-->

رواية جديدة لهيب الروح لهدير دودو - الفصل 14

 

   قراءة لهيب الروح كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية لهيب الروح

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

بقلم الكاتبة هدير دودو


الفصل الرابع عشر




كانت تلتقط أنفاسها بصعوبة بالغة وكأنها تعافر مع ذاتها لإلتقاط أنفاسها والعرق يتصبب من جبينها  بملامح وجه مرتعب يملأ الخوف قلبها، شعر جواد بالقلق من هيئتها عالمًا أنها في حلم مزعج أسرع يهزها برفق حتى تستيقظ ناهية ذلك الحلم الذي يجعلها في تلك الحالة المجهدة متمتمًا بهدوء


:- رنيم...رنيم قومي ياحبيبتي


فتحت عينيها بصدمة غير مصدقة أن التي كانت تعيشه هو كابوس مزعج نتيجة حياتها المرعبة التي لازالت أشباحها تلاحقها في أحلامها أقل نتيجة لما كانت تتعرض له، بدأت الدموع تسيل من عينيها بضعف من تلك الأحداث التي تعيشها ابتعدت عنه بضعف مكررة حديثها بخفوت من بين دموعها


:- ا.... أبعد عني... أبعد عني 


لم يفهم ما بها وما الذي حدث لها؟! أسرع مقتربًا منها مجددًا مردفًا بحنان


:- طب في إيه يارنيم، مالك ياحبيبتي اهدي براحة. 


أسرع محتضن إياها بحنان ليجعلها تهدأ قليلًا محضرًا لها كوب من الماء 


:- خدي بس واهدي براحة. 


استكانت بين ذراعيه مرتشفة من الكوب قليلًا من المياة  متمتمة بضعف شاعرة بالخوف يعتصر قلبها بقوة


:- خـ... خلاص يا جواد بقيت كويسة. 


ظل محتضنها كما هو بحنان لا يعلم مابها وما الذي رأته في منامها لكنه يعلم جيدًا أنها تحتاجه الآن بجانبها. 


سندت رأسها فوق صدره العاري لعدة لحظات متمتمة بخجل بعدما هدأت داخل حضنه الدافئ


:- خـ... خلاص يا جواد أ.. انا بقيت كويسة. 


هي كاذبة نعم تكذب هي ليست بخير رغم علمها أن ذلك كابوس بشع رأته في منامها لكنها ليست بخير هي عالمة أن سعادتها معه لن تدوم فهل حقًا من الممكن أن يفعل بها شئ هكذا؟! لما لا هو كان مستعد على فعل أي شئ لأجل عودة حق ابن عمه!! حاولت أن تنفض تلك الأفكار السيئة المسيطرة على عقلها مذكرة ذاتها أن من أمامها هو جواد، جواد الذي ساعدها وأثبت براءتها، الذي رضي بكل ما بها حزنها ووجعها قبل سعادتها وفرحها، دموعها قبل ابتسامتها. 


لكنها لازالت ترتعش بخوف يقبض فوق قلبها كاد أن يوقف نبضاته، لا تعلم لمتى ستظل تشعر بالخوف والحزن هكذ؟ نعم لمتى؟! لمتى سيظل قلبها ينبض بخوف وتنهى سعادتها؟! تود الإطمئنان من وجوده نحوها وحنانه عليها لكنها خائفة تذكرت جميع ذكريات زواجها الماضي من ذلك المختل! 


انتشلها من بين أفكارها التي ستصيبها بالجنون مشددًا من ضمه لها محاولًا إنهاء حالة الرعب البادية فوق وجهها فغمغم بهدوء


:- كويسة ايه كده كويسة اومال لو مش كويسة هتبقي إزاي هو أنتي حلمتي بإيه ولا في إيه مالك أنتي كنتي كويسة.


لم تجيب على سؤاله بل ردت عليه بسؤال آخر يطرح داخل عقلها يضراوة تود معرفة إجابته


:- جـ... جواد هو أنت ممكن تأذيني في يوم عشان عملت أي حاجة مش عجبالك. 


حمقاء هي كيف يمكنه أذيتها وهي روحه؟! روحه بأكملها بين يديها تفعل بها ما تشاء، يهواها ولم يهوى سواها في تلك الدنيا التي رأى بها العديد، أجابها بنبرة عاشقة خرجت تطمئن قلبها 


:- قولي كلام غير دة أذى ايه بس، ده أنا عيونك دول موديني في حتة تانية والله اللي يشوفني معاكي ميشوفنيش وأنا بشتغل جواد معاكي حاجة تانية بيحبك وبس. 


عاد سؤاله عليها مرة أخرى عندما رآها ابتسمت بعد حديثه الحاني الذي وصل إلى قلبها ليجعله يهدأ ويطمئن لما سيعيشه الفترة القادمة 


:- مالك بقى ايه اللي حصل عشان خلاكي تقلبي كده جامد شوفتي حلم ولا ايه. 


اومأت برأسها أمامًا مؤكدة لحديثه ودمعة حزينة فرت من عينيها متذكرة الحلم البشع الذي أفسد ليلتها السعيدة وأجابته بضعف


:- كان كابوس مش حلم حاجة كنت خايفة منها وحلمت بيها فحصلي كده. 


طبع قبلة رقيقة فوق وجنتها مربتًا فوق ظهرها وأردف بحنان 


:- طول منا معاكي متخافيش من حاجة خالص. 


كرمشت ملامحها بمرح مكررة كلمته الأخيرة لتنهي على ذلك التوتر المتواجد بها 


:- خالص خالص. 


اومأ برأسه أمامًا مؤكدًا حديثها ملتهم شفتيها الوردية بعشق لم يشبع منها يود المزيد من اقترابها، متذكرًا ما حدث بينهما كيف كانت خجلة خائفة واستطاع هو احتواء كل ذلك بقلب سعيد، كانت مميزة في كل شيء معه وكأنها ليلتها الأولى وجد حقًا بعض الندوب فوق جسدها لكنها كانت مميزة مثلها، لم يجعلها تشعر بشيء بين يديه سوى السعادة مثلما شعر، كاللعنة هي لا يعلم كيف أبتعد عنها عندما طلبت منه ذلك، لكنه الآن يريدها وبضراوة....بضراوة طال انتظاره ونال نصيب كبير من لوعة الإنتظار. 


وزع عليها قبلاته العاشقة متمتمًا بصوت أجش


:- بحبك يارنيم بحبك ومش قادر أبعد عنك لحظة واحدة. 


ابتسمت بسعادة هي الأخرى لأول مرة تشعر أنها جميلة ليست مشوهة كما كان يُقال لها، حديثه يجعلها تحلق بسعادة لم تشعر بها مع أحد سواه، تمتمت بخجل لازال يسيطر عليها


:-و.. وأنا كمان ياجواد بس كـ... كفاية كده. 


ضحك بهدوء مردفًا بمرح معها


:- فاكرة قولتي من شوية كفاية كده ونمتي حلمتي بكابوس أهو يبقى بلاش الكلمة دي.  


اعتدلت في جلستها أمامه متطلعة داخل عينيه متمسكة بشرشف الفراش ليغطي جسدها العاري متمتمة باندفاع


:- ماهو أنت اللي طماع والله هي مرة كفاية اوعى كدة. 


ابتسم لحمقاتها ورد مجيبًا بصوت أجش عاشق 


:- طب وحياة عينيكي دول أنا مش الطماع أنتي لو تعرفي اللي حسيته هتسيبيلي نفسك من غير كسوف. 


انهى حديثه غامزًا لها بعينيه بنظرات علمتها جيدًا فازداد خجلها متمتمة بخفوت وتلعثم 


:- طـ... طب بس بقى وبطل كلامك دة أنت اللي... اللي بتخليني اتكسف. 


ضحك بصخب واضعًا يده فوق خصرها ليجعلها تقترب منه أكثر حتى التصقت به مردفًا بنبرة هامسة أمام شفتيها المرتعشتين


:- لا والله ده الحق عليا جامد أنا وكلامي إحنا لازم نقضي على الكسوف ده خالص عشان مينفعش ده جوزك ظابط قد الدنيا. 


حاولت الإبتعاد عنه قليلًا شاعرة بأنفاسه تلفح عنقها باستمتاع ودفء مستنكرة وجود جملته الأخيرة مع بقية حديثه


:- ظابط بقى دلوقتي بقيت ظابط هو في ظابط بيعمل زيك كده. 


أجابها متبجحًا باستمتاع لوجودها بين يديه هكذا، وخجلها الصريح البادي عليها


:- وبيعملوا أبو كده وحياة عينيكي دول، بعدين أنا ظابط بره معاكي مش عارف اظبط نفسي حتى. 


حاولت دفعه بعيد بصوت ضاحك لحديثه معها، حديثه الذي بالرغم من عفويته ومرحه إلا أنه يجعلها تشعر بالعديد من المشاعر التي تنقصها، لأول مرة تشعر أنها مهمة في حياة أحد، أن وجودها شيء هام ليس مثلما عدمه كما كانت تشعر دومًا؟ 


تمتمت بذعر ومرح بعدما ضمت كلتا شفتيها أمامًا 


:- أيه ده بقى أنت مالك بعنيا بعدين اظبط نفسك كده عيب يا حضرة ظابط. 


غمزها بوقاحة متبجحًا بمرح


:- حضرة الظابط بتاعك ده معاكي أنتي بالذات ملوش غير في العيب. 


ضحكت بصخب وكأن أصوات ضحكتها كالألحان الموسيقية تطرب أذنيه فاقدًا بها السيطرة على ذاته أمامها عينيه مثبتة فوق شفتيها ليتناولهم في قبلة عاشقة مبتلعًا بقية ضحكتها الصاخبة التي أشعلت نيران قلبه من جديد ليُظهر لها مرة أخرى كيف يحبها؟! وكيف يكون العشق على طريقته الخاصة؟ تارك بصماته فوق كل أنش بها بطريقة محبة بينهما. 


كانت تتعلم كل شيء على يده بالرغم أنه ليس زواجها الأول لكن ما تعيشه الآن معه هو جديد لم تمر به من قبل مع عصام الذي كان يتعامل معها كالدمية دون إهتمام لها ولمشاعرها المحطمة الذي يعمل جواد على إحياءها بعشقه الضاري لها من جديد تارك بصمته في قلبها وروحها قبل أي شيء.. 


❈-❈-❈


في الصباح... 


استيقظت جليلة مبكرًا لتتفاجأ بفاروق الذي يجلس بشرود يشرب سيجارته بغضب شديد هي بالطبع تعلم سببه لكنها ستحاول معه لعلها تنجح في تهدئته قليلًا، تمتمت بهدوء


:- فاروق كفاية سجاير واهدى مفيش حاجة حصلت تستاهل كل ده. 


صاح بها بحدة كعادته بعدما تأكدت أنها كانت تفعل  كل ذلك لأجل ابنها فقط شاعرًا بصحة حديث مديحة السام التي تلقيه عليه دومًا


:- بقولك ايه يا جليلة أنتي مش خلاص عملتي اللي ابنك عاوزه زي مابتعملي كل مرة المهم عندك تريحيه سيبيني بقى دلوقتي عشان اللي حصل امبارح. 


اعتادت على طريقته معها هكذا لكنها تعلم بحبه لها واحتياج جميع عائلتها لوجودها لذا تتحمل طريقته الحادة بضراوة معها عندما ينزعج من شيء. 


استنكرت تمامًا حديثه بالتحديد جملته الأخيرة فعقدت حاجبيها متسائلة بعدم فهم


:- اللي حصل امبارح!! هو ايه اللي حصل؟ 


أجابها بتهكم ساخرًا والدماء تغلى داخل عقله من ليلة أمس


:- فضيحة اللي حصل كله فضيحة حاجة متلقش بجواد الهواري هو اللي مش فاهم قيمته ومضيعها على حاجات متستاهلش. 


لم تقتنع بحديثه ولا تجد أي شيء مما يقوله صواب ماذا حدث لكل ذلك؟! الأمر كان بخير ليلة أمس لا تعلم ما الذي لم يعجبه لكنها حاولت السيطرة على غضبه لتنهيه متمتمة ببرود 


:- محصلش حاجة والله يا فاروق الدنيا كانت كويسة أنت بس اللي شايف غير كدة، ده كفاية فرحة جواد اللي كانت على وشه واللي أنت كنت حارمه منها من غير سبب. 


صمتت لوهلة وتابعت حديثها مرة أخرى بعدم رضا مستنكرة فعلته إلى الآن 


:- إزاي قدرت أصلًا تحرمه من سعادته أنا لغاية دلوقتي مش قادرة أصدق إزاي عملتها وجالك قلب ده ابنك. 


ولم تنجح في تهدئة الأمر كما كانت تخطط هي غاضبة من فعلته كلما تتذكرها، لا تعلم كيف استطاع أن يدمر سعادة ابنه بيده، كيف يفكر في ذلك الأمر؟ 


هدر بها بعنف ليخرسها تمامًا عما تتفوه به لاعنًا ذاته أنه خطأ في ذلك الأمر وأخبرها به 


:- جليلة هي قصة كل شوية هتفتحيها ولا إيه ما خلاص بعدين اللي عملته دة الصح اللي أنتي وابنك مش عارفينه وماشية ورا قلبك وكلامه وبس.


لم تصمت مثلما تفعل دومًا بل لأول مرة وقفت أمامه معترضة على حديثه بعدم اقتناع 


:- لا يا فاروق مش الصح إنك تحرم ابنك كل المدة دي مش صح وتجوزها لابن عمه وأنت عارف إنه بيحبها ده مش الصح، وجاي بعد ما اتجوزها وشاف حياته وسعادته مش عاجبك، لا وكمان مخبي عليا كل اللي عملته.


أضافت جملتها الأخيرة بسخرية ثارت غضبه عليها فضرب فوق الفراش بعصبية حادة متمتمًا بلهجة مشددة حازمة


:- وأنتي عاوزاني استأذنك في اللي هعمله، جليلة اقفلي الكلام دلوقتي مش جوزتيه وعملتي اللي عاوزاه يبقى تسكتي بقى. 


التقطت أنفاسها بصعداء ولأول مرة تعارضه بشدة ولم تستمع إلى حديثه وتصمت كما تفعل دومًا بل وقف أمام براثنه الغاضبة وتسائلت بتهكم وغيظ


:- متستأذنيش بس متخبيش عليا وتتعامل كأنها حاجة عادية لأ هي مش عادية، وياترى مخبي عليا إيه تاني؟ 


تغيرت ملامح وجهه فجأة بطريقة زرعت الشك داخلها وأجابها بحدة صارمة محاولًا انهاء حديثه معها الذي سيأخذ منحنى آخر لم يعجبه


:- آه أنتي عشان جوزتيه وعملتي اللي عاوزاه فايقة بقى وبتتكلمي كلام ملوش لازمة لأ ياجليلة اتعدلي في كلامك وبلاش تخليني اتخانق معاكي أنا ولا مخبي ولا أي حاجة من كلامك ده وسايبالك الأوضة باللي فيها. 


انهى جملته ململمًا اشياءه تارك الغرفة هاربًا من أمامها، لم تقتنع بحديثه بالطبع لكنها أيضًا لا تعلم ماذا ستفعل لم تجد حل أمامها سوى الصمت مثلما تفعل دومًا ستصمت مدعية عدم فهمها لمغزى حديثه بقلب حزين على أفعاله معها ومع جواد ولدهما لا تعلم لما يقف أمام سعادته بالمرصاد وكيف يفعل ذلك به؟ 


منذُ أن علمت أنه يعلم بحبه لرنيم وأبعدها عنه عن عمد تشعر بحزن عارم مستنكرة فعلته التي لم تعلم تفسيرها! هل حقًا يوجد أب يمنع سعادة ابنه؟ لم ترى ذلك من قبل دومًا تجد الأباء تفعل المستحيل لتحقيق أمنيات أولادهم وهو يفعل العكس معه. 


❈-❈-❈


داخل غرفة أروى كانت تجلس بحزن شاعرة بضياع أحلامها ومخططاتها، فجميع حياتها كانت تُبنى على زواجها من جواد، دومًا تخبر ذاتها أنها ستفعل ذلك عندما تتزوج منه، ستفعل ما يحلو لها عندما تصبح حرم جواد الهواري، فكيف ستحقق جميع ماتريده وهو تزوج من أخرى، هل انتهى كل ما كانت تحلم به مستقبلًا!؟ بالطبع لا هي ليست حمقاء لتترك كل ما تريده يمر أمام عينيها دون أن تحققه، ستجعله يندم هو وتلك المدعوة رنيم، لن تتركها تفرح يوم واحد فقط تنتظرها تعود حتى تجعلها ترى مَن هي أروى الهواري ابنة مديحة الهواري الشبيهة لها في جميع صفاتها السيئة حقًا. 


وجدت أحد يدق باب الغرفة فقطبت جبينها بدهشة وسمحت لمن يدق بالدخول وجدت سما تدلف حتى حتى تطمئن عليها بهدوء ومرح 


:- الجميل بتاعنا عامل إيه، قاعدة في اوضتك وسايباني لوحدي ينفع كدة يا أروى. 


بكت باصطناع لتثير عاطفتها متمتمة بحزن من بين دموعها الزائفة 


:- هو أنا ليا نفس أعمل حاجة بعد اللي أخوكي عمله يا سما مش قادرة أصدق أنه اتجوز واحدة غيري. 


تابعت حديثها مرة أخرى بغرور شديد مشيرة بسبابتها نحو ذاتها


:- بقى فالآخر يسيب أروى هانم الهواري ويبص لواحدة متسواش حاجة زي دي، دي أقل من خدامة عندي. 


لم تتعجب سما بحديثها الملئ بالغرور وحديثها عن رنيم بتلك الطريقة المقللة منها فهي الآن أصبحت زوجة شقيقها، لكنها حاولت أن تتحدث معها بهدوء حتى لا تجرح مشاعرها 


:- معلش يا أروى ياحبيبتي إن شاء الله ربنا شايلك الأحسن متزعليش نفسك، وجواد قال والله كتير أنه بيعتبرك زيي بس مش مهم كل ده المهم أنك متزعليش وكفاية عياط عشان خاطري. 


تنهدت بغضب عارم بداخلها متسائلة حقد وكره يملأ قلبها 


:- طب واشمعنى رنيم بالذات اشمعنى دي هو بيغيظني عشان خناقتي معاها يعني. 


أخبرتها الحقيقة بهدوء غير واعية لما سيحدث في عقل تلك الكارهة لسعادة أي شخص آخر غيرها، تود أن تحصل على السعادة يأكملها لكن الحظ لم يحالفها تلك المرة 


:- لا يابنتي بيغيظك ايه يا أروى جواد مش كده والله، هو بس الحكاية كلها أنه حبها وشاف أنه مش هينفع يكمل حياته مع واحدة غيرها لكن عمره ما هيعمل كدة عشان يغيظك وكمان رنيم طيبة والله أنتي بس فاهمة غلط. 


رمقتها بحدة بعد استماعها لحديثها وتصريحها بحب جواد لـ رنيم الذي يعلمه الجميع، كما يعلمون تحديه لوالده ومغامرته بكل شيء من أجل إتمام زواجه منها، كما يُقال هو فعل المستحيل لأجلها، فعل مايثبت للجميع أنه يحبها بل يعشقها أيضًا، لكن استماعها لحديث سما جعلها تستشاط غضبًا


:- ايه ياسما هي خلاص عشان بقت مرات أخوكي وصاحبتك بقت طيبة وخلاص أنا مش مهم عندك، هي بقت كدة ماشي اشبعي بيها. 


حاولت الدفاع عن ذاتها بتوتر معترضة لتخبرها عن عدم صحة حديثها 


:- لـ... لأ والله يا أروى مش كدة أنتي عارفة أنا بحبك قد ايه والله أنا بس بتكلم معاكي عادي ومعلش لو زعلتي أنا مكنتش أقصد. 


صاحت بها بحدة غاضبة شاعرة بنيران مشتعلة داخل عقلها من ضراوة الغضب المتواجد به


:- بقولك ايه ياسما ابعدي عني دلوقتي أنتي خلاص سيبتيني عشان ست رنيم اطلعي برة بقى وسيبيني. 


طالعتها بذهول متعجبة لوقاحتها معه، متمتمة بهدوء حاد 


:- بصي أنا مغلطتش فيكي ولا قولت حاجة تزعلك وأنتي عارفة أنا بحبك قد ايه وبعتبرك أختي من زمان ومقدرة اللي أنتي فيه عشان كده هسيبك ترتاحي. 


لم تنتظر ردها بل تركتها وخرجت من الغرفة منزعجة من طريقتها معها، لكنها حاولت أن تهدأ قليلًا مفسرة أن ذلك حدث عنوة عنها بسبب حزنها لذلك ستسامحها وتحاول التحدث معها لاحقًا لتجعلها تخرج من حزنها.


وجدت هاتفها يرن تطلعت نحوه بلهفة تسيطر على قلبها جعلت نبضاته تزداد وجدت أن قلبها على حق نعم هو مَن يدق عليها بعد إرساله العديد من الرسائل إليها في تلك الفترة الماضية لكنها لم ترد على أي منهم لأجل حديث شقيقها، لم تستطع الثبات على موقفها أكثر بل ضعفت وسيطر قلبها على كل ذرة بها فدلفت غرفتها مسرعة حتى لا يستمع إليها أحد وفتحت مسرعة باشتياق لتطمئنه عليها


:- الو يا خالد. 


سرعان ما أتاها صوته القلق بشدة متذمرًا لإختفاءها تلك الفترة دون أن تخبره شيء 


:- والله لسة فاكرة خالد يعني كويس. 


تمتمت تجييه بتوتر محاولة القضاء عليه لتستطع التحدث معه بهدوء كما تفعل دومًا 


:- ممكن تهدى بس وهفهمك الحوار مش زي ما أنت فاكر، لا ده بابا عرف يعني اللي بينا و... 


قطعها بلهفة وقد ازداد قلقه عليها حقًا شاعرًا بالخوف من أن يكون قد أصابها شئ لذا لم تظهر الفترة الماضية


:- وحصل ايه؟ أنتي كويسة دلوقتي ولا عمل ايه؟ 


ابتسمت بهدوء وسعادة تضرب قلبها بعنف من اهتمامه بها، وتمتمت متلعثمة بخجل لتجعله يهدأ شارحة له الأمر بأكمله


:- اهدى يا خالد أنا كويسة متخافش هو معملش حاجة غير إنه قال مروحش الكلية وجواد أخويا قال هيتصرف وهنزل عادي بس كمان قالي مكلمكش خالص ومعلش ياخالد أنا هسمع كلامه عشان كده مكنتش برد على اللي بتبعته أنا رديت دلوقتي بس عشان حاسة أنك قلقان. 


لم ينزعج من حديثها واحترامها لحديث شقيقها بل ابتسم بسعادة لأجلها متفهمًا جميع ما تفوهت به للتو يشعر بصحة اختياره، مردفًا بتعقل وجدية


:- ماشي يا سما وأكيد طبعًا لازم تسمعي كلامه اقفلي دلوقتي وأنا هحاول متصلش وهستناكي في الجامعة قريب عشان مفيش محاضرات تفوتك. 


همهمت تجيبه بهدوء مبتسمة 


:- ماشي ياخالد هقفل أنا دلوقتي. 


أغلقت معه شاعرة بسعادة كانت تحتاج لحديثه الهادئ معها الذي يسعد قلبها، كان يحثها على قرارها في عدم التحدث معه إذا كان شخص آخر غيره كان ثار عليها واعترض عدة مرات لكنه تفهم كل ذلك، وفي النهاية أخبرها أنه ينتظرها بلوعة واشتياق متلهفًا لرؤيتها، قلبها يتراقص بداخلها بسعادة كانت تفتقدها غير واعية لتلك السامة مديحة التي استمعت إلى حديثها وعلمت كل شئ بمكر مقررة أن تنتهزه لمصلحتها. 


❈-❈-❈


بعد مرور يومين 


كانت رنيم تجلس فوق الفراش ممسكة بالشرشف حولها بقوة لتخفي جسدها العاري من أمام عينيه متذمرة بعدم رضا 


:- ياجواد عيب كده على فكرة أنت خليت هدومي بعيدة هاتهم أنا عاوزة اقوم. 


اعتلت ضحكاته بصخب في أركان الغرفة لخجلها الذي لم ينتهي بعد، فطالعته هي بشرود لعدة لحظات متطلعة لضحكته السعيدة وملامحه كم هو وسيم جذاب تعشق جميع تفاصيله متمعنة بالنظر به بسعادة تدقق بصرها به بدايةً من عينيه الملتمعين بسعادة عاشقة وضحكته التي تزين وجهه دومًا عندما يكون معها، حنانه الدائم عليها يعلم كيف يحتوي حزنها ويساعدها في التخلص منه، هو نعم الرجال، مهما مرّ عليها لم ترى أحد مثله، يجعلها تنهي حزنها وتبقى معه سعيدة نعم سعيدة فقط. 


أجابها بمرح لهيئتها الخجلة رافضًا طلبها 


:- لا مش جايب حاجة أنا قومي أنتي هاتيهم لنفسك. 


اعترضت مرة أخرى على حديثه بشدة عالمة ما يريده


:- لا طبعا هجيبهم إزاي وأنا كده يلا يا جواد عشان خاطري طيب. 


حاولت أن تثير عاطفته حتى يلبي ما تطلبه منه لكنه لم يتأثر عالمًا ما تريده متمتمًا بإصرار لحديثه


:- هاتيهم عادي يا رورو قومي وهاتي لبسك أهو هناك ولا تحبي اشيلك ده أنا بعرف اشيل جامد أنتي مجربة.


ضحكت بسعادة لكلمته المداعبة لكنها بالطبع لن تنهض وتفعل ما يقترحه هي تشعر بالخجل كيف ستنهض هكذا؟ حركت رأسها سريعًا معترضة لتفكيرها فقط في الفكرة. 


ضربته بهدوء فوق كتفه متمتمة بتذمر مرح من بين ضحكاتها السعيدة 


:- على فكرة بقى أنت بايخ وكفاية هزار.. 


ادعى الجدية على ملامحه غاضبًا من فعلتها متمتمًا بحدة مشددة 


:- أنتي إزاي تعملي كده اوعى ايدك. 


أسرعت تبعد يدها عنه بوجه شاحب مرتعب مما سيحدث معها بسبب فعلتها الحمقاء متمتمة بخوف متلعثم


:- لـ... لأ و... والله مكنش قصدي ياجواد أنا بس بهزر. 


باغته رد فعلها الخائف وتحولها معه فجأة هو كان يمزح لكنه أسرع يرد عليها بحنان بعدما ضمها بضراوة عاشقة داخل أحضانه ليطمئنها ويجعلها تهدأ


:- في إيه يارورو متخافيش أنا بهزر معاكي عادي زي ما بتهزري بعدين أنتي تعملي كل اللي عاوزاه أصلًا. 


ظنت في البداية أنه سيتحول معها يثور عليها بغضب مثلما اعتادت دومًا فارتعشت داخل حضنه بضعف خائفة من رد فعله، ظنت أنه سيضربها مثلما يحدث معها عندما تفعل شيء خاطئ لكنها هدأت بعدما استمعت إلى حديثه معها عالمة بمزحه وحاولت أن تبدي الأمر بهدوء ولا مبالاة حتى لا يفهم شيء، فتمتمت متذمرة بهدوء 


:- مش قولتلك هزارك بايخ كفاية هزار ياجواد. 


أومأ برأسه أمامًا يؤيد حديثها لكنه دُهش من طريقتها التي ثارث العديد من التساؤولات بداخله فهتف متسائلًا باهتمام


:- أيوه قولتي بس أنتي مالك خوفتي واتوترتي كده ليه لما هزرت؟ 


طالعته بنظرات متوترة خوفًا من أن يعلم شيء متذكرة تهديد فاروق لها لما سيحدث معها ومع جواد إذا علم شيء، فتمتمت كاذبة بقلق


:- لـ... لأ عادي مفيش حاجة أنت اللي فاهم غلط أنا بس اتخضيت لما لقيتك قلبت مرة واحدة. 


طبع قبلة رقيقة حانية فوق شفتيها بعشق جارف يود للأقتراب منها في كل ثانية في عالمها الخاص به ليجعلها تعيش وقت عاشق معه سعيد داخل أحضانه وحنانه عليها لتعلم كيف يكون العشق؟ يود الإقتراب اكثر لعله يطفي من لهيب قلبه المشتعل ولم ينطفئ بعد متمتمًا بشغف


:- لا حقك عليا أنا وهزاري البايخ خليني اعتذرلك واصالحك بضمير بس. 


همهمت معترضة مسرعة بعدما فهمت ماينوى فعله


:- لأ لأ ياجواد كفاية كدة بقى أنت مبتشعش خا... 


ابتلع باقي جملتها بداخله ملتهمًا شفتيها بلوعة متمتمًا بصوت أجش


:- ولا عمري هشبع منك دة انتظار سنين وأخيرًا بيتحقق. 


وأصل ما يفعله بعشق وحنان طابعًا ملكيته وعشقه الضاري على كل أنش بها يخبرها معها كيف تعلم العشق والحب وجميع المشاعر بسبب عينيها التي كانت أول مَن سحرته إليها وتسببت في كل ذلك.. 


بعد مرور بعض الوقت


تمتمت بتذمر مدعية الحزن من إصراره لما يريده


:- أنا مش هقوم كده عشان خاطري قوم هاتلي هدومي كفاية كده. 


سندت رأسها على صدره وطالعته بنظرات مترجية ليفعل ما تطلبه منه فضحك بصخب على خجلها المستمر إلى الآن. 


وجدته يغلق عينيه متمتمًا بمرح 


:- غمضت عيني أهو قومي يلا بسرعة قبل ما أرجع في كلامي وده عشان خاطرك يارورو. 


أسرعت تنهض مبتعدة عنه وبدأت تلملم اشياءها مسرعة من الأرض وجدته يمزح معها بنبرة مهددة بمرح


:- لا بسرعة ممكن أفتح عيني في أي وقت واتفرج. 


شهقت مسرعة بخجل يزداد عما كانت متمتمة بتلعثم خافت 


:- لا لأ غمض كويس وبطل قلة أدب شوية ياحضرة الظابط. 


قبل أن يرد عليها وصل إلى مسامعه صوت غلق المرحاض ففتح عينيه ضاحكًا متمتمًا بوعيد بنبرة مرتفعة لتصل إلى مسامعها


:- ماشي يا رورو متفقناش على كده والله لأخد حقي بس لما تطلعيلي. 


ظل كما هو ينتظرها بوجه مبتسم يحقق الآن ما يتمناه قلبه منذُ زمن شاعرًا بسعادة شديدة لتحقيق ما يتمناه مقررًا أن يجعلها تعشق أيامها معه ويملأها بالسعادة. 


قام بالإتصال على والدته للإطمئنان عليها سرعان من ردت عليه متسائلة بلهفة وحنان كعادتها مع ابناءها


:- الو ياحبيبي عامل إيه طمني عليك وعلى مراتك؟ 


أجابها بنبرة فرحة سعيدة تعكس مدى سعادته المتواجدة بداخلها ومن اهتمامها به دومًا


:- أنا كويس وكويس أوي يا امي متخافيش ومبسوط كمان ورنيم كويسة أنا قولت اتطمن عليكي انتي عاملة ايه وسما كمان؟ 


شعرت بمدى سعادته من نبرة صوته الفرح بتحقيق مايريده من سنوات، لاحظت اختفاء الحزن المتواجد دومًا من نبرته، كانت سعيدة هي الأخرى لسعادة ابنها الذي حصل عليها بعد عناء، وطمأنته عليها بهدوء 


:- كلنا كويسين ياحبيبي ركز أنت في أجازتك وابقى سلملي على رنيم. 


أنهت حديثها معه شاعرة بارتياح لإطمئنانها عليه وعلى سعادته داعية ربها أن تدوم عليه مع زوجته تحت أنظار فاروق المعترضة لسعادتها بتلك الزيجة الشبيهة بالكارثة الكبيرة بالنسبة له لكنها لم تبالي ينظراته ورأيه ولازالت حزينة منزعجة من طريقته معها ومع ابنه. 


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوع 


كان اليوم عودة جواد بصحبة رنيم إلى المنزل، حاولت جليلة إعداد كل شئ لإستقبالهما بسعادة اقتربت سما منها متمتمة بمرح


:- كل دة عشان جواد ماشي ياست ماما أنا لما اتجوز لو معملتليش كدة هزعل منك جامد. 


احتضنتها بحنان هادئ مجيبة إياها به أيضًا 


:- وأعملك أحلى من كده كمان ربنا يسعدك أنتي وجواد ويرزقه بالذرية الصالحة أفرح بعياله كدة ويملوا حواليا البيت. 


قبل أن تجيبها سما بسعادة هي الآخرى تطلعت مديحة نحو أروى بمكر علمته تلك جيدًا وألقت مديحة حديثها الصادم للجميع مقررة إفساد سعادة جليلة بحقد


:- والله يا جليلة كان نفسي حلمك أنك تشوفي عياله يتحقق بس للأسف بقى عمره ما هيحصل. 


طالعتها جليلة بحزن متمتمة باعتراض كما طالعها فاروق هو الآخر بدهشة من حديثها الذي ثار فضوله 


:- ليه بتقولي كده بعد الشر إن شاء الله أفرح بيهم وربنا يسعده ويسعدنا كلنا. 


طالعتها بشماتة بعدما تأكدت من عدم معرفتها لذلك الأمر الهام وأجابتها بخبث والشر يلتمع داخل عينيها


:- هو أنا أكيد يا أختي مش هقف قدام سعادته ده زي ابني بس هتحصل إزاي ورنيم مبتخلفش. 


طالعها كل من فاروق وجليلة بذهول من تلك الصدمة التي حلت عليهما فه فاروق واقفًا بذهول متعجبًا من حديثها الذي لم يعلمه من قبل، وتمتمت جليلة متسائلة بعدم تصديق


:- ا... إيه أنتي بتقولي ايه يا مديحة؟ 


تفاجأت مديحة هي الأخرى من عدم معرفة فاروق لشيء هكذا ونظراته المتسائلة بصدمة هو الآخر فأسرعت تؤكد حديثها ببرود وشماتة مبتسمة بمكر  عالمة أنه سيقلب المنزل رأسًا على عقب بعد علمها بصدمة فاروق هو الآخر


:- ايه بقول الحقيقة أن رنيم عقيمة وعمرها ما هتخلف أبدًا مهما قعدت طول حياتها.


 يُتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد  للكاتبة هدير دودو، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة