رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - اقتباس الفصل 25
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
اقتباس
الفصل الخامس والعشرون
❈-❈-❈
فغرت دلال والدتها شفتيها مصدومة وجحظت بعينها في عدم تصديق، ولم تعطيها فرصه للحديث و ضربتها على وجنتيها بكفها بقوة وهي تصيح بصوت مشمئزًا
=ايه! اللي انا بسمعه منك يا قليله الربايه؟ وبتقوليها كده وانتٍ مش مكسوفه من نفسك
نظر لها أيمن بصدمه، وتقدم خطوه بتوتر قائلا بنشيج
= آآ طـ. طنط دلال اهدي، ما ينفعش اللي انتٍ بتعمليه ده .. اهدي طب و افهمي الموضوع الأول
إبتلعت ليان ريقها بتوتر رهيب، ونظرت لها بخوف في حين نظرت دلال له بعينين حادتين وأردفت قائلة بعصبية شديدة
= افهم ايه وزفت ايه بعد اللي سمعته؟ بقي انتٍ يطلع منك كل ده .. انا مش قادره اصدق اللي انا سمعته منك و اللي حصل لا وكمان بجحه وبتقول انها خانتك كده عادي ؟ الظاهر ان انا ما عرفتش اربيكي فعلا
اقتربت منها مرة أخرى وهي تهددها لتغلق عينيها الأخيرة وتترك دموعها تنهمر عليها حزنًا واستسلمت لمصيرها، لكن في تلك اللحظة وقف أيمن أمامها لمنعها من ضربها مرة أخرى ، وفي نفس الوقت دمدمت دلال في وجهه بصوت حاد ومخيف وهي تضغط على أسنانها
= اوعي ابعد عني، انت بتحوشني عنها بدل ما تديها قلمين على وشها علي قله ادبها و بجاحتها، بس ماشي ملحوقه اللي ما عرفتش اعمله طول سنين حياتي هعمله دلوقتي .. هي دي آخر تربيتي فيكي انا وابوكي الله يرحمه بقى احنا عمالين نشقى سنين حياتنا كلها في الغربه عشان نوفرلك كل حاجه وانتٍ في الاخر تحطي راسنا في الرمل بعاملتك السوداء؟؟ ده
الحمد لله ان ابوكي مات ولا سمع اللي انا سمعته ده ..
تلاحقت أنفاسها بشدة، وبدأت تتنفس بصعوبة أشـــد وهي تستمع قسوة كلماتها وجاهدت لتلتقط أنفاسها، لتتابع أمها وبصوت غاضب
= هي دي اخره دلعي فيكي يا زباله يا واطيه أنا حاسه هيجرى لي حاجه من اللي انا سمعته انتٍ يا بنت ما عندكيش دم ولا احساس ازاي تعملي عامله سوداء زي دي من غير ما تفكري فينا .. جالك قلب تعملي كده في امك وابوكي عملنا لك ايه عشان تعملي فينا كده كل طلباتك كانت موجبه ما كناش بنحرمك من حاجه علمناكي احسن تعليم و كنتي بتلبسي احسن لبس .. هي دي جزاتنا في الآخر راحي تعرينا
على اخر الزمن وتفضحينا .
فتحت ليان عينيها ببطء وإبتلعت ريقها وسألتها بنبرة مرتجفة
= دلوقتي بس عامله فيها امي بجد وجايه تحاسبيني، وسنين الغربه اللي انتٍ فرحانه أوي بيهم والفلوس اللي انتٍ عملتيهم مافادونيش في حاجه بالعكس ضرروني.. انا كنت بدفع ثمن الغربه دي كتير اوي، سنين حياتي كلها راحت وانا لوحدي و ياما كنت بقع في مشاكل وما كنتش بلاقي حد جنبي
جايه دلوقتي تحسبيني.. وبعدين فلوس ايه ولبس ايه اللي انتٍ بتكلميني فيه، انا ما كنتش عاوزه كده! كانت في حاجات تانيه اهم كنت محتاجاها منكم وما لقيتهاش.
صرت على أسنانها قائلة بعدم تصديق وهي تبتلع غصة مريرة في حلقها
= تقومي تخوني جوزك ! هو ده اللي كنتي محتاجاه؟؟. يا ريتك كنتي أطلقتي منه ولا انك تعملي كده
اعتصـر الآلم قلبها وهي تذكرها بمساوئها وفعلتها المشينة فهي قد أصابتها في مقتل، ورغم الوجــع الرهيب إلا أنها لم تصمت وواصلت حوار العتاب بينهما، ضربت على قلبها بكفها وهي تصيح بصوت هــادر مقهور بحرقة
= ساعه واحده!! كنت محتاجه منك مش اكتر من ساعه تسمعني فيها وتنصحيني زي اي ام
وتقولي لي فين الصح والغلط؟ تطبطبي عليا وتساعديني لما اقعي في مشكله؟ كان نفسي لما الجا لحد فيكم الاقيكم، لكن انتم كنتم طول الوقت ما بتفكروش في حاجه غير الفلوس والغربه وما فكرتيش انا محتاجه ايه ولا عاوزه ايه ؟؟.
رمقتها أمها بنظرات ساخطة قبل أن تتحدث ببرود قاسي
= قلبتي الايه دلوقتي وطلعتي نفسك انتٍ الضحيه، بقينا احنا اللي غلطانين وانتٍ الصح مش كده.. انتٍ امتى احتجتيني يا بنت انتٍ وقلتلك لا؟ والفلوس دي كنتي فرحانه زمان بيها وبتصرفي فيها وخليتك قدامي بني ادمه وليكي قيمه، دلوقتي بقت وحشه .. هو انتٍ فاكره الغربه اللي اتغربناها عشانك كنا فرحانين فيها انا وابوكي، تعرفي عننا ايه ولا اللي شفناه هناك؟ ولا متوقعه اول ما رحنا هناك خدونا بالحضن.. و ما شقيناش وتعبنا وكنا بنحرم نفسنا من كل حاجه حتى منك انتٍ شخصيا عشان نوفرلك اللي انتٍ فيه دلوقتي
تجمدت تعابير وجه أيمن وتصلبت عروقه وهو يستمع إلى المحادثة التي تدور بين الاثنين ، لكنه كان أكثر انتباهاً لزوجته وشعر لأول مرة أنه يعرف أشياء جديدة عنها! لم يكن يعرفها من قبل، حتى تفاجأ أيضًا بقسوة والدتها تجاهها حيث كانت تلك المرة الأولى التي يراها بهذه الطريقة، لكن رغم ذلك أعطاها عذرها ، لأنها قد تلقت للتو صدمة كبيرة! بينما ليان لم يكن يعرف أنها كانت تعاني من غربة عائلتها مثل هذا.
أجابتها ابنتها ليان بصوت مختنق وعينيها مغرورقتان بالعبرات
= اديكٍ قلتيها بنفسك اتحرمتوا حتى مني؟؟ انا ما كنتش عاوزه الحياه دي ما كنتش اعرف انها بسببها هدفع ثمنها واتحرم من حنانكو واهتمامكم؟ ما كنتش اعرف لما اقع في مشكله هبقى مش عارفه اعمل ايه و هلجا لحد يحلها لي؟؟ ما كنتش اعرف أن هتفضل الدنيا تخبط فيا لحد ما احل انا مشاكلي بنفسي وزي ما تيجي معايا تيجي و لا احلها لاقع فيها اكثر واتلط
أضافت قائلة بمرارة بصوتها المبحوح وهي تمسح عبراتها
= و المشكله اللي انتٍ عرفتيها عني دلوقتي دي ما كانتش اول مشكله واجهتها في حياتي.. والحياه اللي انتٍ فاكره وفرتي لي فيها كل حاجه كنت محتاجاها؟ كان ناقصني فيها كتير
كان ناقصني فيها انتم كان نفسي لما احتاج مشوره الاقيكم مش كل ما اتصل بحد فيكم تقولي لي هنرد عليكي كمان ساعه اصل احنا مشغولين دلوقتي.. الساعه دي كانت بتفرق معايا يا ريتك ما سافرتي ولا اتغربتي و خليتيني الجا لواحد حقير ذي طارق استغل عدم خبرتي في الحياه وان لوحدي و مش هلاقي حد جنبي يفهمني إذا اللي بعمله ده صح ولا غلط .
أخفضت نبرة صوتها وتشنج وبدى مبحوحاً وهي تضيف بنبرة منكسرة
= انا ما كنتش بكلم طارق واخون جوزي معاه عشان بحبه، بالعكس لما مشيت في الطريق ده معاه كنت طول الوقت بحاول انبه نفسي وابعد لكن وحدتي كانت هي اللي بترجعني تاني عشان اكمل واغلط، حد ما فوقت متاخر!! انا عمري ما حبيت حد غير أيمن ولما اتجوزته كنت فاكره انه هيعوضني وهشوف الاهتمام اللي انا ما شفتوش في حياتي معاكم لكن اتفاجئت ان هو كمان بيعمل نفس اللي انتم بتعملوا ده؟ تحت مسمى العمل والشغل هو الاهم من شويه كلمتين فارغين هنقولهم مع بعض مش مهمين!! بس كانوا مهمين بالنسبه لي .. انا كرهت اهمالكم ليا ما حدش كان حاسس بيا .. طول الوقت كنتم بتفكروا في مصلحتكم وبس .
احتل أيمن مكانه بصمود مدهش وظلت عيناه مركزة على ليان الذي كانت تبكي بحزن وألم حقيقيين ولأول مرة رأى في عينيها تلك النظرات التي تؤلمه بشدة وتوغلت في روحها المعذبة، و الحرمان وفقدان الاهتمام من الجميع.. هي من أحبها وتمنى أن تكون جزءًا منه! لكنها ببساطة ذهبت للبحث عن الاهتمام في مكان آخر ... لكن هنا! هل سيعترف بالخطأ الذي ارتكبه منذ البداية أم سيلومها على كل ذلك؟
إعتقدت والدتها أنها تحاول التلاعب بالكلمات وتشويش مشاعرها وترقيق قلبها نحوها، حتى لا تحاسبها على فعلتها وهي تبرير أفعالها المشينة، فإستدارت نحوها وهتفت بغضب وهي تشير بإصبعها
= عندك لسه مبررات تانيه ولا خلصتي؟ وفري على نفسك الكلام عشان انتٍ عملتي عامله سوداء وتستاهلي فيها كسر رقبتك .. وكان احسن ليكٍ تطلقي من واحد بيهملك احسن ما تخوني !..
واضافت دلال بتهكم وهي ترفع حاجبها للأعلى بجمود فمن الواضح مبررتها تلك لم تخمد نارها منها ولم تعترف بأنها أخطأت أيضًا
= انتٍ خاينه فاهمه يعني ايه و ما فيش مبرر لحاجه زي كده وحتى لو احنا وحشين، ده ما يديكيش الحق تعملي كده
لوت هي فمها بسخرية مريرة ونظرت لها دون خجل وهي تبكي أمام أيمن بأسف علي حالها بتلك الحالة، تركت لعبراتها العالقة في مقلتيها العنان لتنهمر و إختنق صوتها وهي تتحدث بحرقة
= طب ما هو كمان خاني يلا حسبيه؟؟ و عتبي و قولي لي عملت في بنتي كده ليه! و ليه ماصنتش الامانه اللي انا اديتها لك وابوها وصاك عليها ليله الفرح؟ و اسالي ليه وجعني
واسالي ليه كمان عشمني بحاجات كتير وما عملهاش زي انه هيفضل جنبي ويهتم بيا وما يسيبنيش في اكتر وقت بحتاجله.. يلا حسبي ولا هو الغلط دايما عندي انا وبس وانتم اللي ملايكه ؟ ولا هو عشان راجل ينفع يخون وتسامحيه وانا عشان ست ما ينفعش حد يسامحني !؟.
إستشـاطت دلال غضباً من ردودها فمــدت يدها نحوها وقبضت على رسغها وقالت بصوت هـادر وهي ترمقها بنظراتها النارية
= راجل وست ايه؟ هو انتٍ بجد عاقله بقول لك خنتي جوزك؟؟ تقولي لي عشان اهملني وما بيهتمش بيا .. ما أن شاء الله عنه ما اهتم هو انتٍ فاكره الجواز كلام حلو وبس
رفعت ليان رأسها للأعلى وأغمضت عينيها بتنهيدة حارقة، لا أحد يفهمها، هي لا تريد أن تلعب دور الضحية كما تعتقد. فدائما تعترف بأخطائها وتطلب المغفرة من ربها قبل الجميع !! بينما هم يستمرون في إنكار أخطائهم ولا يريدون الاعتراف.
نظرت إليها بنظرات تحمل الآسى وهي تصيح ببكاء
= طب ليه؟ ليه ما استاهلش كلمه حلوه؟ ليه ما استاهلش حد يسمعني؟ ويطبطب عليا و يطميني، ليه ما استاهلش حد يهتم بيا ويفضل جنبي ويسمعني كلام حلو؟ ليه ما ينفعش اغلط وانتم بس اللي مسموح تغلطوا؟ هو انا مش بني ادمة زيكم وبحس.. ليه انا طول الوقت اللي افضل شايله كل ذنب فوق دماغي وما ينفعش حتي اطلب السماح في حاجه زي دي، هو انا مش من حقي جوزي يقول لي كلام حلو ويهتم بيا ويعرف ايه اللي مضايقني انا مش بعمل حاجه في حياتي غير أني بطلب الاهتمام من كل اللي حواليا! من اهلي وجوزي! رغم انه من حقي .
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة بتعب، وهي تضيف بصوت ضعيف
= حتي لما فكر يخوني زي ما خنته الموضوع عدى كانه عادي وانا الدنيا اتهدت فوق دماغي! ليه ما ينفعش حتى أعتابة في دي؟ هو انا مش عندي مشاعر وبحس زيه
نظر أيمن لها بعمق بتأثير و عجز عن الرد عليها، فالموقف برمته أكبر من قدرته على الاستيعاب، لذا فضل الانسحاب ورحل .
لوت والدتها فمها بقسوة و رمقتها بنظرات إحتقار وصاحت بإنفعال
= انا بعاتبك عشان انتٍ بنتي لكن هو حر في عمايله و اهله يعاتبوه بعيد عني، لكن انا ليا في بنتي اللي ضيعت سنين عمري كلها عليها عشان ترفع راسي.. ووطتها في الاخر !؟.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية