-->

رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 12 - 2

 

قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد

تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية



رواية عازف بنيران قلبي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد


الفصل الثاني عشر

الجزء الثاني 


العودة للصفحة السابقة

❈-❈-❈

في مكتبه بالنيابة   

جلس ينتظر عودة جاسر بعدما أخبره، كان يونس وحمزة يجلسون بمحاذته 

- تفتكر جدك هيرضى بالأمر الواقع في موضوع قاسم الشربيني ياراكان 

مسح على وجهه بغضب:

-يونس صدقني مش طايق نفسي، الكل يتلاشني دلوقتي، اقترب يونس جالسا بمقابلته 

- إيه اللي قالهولك بن الشربيني مخليك متعفرت كدا 

ارجع خصلاته للخلف بعنف: 

- يوووونس انا قولت أيه، روح على المزرعة روّح ليلى وسيلين،  لو شوفتها قدامي ممكن اقتلها 

رمقه حمزة متسائلا:

إيه اللي حصل ياراكان؟! مش ناوي تقولنا ولا إيه 

لم ينبس بنبت شفة فقد أصبح جسده كنيران تلتهم الأخضر واليابس، كلما تذكر حديث ذاك المعتوه، أخرج تبغه وهو يحاول أن يسيطر على نفسه حتى لا يذهب إليها ويحطم عظامها 

اتجه إليه يونس :

- راكان هتفضل كدا، ممكن تشاركنا عمري ماشفتك كدا 

استدار ليونس  يطبق على جفنيه بوهن شديد

- جدك متورط مع الكلب قاسم في بلاوي كتير، وبيهددني الكلب، لو مخرجتوش هيطلع كل الورق اللي عنده 

تحرك حتى جلس خلف مكتبه ووملامحه عبارة عن لوحة من الغضب والوجع بآن واحد ثم رفع نظره لهما وأكمل:

- لو على توفيق في داهية، المشكلة دلوقتي فيه ورق سليم وبابا مضين عليه، معرفش ازاي واحد زي سليم يعديه ورقة يمضي عليها من غير ماياخد باله 

عقد حمزة حاجبيه متسائلًا: 

- الورق دا فيه ايه ياراكان، جلس يضع رأسه بين راحتيه 

- كل اعمالهم المشبوه توفيق الزفت مخلي بابا ماضي عليها، غير غسيل أموال 

اعتدل حمزة مصدوما من كلماته

- هتعمل إيه؟! تسائل بها يونس 

قاطعهم رنين هاتف يونس:

- ايوة، تمام..قالها يونس وهو يجمع أشيائه 

- لازم اتحرك عندي ولادة متعثرة، الدكتورة معرفتش تتصرف،  هنتقابل بقى في البيت 

تحرك خطوتين ثم استدار

- خف على ليلى ياراكان، ليلى دلوقتي مرات سليم 

نفث دخان تبغه وأكمل

- روح ولد الست هتموت، زمانها ماتت فطيس 

قهقه عليه يونس وهو يتحرك 

- عقبال مانسمع صريخ مراتك ياحبيبي 

اتجه حمزة يجلس أمامه:

- الموضوع كدا فلت منك ياراكان، دا ابوك وأخوك،  نفث دخان سيجاره وابتسم بسخرية

- ومرات اخويا ، ياحضرة المحامي، دا الولا حاطهها في دماغه زي المجنون لا وبيقولها في وشي ولا همه 

دقق حمزة النظر بعينيه التي تهرب في جميع أنحاء الغرفة:

- قالك ايه مخليك مش على بعضك ياراكان، إيه اللي قاله معصبك موضوع جدك دا مش اقنعني، لأني عارف هتعرف تخرج منه بتسجيل صوتي اقل حاجة، غير اللي بترتبله 

اخذ نفسًا طويلا من لفافة تبغه ثم اتجه بنظره لحمزة:

- تفتكر ليلى اتجوزت سليم عشان تهديد امجد بمين بالظبط 

دلف جاسر بدرة إلى المكتب، نهض راكان إليها

- انتٍ كويسة؟! 

عايزة أروح، قالتها بصوت متقطع

وصل الكاتب إليه وقام بفتح قضية ..وبعد الإنتهاء من أخذ أقوالها

-حمزة روح الباشمهندسة، وأنا هطمن ليلى 

توقف حمزة متجها إليها:

- انتِ كويسة، رفعت بصرها إليه وانسدلت عبراتها ثم تحركت بوهن بجواره 

-عايزة أروح، ممكن أروح، أومأ برأسه متحركًا بجوارها ببطئ عندما شعر بإختلال توازنها 

توقفت تأخذ أنفاسها بهدوء عندما شعرت بعدم مقدرتها على التنفس، استدارت إليه تحاول الصمود أما قوة الإغماء التي انتابتها، ولكنها لم تقو فسقطت كورقة خريف متهاوية، تلقفها سريعا بقبضته 

وصل بعد قليل للمشفى، وهو يحادث راكان 

- أنا وخدها المستشفى دلوقتي، هات ليلى وتعالى، شكلها هتدخل في إنهيار عصبي 

في المزرعة 

كانت تجلس بالخارج بجوار أسيا وسيلين 

- اتأخروا ليه، المفروض يكونوا وصلوا !! 

ربتت على كفيها:

- إن شاء الله شوية وهتلاقيهم، وصل نوح وأسما  التي تحمل القهوة ثم وضعتها

- ليلى مش نوح لسة جاي وقالك وصلولها، ليه قلقانة؟! 

نهضت وهي تفرك كفيها 

- خايفة بابا يروح على البيت عندي، هو مقتنعش بفكرة مبيتها عندي، بابا تعبان يااسما مش عايزة يعرف حاجة 

ضمها نوح يربت على ظهرها: 

- حبيبتي اهدي شوية وهتلاقي راكان داخل بيها، استمع لصوت سيارة راكان 

أسرعت ليلى إلى السيارة حتى كادت أن تصطدم بها ، ترجل وهو يرمقها شرزا: 

-  ياريتها كانت خبطتك وارتحت منك!! 

ارتجف جسدها، واخترقت كلماته قلبها فرفعت نظرها متناسية أمر اختها 

- يااه لدرجة دي بتكهرني حتى عايزني أموت وتخلص مني، انسدلت دمعة من عينيها وأنحنت تبحث عن أختها بالسيارة، متجاهلة تصلب جسده ونظراته التائه إليها 

تحركت إلى أن وصلت نوح وهي تبكي 

- قوله فين اختي يانوح، وصل إليهم يوزع نظراته بينهم وكأن الكلمات هربت من فوق شفتيه للحظات فقط، فتوقفت نظراته عليها 

- درة أغمى عليها وحمزة مروحها، ودلوقتي هي في المستشفى 

ترنح جسدها للخلف، بأعين مغمضة مصعوقة مما قاله فارتطم جسدها بصدره، ليه هو ممكن يكون عمل فيها حاجة...قالتها ولم تشعر بنفسها وهي تسقط بين يديه فاقدة للوعي 

بعد قليل بالمشفى كان يقف بخارج الغرفة التي تقوم الطبيبة بالكشف عليها 

خرجت أسما اولًا تنظر إلى نوح ثم استقرت بنظرها على حمزة مردفة:

- هي كويسة، كل الحكاية ان لولا هتبقى ام بعد تمن شهور 

انظارهم كلها اتجهت إليه، بأنفاس مرتجفة ولسان تجمدت فوقه الكلمات لبعض الوقت وهو يوزع نظراته بينهم بتشتت، وقلبا مفطور، وكأن أحدهم صعقه بقوة حتى فقد عقله 

أفلت ضحكة من بين شفتيه مع دمعة غائرة وهو يتمتم: 

- هكون عم، تراجع لبعض الخطوات بظهره وهو يكرر تلك الكلمات، حتى استدار متحرك لخارج المشفى، ودموعه تنسدل بغزارة وذكرياته بها من أول لقاء بها حتى سقطت بين يديه 

ود لو احرق قلبه الذي يأن بألم حبها، ظل لبعض الوقت يدور بالسيارة بالشوارع من غير جهة حتى استمع لرنين هاتفه 

- أيوة ياحمزة انا تحت قدام المستشفى، انزلوا 

اتجهت سيلين التي تتراقص فرحًا وهي تحاوط ليلى 

- هبقى عمتو ياناس، الله الله، أهي دي الأخبار ولا بلاش، قبلت ليلى على خديها ، نظرت لراكان الجالس بعيدا بالسيارة وتحدثت

- تعرفي من صدمة راكان بكى، والله شوفت دموعه، أخيرا هنفرح بحفيد للعيلة 

وصلت إلى راكان ونظراتها عليه، كان يجلس ينفث تبغه ولم يتوجه بالنظر إليها، فتحت سيلين باب السيارة الأمامي

- اركبي هنا عشان متتعبيش ورا، هزت رأسها رافضة 

- هكون ورا مرتاحة أكتر،  وضعت يديها على أحشائها بعفوية منها وتحدثت

- متخافيش هعرف احافظ عليه، استدارت تجلس بالخلف، رفع راكان نظره لأخته 

- خليكي ورا ياسيلي، هاخد حلا من الطريق نوصلها شقتي

نظر اليها في المرآة 

- حمزة أخد درة يوصلها متقلقيش عليها، حمزة شخص كويس متخافش منه، فكري في ابنك بس

قالها وقام بتشغيل محرك السيارة مغادرا المكان



❈-❈-❈


بعد قليل وصل لحلا التي جلست تصفق بيديها 

بعدما قبلته على خديه واعطته أحد الأوراق 

- كدا تمام ياحبيبي،  كل الورق عندك 

أمال بجسده يطبع قبلة بجانب شفتيها 

- كدا تستاهلي سهرة ياحبيبي 

احتضنت ذراعيه ونظرت لوجهه ملمسة ذقنه

- هتبات عندي الليلة دا اللي طلبته منك ياراكان، من وقت مااتجوزنا مبتش غير ليلتين بس وكمان 

قاطع حديثها واضعا أصبعه على شفتيها 

- إشش عيب معانا ناس ورا، استدارت لهما 

آسفة مكنتش واخدة بالي، نظرت إليه ثم أكملت حديثها وهي تلمس وجنتيه

- راكان نساني حتى أسمي 

وضعت ليلى رأسها على النافذة، تمنت لو أصيبت بالعمى والصمم، هل كان يشعر بذلك عندما تكون مع سليم، قلبها يحترق كأحتراق الوقود، اطبقت على جفنيها تضع يديها على أحشائها وهي تبتسم بعفوية ، رن هاتفها 

-أيوة ياسليم، لا ياحبيبي في الطريق، توقفت السيارة بصوت صريرها فجأة 

رفع يديه معتذرًا 

- آسف، شردت شوية، فيكوا تنزلوا ، هرجع مع حلا 

نزلت بساقين هلامين لم تقو على حملها، وصل سليم الذي ينتظرها بالخارج يضمها لأحضانه ويدور بها بضحكات صاخبة 

- ألف مبروك ياأجمل مامي 

كان يناظرهم بإبتسامة على وجهه من فرحة أخيه التي ظهرت عليه، مسح على وجهه وظل لبعض الدقائق ينظر إليهم ثم استدار عائدًا بسيارته 

- نفسك في بيبي ياراكان قالتها حلا متسائلة 

نظر إلى الطريق، ثم إليها وأجاب

- أيوة ياحلا، نفسي أكون عيلة.. رفع يديها يضع أنامله بخصلاتها وابتسم بوجع 

- مستعدة تكوني أم ، ابتسمت بحبور، ثم وضعت رأسها على كتفه ، أمال برأسه يقبل خصلاتها وقرار بنفسه ينزع قلبه الذي يتمرد عليه


عند ليلى وسليم 

دلف بها الغرفة وهو يدندن

- مشبعش منها الكلمة دي، لكزته بكتفه 

- بس بقى كسفتني قدام طنط وعمو وسيلين 

غمز بعينيه هو انا عملت حاجة يالولا، دا العمايل لسة هتيجي الليلة 

❈-❈-❈

عند نوح واسما 

يحاوطها بين ذراعيه يمسد على خصلاتها الشقراء رفع ذقنها بأنامله 

-شعرك أحلو قوي عن الأول، ابتسمت إليه بحب

تداعب وجنتيه

- وانت كمان بقيت وسيم وحلو

ظلا يتبادل النظرات بينهما حتى أفصحت عيناه عن مايريده، هربت من أنظاره الشغوفة بها مغيرة مجرى حديثهما 

- تفتكر ليلى وراكان هيتحملوا لحد إمتى، رفعها حتى أصبحت بمقابلة وجهه

- ليه بتهربي مني ياأسما، يعني ليلة زي دي بتتكلمي عن ليلى وراكان 

اعتدلت تجلس أمامه ممسكة كفيه تربت بحنو عليهاا 

- مش هربانة ابدا يانوح، بس محتاجة منك شوية وقت حبيبي، متنساش إنك فجأتني والحاجات دي عايزة ترتيب، رفعت بصرها تنظر لسواد عيناه

- دا مش معناه أنا رافضة علاقتنا ابدا، عايزة استعد لحياتنا ووعد مني هحاول على قد مااقدر استقبل حياتنا الجديدة بسرعة 

جذبها من رأسها مطبقًا بشفتيه فوق ثغرها ليتناغم معًا بأفضل الألحان ، ظل يرويها من شهد عشقه بقبلاته التي جعلته مالكًا لقلبها قلبا وقالبًا 

تسطح على الفراش يحذبها لتغفو فوق صدره، فلأول مرة يغفو وقلبه وجسده مطمئنًا 

باليوم التالي استيقظ راكان على صوت هاتفه

فتح عيناه يتحدث بصوتًا مفعم بالنوم

- صباح الخير، فيه ايه على الصبح ؟! 

كان يرتدي ثيابه ويحادثه من مكبر الصوت 

- صح النوم ياعريس، فوق عشان اجتماع الوفد الألماني بعد ساعتين، وآه بالنسبة لشركات عمك محمود وبتعتك انت وسيلين عملت زي ماقولت بالضبط 

-صباح الخير ياحبيبي، قالتها حلا وهي تقبل وجنتيه...ثم أكملت حديثها 

-نمت كويس 

أشار للهاتف:

- بتكلم في الفون حلا، جلست أمام المرآة ونظرت إليه:

- جهزتلك الحمام، زفر بغضب 

- ايوة ياسليم كنت بتقول ايه حلا فصلتني على الصبح، ضحك سليم الذي يعدل من رابطة عنقه ناظرا لزوجته التي تجلس بهدوء على مخدعها مستندة بظهرها على الفراش 

- بقولك حولت كل حاجة من ألمانيا زي ماقولت لسة الأمضى بتعتك بس، وكمان كل ماهو مرتبط بوالدتك نقلته على اسمك زي ماحمزة طلب، دلوقتي فيه مشكلة 

هتعمل إيه في الشراكة اللي كانت بين توفيق ووالدتك وخاصة ماما زينب متعرفش عنها حاجة بعد اللي جده عمله 

اعتدل جالسًا وأجابه:

- حبيبي اشرب قهوة وأفوق وبعد كدا نتكلم، دماغي بتوجعني 

تنهد سليم وتحدث بصوتا غاضب بعض الشئ

- من الشرب ياراكان معرفش هتفضل لحد إمتى كدا 

المهم الأسبوع الجاي مضطر أسافر عشان حضرتك موكلني بكل حاجة وقاعد تقضي كل ليلة في حضن واحدة ممكن تفوق من القرف دا وياسيدي هات مراتك هنا خلاص هرضى بالأمر الواقع 

- سليم بقولك عندي صداع، وبعدين مضايق ليه انت؟!  دي حياتي، مش مراتك عندك، خلي بالك منها انت ومبروك ياحبيبي نسيت اباركلك هتكون أحن أب في الدنيا كلها 

- سمعتي ياليلى، زي ماانتِ سامعة مبعرفش أوصل معاه لحاجة، اعتدل وكأن الهواء أنسحب من الغرفة بالكامل فأردف بتقطع 

- بتكلمني قدام مراتك، قهقه سليم وهو يغمز لليلى 

- وحياتك سامعة كل بلاويك

أغلق الهاتف وهو يسبه بسره ثم اتجه للمرحاض 

نهضت ليلى تقف بمحاذته متسائلة

-مين هيلينا دي؟!  واحدة من جواري أخوك ولا إيه؟! 

قبّل جبينها مردفًا:

- دي مامته ياحبيبي، لما أرجع من الشغل هحكيلك كل حاجة، وضع يديه على أحشائها

- خلي بالك من حبيب باباه، يعني بعد ماقررنا نسافر، الأستاذ هلّ علينا 

جلست وهي تتحدث:

- عادي ياسليم، أنا أصلا مكنتش حابة نسافر، بقولك عايزة أعدي على ماما عشان اطمن على درة وأشوف الحقير نور دا عمل كدا ليه 

ياما نفسي يمسكوه، بس هيروح فين 

ضمها لأحضانه ثم اردف:

- سيلين هتجيلك بعد شوية، هتنزلي معاها مشوار وبعد كدا اعملي اللي انتِ عايزاه من غير ماترجعيلي 

أومأت موافقة...بعد يومين، سافر سليم  هبطت للأسفل في يوم تجمع العائلة، كان الجميع على مائدة الإفطار سوى سليم، جلست بجوار سيلين تبتسم لها 

دلف ملقيًا تحية الصباح، رفع نظره لجده الذي يجلس هادئا على غير عادته، اتجه لوالدته مقبلا رأسها:

- صباح الفل يازوزو، إيه الحلاوة دي، بتصغري يازوزو، قالها وهو يرمق توفيق 

جلس وبدأ بتناول قهوته ثم تناول الجريدة ينظر فيها وهو يحادث توفيق

- مفيش مبروك لمرات حفيدك ياتوفيق باشا 

نظر توفيق لليلى بذهول، ثم اتجه بنظره لراكان 

- إيه دا هي العروسة حالا حملت، دا شكل سليم عامل شغل  عالي 

رغم كلماته التي شقت صدره الا انه ابتسم بسخرية 

-مش عيب كلامك دا قدام الكل كدا، وعلى فكرة وصيت سليم  عشان حضرتك تكون فرحان مش أكتر...قالها وهو يرمق ليلى التي كانت تجلس ووجها عبارة جمرة من نيران الغضب  

ظل يرتشف من قهوته بهدوء ثم اردف 

بمناسبة الخبر الحلو دا لازم اعرفك إن سليم هيسحب كل أملاكه في شركة البنداري الأم ، ماهو ابنه أولى بيها من الغرب 

ظل يدور بفنجانه على الطاولة وهو يرمقه بنظرات سخرية ثم تحدث مسترسلا 

- تعرف ياتوفيق باشا الشيطان يتعلم منك، نهضت زينب وتحدثت

- راكان افطر ياحبيبي وعيب كدا، مش كل مرة نتخانق 

اتجه ببصره لوالدته وأجابها 

- هو أنا قولت حاجة ياماما، أنا بس بعرفه على اللي هيحصل، نظر في ساعته وتحدث

- دلوقتي حمزة اصلا خلص كل حاجة، مبروك ياجدي، شركتك اتسحب منها فرد من العيلة، ومش بس كدا، كل التوكيلات اللي باسم سليم لُغيت وخد الكبيرة عشان الذبحة الصدرية تيجي مرة واحدة 

نهض متجها لوالدته ونزل بجسده يضم مقعدها من الخلف وهو يوزع نظراته بين الجميع 

- وسحبت شركات الست هيلينا بوراك من تحت ايدك، قبل رأس زينب وأكمل وهو يدور حول جده 

- انا عارف من عشر سنين ان هيلينا هي اللي ولدتني، بس ذكائك خانك ياجدو عشان اللي الأم هي اللي بتربي مش اللي بتولد ابدًا

أمال بجسده مستندا بيديه على طاولة الطعام ينظر لمقلتيه: 

- راكان البنداري رجل لايعرف المستحيل ، هز رأسه وابتسم غامزا بعينيه

- نسيت اقولك مش انا رجعت حق ماما زينب بيع وشرى بامضتك الحلوة دي، حتى شوف 

رفع كف جده وأشار على أنامله:

- شوفت الايد الحلوة دي اللي كلها دهب مضت لحلا اللي هي مراتي على كل اللي عاوزه 

أشار بيده للجميع 

- آسف عمو خالد، آسف عمو جلال، عمتو سميحة حبيبة قلبي، بحبك والله ، خلي بالك من والدك العزيز وفهميه داين تدان 

يلا باي بالهنا للجميع...كان يونس يمنع ضحكاته أما سيلين التي تجلس ولا تفقه شيئا، نهضت لتلاحق راكان ولكن اوقفها صوت توفيق البغيض

- استني يابنت الشوارع انتِ، تسمرت بوقفتها وانسدلت عبراتها 

وصل توفيق إليها عندما جن جنونه من راكان، ففكر سريعا ظنا منه أنها لا تفقه شيئًا 

جذبها من خصلاتها وهو ينظر لزينب بتشفي

- بنت الحرام دي مستحيل تقعد في البيت دا دقيقة واحدة 

صرخت سيلين وزينب، بينما جحظت أعين ليلى التي وضعت يديها على أحشائها 

استمع راكان لصيحات سيلين، هب من مكانه بغرفته، بينما يونس الذي وقف أمام جده، محاولا تخليص سيلين من يديه 

- جدي اللي بتعمله دا مش من حقك 

وقفت زينب تحرر خصلات سيلين من قبضته، أما الباقي جلسوا كالمشاهدين فقط سوى سميحة وابنتها عاليا اللتان حاولتا التدخل 

رفع توفيق كفيه حتى يصفع زينب ولكن توقف راكان أمامه يمسك كفيه وصاح بصوته الذي هز أركان المنزل قائلا: 

- عملتها قبل كدا ياتوفيق باشا، ورضيت، كنت عيل دلوقتي بحذرك ايدك تترفع على أمي تاني قسما عظما هكسرلك ايدك اللي فرحان بيها،

الايد اللي كلها دم وقرف، أنا كنت ساكت على بلاويك عشان ماما زينب وعدتها بكدا، إنما تطاول بعد كدا مش هرحم حد 

ضم أخته ووالدته

- دول بعيلتك الحلوة دي كلها، فبلاش تخرجني عن صمتي، بحاول اسيطر عشان عمتي وبابا مش أكتر ودلوقتي انت غير مرحب بيك في البيت دا 

- برررة ومش عايزك تدخل أي مكان مكتوب باسم راكان البنداري، ودا كرم من أخلاقي اني أسيبك في قصر البنداري، كفاية رضيت انكم تقعدوا في قصرنا 

❈-❈-❈ 

بعد عدة أيام عاد لمنزله ليلا، قابلته سلمى تبكي على باب قصره 

- مالك يابت واقفة كدا ليه، تحركت تمسك كفيه وتحدثت 

- انا في مصيبة يابن عمي ولازم تساعدني، مش إنت كبير العيلة 

زفر بغضب واردف: 

- سلمى خلقي ضيق وعايز اطلع انام بقالي يومين  منمتش مش شايف قدامي، اي حركة واطية منك هدفنك مكانك، كلام توفيق اني اتجوزك دا بأحلامك  

سحبت كفيه وجلست بالحديقة : 

- اقعد بس ياراكان هحكيلك اهو، وصلت العاملة اليهما 

-تشرب حاجة ياباشا ..ضيق عيناه وبعدما كان ينزي المغادرة وجد ليلى تقف في الشرفة وتنظر اليهما ابتسم بسخرية فاردف:

- اعملي قهوة ياشادية، غمزت سلمى بعينيها 

فتحركت العاملة للمطبخ بينما جلس راكان مستندا على الاريكة مغمض العينين مرة ويطالع تلك التي تحتسي شيئا 


-   قولي ياسلمى سامعك، دنت منه وهو مغمض العينين تمسد على خصلاته وتحكي له، ابتسم عليها بسخرية فهم ماتنتويه، ظل كما هو يحلو له اغاظة من تقف تنظر إليهما قائلا بسره

- دوقي من صنع يداكِ زوجة أخي، همس بها لنفسه حزينا، فتح عيناه فجأة عندما امالت سلمى تقبله 

اعتدل يبعدها بغضب

- اتجننتي يابت، وصلت العاملة تضع قهوته أمامه وعصير أمام سلمى ثم تحركت للداخل 

ارتشف القهوة وهو يطالع تلك التي جلست بمقابلتهما وكأنها تحادث أحدهما..استدار بعينيه لسلمى وكأنه بدأ يشعر بتغير على جسده 

نهض وهو يشير إليها 

- بكرة نكمل كلامنا، تعبان ومش قادر، أمسكت كفيه تحثه على الجلوس، دفعها بقوة حتى سقطت على الأرض

- قولتلك بكرة، مبتفهميش كان هناك من يراقب الوضع 

دلف راكان للداخل وهو يشعر بنيران تستولى على جسده، حاول جاهدا الوصول لغرفته حتى يوصل لمرحاضه، ويبرد جسده ولكنه ثقل بالحركة 

بالخارج صاح بغضب

- خليكي وراه، ولازم تصوريه هموتك لو محصلش دا، وانتِ هتستفادي متنسيش

تحركت سلمى خلفه، وصل لأخر الدرج وجدها تقف تعقد ذراعيها متحدثة بغضب

-ممكن أعرف إزاي تخليها تقرب منك كدا، انت ايه مش حرام عليك اللي بتعمله دا، عايز توجعني انا اتوجعت مافيه الكفاية واتكسرت 

فقد السيطرة على حاله وصل إليها يجذبها من خصرها مردفًا 

- أوجعك وأكسرك ، مش أنا،  اللي احاول اكسرك،  هو فيه حد بيكسر حبيبه برضو 

دنت تلمس وجهه واقتربت حتى اختلطت انفاسهما

-طيب ليه بتعمل كدا، ليه بتوجعني كدا، كل شوية في حضن واحدة ياراكان

  يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سيلا وليد من رواية عازف بنيران قلبي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية