رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - اقتباس الفصل 27
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
اقتباس
الفصل السابع والعشرون
انتقل خبر القبض على أنس بين أفراد الناس بالمنطقة أنه حاول سرقه محل زاهر الذي قتل على يد مساعده الآخر في السرقه ...
أخذ الناس و الجيران المارئين يراقبون بأعين غير مكترثة، إلى أن لفت انتباههم ذلك السيد العجوز الذي يجلس على عتبه باب منزله وهو ينوح ويندب حظه، أردف زكريا بنبرة باكية ونظرات زائغة
= تحويشة عمري كلها، فلوسي راحت ..!
ضيقت سيدة ما عينيها لترى ما الذي يفعله وهي تقترب منه فغرت شفتيها لتسأله بتوجس وهي محدقة بعبراته
= يا لهوي مالك يا عم زكريا قاعد كده ليه وعمال تولول وتعيط زي النسوان .. حد من ولادك حصل له حاجه .
إنتحب أكثر بأنين خافت وهو يضغط على رأسه بكفيه بحسرة ثم إلتفت برأسه للجانب وصاح بنبرة مرتفعة
= يا رايتها جت في ولادي.. شقي عمري كله راح فلوسي كلها راحت و اتسرقت .. رجعت من بره لقيت اوضه النوم مقلوبه والفلوس مش في مكانها .. يخرب بيتك يا زكريا آآه
يا مصيبتي السوداء
في تلك اللحظه عادت حسناء من الخارج وكادت أن تصعد الدرج لكن نظرت حولها ببراءة زائف وهي عابسة الوجه
= مالك يا حمايا قاعد كده ليه بره ؟ خير يا جماعه فهموني انا كنت بره بجيب عيالي من عند أمي .
لم يتحدث وبكي بحرقة وهو يتذكر سرقه ماله، و تدخل رجل ما في الحوار قائلاً بجدية
= يا عم زكريا ما تدور كويس ممكن يكون هنا ولا هنا وانت ما خدتش بالك، حرامي بس ايه اللي هيطلع واحنا منحسش بيه واشمعنى انت الوحيد اللي تتسرق فينا .
أخذ زكريا يضرب صدره ويلطم على وجهه بطريقة هيسترية والناس من حوله يتعجبون لحاله وهو يصيح بصوت مقهور بحرقة
= ادور فين يا اهبل انت التاني وايه اللي مش واخد بالي منهم، دول ٣٠٠ ألف شقي عمري كله راح .. يخرب بيتك يا زكريا .. تحويشه العمر كلها راحت .. تحويشة عمري كلها .
شهقت حسناء بفزع زائف وهي متجهمة الوجه
لتقول بنبرة مصدومه
= أنت معاك ٣٠٠ الف يا حمايا ومخبي علينا كل السنين دي كلها ومعيشنا في الفقر ده، ده ابنك المسكين كل يوم والتاني متشحطط في شغلانه وبتذلل للناس عشان يطلع بقرش يصرفوا علينا
تلاحقت أنفاسه بشدة وبدأ يتنفس بصعوبة بالغة، تأوه زكريا من الآلم الذي شعر به بقلبة ورفع ذراعه المرتعش في الهواء وأشار بإصبعه بضعف ونطق بصوت متقطع مرتجف
= آآ مـ مـ..ـا هم خلاص راحوا.. قـ قعدت احوش فيهم سنين واحرم نفسي من كل حاجه.. وفي الاخر جي اللي خدهم على الجاهز .. آآآه قلبي آآه هموت .
جحظت حسناء عينيها في رعب وهربت الدماء من عروقها وتسارعت دقــات قلبها حتى كادت أن تصم آذانها .. عندما وجدتة يلتقط انفاسه بصعوبه شديدة بينما أضافت سيدة أخــرى بنبرة منفعلة
= حد يطلب الإسعاف بسرعه يا جماعه الراجل شكله هيموت بسكته قلبيه من اللي حصل.
ركض الجميع في اتجاهه وحاول احدهم يتفحص حالته حتى بعد دقائق، أردف قائلاً بحزن
= لا اله الا الله ما لوش داعي يا جماعه الراجل مات خلاص وما استحملش الصدمه.. ادعوا له بالرحمة
تسمرت حسناء في مكانها أمام جثته وعينيها جاحظتان من هــول الصدمة فلم تتوقع ان يتوفي حماها من سرقتها للمال، ثم صرخت بإهتياج زائف
= يالهوي ، الحقونا يا نــــاس !!! لألأ.. حمايا عايش ، أبويا مامتتش
إلتفت حولها بعض الجيران وربت أحدهم على ظهرها وهي تقول مواسياً إياها
= شدي حيلك يا حسناء مش كده وادعيله بالرحمه .
صرخت والدمعـات تتسابق لتغرق وجهها وهي تصطنع البكاء والحزن
= لأ لأ لأ، يا حبيبي يا حمايا هعمل ايه من بعدك لاااااااا .
و وسط تلك الفاجعه، ركض أحدهم من الخارج إليهم، وصــــاح رجل ما بصوت عالي
= الحقي يا ست حسناء بيقولوا جوزك اتمسك وهو بيسرق محل زاهر اللي كان بيشتغل عنده .. والراجل اتقتل ومات .
اندهشت حسناء من كلماته العجيبة، والغير متوقعة على الإطلاق ...
❈-❈-❈
في منزل والده ليان، سلط أيمن أنظاره على حماته وتنهد بعمق وهو يتسائل باهتمام
= خير يا طنط دلال اتصلتي بيا من الصبح وقلتلي عاوزك في موضوع مهم واديني جيت لحضرتك خير .
لوت شفتيها لتجيبه بجفاء دون أن تنظر نحوه
= هختصر عليك من غير ما ادخل في مقدمات كثير انا اتصلت من شويه بالماذون عشان يجي ونخلص وتطلق ليان.. اظن دلوقتي ما فيش داعي أنها تفضل على ذمتك بعد اللي حصل .
سألها مستفهماً وهو محدق بعينيها بضيق شديد
= وحضرتك على اي اساس بتقرري ان اطلقها ولا اخليها على ذمتي، انا أسف في اللي هقوله بس الموضوع ده خاص بيا أنا و مراتي بس
نظرت له بجمود وهي تردف بجدية
= خاص بيكم انتم الاتنين لما تكون مجرد خناقه عاديه مش مصيبه عملتها وانا كمان جيت في الرجلين معاها بسبب الفضيحه وسمعت العيله اللي الهانم ضيعتها بعاملتها السوداء، انت عارف لو اي حد عرف من العيله هيجيب الحق عليا انا اول واحده ما هي دائما الست اللي بيغلطوها في الحاجات دي .. اسمعني كويس يا ايمن انا عارفه كل حاجه وليان حكيتلي كمان على اللي عملته معاهم واظن انت اخذت كل انتقامك زي ما كنت بتخطط وموضوع خنتها ولا ما خنتهاش
ما بقاش يفرق ..
أطلقت تنهيدة حــارقة من صدرها وهي تكمل
= بس بقيت متاكده من حاجه واحده من اللي سمعته منها وعملته فيها ان الحياه بينكم بقت شبه مستحيله، و انت طول الوقت هتفضل تشك فيها وعمرك ما هتامن ليها من تاني وده حقك ما حدش هيلومك عشان الغلط جاي من عند بنتي من البدايه، ولا حتى هلومك على انك اهملت فيها ولا المبررات اللي عماله تقولها عشان اي كلام مش هيفيد ولا هيغفر عمله زي دي! وانت عمرك ما هتسامح ولا تنسى حاجه زي كده فالافضل انتوا الاتنين تنفصلوا بهدوء وكل واحد يشوف حياته .
ثم صممت للحظة لتتابع بحرقة و بنبرة آسف
= انا اسفه يا ابني على كل حاجه بنتي عملتها بحقك و جايز فعلا اكون انا قصرت في تربيتها عشان كده هحاول المره دي اركز معاها، و اربيها من اول وجديد وافهمها الصح والغلط مع اني اللي عملته مش محتاج ان اقول لها إذا كان صح ولا غلط؟ بس هي غلطت غلطة كبيره أوي ولازم تتحسب عليها عشان
ما تحاولش تكررها تاني ..
كأن أيمن يستمع وهو لا يصدق أنه يوما ما قد يحب أى شخص بقدر حبه إلي ليان رغم خيانتها مزال يتساءل عنها ويخاف عليها، لكنه بالفعل لم يعد واثقاً من تغيرات الأيام و ليتغاضى مجدداً فيبدو أن العلاقة بينه وبينها ستقوم طيلة العمر على التغاضى من طرفه فقط، لتضيف موضحًا بنبرة غير قابلة للتفاوض
= طلقها يا أيمن و روح ابدا حياتك من جديد وانا بنفسي قلتلها يا ريتك كنتي انفصلتي عنه اشرفلك بدل ما تروحي تخوني جوزك، وبقولها ليك انت كمان اهو طلقها وبلاش تضيع وقتك انتقامك مش هيفيد بحاجه ولا هيرجع اللي راح بينكم ، لانك كده بتضيع وقت من سنين عمرك.. روح شوف غيرها يا ابني ممكن تعوضك وتحبها .
أغمض عينيه وتنهد بعمق ليقول بصعوبة
= تمام بس برده لازم أسمعها من ليان بنفسها انها عاوزه تطلق! و لو هي اللي طلبتها هوافق وهطلقها .
أجابته دون تردد وبثقة
= ثواني وهندهالك .
انتظر أيمن مكانه ومرت الدقائق وشعر بالقلق والتوتر، حتى خرجت ليان إليه واستخدمت أقصى قوتها في الصمود أمامه!، غير قادرة حتى على تقديم أي مساعدة لنفسها. نهض هو بسرعة وألقى عليها نظرة حزينة ، ملاحظًا شحوب وجهها وإرهاق جسدها الواضح ، وهو يتساءل بقلق.
= ازيك يا ليان عامله ايه؟ انتٍ كويسه .
هزت رأسها بالايجابي بهدوء دون ان تنظر اليه، لتسرع والدتها تهتف بصوت جاد للغاية
= كنت لسه بتكلم من شويه انا وايمن على الموضوع اللي اتفقنا عليه يا ليان وهو قال انه مستعد يطلقك بس؟ لما يتاكد ان دي رغبتك انتٍ ؟ ردي بقى عليه وقوليله انتٍ عايزه تطلقي فعلا ولا انا اللي بغصبك على حاجه زي كده .
رفعت ليان رأسها للأعلى لتنظر إليه رغم عنها
و إرتبكت من تلك النظرات الغريبة التي لم تعتادها منه.. وخشيت من أن يهاجمها ذلك الشعور الذي يجعلها تتآلم أكثر.. وهو الاشتياق والحنين! فحاولت أن تبدو غير مهتمة بما تقول، و إستدارت للجانب قليلاً وعقدت ساعديها أمام صدرها وهتفت بصوت مرتجف
= لا دي رغبتي انا فعلا، انا عاوزه اطلق.. وانا طلبتها كتير وانت اللي دايما ترفض! بس المره دي مصره !. و لو رفضت هتضطريني ارفع قضيه عليك .
اتسعت عيناه بعمق و لوي شفتيه بمرارة، ثم أخـذ أيمن نفساً عميقاً وزفـره على مهل ليردف قائلاً بصعوبة وهو يرمش بجفنيه
= لا وعلى ايه مش محتاجه قضيه ولا حاجه انتٍ طالق يا ليان .
وضعت ليان يدها على فمها في ذهول عجيب وظلت على حالتها المصدومة وهي تستمع لكلماته المؤسفة، فقد طلقها وتم الأمر كما كانت تريد! وكما طلبت منها والدتها، حتى يرتاح الجميع من تلك العلاقه التي باتت بالفشل والمشاكل التي لا تنتهي!
استمرت الإجراءات اللازمة بعد ذلك؟ وكانت ليان جالسة في وسطهم بتعابير جامدة لكن بداخلها شعرت بشعور سيء للغاية سقط على صدرها وانطبق على روحها ودمر آخر بقايا حياتها المعذبة. حتى البكاء على الاطلال انحرمت منه فهي خائنة وفعلت ذلك باختيارها كما أخبرتها والدتها فلما الندم الآن !
و رغم أنها رأت أن الانفصال هو الحل الأفضل بعد كل ما حدث، إلا أنها لم تكن تريده بهذه الطريقة التي تجعلها تشعر بالخجل والعار من الجميع لها، بينما إبتسمت دلال لما كان يحدث بارتياح.
وعندما رحل الجميع، إلتفتت دلال برأسها نحوها ورمقتها بنظرات جافة وهي تتحدث بلهجة صارمة وحادة
= مستنيه ايه يلا على اوضتك ارجعي تاني و ما تخرجيش منها إلا باذني؟ ومن هنا ورايح ما فيش اي حاجه هتعمليها إلا لما اكون عارفاها و موافقه عليها .
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية