رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 26
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل السادس والعشرون
فركت فريدة وجهها المتعب نتيجة الانتظار الطويل الذي بدا أنه لا ينتهي ، وظلت أفكارها مشحونة بما يحدث في المحكمة اليوم! فاليوم هو الحكم النهائي في قضيتها، وبعد ذلك ستحصل على حريتها الكاملة! و لن تصبح علي ذمة ذلك المغتصب البغيض حسام بعد اليوم.
نظرت من حولها تراقب غرفتها وهي بمنزل عمها حسين فهي رفضت اليوم الذهاب للمحكمة مع تسنيم! هي لا تعرف لماذا طلبت منها هذا الطلب، هل خائفه أو أنها سئمت من الذهاب إلى المحكمة كل يوم للبحث عن حقوقها.
هي تسعى للهروب من سجنها المؤبد الذي سبق وأن حكم عليها والدها والمجتمع بقضاء بقية حياتها فيه! حسنًا ، يكفي أن تتظاهر بقبول هذا الموقف. الزواج من شخص مثله يخلي من الرجولة، ويثبت قوته ويكسر الكبرياء الزائف المتبقي الذي تملكه ، ليرى هل تعلمت درسها جيدًا.
لذلك، كان عليها أن ترسم مخطط لما سيأتي من حياتها وتعتمد على نفسها فقط وتنجو من هذا الرجل الذي ينتقص عمداً من مصيرها للتأكد من سيطرته عليها.
وبعد الطلاق! لا أمل في أن يقبلها والدها على أنها مطلقة، وليس لديها من يساعدها ، لأن والدها أساسًا لم يسأل عنها ، بل تخلى عنها تمامًا !! كان أبيها ذلك حقا، الذي عاشت معه طوال حياتها ، راحة لعينيه وقلبه.
هل حقا فقدت كل مكانتها لكونها عاقرا ؟؟
أم طلاقها الذي تحصل عليه بعد فترة؟ أم ستفقدها قريبا ؟؟ وماذا عن نفسها !! هل يمكن أن تكون بمفردها؟ هي بعيدة عنهم لكنها ما زالت قريبة منهم! في منزل عمها.
لقد تاهت افكارها قليلاً، وسرحت قبل يومين في مكتب المحاماة نظرت فريدة إلى تسنيم بتردد واضح وقالت
= هو انا ينفع ما احضرش الجلسه اللي جايه وانتٍ تبقي تبلغيني باللي هيحصل؟ ولا لازم احضر .
استندت تسنيم بظهرها للجانب قليلاً، وعبست بوجهها قائلة بحدة طفيفة
= لا مش لازم بس انتٍ مش عاوزه تيجي ليه؟
اوعي تقولي لي انك خايفه ولا قلقانه انا طمنتك وقلت لك قريب المحكمه هتحكملك بالطلاق وما فيش اي داعي للقلق.
هزت رأسها نافية وأخفضت نظراتها لتحدق في أي شيء إلا هي، زفرت مطولاً رافعة رأسها للأعلى و أردفت قائلة بهدوء
= لا خالص ولا خايفه ولا قلقانه و ما بقتش حاطه في دماغي بس مش حابه اكون وقت نطق الحكم موجوده في المحكمه، ممكن .
استسلمت سريعًا أمام إصرارها هامسة
= تمام ذي ما تحبي استني مني اتصال وقتها .
أغمضت فريدة عينيها باضطراب لا يهدأ وهي تتخيل ما يحدث الآن في المحكمة مع تسنيم!
جف حلقها كثيرا وجفت شفتاها بشكل واضح كلما تأخر اتصال تسنيم؟ إلى أن تم تلقي مكالمة هاتفية منها أخيرًا في تلك اللحظة، و قفز قلبها مرعوبًا من ضلوعها، وشحب وجهها و تلاحقت أنفاسها، انتشرت المخاوف المخيفة في تلك اللحظات الحرجة في ذهنها، حيث كانت مشتتة وخائفة وغير قادرة على التفكير، وقبل كل شيء كانت وحيدة! لا تريد أن تواجه أي شيء آخر بعد تلك الكارثة الأخيرة.
فتحت الخط و إبتلعت ريقها متوجسة وهي تتسائل بتوتر
= طمنيني يا تسنيم ايه اللي حصل
أجابتها الأخري بغموض هادئ
= خايفه المره دي اقول لك مبروك تزعلي وتضايقي زي المره اللي فاتت لما المحكمه حكمت على حسام بثلاث سنين
تنفست بهدوء محاولة ضبط حالها المتوتر من احتمالية اعتقاد بأن تكون مازالت زوجه ذلك الحقير المغتصب فنكست رأسها وقالت مترددة
= افهم من كلامك ان المحكمه حكمتلي واتطلقت .. وما بقتش في عصمته.
ابتسمت بعذوبة قائلة بتريث
= الحمد لله حصل اللي كان نفسك فيه من زمان، هو انا ينفع اباركلك على الطلاق ده؟ في العاده الناس بتبارك لبعض على الجواز بس انا حاسه ان انا عاوزه اباركلك على طلاقك من واحد زي ده .
شعرت بالسعادة الكبيرة لأنها أخيرا تخلصت منه، تنفست براحة لا تنكرها ثم إجابتها بجدية تامة دون أن ترمش بعينيها
= طبعا تباركيلي واي حد المفروض يباركلي هي دي كانت محسوبه عليا جوازه اصلا ولا انا كنت مرتبطه بيه ده اسمه راجل !.
عقدت تسنيم حاجبيها باهتمام وهي تتحدث
= اعتقد دلوقتي ما فيش قضايا محتاجه ترفعيها ولا في واحد مستنيه تخلصي من ذمته، و اقدر اقولك يعني الى حد ما كسبتي الحرب لوحدك حتى لو مش كلها زي ما انتٍ حاسه طول الوقت، بسبب قضيه الاغتصاب اللي اتنازلتي عنها في الاول
بدت فريدة متخبطة من كم الذكريات التي تلقاها عقلها دفعة واحدة، فهتفت تسنيم تكمل بجدية
= بس ما تفتكريش ان انتٍ ضعيفه يا فريده انتٍ قويه كان ممكن تستسلمي اكتر من كده وتفضلي عايشه مع واحد زي حسام ده ويا عالم الحياه بينكم هتنتهي لحد فين بس انتٍ فكيتي قيودك اللي كانت محوطاكي من كل حته؟ ذي اهلك.. والمجتمع !. فمش عاوزاكي تحسي انك ضعيفه خالص وافرحي بالانتصار
تعلقت أنظار فريدة أمامها بدموع لا تعرف احزن أم فرح، وفكرت بتعمق في حديثها العقلاني، بينما استمرت تسنيم في الاسترسال متابعة
= و انتٍ اكيد ما خرجتيش من التجربه دي خسرانه كل حاجه، زي ما انتٍ متوقعه ولا غيرك، حاولي بقى تطبقي اللي انتٍ اتعلمتيه زي مثلا المره الجايه لما تيجي تختاري نصك الثاني لازم تحسني الاختيار المره دي ويكون كويس ومش تدوري على واحد زي اسر خطيبك اللي اتخلى عنك ولا تختاري واحد زي حسام عشان ترضي المجتمع واهلك .. ربنا يوعدك باللي احسن منهم أن شاء الله.
أصاب قلبها وخز حاد لمجرد قولها أنها تستطيع العودة والتفكير في الزواج مرة أخرى، لأن هذا القرار أصبح محكوما عليه بالفشل ، ويصعب عليها العودة وتربط قلبها بشخص آخر.
ارتباك رهيب في أفكارها، بل بالأحرى حيرة جلية سيطرت عليها و بعد ذلك شعرت بقلق دموي يتدفق على وجهها لتزيد من حرارته من التفكير بالقادم .. ربما لأنها كانت في موقف حرج، ولأنها لم تكن كذلك. شخص معها شاركها هذا النصر !. لقد أدركت حقًا في تلك اللحظة أن النصر الكامل حقًا هو مع الأشخاص الذين نحبهم في حياتنا. لكن اين هم الآن!
لقد قامت بهذه الجولة بمفردها من الأساس،
كانت وحيدة، كما لو كانت في صحراء قاحلة ، لا أثر للحياة ولا أثر لأي مخلوق.. و ساقيها أصبحت ثقيلتين وعاجزتين عن الحركة، و تتسابق مع الذئاب بمفردها.
ابتلعت ريقها بتوتر حقيقي.. تأثرت خلاياها تلقائيًا بهذا، لكن كان من المؤكد أنها لم تجد كلمات يمكن أن تصف حالتها. أصبحت أحلامها الأخيرة لا شيء ... لذلك أرادت أن يكون لها قيمة في الحياة! العيش دون إهانة أو ضياع حق فابتعدت عن أهلها وحاولت مرة أخرى .. وفازت بحقها بالنهاية!. فهل لها الحق أن تحتفل بالنصر كما سبق و أخبرتها تسنيم .. ولكن كيف أنها اليوم ليست بدون زوج فقط! بل أصبحت أيضًا بدون عائلة.
مسحت دموعها بابتسامة ممتنة لها وردت عليها باقتضاب غامض
= شكراً ممنونه ليكٍ بكتير عملتي عشاني وكفايه وقفتك جنبي في اكثر وقت كله بعد عني.. و اذا كان على اختياري فانا فعلا المره دي عارفه هختار ايه؟ بس مش قصدي على شريك لحياتي، انا قصدي على الطريق إللي هكمل فيه باقي حياتي .
❈-❈-❈
في نفس التوقيت كانت حسناء تقف مشدوهة وهي تبحث بداخل غرفه زكريا عن المال الذي يخفي عنهم، ظلت تفتش هنا وهناك دون فائده ثم وقفت وهي تجوب بعينيها المكان وتأملت حولها بنظرات دقيقة، وخاصة ستائر النافذة وتلامست بأصابعها الوسادة وهي تضيق عينيها في حيرة ، ومحدثة نفسها بإندهاش
= يوووه يعني هيكون خبي الفلوس فين انا قلبت الاوضه ومش لاقيه حاجه .
إلتفتت برأسها ناحية الكنبه واقتربت تفتحها لكنها لم تجد شيء ايضا، زاد إنعقـاد ما بين حاجبيها حينما رأتها فارغه وتابعت حديث نفسها بإنهــاك وتفكير
= يكونش سابهم عند حد؟؟ لا مستحيل وهو يعرف حد غيرنا عشان يشيل عنده مبلغ ذي ده و يثق فيه !.
سارت لخلفها بخطوات متهادية ثم جثت على ركبتيها وبدأت تتفقد بين الملابس وأمعنت النظر في الدولاب جيد، وهمست قائلة لنفسها بغضب مكتوم
= ركزي يا حسناء لازم تلاقيهم .. هو مستحيل يطلع بره الشقه بيهم هيخاف يتسرقوا منه، ومش هيامن لحد غريب يخبيهم عنه.
عادت تبحث مرة أخرى في الغرفة بتركيز اكبر ومطت شفتيها للأمام وهي تحاول تفكر أين يمكنة أن يضع حقيبة المال؟ وهنا اقتربت تبحث في الفراش وقد لاحظت هناك شيء صلب داخل المرتبه لتفتحها بسرعه وانصدمت عندما رأتها مليئه بالاموال ! ابتسمت بسعادة كبيرة وهي تهتف بانتصار
= عامل لي فيها ناصح يا حمايا ومخبيهم في المرتبه.. بس دول باين عليهم اكتر من ١٠٠ ألف يا ابن الذين، بقي معاك الفلوس دي كلها ومعيشنا في الفقر ده .
أعادت كل شيء مكانه مرة أخرى بسرعه، ومازالت الابتسامه على ثغرها بحماس وهي تردف بفرحه
= يلا اديك فضلت تحوش فيهم وتحرمنا وفي الاخر مش هتطول منهم حاجه .
شهقت حسناء بفزع حينما سمعت صوت زوجها يصيح باسمها من الخارج.
= يا حسناء
تاكدت أن كل شيء مكانه أولا ثم اخذت نفساً عميقاً وزفرته بتوتر و ســارت بخطوات حــذرة إلى الأمــام وفي إتجاه الباب لتخرج، عقد زوجها حاجبيه باستغراب وقال متسائلا
= بتعملي ايه جوه اوضه أبويا .
قطبت حسناء جبينها بإمتعاض ، و ردت علي مضض
= يعني هكون بعمل ايه بروقها هو انا بعمل حاجه غير الشقي في البيت ده ليل ونهار .. كنت بتناديني عاوز ايه؟
هتف أنس بصوت متوتر ومتقطع
= هاه آه هو آآ .
تبدلت ملامح وجهها للتجهم ونظراتها للإحتقان وهي تقول بنبرة باردة
= مالك مش على بعضك ليه و بتهته في الكلام ، ما تقول عاوز ايه علي طول.
تنحنح بصوت خشــن وهو يشيح بوجهه بعيداً عنها قائلا بارتباك ملحوظ
= انا خلاص موافق اني اسرق محل زاهر و كمان اتفقت مع واحد معرفه يروح معايا وهو وافق .. خلاص ما قداميش حل غير كده ما حدش راضي يشغلني، ولو ما عملتش كده هنشحت .
ردت عليه ببرود وهي تحدجه بنظرات غير مكترثة
= خير ما عملت يا جوزي يا حبيبي، و انت في النهايه مش بتعمل حاجه غلط ده حقك! و انت ياما خدمت زاهر ده سنين انت وابوك والمحل ده كبر على أيديكم واخره المتمه طردكم بسبب الهانم مهرة اللي هربت وانتم ما لكوش ذنب في حاجه.. يعني ده حقكم .
لم تطير حسناء من الفرحه مثل ما توقع أنس عكس حماسها بالبداية لكن من الواضح كان داخلها تفكير آخر .
❈-❈-❈
احترقت أعصاب مهرة لمجرد سماعه أمر القاضي بتأجيل القضيه بسبب عدم حضور زاهر مثل العادة، فماذا عن حقها إذن؟ لتعلم بتلك اللحظة لقد كانت محاولة فرارها منه فاشلة بكل المقاييس، وكانت فكرة مواجهتها له حمقاء لأقصى درجة فها هو يعيد عليها إذلالها من جديدة بتلك الطريقة حقا.
شعرت باحتباس أنفاسها باضطراب شديد يحتاجها بجفاف حلقها خلال تلك اللحظات الثقيلة، كانت الأصعب إليها والأكثر توترًا بالنسبة لها، حاولت أن تبذل مجهودًا مضنيًا لضبط انفعالاتها حتى تتمكن من الثياب ورفعت أنظارها إلي القاضي مراقبة لوجهه بين لحظة وأخرى، طال انتظارها بيأس حتى نهضت وهي على حافة الانفجار ونفذ صبرها من مماطلته، فصاحت بعصبية طفيفة
= قضيه إيه اللي هتتاجل تاني .. هو انا عمري في قد ايه عشان اضيعة كله في المحاكم.
التفتت تسنيم ناحيتها لترمقها بنظرات تحذير وهي تقول بقلق
= اسكتي يا مهرة ما ينفعش كده ، احنا اسفين يا حضرة القاضي يا ريت حضرتك تقدر حالتها
معلش الوضع صعب عليها وهي في سنها ده
نظرت حولها باستهزاء وسخرية و كورت مهرة قبضتها بقوة ضاغطة على أناملها المتوترة، وأشارت بالأخرى هامسة بصوت شبه متحشرج
= سن؟ هو انا عمري بقى في قد ايه عشان احسبة وبعدين انتٍ لو هتحسبيها بالسن اللي مكتوب في شهاده الميلاد هتطلعيني صغيره، إنما لو هتحسبيها من اللي شفته فـ هتديني يجي 50 ولا 60 سنه .
لم يعبأ القاضي بحالتها العصبية ورد عليها قائلاً بهدوء عجيب
= استني انتٍ يا سيادة المحاميه، عايزه تقولي ايه يا مهره اتفضلي.
رفعت وجهها لتنظر إلي القاضي فوجدته يجلس قبالتها محدقًا فيها بنظرات قوية لكنها لم تشعر بالخوف أو القلق نحوه، بل بادلته نظراتها أسف علي حالها وضعف وهي تقول بصوت ضعيف
= انا مش عاوزه حاجه من الدنيا غير حقي، وحق بنتي الغلبانه اللي ملهاش ذنب زيي غير أنها طلعت لقيت نفسها ليها أب مش راضي يعترف بيها ولا يشيل مسؤوليتها معايا، و يا ريت ما حدش يحسبها بالعمر تاني انا في سني ده وشفت حاجات كتير ما يستحملهاش ولا كبير ولا صغير .. يا سياده القاضي انا ما كنتش عاوزه حاجه من الدنيا غير أني اتعلم ويبقيلي مستقبل بس اهلي استخسروا عليا الحلم ده للأسف .
ارتفع حاجبي القاضي للأعلى باهتمام، واتسعت حدقت تسنيم بحزن كبير عليها، وبلا وعي اقتربت مهرة من منصه القاضي لتصيح بشراسة حارقه لروحها
= عينيهم زغلله من الفلوس اول ما شافوها ونسيوا بنتهم ورموا لحمهم ! اخويا ومرات اخويا اتهموني في شرفي عشان ابويا يشك فيا ويرضى يجوزني لاي واحد يخبط على بابه؟ وهو لما صدق وباعني لي وقبض ! و شفت معاه عذاب مش قادره اتخطى ولا انساه حتى في احلامي ولما تعبت وحاولت اشتكي محدش سمعني منهم .. عشان كده انا موجوده هنا يا سياده القاضي .. مش عاوزه بنتي تشوفي اللي انا شفته، لما هي في السن ده بتدخل اماكن زي كده عشان اجيبلها حقها ، امال لما تكبر هيحصل ليها ايه تاني ؟؟.
هزت مهرة رأسها بحسرة، ابتلعت غصة عالقة في حلقها لتضيف بمرارة
= عرفتوا بقى انها ما تتحسبش بالعمر!! المفروض حته العيله دي اللي عندها لسه شهور اللي كل يوم تتحجز في المستشفى بسبب مرضها اللي مش لاقيه لي علاج ولا قادره على مصاريفها لما تكبر.. طب هطبطب عليها واساندها ازاي؟ وانا ما لقيتش اللي يداويني، هم مش بيقولوا برده فاقد الشيء لا يعطي ! اصل مفيش عيان بيداوي عيان ، و احنا كلنا في الدنيا دي شوية مرضى ..
بكت عفوياً حسرة مما اصبحت تراه ومع هذا رفضت الإستسلام وأكلمت صراخها المختنق
= اهلي وصلوني لمرحله انو ميكونش عندي
وجهه نظر اصلا او رأي ليا، انا كنت بتكسف اقول رايي ودلوقتي لو حاجه مضايقاني ببقى نفسي اقول مش عاجبني ده، كان نفسي حد يقف جنبي و ينصحني ويقولي متتكسفيش متخليش حد يشوف نفسه عليكي ولا يقول نص كلمه في حقك تضايقك في يوم .
كانت تلك الكلمات تعبر بها عن معاناتها الفعلية هذه اللحظة، وماذا كان ينتظر أحد منها؟ بعد ما رأته بحياتها، فالجميع كان ينظر لها بقاعه المحكمه وهم لا يستوعبون عمرها الصغير ذلك وهي تتحدث بتلك الطريقه! صمتت للحظة تأخذ نفسها ونظرت بعينيها الحمراوتين له الم يكفي أنها حصلت على لقب مطلقة في عمرها الصغير هذا وتصبح كالعار في نظر الجميع، أضافت قائلة بصوت لاهث
= انا يا سيادة القاضي اتعملت في الدنيا دي أن عشان اعيش مرتاحة؟ اعمل نفسي غني الاقي الدنيا حواليا ولما يعرفوا الحقيقه كله يبعد عالاقل عشت مع ناس فهمتها وعرفوني ان الدنيا قاسيه قد ايه على الضعيف اللي زيي
كان نفسي حد يطلع من وسطهم كويس و مش تفرق معاه الفلوس .. بس ما لقيتش غير الاذيه.. انا اتجوزت واتطلقت وانا في السن ده؟ دخلت محاكم و برفع قواضي وانا في السن ده برده؟ بربي عيله مش عارفه عن مسؤوليتها حاجه وانا في سني ده.. أنا شفت حاجات سني ما يستحملهاش وبرده مكمله عشان ما عنديش اختيار .
تنهد القاضي بضيق وهز رأسه بقله حيلة، فالحكم في تلك الأمور لا يقرر بها ولا ياخذها بعين الاعتبار بسبب الإستماع لمعاناتها .. فالحكم هنا يصدر على اساس اوراق واثباتات وليس بدموع حزن وصرخت ألم .
تشنجت وتعالت شهقاتها الباكية ومسحت بأصابعها المرتجفة تلك العبرات التي أغرقت مقلتيها، و بح صوتها وشعرت بتلك الحشرجة القوية تجتاح أحبالها الصوتية فآلمتها بشدة ، ورغم هذا واصلت الحديث لعلها تجد من يرقْ قلبه لها
= يا حضرة القاضي انت بتقول العدل صحيح.. بس هو فين تنفيذ العدل في مجتمعنا .!! مين الجاني فينا و اللي مفروض يتحاسب انا ولا هم ؟؟.
من الجانى بالفعل؟ مغتصب أنتهك شرف أنثى أم مغتصبة تنازلت عن حقها بسبب نظرات المجتمع لها؟ أم قانون وقف عجزاً عن حمايتها؟ بسبب محامى أستخدم أسلوب ملتوى للتحايل على، أم حبيب تخلى عنها بسبب أعتقاده أن الشرف بضعة دماء وسماعه لحديث المجتمع فتزوجت من شبه رجل أم طفلة أغتصبت من عجوز متصابى تحت مسمى الزواج؟ تم بيعها بالمال من شبه أب فأصبحت أم لطفل مجهول النسب والسؤال الذى ليس له أجابة من الجانى ياسادة؟
❈-❈-❈
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية