رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 61
رواية كما يحلو لها
الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه
رواية جديدة كما يحلو لها
تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى
من قصص وروايات
الكاتبة بتول طه
النسخة العامية
الفصل الواحد والستون
- أنت هتخلعلي ايدي عشان ادخل معاك البيت ده غصب عني، سيبني يا مجنون أنت.
استمر في جذبها رغمًا عنها وشعرت أنها إما
تسقط وإمّا تتقدم ليغمغم دون أن يكترث:
-
أنتِ مصممة على اللي في دماغك، وأنا كمان
مصصم على اللي في دماغي، أمّا نشوف اخرتها ايه معاكي..
تعثرت وهي أمام الدرج حيث كانت خطواته سريعة
وهو أمامها فتوقف والتفت لها خلفه وحدثها بجدية:
-
هتطلعي ولا هجرجرك ولا هتتشالي ولا ناوية
تتزفتي تعملي ايه؟!
نظرت له بغضبٍ جم ودمائها تفور بداخلها:
-
هو أنت كل حاجة عندك غصب غصب، ايه مبتزهقش،
قولتلك سيبني ارجع!
حاولت أن تنتزع يدها منه ففشلت تمامًا
ليُخبرها بتصميم:
-
اسمعي اللي عندي معجبكيش امشي، ما أنتِ كده
كده هتمشي واخوكي عارف إنك عندي ومعاه الـ location!
-
مبقتش عايزة اسمع حاجة، كفايا اوي اللي
سمعته.
-
روان متعصبنيش وخلي اسلوبنا مع بعض يبقى كويس
-
قولت سيبني امشي
-
مش هتمشي! يا أنا يا أنتِ النهاردة
احتدم جدالهما بينما جذبها مرة أخرى لتضطر أن
تصعد خلفه وبدأ غضبها يتلاشى كلما اقتربت أكثر من نفس ملامح المنزل الذي لم تكره
مثله قط في حياتها وهي لم تره سوى مرة، مرة وحيدة كانت كفيلة بتحفيز حالة الذعر
التي كانت تعيشها يوميًا بداخله!
رويدًا رويدًا انعدم الهواء برؤيتها لهذا
الدرج، إطار البوابة، هذا البساط، رائحة الهواء أصبحت أقسى فامتنعت عن التنفس،
اختناق محتوم، وجـسد يُجذب حيث اللامكان.
-
عمر!
لم يكن نداء كما لم يمكن سوى تحرك مكتوم
لشفتيها، ليس هناك صوت، الهمس نفسه لم يكن ليُغادر حبالها الصوتية.
قشعريرة سيطرت على كيانها، تلك التفاصيل
مُرعبة، كل ما حولها مُخيف أكثر من الذكريات، لماذا أتت هُنا من جديد؟
-
عمر..
كانت كسابقتها، وقدماها لم تعد تشعر بهما،
ثوب فاسد، شعر غير منظم، بُكاء، خوف، ليس هناك حذاء ليمنعها من السير حافية،
ولكنها لا تشعر بقدميها من الأساس، قلبها سيتوقف، عليها الخروج من هنا في أي لحظة
الآن!
-
عمر!
التفت نحوها بعد أن استمع لصرختها الباكية
فنظرت له في حالة من الارتعاد وهي تتوسل بعينيها قبل أن تنطقها بلسانها:
-
خرجني من هنا أرجوك! مش عايزة ابقى هنا!
بالرغم من تألمه لما يراه، وبالرغم من تلك
الآلام التي تنبعث بها من جديد، وبكل ما يدفعه لفعل كل ما يحلو لها كان عليه
الثبات أمامها لكي يصل لمراده، ولكن دون اجبار أو تعنيف.
-
هنخرج، بس جاوبي على سؤالي، آخر مرة روحتي
فيها لمريم كانت امتى؟
تفقدته بشتات وهي لا تدري ما الذي ينطق به ولم
تستطع أن تُفكر في أي شيء سوى مغادرة هذا المكان بأي طريقة فحدثته مجيبة وكل ما
يبدو على عينيها وملامحها هو التوسل وارادتها لفعل أي شيء وكل شيء حتى تبتعد عن
هنا:
-
معرفش، أنا عايزة امشي، مش عايزة أكون هنا.
لا يدري هل هي حقًا لا تعرف ما الإجابة على
سؤاله لشدة شرودها بالآونة الأخيرة أم لأن تركيزها بأكمله مُسلط على تلك المشاعر
السلبية التي واتتها فجأة لأنها غرقت بالفعل في أعماق ذاك العذاب الذي ذاقته يومًا
ما.
قرر ألا يتراجع وصمم على الثبات وأخرس بداخله
تلك الرغبة في الاستسلام، ربما ستتألم الآن وبعد قليل ولكنها ستشعر بالارتياح
لاحقًا فحدثها بهدوء:
-
حاولي تهدي وانا هاعملك كل اللي أنتِ عايزاه،
هنتكلم وهوضحلك كل حاجة وبعدين هتمشي.
أومأت له بالنفي واشتد خوفها من كل ما يحيط
بها وأخبرته:
-
طيب نتكلم في أي مكان تاني، بلاش هنا، أنا مش
عايزة افتكر حاجة!
لو كان تعلم شيئًا واحدًا من علاقته بها
وعشقه لها سيكون عدم الإفراط في المشاعر لأنها في النهاية توصل لعواقب كارثية لن يتمكن
لأي منهما التراجع عنها، عليه وعليها أن يتخليا عن المشاعر الآن لكي ينتهي كل شيء
نهاية مُرضية!
جذبها لتسير خلفه وأجبر نفسه على عدم
الاستماع لما تقوله، أطفأ عمل أذنيه، لو استجاب لحظة واحدة لضعفها كل شيء سينهار
ويقسم أنه ليس لديه الطاقة للبداية مرة ثانية، هو بالكاد استطاع أن يجد مخرج يُرضي
جميع الأطراف ويجبر والده على عدم التعرض له أو لها!
التفت وكلاهما خارج المنزل بحديقة تسبق
الرمال المؤدية للبحر، والتفت لها وهو يحاول أن يهدئها وتمنى لو أن كلماته ستوقظها
من خوفها وصدمتها القاسية التي عايشتها معه يومًا ما:
-
بصي حواليكي، ده ليه أي علاقة باللي حصل قبل
كده؟ ده شبه أي حاجة انتِ عيشتيها هنا معايا؟
تفقدت المكان حولها بعد أن بسط ذراعه وهو
يشير بسبابته لترى حولها مكان جديد تمامًا حديقة صغيرة ومائدة وطاولة جانبية رُص
عليها أشياء كأكواب وزجاجات كحول وأضواء خافتة وهناك مقعدين يقابلا بعضهما البعض،
أضواء خافتة، شموع الكترونية، ورود، ما الذي يفعله؟ تبًا أسيُنسيها كل ما حدث بوجبة
عشاء وبعض الورود والغرف التي عذبها بها تقع على مسافة أمتار خلفهما؟
تريث دقائق وأعينها تتفقد ما حولها إلى أن
اعادت نظرها تجاهه وهي تحدق به ليحتار في تحديد ماهية مشاعرها أهي خائفة أم ما
زالت الصدمة تُسيطر عليها أم ربما بدأت التفكير بمنطقية حقًا بعيدًا عن كل ما
عايشته والتفتت من جديد لتتفقد كل ما حولها مرة أخرى فهي لم تصدق مدى تفاهة الأمر
ومن جديد نظرت له في سكون تام لتشتد حيرته وكاد أن يتحدث لها من جديد فبادرت هي
وصفعته بقوة مرة أخرى لينكس رأسه وهو يضغط فكيه بشدة لتسأله باستنكار دون الرغبة
في انتظار إجابة حقيقية:
-
ورد وعشا ونسكر، هو ده اللي هينسيني؟
سخرت وهي تبتسم متهكمة على كل ما آل إليه
حالها ومن ثم ابتعدت عنه وتركته خلفها بخطوات لم تتوقف ورأسها مشوش للغاية لم يعد
هناك فكرة واحدة تستطيع تكوينها عنه ولا عن كل ما حولها ولا ما يحدث لها سوى أنها
لم تعد لديها أي تصور عن نهايتهما!
تبعها ليقف خلفها وبدأ في الشعور بالإحباط واقترب
عقله لتصديق أن محاولته اليوم بائت بالفشل معها ولكنه حاول أن يصد فكرته تلك
وأخبرها قائلًا:
-
حاولي تساعديني أرجوكِ عشان نخلص، صدقيني
مبقاش فاضل كتير افهمي بس اللي هيحصل
ازدادت سُخريتها تجاه ما يقوله ولم تقل شيئًا
واكتفت بالتحديق بالفراغ ليرتاب هو بتصرفها فهي إما أنها بدأت تهدأ قليلًا
وستستجيب وإما أن القادم سيكون رفضها القاطع لكل شيء فصمم أن يُقنعها:
-
روان أنا عايز اسألك سؤال واحد وحاولي تردي
عليه بصراحة، أنتِ لما عمك زور الورق وقال إن ليه نصيب في ورث باباكي، إيه أول
حاجة عملتيها؟!
بالطبع، منذ قليل كان يتحدث عن ذهابها
ومتابعتها مع "مريم" والآن يُذكرها بكيف التقت به فالتفتت له لتجيبه
بغضب:
-
عامل نفسك بتهتم بيا وهتفكرني بقى بالماضي
بتاعنا وقد ايه انت حبتني واهم حاجة بالنسبالك إني أكون كويسة..
تفقدته باحتقار شديد ثم واصلت:
-
وبعدين هلاقيك سايبلي ألف جواب عشان تستغلني
وتخليني اتعاطف معاك والاقي نفسي بحبك ويا عيني يا حرام صعبان عليا فتقوم واخدني
في حضنك وأنا سكرانة ومش شايفة قدامي.
-
مش ده اللي عايز أوصلـ
حاول أن يقاطعها ولكنها لم تترك له الفُرصة
وتابعت دون اكتراث لما يقوله:
-
نفس اسلوبك الخبيث، تعزلني عن الناس والدنيا
وتجبرني وبعدين تأثر عليا بكلامك وفجأة الاقي نفسي تايهة وزي العبيطة تفكرني قد
ايه كنت بحبك وفاكراك ممكن تتغير، فشوية اعيط وشوية ابص حواليا والاقي إنك اتغيرت
متأخر اوي فنفس التشتيت بتاعك..
أومأ بالإنكار وحاول أن يُصحح ما تقوله ولكنه
باء بالفشل وهي تتابع مقهورة بشدة من كل ما يفعله:
-
ليلة حلوة وشوية ورد وجوابات وعايزني اواجه
صدماتي والمفروض الجملتين الجايين إنك بتحبني وعمرك
ما حبيت غيري ويالا نرجع بقا مش كده؟!
عقد حاجباه وهو يحاول أن يحتوي بركان غضبها
الذي يسيطر على كل ذرة بكيانها وانعكس من عسليتيها كخناجر من حميم طعنت قلبه
لتحرقه بالكامل ثم اجاب معقبًا على سؤالها الساخر بمصداقية والانكسار يقبع بأعماق
مقلتيه وهو يحول سخريتها لسخرية من نفسه وشاهدت هي صمته بالإضافة إلى تلك الهيئة
الغريبة التي لم تعهده عليها قط من هدوء لا تدري هل يطمئنها أم يُثير ريبتها:
-
أنا كنت قربت اموتك.. مين بيموت حد بيحبه غير
المجنون..
حدقها بحسرة شديدة هشمت روحه ثم أكمل
بمصداقية:
-
مش مستني اشوف واحدة زيك متجوزة واحد مجنون
ولا المفروض تكمل معاه حياتها!
استحالة
تسمعي مني اننا نرجع لبعض ولا أقدر اطلب منك ده، لا انا استاهلك ولا انتي مجبرة
تكملي حياتك معايا تحت أي ظرف من الظروف..
ضحكت بخفوت وهو تومأ بالموافقة على كلماته
وأخبرته مستفهمة باستخفاف:
-
هو أنت بجد مستنيني اصدق كدبك؟
تابعت ملامحه بخليط من الغضب والألم والحُزن
بآن واحد وحدثته بجدية:
-
قولتلي ابعد عنك وبلاش اضغط عليك اديني بعدت،
يا ريت انت كمان تعمل كده.
ابتعدت من جديد وتركته خلفها وهي تحاول الابتعاد
عنه وعن هذا المنزل ولكنها اتجهت صوب البحر وهي تعبث بداخل رأسها عن محاولة للملمة
شتاتها ومشاعرها التي انفجرت دُفعة واحدة، منذ ساعة واحدة كانت مشتتة لابتعادهما
وبمجرد اقترابها منه ورؤيته تريد الابتعاد آلاف الأميال عنه وعن كل ما يحيط به من
غرابة اطواره التي لا تظن أنها ستجدها في أي رجل!
لم يستسلم وحاول اقناعها بهدوء لعلها تستجيب:
-
روان كفاية، اسمعي وبعدين امشي، مش مهم اللي
أنا عامله، المهم بس نقعد نتكلم زي أي اتنين اتفقوا انهم هيتعاملو بهدوء، بلاش تكملي
الغلط اللي أنا بدأته، فاهم وعارف إن اللي عملته فيكي مفيش حاجة هتعوضك عنه، بس
بلاش تتصرفي بالطريقة دي لو عايزانا فعلًا نخلص من كل اللي احنا فيه!
أغمضت عيناها وهي تعرف أنه لن يتركها وشأنها وسيثرثر،
سيرهق عقلها بالتفاصيل، سيقترب منها، ولن تصل لأي شيء في النهاية!
حسنًا، هو يُريد أن تستمع له، هذه هي حُجته،
لتستمع إذن!
-
قول اللي عندك باختصار، سامعاك!
أخرج أنفاس تحملها صـ ـدره بأعجوبة وقبل ما
قالته كبداية فبدأ بالتحدث:
-
لما كنا هنا في الشاليه علا كانت مصممة تقدم
بلاغ، وعدي كان بيحاول يمنعها، بس هي راحت من ورا الكُل وقدمته من غير ما تقول
لحد.
ضيقت ما بين حاجبيها ظنًا منها أنه يكذب
ويدعي أمر ليس بحقيقي وقبل أن تسأله تابع:
-
بس بابا عِرف الموضوع وراح هددها واتدخل ومنع
البلاغ وممكن تسأليها.. بس دي كانت الفُرصة الوحيدة قدامي إني ابدأ منها.. فاكرة
اخر يوم كنتي معايا في البيت من اسبوعين؟
لمحته بنظرة جانبية مفادها أن يُكمل ما لديه وهي
لا تثق بأي من هذه الترهات التي يتفوه بها فواصل:
-
أنا الصبح كنت عنده لأني كنت قلقان من رد
فعله بعد الخناقة ومستبعدتش يفكر يأذيكِ تاني أو يأذيهم أو حتى أنا شخصيًا فكان
لازم افهم هو شاكك إنك السبب ولا لأ، بس لما كنا لوحدنا الكلام جه عنك وأنا كنت
بحاول أقنعه قبل ما يتخانق مع ماما إني مش مرتاح معاكي من ساعة ما رجعنا وعايز
اتجوز واحدة تانية وجوازنا مبقاش مريحني ومكملناش كلامنا بسبب الخناقة..
التفتت ناظرة له بتهكم وهي ترفع حاجبيها
باستخفاف لكلماته لينزعج وتابع:
-
طبعًا عرف إني بحاول اراضيكي وخلاص عشان
نتطلق، وجابلي سيرة البلاغ فجاتلي فكرة.. أنا ممكن أطلقك بهدوء ورسمي وأهم حاجة
الكلام ده ميوصلش لبابا، من بكرة لو عايزة، بس لازم قدام الناس واهلنا نتعامل عادي
لغاية ما العدة تخلص، العدة هتخلص بالظبط بعد فرح عنود بأسبوعين..
تنهد بإرهاق وهو لا يستطيع ترتيب أي من
كلماته وحاول أن يُعطيها توضيح أكبر بطريقة تُناسب عقلها فهي لا تعرف كيف سيقوم
بتزوير احداث قضية بأكملها وأخبرها قائلًا:
-
أنا عرفت أوصل للفيديو بتاع البيت الجديد
اللي جبته ساعة ما اتجوزنا، بعد ما قولتيلي ان معاكي الورق وهتقدميه وهتاخدي إجراءات
يا إما أطلقك!
تفقدته ببلاهة وهي لا تفهم أي مما يقوله،
ولماذا يقول هذه الكلمات الآن؟ هل يُصمم على سا ديته لدرجة أنه يُريد أن يراها
متألمة بكل ثانية أمام عيناه ليُرضي امراضه المتوغلة بداخله؟
-
روان البيت ده لو باسمك، واحنا متطلقين رسمي
بالأدلة، وتاريخ الفيديو اتعدل دي هتبقا قضية خطف، كل اللي هطلبه منك اننا نقعد في
البيت ده أسبوع او اتنين بعد ما العدة تخلص وساعتها هيقدروا يقبضوا عليا مُتلبس لو
اخوكي وعلا عملوا بلاغ! كده هتبقي اخدتي جزء ولو صغير من حقك! هكون خاطف طليقتي من
بيتها بعد طلاقنا والعِدة وماليش أي حق اتعرضلك أصلا، ما بالك لو خطفتك وغبتي أسبوعين!
حاولت ابعاد شعرها عن وجهها وهو يتطاير بفعل
هذه الرياح وشعرت أن عقلها ينفجر لا تدري ألمًا أم من أنها لا تستطيع الفهم أم ما
الذي يحدث لها وشردت أمامها فانتظرها أن تقول أي شيء فلم يستمع منها لحرف واحد فظن
أنها لا تفهم تفاصيل ما قاله فحاول أن يوضح المزيد:
-
أنا مش عايز القضية يبقى فيها غلط، الشهود
هيكونوا موجودين، وأخوكي هيكون موجود وهيقول إن ده تصرف ليا بعمله من زمان، أهلي
مش هيشكوا في حاجة لو شافوكي في البيت ولا حتى بابا، ومش عايز أدلة كتير لأن كل ما
الأدلة بتزيد الخطر ممكن يزيد في انهم يكتشفوا أي غلطة.. فهمتي أنا عايز أوصل
لإيه؟!
لا تفهم شيء وعقلها لا يستوعب شيء سوى أن الأمر
سيفشل من جديد، يستحيل أن يتم كل هذا بهذه السهولة التي شرحها وكأن الأمر هين
وبسيط، وبالطبع والده لن يسمح له بفعل هذا بنفسه ليتحول فجأة من المحامي الناجح
لرجل مسجون بتهمة اختطاف زوجته السابقة!
التفتت نحوه وهي تبتسم له ساخرة ولكن التوتر
بأكمله يتحكم بها وحدثته مستفهمة:
-
وعايز تفهمني إن وقتها يزيد الجندي مش
هايتدخل ويوقف القضية؟ أنت بجد مصدق نفسك؟!
أشار بسبابته إليها واجابها فورًا:
-
أنا فكرت في ده، بس اللي هعمله اول ما فرح
عنود يخلص في نفس الليلة هبيع أسهم الشركة بتاعتي كلها، ساعتها مش هيفكر في جوازنا
قد ما هيفكر في اللي أنا عملته!
استخفت بكلماته وهي تخبره بسخرية:
-
اه ماشي وبرضو هيعرف وساعتها هيقول أنا اللي
خليتك تبيع كل حاجة بالغصب، أو إني قتلتك تاني، أي حاجة فيها ضرر ليا ولأهلي وخلاص!
زفر بضيق وصمم أن يُوضح لها المزيد لعلها
تطمئن:
-
روان متقلقيش، أنا المرادي مسكت على بابا
مُصيبة، ساعتها هو اللي هيتسجن لو فكر بس يوقف القضية!
لا يُمكنها إيجاد ذرة وحيدة من الثقة بداخلها
في كلماته لتقول بتفكير ساخر تمامًا:
-
يعني من اللي فهمته من كلامك هتكتب البيت
التاني اللي جبتهولي لما اتجوزنا عشان أعيش فيه انا ومامي وبسام معاك باسمي،
وبعدها نتطلق من غير ما نقول لحد، وبعدين بعد فرح عنود هتبيع شركتك في باباك
هيشغلو الموضوع ده، وبعد ما العِدة تخلص هنيجي هنا فأخويا وعلا هيبلغو ويجو يقبضو
عليك.. هنقعد أسبوعين.. أوك، ماشي.. فين بقا اللف والدوران؟!
مراوغة ماذا التي تتحدث عنها؟ ألا يُمكنها أن
تكف ولو قليلًا عن كلماتها المُتكرر بأنه كاذب، يقسم أن كل ما عايشه معها وخصوصًا
بعد زواجهما الثاني لم يكن سوى بمنتهى المصداقية:
-
لف ودوران إيه؟؟ فهميني وقوليلي ايه اللي
أنتِ مش فاهماه من كل ده؟
تفقدته باحتقار وهي لا تدري أنها متوترة بشدة
والارتباك ينبعث عليها على هيئة تشنجات طفيفة بجسدها فسألته قلب أن تبتعد عنه:
-
عايز تفهمني إن دي الطريقة الوحيدة اللي
لقيتها عشان تطلقني؟
اتجهت لا اراديًا نحو ركن المشروبات وسكبت في
كوب حتى امتلئ نصفه بعض الويسكي ثم بدأت ترتشف منه بينما تبعها هو:
-
أنا بحاول ادور على طريقة من ساعة ما بابا
رجعنا لبعض منها تاخدي حقك ومنها تبعد ما بينا اوي لسنين عشان انتِ ترتاحي وأنا فكرت
بطريقتك، أنتِ لما عمك ظلمك لجأتي لحاجة قانونية، وأول مرة فكرتي بجد إني أطلقك
روحتي شوفتي محامي عشان يرفعلك قضية عليا وتخلعيني، وبعدها بنفس اسلوبك قولتي
هتقدمي الورق اللي معاكي ضدي عشان تاخدي اجراء قانوني، ولما رجعتي من أمريكا عملتي
كده.. مش دي طريقتك اللي بتريحك، تاخدي اجراء قانوني ويبقى معاكي حاجة رسمي؟
فهميني طيب ايه اللي يريحك غير الحل ده وأنا أحاول اعمله!
تطايرت عسليتاها تجاهه وهي تُحدثه بتهكم غير
مُنتظرة لأي رد منه:
-
بعد كل اللي حصل ما بيني وبينك ده مفيش أي حل
قدامك غير الخطف والبلاغ وإن أنا اجي هنا تاني؟
يعرف أنها لا تثق به، وكيف لها أن تفعل؟ إن كان
هو نفسه من أفسد كل ما كانا عليه بعد الاعتراف بعشقه مرارًا وتكرارًا وصدق أنها
خائنة وجعلها اليوم دمية له ولوالده وللأحداث العصيبة التي صنعها بيده، فلماذا
عليها أن تثق به هذه المرة؟!
-
أنا سألت أنس، قانون الاغتصاب الزوجي لسه
بيتناقش، مفيش أي اخبار عنه، وحتى لو عنف أُسري هنحتاج أدلة كتير جدًا هيخلوكي
تقولي انا بضربك ازاي وهيحتاجو شهود ولو حتى زورنا الكلام ده فيه فرصة ان مياخدوش
بيها ووقت القضايا دي بتطول اوي عكس الخطف، لو زورت مثلًا تقارير طبية وحاجات
كتيرة هيدوني في أذى مراتي إيه، سنة؟ ست شهور؟ وغرامة تافهة ميجيش حقها تمن عقد من
اللي عندك! صدقيني دي اضمن طريقة وملقتش حل غيرها، انتي هترتاحي، وهتطلقي، وساعتها
صعب بابا يجبني من السجن غير بقضية تانية وفي الوقت ده هتكوني انتي مركزة في
مستقبلك وحياتك ومش بعيد يكون ليكي بيت وأُسرة.. روان أرجوكي حاولي تصدقيني
المرادي، اعتبريها اخر مرة تصدقيني فيها!
لم تصدق توسله وتلك المصداقية الشديدة التي
تتضح على وجهه وتجرعت ما تبقى بكوبها وكادت أن تسكب المزيد فمنعها وهو يوقفها عما
تفعله ليُحدثها وهو يُمسك بكلتا يداها:
-
بلاش دلوقتي، أنا عايزك تكوني مركزة وفاهمة
كل اللي هيحصل، بعد ما نخلص كلامنا ونتفق على كل حاجة وتمضي على ورق البيت ابقي
اشربي زي ما أنتِ عايزة..
انتزعت يداها من قبضتيه وهو ينظر لها بانفعال
هائل لم يستطع السيطرة عليه وكل ما يريد الوصول له هو أن تشاركه هذه الحيلة لينتهي
الأمر بينما حدثته هي باقتناع شديد أنه كاذب وأنها مُحقة وأذكى منه:
-
وسواء بقى أيًا كانت القضية ايه عنف أُسري
ولا خطف ولا أيه اسمها، بمجرد ما يعرفوا إنك مريض يا عيني و bipolar هيسامحوك.. بطل بقا تضحك عليا وتفتكرني غبية
وهصدق كلامك!
تغير مزاجه في جزء من الثانية ولم ينجح في منع
تلك الابتسامة الصادقة التي علت ملامحه وهو ينظر لها بامتنان حقيقي، مهما حدث لها
أو بينهما سيظل بداخلها جزء نقي لا تشوبه شائبة، هل تظن أن بعلم السلطات أنه مريض
مضطرب باضطراب ثنائي القطب سيدعوه وشأنه؟ هل هذا ما تُفكر به حقًا؟ لا تكف عن جذبه
إليها بكل تفاصيلها وخصوصًا تلك البريئة منها وهي تخرج عنها دون تخطيط مُسبق أو
محاولة من محاولات الكذب والمراوغة كما يفعل هو!
-
عرفت بقى إني مبقتش روان بتاعت زمان؟
سؤالها انتشله من تفقده إياها بعشق وجعل
ابتسامته تتوسع واقترب منها ليُقبل جبينها رغمًا عنها وهي تدفعه بعيدًا وزجرته:
-
ابعد عني يا خبيث، ايه خلاص اعترفت إني مبقتش
اصدق منك حاجة وإن كل كلامك كدب!
أخبرها وابتسامته تتوسع ونظر لها برفق:
-
يسامحوني إيه بس يا روان، هو القاضي والمحكمة
هيسامحو مجنون برضو؟
ضيقت ما بين حاجباها في عدم فهم لما قاله فسألته
بجدية:
-
يعني لما يعرفوا هيقولوا ايه؟!
نظر لها بمكر ثم تنهد وقال مبتعدًا:
-
تعالي نقعد وامضي على ورق البيت وبعدين
هقولك!
برود، الآن! حقًا؟! ما الذي يُريد أن يوصلها
إليه هذا المُختل؟ تقسم إن لم يدل بحقيقة الأمر وتتأكد من كلماته لتقتل كلاهما
الآن وليحدث ما يحدث:
-
أنت يا زفت هو أنا مش بتكلم، لو عرفوا إنك
مريض هيحصل ايه؟
جلس بمنتهى الأريحية ليجدها تقف أمامه بتحفز
وخصلاتها تنتشر حول وجهها بفعل الرياح فتفقدها ومن ثم بدأ في الكشف عن الغطاء
أمامه الذي يعلو الصحن أسفله وتمنى لو أن هناك القليل من الدفء بهذا الطعام قبل أن
يفسد بشكل تام واجابها:
-
لو اتثبت في المحكمة إني مريض ثنائي قطب
هتتشكل لجنة ولو فعلًا شايفين إني مريض وفيه
مني ضرر على اللي حواليا هدخل بقا اقعد مع المجانين ومن فترة للتانية هيعملولي
تقييم من لجنة طبية ودي حاجة تافهة جدًا ممكن اخرج منها بمنتهى السهولة بعد سنة أو
سنة ونص بالكتير.. بقولك ايه..
رفع عيناه نحوها ثم تابع:
-
أنا من الصبح قاعد مع محامين ووجع دماغ ولسه
واصل من ساعتين، مكلتش حاجة من ساعة الفطار، روحي اتكلمي مع بسام وشوفي كلامي صح
ولا لأ وسيبيني آكل أو تعالي اتعشي معايا ونتكلم واحنا بنتعشى! على العموم أنا
شغال في كل حاجة معاه بقالي فترة ويمكن يفهمك كل حاجة احسن مني.
وقعت ضحية الغضب من جديد وزجرته وهي تصيح:
-
وهو اصلًا ايه دخل بسام بكل ده وتدخله ليه في
حاجة من غير ما تقولي.
لمحة خاطفة منه استقرت بعسليتيها وهي ما تزال
واقفة أمامه تغلي كالبركان ثم سلط تركيزه على الطعام وغمغم بخفوت:
-
على أساس إنك كنتي بتتكلمي اوي عشان اقولك!
اتسعت عيناها وهي تشتعل بمزيد من الغضب وصاحت
به مرة ثانية:
-
أنا سمعتك على فكرة ومهما كانت الظروف ده ميخليش
ليك الحق إنك تعمل كده من ورايا!
ابتلع ما بفمه ونظر لها وتوقف عن تناول
الطعام للحظة وهو يُخبرها:
-
تمام، يعني لو كنت قولتلك أنا كنت بفكر في
إيه وبحاول اعمل ايه وكل شوية اسيب حاجة وامسك في حاجة واحاول اشوف قضايا لستات
رافعينها على اجوازهم كنتي مش هتفكري اني بكدب عليكي وبماطلك وخلاص؟
أكمل تناول طعامه دون أن ينظر لها وهو يتنفس
ويشعر وكأن جزء من هذا الثقل قد أصبح أقل بعد أن أخبرها بكل شيء وبعد مُدة وجدها
تطالعه خلالها فنظر لها مرة ثانية ثم سألها:
-
تفكيرك موديكي إني بكدب في ايه بقى المرادي؟
نظرت له آخذة في الاعتبار كل ما حدث منذ أن
قام بإيذائها وإيذاء نفسه بالقتل الذي كاد أن يتحقق ووصولًا لتلك اللحظة تحديدًا
وهو يخبرها بما يُريد فعله لتسأله بنبرة مُتعبة وهي تعقد ذراعيها:
-
هو مينفعش نتطلق وخلاص من غير كل التفاصيل
دي؟ هو مفيش حاجة معاك سهلة أبدًا؟
ترك مقعده وتوجه نحوها ليقترب منها وأجابها
سائلًا:
-
أنتِ عايزة بعد كل اللي شوفتيه ده إني
متعاقبش ولو بالسجن؟ مش مكفيكي إن مفيش حل بجد يجيبلك حقك من جوزك غير الأسلوب ده؟
هتاخدي حقك من واحد بيصرف عليكي وبيأكلك وجايبلك بيت تعيشي فيه ومعندكيش ولاد منه؟
مش شايفة إنك هتكوني قدام كل الناس دي قُليلة اوي وهم بيحكمو عليا بسنة ولا ست
شهور ولا غرامة؟ روان يا حبيبتي افهمي أنا مش هرضى بعد كل اللي حصلك ده إنها تبقى
مجرد قضية طلاق للضرر وحتى نفقة المتعة مش هتاخديها لأن جوازنا مكملش تلت سنين..
تفقدته وهي تحاول أن ترغم رأسها على مواكبة
كل هذه الكلمات ليُكمل بآسف:
-
للأسف بلدنا مش هتعترف بالضرر النفسي اللي
انتِ اتعرضتيله غير بعد كتير اوي، عايزة تضيعي سنين من عمرك على حاجة زي دي ولا
عايزاني اتعاقب وخلاص؟
أدركت ماهية كلماته فتأففت من كل ما يحدث
وكررت سؤالها مجددًا بشكل آخر:
-
ما تطلقني وخلاص وتتفاهم مع باباك، ولا هو
لازم السجن وكل اللفة دي؟!
نظر إليها بتردد واجابها بسؤال:
-
يعني أنتِ عايزة إني بعد كل ده أعيش كده عادي
من غير عقاب؟
تنهدت وهي لا تدري بماذا عليها أن تجيب
ليُكمل هو:
-
فاكرة زمان لما كنا بنهزر مع بعض وكنا في
فترة حلوة اوي وقولتيلي عشان تنتقمي من واحد زيي هتبقي عايزة يعملوله قانون؟
صدقيني حاولت معرفتش، روان أنا بحاول إنك على الأقل لما تفتكري اللي حصلي تقولي ده
اتعاقب على اللي عمله فيا!
ملحوظة عشان الناس مش بتاخد بالها إن ده من
الروايات القديمة، ده في الفصل 16 من كما يحلو لكِ
تفقدته والنعاس لا يزال يسيطر عليها لترى
فحميتيه تحدق بها باستفهامٍ لم تفهمه، فتوترت بداخلها ولكنها رفعت كف يدها لتداعب
لحيته برفق ليلتقطه مُقبلًا إياه مرات يليها مرات ولم تترك عينيه خاصتها ولو لجزء
من الثانية لتتنهد بألمٍ تشبع بسائر كيانها، لولا حقيقة كونه رجل يصعب التعايش معه
بكل ما يُسببه من مخاوف تدفعها لفقد عقلها لكانت ظنت أنها حصلت على كنز من الكنوز
النادرة لأجل هذه النظرة وحدها.
عناق أصابعه الدافئ لأناملها، تلك العواطف
التي يأسرها بها من بين عينيه وهو يجعلها تشعر وكأنها المرأة الوحيدة في هذا الكون
بأكمله، ابتسامته الرائقة الفرحة عندما يمتلك هذا المزاج الرائق، لا تدري ما الذي
يمتلكه بلمساته وعينيه وحتى أنفاسه، يجعلها بصخب سيطرته تميل إليه رغمًا عن أنفها
وتيقنت الآن أن الذي يزلزل قلبها هو المشاعر التي تكنها له، العشق الذي لم تختبره
سوى معه، ليس التوتر ولا الخوف من أي شيء، ربما الخوف من فقدان كل هذا، أو الذعر
من تحول مزاجه مائة وثمانين درجة، والتوتر عندما تفجعه بحقيقة أنها ستنفصل عنه شاء
أم آبى!
لماذا لا يكون كل شيء بالحياة كامل؟ لماذا لا
يوجد شيء مثالي؟ وما الذي ستفيد به المشاعر والعشق عندما يعاود ادراجه ليُصبح في
حالة من حالات جنونه بسادية مرضية أو حتى بنوبة من نوباته التي يرفض رفض قاطع أن
تكون نتيجة لاضطرابٍ بشخصيته؟
لا يمكن أن تحظى بأمان دائم معه، ليس بنوعية
الزوج الحامي ولا الأب المسؤول، لا يمكن أن تستمر معه، سوى بهذه المشاعر اللحظية
فقط، هي تعلم بداخلها أنه عاشق ممتاز بجدارة، وشريك رائع بالفراش، وعشقها الأول،
لكن أكثر من هذا لا يُمكنه أن يكون، ولقد اكتفت من كثرة المحاولات معه.
جذبته نحوها ورهُفت قبلاتها المتأنية إليه
واغمضت عينيها لترغم نفسها أنها تعايش حلم، مجرد خيال، سينتهي يومًا ما عندما
تستيقظ على الحقيقة المُرة التي مهما تجنبتها وهربت منها تجدها تهزمها في النهاية!
مطاف لا ينتهي من رقته ودماثة لمساته لها،
انغماس لا ينتهي بأعماق الدفء اللذيذ الذي لم تشوبه ولو ريح من رياح عنفه الذي
يؤلمها، لا تعرف كيف يفعلها وينجح بها ولكنه ملك مفاتيح قلبها ولا يملك سواه
سلطانًا عليها.
- بنوتي كويسة؟
استيقظت على سؤاله بأنفاس متسارعة ولكنها
تسارعت تمتعًا وليس لرغبة جامحة مثل ما عهدته من نفسها معه، كل مرة يملك حيلة
جديدة يؤثر بها عليها بين يديه، يديه، ما الذي يلمسه وجعله يسألها هذا السؤال؟
نعم، علامات ما يُشابه كدمات من ليلة أمس!!
- كويسة، متقلقش.
لم تظن أنه يملك أكثر من هذه القبلات التي
يُمطر بها كل تلك العلامات بعد أن انتزع ما يخفيها عنه حتى أصبحت شفتاه تلاطف كل
ما تضرر منها، ولكنه باغتها بمزاج رائق للغاية، لا تظن أنها واجهت مثله من قبل وهو
يمازحها متسائلًا:
- مين الكلب اللي عمل فيكي كده؟
اخفضت عينيها نحوه بغير تصديق في البداية
وغابت عسليتيها خلف جفنيها المتقاربين على الانغلاق وهي تضيقهما نحوه كمحاولة
لمعرفة ما يعتريه، من الرجل السادي الذي يُلقب نفسه بهذا؟ هذا يُعتبر انفصام في
شخصيته وليس مجرد مزاج رائق!
رطبت شفتيها عندما همهم مرة ثانية يحثها على
الإجابة اثناء مواصلته معانقة بشرتها الناعمة المتضررة من افتراسه الشره أمس
بقبلات مواسية فابتسمت وهي تُجيبه بنبرة ذات مغزى:
- أظن ده مش سؤال، أنا وأنت عارفين كويس مين
الهمجي ده!
ارتفع وهو يُحدقها بتعجب مُصطنع كما تعجب
بحروفه المستفهمة:
- وهتجيبي حقك منه ازاي؟
نهضت جالسة وابتسامتها تتوسع من ملامحه
المرحة واستندت على الوسادة خلفها لتتنهد ثم اجابته مُداعبة إياه:
- اعتقد محامي زيك، ممم، نكتبله قانون بحاله
عشان اعرف اجيب حقي منه!
قلب شفتيه وهز رأسه بإعجاب ليقترب منها
مُقبلًا إياها قبلات متتالية مرحة وهو يعتليها ثم همس بأذنها:
- بس ده هياخد وقت، وقت طويل اوي، شوفيلك حل
تاني..
-
روان، أنتِ كويسة؟!
انتبهت وهي تعود من تلك الذكرى التي لا تدري
كيف عليها أن تحدد ما جعلتها تشعر به، الحزن أم البُكاء على أطلال الماضي الذي
كانت تمتلكه معه يومًا ما، أم ربما مزاحهم بدا واقعي للغاية لدرجة أنها تعيشه
بحذافيره ومجرد تلك الكلمات الواهية فوق فراش كان دافئ يومًا ما أصبح كالثلج بنفس
تلك البرودة التي تضرب بها وهي لا تعرف ما الذي عليها أن تفعل معه!
اضطرت أن تومأ له بالموافقة وشعرت أن عقلها وبقية
جـ ـسدها كالجليد ولم يعد يقدر على التفكير وقرأ هو هذا التشتت على ملامحها
ليحدثها برفق:
-
فكري شوية في كلامي، ده حقك، وأنا هستناكي
تردي عليا بس النهاردة قبل ما نمشي من هنا.. أنا مش هاعرف اعمل أي حاجة غير لما
أنتِ تساعديني!
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بتول طه لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية