-->

رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل 49

 

قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل التاسع والأربعون

دخل ابو دراع بربيعه للبيت ووراه دخلت شام بولده، وطبعاً مخفيش عليه نظرات ممدوح لمرته، فريح ربيعه فنومتها وطلعله، وبمجرد ماوقف قدامه مسكه من قب جلابيته وشدد على المسكه وقاله بنبرة تحذير مينفعش معاها التجاهل:


عينك اشوفها تبص لمرتي تاني متلومش غير روحك عالضلمه اللي هتعيش فيها باقي عمرك ياممدوح سامع.


رد عليه ممدوح وهو حاطط عينه فعينه بتحدي وعدم خوف كيف اللي حط كفه على يده ورايح يدافع عن وطنه:


هبص. ومش بس هبص له داني هبص وهقرب وهضم واشم وهتمتع كمان، واللي هتتحرم عليه البصه على ربيعه هي انت مش اني ياابو دراع.. خلاص ياكلاف اللي ليك حدا ربيعه ولدك تاخده وتفارق وتطلق بالذوق والادب وبيتك وحوشك اني شرايه، او حتي هبدلك بالبيت الجديد اللي بنيته، مع ان بيتك ميسواش أوضه من أوضه، لكن معلش يهون عشان تنقشع من وشنا.

خلص ممدوح كلامه وهو واعي عيون ابو دراع عتتحول لحمار عمره ماشافه، وعروق عيونه فطت وملامحه كلها اتشنجنت، ومحسش غير على يد ابو دراع عتترفع في الهوا وتنزل قبضته بكل قوة ابو دراع فوق راسه خلته اترنح من شدتها، لكنه حب يتمالك نفسه وميقعش، لكن قبل مايفكر حتي حس انه عيتشال ويطير في الهوا كيف عصايه ناشفه حد رماها من طول دراعه، واتخبط عالارض خبطه خلت الآه تطلع غصب عنه، وقبل ماياخد نفسه كان ابو دراع مقومه بيد ونازل فيه باليد التانيه ضرب فيه على كد مااتكاد من كلامه، وكيف يقول قدامه على مرته هقرب واضم واشم بمنتهى البجاحه وقلة الحيا!

وفضل نازل فيه ضرب فين تاكل فين تشرب لغاية ماممدوح خلص فيده خالص وقطع النفس، وبعدها رماه موطرحه وهمله وراح على غنماته ويفطرهم من غير مايرفله جفن علي ممدوح ولا يحس بـ ذرة ندم من ناحيته.

❈-❈-❈

أما ممدوح ففضل على حاله لغاية مافاق، وقام بضعف وراح على بيته، وبمجرد ماامه ورده شافته متخرشم ضربت علي صدرها بصدمه وجريت عليه، ومكانتش محتاجه تسأله مين اللي عيمل فيه إكده وهي عارفه إن ولدها من ساعة ماعاود وهو عيحرجم حوالين ربيعه وابو دراع وعامل كيف اللي مادد يده فعش الدبابير فاللسعه ليه كانت متوقعه.


قعدته ورده وقعدت جاره وابتدت تتفقد جروحه من سكات وهو عيونه باصين بعيد ومغيمين من الكسره والوجع والغضب والقهر، وقالتله بمنتهى الهدوء وبنبره متحملش اي لوم او عتب لانها واعيه حالته متتحملش:


خلاص ياولدي انساها، انساها وشوف حالك، واني من بكره هغربلك البلد غربله واجيبلك احسن واحلا بت فيه، اومال دانت واد صفوت ابو المقاول والف مين تتمناك ومعاك بيتك على حالك وصنعتك اللي توكلك الشهد ومش ناقص جمال ولا شباب، تقعد ليه مستني تاخد فضلة حد وإنت قادر تاخد البكر اللي أول قطفتها على يدك ومحدش داقها ولا داسها غيرك؟!


رد عليها ممدوح بعد تنهيدة وجع:

معاوزش غيرها يمه ولا تطيبلي كل حريم الدنيا، القلب والروح والعقل مش عايزين غير ربيعه وبس، وكمل بتعب وهو عيسند راسه على كتفها.. عايز بت عمي يمه، عايز لحمي اللي اني احق بيه من اي حد، عايز اللي ربيت تحت عيني وقدامي وكنت حارسها من كل العيون.. عايز ربيعه يمه عايز بت عمي اني.


خلص كلامع وشهق وأن بوجع قطع نياط قلب أمه وخلاها ضمته عليها ومسدت عليه بشفقه وقالتله:

مليكش فيها نصيب خلاص ياحبيبي، ولو فضلت تعافر وتحاول هتخسر شبابك واحلى سنينك ومش بعيد تخسر عمرك على يد ابو دراع.. له مش بعيد وبس دانت هتخسره هتخسره، وصدقني العمر خساره يضيع عشان بني آدم.. ربنا يصبر قلبك يانن عيني ويطلع بت شام منه، ويهديك وتبعني وتخليني اخطبلك اللي تنسيك ربيعه وايامها وانت تشوف إنها لا اول بت ولا اخر بت وانك كنت موهوم وغلطان لما كنت هتخسر عمرك عليها.


رفع ممدوح دماغه من علي كتف امه وقام راح على اوضته اللي هي اوضة عزت القديمه وقفل الباب عليه، وعرفت امه إن ولدها اتختم على قلبه بختم العشق واتشمع بشمع المحبه، وانه خلاص لا عاد يسمع ولا يقنع، وراح في سكة اللي يروح.


❈-❈-❈

أما ابو دراع فبعد ما شاف غنماته عاود لبيته ولعرينه اللي فيه كل حياته، وقعد جار ربيعه هبابه، ولما شاف شام رايحه تعلق لربيعه على فروجه تسلقهالها، قام هو مكانها عشان ريحة الدخان والبخار متخنقهاش، وهو دلوك في وكت ميسمحلوش إنه يهمل ربيعه وولده ويحير بشام ويتشتت فكره مابين إهنه وإهنه.


وخلص وكل ربيعه ووكلها وبعدها عمل وكل ليه هو وشام وجهزه وقعدوا يتغدوا، وعلى الغدا بص ابو دراع لربيعه اللي كانت شايله ولدها وبصاله ومبتسمه، وبص لشام اللي عينها عليهم والفرحه هتنطق من عنيها، وجلى صوته وبص لربيعه وبعدها وقالها:

إعملي حسابك ياأم ادهم إن السبوع بتاع ادهم والعقيقه والليله مش هتتعمل إهنه فبيت المقاول.


سألته ربيعه بإستغراب:

امال هتتعمل فين ياقطب؟

رد عليها وعينه على شام اللي بطلت مضغ الوكل اللي فخشمها ومترقبه جوابه:

في البيت اللي يستاهلوا اهله الفرحه اللي هنفرحوها وهيفرحولنا اكتر مننا، في البيت اللي فيه اهلي واهلك واهل شام واهل ادهم.. في البيت اللي اصحابه قلوبهم عامره بالطيبه.. فبيت جدك عبصمد ياربيعه.. هيتعمل السبوع هناك وكلنا هنتجمعوا سوا، ادهم هيجمع بقدومه الحبايب اللي طال فراقهم وغربتهم عن بعض وحان وقت الجمعه بزيادة عاد.

شام سمعت الحديت واتنهدت وبعدها اتبسمت وكملت وكل، كيف ماتكون مش مصدقه إن ديه ممكن يحصل، أو إنه مجرد حلم مش هيتحقق، أو قلبها مش حمل فرحه كبيره بحجم الدنيا ومن بعدها خيبة امل على كد الفرحه.

فكملت وكلها من سكات وقطب فهم إنها خلاص يأست، ومرضيش يحلفلها النوبادي إنه ناويها وسابها لوكتها، عشان اللي شايفه من شام انها خلاص نال منها اليأس واستسلمت ومش هيحاول يديها أمل قبل التنفيذ النوبادي.



فقام من ع الوكل بعد ماشبع وراح طوالي على غنماته، وساق منهم عشر روس وراح بيهم عالتاجر بتاع الغنم باعهم، وقرر بحقهم يشتري عجل ويشتري التاني من فلوسه بس فبلد اهل شام، والعقيقه خلالها اكبر خروفين في الحوش، وكل ديه من غنمه حر ماله ماقربش على غنم شام ولا ربيعه.


وبعد ما عيمل إكده عاود وحط الفلوس كلها فحجر ربيعه عشان تخليهم معاها، وطلع هو بالجرار عشان يشتغل بيه في غيطان الناس اللي كانت متفقه معاه من امبارح ومراحلهمش وعطلهم بسبب ولادة ربيعه.


وقعدت شام مع ربيعه مع بعض يتناوبوا على ادهم، وشويه وسمعوا حس صراخ في البيت..عطت شام الواد لربيعه وطلعت قوام تشوفه، ولما شافت بدور طايره ناحية بيت ابوها وهي عتصرخ وتنكش في شعرها عرفت إن عدويه خدها الموت وخلصت ايامها عالدنيا، فاتصعبت عليها وحوقلت واترحمتلها وهي عتتفكرلها حاجه عفشه عيملتها معاها من يوم ماجات للبيت ملقتهاش عامله معاها غير كل خير، والوحيده هي وورده بتها اللي كانوا كافيين غيرهم شرهم وفحالهم دوناً عن اهل البيت ولا كأنهم منهم ولا يعرفوهم.

وغصب عنها دموع الفراق نزلوا وراحت على ربيعه بلغتها الخبر، وهملتها وراحت على بيت نعيم عشان تعمل الواجب وتشارك معاهم في الغسل وتكرم اللي مطلعتش منها العيبه واصل. 


وبالفعل راحت، وشويه وحضروا رجالة البيت كلهم، بما فيهم قطب اللي اتعجب من المفارقه الغريبه اللي تاني نوبه تحصل معاه كيف متكون مترتبه ومرسومه من رب العالمين فيوم مع ولادة مرته يموت ابوه ومع ولادة ولده تموت عدويه، كأن اللي جاي ربنا عيوسعله موطرح فبيت المقاول عشان مليهش موطرح! 


وبعد مراسم الدفنه وطلعوا الرجاله بعدويه فضلوا الحريم يأدوا المراسم السايده وقتها واللي كان يحكمها الجهل من الندب والعديد والصويت، وبالاخص بدور اللي حسها كان مغطي عالكل وهي عتندب وتقول كنتي خابره انك هتموتي عشان إكده عطيتني الدهب يمممه.. وفضحت قدام الناس كلها اللي سرته امها سنين وخصتها بيه هي لحالها شفقة على حالها، وخلت النفوس كلها شالت من عدويه اللي جات فآخر ايامها وظلمت من وجهة نظرهم بعد ماعاشت عمرها كله ماظلمتش حد ولا زعلت منها اي مخلوق. 

❈-❈-❈


وفأثناء ايام العزا كان لازم حريم البيت يطبخوا ويخبزوا، فوزعوا المهام مابينهم وجه الخبيز وحمية الفرن من نايب بدور اللي كانت عامله روحها مكسحه من كتر الحزن ومقادراش تتحرك، وفضلت تترجى فدي ودي عشان وحده تاخد الخبيز وحمية الفرن مكانها مفيش وحده رضيت، فملقيتش قدامها غير شام، وراحتلها وقعدت جارها وابتدت تشكيلها حزنها وكسرتها من بعد امها وشام تصبر فيها وتطيب خاطرها، وفي الاخر بدور بالدموع طلبت من شام انها تاخد الخبيز مكانها، وشام قصاد حالة بدور مقدرتش ترفض، فقامت عجنت العجين وقطعته وجمعت الوقيد قدام الفرن عشان تحمي وتخبز عيش العزا بتاع ال٣ ايام. 


وفضلت قدام الفرن تحمي والدخان يطلع عليها لما عبى صدرها وخلاها ابتدت تكح كحه شديده من بعد ماهديت عليها الكحه في الفتره الاخيره، ولكنها فضلت مكمله جميلها للأخر واتحملت الدخان والكحه لغاية ماخلصت خبيز للنهايه، وبعدها رجعت لربيعه وهي حالتها حاله ومش قادره تاخد نفسها، وربيعه بس شافت حالها وعرفت باللي عملته قالت بوووه بحسها العالي، وكان بودها تطلع تاكل بدور وكل لكن امها منعتها وقالتلها انها هي اللي عيملت إكده من نفسها ولو كانت عايزه تقول له كانت قالت، بس لجل عدويه اللي يرحمها حبت انها هي اللي تعملها اللقمه اللي هتتاكل في عزاها وبدور ليهاش صالح. 


وفضلت شام لاخر اليوم فنوبة كحه متواصله، ولما عاود ابو دراع وشاف حالها اتصدم وخصوصي لما حكتله ربيعه وهي مقهورة من عملتها وهما التنين عيشموا ويلموا فيها وهي رايحه ترمي روحها فحضن الوجع! 


فطلع ابو دراع عالبندر واشترالها الدوا اللي سبق وكتبهولها الداكتور قبل سابق واللي عيجيبهولها لما تتعب، وعاود بيه للبيت واداهولها وخلاها خدت منه قدامه، وبعدها خلاها تنام وترتاح ومخلاهاش تروح تاني تحضر باقي يومين العزا فبيت نعيم. 


وفضل هو كمان قاعد في البيت جارهم وهمل المندره والمعازي وفضل يراعي مرته وولده وشام حماته، وحتى شغله في الارض اجله لحين ماتطيب شام ويطمن عليها وتقدر تقوم تراعي ادهم وامه. 


ولكن للأسف عدى اول يوم عليها وحالتها مايعلم بيها الا الله تعب وكحه ونهجان وديق نفس، وعدى تاني يوم كمان على نفس الحاله وكان يوم القطعانيه، وسام وصلت فيه لمرحه تتوجع كل ماتاخد نفسها ويطلع بأنه تقطع القلب، وربيعه طول ماشايفاها إكده تبكي وابو دراع لما لقاها إكده ومفيش تحسن راح جاب كرار من المندره ودخله عليها وقاله:

شوف حالة المخلوقه عامله كيف، مش نافع فيها العلاج بتاع كل نوبه خليني اخدها المستشفي يحطولها نفس حرام عليك. 


كرار بص لحالة شام ووشها الازرق واتأملها هبابه ولمحة شفقه لاحت فعنيه لثواني، لكنها اختفت قوام وهو عيفتكر انها مانعه نفسها عنه وانها طلعت عن طوعه، وإن الحاجه الوحيده اللي عيكم فيها عليها دلوك هي طلعتها من البيت، وديه حقه عليها وسلطته اللي مش هيتخلا عنها ولا هيفرط فيها.. فرد على ابو دراع وقاله:

قلت قبل سابق طلعه من البيت مفيش، وانت كسرت كلامي وخدتها لما رحت تولد مرتك وكان المفروض احاسبك واحاسبها بس مرضيتش اكسر فرحتك بولدك وقلت عديها ياكرار ومش هتتكرر تاني وخلاص سماح لجل عيون صاحبك.. انما تتكرر تاني له، لا بعلمي ولا بغير علمي، هاتلها اهنه بدال الداكتور عشره، هاتلاها كل علاج الدنيا، انما تطلعها من البيت له. 


خلص كلامه وبصلها وبتحدي كمل:

شام عاشت وهتموت في البيت ديه، نهايتها هتكون بين حيطانه وحتي لو ماتت هدفنها فأرضه ومش هتطلع منيه خالص حتي بعد الموت. 

وهحرم على اهلها حتى زيارة قبرها زي ماحرمتهم شوفتها. 


ردت عليه ربيعه بقهر وبغل منه ومن افعاله وكلامه:

ربنا يحرم عليك الجنه وريحها، ربنا يحرمك من كل عزيز وغالي عليك، ربنا يحرمك من انفاسك وماتقدر تلقطها غير بالعذاب، ربنا ينتقم منك وياخدك اخد عزيز مقتدر، يااارب انت القوي على كل قوي يااارب، يااارب يامخلص الحقوق خلص حقي وحق امي منه في الدنيا قبل الاخره وورينا فيه بعينا وفرحنا يارب، صوح الشماته عفشه بس يارب شمتني فيه ووريني ذله اكتر من إكده.. اللي هو فيه ديه مش كفايه يارب زيده كمان وكمان. 


خلصت كلامها وحست بكف شديد نزل على وشها، وقبل ماتستوعب وتنطق كان كرار متشال على كتف ابو دراع وبحركه سريعه مرمي قدام باب البيت ونازل فيه ابو دراع ضرب من اللي يشفي الغليل، وكل اللى على لسانه.. الليله اني كتالك ياكرار الكلب. 

وبعد ماخد مهاجه من الضرب فيه وكله قدام عيون ربيعه المتشفيه، وجابلها حقها منه تالت ومتلت، همله لما جه صفوت وشافهم وخلصه من بين اديه بالعافيه، وفضل يزعق لابو دراع على الضرب اللي بقى طايح بيه فى اهل البيت من ولده لكرار للكل كليله ويعالم الدور بعد إكده هيكون على مين من أهل البيت، وابو دراع كان يسمع منه ومش راضي يرد عليه، عشان لو رد هيزعل صفوت منه، وصفوت طول عمره فحاله ومااحتكش بيه ولا ماسخه، ومش عايز يعملها دلوك. 


وخد صفوت كرار وراح بيه عالبيت وهو عيبرطم على ابو دراع اللي غيرته شام وبتها وخلته يعادي عشانهم اعز الناس، وهمس لروحه أن صوح كيد النسا قادر يذل الرجال. 

❈-❈-❈


اما كرار اول ماخد نفسه وفاق من العلقه قعد على حيله وابتدا يفكر فاللي عيجرا ديه كله، وكيف يجازي ابو دراع على ضربه ليه، ولكنه في الاخر لقي إنه مفيش فيده اي سلطه عليه ولا بيده عليه شي، البيت اللي قاعد فيه وبأسمه، وشغل حداهم مبقاش يشتغل، وفلوس.. ابو دراع بقي اغنى منيه، وشاف إن الفلوس هي اللي كانت عاملاله قيمه وسط الكل ولما خسرها خسر قيمته، فقرر إنه ينتقم من اللي كانت السبب فخسارته ليها، ومش هيسمحلها تعيش متنعمه وهو يعيش في مذله، وحلف واستحلف إنه هيروح يجيبها ويرزعها في البيت إهنه جاره، واللي يصير على شام يصير عليها، عالاقل غلط شام اللي عيحاسبها عليهمش كد غلط شوقيه، وخلاص هو محداهش اي شي يخسره دلوك، والعمر معادش ليه قيمه. 


قعد مع روحه فتره طويله، وبعدها طلع يتسند عالحيطان وهو سامع حس عربية اسعاف، فطلع يشوف خبر ايه، لقاهم نازلين من الاسعاف بأمبوبه اسطوانيه وعرف انها امبوبة نفس لشام، ودخلهم ابو دراع لبيته، وغابوا ياجي ساعه وطلعوا من البيت ومشيوا بعربية الاسعاف، 


وكل ديه كرار كان قاعد على دكة عزت اللي قدام الباب وشايفه، وشايف كمان صفوت اللي دخل مع المسعفين ومطلعش غير معاهم، وكرار مش بالغباوه اللي عقله ميجمعش طول السنين اللي فاتت داي إن عزت عاشق لشام، لكنه مرضيش يواجهه ولا يقوله اني كاشفك، عشان عزت يفضل متشعلق في الحبال الدايبه وعشق شام يعذبه اكتر واكتر، عشان يحرم يبص عاللي مش ليه. بمعنى اصح كرار كان مستمتع بعذاب عزت. 

❈-❈-❈

أما حدا ابو دراع


شام بدأت انفاسها تستكين هبابه بعد الجلسه، وقدرت اخيرا تنام بعد ٣ ايام عينها مازارها فيها نوم، وكل ماتاجي تغمضلها عين الكحه تصحيها، فماصدقوا ربيعه وقطب انها نامت، وهملوها ودخلوا هما كمان اوضتهم حطوا ولدهم وسطهم وغفيوا وهما باصينله وعيتأملوا فيه


صحيوا التنين على صوت كحة شام القويه الي حتي قبل الجلسه مكانتش إكده، ورتحت عليها ربيعه لقتها عتحاول تتعدل بالعافيه، فساعدتها وقعدت جارها، والغريب اللي شافته ربيعه إن امها فعز ماكانت عتموت من نوبة الكحه كانت مبتسمه إبتسامه واسعه كيف ماتكون في اشد نوبات فرحها، فسألتها عن السبب، فصبرت شام لغاية ماعرفت تتحدت كلمه بين كل نوبه والتانيه وردت عليها:

جدك.. عبصمد.. امي.. بشاير.. بسيمه.. اللقى.. قريب.. ياربيعه. 


وغمضت عيونها تاخد نفسها وبعدها كملت:

ستك.. عديله.. مستنياني.. وقالتلي.. ان إهناك.. حداها.. احسن.. كتيرر.. وقالتلي.. جهزي.. حالك.. للرحله.. هستناكي.. متعوقيش. 


ربيعه قلبها اتقبض من كلام امها، وبصت لقطب اللي هو كمان قلبه رجف وبلع ريقه بخوف لأن معنى رؤيا شام واضحه النوبادي وضوح الشمس، وإن شام خلاص إمفارقه.. فطلع من البيت قاصد كرار وهو ناوي ياكلتل يامكتول على روحة شام لاهلها النوبادي، وهيوديها بشوره عشان متركبهوش العيبه، هيوديها غصب عنه لو حكمت. 


وبالفعل راح على البيت ملقاهوش، فطلعله عالمندره لقاه قاعد، فوقف قدامه وبأمر قاله:

هودي شام تشوف اهلها، شام مبقيلهاش في الدنيا كتير ياكرار، يمكن ايام، او يوم واحد، شام تعبانه ونفسها قبل ماتموت تشوف اللي حرمتها منهم، خليك بني آدم النوبادي بس واحترم حرمة الموت وخاف ربك واتقى عذابه. 


رد عليه كرار بغل من الضرب اللي لساه ضاربهوله:

خليها تموت.. اني عايزها تموت وهي علي حالها إكده متعذبه، اني عايز الكل يتعذب، اشمعنا اني متعذب وجايبها من يومي قهر بقهر، خلي الكل يدوق ويشرب. 


ابو دراع: ياخي إرحم

كرار:

الرحمه بتاعة ربنا وهو اللي يرحم اني معرحمش.. ودلوك اني مسافر اجيب بت الكلب واعاودها إهنه تاني، ولغاية ماارجع ياابو دراع شام متخطيش بره عتبة البيت ولا حد يدخل عليها من اهلها، ديه لو عايزها تموت موتتة ربها، تموت طبيعي على فرشتها من غير دم. 


خلص كلامه وقام نفض جلابيته بعنف ودخل البيت، غير وخد جذدانه وطلع قاصد محطة القطر عشان يجيب اللي حلقت بجناحاتها وخدت عياله وطارت بعيد عنه، وكل فكرها إنها هتتهنى باللي خدته من كرار، وهتنفد منيه بعد ماخدت كل شي وهملته يستجدي اللقمه ورجع اجير تاني تتحكم فيه الناس وهو في السن ديه. 


وبس مشى واتوكد ابو دراع انه غادر البلد وركب القطر، روح قوام وقال لربيعه تلم كل حاجة امها المهمه، وخدهم منها وطلعهم من البيت ووداهم على المعمل عند الشيخ حكيم وقاله يوصلهم لأهل شام ويبلغهم رساله. 


وتاني يوم الفجر، قايمه ربيعه وكلها نشاط وفرحه عشان ابو دراع قالها عشيه إنه هيوديها هي وامها النهارده على بيت جدهم، واهناك هيعملوا السبوع اللي باقي عليه يومين بس، وراحت على أوضة امها عشان تصحيها تصلي الفجر حاضر لأنها من ساعة ماتعبت عياخدها النوم ومبقتش تصحي لحالها، وعتخلي ربيعه هي اللي تصحيها، فدخلت عليها الأوضه، وقربت منها وبشويش مدت يدها عليها تهزها عسان تصحي، وهزه واتنين وشام مصاحياش، فبرقت ربيعه وهزتها اكتر وهي عتنادي بأسمها بحس اعلى، لكن لا حياة لمن تنادي، والغريبه إن امها ساكنه خالص حتي من الكحه اللي معتبطلش دقيقتين على بعض.. فطلعت ربيعه تجري وتصرخ علي ابو دراع اللي قام مفزوع وراح معاها علي اوضة شام، وبعد مادخل واتفقد شام غطاها وشد ربيعه من جارها وهو عيقولها امك رحلت وراحت للي خالقها ياربيعه اطلبيلها الرحمه. 

وإهنه حس ربيعه بالصراخ زلزل بيت المقاول زلزله، ومهما حاولت انها تدخل على امها ابو دراع كان مانعها عشان خابر انها مهتتحملش، وهي دقايق وكان بيت المقاول كله متجمع كبير وصغير قدام بيت قطب عالفجعه اللي مابعدها فجعه، وعالموت اللي خد نوارة بيت المقاول. 

ومن بعد ربيعه في الحزن والعويل والصراخ ياجي ترتيب عزت اللي قعد عالارض وفضل يشيل من تراب الارض ويحط على دماغه وينادى بإسم شام.. امنيته اللي مطالهاش وحلمه اللي متحققش، وفرحة قلبه اللي كان وجودها مصبره على كل اللي بيجراله وعلى ايامه، وحالته داي خلت الكل استعجب عليه، وبدور خدت جنب وفضلت باصاله ومقهوره من العشق اللي اتحرر من قلبه بموت شام، ودموعها عينزلوا عشرات، مش حزن علي شام، ولكن حزن على العشره والسنين اللي قضتها وهي تطلب رضاه وتستجدي محبته، وهو قلبه مختوم بعشق شام،وفضل الحزن ناصب خيمته فبيت المقاول مهملهاش من لحظة موت عدويه واهي من بعدها شام، وعمال ياخد في الناس الزينه وينقيها نقاوة من البيت، وياعالم الدور على مين تاني. 

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة