-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - اقتباس - الفصل 62

   رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

النسخة العامية

اقتباس

الفصل الثاني والستون 


منذ اسبوعان..


-       لو بطلت تكون خبيث ورغي كتير وبوس وتلكيك كل ما نبقى لوحدنا اعتبرنا اتفقنا، بس لو شوفت منك لف ودوران وتحوير وكدب وتلاكيك صدقني هعيشك الأسوأ من كده!

-       اتفقنا! تصبحي على خير!

 

خاب أمله بها ولكنه لا يستطيع أن يكرهها، هو حزين لأنها لم تهتم ولو بقول كلمة واحدة لكي تُهون عليه هذه الوطأة الشديدة، ولكن هو من أول نفسه واياها إلى هذه المرحلة، لن ينتهي اشتياقه بوصوله لحديث مُريح معها كما اعتاد، لم تعد نفس تلك الفتاة التي تزوجها وعشقته، عليه أن يقبل هذا ويتقبل نتائج ما ترتب على أفعاله!

 

أظلمت الغرفة من جديد ونام كلاهما بعد تفكير دام لدقائق، فهو لا يجد سوى الندم والحزن على كل ما آلت إليه الأحداث فيما بينهما، أمّا عنها فهي عادت لنقطة الصفر مرة ثانية، مُشتتة، تتألم، عقلها يؤلمها بكل ما حدث ويحدث حولها، لقد بات ما تراه منه يُهلكها، حسنًا عليها أن تغادر هذه الجحيم معه، لا يُمكنها رؤية من تعشقه بات أفضل الرجال ووصل لكل ما تمنته وهو نفسه من ستنفصل عنه وقد أذاها بالفعل مرات ومرات.. لن تبقى بهذا المنزل لحظة واحدة بعد الآن، على الأقل لبعض الوقت، لا يُمكنها التعامل معه دون تحديد ملامح واضحة لما يفعله كلاهما وخصوصًا أنه أصبح نسخة أفضل من كل ما تمنت أن تجده في زوجها يومًا ما..

--

صباح اليوم التالي..  

شعر بالراحة وهو يتجه في هدوء وهو على هذا الدرج، عليه أن يستعيد هذا الروتين، ممارسة الرياضة والعلاج الدوائي والنوم باكرًا والاستيقاظ بأولى ساعات الصباح وعدم الاسراف بالكافيين، هذا ما سيساعده على التحمل قليلًا بالأيام القادمة، هو لم يذهب ليحصل على تلك الجلسات لكي يُفسدها بما يحدث حوله!

 

بدأ في ترتيب ما سيفعله بيومه بعد عودته من المركز الرياضي، عليه أن يبحث بأمر هذا البلاغ، وعليه أن يفهم ما إن كان ما سيفعله بعمله يستحق في النهاية، لو حدث هذا فكل ردة فعل والده ستكون تجاه العمل والشهرة والنجاح وهو يتخلى عنهم أكبر بكثير من ردة فعله تجاه طلاقه..

 

-       استنى هنا قبل ما تخرج أنا عايزة أتكلم معاك!

 

التفت مستغربًا لاستيقاظها بهذا التوقيت المُبكر ولكن تلك الملامح تدل على استيقاظها منذ ليلة أمس فاقترب نحوها بعدة خطوات وانتظر أن تُدلي ما لديها فهو يحاول باستمات أن يستعيد قدرته على الموازنة في حياته قبل أن يذهب مفعول تلك الجلسات سُدى فحدثته هي بتساؤل ونبرة متحفزة:

-       البيت ده بتاعك ولا بتاع مراتك؟!

 

استغرب من سؤالها فهو لا يتذكر أنه أخبرها بذلك وكل ما فكر به هو أن والده قد يكون له علاقة خلف سؤالها فأجابها سائلًا:

-       اشمعنى؟

 

انزعجت من رده المستفز الذي يماثل ردود والده على كل اسئلتها وحدثته بغضب:

-       من غير اشمعنى، البيت ده بتاع مين فيكم؟

 

زفر بضيق وأجابها بأسلوب يعرف تمامًا أنه مُستفز:

-       بتاعها، المُشكلة فين بقى؟

 

اشتد غضبها مما تستمع إليه وملامحه لا تُذكرها سوى بوالده ببداية زواجهما وأخبرته برفض قاطع:

-       جايبني بعد العمر ده كله تقعدني في بيت واحدة لا اعرفها ولا تعرفني، وكمان بتسأل فين المُشكلة بدل ما تلمها وهي رايحة جاية تمشي كل اللي في البيت على كيفها، أنا لا يُمكن اقعد في البيت ده لحظة واحدة ما دام بقا بتاع ست الهانم مراتك وهي قاعدة فيه!

 

حسنًا، فرصته وآتت له على طبق من ذهب، فلتأخذ التالي دفعة واحدة وليرى ما الذي سيفعله:

-       طيب عايزة تروحي فين؟ ترجعي البلد لاخواتك اللي هيقفولك صف طويل يقولولك ارجعي لبابا ومش بعيد واحد فيهم يوصلك بنفسه؟ ولا تحبي ترجعي البيت عند بابا؟ ولا الأحسن من كل ده عدي ياخدك ويروح يجبلك أحسن بيت في الدنيا تقعدي فيه وهو شاطر وبيعرف يتصرف مع بابا؟!

 

نهضت وهي تعقب على كلماته بصوت مرتفع لا يكره أكثر منه لطالما صم أذناه منذ أن كان طفلًا صغيرًا:

-       هو ايه الكلام الخايب اللي بتقوله ده، هو مش ده بيتك وأنا أمك، ما تمشي ست الهانم وتاخد بيتك منها، هترميني أنا عشان خاطرها!

 

رفع حاجباه بذهول لما تقوله والسخرية تسيطر على كل خلية بملامحه وقال ببرود وهو يتعجب:

-       يعني عايزة امشيها وتفضلي أنتِ هنا عشان بس أنتِ أمي؟

 

تريث ليستمع منها لرد سيجعلها تندم عليه ولكنه يُريد أن تنطق به مرة واحدة فقط مجددًا مرة أخرى حتى يقود هذا النقاش لمواجهة حتمية فيما بينهما لم يقم أي منهما بفعلها بعد:

-       آه، ده حقي عليك بعد السنين دي كلها، إيه مش شايف أخوك التاني بيعمل معايا إيه ولا أنت يزيد خلاص خلاك نسخة منه في كل حاجة وبقيت ظالم زيك زيه بالظبط.

 

قلب شفتاه بإعجاب بما تقوله وحاورها بنبرة تجعل من أمامه يريد قتل نفسه من شدة استفزازه:

-       حقك عليا، تمام، أكيد ليكي حق عليا ما دام أنتِ أمي وأنا الابن العاصي المفتري الظالم زي أبوه، هو ده اللي أنتِ تقصديه عشان ابقى فاهم الكلام مش أكتر؟

 

استمر في النظر لها بمنتهى البرود وهو يُعطيها نظرات فارغة من المشاعر ولكنها كانت نوعًا ما حقيقية، هو لا يشعر تجاهها بأي شيء، على الأقل في الوقت الحالي، كل ما يشعر به هو فراغ لدورها في حياته!

 

-       قولي كده على مرة مكونتش ظالم ومفتري زي أبوك؟

 

بالرغم من أنه يتبع معها نفس أسلوب والده الخبيث في هذا الحوار ولكن كان هذا هو الحل الوحيد معها، عليها الآن أن تقر هي الأخرى وتجيب على أسئلته حتى يُعطيها هذا الحق الذي تبحث عنه:

-       هقولك حاضر مواقف كتيرة أوي، بس لما تجاوبي على سؤالي بما إنك شايفة إنك أمي وليكي حق عليا، أنا بقى فين حقي؟ فين نصيبي فيكي؟ فين وجودك جانبي؟ تعرفي إيه عني؟ أنا ابنك وعدي ابنك، تعرفي حياة مين أكتر؟ بلاش طيب السؤال ده، تعرفي أنا كنت باكل ايه العشرين سنة اللي فاتت؟ تعرفي كان ايه اللي بيزعلني؟ تعرفي البيت ده أنا عملته ازاي؟ فاكرة أنا ابتديت شغلي ازاي واخدت فلوس من مين عشان اشتري أول مكان اشتغلت فيه؟ طيب تعرفي أنا عرفت روان ازاي ولا حبيتها ازاي؟ كنتِ فين وأنا تعبان؟ طيب حتى تعبت كام يوم؟ فين حقي يا ماما اللي ادتهوني وأنا صُغير عشان أقدر اردهولك وأنا كبير؟

 

ترددت الأفكار بعقله ولاحظ كم اختلفت نبرته عن كل ما نواه سابقًا واهتزاز داخلي غير مسبوق لأول مرة يشعر به أمامها بينما انزعجت من كلماته وهو لا يفهم ما الذي عانته كأم حتى يصل بهما الحال إلى هنا بل ما عانته كامرأة في المُطلق وما دفعت ثمنه وتكبدته حتى يُصبح هو ابنها البكر إلى أن آل بهما الحال إلى هنا فردت بعصبية:

-       كلني أوي في الكلام زي أبوك وتعالى اضربني، ما أنت ابنه، هو اللي مربيك وشربك طريقته..

-       وهو انتي مربتنيش ليه؟ أنتي فين كأم ليا في وسط كل اللي أنا قولته ده؟! هو ده ردك عليا بعد أربعة وتلاتين سنة متعرفيش عني حاجة فيهم؟

 

اندفع برده السابق دون أو الكلمات هي من خرجت منه دون سيطرة، الآن الوضع يبدو منطقي لما أصبح عليه، يريد المواجهة، يريد التحدث، ويريد التخلص من أعباء الماضي بكل ما فيه، إذن الأمر تجاهه هو نفسه، لقد تغير مع الجميع، لم يعد التغير مع "روان" وحدها بل هي من دفعته ليُصبح رجل آخر جديد على نفسه؛ لها كامل الامتنان هو يعترف بهذا، ولكن هذه المجادلة إثبات أنه نسخة جديدة تمامًا عن نسخته القديمة التي عهد نفسه عليها.. وهذه النسخة تتطلب إجابات من الجميع، ولن يتوانى عن الحصول على ما يُريده!

 

-       ما تروح تشوف أبوك، هو السبب في اللي ما بيني وبينك، ابقى أسأله كده عمل فيا ايه عشان بس أخلفله، ولا لأ بلاش دي عشان أنا كده كده مبفرقش معاك، ابقى أسأله من يوم ما خلفتك عمل معايا إيه، ربنا ينتقم منه ويوريني فيه يوم..

 

كلماتها لا تجيبه على الإطلاق بل لا تفيده ولا تنفعه، لا يريد أن يخبرها كامرأة كيف عليها التعامل مع زوجها، بل يُريد مجرد إجابة منطقية عن دورها في حياته:

-       أنا ماليش دعوة يزيد الجندي عمل معاكي إيه، اللي بسأل عليه هو أنتِ! أنت فين دورك كأمي؟ امتى عاملتيني كابنك؟ ولا عمري شوفتك مهتمية بيا نص اهتمامك لعُدي ولا حتى شوفت خوفك عليا زي أي أم بتخاف على ولادها، طول عمرك بتعلقي شماعة أخطائك على بابا!

 

ردت بقهر وأعصابها لم تعد تحمل ما يدفعها إليه دون أن يقصد هذا:

لا هو السبب، هو السبب في إني اعاملك كده، هو السبب اللي كرهني فيك من يوم ما شوفتك، وهو السبب في كل اللي حصلي وحصلك! 


يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بتول طه لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة