رواية جديدة ظلمات حصونه 2 لمنة أيمن - الفصل 17
قراءة رواية ظلمات حصونه الجزء الثاني
الإنتقال من الظلمة الى النور
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظلمات حصونه
الجزء الثاني
الإنتقال من الظلمة الى النور
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة منة أيمن
الفصل السابع عشر
يجلسون حول مائدة الطعام وكلًا منهم مُنشغل فيما أمامه ممَ لذ وطاب، كان "محمود" يتوسط المائدة وعلى يمينه زوجته وبجانبها "ملك" ويليها "إياد"، وعلى يساره "مالك" وتليه "زينة"، كانوا بجتمعون فى جو أسري دافئ وجميل.
أخفضت "منال" الشوكة ووجهت حديثها نحو "زينة" مُطمئنة عليها:
- عاملة إيه فى الحمل يا حبيبتي؟
أجابتها "زينة" بود مُطمئنة إياها:
- الحمدلله يا طنط تمام.
مرة أخرى هتفت "منال" ولكن تلك المرة ببعض من الترفيه مُستفسرة عن ذلك العرض اللطيف الذي يحدث لكل النساء فى بداية الحمل:
- مش حسه إن نفسك رايحه لحاجة كده ولا كده، أصل أول تلات شهور دول بيبقى أسمهم شهور الوحم، الحاجة اللي نفسك تشتهيها أطلبيها على طول.
هتحس بحزن على نفسها وانها مرت بالفتره دي ومكنش عندها رفهية الوحم، حتى مركزتش فى الموضوع ده، مالك واياد هيلاحظوا تغير ملامح زينه واياد هيحاول يغير الموضوع
شعرت "زينة" ببعض الألم فى صدرها حزنًا على ما أستمعت إليه، من المؤكد إنها مرت بذلك الشيء، ولكنها لم تنتبه له، أو بالأصح لم تملك تلك الرفاهية التي تجعلها تشتهي شيئًا، وهذا بالتأكيد بسبب كل ما مرت به فى أول ثلاثة أشهر، يبدو إنها ستظل تتألم بسبب ذلك اليوم، حتى ولو لم يعرفه أحد.
لاحظ "مالك" و"إياد" تغير لون وجه "زينة" وشعر "مالك" بالحزن الشديد من أجلها، والكراهية الخالصة تجاه نفسه وإنه أفسد عليها كل لحظة جميلة كانت ستعيشها بهذا الزواج، بينما حاول "إياد" خطف الأنظار بعيدًا عن "زينة" حتى تستطيع إعادة سيطرتها على نفسها، هتف موجها حديثه نحو "منال" مستفسرًا:
- صحيح يا طنط أنتي أتوحمتي فى ملك على إيه؟
ابتسمت "منال" بخفة وقد نجح فى لفت إنتباهها مُجيبة:
- أتوحمت على كبدة إسكندراني.
أكد "إياد" على حديثها مُصيحًا بمرح مُصطنعًا التزمر:
- أتاريها خاربه بيتي كل شوية ساندوتشات كبدة بلا هدف.
ضحك الجميع على تعبيره وتزمره المُصطنع، بينما تتدخل "محمود" فى الحديث مُدافعًا عن "ملك":
- بس متعبتناش، اللي بهدلنا فعلا الأستاذ مالك.
أكدت "منال" على حديثه مُردفة بتوضيح:
- أصل أتوحمت عليه فى شهد ومكنش أوانه.
مازالت "زينة" عابسة ولكنها لا تُظهر شيئًا أمامهم، هي مُحافظة على تلك الابتسامة المزيفة التي ترسمها على شفتيها كي لا يكتشف أحدًا أمرها، بينما هتف "إياد" بكثير من المرح مُمازحًا "مالك":
- أتاري سكر مكرر.
رغمًا عنها أبتسمت وقد أستنبطت ما يُعنيه "إياد" من سخريته تلك، بينما ضحك الجميع غير مُتفهمين لما يُعنيه "إياد"، ما عدا "مالك" الذي فهم وتأكد عندما نظر له "إياد" بنظرات ذات مغزى، ليسايره مُعقبًا:
- لما أنا أبقى سكر أنت تيقى إيه!
تدخلت "ملك" بطرافة مُجيبة على إستفسار شقسقها بمزيد من المرح:
- عسل.
ضحك الجميع وعادوا لإكمال طعامهم، بالإضافة إلى "إياد" الذي عزم على أن يُعاقب صغيرته على تلك السخرية، مُستعدًا للهو معها قليلًا.
❈-❈-❈
تتحرك بخطوات ثقيلة وكأن قدميها لا يوافقان على ما تفعله، لا تعرف حتى إذا كانت ما تفعله هذا خطأ أم صواب! كل الذي تعرفه إنها تريد أن تخبرها بأنها قد سامحتها على ما اقترفته بها، حتى لا تتحمل ذنبها أمام الله يوم الحق.
دلفت الغرفة بهدوء ظنًا منها إنها قد تكون نائمة، ولكنها كانت مُستيقظة وبمجرد أن رأتها صرخت فيها بإنفعال:
- إيه اللي جابك هنا؟ امشي أطلعي برا.
تريثت وهي تُجيب عليها لا تُغضبها أكثر وتسوء حالتها بسببها، أردفت بهدوء:
- جايه أطمن عليكي يا هناء.
أعتلت وجهها ملامح السخرية مُعدلة على حديثها بثقة:
- قصدك جاية تشمتي فيا؟
حزنت على ذلك الاتهام التي ألقتها به، هي لم تشمت فى أحد طوال عمرها ولن تفعلها الأن أو لاحقًا، وعقبت بتفهم:
- الله يسامحك، أنا جايه عشان أقولك إني مسمحاكي.
قابلت الأخرى هدوئها وتفاهمها بإنفعال وملامح منزعجة تحمل الكثير من الكراهية البحته مُهاجمة إياها:
- أنا بقى مش مسمحاكي يا لبنى.
لم تحتمل أكثر من ذلك، يحب عليها أن تفيق من ذلك الوهم، إنها حتى إلى الأن تظن نفسها هي المجني عليها وهم الجُناه، كيف تُفكر تلك المرأة؟ هتفت بها بقليل من الحدة عساها أن تندم على أفعالها:
- يا هناء فوقي، محدش فينا ظلمك، أنتي اللي ظلمتي نفسك وظلمتي الكل معاكي.
لم ولن تتقبل تلك الحقيقة ولو انهالت السماء على الأرض، عندما يصل المرء إلى أقصى درجات الفشل بل ويرتكب الكثير من الأخطاء، لا يوجد أمامه سوى أمرين، الأول أن يتوقف عن تلك الأخطاء ويندم عليها ويُحاول إصلاحها، أو يلجأ للأمر الثاني ألا وهو أن يلقي بتلك الأخطاء على الأخرين، وهذا ما فعلته "هناء" بالضبط.
ليس من السهل عليها أن تستسلم لحقيقة إنها هي من دمرت حياتها وحياة جميع من حولها، قتلت شقيقتها وما فى رحمها، تسببت فى عجز ابنة عمها والتى كانت أختًا لها فى يوم من الأيام، تسببت فى موت حبيبها وهي تسعى فى الحصول عليه.
دمرت حياة إبن عمها وأولاده وزوجة أخيه وابنتها، وفى النهاية حاولت قتل أحدهم، لينتهي بها المطاف طريحة الفراش غير قادرة على الحركة، وما يزيد الأمر سوءً إنها ليست نادمة على أي شيء، ما كل هذا الجحود! أم إنها تُحارب شعور الندم حتى لا تجن؟
رمقت "لينى" بغضب شديد وصاحت بها بمزيد من الإنفعال والرفض لتلك الحقيقة:
- لا أنتوا اللي ظلمتوني، أنتي وهاشم وتهاني وماجدة وجواد وزينة، كلكوا ظلمتوني، أنتي خطفتي مني شرف، وهاشم وتهاني وماجدة محدش فيهم كان حاسس بيا ولا بيساعدني، محدش قاله إني بحبه وإني أحق واحده بيه، كلهم كانوا بيحبوكي وبيعاملوكي حلو ومش مراعين إحساسي، حتى جواد وزينة كانوا بيحبوكي أكتر مني، أنتوا اللي وحشين مش أنا.
حاولت إيقاظ أخر ذرة ضمير لديها مُحثة إياها على الندم والتضرع إلى الله ليغفر لها مُعقبة بشفقة:
- الحب مش بالعافية يا هناء، أنتي اللي معرفتيش تحببيهم فيكي، كنتي فاكرة إنك لازم تأخدي اللي أنتي عايزه، كنتي عايزه شرف حتى لو غصب عنه، كنتي عايزه يحبك بالعافية ومفيش حب بالعافية، حتى جواد وزينة كانوا أطفال، لو كانوا لقوا منك حنيه كانوا حبوكي، بس أنتي كنتي قاسية مع الكل.
نظرت لها بسخرية لازعة مُستهزئة بحديثها وعازمة على إغضابها، لتثبت لنفسها أن "لبنى" ليست كما تدعي:
- وأنتي بقى الملاك الحنين اللي ماشي يوزع حب على الناس كلها، أنتي خبيثة يا لبنى، ضحكتي على شرف زمان، ودلوقتي بتضحكي على هاشم، قوليلي يا ترى مين فيهم أحسن بالنسبالك هاشم ولا شرف.
أدركت "لبنى" ما تُحاول "هناء" فعله فى إغضابها وجعلها تُهاجمها بدلًا من أن تُحثها على الندم، ولكنها لن تفعل ولن تُهاجمها مهما فعلت، فهي ليست مثلها، أجابتها بصدق وقد ترقرقت الدموع فى عينيها:
- الأتنين مفيش أحن منهم يا هناء، شرف من أول ما عرفته وهو كان بيحاول يعوضني عن كل حاجة، كان الأب والأخ والصديق والحبيب، كانلي الحب والدعم والأمان، لحد أخر لحظة فى حياته، كان أحسن إنسان فى الدنيا، ربنا يرحمه ويجعل الجنة مأوه.
مسحت تلك الدمعة التي خانتها وهبطت من عينيها، وأكملت بمزيد من الصدق والمحبة:
- وهاشم كمان فى عز إنتقامه مني مكنش إنسان ظالم، كان شخص مجروح وغضبان على خسارته لحبايبه، فى عز قسوته كان ضعيف، كنت بحس بإحتياجه للحنية والطبطبة، ندمه وحسرته ومحاولاته فى تعوضي عن اللي عمله فيا خلتني أسامحه، حبه وحنيته وإحتوائه أجبروني أحبه، مقدرش أقولك مين فيهم أحسن، بس اللي أعرف أقولهولك إنهم أحن مع بعض.
ضحكة ساخرة مُستهزئه بما قالته أصدرتها "هناء" ردًا على كل ما قالته "لبنى"، لتتلاشى ضحتها رويدًا وقست ملامحها مرة أخرى مُعقبة بكراهية شديدة:
- أنتي ممثلة شاطرة أوي، بس الكلمتين دول تروحي تضحكي بيهم على هاشم مش عليا أنا، ولو على هاشم خليهولك، إنتي عارفة أنا وافقت بالعملية ليه؟
ظلت "لبنى" صامته مُنتظرة إياها أن تُكمل ما تود قوله، وبالفعل أكملت الاخرى موضحة:
- عشان فيه إحتمال إني أموت فيها، وساعتها هروح لحبيبي شرف وهنبقى لوحدنا بعيد عنك.
مزيج غريب من الشفقة والاشمئزاز راودها، شفقة على إنسان أفنى حياته وضمرها فى سبيل الحصول على شيئًا ولم يحصل عليه، وإشمئزاز من ذلك الحب الهوسي الذي تحول إلى جنون يفسد حياة من حوله، أيمكن أن يكون هناك حبًا كهذا؟
عدلت من حمل حقيبة يدها مرة أخرى وأستعدت لرحيل بلا عودة مُردفة بصدق:
- أنا عملت اللي عليا وجيت عرفتك إني مسمحاكي يا هناء، أتمني تفوقي وتدعي ربنا إنه يسامحك قبل فوات الأوان.
خرجت من الغرفة وتركت "هناء" خلفها تتأكل غضبًا وكرهًا فيها، عليها أن تستسلم لحقيقة الأمر، هي من خسرت بالنهاية و"لبنى" من أنتصرت بكل شيء.
بمجرد أن أغلقت باب الغرفة خلفها وألتفت، أصتدمت فى صدر أحدهم، رفعت نظرها لتعرف من هذا، فوجدته "هاشم" وقبل أن تتفوه بكلمة واحدة، وجدته يُحاوطتها بكلتا ذراعيه ويضمها إلى صدره مُعانقًا إياها بشدة.
فى البداية كانت مصدومة ممَ ولكن بعد لحظات تداركت إنها كان هنا من البداية، وبالتأكيد أستمع إلى حديثها مع "هناء"، حاولت تبرير ما قالته مُردفة بتلعثم:
- أنا ..
قاطعها "هاشم" واضعًا إصبعه على شفايها مُردفًا بعاطفة كبيرة:
- أنا بحبك يا لبنى، وعمري ما هندم على حبيبي ليكي، والجاحة اللي هفضل ندمان عليها طول عمري هي إني صدقت إنك ممكن تأذي حد، أنتي ملاك يا لبنى، ملاكي.
عانقها مرة أخرى ولكن تلك المرة بادلته العناق بل وبحرارة كبيرة، ليعبر كلًا منهما عن مدى حبه للأخر، وذلك تصريح واضح من كلاهما إنها سيعملان على إصلاح ما تم إفساده بذلك الحب النقي والجميل.
❈-❈-❈
تقف بالمطبخ تُعد العصير وبعض من الحلويات والمكسرات اللازمة لإستمار تلك السهرة الجميلة التي تحدث لأول مرة، وكم هو شعور جميل أن تجتمع مع أحبائك وتقضون معًا وقتًا لطيف مثل هذا.
كانت مُنشغلة فى إعداد الأطباق ووضعها بالصنية، ولم تنتبه لذلك الذي تسلل إلى المطبخ وأصبح يقف خلفها مُباشرة، وبحركة سريعة منه إحاط خسرها وأمال برأسه على كتفها.
أنتفضت "ملك" أثر فعلته تلك وصاحبتها شهقة مُفزعة، سيطر عليها بسرعة مُسهسًا فى أذنِها:
- أسم الله عليكي.
أرتبكت من وجوده معها هنا خوفًا من إنزعاج والديها وصاحت مُستفسرة:
- أنت جيت هنا إزاي.
أجابها بهدوء وهو يُطالعها ببرود:
- قولتلهم إني داخل الحمام.
أعتردت فى تذمر من أفعاله وبروده المُزعج وكأنه لا يفعل شيء مُستفسرة:
- ولما حد يجي ويشوفنا بقى!
رفع كتفه بلا مبلاه وأجابها بنفس نبرة البرود الازعة:
- عادي هيقولوا واحد بيتحرش بمراته فى المطبخ.
رفعت حاجبيها بصدمة من جرأته ووقاحته، بالرغم من وجود جميع أفراد عائلتها بالخارج إلا إنه لا يتوقف عن فعل تلك الأشياء، أضافت مُستنكرة:
- شكلك عايز تطرد من هنا؟
أقترب منها مرة أخرى وأحاط خسرها برومنسية شديدة مُطمئنًا إياها:
- لا متقلقيش هما مشغولين برا، بيتكلموا عن جواد وديانة.
حاولت التملص من بين قبضتيه وحاولت إزاحة يده بعيد عن خسرها خوفًا من أن يراهم أحد، وهتفت بإستفسار:
- طب أنت سبتهم وجيت ليه؟
لم يستسلم ومازال مُحاوط خصرها وهو يضمها إليه أكثر غير مُكترسًا لما يمكن أن يحدث إذا رأه أحدًا، وأضاف بنبرة لعوب:
- قولت أجي أشوف مراتي الحلوة اللي شيفاني عسل.
لقد خرج الوضع عن السيطرة وسيتمادى أكثر إن لم توقفه، دفعته فى صدره بقوة باعدة إياه عنها وكأنها تُماذحه مُعقبة:
- عسل أسود ومنيل.
رفع أحد حاجبيه بإعتراض على ما فعلته وكأنه يتوعد لها أضاف بإستفسار:
- بقى كده!
أجابته بثقة كبيرة فى نفسه:
- أه كده.
وقبل أن يصدر منه أية ردة فعل ألتفتت هي وحملت الصنيعة وأعطته له مانعة إياه عن فعل أي شيء هاتفة بحزم:
- وخد بقى الصنيه دي وأطلع قدامي يله.
ابتسم بمكر على ما فعلته وأردف بتوعد:
- ماشي يا حبيبتي، بس لسه حوارنا مخلصش.
خرج كلاهما ومعهم المشروبات والتسالي، وجلسوا جميعًا أمام التلفاز لقضاء باقي سهرتهم المُسلية، وفى تلك الأثناء أنتبهت "منال" لفيلمًا على التلفاز من بطولة فريد الأطرش وشادية، تذكرت أن ابنها يعشق ذلك الفيلم، ولهذا صاحت بحماس:
- الله يا مالك الفيلم اللي أنت بتحبه أهو.
انتبه "مالك" لما تُشير له والدته، ليبتسم بخفة وأردف:
- ياه يا ماما لسه فاكرة!
أجابته والدته بحب صادق مُسترجعة ذكرياتهم معًا:
- آه طبعًا فاكرة، دا أنت وديانة ياما اتخانقتوا بسبب فريد الأطرش.
حولت "منال" نظراتها تجاه "زينة" وأضافت بتوضيح:
- أصل مالك بيحب فريد الأطرش وبيحب أغانيه، وديانة مش بتحبه وبتقول عليه سهتان.
حاولت "زينة" صُنع البسمة حتى لا تنزعج "منال" من جمودها، هي ليس لديها مشاكل مع أفراد عائلة "مالك" بل وتحبهم كثيرًا أيضا، وإن كانت الظروف غير تلك التي وقعت بها، لكانت الأن سعيدة للغاية بتلك السهرة العائلية، ولن لسوء حظها كل ما تمنت حدوثه فى يوم من الأيام جاء بعد فقدانها لشغف الحياة بأكملها، هتفت مُسايرة لحديث "منال":
- ليه كده! ده حتى فريد الأطرش صوته حلو جدًا.
قابلتها ببسمة ود ومحبة مُجيبة إياها:
- ملهاش فى الرومانسية يا ستي.
تدخلت "ملك" فى الحديث مُردفة بمشاكسة:
- ده كمان ده الفيلم بتاع أغنية زينة و..
توقفت من تلقائها نفسه وتوسعت عينيها وكأنها تفاجأة من شيئًا ما وأضافت بتعجب:
- إيه ده لحظة واحده، إيه الصدفة دي! ده مالك كان بيغنيها ليل نهار وكان بيحبها جدا، يقوم يتجوز زينة فى الأخر؟
هتف "إياد" هو الأخر مُتفاجئ مما قالت "ملك" وأردف بإستفسار:
- إيه ده هو مالك بيغني كمان؟
أجابه "محمود" بنبرة مازحة:
- آه يا سيدي ده كان رايح جي يغني في البيت كله، لحد ما قولتله كنت أطلع مطرب بدل من شغل السياحة.
أكملت "منال" الحديث من بعد زوجها مُردفة بمدح:
- وصوته حلو جدًا يا إياد.
هتف "إياد" موجها حديثه نحو "مالك":
- طب ما تسمعنا حاجة بقى يا عم مالك.
قابله "مالك" مُعترضًا على ذلك الأمر:
- أنت هتعوم على عومهم أنت كمان؟
تدخلت "ملك" مرة أخرى فى الحديث مُردفة بإلحاح:
- عشان خاطري يا مالك غني أغنية زينة، خلي زينة تسمعها منك.
وجهت حديثها هذه المرة نحو "زينة" مُضيفة بمدح:
- ده بيغنيها أحلى من فريد كمان.
لكز "مالك" "إياد" بخفة شاعرًا بالحرج:
- سكت مراتك يا عم.
لم يوافقه "إياد" الرأي بل وأصر عليه هو الأخر مُلحًا:
- صحيح عندها حق يا مالك، ما تغنيها وتسمعنا.
هتفت "منال" هي الأخرى بترجي:
- يلا بقى يا مالك، بقالي كتير مسمعتكش بتغني.
نهضت "ملك" من مكانها وألتقطت جهاز التحكم بالتلفاز مُعقبة:
- يلا بقى يا مالك بلاش بواخه، عشان خاطر زينة.
كتمت صوت التلفاز، وألتقطت هاتفها وأضافت بحماس:
- انا هجبلك الموسيقى وأنت تغني وأحنا هنردد وراك.
لم يجد أمامه مهرب وفى النهاية أستسلم لرغبة الجميع وإلحاحهم، نظر نحو "زينة" فوجدها تنظر فى الأرضية بكثير من الحرج، تفحصها بعناية شديدة إرتباك أصابع يدها وقدميها، حركة جسدها الغير مُستقرة، ودون إدراك منه وجد نفسه يهتف بصوت مسموع:
- زينة.
رفعت نظرها لتتقابل عينهما، لتجده ينظر لها بهيام شديد، بينما هو بمجرد أن نظرت له أبتسم بحب وشرع فى الغناء:
- زينة زينة زينة، زينة زينة زينة.
زينة غالية علينا، زي ضي عينينا.
زينة زينة زينة، زينة زينة.
بدا الجميع فى التصفيق خلفه بحماس ورددوا خلفه هما أيضا بسعادة:
- زينة زينة زينة، زينة زينة زينة.
زينة غالية علينا، زي ضي عينينا.
زينة زينة زينة، زينة زينة.
نظر فى عينيها بهيام وحب شديد مُتيمًا بها وأكمل غناء بإستمتاع وحب صادق مُستشعرًا كل كلمة يقولها:
- والله زينة والله، تشتهيها العين.
لولا خوفي من الله، لاقطف الخديـــن.
اللي نورهم خلا، حارق قلبي ظله.
والصحرا جنينه، زينة والله زينة، زينة والله زينة.
عادوا مرة أخرى يُرددوا خلفه بحب وسعادة:
- زينة زينة زينة، زينة زينة زينة.
زينة غالية علينا، زي ضي عينينا.
زينة زينة زينة، زينة زينة.
تنهد بقلة حيلة والكلمات تخرج من قلبه قبل فمه، وكأن تلك الأغنية كُتبت خصيصًا له ولها لوصف حيرة قلبه معها وندمه الشديد عما فعله، ليُكمل مرة أخرى بهمنة:
- زينة مالي حيلة، عقلي مني راح.
زي صاحب ليلى، و الهوى فضاح.
له حكاية طويلة يا أم عين كحيلة.
انظري يراعينا، زينة والله زينة، زينة والله زينة.
مرة أخرى رددوا خلفه، وأثناء ذلك أرسل "إياد" إلى "ملك" قبلة طائرة دون أن يراه أحد، لتتسع عينيها مُحذرة إياها من تكرارها وأكملت فى الترديد معهم:
- زينة زينة زينة، زينة زينة زينة.
زينة غالية علينا، زي ضي عينينا.
زينة زينة زينة، زينة زينة.
بينما نهض "مالك" من مكانه وسار بعض الخطوات وجلس بجانبها مُستغلًا الأغنية، وكأنه يُمثلها مُضيفًا:
- زينة وبخت اللي فاز بالقرب منك زين.
وجهك ده ولا القمر، زانه سواد العينين.
يا هل ترى قلبي يلقى الفرح أمتى و فين.
رفع نظره لها وكأنه يسطعتفها بل ويلح عليها بطريقة لا يفهما أحدًا غيرهم، سوى "إياد" الذي يراقب ما يحدث منذ البداية، بينما أكمل "مالك":
- امتى الزمان يصفالي، والتقيلي حبيب.
مـخـلص يريح بالي، يكون وصاله قريب.
و يــملأ قلبي الــخالي، أكيد معاه عُذالي.
و الدنيا تضحك لينا.
زينة والله زينة، زينة والله زينة.
أنتهى من الغناء وكانت "زينة" تشعر بالكثير من الحرج بسبب نظرات الجميع المُسلطة عليهم، وكأنهم ينتظرون منها شيئا أو ردة فعل، ولكنها غير قادرة على فعل أي شيء، فظلت ناظرة إلى الأرض وسفقت مع الجميع، بينما صاح "إياد" بتشجيع:
- يا عيني يا عيني يا عم فريد.
هتفت "ملك" موجهة حديثها نحو "زينة" مُستفسرة بمشاكسة:
- إيه رأيك يا ست زينة؟
ابتسمت لها "زينة" بمجاملة مُردفة بكثير من الحرج:
- حلو.
رفعت "ملك" أحد حاجبيها مُعترضة على ردة فعل "زينة" ببعض من المرح والحماس:
- حلو بس؟ ده لو أنا زينة وجوزي اللي زي القمر ده بيغنهالي، هقوم أتعلق فى رقبته وقلوب هتطير من عيني.
توترت "زينة" من تعليق "ملك" خشية من يكونوا لاحظوا شيئًا مما بينها هي و"مالك" بينما "اياد" لاحظ ما يحدث وقرر لفت الأنظار تجاهه، وعلق على حديث "ملك" بمشاكسة:
- انا لازم أكلمهم يعملوا أغنية لملك بسرعة.
ضحك الجميع على تعليق "إياد" المشاكس، بينما شعرت "ملك" بالحرج من تعليقها السريع والمتحمس دون إنتباهها لايحائها الغير المباشر، لتندم على تسرعها.
❈-❈-❈
كان الجميع جالسون على السفرة ينتظرون نزول "جواد" لتناول الإفطار معًا، وخلال ثوانً هبط "جواد" الدرج بعد أن أنتهى من إستحمامه وأرتدى ملابسه، صاحت "ماجدة" بمجرد أن رأته:
- أهو جواد نزل أهو.
أقترب منها وقبل رأسها مُردفًا بمحبة:
- صباح الخير يا عمتي.
ربطت على يده بمحبة مماثلة مُعقبة بعاطفة أمومه:
- صباح النور يا حبيبي، يلا عشان نفطر.
أومأ لها بالموافقة وسريعًا ما تحرك وقام بسحب كرسي من جانب "ديانة" وجلس عليه وهو يُلقي بالتحية على الجميع:
- صباح الخير يا جماعة.
رد الجميع عليه التحية، بإستثناء "ديانة" التي كانت تتلاشى النظر إليه من أن جاء، ولكنه لن يستسلم ولن يتركها وشأنها، بدأ الجميع فى تناول الطعام، بينما أستغل هو إنشغالهم ومال إلى جانبه قليلًا ليصبح قريبًا جدًا من أذنيها، وأضاف مُهثهثًا بكلمات ذات مغذى:
- كده نبقى خالصين.
بالطبع فهمت ما يقصده بهذه الكلمات، لم يكن عليها أن تقف وتشاهده وهو يستحم، هكذا هي رفعت الخطأ عنه والقته على نفسها، كم هي غبية وحمقاء، وها هي الأن تُقشعر من شدة الحرج، ولكن أنقذها صوت "أسما" التي هتفت بحماس:
- كارم كلمني وقالي إنه حجزلنا المكان خلاص والشاطئ بتاعنا بكره.
أستغلت "ديانة" الفرصة لتتهرب من الرد على "جواد" وأجابت "أسما" قائلة:
- بس انا مش عاملة حسابي لرحلة زي دي، حتى لبسي كله formal (رسمي) عشان الشركة.
ابتسمت لها "أسما" على مشكلتها البسيطة، مُردفة بحماس:
- هي دي أكبر مشكلة عندك يعني، النهاردة نخرج نعمل shopping.
شعرت إنها بدلًا من أن تهرب من مشكلة ما ورطت نفسها فى مشكلة أكبر، لتحاول التهرب منها هي الأخرة مُعقبة بأستفسار:
- طب والشركة؟
تدخل "عامر" فى الحديث مُجيبًا على إستفسار "ديانة" مُقدمًا الحل بهدوء:
- مش مشكلة، جوزك يجي معايا الشركة نخلص كل حاجة، الأوراق المهمة نجبهالك باليل تمضي عليها أنتي كمان.
هتفت "ماجدة" مُرحبة بالفكرة وصاحت بحماس:
- فكرة حلوة يا عامر وأنا كمان هروح معاهم.
وجه "عامر" حديثه نحو "جواد" مُصطنعًا الأسئ:
- أهو كده يا ابني أنا وأنت هنتغدى فى الشركة لأن دول مش هيجعوا غير على نص الليل.
قابله "جواد" بإقتراح مُناسب وكأنه غير قادرًا على الإبتعاد عنها ليردف:
- طب وعلى إيه أحنا نخلص فى الشركة ونقابلهم نتغدى سوا.
ضحكت "أسما" بإعجاب شديد على ما قاله "جواد" وأضافت ببعض من المشاكسة:
- يا عيني على الحب والرومنسية، مش عايز حتى
يتغدى بعيد عن ديانة.
شعرت "ديانة" بالحرج الشديد من تعليق "أسما"، بينما ابتسم "جواد" بخفة وأضاف مؤكدًا على حديثها وهو ينظر إلى "ديانة" بعشق:
- معاكي حق يا أسما، أنا فعلا مبقتش بقدر أعمل أي حاجة من غيرها.
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة منة أيمن, لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية