رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 22
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثاني والعشرون
بعد يوم شاق بالعمل عادت تسنيم الى منزلها
وأخذت تتجول في المطبخ حيث شعرت بالجوع خاصة بعد أن أصدرت معدتها اصوتاً.
تعرف بعضها و البعض الأخر تجهله، تحدثت مع مهرة التي كانت تقف أمامها وهي تجلس علي الكرسي وبدأت تتناول الطعام الذي احضرته
= يا بنتي قلت لك ريحي نفسك زي ما الدكتوره قالت لك و بطلي كل شويه تدخلي المطبخ وتعملي انتٍ الاكل، كده هتعود و هستغل لك اسوا استغلال بعد كده ده حتى أيمن بقى كل يوم ينطلي هنا بسبب أكلك .. بجد تسلم ايدك
ابتسمت مهرة لها بشرود ولم تتحدث، عقدت الأخري حاجبيها بتعجب وقالت بابتسامة عذبة
= مالك يا مهره ما بترديش ليه هو انتٍ متضايقه عشان الكلام اللي قلتهلك امبارح؟ وانك بعد ما تولدي هتنقلي لجمعيه تهتمي بيكي وبابنك مهره مش عاوزكي تقلقي انا مش هوديك مكان الا لما اكون مطمنه عليكي فيه.. بصي يا حبيبتي الجمعيه دي عباره عن مسكن و معموله عشان تساعد الستات اللي زيك اللي بيتعرضوا للعنف الأسري أو من الازواج و بيكون ما لهمش مكان وحاجات من الاشكال دي وبيقفوا جنبهم ويساعدوهم ، وكمان هيخلوكي تكملي تعليمك زي ما كنتي عاوزه! وانا لو عليا مش هسيبك و رفعتلك كمان القضيه الخلع زي ما وعدتك وكلها كام شهر وصدقيني الحكم هيكون لصالحك
إرتعد جســد مهرة وهي تتحدث بخوف فهي تخشي على نفسها من شر زاهر وقد تسـارعت دقات قلبها وتلاحقت أنفاسها
= ما هو ده اللي مخوفني رد فعل زاهر دلوقتي اكيد مش هيكون عادي وهيستحلف لي اكتر ولو في مره وقعت في ايده هيموتني المره دي بعد عملتي السودة.. أصلك ما تعرفهوش ده سفاحه ! ما عندوش ضمير ولا رحمه
واضافت تلك الصغيرة بصوت شبه متشنج رغم وهنه
=و اذا كان على موضوع اني هنقل مكان تاني انا مش متضايقه ولا حاجه صحيح زعلانه عشان مش هشوفك ثاني ولا انتٍ ولا عمو ايمن واقعد معاكم زي الاول بس مش مهم كفايه ان انا هكون بعيد عن أبويا واخويا وحسناء وجوزي ! وكده او كده انا عارفه ان انا مش هطول هنا .
نهضت تسنيم ونظرت إليها بعتاب وقالت بلهجة صارمة
= أولا مش عاوزاكي تخافي من اللي اسمه زاهر ده هو اكيد دلوقتي المحامي اللي هيوكله هيقول له انه لو عمل اي حاجه معاكي مش هتكون لصالحه و هنرفع عليه قضيه تاني ومش هنسكت زي ما احنا رفعنا قضيه الخلع، وبعدين بلاش الخوف ده هو اللي هيخليكي تخافي تاخدي حقك .. ثانياً بقى انا و أيمن اتفقنا ان احنا هنيجي نزورك على طول باستمرار ونطمن على احوالك .
أغمضت عينيها مستسلمة لدفء تلك الكلمات التي انتزعت عنها حزنًا مؤقتًا لتشعر بعدها بالرضا والارتياح، ثم فتحت عينيها ببطئ وقالت بحماس
= هو انا بجد ممكن أكمل تعليمي زي ما كان نفسي
❈-❈-❈
في منزل زكريا، تابعت حسناء هي بنظراتها المحتقنة إلى أن أغلقت الباب خلفها، فأدارت رأسها في اتجاه زوجها وحماها وهتفت بصوت شبه مختنق
= يعني هربت وفضحتنا وسط الناس وقلنا ماشي، قطعت رزقكم انتوا الاتنين بسببها وما حدش قدر يتكلم؟, بس توصل انها ترفع قضيه خلع لا البنت دي اتجننتي رسمي انا بدأت اشك فعلا أن في حد مقويها وانها تعرف حد وكانت بتقابله من ورانا.. ما هو كلام ما يخشش العقل حته العيله دي تعمل كل ده لوحدها؟
أشار زكريا إلي أنس بظهر كفه قائلا بامتعاض
= سكت مراتك يا أنس عشان انا على اخري
هلاقيها منها ولا من اختك اللي ما حدش عارفلها طريق .
ضيقت حسناء عينيها بشراسة وصرت على أسنانها قائله بحنق
= لا مش هسكت انتم لازم تشوفوا صرفه قبل ما المحكمه تحكملها وتطلقك فعلا، ولو حصل خلاص ما فيش أمل اني زاهر يعفي عنكم ويرجعكوا الشغل ولا يديكم مليم واحد .. قلبتوا الدنيا عليها ومحدش عارفلها طريقه هنستنى ايه تاني؟ وبعدين خلاص القرشين إللي كنا شايلينهم على جنب قربه يخلصوا وبعد كده هنروح نشحت من الناس
نظر أنس نحوها بحذر شديد حتي تصمت لكنها تجاهلت أياه، وتحدثت بصوت خبيث
= ما تطلع ال 100 الف اللي اديهالك زاهر يا عمي مهر مهرة؟ ولا انت ناوي تفضل شيلهم على جنب احنا دلوقتي في وقت زنقه ومحتاجينهم .
انتفض زكريا وصرخ فيها بصوت محتد وهو يرمقها بنظراته النارية
= لا ده انتٍ باين عليكي اتجننتي ما حدش هيقرب من الفلوس دي ولا هيطول منها جنيه واحد سامعين دي فلوسي انا وبس.
رحل زكريا بخطوات غاضبة بسرعه حتي لا يطالبة احدهم بالاموال وكانت حسناء تتابعة بسخرية واستهزاء بينما قال أنس بضيق شديد
= مش هتسكتي انتٍ غير لما تخربيها علينا يا حسناء، فلوس إيه اللي عاوزه تاخديها من ابويا انتٍ عارفه كويس انه مش هيطلع قرش واحد يديهلنا منها ، وبعدين مش ملاحظه انك عماله تخبطي في الكلام ايه ابتديت اشك ان فعلا مهره تعرف واحد انتٍ عاوزه يقول ان احنا فعلا اللي لبسناها الليله وما كانتش تعرف حد زي ما قلنا في الاول ويقلب علينا
إزدادت إبتسامتها شراسة وهي تقول بصوت شيطاني
= هو انت ما خدتش بالك ولا عامل عبيط؟ أبوك فاهم الليله من بدري اوي بس عامل فيها ما يعرفش .. وبعدين هو انتوا هتكذبوا الكدبه وتصدقوها هي من امتى و الفلوس اللي معاه كان تعب فيها دي جايه له على الجاهز !
إبتلع أنس ريقه بعدم تصديق ، وتشدق قائلاً بصدمة
= ايه الكلام اللي انتٍ بتقولي ده يا حسناء وهو ابويا هيعرف حاجه زي كده وهيسكت
من غير ما يعاتب حد فينا؟ ده احنا طعنه في شرفها .
نظرت له باستهزاء وهي تجيب عليه بسخرية
وتهكم
= سكت عشان المصلحه، والله انا إللي مفروض اخذ حظري منكم ده انتم بعتوا بنتكم وقبضتوا تمنها ؟! عيله ملكوش عزيز ولا غالي تخافوا عليه صحيح هستنى إيه منكم .
❈-❈-❈
تعالت الزغاريد والتهنئات المباركة في منزل تسنيم كتهنئه بفرحتهم بيوم الخُطبة، فاليوم هو خطوبتهم التي وافقت عليها تسنيم اخيرا و قد اتفقت هي وسالم بان تكون الخطوبه بمنزلها وسيتم دعوه الأقارب فقط ! وهو رحب بذلك ولم يعترض .
أمسك سالم يد تسنيم ليضع الخاتم باصابعها
وذلك زاد حينها من خوفها مما هي مقبلة عليه رغم موافقتها المسبقه ومع ذلك بدت أكثر ارتباكًا، لتضع هي الأخري الخاتم بيدة ثم آفاقت علي صوته وهو يقول بصوت خفيض متغزلاً فيها
= طالعه زي القمر، مبروك يا تسنيم وعقبال الليله الكبيره اللي هتكون طبعاً بعد ست سبع سنين كده ، صح
نظرت له بتوتر شديد واصطبغ وجهها بحمرة شديدة، ارتجفت أكثر من اقترابها المهلك منه وانتابها مشاعر متداخلة وهي ترد بارتباك
=الله يبارك فيك، بس مش للدرجه دي يا سالم وبعدين ما يبقاش قلبك أسود ما انا وافقت اهو على الخطوبه متزعلش بقي .
نظر لها مطولاً وهو يرد مازحًا
= وافقتي بعد ما طلعتي عيني، بس كله يهون عشانك.. وانا مش زعلان ولا حاجه، ينفع نزعل في يوم زي ده اصلا ؟!
قاومت تلك الابتسامة التي تحاول الظهور على محياها، فقالت لتغير الموضوع
= حلوه حكايه أننا نعمل الخطوبه علي الضيقه ونعزم قرايبنا بس، بصراحه مش برتاح لحكايه اني اقعد في الكوشه والناس بتبص علينا وتتفرج عشان كده ارتحت لما انت وافقت، بس كويس اتفقنا على حاجة
شدد من ضمته ليدها قائلاً بمكر وهو يغمز لها
= إحنا متفقين من زمان، بس انتٍ اللي مش واخدة بالك!
نظر لها بأعين لامعة مستمتعًا بحالة الشد والجذب بينهما، هي أعادت إحياء روحه من جديد، أضافت نكهه إلى حياته الجافة بعد أن ضنت عليه مسبقًا بقسوتها، فلا ضرر من التريث حتى يصل إلى مبتغاه. في ذلك الأثناء لاحظت تسنيم نظرات ليلي لها الغامضه والغير مفهومه! لكنها لم تهتم وقالت بابتسامة عذبة
= بنتك جميله اوي وشبهك، بس هي مالها واخده جنب كده لوحدها وساكته هي كويسه
أومــأ برأسه موافقاً وهو يتابع ليلي بنظراته القلقة ثم أجابها بتوجس
= اه كويسه ما فيهاش حاجه، هي بس مش بتاخد على الناس بسرعه خصوصا لما تكون داخله على ناس لسه ما تعرفهاش، بس اكيد مع الوقت هتتعودوا على بعض
هزت تسنيم رأسها موافقة وأردفت قائلة بحسن نية
= أكيد وأنا متعشمة خير
لاحظت ناهد التغيير البادي على وجه ليلي وهي تنظر إلى تسنيم، فإبتسمت بتوتر وقالت لها بجدية
= وبعدين يا ليلي احنا اتفقنا على ايه! الناس يا حبيبتي عماله تبص عليكي؟ عاوزاهم يقولوا ايه غيرانه من واحده زي دي ولا تحطيها في دماغك يا قلبي.
أبعدت جسدها عنها بيدها ونظرت إلي تسنيم من زاوية عينها بكبرياء ومن ثم ردت علي جدتها بعدم إكتراث
= انا عاوزه أمشي مش طايقه اقعد هنا اكتر من كده .
وعلي الجانب الأخر احتضنتها ليان بذراعيها قائلة بنبرة مازحاً
= مبروك يا تسنيم مبروك يا حبيبتي ربنا يتمم لك على خير فرحتلك أوي .. بس اتجدعني كده بقى واهدي وخلي الخطوبه دي تكمل على خير احسن عمك شكله قلقان ومش مبسوط ولا هيرتاح غير لما يشوفك في بيت جوزك ان شاء الله .. وبصراحه بقى هو معاه حق احنا زهقنا منك ونفسنا نشوفك بقى في بيت جوزك
وانا نفسي ابقى خالته قريب
طالعتها بنظرات ممتنة وتساءلت بفضول
= الله يبارك فيكي يا ليان، هو انتٍ مالك انتٍ وجوزك انتم متخانقين مش كده؟
استدارت ناحيتها بعتاب لطيف لترد ليان بابتسامة لاهية
= ما تشغليش بالك بينا، النهارده خطوبتك وما ينفعش تفكري في اي حاجه ممكن تضايقك غير انتٍ و خطيبك بس .
و في نفس اللحظه اقترب أيمن من أخته ليحتضنها مهنئًا إياها، بينما لمحت ليان مهرة وهي تقف جانب وتنظر إلي تسنيم وايمن بسعادة بالغة، فسألت نفسها الأخيرة بفضول
= هي مين البنت اللي واقفه هناك دي اول مره أشوفها ممكن تكون قريبه عم تسنيم و أيمن؟ شكلها كده بس اول مره اشوفها وبعدين ما انا مش عارفه شكل العيله كلها.
هزت راسها بعدم مبالاة ثم تابعت أيمن وهو يتحدث مع أخته بابتسامه لطيفه وقد شعرت زوجته ان يصطنع السعاده لأجلها، ازدردت ريقها بحزن طفيف وهي تضيف بكلماتها داخلها
= لولا خطوبه تسنيم كنت زماني سبت البيت يا أيمن وريحتك مني! بس مش عاوزه اعكنن عليها وازعلها في يوم زي ده؟ بس لازم اخذ الخطوه دي قريب ! خلاص يا أيمن حكايتنا انتهت لحد هنا و شكلها مش هتكمل وانا لازم أقتنع بكده .
❈-❈-❈
مط المحامي فمه للأمـام وأخذ نفساً عميقاً وزفره على مهل وهو يتحدث بهدوء حذر
= يا زاهر بيه اهدى العصبيه اللي انت فيها دي مش هتحل حاجه اهدى واسمعني عشان نلاقي حل
ظل زاهر يسير في مكتبه بعصبية واضحة ثم
إقترب من مقعد المحامي الخاص بة، بملامح وجهه متصلبة للغاية ثم نظر إليه بإزدراء قبل أن ينطق بشراسة جلية وهو يكز على أسنانه قائلاً
= حل إيه بعد ما اكتشفت ان البنت سرقه ورقه الجواز العرفي من بيتي، و راحت رفعت عليا قضيه خلع! دي شكلها كانت مخططه لها من البدايه بقى؟ حته العيله دي عرفت تكسرني ازاي؟ دي وفاء بجبروتها ما قدرتش عليا واتنازلت عن القضيه في خلال شهر واحد ! من خوفها مني، تيجي الهانم الثانيه تعملها ومش فارق معاها حاجه ولا خايفه مني.
اقترب منه بشدة ونظر مباشرة في عينيه و أضاف بلهجة حــادة تحمل الوعيد
= اسمعني انت لازم تشوفلي حل؟ وبسرعه انا مش هقف قدام البنت دي في المحكمه و القاضي يقول لي خلعتك واللي رايح واللي جاي يجيب في سيرتي بعد كده في المنطقه عندي، والناس تشاور عليا وتقول المخلوع اهو من عيله ما كملتش 17 سنه .. ما انا خلاص بقيت ملطشه بين الستات وكل واحده ما يعجبهاش كلامي هتتفرد عليا وتروح تخلعني ومش هعرف احط عيني في عين واحده ست عشان اكسرها بعد كده
نظر له المحامي بإبتسامة صفراء وهو يجيبه بتردد
= عاوز رايي لان ما فيش حل ولا الجواز رسمي عشان نعرف حتى نطلبها في بيت الطاعه فاسمع بقى مني المفيد والاحسن تطلقها .
صـاح زاهر بغلظة وهو يحدجه بنظراته المميتة
= أطلق مين يا محامي الغبره انت التاني هو انا جايبك هنا ودفعلك فلوس قد كده عشان تقول لي طلقها جبتلي انت كده الخلاصه.. اطلقها عشان اثبتلها ان انا ما قدرتش عليها
هتف الآخر بجدية أكثر
= يا زاهر بيه اهدي وافهمني كده كده الطلاق هيتم والمحكمه هتحكم ليها لاني اسبابها كتير اذا كانت من ناحيه سنها الصغير ولا الضرب إللي في جسمهم إللي هيعرفوا يثبتوا، واحنا ما عندناش اي حاجه نقدر نمنع بيها الحكم ده، فخلي الطلاق يجي منك عشان كلام الناس زي ما انت قلقان
إبتسم المحامي بثقة وهو يكمل
= وبعدين مش انت عاوزها تجيلك لحد عندك مذلوله؟ ما ده اللي هيحصل بالظبط زي ما انت عاوز واكتر بس اسمعني للاخر عشان تفهم اللي في دماغي ؟؟.
بدأ المحامي أن يشرح له خطه الخبيثه، بينما صمت زاهر لعدة دقائق يفكر فيما أخبرة للتو، و إتسعت عينيه في إنبهار هاتفاً بتفكير
= فكرك كده؟ ماشي نهايتك على أيدي يا مهرة
❈-❈-❈
لمعت عيني سعاد بشدة وهي تري أبنها هكذا .. لم يطرأ أي تغيير في حالته فمنذ أن أدرك جرم فعلته ونال جزء من عقابه تجاه فريدة وهو يتعذب هنا فداء جريمته.. و قسوته بالتلذذ بها وهي خانعة و تحت قدمه و يأخذها قسراً ..!! تلاشت قوته تلك مع رؤيته هنا؟ وأدرك فداحة جريمته النكراء ليظهر امام نفسه و والدته؟ عاجزاً ضعيفاً رافضاً عقابه أو لم يتحمل تلك المذله .
نعم مذلة ما بعدها مذلة، تحولت في حياته فجأة، فلم يتصور أن ينتهي به المطاف هنا؟ و لم يصدق ما فعلته فريدة به فكان يتوقع انها ستظل ضعيفه ومذلوله أمامه وراضيه بما ياتي منه طول الوقت لكنها حتى عائلتها خرجت عن طوعها لأجل حقها فماذا ينتظر بعد، ركض حسام إلي احضان أمه وهو يهتف بصوت مرتجف
= ماما
احتضنته أمه باشتياق ثم ابتعدت عنه ومــدت يدها لتمسح على وجنته برفق وهي تقول بصوت أمومي حاني
= يا حبيبي يا ابني انت كويس يا حبيبي طمني عليك .. مالك يا ضنايا شكلك عامل كده ليه؟ انت مش بتاكل كويس ولا ايه
إختنق صوته وهو يقول بنشيج
= انتٍ بجد بتساليني واكل ايه كمان إللي أكله وانا مرمي في السجن هنا؟ اعملي حاجه طلعيني من هنا انا مش مستحمل يوم واحد زياده انتٍ مش متخيله حالتي ازاي ولا اللي بشوفه هنا .. المره دي صعبه بجد ، حتي المساجين اللي جوه بيعاملوني وحش لما عرفوا انا جي في ايه .
ابتلع ريقه بتوتر، واضاف بصوت متقطع بخوف
= لا انا مش هقدر استحمل اعملي اي حاجه ان شاء الله تهربيني
فغرت فمها مدهوشة وهي ترد باستنكار
= سهل هو الهروب من هنا ولا انا اقدر اعمل حاجه زي كده، أقول ايه مش انت السبب قلت لك بلاش ثقتك الزياده دي؟ انها مش هتعمل حاجه ولا هتبلغ عليك المره اهي عملتها.. و المره دي غير ناويه ليك على الشر ومش هتتنزل مهما حصل اذا كان اهلها ذات نفسهم اتبرت منهم وسابتهم عشان ما حدش يقول لها اتنزلي .. اروح انا فين دلوقتي ولا اكلملك مين كبرها
تخبط في أفكاره للحظات التي أنهكت عقله إلى أن قال بصوت خائف أصاب جسده بالقشعريرة
= يعني هتفضلي كده ساكته وسايبيني هنا و مش هتعملي حاجه؟ اتصرفي ان شاء الله تقتليها ولا تديها فلوس بس خليها تتنازل وتطلعني من هنا .
ردت عليه والدته بصوت شبه مرتبك
= وهي لو كانت بتقبل فلوس عشان تتنازل عن حقها ما كنا عملنا كده في القضيه الثانيه .. قلت لك المره دي شكلها ناويه لك على الشر وهطلع القديم والجديد عليك ، ده انا لما حاولت اكلمها بس ما قبلتش مني كلمه واحدة وكانت هتاكلني وهزقتني في المحكمه .. والمحامي مش عامل لي حاجه غير انه بياخد فلوس وبس! وقال لي خلاص الوضع بقي صعب و في شهود علي كلامها وهي مصممه على حقها
رد عليها بصوت ضعيف ومبحوح وهو
يحرك رأسه برفض شديد
= لا يا ماما ابوس ايدك ما تستسلميش كده حاولي معاها مره واثنين وثلاثه لحد ما توافق بس انا مش هضيع عمري كله هنا .
❈-❈-❈
أعدت وفاء وجبة الإفطار وجلست وحدها تأكل ، رفعت عينيها ناظرة حولها ملاحظه ذلك الفراغ وهذه الوحدة والصمت التام. أرادت من يشاركها فطورها اليوم ويجعل نفسها لذيذة للأكل، لكنها لم تجد معها أحداً فهي تعيش وحدها.. بلا زوج .. أو طفل يعيلها .. لكن هذه إرادة الله وعليها تقبلها؟ بأنها امرأة عاقر ولن تتمكن من إنجاب الأطفال.
لقد اقترح شقيقها طه عليها أن تأتي وتعيش معه ومع زوجته وأولاده ، لكنها ترفض دائمًا بحجة أنها لم تشعر بالراحة أثناء تواجدها في منزلهم ولن تترك مساحة خاصة لهم مثل هذا، أما زوجها زاهر! فإنها تتمنى أن تعيش حياتها كلها بدون عاطفة ، أفضل من زوج بغيض يسمعها كل ليلة إلى الكلمات الثقيلة على قلبها ويوبخها لعدم إنجابها .
هي يكفيها أن تري نظرات الشفقة التي تراها في عيون الجيران من حولها ، وكانت تهتم فقط بهذا الصمت المريح ، مما يعني أنها لن تستمع إلى معايرة من أي شخص.
لا تنكر أنها تفكر أحيانًا في عرض شقيقها ، أن تصر على طلب الطلاق من زاهر ، على أمل أن تلتقي بشخص مناسب ويعوضها عن كل هذا الحزن! لكنها لن تخاطر بحياتها مرة أخرى. هي معتادة على وحدتها وترضي بما هي عليه و لم تري بعد رجلاً يدفعها للتخلص من هدوء حياتها وتقبل حالتها السيئة ، وهي امرأة لا تستطيع الإنجاب. ابتسمت بسخرية مريرة ، إذ من المؤكد أنها ستجد ذلك الرجل في الأفلام فقط كما تشاهد حتى يحصل على إعجاب البطلة، إنما يحدث في الحقيقة تشك !!
نهضت بعد فترة لتحضر لها القهوة علها تغير من مزاجها المضطرب قليلا بينما أغمضت عينيها تصارع تلك الصورة البغيضة التى كرهت عينيها لرؤيتها . وأنها ستظل تعيش وتموت وحيده في تلك الدنيا .
كان يومها مملا كالعادة أنهت ما سمحت به حالتها من أعباء المنزل وتركت ما سيشق عليها إنجازه، حتي مرت الساعات عليها دون ان يحدث شيء جديد في يومها، حتي سمعت فجاه صوت طرقات فوق باب منزلها لتقترب من الباب لتفتح بخطى متسارعة لكنها مهزوزة ليست تلك الواثقة التى كانت مسبقاً، ابتسمت باتساع وهي تري أخيها يقف أمامها لتقول بسعادة
= طه تعالي ادخل ، حماتك بتحبك ده انا عامله طاجن ورق العنب اللي بتحبه
رد عليها بابتسامة عريضة
= الله يرحمها بقى كانت ست طيبه، لقيت نفسي قريب منك قلت اعدي عليكي ربع ساعه كده، بس طالما فيها ورق عنب اقعد ساعه بحالها .
أغلقت الباب خلفه وتحرك طه علي مقعد السفرة وجلس، لتجلس هي الأخري أمامه وبدأت أن تضع في صحنه الطعام لتهتف بإبتسامة بود
= كنت جبت الولاد معاك وحشوني اوي
نظر لها مطولاً وهو يرد بابتسامة هادئه
= و مروه هترضى تسيبهم ينزلوا معايا كده عادي وهم عندهم امتحانات وشهاده السنه دي، لما ياخدوا الاجازه ان شاء الله هجيبهم يقعدوا معاكي ويباتوا براحتهم لحد ما انتٍ بنفسك تقولي لي تعالي خد عيالك زهقوني
هزت رأسها بإيماءة و زادت ابتسامتها العذبة
وهي تتحدث بحنان
= انا ما بزهقش منهم و انت عارف كده كويس دول حبايبي وحته من روحي، ربنا يخليهم لك وتفرح بيهم دايما يا حبيبي
نظر طه لها بود كبير و هو يتناول أصابع المحشي ثم قال متذكر
= صحيح افتكرت اما انا عندي ليكي حته خبر مش هتصدقي؟ في المنطقه عندنا في طراطيش كلام كده سمعتها عن الزفت زاهر بيقولوا أن مراته الجديده هربت وسابته و رفعت كمان عليه قضيه خلع.
عبست وفاء بوجهها قائلة بتجهم وهي تتحاشى ما سمعته صحيح
= قصدك البنت الصغيره اللي اتجوزها دي؟ بجد سابته طب و اللي في بطنها حصله ايه دي حامل ! انت متاكد من الكلام ده يا طه
عقد ما بين حاجبيه مزعوجًا من ذلك الحقير زاهر، وهو يتحدث بجدية
= في كلام كتير داير في المنطقه وكمان كلام مش ولا بد عليها وانها هربت مع واحد ! بس إللي متاكد منه انها هربت ورفعت عليه قضيه خلع، اكثر من كده بقى ما اعرفش ومش متاكد بس يستاهل اهو اللي عمله فيكي ربنا هيطلعه عليه من واحده ثانيه .
شهقت وفاء مصدومة من كلامه الغير متوقع، وتلاحقت دقات قلبها بصورة كبيرة، مرددًة بعتاب وصدمة
= أستغفر الله العظيم لا حول ولا قوه الا بالله ده عيله صغيره ايه الكلام ده؟ تعرف ايه هي عن الجواز عشان تخون كمان! كله من اهلها اللي ضيعوها
حرك يده لمؤخرة عنقه باستمتاع وهتف بإبتسامة شماته
= اما انا شمتان في شماته نفسي اشوف شكله دلوقتي عامل ايه؟ مالك يا وفاء سرحانه في ايه؟ انا قلت لما اقول لك اخبار زي كده هتفرحي، خلاص نهايه زاهر قربت
نكست رأسها بإحباط كبير، لقد أرادت أن تحيا تلك الصغيرة بحياتها عكسها و تحظي علي فرصه ثانية بوجودها بعيد عن زاهر، شعرت بالأسف لكونها لم تستطيع مساعدتها حينها لكن ما باليد حيله! ثم أفاقت علي صوت أخيها
لتهز رأسها برفض وهي تردف بصوت مبحوح
= لا مافيش، ما تاخدش في بالك ولا حاجه.. كمل اكلك انت .
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين .
بداخل مدرسة ما، كان عابد يجلس بداخل غرفه المدرسين ولاحظ نظرات البعض اليه
و رغم ذلك ظل جالسا بصمت يراجع إجابات التلاميذ بإقتضاب ! فهو بالتاكيد تفهم ما الذي يوجد خلف نظراتهم تلك؟ وبسبب ما نشرته أبنته فريدة في الصحافة .
لا ينكر غضبة و كره الشديد من حسام فهو يوم الزفاف كان يوصيه بها خيرا وها هو اليوم ضربها بهذه الوحشية، لكن هو يحاول ان يتغلب عن عاطفته ويفكر في مصلحه الجميع عكس فريدة التي تتصرف باندفاع طوال الوقت وهكذا برر لنفسه فعلته؟ بدعوى خوفه عليها من نوائب الحياة ؟
فهو تخلى عنها؟ حتي أنها ليست ببيت أبيها من الأساس ويعرف اخبارها من حسين شقيقه دوماً، للحظه شعر بنغصه في قلبه وأنها بالتاكيد تفكر به انهو اب جاحد فقد عاملها بقسوة شديده! فابنته ليست ببيت أبيها ! ولم تلجأ إليه عندما فكرت برفع الدعوه أيضا ؟ وماذا ينتظر ؟ ظنها ستتحمل لمتى؟ ظنها ستتقبل وضعها وترضى بما يلقيه لها حسام من فتات الإنسانية ! ولما تفعل وهي خسرت تقريبا كل شيء يمكن أن تملكه لتقدمة إلي رجل لاسعادة .
وعن تخاذله كان صفعه دون كف أصابت قلبها مباشرة و صفعته القاسية أيضا التي بالتاكيد لم تنساها ولا هو! لكن هو اب وبالتاكيد يريد الصالح لها ولن يجازف مجدداً بها لتلك المهالك فهو يعلم أنها ؟ إن أوقعها حظها العثر مرة أخرى تحت رحمة المجتمع ما رحمها قط .
ظل يحدق أمامه وأخيرا تغلب جموده وسطوة نفسه و نهض يغادر من المكتب .
❈-❈-❈
بعد مرور ثلاث شهور .
عضت مهرة أطراف أصابعها من الألم وأوهت تأوهًا خافتًا وهي تحاول النهوض ببطء شديد ، لكن رغم ذلك تدفقت عبارات الألم على ذلك حيث كانت تعول على الأمر كثيرًا فمنذ الصباح وهي تشعر بذلك الألم ، وانهارت أيضا وبكت بحزن شديد وهي تشعر بخوف شديد على طفلها. فاليوم هي جالسة بمفردها وقد ذهبت تسنيم للعمل.
لكن لابد أن تتحمل علي أوجاعها وهي في تلك الحالة التي يرثي لها وتتحمل لأجل طفلتها
القادمه، نعم فلقد اخبرتها الطبيبة خلال الاشهر السابقه أنها ستحظي بفتاة ! تتذكر يومها لم تحظي بنوم جيد وظلت شاردة الذهن تفكر في مستقبل ابنتها، وبدأ عقلها يتساءل هل ستقابل هي الأخري شخص ينتقم منها ويستغل ضعفها؟ ويغتال براءتها؟ هل ستقيد حريتها في ذلك المجتمع؟ و لم تحصل على السعاده مثلما حدث معها؟ هل سيشوهها ويحطمها الناس والمجتمع؟ هل ستكون عار عليها لانها فتاة؟ ليتها كانت صبي وليست فتاة !.
لكم كان ضيقت الفكر و محدود العقل حين فكرت بكل ذلك الخوف الغير مبرر! لكن كان معها كل الحق تفكر بذلك الشكل فما رايته ليس قليل، ولم تدع صغيرتها أسيرة لشخص مثل والدها يومآ ما .
كانت ليله عصيبه مرت عليها فقد كانت مخاوفها أقل حدة ولومها بتفكيرها أشد قسوة، يجب ان تفعل المستحيل حتى لا تورث ابنتها منها تلك الاحزان والاوجاع! ستكون حذرة حتى تتخلص من زاهر ومن حياتها السابقه تماماً وبلا رجعة .
فكل الرجاله التي قابلتهم في حياتها ليس والا أشباه؟ أخيها و اتفق مع زوجته لبيعها واتهمها في شرفها و أبيها لم يكلف نفسه عنا يتاكد من تلك الإتهامات بل غامر بحياتها دون تفكير و كانة كان ينتظر تلك اللحظه؟ حتي زاهر زوجها! تقدم بالاول لخطبتها حينها لم تسعد مثل أي عروس بل توترت ! ويوم زواجهما شعرت بالخوف وهو رأي ذلك بعينه مخاوفها! التي عمل على تغذيتها بكل طاقته لتظل تلك المرهقة الصغيرة تحت سطوته.. كان سيئا معها بشكل كامل لذا ما كان ليستمر بكل الأحوال وضعها معه .
والآن يجب أن تصبح النتيجة عكسية أيضا تدفع كل مخاوفها وتنفض الخنوع وشحذت ضده قوتها لتنزع روحها المسلوبة منه .. لتكون حرية! ستكلفها تلك الحريه الكثير تعلم لكنها تستحق، فيجب ان تحصل على حريتها منه مهما كلفها الامر .
دارت أفكارها عن مدى تلك المعاناه التي حصلت عليها بسبب أسرتها و زاهر! سذاجة هؤلاء الأشخاص الذي يتنازلون عن كل شيء مقابل حصولهم على المال؟ يعطوه للمال قيمة اكبر من الروح ونسي ذلك الشخص أنه سيحاسب على ذلك أمام ربه وهذا وحده مرعب لمن له ذرة من تعقل .
وفي ذلك الأثناء، دخلت تسنيم بخطوات سريعة مرددة بحماس
= مهره انتٍ فين تعالي بسرعه
رسمت مهرة ابتسامة زائفة على ثغرها عندما دلفت تسنيم و التفتت للخلف كي تراها لتركض الأخري إليها، تنفست هي بعمق وقفت أمامها وهي تضغط على نفسها لتتحمل الألم، قائلة بصوت شبه متحشرج
= انا هنا يا أبلة تسنيم
لن تنتبه إلى حالتها بسبب حماسها لتردف بسعادة
= عندي ليكي خبر بمليون جنيه مش هتصدقي؟ زاهر وافق و طلقك خلاص يا مهره وبقيتي حره !!.
رفعت وجهها نحوها غير مصدقة، و تحول وجهها لحمرة ملتهبة من كثرة البكاء و السعادة الغامرة، حدقت فيها بأعينها المنتفخة مرددة بصوت هامس
= قولي والمصحف احلفي انك مش بتكدبي عليا ولا بتقولي اي كلام عشان تريحيني بجد طلقني يعني ما بقتش على ذمته دلوقتي ولا هو لي حكم عليا .. خلاص كده مش هعيش معاه ولا هشوفه تاني
لا تصدق ما سمعته للتو! هل حصلت على الحرية! هل ستأخذ حريتها أخيرا منه وهل لها دون إكراه أو شرط أو ضغط خارجي أن تتخذ قرارا .. وهل لها القدرة على الامتناع عن أي شيء لا تريده؟ دون التعرض لأية ضغوط خارجية. ستكون لديها القدرة على الاختيار وتحقيق ما تريد دون أن تتأثر بأهوائها ودوافعها الداخلية ، والتي بدورها تحد من حرية التصميم.
وسوف تجد! التحرر ، والانطلاق من كل قيد ، والتخلص من كل رقابة .
نعم ، كل هذا سيحدث كما تريد! هذا حقها في المقام الأول لكنها مُنعت منه؟ رغم أن الحرية في الإسلام هي: (ما أعطاها الله للإنسان من قدرة على العمل من أجل الوفاء بحقه) دون تعسف أو اعتداء.
نظرت تسنيم إليها بصدمه من بكائها الشديد هذا و ربتت عليها و تشعر بالشفقة حيالها لتقول بنبرة حنونه
= اهدي يا مهره هو انا بقول لك الأخبار الحلوه دي عشان تعيطي والله ما بكذب عليكي انا كمان اتفاجئت زيك؟ وكنت متوقعه ان هيقعد يماطل لحد ما المحكمه هي اللي تحكم من نفسها بس في انواع من الرجاله بتحس ان قضيه الخلع دي اهانه ليها وجايه على كرامتها عشان كده بتطلق قبل ما الحكم يصدر واكنها جت منهم بدل المحكمه .
لم تستطع التوقف عن البكاء أو النحيب، ثم هزت رأسها مبتسمه بإمتنان لها من بين دموعها و قالت مرددة بصوت مختنق
= الحمد لله احمدك واشكر فضلك يا رب انا مش عارفه اقول لك ايه متشكره جدا على كل حاجه عملتيها معايا.. انا حاسه ان انا بحلم و انه فعلا الكابوس ده ما انتهاش .. انا بجد اتطلقت من زاهر ده واخذت حريتي منه و آآه
أقلقتها نبرة صوتها وأثارت هواجسه تسنيم التي اخذت تتسائل بقلق بالغ
= مهرة مالك انتٍ كويسه في ايه؟
هزت رأسها مذعورة من ذلك الألم التي تشعر به فلم يعد محتمل، فردت بصوت متألم و متقطع
= الـ الحقيني آآه يـ يا ابله تسنيم انا شكلي بولد آآآآآآآآآآه
❈-❈-❈
بعد شهرين بداخل المحكمه، وقف حسام خلف القضبان وهو ينظر حوله برهبة فمن كان يتطلع اليه بعطف وآخرين باشمئزاز، أدمعت عيناي حسام بشدة وهو يحاول تجاوز تلك الساعات العصيبة لكنها كانت تمر ببطء بثقل يهلك القلوب قبل العقول فالحكم علية سيصدر بعد قليل، وفي ذلك الاثناء خرج القاضي وبعد دقائق بدأ أن يصدر الحكمة وهتف بخشونة
= حكمت المحكمة على المتهم حسام الغندور محمد بالسجن ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ، رفعت الجلسه .
انهار حسام بصدمه بعد سماع الحكم فسوف يقضي ثلاث سنوات من عمره بالسجن؟ صمت عاجز عن التحدث أو المقاومة فكل أوجاعه التي هاجمته بشراسة جعلته يدرك بعد ذلك الوضع أنه أجرم في حق نفسه؟ أنه زج بنفسه في متاعب لا حصر لها بسبب رغباته الغير منتهية، خفض رأسه وهو يبكي بحسرة على مصائبه ! لكنه حاول التماسك وأن ينظر للأمر من جهه أخرى أن الحكم لم يكون كبير عن ذلك؟ آفاق علي صراخ والدته، حيث هتفت سعاد بنبرة عالية بحسرة
= لاااااااا ابـنــي .
أما عنها فشهقت فريدة مصدومة من حكم القاضي الغير متوقع لها، تلاحقت دقات قلبها بصورة كبيرة لقد أنهي القاضي الحكم بثلاث سنوات فقط لا أكثر عكس ما توقعت ! وقفت في مكانها عاجزة عن التفكير فيما ستفعله وهي تشعر بعدم رضا من ذلك الحكم؟ ظلت تقف كالشاردة في المحكمة فلم يشفع لها القاضي كبر مصائبها التي حصلت عليها بسبب زواجها من ذلك اللعين! فبسببه خسرت شرفها؟ وكرامتها و رحمها وتكون النتيجه بالاخر ثلاث سنوات فقط! أرادت ان يكون الحكم اكبر من ذلك لكنها تعلم جيد هذه العقوبه صدرت عن ضربة لها واستئصال رحمها، أما عقوبته على اغتصابها قبل زواجها وبعد فلم تستطيع ان تفعل بها شيء، لذلك لم تشعر بفرحتها المكتملة داخلها ولا بروحها المنتصره.
أمسكت تسنيم بقبضة يدها تحتضن راحتها بدعم ثم لوت ثغرها ببسمة عابثة وهي تقول
= مبروك يا فريدة، دي كده اول خطوه خدتيها في حقك عقبال الخطوه التانيه؟ ما تطلقي منه و قريب هرفعلك دعوه الخلع زي ما اتفقنا .
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية