبتسامة كبيرة:
_ما يجعل الأمر مزعج ومريح في ذات الوقت هو أنت
ثم نظر إلى حاتم وقال
وما يجعل الأمر سهل وسلس حقاً هو أنت
تبادل كل من حاتم ورامي نظرات صامته في حين قال العجوز فتيح:
_سوف تحصلون على كل الإجابات في مقابل شرط أو اثنين فقط
هتف حاتم في سرعة:
_نحن موافقين
هتف العجوز في سرعة:
_توافق قبل أن تعرف ما هو الشرط، أنت حقاً تهتم لأمرهم، إذن أيها الأطباء
إليكم الشروط
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي من رواية البحث عن هوية لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية