رواية جديدة كما لو تمنيت لبسمة بدران - الفصل 1
قراءة رواية كما لو تمنيت كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية كما لو تمنيت
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الأول
في أحد المنازل البسيطة الذي يوجد في منطقة شعبية يستيقظ شاب في مقتبل الثلاثينيات يمتلك شعر أسود ناعم وعينان عسليتان بشرته خمرية يمتلك جسد رياضي متناسق قامته تجاوزت المئة وثمانون سنتي مترا.
فتح باب غرفته التي تشاركها مع أخاه الصغير ونادى بصوته الأجش من أثر النوم: يا ام يوسف أنتي فين؟
خرجت اليه من المطبخ وابتسامة حنونة تزين ثغرها لتصبح اكثر أشراقا رغم عمرها الذي تجاوز الخمسون إلا انها ما زالت تمتلك الجمال
اقترب منها ثم أمسك يديها وقبـ لهما بالتناوب ثم ضمها إلى صـ ـدره: صباح الفل يا ست الكل.
أبعدته قليلا ثم داعبت وجنته برقة: صباحك أبيض يا حبيبي ربنا يفتحها عليك ويوسع رزقك ويسترها معاك أنت واخواتك يا يوسف يا ابن زينب قول أمين.
قاطعها قائلا وهو يتقدم منهما: وأنا مليش دعوتين حلوين زي دول ولا ايه يا زوزو دانا زي جوزك برضو.
ثم غمز لها بمكر لا يناسب عمره الذي تجاوز الستون ربيعا
ضحكت بخجل: يووه جرى ايه يا رشيدي الواد واقف وبعدين!
قاطعها بمرح: عادي يا ست الكل اعتبريني رجل كنبة معاكم.
أردف وهو ينظر لوالده بخبث: جرى ايه يا حاج مش كبرت عالحجات دي ولا ايه؟
رمقه بغيظ: هو مين ده اللي كبر ياد دانا أصبى منك.
ثم وجه بصره لزوجته التي كادت أن تنصهر من شدة الخجل: قوليلو اننا هنخاويه ونجيبلهم أخ صغير كدة يلعبو بيه.
صفق بيده كتشجيع له: حلاوتك يابو يوسف طيب اسيبكم تجيبولنا اخ قصدي تحضرو الفطار على ما أصحي محمد باشا اللي نايم مقتول جوا.
قاطعته بحدة: بعيد الشر عنه حبيب امه طول الليل يذاكر ربنا يوفقه في الثانوية العامة ويجعل تعبه بفايدة واشوفه دكتور قد الدنيا.
أمن على كلامها بهدوء واتجه لغرفته مرة أخرى ليوقظ أخيه
تابعته حتى أغلق الباب ثم نهرته بحدة: كدة برضو يا حاج تكسفني قدام الواد.
رفع أحد حاجبيه وقال بدهشة مصتنعة: أنا قلت ايه يعني!
زفرت بقوة وعادت لتعد وجبة الافطار وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة جعلته يبتسم رغما عنه على زوجته التي رغم فترة زواجهما التي تعدت الثلاثين عاما وانجابها ثلاثة أولاد مازالت تخجل منه.
❈-❈-❈
وعلى الناحية الأخرى يجلس شاب وسيم في غرفة مكتبه يدخن بشراهة وعقله شارد بحبيبته التي سلبت عقله من الوهلة الأولى التي رآها فيها
قاطع شروده دخول والدته بابتسامة سرعان ما تلاشت عندما وجدت لفافة التبغ في يده فنهرته بحدة: سجاير يا أدهم عالصبح كام مرة اقولك بلاش الزفتة دي؟
رمقها بهدوء ولم يعقب
سحب آخر نفس منها ثم وضعها بهدوء في المطفءة الكرستالية ونهض متجها أليها انحنى مقـ بلا جبينها ثم خرج متجها إلى غرفته
تابعته حتى اختفى من أمامها ثم تنهدت بقلة حيلة: لو اعرف مالك بس يابني وايه اللي شقلب حالك كدة؟
زفرت بقوة وخرجت تنادي بحدة: يا فايزة فين القهوة بتاعتي؟
ركدت اليها الخادمة تحمل فنجان القهوة :اهو يا ست فيروز أسفة بس كنت بطلع النسكافيه للست فريدة فوق.
رمقتها بحدة أخرصتها ثم تشدقت بغيظ: انا هنا ست البيت واللي اطلبه يجيلي الأول تسيبي اللي في ايدك وتعمليه فهمة؟
أومأت الخادمة بسرعة: تحت أمرك يا هانم.
أشارت لها بتعالي: يلا غوري شوفي شغلك.
ركدت من أمامها قبل أن يتفاقم غضبها
سحقت أسنانها بغل: والله عال يا بنت الفران عاملة راسك براسي.
نزلت الدرج بهدوء تحمل ابنتها الصغيرة صاحبة الثلاث سنوات ارتسمت ابتسامة راضية على وجهها عندما وقع بصرها عليها جالسة يكسو ملامحها الغضب
اقتربت منها بهدوء ثم انحنت لتضع ابنتها على الأريكة المجاورة لها واستقامت مرة أخرى مردفة باستفزاز: صباح الخير يا حماتي.
تجاهلت حديثها ورشفت من فنجان قهوتها.
شعرت بالغضب من تجاهلها لها فابتسمت بمكر ثم أشارت لإبنتها
سرعان ما لبت طفلتها ما تشير أليه وركدت باتجاه جدتها تقفز على ظهرها وتقول بطفولة: تيتة ثيليني.
سقط الفنجان من يدها عقب فعلتها تلك فأزاحتها بغضب قائلة: ايه قلة الأدب دي يا بنت صحيح تربية حواري.
رمقتها باستفزاز: الله يسامحك يا حماتي دي حتى تربيتكم.
اقتربت منها بسرعة ثم قالت بهدوء مصتنع: احترمي نفسك يا فريدة واعرفي مقامك كويس ده لو الظروف غير الظروف مكنتش اقبل اشغلك خدامة عندي.
ضحكت بصخب ثم وجهت حديثها لإبنتها: توتة مش هتودعي تيتة أصلها مشية.
أسرعت للخارج عندما وجدت الفتاة تركد باتجاهها
صعدت الدرج وهي تستشيط غضبا وتتوعد لزوجة ابنها
ضحكت بقوة: ولسة هو انتي شفتي حاجة.
انحنت تحمل ابنتها وذهبت لتعد الفطور لها.
فريدة الرشيدي الأخت الثالثة ليوسف ومحمد تبلغ من العمر 27 ربيعا تمتلك بشرة خمرية وعينان عسليتان وشعر أسود طويل مموج تخفيه تحت حجابها الذي لم تتخلى عنه رغم زواجها من
أمير صبري ابن المحامي الشهير أحمد صبري تلك العائلة مرفهة بعيدين كل البعد عن الدين تزوجت بأمير منذ أربع سنوات وأنجبت طفلتها تالين التي تعشقها وتعتبرها هدية من الله لها وتعويض عما رأته في تلك الزيجة
❈-❈-❈
وفي مطار برج العرب تقف فتاة صارخة الجمال تملك عينين فيروزيتان وشعر كستنائي تضعه على أحد كتفيها مما جعلها فتنة لكل من يراها
ولما لا فهي لارا عواد ابنة رجل الأعمال الراحل يوسف عواد صاحبة الخامسة والعشرون ربيعا كانت تعيش في تركيا مع أخيها الأكبر مراد ولكنها اضطرت للعودة إلى الأسكندرية بعد وفاة أبيها الراحل كي تدير شركاته.
زفرت للمرة التي لا تعرف عددها ثم نظرت في ساعتها الماركة للمرة العاشرة تقريبا: مش عرفة الطيارة اتأخرت ليه بس دانا واقفة من ساعة.
بعد خمس دقائق سمعت صوت رنين هاتفها أخرجته من حقيبة يدها ثم تعجبت من هوية المتصل ضغطت زر الأيجاب: أيوة يا مراد فينك كل ده والطيارة ليه…
قاطعها بحدة: الحقيرة منعت بنتي من السفر آسف يا حبيبتي مش هقدر اجي من غير عشق.
سحقت أسنانها بغل: الوقحة بعد كل اللي عملته لسة فكرة ان ليها بنت!
أجابها متوعدا: أقسم بالله مهسيبها ولو دي آخر حاجة هعملها في حياتي.
زفرت عدة مرات كي تستعيد هدوءها: ما تقلقش عليا يا حبيبي خليك عندك وما ترجعش من غير عشق مع انيي.
لم تكمل حديثها كي لا تزيد من همومه فهو عنده ما يكفيه من المشاكل
أردفت بمزاح: يلا بقى يا حبيبي مش فضيالك أنا وقتي بفلوس.
ابتسم ابتسامة باهتة: خدي بالك من نفسك يا قلب أخوكي وانا هحاول أرجع في أقرب وقت.
أغلقت الهاتف وهي تتوعد لزوجة أخيها التي حولت حياته إلى جحيم منذ أن دخلتها استدارت مغادرة المطار وأعين الرجال تفترسها
ضحكت بغرور يليق بها استقلت سيارتها الفارهة واتجهت إلى مقر شركتها.
❈-❈-❈
وقف أمام المرآة يصفف خصلاته البندقية ثم وضع عطره الجذاب
التقط ساعته ذات الماركة العالمية وارتداها
ألقى نظرة أخيرة في المرآة واستدار ليخرج
استوقفه صوت صراخ زوجة أخيه سحق أسنانهة بقوة حتى كاد أن يهشمها وبرزت عروقه من شدة الغضب حتى عينيه الزمرديتان تحولا لجمرتين من النيران.
ركد بسرعة تجاه غرفة أخيه دفع الباب بقدمه لم يفتح أعاد الكرة عدة مرات حتى فتح أخيرا
تجمد مكانه من هول ما رأى فقد كانت فريدة ملقاة على الأرض ويغطي جـ سدها الكدمات الزرقاء وأخيه يمسك بحزام جلدي يجلدها به من دون رحمة.
لم يستطع تحمل رؤيتها هكذا اقترب من أخيه ثم صرخ به بغضب عارم: امييييييير ابعد عنها.
لم يكترث لكلامه ورفع يده ليضربها مرة أخرى
لكن يده توقفت في الهواء بسبب أدهم الذي أمسك بها قبل أن تنزل على جـ سد فريدة
ألقى بيده بعيدا ثم رفع يده هو وصفعه على وجهه بكل ما أوتي من قوة.
صدم من فعلة أخاه ورمقه بغضب ثم اتجه إلى خارج الغرفة
اقترب منها ثم نزل لمستواها وحملها برفق ليضعها على الفـ راش
لم يستطع تحمل رؤيتها هكذا اقترب منها أكثر وضمها إلى صـ دره كي تهدء
لم تبعده عنها بل تشبثت بقميصه وبكت بحرقة بين أحضـ انه فهو دائما ينقذها من برثن المدعو زوجها
أخذ يربط على شعرها المنسدل بعشوائية على ظهرها وكتفيها يحاول تهدئتها ببعض الكلمات حتى شعر بانتظام أنفاسها
أبعدها عن صـ دره برفق ثم أراحها على الفـ راش ودثرها جيدا تأمل وجهها الباكي قليلا واتجه للخارج وهو يتوعد لأخيه الذي يزداد قسوة يوما بعد يوم على زوجته التي تحدى الجميع للزواج بها
❈-❈-❈
استيقظت من نومها على صوت صراخ والدتها المعتاد: فرحة يا زفتة الطين قووووومي هتفضلي نايمة للضهر ياختي قومي حضري الفطار أبوكي وخواتك جعانين.
تأففت بضيق ثم نهضت من فراشها وهي تفرك أحدى عينيها بيدها اتجهت للمرآة شهقت بقوة عندما نظرت إلى هيئتها فقد كان شعرها البني المموج منتشر بفوضوية على وجهها وكتفيها مما أعطاها منظر مضحك
تمطت بذراعيها كي تستعيد نشاطها فهي لم تنم جيدا بسبب مهاتفتها لحسام
ذلك الشاب الذي يقتن بالمنزل المجاور لمنزلهم الصغير فهي تحبه منذ أكثر من عامين تقريبا وهو أيضا يبادلها نفس الشعور لكن لا يستطيعان الزواج بسبب أحواله المادية فهو يتنقل من عملا إلى آخر لتوفير احتياجات أخواته البنات
استدارت قليلا لتقع عينيها على فـ راش أختها التي تنام بعمق ابتسمت بخبث ثم عبثت بشعرها كي يصبح مخيفا أكثر واتجهت بحرص لفـ راش أختها صعدت بجوارها ثم أزالت الغطاء عن وجهها وقربت وجهها منها وصرخت بقوة
فتحت شمس عينيها بفزع ولكنها سرعان ما أغلقتهما وهي تصرخ: عفريييييييت ياماااااا الحقوني انصرف ارجوك لا تأذيني ولا أأذيك.
قهقهت بشدة: قومي يا هبلة وربنا ما فيه عفريت غيرك انتي.
فتحت عينيها ثم رمقتها بغضب
باغتتها وهي تقفز فوقها وتلتهم ذراعها بقوة ألمتها
فصرخت صرخة مدوية جاء على أثرها والدتهما التي دفعت الباب بعنف وهي تصيح: في ايه يا بت؟
قطعت باقي جملتها عندما سمعت ضحكاتهما فانحنت وخلعت ما بقدميها وقذفتهما به: قومي منك ليها قطعتولي الخلف.
تعالت ضحكات الفتاتين مرة أخرى ثم تحدثت فرحة: خلف ايه بس يا حاجة دانتي بقيتي جدة.
أيدت شمس كلامها: اه والله ولا الحاج لسة بيتشاقى؟
ضحكت فرحة بخجل فهي رغم أنها تكبر شمس بخمسة أعوام إلا أنها خجولة جدا عكس أختها شمس التي تتحدث بدون حياء
زجرتها أمها بحدة: احترمي نفسك يا شمس وإلا وربنا اديكي علقة بالخرطوم زي زمان ولا نسيتي.
ردت بخوف مصتنع: أحييييه خرطوم لالالالالالالا احنا أسفين يا صلاح قصدي يا نادية يا قمر انتي.
زفرت بقلة حيلة من جنون ابنتها ثم تشدقت: طيب يلا منك ليها قومو واحدة تنزل تجيب فطار والتنية تغسل المواعين اللي فالمطبخ.
ألقت بكلماتها تلك وخرجت.
اعتدلت شمس ثم غمزت: يلا ياختي انزلي جيبي الفطار عشان تشوفي حبيب القلب.
ابتسمت بحالمية ثم دنت مقبلة وجنة أختها: حبيبتي يا شموس ربنا يخليكي ليا.
أجابت بجدية: بس خدي بالك يا فرحة بابا لو عرف هيطين عيشتنا خليه يجي يتقدملك ان شاله يجيبلك حتى دبلة.
عبست كالأطفال: اعمل ايه بس يا شمس مهو ظروفه وحشة وهو اللي بيصرف على أمه.
قاطعتها بنفاذ صبر: عرفين انه بيصرف على أهله يا فرحة بس لحد أمتى هتكوني مش في حساباته كدة شوفي يا أختي اللي زي حسام ظروفه صعبة قوي ولسة خواته صغيرين وهو مبيعملش حاجة لنفسه انتو كدة مش هتتجوزو لا دلوقتي ولا بعد عشر سنين حتى.
صمتط لا تعرف بماذا تجيب فأختها محقة في كل ما تقوله لكن ماذا تفعل في ذلك القلب الذي لم ينبض إلا لهذا الحسام
تلألأت الدموع في عينيها فاقتربت منها شمس وعانقتها بقوة
هي تعلم أنها قست عليها بكلامها هذا ولكن أختها رغم عمرها الذي تجاوز الرابعة والعشرون إلا أنها قليلة الخبرة عاطفية لا تفكر بعقلها
أبعدتها برفق وقالت بمزاح: يلا قومي ياختي بدل ما امك تيجي تصبح علينا بالشبشب مش عارفة ايه المتعة في ضربنا بالشبشب ده.
لم تكمل جملتها بسبب الذي ارتطم في وجهها ابتسمت ببلاهة وهي تمسك بالشبشب: تسلم أيدك يا سيد المعلمين.
❈-❈-❈
وصل الشركة وهو يلهث فقد تأخر كثيرا عن عمله بسبب تكدس المرور
ألقى التحية على موظفين الاستقبال وركد للداخل
اصطدم بأحداهن حتى كادت أن تسقط أرضا لولا ذراه الذي التف حول خسـ رها يمنعها من السقوط رفع عسليتاه النادمة لتواجه فيروزيتيها الغاضبة
نفضت يده باشمئزاز وكأنها وباء ثم تشدقت بغضب عارم: مش تفتح يا أعمى.
رد بأسف حقيقي: أنا آسف يا آنسة والله ما كنتش اقصد أصلي كنت…
قاطعته بغضب أكبر: أخرس خالص هو أنت هتحكيلي قصة حياتك صحيح متخلف وحيوان.
اشتعلت عسليتاه من أهانتها تلك ثم صرخ بحدة أفزعتها وجعلت موظفي الاستقبال يهرولون أليهما: احترمي نفسك يا بت انتي خبطك واعتذرت ايه يعني هتعمليها حكاية ولا ايه أما انتي قليلة ادب صحيح.
سحقت أسنانها بشدة ثم رفعت يدها لتصفعه لكنها صرخت بقوة عندما أمسك يدها بحركة سريعة ولواها خلف ظهرها
شهق كل الموظفين فذلك الأبله قد جنى على نفسه ضغط على يدها بقوة حتى تأوهت بصوت مسموع ثم قرب وجهه من أذنها وقال بغضب مكتوم: لا عاش ولا كان اللي يرفع ايده على يوسف الرشيدي فهمة.
دفعها بقوة حتى سقطت على الأرض واكمل طريقه لمكتبه دون أن يلتفت وراءه.
استقامت من على الأرض ووجهها يحتقن من الغضب ثم صرخت بقوة: واقفين تتفرجو على أيه يلا كل واحد على شغله.
اتجهت للمصعد ثم استقلته وهي تتوعد لذلك الأبله الذي تجرء وأهانها أمام موظفيها.
❈-❈-❈
أغلقت باب منزلهم ثم عدلت من وضعية حجابها تلفتت يمينا ويسارا بحثا عنه فأذا به يأتي من خلفها قائلا بصوته الأجش: بتدوري على حد يا حلوة؟
فزعت قليلا ثم وضعت يدها على قلبها: خضتني يا حسام الله يسامحك.
ابتسم بعبث: سلامتك من الخضة يا قلب حسام.
ابتسمت بخجل ثم قالت لتغيير الحديث: انت رايح الشغل؟
أومأ بهدوء
فتابعت وهي ترفع يديها إلى السماء: ربنا يوسع رزقك يا حسام.
أمن خلفها بخشوع
رفعت بنيتيها اليه فوجدت وجهه مرهق أرادت التحدث معه في حديثها مع أختها لكن عندما رأت حالته المتعبة تلك تراجعت على الفور
تبادلا النظرات قليلا حتى قطعت هي تواصلهما البصري: يلا أنا همشي عشان ألحق فرن عم رشيدي قبل ما يخلص العيش.
ابتسم بحنو: ماشي يا فرحة قلبي خدي بالك من نفسك.
بادلته الابتسامة وانطلقت إلى وجهتها وقلبها يدق بقوة.
أما هو فحاله لم يكن أفضل منها ظل واقفا مكانه يتابعهاحتى اختفت عن مرمى عينيه
زفر بحرارة: ربنا يجمع بينا على خير يا فرحة قلبي.
عدل من لياقة قميصه ثم ذهب إلى عمله.
❈-❈-❈
استيقظت من نومتها وهي تشعر بألم شديد يغزو جسدها نظرت إلى جسدها بحسرة فقد كان ممتلئ بالكدمات الزرقاء والحمراء انهمرت دموعها بغزارة على وجنتيها الذان لم تسلما من عنف زوجها معها
استقامت جالسة وعادت بذاكرتها إلى الوراء
كانت تصرخ بقوة وهو يصفعها بعنف على وجنتيها
حمدت الله عندما فتح الباب وظهر هو من خلفه يلهث بقوة تتبعه والدته
أبعده عنها بصعوبة فهو كان مغيبا تماما سحبه بغضب إلى الخارج
تعالت شهقاتها ثم رفعت وجهها الباكي إليها: ليه يا فيروز هانم ده انا مبقاليش أسبوع متجوزة وكل يوم ضرب وأهانة.
شهقت بقوة: دا حتى أنا معرفش أنا عملت ايه!
شعرت بالحزن عليها
صرخت بها: قوليلي لييييييه؟
أجابتها بصراخ مماثل عشان: أمير مريض نفسي يا فريدة.
تجمدت مكانها للحظات ثم رمقتها بكره لم تستطع أخفائه: وليه مقلتليش ليه تجبروني أعيش مع واحد حيـ وان زي ده ليه تحطوني قدام الأمر الواقع لييييييييه؟
قاطعتها بحدة: احمدي ربنا اننا وافقنا عليكي كفايا أنك بقيتي من عيلة صبري أكبر عائلات البلد.
مسحت دموعها بظهر يدها ثم قالت بغل: وانا مش هسيبكم يا عيلة صبري هفضحكو في كل حتة وهتطلق منه حالا.
ضحكت بسخرية: متقدريش يا بنت الرشيدي لانك لو اتطلقتي بعد كام يوم من جوازك هتبقى فضيحة لأبوكي الفران شوفي الناس هيقولو عليكي ايه.
سحقت أسنانها بقوة فتلك الشمـ طاء محقة في كل ما قالته
صمتط قليلا ثم قالت بحدة: تمام يا حماتي انا هفضل هنا لفترة وبعدين اتطلق.
اتجهت للخارج وهي تقول بلا مبالاة: اعملي اللي يريحك انتي الخسرانة يا بنت الفران.
استفاقت من شرودها على صوت طرقات على الباب تنهدت بقوة ثم أذنت للطارق بالدخول
فتح الباب ودخل بهدوء
نهضت بصعوبة للبحث عن حجابها
التقطه هو من على الأرض وقدمه لها أخذته بيد مرتعشة وألقته على رأسها باهمال رمقها بشفقة لم تتحمل نظراته تلك فصرخت به: ما تبصليش كدة يا أدهم بيه أيه صعبانة عليك قوي انت زيك زيهم بالنسبالي خدعتني زيهم بالظبط وخبيت عليا مرض أخوك.
أخفض بصره إلى الأرض ولم يتفوه ببنت شفه فهي معها كل الحق لم تعش يوما سعيدا في هذا البيت يوميا تتعرض للضرب من اخيه والاهانة من أمه أما أبيه فهو في الخارج طوال الوقت
شعر بأنفاسها قريبة منه رفع زمرديتاه أليها وجدها ترمقه بحدة تأمل عسليتاها اللامعة وشفتيها الكرزيتان ووجهها المستدير الذي رغم ما به من إصابات شديد الجمال
ظل يتأملها لوقت طويل حتى قطعت شروده بها بصوتها الغاضب: ما قلتليش جي هنا ليه يا حضرة المحامي؟
قالت تلك الجملة بسخرية شديدة جعلته يخجل من نفسه فهو من المفترض أن يقف بجانب المظلومين ولم يفعل هذا معها
جذبها بقوة إلى صـ دره وعانقها حتى شعر بأن ضلوعها سوف تتحطم
حاولت دفعه ولكنه كالجبل الشامخ لم يتزحزح إنشا واحدا بل شدد على ضمها أكثر إليه كي تشعر بالأمان والحماية التي افتقدتهم منذ دلوفها لهذا البيت.
ظلت مستكينة بأحضانه فهي رغم كرهها لتلك العائلة إلا أنها تشعر بالدفئ كلما اقترب منها ذلك الرجل الوسيم لم يعاملها بتعالي كالبقية بل على العكس لطالما كان حنون معها
لاحت ابتسامة على ثغره عندما شعر بسكونها بين يديه تنهد بصوت مسموع فهو يعشقها حد الثمالة لكنها محرمة عليه لأنها تخص أخيه
ابتعد عنها بسرعة كمن لدغته حية ثم خرج مسرعا إلى غرفته أغلق الباب بقوة ثم ارتمى على فـ راشه محدقا للسقف بشرود عاد بذاكرته لخمس أعوام مضت
أوقف سيارته أمام الجامعة ثم أشار لأخيه بالترجل لأنه تأخر على عمله فكان في ذلك الوقت يعمل في مكتب أبيه الذي أراده محاميا مخدرم مثله فلن يتوانا هو في تحقيق حلم أبيه وفي فترة قصيرة أثبت نفسه وأصبح المحامي الشهير أدهم صبري رمقه باستفزاز: ايه بس يا دومي مستعجل على ايه ده مكتب بابا يا عم يعني تروح وتمشي براحتك يا برنس.
أجابه بحدة: ليه هو انت فكرني زيك بقالك سبع سنين في الكلية بتاخد السنة بسنتين.
ابتسم بهدوء: مهو مش هنكون احنا الاتنين مجتهدين لازم حد فينا يطلع صـ ايع.
ابتسم بخفة: طيب يلا انزل يا صـ ايع.
ترجل من السيارة وهو يضحك بقوة ثم لوح له: يلا سلام يا باشا.
زفر بقلة حيلة ثم انطلق متجها إلى وجهته فوجئ بفتاة تركد بسرعة أوقف السيارة بصعوبة ثم ترجل منها متجها إليها
أما عنها وقفت مكانها مغمضة العينين ظنت أنها ستموت لا محالة ظلت هكذا بضع دقائق استفاقت على صوته الرجولي: انتي كويسة يا آنسة؟
فتحت عينيها بهدوء ثم زفرت براحة: ايه ده هو انا مامتش!
ابتسم بخفة: لا يا ستي انتي لسة عيشة وربنا ستر.
رفعت يدها تمسح حبات العرق من على جبينها ثم تذكرت بأنها كانت ستموت بفضل ذلك الشخص رفعت عينيها الغاضبة إليه ويا ليتها لم تفعل فقد تاه هو في جمالها الساحر بداية من حجابها الذي يزيدها جمال وعسليتاها البراقتين وشـ فتيها الكرزيتين المزمومتين كالأطفال رغما عنه ظل محدقا بها
أما هي لم تختلف عنه كثيرا فقد صدمت من وسامة هذا الرجل بعينيه الزمرديتين التان لم ترى مثلهما من قبل وشعره البندقي المصفف للخلف بأناقة ولحيته الخفيفة التي بلون شعره.
استفاقا من تأملهما ببعضهما على صوت أبواق السيارات العالية ضرب رأسه بخفة ثم اعتذر منها وذهب مستقلا سيارته بينما هي بقيت مكانها وابتسامة بلهاء ترتسم على ثغرها تنهدت بقوة وانطلقت إلى جامعتها.
استفاق من شروده وهو يشعر بألم يغزو قلبه العاشق لتلك المرأة أمسك بعلبة سجائره أخرج واحدة ثم وضعها في فمه وهو يفكر في حل ليخرجه من تلك المشكلة وينسيه ذلك العشق اللعـ ين
نهض من مكانه فجأة وقال: ايوة صح كدة هو ده الحل اني اتجوز
إلى حين نشر الرواية الجديدة للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية