-->

رواية جديدة لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 25

 

قراءة رواية لأنني أحببت

الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


الفصل الخامس والعشرون 

سعادة أبدية.



بسعادة كبيرة راحت تنظف المنزل وبعدها أشعلت البخور ثم شرعت في إعداد وجبة لها ولزوجها الذي ما زال نائما.

وبعد حوالي نصف ساعة وضعت الأطباق فوق المنضدة ثم ولجت الغرفة لتوقظه لكنها ابتسمت باتساع عندما أبصرته مستيقظا فألقت تحية الصباح ثم جلست بجواره فوق الفـ راش متسائلة: ما قمتش ليه يا كسلان؟

ده أنا حضرت الفطار وبصراحة يعني ميتة من الجوع.


داعبا وجنتها بأصابعه وأجابها بلطف: أصلي بصراحة يعني مبسوط قوي فقررت أني أقوم على مهلي خصوصا إن أنا أخدت اجازة النهاردة من الشغل بس عشان خاطرك حقوم أنا أقدر برضو أسيبك جعانة.


مالت عليه وأسندت رأسها فوق صـ دره مغمغمة بعشق: أنا بحبك قوي يا رؤوف.


وأنا كمان.


قالها وهو يتلمس خصلاتها

ران الصمت بينهما قليلا حتى قطعته عبير بعد أن استقامت جالسة مرة أخرى: رؤوف كنت عايزة أتكلم معاك في حاجة مهمة.


رمقها باستفهام؟

فاستطردت: بخصوص مامتك أنت ما ينفعش تفضل مقاطعها كده أنا عارفة أنها غلطت كتير في حقنا بس حرام أنك تقاطعها يا رؤوف كده كده هي حتفضل في بيتها ومش حتتدخل في حياتنا بس عشان خاطري اسأل عليها وشوف طلباتها ده إلا عقوق الوالدين عند ربنا

وأنا بصراحة يعني مش حابة أكون السبب في أي خصام بينك وبينها.


ارتسمت ابتسامة حانية على شـ فتيه بعد أن استمع لذلك الكلام من زوجته فهو يعلم مسبقا بأنها طيبة القلب لكن لم يتوقع بأنها طيبة القلب هكذا لو كانت امرأة أخرى مكانها لنبذت والدته طوال عمرها

لكن ليست عبير من تفعل ذلك فهي تربية الحاج سعد هنداوي ذلك الرجل المراعي الشهم التقي.


رمقها بعشق ثم استقام جالسا يعـ انقها بقوة مغمغما: طلباتك أوامر يا بيرو النهاردة بعد ما نفطر نروح أنا وأنتي نطمن عليها ربنا ما يحرمنيش منك أبدا يا أحلى حاجة حصلت لي في حياتي.


❈-❈-❈


مشط المنزل بحثا عنها فقطب حاجبيه بدهشة عندما لم يجدها فتلقائيا ذهب إلى غرفة أطفاله وكذلك لم يجدهما وقبل أن يبحث عن هاتفه ليتصل بها أبصر ورقة مطوية فوق الطاولة الخاصة بالطعام

فدنا منها بخطوات واسعة ملتقطة إياها فتحها وراحا يقرأ بصوت مسموع:

"حبيبي رامي صباح الخير أنا عندي مقابلة شغل النهاردة وخدت البنات معايا وسبتهم عند ماما الفطار موجود عندك على السفرة أفطر قبل ما تروح شغلك غزل".


طوى الورقة في يده بانزعاج ثم ألقاها أرضا وجلس يأكل بشراهة وكأنه يخرج غضبه في الطعام.

فيبدو أن زوجته قد شنت عليه الحرب لكن لا بأس سيتركها تفعل ما يحلو لها وبعدها سيحاول ترويضها لتعود كما السابق.


❈-❈-❈


تنهد براحه وألقى بجسده فوق الفـ راش ينتظرها ريثما تخرج من المرحاض

فهو الآن يشعر بالاكتمال وسعادة لا مثيل لها فأخيرا أصبحت صَبا له بعد كل هذا العذاب.


ابتسم بقوة عندما تذكر خجلها منه فلقد تعبا كثيرا للحصول عليها

امسك بالوسادة التي كانت تنام عليها وراحا يستنشقها بعمق وهو مغمض العينين

ظل هكذا لوقت لا يعرف مداه

فاستقام جالسا وهو يزفر بحنق مغمغما: هي بتعمل إيه كل ده في الحمام؟


ثواني وانفجر بالضحك عندما تذكر خجلها منه فأيقن أنها تفعل ذلك كي لا يرى وجهها بعد ما حدثا بينهما.

لكن لم يكن عمار إن لم يستغل تلك الفرصة لمشاكستها

فهب واقفا وسار باتجاه المرحاض ثم طرقا عليها الباب بقوة هاتفا بانزعاج مصطنع: إيه يا صَبا بقا لك ساعتين في الحمام هتنامي جوه ولا إيه؟


هتفت بتلعثم من خلف الباب: اا أنا خلاص خلصت أهو.


ثواني وفتحت الباب نكست رأسها أرضا وهي تشعر بأنها ستنصهر من شدة الإحراج انزلقت قدميها وقبل أن تسقط التقطها عمار بين يديه هاتفا بقلق: خلي بالك.


تلاقت الأعين وخفقت القلوب فتشبثت بعنقه جيدا وضمها عمار إلى قلبه ودنى منها ليقـ بلها إلا أنه ابتعد عنها عندما استمع إلى صوت رنين هاتفه

كاد أن يتجاهله إلا أنها هتفت بجدية: شوف يا عمار ليكون في حاجة حصلت ولا حاجة.


وضعها أرضا ثم سار باتجاه الطاولة والتقط هاتفه فقطب حاجبيه بدهشة عندما أبصره رقما غريب كاد أن يتجاهله إلا أنه أجاب في النهاية

فاستمع إلى صوت شخص على الطرف الآخر يقول: أستاذ عمار هنداوي أنا نرمين من المستشفى اللي موجود فيها حسام أبو الدهب وهو محتاج يشوفك ضروري تسمح تشرفنا النهاردة؟


قبض على يديه بقوة عندما سمع اسم ذلك الشخص الذي كان السبب في أذيته ففتح فاهه ليرفض إلا أن صوت الممرضة على الطرف الآخر أوقفه عندما هتفت برجاء: أرجوك ما ترفضش صدقني حسام اللي موجود دلوقتي غير اللي أنت كنت تعرفه تمام ما تستغربش هو حكى لي على كل حاجة مستنيينك.


أغلقت الهاتف دون أن تستمع منه جوابا وهي تدعو الله أن يأتي عمار كي يرتاح قلب حسام للأبد.


❈-❈-❈


تجلس برفقته يتناولان طعامهما في صمت قطعه هو بانزعاج غريب: يعني يا ست نور ساكتة ودي حاجة مش مريحاني بصراحة!


أجابته وهي تضع قطعة من الشطيرة في فمها: -سبحان الله-!  هو لا كده عاجل ولا كده عاجل يعني اقعد ساكتة تقول لي غريبة أتكلم تقول لي بطلي دوشة ما ترسالك على بر بقى الله!


رمقها بدهشة وهي تأكل بشراهة كبيرة ثم هتف بعدم تصديق: الأكل ده كله بيروح فين مش باين عليكي يعني!


أجابته وهي ترفع كفها أمام وجهه: خمسة في عينك أنت هتحسدني ولا إيه؟

لا بقول لك إيه أنا نجمي خفيف وبعدين يعني أنت جايب لي الأكل وعينك فيه خد أهو مش عيزاه.


قالتها وهي تضع طبقها الفارغ أمامه مما جعله ينظر لها باستغراب وسرعان ما انفجر بالضحك مغمغما بلهاث: أظن حتقولي أني سديت نفسك.


أيوة.


قالتها وهي تحاول اصطناع الحزن.

فامسك يدها التي كانت تضعها فوق الطاولة وقبلها بلطف مغمغما برقة: بألف هنا وشفا على قلبك يا روحي أنا بس بهزر معاكي.


ابتسمت باتساع ثم سحبت يدها من بين يديه صارخة في وجهه: أيوة كده مكان من الأول.


هز رأسه بعدم تصديق وراح يضرب كفا بالآخر وهو يتمتم بحنق: يخـ رب بيت أم الفصلان اللي في الدنيا يا شيخة أنتي اللي زيك مش عايز رومانسية ورقة وكده يعني أنتي عايزة واحد يديكي على دماغك.


تنحنح بخشونة ثم هتفا بصوت أجش: أنتي لسة قاعدة مكانك مش خلصتي أكل يلا اتـ نيلي عشان اوديكي الجامعة.


هبت واقفة وهي تتمتم ببلاها: حمش وربنا أهو كده الرجالة ولا بلاش.


❈-❈-❈


جحظت عيناها في دهشة وهي تراه يقف أمامها يرمقها بابتسامة صافية.

تنهدت براحة ثم دنت منه وعانقته بقوة مغمغمة باعتذار: حقك عليا يا ابني حقك عليا وعلى راسي أبوس أيدك سامحني وأنا مستعدة أروح لمراتك لحد عندها واستسمحها وأبوس راسها كمان.


ظهرت من خلفه تبتسم برقة هاتفة بمرح: وتجي لحد عندي ليه؟

أنا يا ستي جيت لك أهو ومش عايزاكي تبوسي راسي ولا حاجة أنا مسامحاكي يا ماما.


أبتعدت عن رؤوف ثم جذبتها واحتضنتها هي الأخرى بقوة مكررة اعتذارها عايزيني اعمل إيه تاني؟


فابتعدت عبير عنها مغمغمة بهدوء: حصل خير يا ماما واللي فات مات خلاص احنا جيين لك النهاردة عشان نبدأ من أول وجديد مع بعض.


أطرقت المرأة رأسها أرضا في خزي فهي لم تتوقع أبدا بأن زوجة ابنها تملك هذه الأخلاق النبيلة.

فرفعت رأسها مجددا واحتضنتها مرة ثانية وهي تغمغم بكل كلمة تعرفها عن الاعتذار فلأول مرة تشعر بالندم على شيء اقترفته في حياتها.


❈-❈-❈


تبادلا النظرات سويا في صمت قطعه حسام هاتفا بحزن: كنت عارف أنك هتيجي مش غريب عنك ولا عن أخلاقك يا ابن الحاج سعد هنداوي رغم كل اللي عملته فيك برضو لما طلبتك لقيتك طول عمرك راجل جدع وشهم وأصيل وده اللي كان بيخليني أغير منك

ولما اتقدمت لأختك ورفضتني حقدت عليك أكتر بس أقسم لك أني كنت طول عمري شايفك حاجة كبيرة قوي.


جذب عمار أحد المقاعد وجلس بجوار الفراش يستمع لحديث حسام

الذي استطرد بعد أن سعل بهدوء: طبعا أنت بتسألت نفسك أنا ليه طلبت أشوفك.


أومأ له عمار موافقا

فتابع: عايزك تسامحني على كل اللي عملته فيك عارف أنه صعب لأن اللي عملته فيك مش شوية بس زي ما ربنا -سبحانه وتعالى-  ان شاء الله يكون قبل توبتي قادر إن هو يفتح قلبك من نحيتي ويصفيه عشان كده طمعان في كرمك لآخر مرة يا عمار وبطلب منك أنك تسامحني أبوس أيدك أنا راحتي مش هتكمل غير لما تسامحني.


تنحنح عمار بخشونة قائلا: أقول لك على حاجة غريبة يا حسام أنا فعلا مش زعلان منك لان الأزمة اللي مريت بيها بسببك دي حصلت لي حاجات حلوة كتير قوي وبينت لي ناس كنت مفكرهم كل حاجة في حياتي بس طلعو عكس كده خالص

رموني بعد أول مشكلة وزي ما بيقولوا الشدة بتبين برضو عشان كده اطمن يا حسام انا فعلا مسامحك ومن قلبي لان ربنا -سبحانه وتعالى-  عوضني باحلى حاجة حصلت لي وهتحصل لي في حياتي.


تنهد حسام براحة ثم رمقه بامتنان هاتفا باعتذار: انا اسف ومتشكر قوي على نبلك وكرم اخلاقك.


ابتسم عمار ابتسامة خفيفة ثم هبة واقفا هاتفا بجدية: حمد الله على سلامتك وخليك فاكر انك لو احتاجتني في اي وقت فأنا موجود.


❈-❈-❈


بعد مرور شهر

استقرت الأوضاع نوعا ما بين جميع أبطالنا.


فلقد عادت عزة وزوجها وأبنائها ألى دبي.



استيقظت من نومها بصعوبة فهي تشعر بألم طفيف أسفل ظهرها

نهضت بتكاسل من فوق الفـ راش. لكنها شعرت بدوار يهاجمها جلست مرة أخرى حتى تهدأ قليلا.

دقائق وشعرت بأنها أفضل فاستقامت واقفة عازمة على إيقاظ ليث ولاتين كي يذهبوا جميعهم إلى منزل الحاج سعد فاليوم هو يوم الجمعة يوم التجمع للعائلة.


دلفت إلى الخارج فاستمعت إلى صوت خرير المياه يأتي من المرحاض فأيقنت بان زوجها ما زال بالداخل.

اتجهت إلى غرفة الأطفال وفتحتها بهدوء فأبصرت ليث مستيقظا بينما لاتين ما زالت نائمة

دنت منهم ملقية تحية الصباح بهدوء والذي بدوره ردها عليها باقتضاب.

فجلست بجواره فوق الفـ راش تسأله في حنو: ليث يا حبيبي عينك فيها حزن كبير قوي وكلنا ملاحظينه مش أنا بس ممكن اعرف إيه السبب؟


أجابها باختصار: ما فيش حاجة.


ربطت فوق يده بهدوء هاتفة بثقة: أنا عارفة إن أنت راجل يا ليث بس يا حبيبي ما ينفعش أن تبقى في حاجة مزعلاك وتكتمها جواك على الأقل فضفاض لحد.


زفرت بقوة عندما لم تجد منه جوابا فهتفت بجدية بعد أن استقامت واقفة: عموما لو احتجت تتكلم مع حد حتلاقيني موجودة بس أتمنى أن الزعل ده ما يكونش مني أنا.


قاطعها بسرعة مجيبا أياها بلهفة: لا خالص يا صَبا أنا عمري ما ازعل منك بالعكس أنا بس مش قادر استوعب اللي حصل بين بابا وماما الوقت اللي فات ده كله وكمان اللي عمله بابا في فرحكم زعلني منه قوي أنا خايف صحابي في الشارع يعايروني ويقولوا لي يا اللي أبوك طلق أمك قدام الناس.


شعرت صَبا بالحزن على ذلك الذي يعاني كثيرا فجلست بجواره مرة ثانية وضمته إلى صـ درها وهي تمسد فوق خصلاته بحنو مغمغمة بثقة: صدقني الناس بتنسى يا ليث وكلنا بنغلط ما حدش فينا ملاك يعني جايز باباك غلط في حاجة زي دي بس أنت أكتر واحد عارف باللي عملته مامتك.


ابتعد عنها وأومأ لها متفهما

فربطت فوق وجنته بلطف مستطردة حديثها بمرح: قوم سرح شعرك المنكوش ده واغسل وشك عشان ننزل لجدو سعد بدل ما يطلع يبهدلنا.


منحها ابتسامة صغيرة جاهد في رسمها ثم هب واقفا عازما على تنفيذ مطلب زوجة أبيه التي يحبها كثيرا.


❈-❈-❈


إيه ده يا عبير أنتي لسة ما لبستيش!

ده أبوكي كل شوية يتصل ويقول إن هو ميت من الجوع ومستنينا من غير فطار.


ضحكت بقوة ثم رفعت اختبار الحمل الذي كانت تخفيه خلف ظهرها أمام وجهه مغمغمة بسعادة؛ أنا حااامل يا رؤوف أنا حامل.


قفز في مكانه بسعادة واحتـ ضنها بقوة وهو يتمتم بخفوت: الحمد لله يا رب الحمد لله.


تشبثت بأحضـ انه هي الأخرى وراحت تردد تلك الكلمة.

ومن ثم ابتعدت عن أحضـ انه تسأله باهتمام: بجد أنت فرحان يا رؤوف؟


أجابها بصدق: بتسأليني يا عبير ده الحلم اللي بتمناه من أول ما دخلت بيتكم وشفتك اتمنيت إن أنت اللي تكوني أم ولادي مش أي حد تاني.


تنهدت بهيام ثم دنت منه مرة ثانية وعانقته بقوة وهي تشتم رائحته بشغف وكأنها الحياة بالنسبة لها.

فيبدو أن رائحته ستروق لها كثيرا في الأشهر الأولى من الحمل.


❈-❈-❈


أمام المرآة التي تعلو طاولة الزينة وقفت تهندم من حجابه فأبصرت زوجها يقف خلفها ثم عانقها من الخلف مسندا بذقنه فوق منكبها هامس في أذنها بلوعة: هتفضلي بعيدة عني لحد أمتى يا غزل بقى لنا شهر راجعين لبعض وأنتي لسه بتنامي في اوضه البنات مش ناوية تسامحيني بقى أنا والله الفترة اللي فاتت دي بعمل لك كل اللي أنتي عيزاه رغم أن فيه حاجات أنا مش مقتنع بيها بس ما همنيش نفسي عشان خاطر ارضيكي.


تأثرت كثيرا من حديثه وكذلك نبرته الحزينة فاستدارت إليه وطوقت عنقه بذراعيها هاتفة بجدية: وأنا مقدرة كل اللي أنت عملته عشاني ولو ما كنتش مسامحاك ما كنتش رجعت لك أصلا يا رامي.


أشرق وجهه الجميل بابتسامة زادته جمالا سائلا إياها بلهفة: بجد يعني أنتي مش زعلانة مني؟


هزت رأسها نفيا.

فاقترب منها عازما على تقـ بيلها

إلا أنها أبعدت وجهها عنه مغمغمة بهدوء: مش دلوقتي لما نرجع من عند بابا أوعى كده أروح اصحي البنات.


وقف أمامها محيطا خـ سرها بذراعيه هاتفا بخفوت: ما فيش مراوح عند بابا النهاردة أنا هاكلمه واعتذر ونقدي اليوم أنا وأنتي سوى ما هو أنا لازم أتأكد بنفسي أنك مش زعلانة مني.


اتسعت ابتسامتها وأومأت له بالموافقة على حديثه

فطبع قبلة سريعة فوق وجنتها واستدار يبحث عن الهاتف كي ينفذ ما أخبرها به.


❈-❈-❈


بعد حوالي نصف ساعة ترأس الحاج سعد طاولة الطعام وحوله تجلس جميع العائلة.

فشرعوا في تناول إفطارهم في صمت قاطعته نور بصوتها المرتفع كعادتها: بابا سعد.


رفع عينيه لها ليعرف ماذا تريد


يرضيك وأنا بعزم وليد الصبح أنه ييجي يفطر معانا ويقضي اليوم يقول لي لا أنا لسه ما بقتش من العيلة؟


تنحنح وليد بحرج

فوجه الحاج سعد حديثه له هاتفا: أوعى تقول الكلام ده تاني يا وليد أنت من أول ما دخلت بيتنا وأنت بقيت واحد من العيلة يعني بقيت زيك زي عمار زي رؤوف زي رامي زي أي واحد من عيلتنة فأهمني؟


أومأ له وليد متفهما

فرمقته الحاجة صباح بامتنان شديد.

بينما عمار لاحظ بأن صَبا لا تتناول فطورها فسألها بخفوت في أذنها: ما بتاكليش ليه يا صَبا؟


أجابته بنفس الخفوت: مش عارفة يا عمار حاسة أني قرفانة من الأكل.


امسك ببيضة وقربها منها.

فدفعت يده بعيدا وهبت واقفة تركض باتجاه المرحاض.


فشعر الجميع بالقلق عليها وخاصة عمار الذي هرول خلفها يسألها بقلق بعد أن ولج المرحاض معها واغلق الباب من خلفه: مالك يا صَبا؟


شعر بالخوف عندما أبصرها تتقيأ أمام عينيه فساعدها وأسندها كي لا تسقط أرضا.

وبعد أن أفرغت ما في جوفها غسل لها وجهها ومن ثم نشفه جيدا بإحدى المحارم ثم دلف بها للخارج هاتفا بعجالة: جماعة حد يشوف رقم دكتور.


فهتفت صَبا بإعياء شديد: فيه دكتورة سكنت جديد هنا بتشتغل معانا في المستشفى اسمها ليلى رقمها عندي على الموبايل كلموها.


❈-❈-❈


ارتدى ثيابه في عجاله ثم نادى على والدته بصوت مرتفع: يا أم كامل يا ست الكل يا حاجة.


أقبلت عليه بابتسامة بشوشة تسأله باهتمام: اؤمرني يا روح الحاجة؟


دنا منها وامسك يديها مقبلا اياهم بالتناوب ثم هتف بجدية: ما يؤمرش عليكي ظالم يا ست الكل أنا بس كنت عايز المصلية عشان الحق أصلي الجمعة لأن أنتي عارفة اليوم ده يبقى الجامع مليان لو ما لقيتش مكان هطلع أصلي قدام الجامع.


أومأت له ثم انصرفت لتحضر له سجادة الصلاة.

ثواني وعادت تحملها ثم ناولته إياها.

فطبع قبـ لة سريعة فوق جبينعا وانطلق للخارج

تاركا إياها تشيعه بدعواتها المعتادة: ربنا يريح قلبك ويرزقك ببنت الحلال اللي تسعدك يا كامل يا ابن بطني.


دلفا من المنزل وهو يتمتم بالاستغفار.

ثواني واصطدم به أحدهما.

رفع عينيه ليعتذر ويا ليته لم يفعل فقد كانت فتاة جميلة الوجه بعينيها الواسعتين شديدة السواد وبشرتها البيضاء الناصعة ناهيك عن شـ فتيها اللتان تشبهان حبات الكريز.

أشاح ببصره عنها بصعوبة ثم تنحنح بخشونة هاتفا باعتذار: أنا آسف.


رمقته بإعجاب هي الأخرى ثم هتفت برقة: ولا يهمك أنا اللي آسفة عشان كنت مستعجلة معلش بعد أذنك يعني تقول لي فين بيت الحاج سعد هنداوي؟


سألها بلهفة: هو أنتي قريبتهم؟


هزت رأسها نفيا مجيبة إياه باهتمام: لا خالص أنا الدكتورة ليلى كلموني بخصوص صَبا شكلها تعبانه شوية وجبت أطمن عليها.


ابتسم باتساع ثم أشار على أحد المنازل هاتفا بجدية: البيت ده بيت الحاج سعد هنداوي.


شكرته ثم انصرفت وهي تبتسم بعذوبة تاركة إياه يشيعها بنظرات إعجاب سافر

فيبدو أن هناك قصة حب ستولد في الأيام المقبلة.


❈-❈-❈


بعد أن انتهت من الكشف عليها دلفت للخارج وهي تبتسم بسعادة هاتفة بمرح: مالكم يا جماعة قلقانين كده ليه دي صَبا هانم حبت بس تعرف غلوتها عندكم عموما يعني الهانم حامل في تلت أسابيع تقريبا.


ابتسم الجميع في سعادة فتنهد عمار بارتياح ثم استأذنا منهم وولج للداخل.


هتفت نور بمرح: عقبالي يا رب عقبالي.


ضربتها والدتها بخفة فوق جبينها مغمغمة بحنق: يا بت لمي نفسك بقى مش لما تتنيلي تتجوزي الأول.


تنهدت بهيام وهي تنظر إلى وليد الذي كان يضحك على حديثها: قريب -إن شاء الله-   بس أنتي قولي يا رب.


يا رب يا أختي عشان أخلص بقى.


هتف الحاج سعد بهدوء: يلا يا جماعة تعالوا كملوا فطاركم كده كده صلاة الجمعة راحت علينا بعد الفطار نبقى نصليها جماعة كلنا مع بعض.


وافق الجميع على حديث الحاج سعد وانصاعوا لرغبته.


أما في الداخل اغلق الباب من خلفه ثم دنا منها وجلس بجوارها فوق الفـ راش وهو يهتف بسعادة لا مثيل لها: مبروك يا أم صَبا.


رمقته بدهشة مغمغمة: أم صَبا!


أومأ لها موافقا هاتفا بعشق: طبعا أم صَبا أنا عايز بنت واسميها صَبا تعرفي ليه؟


رمقته باستفهام؟


علشان اسمك يبقى مرتبط باسمي طول العمر.


أشرق وجهها الجميل بابتسامة ساحرة مغمغمة بعشق نابع من جنبات قلبها: بحبك قوي يا عمار.


مال عليها هامسا بأنفاسه التي لفحت وجهها: وأنا بعشقك يا قلب عمار.


ليس من الضروري أن تكون البدايات سعيدة وإنما الأهم أن تكون النهايات جميلة.

وهذا ما حدث بالضبط مع أبطالنا فلقد عانوا الأمرين في أول علاقتهم وبعدها تحسنت الأمور ليعيش سعادة أبدية لا يعكرها سوى هادم اللذات ومفرق الجماعات.


تمت بحمد الله


إلى حين نشر الرواية الجديدة للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة