-->

رواية جديدة لعنة كنز شعلان لهالة محمد الجمسي - الفصل 15

 

رواية رعب من روايات وقصص الكاتبة

 هالة محمد الجمسي

رواية لعنة كنز شعلان


رواية جديدة 

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


 الفصل الخامس عشر



استيقظت ريهام في صباح اليوم التالي في غرفة نومها في منزلها، مما جعلها تشعر بالأمان والارتياح، وجدت  أعلى الوسادة نجمة مشتعلة حمراء، أيقنت أنها من باروخ، لا ريب أنها هدية ذات قيمة عند الجان، تركتها في خزانة الملابس الخاصة بها، كان الصباح لا يزال وليد، بالكاد تقطعت خيوط الظلام،


خرجت إلى حديقة المنزل، جلست أسفل أشجار الزيتون،

تأملت المنزل الكبير وحياتها التي اختلفت كثير عن ذي قبل 

أصبحت تخفي الكثير من الأسرار عن الأم والجد، 

أصبحت تختار ما يصلح 

وما يجب دون أن تعود إلى الجد أو إلى الأم، لقد اختارت أن تكون لها حياة زوجية بعيدة عن الأسرة، حياة من نمط شاذ دون أن تخبر أحد 

عن السبب الذي دفعها إلى هذا، شعرت ببعض الحنين يعتصر قلبها وهي 

تفكر في والدها ولأول مرة تشعر أنها في حاجة للحديث مع  باروخ،

لقد مضى الليل وهي في مملكة ساچا، تمت مراسم الزفاف والآن عليه أن يعيد لها الوالد، ليس هناك أي قوى سوف تجعل الأب أسير مرة اخرى، 

يجب أن تتحدث له، 

أسرعت في الدخول الى غرفتها وأغلقت الباب جيداً ثم قالت في صوت 

منخفض بعض الشيء وهي تنظر إلى المرآة: 

_باروخ لي رغبة في الحديث معك 

انتظرت بضع ثوان وحين لم يظهر شعرت بالضيق وكررت: 

_باروخ الأمر هام حقاً

ظهر باروخ على فراش ريهام بهيئة راغب 

قال وهو ينظر لها في عمق: 

_هل ترغبين في العودة إلى ساچا؟ ربما أردت أن نختلي ببعض أوقات أكثر


قالت ريهام وهي تجلس في مواجهته: 

_تعلم جيداً ماذا أريد؟ نظر لها في استنكار ثم تابع: 

_إذن ماذا تريد الملكة؟


اخذت ريهام زفير حاد ثم تابعت وهي تحاول أن لا تفلت أعصابها حتى لا توقظ الأم والجد: 

_أبي هو كل ما أريد 


نهض باروخ من الفراش ثم قال في صوت هادئ: 

_سوف يعود 


قالت ريهام في عجالة: 

_اليوم، عودة أبي يجب أن تكون اليوم 

نظر لها باروخ في عمق ثم تابع: 

_لك هذا

تنهدت ريهام في ارتياح، مما دفع باروخ أن يقول: 

_في المساء سوف نعود معاً إلى ساچا 

اعترضت ريهام: 

_ولكن أبي سوف يعود اليوم 

نظر لها باروخ في حدة ثم تابع: 

_هناك أمر يجب أن نتفق على قواعده الآن، وجودك في ساچا إلى جواري أمر ضروري لا مفر منه، لقد جعلت وجودك في الصباح هنا في منزلك لأن داخلك  لم يستوطن بعد مملكة  ساچا انت ملكة هل تفهمين هذا؟ 

نظرت ريهام في ضيق ثم تابعت: 

_أريد أبي ثم يمكننا أن نتحدث في كافة الأمور ونجد سبيل ما

ران صمت بينهم كل منهم ينظر إلى الآخر في عمق قبل أن تكمل هي: 

_لقد اخترت أنت صورة راغب وهيئته حتى تكمل حياتك معي هنا أليس كذلك؟ 

أعقب باروخ في ضيق: 

_ سوف أفعل هذا من أجل أمور عديدة 

قالت ريهام في عدم فهم: 

_أمور عديدة!!! 

أعقب باروخ في صوت به نفاذ صبر: 

_سوف تتضح الأمور في وقت لاحق

قالت ريهام وهي تحاول أن تكبت غضبها: 

_لا أريد أمور غامضة، يكفي ذهابي إلى باطن الأرض

قال باروخ في حدة: 

_الكثير يتمنون لحظة مثل تلك

قالت ريهام في صوت يحمل الاسى: 

_زواجنا كان من أجل والدي 

قال باروخ في تكبر وغرور: 

_اي كان فالزواج بيننا قد تم

تمتمت ريهام في إصرار: 

_اجل انت تريد أن تذكرني أن زواجنا حقيقي بكل شروطه وأركانه، وأنا اذكرك أن الزواج الحقيقي لا ينبغي أن يكون هناك به أمور غامضة ومبهمة، اعرف أنك من ملوك الجان ولكن زواجي منك يجبرك على شرح كل الأمور لي 

نظر لها باروخ في حدة ثم قال: 

_هذا الوقت ليس مناسب لشرح كل الأمور، أو أنك تفضلين شرح الأمور الآن وترك مهمة عودة والدك؟! 

هل تفعلين هذا؟ 

قال ريهام في لهفة وشوق: 

_لا، عودة والدي هو الأمر الأهم أنه الأول في قائمة كل شيء في حياتي 

لمس باروخ خصلات شعرها بيده ثم قال وهو يجذبها له: 

_سوف يعود والدك في الشفق(  أول الغروب) 

مع السفن القادمة من الخارج  هل هذا جيد؟ 

نظرت له ريهام في فرح وسرور وتابعت: 

_أجل هذا  أمر  جيد 

أعقب باروخ وهو يسقطها عمداً  معه أعلى الفراش: 

_سوف يخبر والدك الجميع أنه فقد الذاكرة منذ وقت طويل وعاش طويلاً مع البحارة بين السفن في الخارج وحين عادت له الذاكرة أراد العودة لكم

تمتمت ريهام وهي تحاول أن تتخلص من قبضة باروخ: 

_وماذا إذا ذكر والدي شيء عن الغول؟ وأعماق البحار  وربما ذكر والدي اللقاء الذي تم بيننا هناك في أعماق البحر 

احكم باروخ قبضته عليها ثم قال: 

_ لن يفعل هذا، سوف يكون لقاءك به به دهشة اللقاء الأول، سوف أقوم على محو ذاكرته الماضية، لن يذكر شيء عن الغول أو عنك، سوف تتوقف ذاكرته عند هذا اليوم الذي تعرضت فيه المركب إلى الغرق، سوف أقوم على  إعطاءه  بعض الذكريات المزيفة والكثير من اللغات المختلفة 

تساءلت ريهام: 

_كيف سوف يتم هذا؟


وضع باروخ يده على فم ريهام ثم قال في لهجة تحمل الضجر: 

_الفضول الذي يمتلأ به كيان البشر يقودهم إلى الجنون أو الموت، هل تكفين عن تلك العادة يا ملكة ساچا؟ الملوك لا يجب أن يكونوا فضوليون، عزيزتي أستطيع أن أفعل الكثير، أستطيع أن اضخ في أحلام والدك اشياء عديدة عن المدن،  وأستطيع أن أجعل ذاكرة والدك مكتظة بأشخاص من بلاد آخرى، سوف يتم الأمر كما أريد، وكما ينبغي 

صمت دقيقة ثم تابع: 

_هل راقت لك النجمة النارية؟ 

تمتمت ريهام في صوت منخفض: 

_اجل 

نظر لها باروخ في عمق ثم قال: 

_انها لا تعجبك، أليس كذلك؟ 

حين لم تعقب اكمل في صوت به بعض خيبة الأمل: 

_أنها إرث فقط تمتلكه الملكات المميزات، نجمة لا ينطفيء بريقها ولا تبرد 

كانت منذ قرون بقايا بركان مستعر استمر أعوام، أنها رمز للقوى والنار، الملكة التي تزين غرفتها النجمة النارية تمتلك قوة ما، فقط تعطيها النجمة لها 

قالت ريهام في خفوت: 

_يبدو هذا من الحكايات القديمة 

قال باروخ في هدوء: 

_الحكايات القديمة نحن من سردناها على البشر من أجل إثارة رغباتهم

لم تجب ريهام في حين قال باروخ وهو يستنشق عطرها: 

_بعد ثلاثون دقيقة على الأرجح سوف يستيقظ من بالمنزل وهذا وقت كاف 


نظرت له ريهام في تعجب، كان بريق عينيه يبدو مثل بئر عميق تصيبها بالدوار الحاد، وكل ما دققت ريهام النظر جذبتها  أنوار متعددة الألوان  مشعة ترسل حرارة عالية تحيط بهما معاً، حاولت أن تخبره عن الأمر، حاولت أن تخبره أن الأمر لا يروق لها ولكن شيء ما كبل جسدها جعل كل ما تحاول القيام به هباء وسراب ورغم كل القيود التي تكبلها ولكنها كانت مدركة تماماً لكل ما يحدث 

❈-❈-❈


في المساء كانت الطرقات على الباب تخبر الجميع أن هناك طرق ما يبدو مألوف للجميع،  زائر قد جاء، زائر هو أو غريب؟ أو هو مسافر طالت غربته سنوات وسنوات، شخص ما كان في عداد الاموات، واليوم اليوم فقط كتبت له شهادة حياة


 تعمدت ريهام ترك أمر الأبواب إلى الجد أو الأم

كانت تر يد أن   تشعر بسعادتهم وهم يشاهدون عودة الأب كانت تريد أن تلمس وقع هذا على الوجوه والقلوب، كانت تريد أن تري الحياة تدب في كياناتهم المرهقة، 

تريد أن تشاهد طوفان السعادة يكلل الأفئدة الجريحة، ما أجمل أن تشاهد هذا الجزء الناقص في عالمك يكتمل ويصبح في أوج قوته 

ما اعظم أن تشاهد بذاتك 

جدران بيتك وهي تشد عضدها بالأب، وسقف المنزل وهو يرتفع هامة 

ويمنحك فوق السلام سلام وأمان، أنها اللحظات التي تسجلها 

الجوارح والوجدان

التي لن يفيها القلم حقها في الوصف، فيكتفى القلب ان يلمسها بنبضه 

ويرسل إلى الوجدان إشارات وإشارات أنها 

الأعظم والأجمل على الاطلاق وان العمر لمثل تلك الأوقات فقط يعاش


كانت ريهام تقف في زوايا البيت  تريد برهان وإثبات لذاتها أن ما قامت به يستحق ويستحق


صرخت الأم وهي تشاهد وجه الزائر الذي يرتدي ملابس من أحدث طراز وقالت في لهجة عدم تصديق: 

_من أنت بحق الله؟ 

اتجه عبد الله  في خطوات سريعة إلى الداخل وقال وهو ينظر في أنحاء المنزل: 

_لم يتغير شيء كما هو المنزل، وأنت كذلك زوجتي العزيزة

ثم نظر لها في عتاب وقال: 

_ما بك؟ لا تبدين مسرورة من أجل عودتي 

قالت ثريا في عدم تصديق: 

_هل هو حلم؟ لا ريب أنه حلم، أنت لست هو، محال أن تكون عبد الله، لقد غرقت في البحر منذ سنوات 

قال عبد الله في لهجة عتاب: 

_سامحك الله يا زوجتي، لم اغرق، لقد قذفني البحر على إحدى المرافيء البعيدة، ظللت أيام فاقد الوعي وكدت اموت من الجوع حين أفقت، مرت بي إحدى السفن الذاهبة إلى اليونان،  وشاءت الأقدار أن أحيا بين البلاد، على كل السفن ابحث عن من يعرف هويتي بلا فائدة،  احاول ان أبحث عن ذاتي فلقد أفقدتني الصدمة الذاكرة،  وحين عادت لي الذاكرة  عدتم لكم 

كانت ملامح عدم التصديق على وجه ثريا والفزع كذلك، مما دفع عبد الله أن يكشف ذراعة لها قائلاً: 

_هل تذكرين هذا؟

قالت ثريا في صراخ وهي تشاهد الوشم: 

_هذا وشم عبدالله زوجي 

قال عبدالله في لهجة عتاب:

_أنا عبدالله يا زوجتي 

ثم صمت دقيقة وقال وهو يشير لها بيده: 

_هل تزوجت يا ثريا؟ هل هذا سبب إنكارك لي؟ 

هزت ثريا رأسها علامة النفي ثم قالت: 

_انا في حلم أو هي حقيقة، هل عدت فعلاً؟ 

قال عبدالله وهو ينظر في أرجاء المنزل:

_اين والدي؟ والدي؟ أرجو أن يكون على قيد الحياة اتمنى هذا أنا في أشد اللهفة والشوق للجلوس معه

قالت ثريا وهي تجري في إتجاه غرفة الجد: 

_أبي ابي لقد عاد سيد المنزل، لقد عاد ولدك، لقد عاد لم يكن مات أبداً، ارجوك يا ابي أن تأتي وأخبرني أن ما أعيشه حقيقة

راقبت ريهام والدها من إحدى الزوايا، كانت تتلصص مثل طفل صغير، داخله فرحة كبيرة ويريد أن يظهر حتي يظفر بها ولكن خجله يمنعه من الظهور، سوف تظل حتى اللحظة الاخيرة، تريد أن ينهل الآخرين من رؤيته، تريد أن ترفرف السعادة والمسرات بإكتمال شمل الأسرة، 

صوت خطوات الجد يصاحبه العكاز الخشبي لا تخطئه أذن، كانت ثريا تحث الجد على الإسراع، وهو في نظرته لها شفقة 

عليها يظن أن عقلها قد أصابه الجنون، المرأة تهذي بلا شك، تزعم له أن ولده قد عاد له بعد سنوات موت، المرأة لا شك فقدت عقلها ويجب أن يهدأ من روعها، عليه فقط أن يجاريها وينظر 

الى نهاية هذا الهوس التي تدعيه زوجه ابنه الراحل، المرأة تجذبه في قوة وفي رجاء أن يسير حتى يرى ولده الوحيد 

كما رأته هي، ولقد امتثل الجد لما تريد المرأة 

توقفت ثريا بحماها أمام زوجها وهي تقول: 

_لقد عاد 

ظهر الفرح والسرور على وجه عبد الله وهو يقترب من والده ويلقي بذاته بين ذراعيه قائلاً: 

_والدي الحبيب لقد كان الأمر من أصعب ما يمر به الإنسان، لقد تعبت في السنوات الماضية  فاقد الذاكرة وحين ارتدت لي ذاكرتي كان المؤلم حقاً  هو الشوق والحنين لك، كان داخلي خوف كبير أن أعود إلى هنا ولا أجدك، فهذا هو الضياع الحقيقي 

أمسك عامر بوجه عبد الله بين يده ثم قال في صوت منخفض بعض الشيء: 

_أنت هو انت إبني؟ هل هو أنت 

ثم تحسس وجهه بيده وتابع: 

_هل خدعتنا؟ زعمت أنك مت؟ أو أنت ميت حقاً والجنون يظلل عقلي أنا وهي، اي الحقائق هي الصادقة؟ موتك أو حياتك؟ 

قال عبدالله في لهجة تحمل الكثير من التوسل: 

_ابي من فضلك ثورة الغضب تلك يجب أن تخمد، لقد كنت أعيش الشتات والضياع سنوات وسنوات 

صرخ عامر في وجهه:  

_انظر إلى العكاز الخشبي، أنت لست عاجز، أنا أعاني سنوات دونك، هذا هو سبب عجزي الحقيقي، انت لا تفهم الأمر جيداً، الموت لم يتخللك انت أو هكذا زعمت، لقد استولى علينا نحن الموت ونحن نعيش مرارة فقدك، لم يكن الأمر سهل ولم يكن الأمر هين، كل الأمور كانت راس على عقب، لقد تذوقنا الألم ليل ونهار، لم يكن هناك من يضمد جراحنا، 

كل شيء كان معتم، كل شيء كان قاسي، وأنت الأكثر قسوة لقد سمحت لكل هذا أن يحدث، لا تحدثني عن فقد ذاكرة 

ذاكرتك كانت ممتلئة بنا، 

ذاكرتك كانت سوف تخبرك عنا إذا أردت، كانت سوف تروي لك الكثير عنا، لم يكن هناك شيء معتم في عقلك، لقد كان قلبك هو المعتم 

كيف لم يبصر قلوب تتألم لفراقك؟ كيف لم تشعر بأنين احبتك؟ كيف لم تلمس في حناياك جذورك؟ أنت كاذب إن ادعيت أن هناك  فقد في  الذاكرة؟ أنت كاذب ومخادع  لقد جعلتنا جميعاً نعيش الأهوال، جعلتنا نتجرع مرارة الفقد، وأنت على نفس الأرض تحيا، هل هذا هو قلبك الذي بين اضلعك؟ أو هو قلب عاصي عاق لوالده؟ لقد فعلت بي ما لم اغفره لك، جعلتني اتعايش مع الأيام دونك، 

جعلتني أنتظر الموت حتى القاك هناك، في حين كنت هنا، لقد كنت هناك حي ترزق


ارتفع نحيب عبد الله وثريا، في حين قال الأب وهو ينظر إلى ولده: 

_كيف اسامحك؟ لا تظن أن والدك سوف يسامح، لقد كان ما فوق صدري أشد ثقل من الجبال 

هتف عبد الله في  حزن: 

_سوف تغفر لي فكل شيء كان دون إرادتي، وما عايشته يماثل ما مررت به، أريد أن انعم بدفء عائلتي، أريد  أن أعيش ما تبقى لي من العمر في منزلي، لا أريد أن أغادر هذا المنزل، أريد أن أظل هنا إلى اللحظات الأخيرة من عمري

نظر له والده في عمق ثم قال: 

_من يحق له أن  يغفر لك حقاً في هذا البيت هي  إبنتك 

تمتم عبدالله في صوت مرتفع: 

_ريهام أين هي؟ وكيف اصبحت الآن؟ يقتلني الشوق لإبنتي الوحيدة والحنين لها يفوق الكون كله، صغيرتي المدللة الحبيبة


يُتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي من رواية لعنة كنز شعلان لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة