رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 20 جـ1
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل العشرون
الجزء الأول
كانت كمن يقف على نيران متقدة وهي تقف بين الدرج بداخل منزلها و حقيبتها معها فركت قبضتي يدها بعصبية لاعنة تلك التعيسة التي تحظى بأثمن اللحظات بحياتها، لكنها لم تستطع منع نفسها من البكاء من شعورها بالخذلان فالجميع أصبح يبتعد عنها واحد يلي الأخر ولم يعد لها أحد ! وكل ذلك دار معها بسبب اعتداء متعمد عليها من قبل شاب أهوج في وعيه، فهي الضحية هنا وليست المذنب هنا! لكن الجميع يعاملها وكانها المذنبه في تلك القصه.. بكت في صمت متأثرة بكل ما خضعت له.
هبطت فريدة آخر خطوتين أمامها فوصلت في الدور الثاني، واستندت بيدها على الدرابزون وبدأ حلقها جافاً للغاية من فرط التوتر والخوف، حاولت أن تفكر بذهن صافٍ لتنجو ببدنها مما تورطت فيه من متاعب مقلقة مؤخراً .. لتفكر هل تعود إليهم وتتنازل للمره الثانيه عن حقها؟ هل تجعل كرامتها مداس تحت اقدام الجميع! هل تكسر نفسها للمره الثانيه! هل تتغاضى عن اهانتها بأبشع الطرق تعرضت لها، هل هي فعلا المخطئة؟.. هل بتلك الطريقه ستنال رضي أسرتها؟ عندما تترك حقها يضيع بلا ثمن! وتترك شخص مثل حسام يبخس بها بأعنف وابشع الطرق ويستمر في اهانتها واذاها دون توقف وكل ذلك حتى تجعل المجتمع ينظر اليها بنظره جيده .
لكنها لا تستطيع هذه المره ان تتنازل مجدداً قد فعلتها مره وتذوقت من العذاب اطيان .. ومن الندم أشد وإن كان يعتقد والدها أنه بهذا الشكل قد نجح في طحن مقاومتها للحصول علي مصلحتها بالتنازل عن حقها، إذن فستكون أكثر من سعيدة لتبيّن له أنه ليس هناك من يستطيع أن ينال سوى ما تريده هي منحه إيّاه، وإذا كانت خسارتهم مقابل عدم التنازل، ولا تعود إليهم؟ فاذا ستختار الخساره بكل تأكيد !!!!..
وقبل أن تتحرك للرحيل وهي لا تعرف أين؟
انتبهت لصوت عمها الآتي من الخلف وهو يهتف قائلاً
= فريده تعالي يا بنتي .
رفعت رأسها لتنظر ناحيته بوجه ملتهب من حمرة الآلم المكتوم ، وردت بإقتضاب عابس
= عم حسين! شفت أخوك عمل فيا ايه؟؟ طردني، طردني عشان كنت عاوزه اجيب حقي
طردني عشان مش قادر يواجه! طردني عشان قلت له انه جبان؟ قال لي اطلعي بره بيتي مش عاوزك و طول ما انتٍ مكمله في الطريق ده هتخسرينا ، ما يعرفش ان انا فعلا خسرتهم من زمان.
وقف عمها قبالتها، وحدق فيها مباشرة وهو يجيبها بجدية
= اهدي يا حبيبتي وما تقوليش كده، هو بس متعصب وحاسس بالعجز انه مش قادر يعمل لك حاجه ولا يجيبلك حقك .. انتٍ بنته يا فريدة وهتفضلي بنته وحته منه مهما عمل وحصل ما بينكم.. هو للأسف مفكر انه لما يعمل كده بيحوط على مصلحتك ويمنعك من اي اذيه
تنفست بعمق لتسيطر على إنفعالاتها ، وابتلعت غصة مريرة في حلقها لتتحدث بقهر ليس له مثيل
= بس انا اعتبرتها أنانية منه زي ما يكون عاوز يخلّص ضميره ويرمي حِملي لأي حد عشان كده جوزني ودلوقتي رافض يطلقني ويجيبلي حقي بعد كل اللي حصل.. أنا مش قادره ابرر ليهم طول الوقت اكتر من كده؟ أنا بتوجع لما اقول دول اهلي وهم بيعملوا فيا كده !!..
تنهد حسين بعمق وقال بقله حيلة
= ده ابوكي يا فريده ومهما عمل صدقيني بيحبك وبيخاف على مصلحتك،وهو اصلا إللي اتصل بيا عشان يتاكد أنك هتباتي عندي الليله ، عشان تعرفي بس انه خايف عليكي ولسه بيحبك واللي عمله ده كأن لحظه غضب وهتروح لحالها..وانتٍ برده زودتيها المره دي أوي يا بنتي حتى لو كانت نيتك خير ما كانش ينفع تنشري قصتك في الصحافه الناس مش بتنسى
اتسعت مقلتاها بإستنكار منفر ، وهتفت معترضة بألم
= أهو ده اللي كلكم ماسكين فيه عملت و سويت ، لكن أصل الحكاية محدش بيتكلم عنها ؟؟ ما تبررش لاخوك عشان انا تعبت منهم كلهم و قرفت .
هتف حسين قائلاً بنبرة مُصرة
= يا بنتي انا ولا ببرر لي ولا عاوز افتح الموضوع، خلاص اهدي وتعالي معايا جوه باتي النهارده عندي مع بناتي ومرات عمك.. يلا شكلك تعبانه تعالي ارتاحي دلوقتي، وانا بكره الصبح هطلع له واحاول معاه.
رحلت معاه بهدوء فهي لم يكن لها مكان آخر بالفعل! ومع اندلاع الموقف وتزايد وتيرة الغضب وتسارع الأحداث كان عقلها يتذكر ما يفعله أبيها و رأت لأول مرة ملامحه قد تحولت الى؟ ملامح حسام .. و أسر !! تلك اشباه الرجال !. فهل هذا يعنى أن أبيها رجل سئ ؟؟ لسانها لم يطاوعها ان تلقب أبيها بذالك اللقب السيء ، لكن لا ترى له مبرر لما يفعله الا انه مثلهما تماماً ؟ فلقد تخلى عنها.. واضعف مقاومتها.. وبخس بحقها.. وضربها أيضا، و الرجل الحقيقي لا يقم بهذا .
إذن هو رجل سئ !! ربما هو يكون رجل سئ لكنها تظنه أبا جيداً فإنها المرة الأولى بحياتها التى تشاهد هذا الموقف وتري ملامحه الحقيقيه .
❈-❈-❈
اتسعت مقلتي تسنيم في صدمة حقيقية حينما رأت أيمن أمامها وهو يحمل بين يديه فتاه صغيرة! وكان يكافح للحفاظ على إتزانه ويسير بترنح في إتجاهها إنقبض قلبها بشدة ، و زاغت عينيها وهي تحاول فهم ما الذي حدث معه ومن تلك الفتاة، ثم هتفت هي بصوت متقطع
= أيمن انت اتاخرت ليه انا كنـ.. ايه ده مين اللي شايلها دي ،هو ايه اللي حصل معاك؟
سار بخطوات أقرب للركض في إتجاهها ومدت يدها هي بتلقائيه لتسنده وهو يقول بتوتر
= وسعي طب دخليني الأول انتٍ هتفضلي تتكلمي واحنا على الباب دخليني بسرعه قبل ما حد من الجيران عندك يشوفني والبس نصيبه وانا مش عارف لحد دلوقتي مين دي وطلعتلي منين ؟
أبتعدت تسنيم بالفعل من أمامه ثم وضعها أيمن فوق الأريكة بالصالون، بينما نهرته أخته بشدة وهي ترمقه بنظرات حادة من طرف عينها
= يعني ايه مش عارف مين دي ولا طلعتلك منين؟ امال شايلها وجايبه لي هنا ليه؟ ما تفهمني
التقط أنفاسه الأخيرة بصعوبة وبعدها قال بجدية شديدة وهو يشير بيده
= انا كنت ماشي بعربيتي عادي وجايلك اتفاجئت بيها وقعت قدام عربيتي فكرت الاول ان انا خبطتها واتخضيت جامد ونزلت اشوفها، بس لما نزلت لقيتها فايقه وعماله تصارع انفاسها قبل ما يغمي عليها وهي بتترجاني اخدها معايا في العربيه وانزلها في اي شارع بعيد، قبل ما الناس اللي كانوا بيطردوها ياخدوها انا بصراحه اترددت وقلت شكلها سارقه منهم حاجه وكنت همشي واسيبها بس مسكت في رجلي وهي خلاص على اخرها وعماله تترجاني بحرقه وتعيط وتقول لي ما تسيبنيش هنا هيموتوني فما لقيتش غير ان انا اخدها معايا ولما اغمى عليها في العربيه من التعب وما قدرتش افوقها فجبتها هنا .
اتسعت عيناها بعدم استيعاب من فعلته ثم ردت تسنيم بتخوف بائن
= يا سلام بسهوله كده اي واحده تقول لك خذني معاكي في ناس هتموتني تاخدها !! وعلى كده الناس اللي كانوا بيطاردوها شافوك وانت بتاخدها معاك في العربيه
هز رأسه بقلق بنعم، فتجهم وجه تسنيم وهي تتحدث بإنزعـاج غاضب
= الله يخرب بيتك يا ايمن هتجيبلنا مصيبه واحنا مش عارفين عنها حاجه ، ولا الناس دي كانت بتطاردها ليه؟ و كمان مش عاوزه تفوق نعمل ايه دلوقتي ؟
ابتلع أيمن ريقه بقلق شديد وشعر هنا فقط بمدى خطأ الوخيم
= ما خلاص يا تسنيم ما تشوفي حل بدل ما انتٍ عماله تلومي فيا، منظرها صعب عليا أوي وما عرفتش امشي واسيبها اول مره اتعرض لي موقف زي كده؟ واحده تستنجد بيا بالطريقه وشكل فعلا الناس دي مش كويسه وكانوا هيموتوها.. اعمل انا ايه بقي في موقف زي كده؟ أمشي واسيبها
نظرت له بشراسة ، ورفعت يدها في وجهه قائله بحنق
= لا تجيبها على بيتي عشان تلبسني وتلبس نفسك مصيبه، اسمعني خليك جنبها وانا هطلع لجارتي اللي فوق هي دكتوره ما فيش حل غير أن نجيبها تكشف عليها ونعرف مالها مش عاوزه تفوق ليه، أحسن تكون بتنازع وتموت وتجيبلنا مصيبه .
❈-❈-❈
كانت سميحة تتحدث مع أسر حول تحديد موعد مناسب لزفافه لكنه لم يجيب عليها وكانت نظراته معلقة أعلي شاشه هاتفه و فجاه تهجم وجهه دون مبرر، وضعت إصبعيها أسفل ذقنها، ودققت النظر إليه وهي تتحدث بحيرة
= بقيلي ساعه بكلم فيك وانت مبحلق في التليفون ومش بترد عليا في ايه شغلك اوي كده فيه ما تسيبه شويه وتركز معايا، هتحدد فرحك مع نرمين امتى ؟
نظر لها بذهول واصبح صدره يعلو ويهبط من شده دقاته وهو يقول بصوت متقطع
= فريده.. آآ فريده قصتها منشوره على المواقع الإنترنت ومكتوب اسمها بالكامل؟ مش معقول مين اللي نشرها، هم كاتبين ان القصه ترويها صاحبتها لكن فريده مستحيل تعمل كده واهلها مش هيسمحوا ليها بكده، اكيد في حاجه غلط ازاي تعمل كده؟ خصوصا بعد ما اتجوزته
شهقت سميحة بصدمة كبيرة لتقول بصوت ساخراً
= جالك كلامي لما قلت لك البنت دي مش هتنفعك اهي خرابتها خالص كمان راحه تنشر قصتها على الإنترنت! عشان اللي ما يعرفش يعرف تلاقي ابوها دلوقتي مش هيسكت عليها بعد عملتها السوده دي، تستاهل بنت عاوزه قطع رقبتها في واحده عاقله تعمل اللي بتعمله ده وتفضح نفسها بنفسها ان الله حليم ستار صحيح
تساءل أسر بجدية وهو يحك مقدمة رأسه
بتفكير
= انا مش فاهم ايه اللي هتستفاده لما تعمل كده وهي اتجوزته خلاص أصلا، ما كانت عملت كده من البدايه طالما مش عاوزاه
لوت شفتيها بامتعاض قائله بفتور
= هو انت ما تعرفش اللي فيها الهانم رجعت بيت ابوها من تاني؟ الظاهر اتخنقت مع جوزها عشان كده غضبانه عند ابوها دلوقتي.. انا شفتها بالصدفه مره الصبح مع أمها وكانت سانداها و ماشيه بالعافيه وشكلها كانت مضروبة كمان .
شعر أسر بالصدمة و الحزن عليها فلم كأن يريد لها أن تعيش تلك الحياة المأساوية .. هو أحبها وأراد يعيش سعيد و سعادته معها لكن حياتهم قد ضاعت بسببه هو ! و كان هناك سؤال بعقله يتساءل عنه هل نضجت مشاعرها نحوه أو على الأقل تبدلت بعد تلك الأحداث سؤال يخشى إجابته، بعد أن كان يظن أنها نسيت وهم فشل "الحب الأول" لكن لم يكُن وهمً كان حقيقه ويخشى ان يجد من خلفه السراب.
ومهما حدث بينهما ومهما أبتعد كان وسيظل حبيبها، وهو متاكد من ذلك، لكن هل يري خذلانه لها أكثر من اللازم؟.. ألم يكن هو من تركها ورماها بأبخس ثمن؟.. ألم يكن هو من ظلمها ولم يهتم بالتأكد من افتراءات و ظلم أهلها و المجتمع قبل أن يرميها برصاصته النافذة التي ما أن انطلقت من فمه حتى نفذت الى عمق قلبها فيما دويّها كاد يصم آذانها وصوته يتردد في أذنها وهو يقول " لم أعد اتحمل تكملة الطريق معكٍ"
اختنق صدره من مجرد التفكير في الأمر لذا لم يعقب علي والدته، بينما هزت والدته راسها بعدم مبالاة و أضافت عليه بنبرة عازمة
= المهم سيبك منها ملناش دعوه بيها كل واحد أدري بنفسه، ايه رايك بقي نخلي فرحك انت و نيرمين اخر الشهر ؟.
ارتابت سميحة من أبنها إلى حد كبير خاصة أنه بدأ يعود يفكر ويهتم بتلك الفتاة عن نرمين التي تحثه على التفكير فيها، ومن الممكن أن يتوددًا لها مع الأيام مرة أخرى! لذا عقدت العزم على ألا تدع الأمر معلقًا دون أن تثيره معه لاحقًا ، ففي النهاية هي أم ، ومصلحة ولدها تعد شاغلها الأكبر والأهم .
❈-❈-❈
سارت الطبيبه في اتجاه خارج الغرفه بعد أن فحصت حاله مهره، وخرجت خلفها تسنيم بينما كان يقف بالخارج أيمن في انتظارهم ثم وزع هو أنظاره بينهم ، وتسائل بتوتر
= طمنيني يا تسنيم فاقت ولا لسه هي مالها يا دكتوره؟ ما كانتش راضيه تفوق ليه ، هي كويسه
هزت برأسها وهي تجيبه بنبرة رسمية
= اخت حضرتك تبقى تبلغك عن اذنكم انا بقى هطلع انام عشان الوقت اتاخر وعندي عمليه الصبح بدري .. وهي هتفوق ما تقلوش على بكره الصبح .
ثم أشارت الطبيبة بيدها وهي تتابع بجدية أكثر
= و لو احتاجتي اي حاجه يا تسنيم و عايزه تكشفي عليها انتٍ عارفه مكان المستشفى بتاعتي فين لانها لازم تتابع مع طبيب ذي ما قولتلك ، يلا تصبحوا على خير
رحلت الطبيبه للخارج، ثم نظر أيمن إلي أخته بنظرات بعدم فهم وهو يتحدث بغرابة
= هي ليه بتقول لك لازم تتابع مع طبيب؟ هي للدرجه دي تعبانه، ما تفهميني يا تسنيم هي مالها بالظبط
عقدت ساعديها أمام صدرها بفتور ثم قالت بزفرة عميقة
= في اللي أنت شكلك لبستنا مصيبه يا أيمن البنت اللي جوه طلعت حامل عيله ما كملتش 15 ولا 16 سنه حامل، و مش بعيد يكون اللي كانوا بيجروا وراها أهلها وعايزين يقتلوها عشان كده، الله اعلم بقى اللي حصل ده بمزاجها ولا غصب عنها .
تراجع خطوة للجانب بعدم تصديق فهو لا يريد إثارة المشاكل معه ولا مع أخته بالتأكد ، فحاله تلك الفتاة غير مبشرة على الإطلاق خصوصا بعد ما اخبارتهما الطبيبه بحملها وبدون أي تردد أجابها قائلاً بصدمة
= يا نهار أسود عيله في سنها وحامل ازاي؟ طب احنا هنعمل ايه دلوقتي، نحاول نتواصل باهلها دول يجوا ياخدوها انا ما توقعتش الأمور توصل لكده بصراحه.. بس لو كلامك صح عشان كده اهلها كانوا بيجروا وراها احنا كده هنبقي بنشارك في جريمه لو رجعناها ليهم شوري انتٍ عليا يا تسنيم نعمل ايه ؟ انا والله ما كنت عاوز اورطك في الموضوع بس هي اللي طلعت قصادي فجاه وانا ما عرفتش أتصرف.
صمتت للحظة تفكر بإهتمام ثم رفعت حاجبها للأعلى وقالت بجدية
= خلاص يا أيمن اهدى اهو اللي حصل بقى، احنا هنستنى بكره لما تفوق ان شاء الله زي ما قالتلي الدكتوره ونفهم منها القصه ، يمكن ربنا حطينا قصادها عشان نحاول نساعدها وبلاش نسبق الأحداث ممكن لا قدر الله اللي حصل ده مش بمزاجها وهي تعرضت لحادثه.. روح انت يلا بقى لمراتك عشان الوقت اتاخر وانا كمان هدخل انام و هاخذ اجازه بكره لحد ما اشوف قصتها ايه ؟.
❈-❈-❈
إنتفضت حسناء فزعاً في مكانها حينما إستمعت لصـوت الطرقات على باب المنزل لتنهض بلهفه شديد لتفتح الباب وهي تنظر بين أنس و زاهر لكنها لم تجد مهرة بينهما لتقول بصوت متوجس
= ها، عملتوا ايه؟ لقيتوها مش كده طب هي فين مش معاكوا ليه ما ترد عليا يا انس لقيت اختك ولا لاء
كشـــر زاهر عن أنيابه وقال بصوت محتقن وهو ينظر إلي أنس بنظرات مخيفة
= ما ترد على مراتك يا بيه رد وقول لها أن الهانم اختك هربت مننا واحنا شفناها بتركب عربيه مع واحد راجل ما نعرفوش ! الهانم اختك شكلها كانت بتستغفلنا كلنا الفترة اللي فاتت ومدوراها وبتعرف رجاله .
أخفض أنس رأسه بصمت، بينما جزت حسناء علي أسنانها بشراسة لانهم لم يجدوها، لينهض زكريا واقترب منهما بخوف وهو يقول بصوت متوتر
= ايه بس اللي بتقوله ده يا بيه ما يصحش كده ، بنتي مهره متربيه وما تعملش كده واكيد اللي ركبت معاه معرفه قديمه واحنا ما نعرفش
رمقه بنظرات مميتة وأمره بصوته الصارم
= انت تخرس خالص انت لسه ليك عين تتكلم بعد إللي بنتك عملته يا زكريا، وهي لو متربيه كانت تركب العربيه مع رجاله اغراب عنها زي ما بتقول، انا مش عارف كان عقلي فين لما فكرت اناسبك بس ماشي ملحوقه
ليتابع قائلاً بصوت متوعد
= قسما بالله البنت دي لو ما ظهرت خلال يومين قدامي لا هتشوفوا مني اللي عمركم ما شفتوا.. عشان مش انا اللي اسكت على حقي ! وبنتك دي هجيبها غصب عنها تحت رجلي وساعتها هوريها الويل وهخليها تتمنى الموت بس مش هناوله لها .
❈-❈-❈
في الصباح فتحت مهرة عينيها ببطئ، وتلفتت حولها بنظرات قلقة محاولة اكتشاف ذلك المكان الذي تجلس فيه فجأة، اتضحت لها الرؤية تدريجيًا إنها في منزل أحدهم وكأنت رائحة المخبوزات تخترق أنفها، تلاحقت دقات قلبها بقوة وهي تنهض من فوق الفراش باكيه بخوف.
وضعت مهرة كف يدها على الحائط ، وتنهدت في انهاك وهي تسير بتثاقل في إتجاه الخارج.. حتي تمكنت هي من رؤية تسنيم أمامها التي كانت تضع الفطور فوق الطاوله بالصالة وعندما شعرت بها رفعت راسها للأعلى وقالت بنبرة هادئة
= صباح الخير أخيرا صحيتي تعالي يلا قربي افطري معايا وبالمره تحكيلي قصتك ايه ؟
وقفت مهرة على مقربة منها وراقبت تصرفاتها و وجودها هنا الغير قابل للتصديق، وهي لا تفهم شئ ولا تعرف من هذه الفتاه؟ و لما هي هنا؟ ثم إبتلعت ريقها بتوتر شديد وتلاحقت أنفاسها وهي تقول بذعر شديد
= هو انا فين وانتٍ مين؟ انا ايه اللي جابني هنا ؟.
تنهدت تسنيم بهدوء وقالت بتوضيح
= أهدي وما تخافيش أوي كده محدش هيعمل ليكي حاجه انتٍ هنا في أمان، امبارح بالليل وقعتي قدام عربيه اخويا اللي انتٍ طلبتي منه ياخدك معاه قبل ما الناس اللي كانت بتجري وراكي تموتك ! اللي هم كانوا اهلك أعتقد .
انعقد ما بين حاجبيها بإندهاش ، وردت مهرة بغرابة
= وانتٍ عرفتي منين أنهم اهلي؟
نظرت لها تسنيم بضيق وردت عليها بنبرة شبه محتدة وهي تشير بإصبعها محذرة
= يعني هم اهلك فعلا، طب بصي بقي انتٍ حاليا في بيتي واخويا اتورط معاكي وساعدك يعني احنا شبل اتلطينا معاكي في الموضوع؟ فمتهيالي بقى لازم اعرف ايه القصه وايه حكايتك؟ وموضوع أنك حامل كمان وانتٍ في سنك ده؟
انصدمت مهرة أنها علي علم بموضوع حملها،
تابعت تسنيم حديثها وقالت تلك المرة بإصرار واضح وهي تتفحص ملامحها بقوة
= بلاش تكدبي عليا انا مش مستفيده اي حاجه من حكايتك لما تالفي لي قصه ولاني هعرف، انا محاميه والحاجات دي مش هتخيل عليا بسهوله ولو عايزاني فعلا اساعدك لازم اعرف قصتك عشان انا من امبارح و دماغي عماله تودي وتجيب في حاجات مش كويسه عنك وانا في النهايه مش عاوزه اظلمك!
فيا ريت تحكيلي بقى انتٍ افضل .
سلطت مهرة عينيها اللامعتين عليها، وهي مترددة بالتحدث لكنها لم تجد اي مهرب غير ان تستسلم وتبدا بالتحدث بدلا من ان تطردها من هنا؟ وهي لم يعد لها مكان آخر، أغمضت عينيها مقاومة عبراتها التي تجمعت بكثافة في مقلتيها ثم بصوت مليء بالغصة بدأت أن تحكي عن قصتها من البداية .
❈-❈-❈
عندما تساءلت تسنيم عن قصتها كانت و كأنها قامت بفتح جرح لم يندمل بعد، بدأت تسرد لها من هي و أين تسكن و من عائلتها و حلمها بأن تدخل الجامعة، كيف تعرفت علي زاهر الذي من المفترض إنه زوجها بوثيقه زواج عرفي و اخبارتها عن الفارق العمر بينهما وأنها تزوجت برجل من عمر والدها والحقيقه التي علمت بها بعد ذلك وكيف باعوها عائلتها وكيف اتهمها اخيها وزوجته في شرفها لاجل زواجها.. كما سردت محاولات زاهر حينما كان يجعلها تتعرف على العلاقه الزوجيه بينهما لتفعل ما يريد او بتلك الطريقه الخاطئه التي كانت لا تفهمها بسبب صغر عمرها وكيف هربت منهما بالاخير ! وهي الآن حامل بطفله .
كانت تسنيم تنصت بإهتمام بالغ، ولم
تصدق مدي القسوة و البشاعة التي تعرضت إليها مهرة تلك الطفله الصغيره، كيف وقعت ضحية بين يدي شياطين الشر عنوان دروبهم المليئة بالأشواك.. و الافظع من كل ذلك حملها وهي بذلك العمر كيف ستتحمل مسؤوليته .
وعندما لم تتحدث تسنيم بكلمه واحده انتابها التوتر و قشعريرة دبت في خلاياها، فسألتها مهرة وهي تتحاشي النظر إليها مباشرة
= ساكته ليه أنتٍ مش مصدقاني؟ طب والله العظيم ما بكذب في كلمه كل اللي انا حكيته حصل لي انا عارفه انها حاجه غريبه اللي انا بحكيها وان أهلي يعملوا فيا كده وان كل ده يحصل لي وانا سني صغير! بس اعمل ايه دول اهلي وانا ما عرفتش ناس غيرهم استنجد بيهم .
تنفست مهرة الصعداء ، وإرتخت عضلات جسدها الهزيل وهي تضيف بخوف
= طب عشان تتاكدي من كل كلمه قلتها لك هقول لك عنوان ابويا والراجل اللي متجوزني اسمه زاهر وروحي اتاكدي بنفسك بس ابوس ايديك اوعي تقولي ليهم عن طريقي .. دول لو عطروا فيا هيقتلوني خصوصا زاهر هو اصلا كان جاي ومستحلفلي عشان سبتله البيت من غير ما اقول له ورحت اتحامه في ابويا واخويا اللي كانوا عاوزين يرجعوني لي عشان كده هربت منهم
تحدثت تسنيم اخيرا وقالت بجدية
= طب هو انتٍ ما لكيش أي قرايب ممكن يساعدوكي اخواتك اعمامك اي حاجه زي كده
كان لازم تلجئي لاي حد يساعدك لو كلامك صح فعلا بدل ما اهلك دفنوكي بالحياه كده
وربطوكي بمصير البني ادم اللي انتٍ اتجوزتيه ده وحامل منه كمان في سنك ده؟
تنهدت بحرقة وهي تبتلع ريقها بيأس عجيب ، وهتفت بوهن
= تفتكري لو كان ليا حد كنت هفضل كده؟ اخواتي البنات مصيرهم زي مصيري كل واحده شايفه الويل مع جوزها وعارفه انها لو اتطلقت منه ورجعت لابويا هتشوف العذاب اكتر .. وباقي اهلي نفس الحكايه غير انهم هيكبروا دماغهم مني وما حدش هيسال فيا وهيقولوا لي نعمل لك ايه؟ ده ابوكي وعاوز مصلحتك.. دول أهلي وانا عارفاهم كويس.. انا كل اللي كان نفسي فيه وعاوزاه ان اطلق منه
واكمل تعليمي
تنهدت تسنيم بقله حيلة وشعرت أنها علي حق ثم قالت بضيق
= بصي هو أمر جوازك من زاهر ده و أنتٍ لسه ما تمتيش ال18 سنة، أنتٍ كده في نظر القانون المصري جواز قاصرات، وبالمختصر أنتٍ لسه آنسة في نظر القانون حتي لو تم الجواز عن طريق محامي، ملكيش أي حقوق لأنك أتجوزتي عرفي
اقتربت مهرة منها و نظرت إليها كالغريق الذي يتعلق في قشة
= طب انا مش عاوزه اي حقوق بس عاوزه
اطلق منه .
صمتت تسنيم للحظة و تذكرت أمر ما
= طب هو انتٍ معاكي ورقه الجواز العرفي دي
أو اي اثبات حتى
هزت برأسها برفض وقالت وهي تسمح دموعها المنهمرة
= لا الورقتين العرفي معاه ، بس المحامي قال لي هيخلي جوازنا رسمي لما اكمل 18 سنه
نظرت لها تسنيم بعطف شديد ونظرات مليئة بالضيق ثم أردفت قائله بفتور
= انا مش عاوزه ابقى متشامه واقفلك من الموضوع بس انا زي ما قلت لك انا محاميه وحكايه الجوازات العرفي دي عدت عليا كتير
وفي نفس سنك تقريبا، بصي حكايه ان هيكتب عليكي لما تكملي 18 سنه دي تنسيها خالص لانه مش هيعمل كده اكيد اللي زي جوزك ده بيتجوزوا اصلا عرفي عشان لما يطلقوا ما حدش يعرف يثبت عليهم اي حاجه ولا ياخد منهم حقوق .. غير موضوع اهلك انهم اصلا مش هيوافقوا على الإنفصال زي ما قلتي لي.. طب انا لو حاولت اتكلم معاهم بالهدوء والتفاهم ممكن يفهموني اصل انا مش هعرف اتصرف في الموضوع لوحدي وانتٍ قاصر عندي ، اهلك لو عرفوا انك عندي ممكن يبلغوا عني بكل سهوله والبس انا جريمه ان انا خطفه قاصر عندي في البيت
كانت مهرة ترتجف من الخوف والذعر و تشبثت بها فجاه وأخذت يدها تقبلها لتنصدم تسنيم و سحبتها بسرعه، بينما نظرت إليها بين دموعها و كأنها تطلب أن تنقذها من براثن هؤلاء الشياطين، وهي تتوسل خلال نبرة صوتها
= لا أبوس إيدك اوعي تروحيلهم دول مش بيتفاهموا خالص غير بالسلاح والفلوس، ولو عرفوا ان انا عندك مش هيهدى ليهم بال غير لما يجيبوني، اصلك مش عارفه حاجه أنا بالنسبة ليهم البيضه الذهب اللي بتجيبلهم الفلوس وطالما اختفيت يبقى الفلوس هتتقطع عنهم عشان كده مش هيسكتوا غير لما يرجعوني تاني لجوزي .. خلاص انا مش عاوزه اطلق منه بس ما ترجعنيش ليهم !.
تطلعت فيها بعجز حقيقة وشعرت بالاشفاق وهي تشاهد خوفها الشديد منهم ولم تعرف ماذا تفعل لها؟ و دون إدراك أومأت لها بعينيها و قالت لها وهي تنهض
= طب انا هاسيبك تاكلي براحتك دلوقتي، أنا خلاص شربت قهوتي، لما تخلصي هستناكِ في الليفينج عايزه أتكلم معاكِ شوية وتكملي لي باقي حكايتك .. وبالمره كمان هقوم اشوفلك هدوم تلبسيها عشان تغيري هدومك وتاخدي دش يفوقك .
❈-❈-❈
كان أيمن في مقر عمله يتحدث مع تسنيم عبر الهاتف وبدأت الأخري تقص عليه ما أخبرتها به مهرة تلك الفتاة الصغيرة الذي أنقذها دون أن يعرف عنها شيئا، فإنتابه القلق و العطف حينما عرف قصتها وتحدث متسائلا بقلق
= وانتٍ على كده صدقتي كلامها يا تسنيم معقول اهلها هيعملوا فيها كده ويجوزوها واحد اكبر منها بثلاثون سنه،مش ممكن تكون بتشتغل لك عشان تدري على حاجه ثانيه
تنهدت أخته بضجر قائلة
= امال انا بتصل بيك ليه يا أيمن عشان تشوف لي حل وتتاكد من كلامها اذا كان صح ولا لاء؟ بصراحه مش عارفه اصدقها ولا لاء، و ياما بيحصل اكتر من كده في الدنيا اسالني انا شوفت في شغلي العجب .. بس في نفس الوقت مش عاوزه اظلمها وخايفه تكون فعلا بتضحك علينا و وراها مصيبه تانيه
وتابعت بصوت خافت قائلة بحذر
= انا بفكر حد يروح فعلا المكان اللي قالت لي عليه ويسال عنها وعن جوزها ويعرفلنا هل فعلا الراجل اللي قالتلي عليه ده متجوزها ولا لاء .. هي قالتلي لي بيشتغل في الدهب واديتني عنوانه وعنوان اهلها كمان وقالتلي اسألي زي ما انتٍ عاوزه واتاكدي من كلامي .. بس اوعى تروح انت بنفسك ليكون اهلها حفظوا شكلك ويعرفوك ابعت حد تكون واثق فيه يتاكدلنا
تنهد بإستسلام و رد عليها دون تردد وهو ينظر في المفكرة الصغيرة التي بحوزته
= طب ماشي يا تسنيم ما تقلقيش انا عرفت هبعت مين واحد صديقي هنا، عشان يتاكد لنا وبعد أسبوع كده هتلاقيني جبتلك اصل الحكايه بس اديني إسمها بالكامل وعنوان اهلها وعنوان جوزها زي ما قالتلك
كتب أيمن بورقه إسم مهره بالكامل وعنوان اسرتها وزوجها حتى لا ينساه، ثم بعد ذلك رفع سماعه الهاتف وأمر السكرتاريه بدخول العمِيله وبعد دقائق دخلت سيده إليه و أوصـد الباب من خلفها ولم تحيد بعينيها الحمراوتين عنه..
ابتسم أيمن بمجامله قائلاً
= اهلا بحضرتك اتفضلي معلش لو عطلتك بس كان عندي تليفون مهم وحالا هكون معاكي وهعرض لحضرتك كل تصميمات الكومباوند اللي عندنا عشان تختاري اللي يناسبك
لكنها لم تجلس وظلت تقف مكانها، لتتحدث قائله بنبرة ذات مغزى
= بس انا مش جايه لحضرتك في شغل زي ما قلت في السكرتاريه بره، ولا بدور على مكان اسكن فيه وجايه عشان اتفرج على موديلات الكومباوند اللي عندكم و أختار اللي يناسبني.. انا بصراحه جايه لك في موضوع ثاني وكنت مضطره اقول بره ان انا عاوزاك في الشغل عشان اعرف اقابلك
تسائل أيمن بإهتمام بالغ وهو مسلط نظراته عليها بدهشة قائلاً
= انا مش فاهم حاجه انتٍ مين اصلا وعاوزه مني ايه؟ وليه عملتي كل ده عشان تقابليني
هو انتٍ تعرفيني منين اصلا
ردت عليه قائله بثقة بالغة
= ما اعرفكش ولا انت كمان تعرفني، بس الهانم مراتك و طليقي طارق يعرفوا بعض كويس .. انا أسمي سلمى كنت متجوزه طارق اللي كان على علاقه بمراتك قبل ما يقع في حبها ويطلقني عشانها
شعر بالغضب عندما تعرف على هوايتها وسألها أيمن بغيرة واضحة في نبرة صوته
= ايوه مش فاهم برده جايه ليه عاوزه ايه؟ دلوقت .
تنهدت بحرارة وهي تبتسم بألم وقالت بحسرة شديدة
= انا طارق طلقني و سابني رغم ان هو اللي خاني و ما كانتش اول مره ياما كنت بعرف بالصدفه انه بيكلم بنات على مواقع التواصل الإجتماعي وياما واجهته وكان بيعتذر لي ويحلف انه مش هيعمل كده تاني بس كان بيرجع ويخوني كل يوم مع واحده شكل ولما كنت احاول اشتكي لاهلي كان يقولوا لي مسيره مع الأيام يبطل ويعرف انه غلط و يتعدل.. وبعدين هو مش بيخونك بالمعنى الحرفي مجرد دردشه مع كام بنت والموضوع بيخلص وانا للاسف سكت وصدقتهم عشان عيالي وبيتي ما يتخربش وكانت النتيجه ان حب واحده من اللي بيكلمهم واللي هي مراتك و وجيهني ان حبها وطلقني عشانها.. ما كانش المفروض اصدقة، اللي فيه داء عمره ما هيبطله وفي النهايه اسمها خيانه وما كانش ينفع اسكت عليها بس استغربت اكثر لما عرفت أنك لحد دلوقتي لسه مخلي مراتك علي ذمتك!
أضافت وهي تهتف بنبرة أقرب لفحيح الأفعى
= استغربتك أوي ازاي راجل زيك يقبل على نفسه حاجه زي كده ويعيش مع واحده خانته ويصدقها ويثق فيها من تاني، اصلا احنا في مجتمع شرقي، في الست تسامح الراجل بس انما الراجل لا يمكن يسامح الست
ضغط على شفتيه بقسوة وهدر فيها بهياج قائلاً
=و انتٍ تاعبه نفسك وجايه لحد هنا عشان تحكيلي مشاكلك انا مالي بكل ده وانتٍ مالك اصلا اخلي مراتي على ذمتي ولا لأ انتٍ عاوزه ايه بالظبط انا مش فاهمك ؟.
كورت قبضتها بغل و ضربتها فوق سطح المكتب الصلب من شده حقدها وغضبها من ليان وإجابته بنبر حقوده للغاية
= عاوزه احرق قلب مراتك واخرب عليها حياتها زي ما هي عملت معايا، ما أصل مش من العدل ان انا اللي اضحي بحياتي وافضل ساكته عشان جوزي يتعدل في يوم وحياتي تتخرب عشانها وهي تفضل عايشه حياتها عادي وعلى ذمتك وانت تديها فرصه ثانيه ؟ اوعى تكون صدقتها لو قالت لك انها عمرها ما هتخونك تاني وغلطه وعمرها ما هتتكرر و انها عرفت خلاص غلطتها ودي كانت لحظه ضعف وراحت لحالها .
حبس أنفاسه وإتسعت عينيه في غضب وخيم وهو يراقب حديثها السام، لتقول هي بسخرية و استهزاء
= اصل ده نفس الكلام اللي كان بيقولة جوزي وكنت بصدقه زيك زي العبيطه وفي النهايه كان بيرجع يخوني تاني عادي من غير
ما ضميرة يانبه ولا يحس بالغلبانه اللي قاعده في البيت بتربي له عياله ومستحمله عشان البيت ما يتخربش .. وفي النهايه أخذت المكافاه الكبيره وجي يواجهني بكل وقاحه ويقول لي لازم نسيب بعض عشان ما بقيتش ارتاح معاكي وحبيت واحده غيرك ! والواحده الثانيه دي طبعا مراتك اللي ما عندهاش دم وخاينه زيه اللي ما فكرتش ثانيه واحده في شعور الست مراته إيه؟ مع انها ست زيها وعارفه الشعور ده !.
تشنجت قسمات وجهه أكثر ثم صرخ عالياً
= اخرسي خالص واحترمي نفسك انتٍ جايه هنا عشان تهزئيني وتهزئي مراتي اطلعي بره وبدل ما تاجي تحاسبيني روحي حاسبي جوزك و انتٍ لسه من شويه قايله بلسانك ان دي ما كانتش اول مره يخونك وانتٍ اللي سكتي عاوزه تحملي غيرك ذنبك ليه دلوقتي؟
كشرت سلمي عن أنيابها وقالت بصوت محتقن خبيث
= ده انت كمان بتدافع عنها ايه للدرجه دي بتحبها وسحرلك، بس معذور انا كنت كده زيك بيتضحك عليا بكلمتين منه وبصدق هو انت فاكر انها فعلا مش هتكررها تاني وهتصون شرفك تبقى عبيط زيي مش بعيد اصلا تكون بتخونك تاني وانت ما تعرفش والمره الجاية مش هتقف على الكلام وبس المره الجايه هتلاقيها بتروحله البيت ولا هتجيبه بيتك عيني عينك بكل وقاحه .. طالما لقيت اللي بيسامح وبينسى وبيديها فرصه تانيه .
صــــرخ أيمن مجدداً بصوت أكثر حدة قائلاً
= قلت لك اخرسي خالص .. اسكتي بقى مش عاوزه اسمعلك صوت .. اخرجي بره بدل ما اجيبلك الامن يطلعوكٍ .. يلا برة ، مش عاوزه اسمع منك ولا كلمه !.
لكنها لم تستمع إليه وهتفت نافيه بثقة واضحة
= مش هتقدر تجيب الامن عشان خايف من الفضيحه اللي بكره مراتك هتعمل لك فضيحه اكبر منها ليك وهتخليك ما تقدرش ترفع عينك في وش الناس لما تخونك تاني ، تخيل كده لو الناس كلها عرفت الفضيحه اللي مراتك عملتها هيبصوا ليك على انك مش راجل وما عرفتش تلم مراتك.. بكره يشاوروا عليكم و يقولوا الراجل العبيط اهو اللي سامح مراته واديها فرصه تاني بعد ما خانته
ثم تابعت قائله بفظاظة وهتفت بغيرة شديدة
= الحل بايدك مش عارف مخليها على ذمتك ليه طلقها واحرق قلبها زي ما حرقت قلبك وقلبي أصل طالما مفيش ثقة يبقى ما ينفعش تكملوا ، الثقة و الاحترام مهمين عشان الحب يكتمل.. و بعدين تخيلي العكس ان أنت اللي كنت خنتها كانت هتقبل وضع زي كده ولا كانت هتطلب الطلاق على طول .. يبقى انت ليه تقبل حاجه زي كده ؟.
نشج صوته وتقطع وهو يصيح قائلاً بصوت متآلم
= انتٍ مش عاوزه تسكتي يعني يلا اطلعي بره قلت لك بره وما لكيش دعوه بحياتي أطلقها ولا ما اطلقهاش حاجه ما تخصكيش وابعدي عن حياتي انتٍ وجوزك .. وسيبوني في حالي بقى وارحموني .
سألته قائلة بجدية وهي ترفع أحد حاجبيها
بسخرية
= اوعى يكون بيخيل عليك جو أن يعني عشان مراتك خانتك مجرد كلام مع واحد والموضوع ما تطورش ما بينهم يبقى مش هتكررها تاني واتعلمت، لا دي لازم تاخد حذرك منها واللي تعمل كده تعمل اكتر من كده ؟ احنا اصلا مش عارفين اذا كان الموضوع اتطور ما بينهم ولا لاء و احتمال يكون راحتله البيت ولا هو جالها من وراك وحصل بينهم حاجه .. اللي تخون مره تخون تاني وثالث و ألف مره !!
ما ينفعش تثق في واحده خاينه و كانت بتكلم راجل من وراك .. طلقها واحرق قلبها زي ما قلت لك! طلقها واتجوز اللي احسن منها عشان تحرق قلبها وتوجعها زي ما وجعتك
زاد إتساع عينيه الحانقتين وهو يراها تزال مصره على ذلك الحديث الذي يثير الشك داخل اكثر واكثر ويدمر علاقته مع زوجته ليان، الذي كان يحاول طول الفتره الماضيه يقاوم نفسه ليمنحها فرصه جديده لكن بحضورها اليوم قد هدمت تلك الفرصه، إبتلع تلك الغصة المريرة في حلقه! ثم سد أذنيه بكفيه حتى لا يسمع المزيد منها ثم صرخ عالياً
بعصبية شديدة
= بــس بــس .. بــرة! مش عاوزه اسمع ولا كلمه زيادة منك اخرسي بقي انتٍ ايه عامله زي الشيطان اللي عمال يوسوس في دماغي، بعد ما كنت خلاص قربت اتجاوز المرحله دي.. انتٍ وجوزك زي بعض بتستمتعوا باذيه غيركم اطلعي بره وسيبيني في حالي و اياكي تاجي مرة ثاني هنا .
❈-❈-❈
بعد مرور أيام، أبتسم حسين وهو يراقب خروج فريدة إبن أخيه من غرفه أحد بناته، ثم هتف بجدية وهو محدق بعينيها
= صباح الخير يا فريده يا بنتي تعالي اقعدي افطري معانا عشان بعد كده تطلعي معايا فوق واحاول اصالحك علي ابوكي انا ما رضيتش اطلعله من أول يوم علي طول وقلت اسيبه شويه يهدي.. وما تقلقيش مش هسيبك ولا هنزل لغايه لما ربنا يهديه وتلاقوا حل للموضوع يرضيكم انتم الاتنين
سلطت أنظارها عليه بسخرية مريرة، وأردفت بصوتها المتصلب
= معلش يا عمي مستعجله و عندي ميعاد مع المحاميه تسنيم لازم اروحه دلوقتي ، وبالنسبه لموضوع اخوك انا ما عملتش حاجه غلط عشان اطلع اتاسف وبلاش حضرتك تدخل نفسك في الموضوع، مش هو طردني خلاص هو حر وده بيته و حره يستقبل اللي عاوزه
نظرت لها زوجه عمها باستنكار قليل وهي تقول بعتاب
= ايه يا بنتي اللي بتقولي ده بس ده مهما كان ابوكي ودي لحظه شيطان وهتروح لحالها ما ياما الأهالي بتتخانق مع اولادها وبيرجعوا لبعض ذي الأول واحسن وبيتصالحوا
اخذت نفساً عميقاً وحبسه داخل صدرها ، وأردفت بصوت متشنج
= إلا في موضوع ذي كده يا مرات عمي، هو مش هيرضى يراجعني بيته الا لما اتنازل عن القضيه اللي انا رفعتها وانا مش هتنازل! يبقى هو مش هيستقبلني في بيته من تاني وانا مش هرجع في كلامي واتنازل عن حقي تاني .
وضع حسين إصبعيه أعلى طرف أنفه ، وقال بحيرة
= طب يا بنتي محدش قال لك تتنازلي ولا ارجعي في كلامك، بس تعالي نطلع نتكلم بهدوء و أن شاء الله نلاقي حل ، يعني هتفضلوا مقاطعين بعض لآخر العمر كده أكيد لازم هتتصالحوا .
تنهدت في آســى وهي تجيبه بحزن
= ما افتكرش يا عمي عشان المره دي غير، ده طردني من بيته وكل ده عشان عاوزه حقي !
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية