-->

رواية جديدة لهيب الروح لهدير دودو - الفصل 8

    قراءة لهيب الروح كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية لهيب الروح

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

بقلم الكاتبة هدير دودو


الفصل الثامن

رفع جواد يده وهوى بها فوق وجنتها صافعًا إياها بقوة من أجل اعترافها بقـ تل ابن عمه الأكبر، تعترف بسهولة أنها قتـ لته وكانت على أتم استعداد لقتـ له مرة ثانية وثالثة بلا رحمة صاح بها غاضبًا بحدة 


:- اخرسي...اخرسي انتي تستاهلي الموت أنا أول واحد هسعى أنك تاخدي إعدام اللي زيك متستاهلش تعيش، مش كفاية إنك طلعتي خاينة و*


وضعت يدها فوق وجنتها بصدمة، لم تتوقع أن يصفعها ويسبها، كانت تراه مختلف عن الجميع، تراه بعيد عن تلك العائلة الظالمة ذات القلب الجاحد، لكنه الآن يثبت لها أنه جواد الهواري ابن عائلة الهواري العائلة القاسية التي دمرت حياتها على يديهم، تنفست بصعداء طالعته ببرود مغمغمة بلامبالاه خافية مشاعرها داخلها 


:- ماشي اعملها أنا مستنية أخد الإعدام يا باشا عالاقل هيبقى ارحم من العيشة مع ناس زيكم، واه انا خاينة كنت بخونه كل يوم اصل اللي بيحبني كتير اوي أنت عارف بقى. 


طالعها بحدة غاضبة ورد عليها بغضب يملأ أوداجه المنتفخة، لا يصدق حديثها أمامه بتبجح هكذا بلا ندم ولو وهلة واحدة على أفعالها السيئة بابن عمه الذي يراه لم يفعل لها شئ 


:- اخرسي يا رنيم، أنا كنت مخدوع فيكي بس واحدة زيك متستاهلش أي حاجة، كنت شايفك ملاك طلعتي شيطا'نة وشيطا'نة ولازم تتعدمي فعلا، أنتي مش رنيم اللي اعرفها انتي مجرمة دة كويس أنك سقطتي احسن من ابنك كان يجي يلاقي امه واحدة زيك. 


ضغط بحديثه على أكبر جرح بقلبها، جرح مهما مرّ عليه الوقت لن يُشفى قلبها من وجعه، متذكرة كيف فقدت طفلها بطريقة بشعة لن تُمحى من ذهنها، وهو الآن فرح بفقدان طفلها، تخلت عن قوتها وتماسكها أمامه وصاحت منهارة بعصبية 


:- اطلع برة...اطلع برة وابعد عني أنت عاوز ايه مني، امشي وسيبني بقى هو كل يوم حد يجي هنا انتو عاوزين مني إيه. 


كاد يقترب منها ليجعلها تهدأ لكنه لعن ذاته غاضبًا بعصبية، هي الآن مذنبة قاتلة لم تستحق شئ سوى معاقبتها على قـ تل ابن عمه. 


خرج من الغرفة تاركًا اياها، يسير مسرعًا بخطى واسعة هاربًا من أمامها، هي كاللعنة يجب الابتعاد عنها، عن سحرها الحاد المفعول مقررًا الأنتقام لابن عمه الذي توفى أثر سحرها كما يرى، سيفعل مافي وسعه لحصولها على عقوبة مستحقة تجعلها تكره أفعالها.. 


أسرع يركب سيارته ويقودها مسرعًا يفكر في حديثها متذكرًا جبروتها التي أظهرته أمامه، لأول مرة يراها هكذا، متاكدًا تمامًا ان التي رآها هي ليست رنيم التي احبها وعشقها قلبه، هي ليست تلك الفتاة البريئة المتيم بها. 


هو على الحق ما رآته في حياتها جعلها تقسو على ذاتها وعلى قلبها المحطم، مشاعرها التي لم يهتم بها أحد، رأت على يد عصام حياة سوداء مفعمة بالحزن. 


أغمض جواد عينيه بقوة متوعدًا لها مقررًا الأنتقام منها عما فعلته في ابن عمه، والانتقام من قلبه الذي وقع أسيرًا في عشق فتاة مثلها. 


❈-❈-❈


تفاجأ عندما عاد المنزل بوجود زوجة عمه وأروى وبجانب كل منهم حقيبة كبيرة من الواضح أن بها أشياءهم الخاصة ليعلم سريعًا أن والده فعل ما أخبرهم به أمس، وأحضر زوجة عمه وابنتها للعيش معهم في منزلهم. 


اقترب من زوجة عمه والتي الحزن يبدو بوضوح فوق وجهها والدموع تلتمع داخل عينيها، مطالع إياها بحزن هو الآخر عالمًا مدى حزنها الذي سيقطع قلبها لفقدانها لابنها الوحيد، جلس بجانبها مربتًا فوق يدها بهدوء مغمغمًا به 


:- إيه مالك يا مرات عمي قاعدة كدة ليه اطلعي ارتاحي. 


تنهدت بصوت مرتفع وأجابته بحزن ضاري عليها، تظهره أمام الجميع 


:-ارتاح إيه هو بعد موت عصام ابني هيبقى في راحة يا جواد تحسه خد كل حاجة معاه منها لله دة معملش فيها حاجة وحشة. 


طبع قبلة حانية فوق كفها وتمتم بغضب شديد متذكرًا حديث رنيم المتبجح أمامه والسئ في حق ابن عمه المتوفي 


:- والله حقه هيجي وهي هتندم وهتتعاقب على عملتها دي، حق عصام مش هيروح صدقيني.


اومأت برأسها أمامًا مطالعة ابنتها الجالسة بمفردها وأخبرته بهدوء 


:- طب معلش يا حبيبي روح اقعد مع أروى شوية عشان قاعدة لوحدها وساكتة كدة زي ما أنت شايف أنا خايفة عليها أحسن يحصلها حاجة. 


نفذ ما طلبته منه لهدوء وذهب ليجلس بجانب أروى التي سندت رأسها فوق كتفه ما أن رأته، لم يحب فعلتها لكنه لم يعترض مراعيًا لحالة حزنها، غمغم متسائلًا 


:- انتي قاعدة لوحدك ليه ما تروحي تقعدي مع سما بدل القعدة لوحدك كدة. 


تشبتت في ذراعه بقوة وتملك، وتمتمت تجيبه بنبرة خافتة 


:- خـ... خلاص بقى ما أنت قاعد معايا، كفاية أنتَ عليا اصلا 


أزعجه اقترابها منه الذي يزداد وطريقة حديثها لكنه لم يعقب بل ابتعد بجسده إلى الخلف، مردفًا بجدية 


:- اكيد طبعا يا أروى أنا معاكي ما أنتي زي اختي، زيك زي سما بالظبط ولو عوزتي أي حاجة متتردديش أنك تقوليهالي أنا زي أخوكي دلوقتي. 


امتعضت ملامح وجهها غير راضية عن حديثه مطالعة إياه بغضب وردت عليه بمكر 


:- أختك إيه يا جواد، دة أنا خطيبتك اكيد مش هتردد أني اطلب حاجة من خطيبي اللي هيبقى جوزي. 


ابتعد عنها وطالعها بجدية وعدم رضا من حديثها الذي أغلقه معها من قبل، ورد عليها بلهجة مشددة حازمة 


:- أروى ايه اللي فتح الموضوع دة دلوقتي ماحنا قفلناه ولا خلصنا خلاص أنا بقولك اطلبي مني اللي عاوزاه عشان انا زي اخوكي وانتي زي سما أختي. 


عادت تقترب منه من جديد كما كانت تلتصق به، وتمتمت بنبرة مغزية مدللة بمكر 


:- لا يا جواد الموضوع متقفلش يا حبيبي اتفتح كل اللي قولتهولي أنا نسيته وهنتعامل عادي يا جواد أنت خطيبي وهنتجوز كمان قريب. 


طالعها بذهول متعجبًا لجراءتها في الحديث معه، وغمغم متسائلًا بحدة مشددة


:- يعني إيه يا أروى هو الجواز بالعافية يا أروى ما تعقليها. 


غرزت أسنانها في شفتها وتمتمت ببرود ولامبالاه 


:- لأ مش بالعافية بس أنا بنت عمك مش هتسيبني بعد كل اللي حصل دة. 


ابتعد عنها وهب واقفًا مبتعدًا عنها مردفًا جدية صارمة 


:- أروى أنا مقولتش هسيبك لأ قولت هبقى معاكي بس زي اخوكي واللي عاوزاه هنفذهولك اكيد بس حوار الخطوبة والكلام دة كله اتقفل وأنا زي اخوكي. 


رمقته بغيظ وغضب وتسائلت باصرار مدعية عدم فهمها لحديثه 


:- يعني إيه يا جواد احـنـ... 


قطعها بصرامة وحزم حاد 


:- أروى خلاص قولت الموضوع اتقفل وبعدين دة مش وقته ملوش لازمة الكلام دة ولا حد فاضيله ولا إيه رأيك انتي؟


أومأت برأسها إلى الأمام وأردفت بغيظ وضيق 


:- ماشي يا جواد ماشي براحتك. 


تركها وصعد متوجهًا نحو غرفته زافرًا بضيق من حديثها الذي كان بلا فائدة.. 


وجد والدته تدق الباب الغرفة مستأذنة بهدوء 


:- جواد حبيبي..أدخل ولا مش فاضي؟ 


أسرع يفتح لها الباب سامحًا لها بالدخول متمتمًا بهدوء 


:- تعالي يا أمي طبعًا أدخلي. 


جلست بجانبه فوق الفراش تمتمت متسائلة بهدوء وتعقل 


:- روحتلها شوفتها واتكلمت معاها ولا مرضتش تروح؟ 


اومأ برأسه مؤكدًا بهدوء وحديثها يتردد في ذهنه متخيلًا صورتها أمامه المهينة وهي ملفاة بالملاءة ونبرة صوتها القوية التي بلا ندم 


:- اه ياماما روحتلها... روحتلها وشوفتها، وياريتني ماقابلتها.


احضنته سريعًا بحب وحنان متمتمة تحذره بهدوء ونبرة مترجية حزينة لمشاعره الحزينة بداخله


:- ياحبيبي عشان خاطري عندك، خلاص سيبك من كل حاجة وشوف مستقبلك دة ربنا رحمك منها طلعت بنت مش كويسة نحمد ربنا عشان بعدها عنك. 


رد على والدته بوعيد غاضب والغضب ملتمع داخل عينيه 


:- وأنا مش هسكت ولا هسيبها بعد اللي عملته في عصام مش هسيبها، دي تستاهل كانت بتتكلم ياماما ولا هاممها فرحانة انها قتـ لته بعد ما اتجوز واحدة زيها مش هسكت دي لازم تتعدم فعلا. 


كانت عينيه تعكس مدى حزنه وقهرة قلبه بسببها، يا لها من فتاة قوية قهرت قلبه، كانت عينيه تعبر عن النيران المشتعلة بداخل قلبه الحزين، هناك حرب مشتعلة داخله لا يعلم عنها أحد. 


رأت جليلة مشاعر ولدها المحتفظ بها لذاته لذا  أسرعت مربتة فوق ظهره بحنان 


:- خلاص يا حبيبي سيبها، سيبها وابعد عنها بس، هي هتتعاقب على كل دة المهم أنت يا حبيبي أنا معنديش أغلى ولا أهم منك يا جواد. 


طبع قبلة حانية فوق كفها وغمغم بهدوء 


:- متشغليش بالك أنتي في كل دة ارتاحي عشان اليومين اللي فاتو تعبتي جامد وأهملتي صحتك. 


ابتسمت لاهتمامه بها وردت عليه بفخر وهدوء 


:- ربنا يخليك ليا يا حبيبي. 


نهضت لتذهب لكنها استردت حديثها مرة أخرى بعدما تذكرت أمر هام قبل ذهابها 


:- جواد ابقى خلي بالك من أروى عشان خاطري وعاملها براحة حرام البنت تعبانة هي كمان. 


رمقها بضيق معقدًا حاجبيه مغمغمًا بعدم رضا 


:- ودة كلامك ولا كلام فاروق بيه اللي بيبعتك تقوليهولي مكانه عشان اسمعه من غير خناق قوليله أن اللي في دماغه مش هيحصل. 


ابتسمت بهدوء مجيبة إياه بتعقل وجدية 


:- والله المرة دي ماهو اللي باعتني لأ المرة دي أنا بتكلم عشان البنت شايفة حالتها مش كويسة فمش عاوزاك تشد معاها، وبعدين ليه مش هيحصل ما خلاص ياجواد كدة ما يمكن تحصل في يوم من الأيام، أروى بنت كويسة والف مين يتمناها. 


امتعضت ملامح وجهه متنهد بضيق ورد على والدته بجدية تامة معترضًا 


:- وأنا مش من الألف دول أنا شايفها اختي ومش هعرف اشوفها غير كدة بحوار رنيم دي أو لأ بس بالنسبالي هي زي سما. 


طالعته بتوجس عالمة أن حديثه سيسبب العديد من المشاكل بينه وبين فاروق والده الذي مصمم بضراوة على زواجه من أروى، فاحتضنته متحدثة بهدوء 


:- يا جواد منا برضو نفسي افرح بيك كدة واشيل عيالك ويملوا عليا البيت عاوزة الحق اربيهم زي ما ربيت ابوهم وطلعته راجل قمر كدة مفيش زيه وظابط زي الفل. 


ابتسم بسعادة لفكرة زواجه ووجود أطفاله معه وبجانبه ورد عليها بحزن 


:- هتربيهم والله ماحد غيرك هيربيهم يا جوجو يا قمر انتي بس مش وقته نرجع حق عصام الأول بعد كدة نشوف العيال اللي هيجوا وأم العيال اللي هتختاريهالي انتي. 


اومأت أمامًا بهدوء ثم خرجت من الغرفة متوجهة نحو غرفتها بحزن لأجل ابنها عالمة بمدى حبه الصادق لتلك الفتاة وكم كان يتمناها في حياته ولكن القدر كان ضده بقوة مانعًا أي علاقة بينه وبين تلك الفتاة وبالفعل ترى الآن أن الخير فيما اختاره الله لابنها، متخيلة أن كان تزوجها كان الآن سيصبح جثة هامدة حمدت ربها كثيرًا على وقوفه بجانب ابنها. 


❈-❈-❈


عند رنيم كانت تجلس تفكر في حديثها الذي دار بينها وبين جواد، لم تصدق قسوته عليها، هو بنفسه أخبرها أنه سينتقم منها ويجعلها تنال عقابها من قـ تل ابن عمه. 


لا تصديق كيف صدق أنها من الممكن أن تفعل شئ هكذا؟! بل ويريد إعطاءها حكم إعدام للتخلص منها لكن في الحقيقة هي نالت حكم الإعدام منذ زواجها بعصام الذي كان يقـ تلها في كل ثانية تمر عليها معه، لم تتذكر مرة واحدة وجدته يتعامل معها برفق وحنان. 


صدر عنها تنهيدة حارة حارقة تلهب روحها المشتعلة والتي على وشك الإنتهاء تمامًا. 


وجدت أحد الجالسات تقترب منها بهدوء واضعة يدها فوق كتفها، شعرت رنيم بالخوف وتمسكت بالملاءة الملفاة حولها متمتمة برعب بعدما زحفت بجسدها إلى الخلف 


:- إيه عاوزين مني إيه تاني أنا معملتش حاجة والله. 


طالعتها السيدة بشفقة مربتة فوق كتفها بهدوء 


:- متخافيش ياحبيبتي خلاص مش هنعمل حاجة ومفيش حاجة تاني هتحصلك هنا أنا بس قولت أشوفك عشان قاعدة ساكتة لوحدك كفاية كدة ياحبيبتي، انتي كدة كدة جاية في قضية قـ تل ومش هتخرجي منها تعالي اقعدي معانا هناكل كلنا. 


لم تستطع رنيم الإطمئنان لها فابتعدت عنها مجددًا وتمتمت رافضة بتعب وضعف 


:- ا... أنا مش عاوزة حاجة...مش جعانة مش عاوزة أكل ولا عاوزة اتكلم ممكن تبعدي عني لو سمحت. 


ردت عليها بهدوء متمسكة برأيها خوفًا من أن يصيبها شئ، لانها منذ أن آتت لم تتناول شئ 


:- يابنتي قومي كلي معانا اي حاجة صغيرة حتى حرام هتتعبي. 


صمتت ولم ترد عليها ولازال عقلها يفكر في حديثها الصادم مع جواد، وقلبها سيتوقف داخلها بحزن ووجع من صدمتها لما يحدث حولها، لم تجد شخص واحد تستند عليه وتبكي معه، شخص واحد يثق بها وببراءتها عالمًا أن كل ذلك حدث عنوة عنها. 


تسألت بتوتر لتلك السيدة التي أمامها قبل أن تذهب 


:- هـ... هو ممكن اعرف مين اللي ضربتني دي وخدت هدومي وليه عملت فيا كدة هي حتى متعرفنيش وأنا معملتلهاش حاجة. 


صمتت الأخرى أمامها لوهلة بتوتر 


:- م.. ماخلاص الكلام دة مفيش منه فايدة هي مشيت وخلاص اللي حصل حصل. 


أصرت على سؤالها بعدم فهم مترجية إياها لسرد الأمر لها 


:- لأ قولي مهم بالنسبالي اعرف، عشان خاطري أنا محتاجة أفهم كدة كدة محدش هيعرف حاجة.


شعرت السيدة بالتوتر لكنها أخبرتها بقلق 


:- دي كانت هنا مخصوص عشانك بس معرفش مين اللي مسلطها شوفي انتي ما انني جاية في قـ تل يعني تلاقي حبايبك كتير ومشيت عشان خلصت اللي جاية عشانه. 


استردت حديثها مرة أخرى بعدما وجدت رنيم تستنع حديثها صامتة بذهول متعجبة لما تستمع إليه 


:- طب انا هروح الحق الأكل عشان بيتنسف وهحاول اشيلك حاجة...أنا شهيرة. 


مدت يدها تصافحها فصافحتها رنيم بشرود وذهنها يفكر بضراوة بلا توقف لكنها لم تستطع بل شعرت أن الجدران تلتف بها، وشعور التعب يزداد عليها حتى أصبحت لا تتحمله شاعرة بغيمة سوداء أمام عينيها مغشية عليها ولم تشعر بأي شئ آخر حولها.. 


❈-❈-❈


كان جواد يقف في حديقة المنزل يتحدث في هاتفه بعدما علم بما حدث لرنيم، غمغم متسائلًا بجدية تامة 


:- وفاقت ولا ايه اللي حصلها دلوقتي بعد ما اتنقلت المستشفى. 


ظل يتحدث مستفسرًا أكثر عما حدث ثم أغلق المكالمة والتفت ليعود إلى غرفته لكنه تفاجأ بـ أروى التي كانت تقف خلفه مباشرة منتظرة إياه حتى ينهي اتصاله. 


عاد خطوة الى الخلف تارك مسافة بينهما وطالعها بذهول متعجبًا وتسآل بدهشة 


:- إيه يا أروى هو في حاجة حصلت ولا إيه؟ 


أجابته متسائلة بمكر بعدما اقتربت منه أكثر


:- اه يا جواد فيه أنت ليه بتتعامل معايا كدة وبتصدني دايمًا، أنا معملتش حاجة ليك عشان تعاملني كدة هو أنا فيا حاجة مش عاجباك. 


أسرع يشرح لها الأمر من نظره بهدوء 


:- الموضوع مش كدة يا أروى الحوار كله أن أنا شايفك زي سما أختي وبعاملك على الأساس دة فبرفض عشان بالنسبالي مينفعش لكن انتي كويسة وكويسة أوي دة كفاية أخلاقك بس اللي بتتكلمي فيه مينفعش وياريت متفتحيش الموضوع دة تاني اتكلمنا فيه لما جيت وفهمك أني شايفك زي سما. 


شعرت بالغيظ من حديثه الممتلئ بالبرود وتكراره لأنها مثل شقيقته فأسرعت تلف يدها حول عنقه طابعة قبلة فوق شفتيه ومتمتمة بدلال 


:- بس أنا بحبك يا جواد ومش زي اختك أنا غير سما ومش هعرف اقفل الموضوع ياحبيبي، نفسي نتجوز بجد ياجواد. 


رفع يده بقوة صافعًا إياها فوق وجنتها ودفعها إلى الخلف بقوة بعيدًا عنه بذهول من جراءتها معه، وغمغم صائحًا بها بعصبية وغضب 


:- إيه اللي عملتيه دة انتي اتجننتي، أروى فوقي لنفسك أنتي واحدة اخوكي لسة ميت اللي بتعمليه دة جنان وقلة ادب. 


وضعت يدها فوق وجنتها بصدمة من رد فعله العنيف المباغت لها، أشارت نحو ذاتها بغرور وصاحت هي الأخرى بصوت مرتفع 


:- بقى بترفضني كدة يا جواد كل دة ليه عشان واحدة مجرمة ز'بالة لو كنت معاها كان زمانها قتـ لتك، بتعمل كل دة عشان واحدة زي دي قتـ لت ابن عمك، بترفضني أنا أروى الهواري عشان واحدة مجرمة إيه لسة بتحبها وعاوزها دي هتتعدم، دي كانت بتقعد تحت رجلي زيها زي أي خدامة في البيت وبعمل فيها اللي عاوزاه بهينها براحتي أنا بترفضني عشانها. 


طالعها متعجبًا من حديثها وبالأحر الجزء الأخير، لكنه لم يصمت ويعطي لفكره وهلة واحدة بل صاح بها بعنف ونبرة مشددة حادة وصلت إلى مسامع الجميع 


:- اخرسي انتي بتقولي ايه انا رفضتك عشان شايفك اختي مش أكتر من كدة، كل اللي بتقوليه دة جنان أنا للأسف كنت فاكرك محترمة بس ظهرتي على حقيقتك. 


أسرعت مديحة مقتربة من ابنتها بعدما استمعت إلى صوت جواد وصاحت أمامه بغضب 


:- جواد إيه اللي بتقوله دة أروى محترمة غصب عنك وعن اي حد دي بنتي وبنت العيلة دي اللي بتقوله دة عيب. 


صاحت أروى هي الأخرى بغضب والدماء تغلى بداخلها من حدييه المهين لها


:- دة بيهزقني وضربني ياماما بيضربني وبيقول عليا مش محترمة. 


كانت سما شقيقة جواد تستمع إلى كل مايحدث لا تعلم ماذا يجب عليها تفعل لتهدئة الأمر فأسرعت متوجهة نحو غرفة والديها تدق الباب، فتح لها والدها الذي تسآل بقلق 


:- في إيه ياسما ياحبيبتي في حاجة دلوقتي؟ 


اومأت برأسها مؤكدة حديثه واخبرته الامر سريعًا بتوتر 


:- دة جواد وطنط مديحة وأروى بيزعقوا مع بعض تحت في الجنينة يابابا. 


وضعت جليلة يدها فوق قلبها برعب ما أن استمعت هي الأخرى لحديث ابنتها خائفة مما سيحدث بين ولدها وزوجها، بينما فاروق أسرع يرد على ابنته بجدية صارمة 


:- طب روحي انتي يا سما اوضتك وأنا هتصرف. 


أسرعت سما تنفذ حديث والدها بينما جليلة نهضت مسرعة مقتربة منه قبل ذهابه وتمتمت بقلق 


:- فاروق قبل ما تنزل براحة على جواد عشان خاطري بلاش تتخانق معاه انزل هدي الموضوع براحة عشان ميحصلش حاجة. 


لم يرد عليها وسار مسرعًا نحو الاسفل بخطى واسعة، أسرعت تلاحقه بقلق داعية ربها أن يمر الأمر بهدوء. 


كان جواد يرد على أروى بعصبية والغضب يملأ اوداجه المنتفخة 


:- أروى انتي عارفة كويس انتي عملتي ايه ولولا انك بنت عمي كان هيبقى ليا تصرف تاني معاكي. 


ردت مديحة هي عليه بدلًا عن أروى وصاحت به بعصبية حادة 


:- أنت قصدك إيه أنت بتهددها وأنا واقفة في إيه ياجواد اتكلم معاها كويس. 


قبل ان يرد جواد كان صدح صوت فاروق الصارم المتسائل بجدية حادة


:- في إيه؟ ايه اللي بيحصل هنا؟ 


أسرعت أروى مقتربة من عمها وتمتمت بنبرة باكية ضعيفة 


:- يـ... ياعمو جواد جواد ضربني وكل دة ليه عشان شايفة أن رنيم مجرمة وهو بيدافع عنها راح ضربني وعمال يزعق ليا أنا وماما. 


أيدت مديحة حديث ابنتها مسرعة بمكر 


:- اه يا فاروق وبيضرب اروى هي اروى عملت ايه لكل دة معملتلهوش حاجة هو اللي بيدافع عن مجرمة قتـ لت ابني. 


طالع جواد حديثهما بصدمة وعدم تصديق وأسرع يرد عليهما بحدة 


:- إيه الجنان والكدب دة كل دة محصلش وأروى عارفة كويس أنا ضربتها ليه، هي تستاهل الضرب فعلا على اللي عملته وياريت يامرات عمي متقوليش حاجة محصلتش


اقترب فاروق من ابنه صافعًا اياه بحدة وصاح به بعصبية وحزم 


:- اخرس خالص ايه اللي بتقوله دة شكلك اتجننت اعتذر لمرات عمك حالًا. 


شهقت جليلة من فعلة فاروق المباغتة وخشيت رد فعل جواد التي تعلم أنه لن يصمت لكنها تفاجأت به عندما وجدته يسير إلى الخارج بصمت من دون أن يتفوه بحرف واحد، أسرعت تسير بخطى واسعة شبه راكضة لتلاحقه صائحة باسمه


:- جواد استنى طيب استنى عشان خاطري هو ميقصدش بس أنتَ عارف الظروف اللي فيها 


سار بصمت راكبًا سيارته بعصبية منطلقًا بها غير مصدق مافعله والده أمام الجميع شاعرًا بالدماء تغلى بداخل أوداجه، كيف له ان يصفعه ويهينه أمامهم، كور قبضة يده بعصبية ضاربًا بها المقود. 


اقتربت مديحة من فاروق متمتمة بعصبية وحدة 


:- شايف ابنك يا فاروق بيكلمنا ازاي ومد ايده على أروى. 


طالعها بضيق وعصبية ورد عليها بحدة 


:- خلاص يامديحة خلاص مش وقت كلامك دة دلوقتي. 


صعد تاركًا إياها متوجهًا نحو غرفته بصحبة جليلة التي كانت تطالعه بعدم رضا عما فعله. 


جلس ببرود وعصبية مردفًا بغضب 


:- هو كل شوية يسيب البيت ويمشي إيه مش هنعرف نكلمه بعد كدة. 


طالعته بعدم رضا وحزن وتمتمت ترد عليه بضيق 


:- يافاروق ما أنت برضو غلطت مينفعش تمد ايدك عليه هو مش صغير يافاروق بعدين جواد مش بيدافع عن رنيم لما كلمته كان متضايق وحالف أنه يجيب حق عصام منها. 


اومأ برأسه أمامًا بصمت فاقتربت منه جالسة بجانبه متمتمة بهدوء


:- فاروق عشان خاطري اتعامل معاه بهدوء معملش حاجة لكل دة عامله زي ما بتعامل سما. 


رد عليها ببرود لينهي ذلك الحديث 


:- خلاص يا جليلة خلاص. 


صمتت بتعب من تلك العلاقة التي تحاول منذ زمن إصلاحها لكنها دايمًا تجدها تتوتر أكثر من السابق بعد كل موقف يمر بينهما وبين كل مشاجرة تتم أثناء نقاشهما بأراءهما المختلفة دومًا


❈-❈-❈


بعد مرور يومين


 في مكان مجهول مع شخص مجهول لم نعلم هويته حتى الآن، تحدث ذلك الشخص بجدية ولهجة حادة 


:- ايوة عاوزك تترافع عن رنيم السيد. 


طالعه المحامي الذي أمامه بذهول متعجبًا من حديثه مردفًا بعملية شديدة


:- هو بعيد عن طلبك دة بس هي القضية لبساها لبساها، مستحيل نعرف نخرجها منها. 


أجابه الطرف الاخر المجهول بحدة 


:- انت هتمسك القضية وتترافع عنها وأنا هحاول اتصرف بعدين انت عارف قضية زي دي هترفعك ازاي. 


فكر المحامي في حديثه لوهلة ورد عليه بجدية ومهارة 


:- هي هترفعني بس برضو هتكون أول قضية ليا اخسرها دي ممسوكة متلبسة وفي شهود عليها. 


رد عليه هو الاخر باجتهاد محاولًا في اقناعه للدفاع عنها


:- ودي حاجة هترفعك وهترفع اسمك جامد. 


ضيق عينيه بتفكير لعدة لحظات ومحاولات متعددة من الطرف الآخر بإقناعه  ثم رد عليه موافقًا باقتناع واهتمام بالأمر


:-  خلاص ماشي موافق انا همسك القضية دي ونشوف. 


ضحك الطرف الآخر المجهول بانتصار شاعرًا به لنجاح مايريده مود أن تسير الأمور كما يخطط لها..

  يُتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد  للكاتبة هدير دودو، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة