رواية جديدة ظلمات حصونه 2 لمنة أيمن - الفصل 26
قراءة رواية ظلمات حصونه الجزء الثاني
الإنتقال من الظلمة الى النور
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظلمات حصونه
الجزء الثاني
الإنتقال من الظلمة الى النور
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة منة أيمن
الفصل السادس والعشرون
جالس فى مكتبه بعد إنتهاء الإجتماع وإنهاء بعض الاعمال التي تحتاج لمراجعته، بينما كان ينتظر رسالتها على أحد مواقع التواصل الاجتماعى، لتخبره إنها أنتهت من مُحاضرتها وما يشمل دراستها، وبمجرد أن أخبرته إنها أنتهت أتصل بها على الفور.
لم تمر سوا ثوانً حتى فتحت المكالمة لكي ترد عليه، وقبل أن تتفوه بكلمة، سبقها هو بلهفة ومشاكسة:
- اللي تقلان علينا ومش بيرد من الصبح فينوا؟
تنهدت بتعب وثقل من تواجدها منذ الصباح إلى منتصف النهار بالخارج بين جامعتها ومجموعتها، لتُجيبة موضحة له مُردفة بإعتذار:
- معلش يا إياد والله فى كورسات من الصبح.
تفهم ما تمر به من ضغوطات فى الفترة الأخيرة، دراستها، ثم حادث "مالك"، ثم العودة لدراسة وبتأكيد فاتها الكثير، بالطبع هي مرهقة جدًا هذه الأيام، ليهتف بإستفسار:
- عندك إمتحانات قريت ولا إيه!
أجابته بهدوء مؤكدة على تخمينه:
- أه فيه إمتحانات الشهر الجاي، وأنا متوترة جدا.
هتف مُشاكسًا إياها ببعض من المكر المُغلف بالقليل من وقاتحه التي لا يتنازل عنها، ليُضيف مُستفسرًا:
- متوترة ليه بقى! عشان الامتحانات ولا اللي بعد الامتحانات؟
فهمت ما يرمي إليه بكلماته، وإنه يتحدث عن زواجهم، ولكن هذا سيكون بعد شهرين من الأن، ولكنها تذكرت توترها من ذلك الأمر وأجابت بتلقائية:
- من الاتنين بصراحة.
ابتسم على إجابتها وهو متأكد إنها لم تتوصل لكامل ما يعنيه، يا لها من فتاة بريئة لن تفهمه إلا إذا فسر كلماته ووضحها قليلا، لا بئس من القليل من الوقاحة مع زوجته، ليحاول توطمئنها وتوضيح ما يقصده فى صورة موبطنة، مُردفًا بمكر:
- لو على الامتحانات فـ أنتي شاطرة جدًا وهتجيبي تقدير كمان، ولو على اللي بعد الامتحانات فـ أنا شاطر جدًا وهجيب إمتياز كمان.
وأخيرًا توصلت لكامل ما يقصده وأحمر وجهها خجلًا ممَ جاء فى مخيلتها، من حسن حظها إنه لا يراها ولا يرى تلك الحمرة وإلا لكان إلتهمها ققطعة من الفرولة، لتحاول أن تسيطر على خجلها لتبدو أكثر صرامة وهتفت زاجرة إياه:
- هو أنت مش هتبطل قلة أدب بقى؟
ضحك بشدة وهو يتخيل وجهها الأن، يُقسم إنها لابد أن وجهها شديد الاحمرار، ياليته كان يراها الأن، هدأت ضحكاته وهو يُجيبها على سؤالها بمزيد من المكر:
- هو أنا لسه بدأت قلة أدب عشان أبطلها! أنتي يا حبيبتي اللي لازم تبطلي الكسوف ده عشان مش هيأكل معايا بعد الجواز.
لم تفهم معني أخر جملته لتقتبس بعض الكلمات ممَ قال وهتفت مُستفسرة:
- مش هيأكل معاك إزاي؟
تنهد على مهل وشرع فى إجابة سؤالها مُفسرًا بوقاحة فجة:
- يعني أنا واحد مش بحب الروتين والحاجات التقليدية، يعني هنعمل حاجات عمرك ما كنتي تتخيليها فى حياتك، فلازم تتجرأي شوية عشان اللي جي بعد كده سفالة أوفر دوس.
وكأنها أعتادت على سفالته ووقاحته، بالرغم من زيادة إحمرار وجهها إلا إنها أصبحت تستطيع السيطرة على خجلها وزجره بالحديث، لتُعقب بسخرية:
- إياد يا حبيبي حد قالك قبل كده إنك متربتش!
تململ فى مقعده بإستمتاع وكأنها تمدحة لا تسبه، وأجاب على سؤالها الساخر بفخر:
- يوووه كتير أوي.
ابتسمت بإنتصار لما هي مُقبلة عليه وأضافت بكلمات حازمة غير قايلة لنقاش:
- طب أنا بقى هربيك، من هنا لحد ما أخلص الامتحانات مش عايزه أسمع صوتك تاني مفهوم!
لم تنتظر رده وسريعًا ما اغلقت المكالمة فى وجهه، ليتفاجئ هو من فعلتها، وتمتم بغيظ شديد:
- يا بنت الـ..، ماشي يا ملوكه، كلها شهر ونص والحساب يجمع.
❈-❈-❈
اقتحم مكتبها دون إستأذان ليدخل ويغلق الباب خلفه بمنتهى الحدة والجمود دون أن يوجه لها كلمة واحدة، لتصيح هي به وهي لاتزال جالسة فى مقعدها مُستفسرة بإنزعاج:
- إيه الهمجية اللي أنت فيها دي! إزاي تدخل عليا المكتب بالمنظر ده؟
اقترب منها بملامح بالرغم من سخريتها إلا إنها حادة ومخيفة ويتضح عليها الغضب، ليضيف بسخرية:
- جاي أطمن الهانم بعتت الـinvitation ولا لسه؟
لاحظت تلك الغيرة القاتله فى كلماته وعلى وجهه، لتعزم على إستغلال ذلك الشيء واللعب معه قليلًا، ليكون جزء ولو بسيط ممَ كان يفعله بها بالسابق، لتعود بظهرها وتتململ فى مقعدها مُعقبة بإستهزاء:
- وأنت مزعل نفسك أوي كده ليه! أبعتها ولا مبعتهاش دي حاجة ترجعلي أنا.
أمتدت يده وسحبها من الكرسي، ليرغمها على الوقوف أمامه ولكن ليس بعنف، و يعلو وجهه إبتسامة غيظ تخفي تهشم أسنانه خلفها مُضيفًا بتحذير:
- متحاوليش تستفزيني عشان الطريقة دي بتجيب معايا نتيجة عكسية.
رفعت حاجبيها بسخرية وكأنها تُحاول إيقاظ ألم الماضي دون قصدها، كل ما تريده هو إغاظته، ولكنها لا تعلم إلى أين سوف تصل إذا أستمرت فى ذلك الحديث، لتهتف بتحدي:
- إيه هتضربني ولا هتخطفني بعيد، ولا يكونش هتغتصبني زي ما عملتها قبل كده كتير.
لن يسمح لها فى التطرق إلى الماضي، لن يجعل شيء يُفسد سعادتهم وتقربهم إلى بعض، لن يسمح لتك الظُلمة أن تعود مرة أخرى، ليحاول جذبها من ذلك الحديث دون التخلي عن أساسة، ليقربها من أكثر مُردفًا بمكر:
- لا لا خطف وضرب إيه! أظن الاقتراح التالت أحسن، بس تقريبا بعد اللي أعترفتي بيه بلسانك يوم ما رجعنا من السفر يخليكي تعمليها بمزاجك مش بالغصب.
دفعت يديه بعيدًا عن ذراعها وقد شعرت بكثير من الخجل الممذوج بالاستمتاع من وقاحته المحببة إلى قلبها، ولكنه نجحت في إخفاء ذلك، وهتفت زاجرة إياه مُصطنعة الحدة:
- مش هتبطل وقاحة أبدًا.
ابتسم وقد لاحظ ذلك الاستمتاع الخفي فى عينيها، وعقب بكثير من الثقة المُغلفة بالمكر:
- وأبطلها ليه، مدام أنتي بتحبيها!
دفعته فى صدره ليبتعد عنها وصاحت فيه بخجل واضح جدًا عليها:
- أطلع برا يا جواد.
أقترب منها مرة أخرة ولكن دون أن يتمادى وقد تغيرت ملامحه بالكامل من المكر إلى الجدية، وأردف بنبرة حازمة غير قلبلة لنقاش:
- متكلميش الواد ده تاني.
تشبثت بعنادها وصلابة راسها وقد ثنت ذراعها أمام صدرها بثقة متمتمة بعند:
- حاجة متخصكش.
الغضب الشديد هو كل ما يشعر به الأن، لماذا تُصمم على إخراج ذلك الوحش الخامد داخله، إذا لتتحمل عواقب فعلتها، ليرمقها بتحذير مُبطن فى كلماته مُستفسرًا:
- أومال تخص مين؟
أشاحت بنظراتها بعيد عنه بمزيد من العند والفخر وأجابت بإصرار:
- تخصني أنا، أنت ملكش حاجة عنـ..
قطع كلماتها وهو يجذبها من ذراعها مرة أخرى، لتستقر داخل صدرها وصاح بها وهو ينظر إلى أعماق زرقاوتيها مُعقبًا بحدة والنيران تتطاير داخل عينيه:
- لا يا حبيبتي دا أنا ليا عندك حاجات كتير أوي، أنتي مراتي وتخصيني أنا وبس، كل حتة فيكي بتاعتي، قلبك وعقلك وجسمك وكل حاجة، حتى تفكيرك بتاعي لوحدي، والواد الملزق ده أنا هعرفه إزاي يبص لحاجة تخص جواد الدمنهوري.
دفعها بعيدًا عنه وأتجه بسرعة نحو باب المكتب عازمًا على الخروج قبل أن يفعل شيء يندم عليه فيما بعد، بينما شعرت هي بالقلق من تهديده وحاولت إيقافة بهدوء:
- جواد استني.
لم يستمع لها وخرج من المكتب بسرعة وتركها خلفه تفكر فيما حدث وفى تهديده، يبدو إنها تمادت فى عنادها، ولكن إلى ماذا يخطت ذلك الوحش الخاص بها؟
❈-❈-❈
زفر بمشقى بعد أن أنتهى من تبديل ملابسه بوقت ليس بقليل، عاد بظهره للخلف وأدار بوجهه إلى الكومود الموجود بجانبه، ليجد جهاز التحكم بشاشة التلفاز الكبيرة نوعًا ما المقابلة للفراش، ألتقطه وعندما فتح الشاشة لاحظ أن هناك كرت ذاكرة موصل بها، ليقوم بتشغيلة.
بعد لحظات من الفديو علم إنه حفل زفاف ويالمفاجأة، إنه حفل زفافه هو و"زينة"، حسنا ليحاول إنعاش ذاكرته عساه يتذكر ما يخفى عنه، تمعن النظر فى تفاصيل ذلك الفديو ليُدرك إنه كان محق، فكما يتذكر هي كانت حزينة وتصطنع فرحتها معه فقط أمام المعزومين.
ظل يُسرع فى تفاصيل الزفاف إلى أن وصل إلى لحظة عقد القيران وكل ما تحمله من تفاصيل لا يتقبلها، يعلم جيدًا إنه فعل مُصيبة كبير لكي يوصلها إلى تلك المرحلة، لو فقط يتذكر ما الذي فعله، سيحاول وسيبدًا بذلك اليوم، بالتأكيد سيكون تحدث عما حدث، ليضرب براسه ذكرة له أثناء عقد القيران وهو يضع يده في يد والدها.
هل هذا حلم أم حقيقة!! هل هو الأن يجلس أمام والدها ويمسكان بيد بعضهما ويعقد قرانه عليها؟ هل هي حقا تجلس بجانبه وبعد لحظات سينهض ليحتضنها ليُعلن عن ملكيته لها؟ هل لم يعد هناك سوا لحظات لكى يعُلن المأذون عن إنها أصبحت زوجته؟ كان هذا ما يدور بعقله بعد أن أتم عقد قيرانه عليها، ليقطع شروده صوت المأذون صائحًا بصوت عالً مُفصحًا عن أخر جملة عليه قولها، ليردد خلفه "مالك" بسعادة بالغة:
- والحاضرون يشهدون على ذلك، والله خيرُ الشاهدين.
ليصيح المأذون بإبتسامة مُهنئة موجهًا حديثه نحو كلاهما:
- بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما فى الخير.
إلتفت نحوها وسريعًا ما عانقها بكثير من الحب واللهفة، لما هو يحتضنها بقوة هكذا! هل يُحاول أن يعتذر منها بهذه الطريقة؟ أم إنه يُثبت لنفسه إنها أصبحت ملكه الأن؟ هل هي مجنونة! أم تظن إنه أبله كي تفكر إنه سيتركها بعد الأن! هذا لن يحدث ولو حتى فى أسوء كوابيسها.
عاد من ذكرته ويبتسم بسخرية على نفسه، ها لقد تحقق أسوء كوابيسها، لقد أنفصل كلاهما ولكن مع إيقاف التنفيذ، هذا إذا لم يكن حدث بالفعل منذ بداية زواجهم! لحظة واحدة، هل كانوا متفقين على الإنفصال قبل أن يتزوجوا من الأساس؟ كيف يمكن أن يحدث هذا!
ولكن يبدو إنه كان لديه راي أخر، ولازال عند رائية، هو يعشقها كثيرًا، ولكن ما الذي جعله يُغير قراره ويوافق على طلب طلاقهم، هو كل ما يتذكره إنه طلقها هنا فى هذا المكان وهذه الغرفة، ما الذي دفعه لفعل هذا؟ سيسألها ويجب أن تُجيب عليه الأن.
أنزل قدميه على الارض بينما مازال جالسًا على الفراش ويُحاول الاستناد على عكازه، ليلاحظ بعض الأوراق المُلقى أرضًا، ليمد يده وأنتشلها مُتفحصًا إياها، ليجدها تذكرة سفر وأوراق خاصة بالهجرة خارج البلاد، ولكن ما صدمه هو وجود أسمها على تلك الأوراق.
إذا هذا ما جعله يوافق على طلبها بالانفصال، كانت تريد مغادرة البلاد لكي تبتعد عنه، الهذه الدرجة، تبتعد عن وطنها وعائلته وأصدقائها وعنه هو شخصيًارغم حبهم الشديد لبعضهم، والذي إلى الأن يستطيع رؤيته داخل عينيها، اللعنة على ما فعله وعلى ما سيفعله، اللعنة على ذاكرته العاهرة، ما الذي حدث فى هذا اليوم! نعم لقد سالها عن هذا، نعم لقد تذكر.
- إيه ده؟
لم تجد ما تقوله لذا ظلت صامته وأشاحت بوجهها بعيدًا عنه، يبدو أن مخطتها فى الرحيل بهدوء قد تحطم الان وسيتوجب عليها المواجهة التي كانت تتمنى أن تهرب منها، ليكرر سؤاله مرة أخرى كاسرًا ذلك الصمت مُرددًا:
- بقولك إيه ده؟
يبدو إنه حان الوقت، لم يعد هُنام مفر، عليها أن تواجهه للمرة الأخيرة غير مُكترثة كيف ستنتهي تلك المواجهة، لتُجيبه بملامح جامدة:
- زي ما أنت شايف.
ضحكة مُحطمة خرجت منه وهو يُطالع ما فى يده مُعقبا بسخرية:
- أنا شايف باسبور، وتذكرة سفر، وورق هجره!
قال كلمته الأخيرة بقهر وغصة مؤلمة تكونت فى حلقه، ليبتلعها بمرارة مُحاربًا ذلك الإنهيار الوشيك مُضيفا بمزيد من الاستفسار:
- عايز أفهم بقى يعني إيه الكلام ده؟
يبدو إنه لن يتوقف إلا عندما يسمعها منها، هي حاولت بقدر المستطاع أم تبتعد دون أن ينجرح أيًا منهما بقسوة حديث الأخر، ولكنه مصمم على أن يجعلها تترك له ذكرة سيئة قبل رحيلها، له ما يريد إذًا، صاحت فيه مجيبة على سؤاله بحدة:
- معناه إن خلاص يا مالك، مش هكمل، مش قادرة أنسى، مش قادرة أسامح، هسيبلك البلد كلها وهبعد، أرجوك طلقني بهدوء.
لم يكن يتوقع منها كل هذا الجمود والثمود لتقول كل هذا، أكانت تريد الهرب هكذا بدون معرفة أحد، أم أن عائلتها توافقها الرأي، ليهتف مُستفسرا بصدمة:
- طب أهلك هتقوللهم إيه؟
أجابته بهدوء وكأن ما ستفعله أمرًا هيننًا لن ينتج عنه تحطيم الكثير من القلوب وأولهم قلبه هو:
- مش هعرف حد حاجة لحد لما أسافر وبعدها هشرحلهم كل حاجة وهما أكيد هيقدروا ظروفي.
يبدو إنها خططت جيدًا لذلك الأمر ولن تسمح لشيء يُعيقها ولا حتى عائلتها، ولكن ماذا عنه ألم تفكر فيه هو، صاح مُردد ذلك السؤال عليها بإستنكار:
- طب وأنا! فكرتي فيا؟
قابلته بهجوم وقسوة لم يكن يتوقعها منها، يبدو إنها أستعدت لتلك المواجهة جيدًا ولن تسمح لكلماته أن تؤثر عليه وأجابته بحدة:
- وأنت كنت فكرت فيا؟
حاول الدفاع عن نفسه للمرة المليون صارخًا بإنه لم يكن يريد أن يفعل بها هكذا، وإنه لم يكن واعي لما يفعله، وصاح بكثير من الندم مُحاولا إستعطافها وإرجاهها عن قرارها:
- أنا مكنتش في وعيي وندمت وبحاول أصلح غلطي.
عندما يتعرض الشخص المُحب للخذلان من حبيبه، يصبح شخصًا قاسي يصعب إستعطافه، وهذا ما حدث بالفعل لها لتصح به برفضًا تام:
- وأنا مش قادرة أسامح ولا قابله ندمك ده.
وماذا بعد ذلك لقد توقف عقله عن تذكر ما حدث بعدها، هل ما حدث بعد ذلك هو طلاقهم! أم أن هناك ما ينقص هذا الحوار، ماذا كان يقول لها؟ لم يكن في وعيه! ماذا فعل وهو ليس بوعيه؟ ما الخطأ الذي أرتكبه؟ أيمكن أن يكون أ..
كلا، لا يمكن أن يكون فعلها، كيف سيفعلها ولماذا؟ يبدو أن عقله العاهر بدأ فى تأليف السيناريوهات الغير واقعية، هو ليس بذلك الشخص الحقير، وهي ليست بتلك الفتاة الضعيفة أو الساذجة، يبدو أن هناك المزيد والمزيد، اللعنة رأسه تؤلمه للغاية.
نظر نحو الكومود الموجود بجانبه وفكر أن من الممكن أن يكون هناك بعض المسكن هنا، ليقترب منه بهدوء وفتح ذلك الدرج لتقع عينيه على شيئًا سيجعله يُعاني من الصداع حتى يموت ألمًا وندمًا على إبقائه حيا إلى الأن.
❈-❈-❈
#################
يجلس فى مكتبه ومُنهمك فى إنهاء بعض الأعمال العالقة منذ فترة طويلة، وفى تلك الأثناء أقتحم "جواد" المكتب وأغلق الباب خلفه بحدة وغضب يتطاير من زرقاوتيه.
لينهض "إياد" بسرعة من مقعده وؤجذبه لكي يكون حائلا بينه وبين ذلك الثور الغاضب، الذي إذا وضع يده عليه لن يهتم لكونه صديقه وسيضع عليه لمسة ليستمر تأثيرها وتكون واضحة فى صور زفافه، ليصيح "إياد" مُدافعًا عن نفسه وهو يبتعد عنه قدر الإمكان مُردفًا بلهفة:
- أقسم بالله ما كان قصدي حاجة، أنا كنت فعلا خايف على سمعة الشركة وإن فعلا مفيش سبب لفسخ العقد.
رمقه بإشمئزاز ويبدو أن غضبه بدأ يتلاشى قليلا تجاهه، ولكنه أراد أن يجعله يشعر بما يشعر هو، ليقتبص من حديث "أدهم" من قليل ويردد بسخرية:
- طب ودلوقتي إيه رائيك يا جوز ملوكة.
تذكر "إياد" كلمات ذلك الأحمق ليتجدد شعور الغيرة والإنزعاج بداخله، ليُعقب بحزم:
- الواد ده عايز يتربى.
حاول "جواد" الأمساك به ولكنه نجح فى الافلات بأخر لحظة وإلا كان ترك له ذكرى لن ينساها بسرعة، وهو يزجرة بحنق:
- والله ما في حد عايز يتربى دلوقتي غيرك.
ركض وأخذ "جواد" يركض خلفه حول طاولة المكتب، ليهتف "إياد" مٌحاولًا النجاة بنفسة مُعقبًا بطاعة:
- خلاص بقى يا جواد، اللي أنت عايزه هعمله.
توقف عن الركض ولايزال يُطالعه بنظرات غير راضية وأضاف بحدة:
- هنعمل اللي قولتلك عليه النهاردة بالليل.
أومأ له دون التركيز فيما قاله، وعندما تيقن ما قاله حاول أن يجعله يُفكر فى الأمر مرة ثانية، فهو ليس بشخص عادي هو أبن "بكري نصار" ووالده لن يمرر ما يُفكر فيه "جواد" مرور الكرام، لذلك حاول التحدث معه بهدوء:
- هو مفيش طريقة تاني نقرص ودنه بيها إلا الطريقة دي.
زجره "جواد" بنبرة غير قابلة لنقاش مُصرًا على كا يُفكر فيه وهتف بتهديد:
- صعبان عليك أوي ممكن أخليك معاه أهو تونسوا بعض فى السكه.
هو يعلم جيدًا إنه يستطيع فعلها وأن "جواد الدمنهوري" لا يستطيع أحدًا أن يوقفه، خصيصًا فى وقت غضبه، لينصاع له مُعقبًا بموافقة:
- لا يا عم خلاص هو أبن كلب ويستاهل.
رمقه "جواد" بنظرة سريعة قبل أن يخرج وهو يعلق بسخرية:
- أيوه كده أظبط يا بتاع ملوكة.
❈-❈-❈
انتهت من إعداد الطعام المناسب له والذي سمح الطبيب بتناوله، لقد اعدت له الدجاج المشوي داخل الفرن بصحبة بعض الخضروات المفيدة وأعدت لها القليل من الشربة، والأرز، وكأس من عصير المانجة ووضعت كل هذا على طاولة الطعام.
التقطت كاس من الماء لتذهب له وتعطيه الدواء المخصص قبل الطعام وبعدها تُسانده إلى طاولة الطعام فى الخارج.
دلفت إلى داخل الغرفة، لتجده يقف ويسند على العُكاز الخاص به ويواليها ظهره، لتظزه شاردًا فى شيئًا ما، لتحاول لفت إنتباه وهتفت بحماس:
- الأكل جهز خلاص، خد الدواء وتعالى يلا عشان نأكل.
التفت لها ونظر لها بتفحص شديد من أعلى رأسها لأخمص قدميها، لم تتفهم ما يريده بنظراته تلك ولكنها شعرت بالريبة بداخل قلبها، ليُطيل النظر إلى زرقاوتيها وملامحه لاتزال غامضة بالنسبة لها ليُعقب بجمود:
- أنتي حامل فى الشهر الكام؟
سقط الكأس من بين أصابعها وسقط معه قلبها وكان جسدها أن يلحق بهم هو الأخر من شدة صدمتها من ذلك السؤال، ولا تعلم كيف وبماذا ستُجيب عليه؟
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة منة أيمن, لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية