رواية جديدة لعنة كنز شعلان لهالة محمد الجمسي - الفصل 12
رواية رعب من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية لعنة كنز شعلان
رواية جديدة
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الثاني عشر
تأرجحت بعض أغصان الشجر على شجرة الجوافة في منزل ريهام
قالت الأم وهي تنظر إلى ابنتها :
_هذي الشجرة تم غرسها يوم مولدك صباحاً
نظرت لها ريهام في شرود ثم قالت:
_أخبرني جدي أن أبي من قام على غرسها
قالت الأم في سعادة:
_هذا صحيح، ويوم زواجك من حسام سوف أقوم على غرس شجرة ثانية وكذلك يوم مجيء أول حفيد لك
تمتمت ريهام في صوت مليء بالحسرة:
_أمي أنا وحسام لن نتزوج
هتفت الأم في دهشة:
_ماذا؟؟؟! ما الأمر؟ ما الذي حدث؟
ريهام وهي تسير بضع خطوات حتى تقف في مواجهة الأم تماماً:
_حسام سوف يسافر إلى الخارج لاستكمال دراسته، ولقد اتخذ قرار بفسخ الخطبة
نظرت لها الأم في عدم تصديق ثم قالت:
_هل هذا حقيقي؟!
حين شاهدت ملامح ريهام المؤيدة لكلماتها بررت الأم:
_ولكن لقد كان الشاب متلهف على إتمام الزيجة، هل حدث سوء تفاهم بين كل منكم؟
هزت ريهام رأسها علامة النفي ثم تابعت:
_لقد تم الانفصال في هدوء يا أمي، حسام شاب متحضر وكذلك أنا
نظرت لها الأم في ألم ثم تابعت:
_أنت حزينة يا ريهام، أليس كذلك؟ أعلم جيداً أن حسام يشغل قلبك ربما هناك فرصة لعودة الأمور كما كانت
قالت ريهام وهي تضع يد على كتف والدتها:
_ما يشغل تفكيري الآن شيء آخر، من فضلك يا أمي لا داع إلى أي محاولات للحديث إلى حسام، لقد كان هذا القرار باتفاقنا معاً، لقد انتهى كل شيء إلى غير رجعة
وأنا لست حزينة، لأن كل منا سوف تكون له حياة أفضل
ظهرت دموع في عين الأم ثم قالت وهي تنظر إلى ريهام:
_كنت قد انتهيت من فستان الزفاف
قالت ريهام في توسل ورجاء:
_من فضلك يا أمي، لا ينبغي الحديث في تلك الأمور بعد الآن لقد انتهى
كل شيء إلى غير رجعة
تنهدت الأم شعرت بأن الأمور ينقصها تفسير ما،الصورة غير مكتملة
بعض الأوقات الفراق لا يحتاج إلى مبررات، وأوقات آخرى الفراق يحتاج إلى ألف مبرر وسبب وفي كلا الحالتين يظل الفراق هو أصعب ما يواجهه المرء في الحياة
جاء صوت الجد من الخلف وهو يقول:
_ما سر هذا التجمع الصباحي؟
نظرت له ريهام في إبتسامة خفيفة حاولت أن تخفي بها كافة تفكيرها في والدها ثم قالت:
_لقد كانت أمي تخبرني عن الشجرة الخاصة بيوم مولدي
قال الجد في صوت مرتفع جداً:
_عبد الله كان يريد أن يزرع العالم كله يوم مجيئك إلى الحياة، كان يريد أن يشاركه العالم فرحته بك، لم يمهله الوقت كثير حتى يمارس أبوته معك
قالت ريهام وهي تغمض عيناها:
_لقد اشتقت له كثيراً
قال الجد وهو يربت على كتفها:
_الجميع هنا يعشقونك يا ريهام، وننتظر يوم الفرحة الكبيرة بك
نظرت ريهام إلى جدها ثم اخذت نفس عميق وتابعت:
_لقد تمت فسخ خطبتي
نظر لها الجد طويلاً ثم جلس على مقعدة وقال:
_وجبة الإفطار هل سوف تتأخر اليوم؟
أسرعت الأم إلى المطبخ في حين قالت ريهام وهي تجلس إلى جوار جدها:
_هذا قدر ونصيب يا جدي، ولقد انتهى ما كان بيننا القسمة والنصيب كما يقولون
نظر لها الجد في إهتمام ثم قال:
_لم أطلب تفسير يا بنت الأبن وكذلك لم أناقشك في أي شيء
قالت ريهام وهي تنظر إلى جدها:
_ولكنك عقلك يريد طرح أسئلة
قال الجد وهو ينظر إلى السماء:
_الزواج أمر يخصك أنت فقط، حسام شاب ناجح ومن أصل طيب لن يختلف أثنان على هذا،
وفي النهاية المصير بيدك، وأنت اخترت عزيزتي وهذا يكفي حتى لا يتناقش أحد معك أنه اختيارك أنت وحياتك كذلك
قالت ريهام وهي تهز رأسها تأييد لكلمات الجد:
_كياني غير مكتمل معه، سوف تكتمل ذاتي مع آخر
هتف الجد في دهشة:
_آخر؟!
قالت ريهام في عجالة:
_أقصد أبي
هنا نظر لها الجد في دهشة ثم قال وهو يشعر بالشفقة تجاه ريهام:
_ريهام، لا تحاولي أن تبحثي عن والدك في زوجك، سوف تجدين بعض من صفات الأبوه في الزوج وصفات آخرى محال أن تجديها به، الأب في العطاء يختلف عن الزوج هل تفهمين ما أريد الحديث عنه؟
قالت ريهام وهي تنظر إلى الأم القادمة من بعيد:
_أفهم جيداً
وضعت الأم صينية الإفطار أمام الجد وريهام، في حين قالت ريهام وقد تعلقت عيناها بعصفور صغير يطعم وليده أعلى الشجرة:
_لا ريب أن هذا هو الأب
نظر كل من الجد والأم أعلى الشجرة ثم قال الجد:
_تخمين جيد
قالت ريهام وهي تنظر إلى الجد:
_هذا ليس تخمين هذا احساس، وهناك أحساس آخر يخبرني أن هناك أمر جديد وجيد جداً سوف تطرق أبوابنا
تبادل كل من الجد والأم نظرات حيرة في حين أكملت ريهام:
_هناك أيام في العمر يكون لها من التميز ما يجعلنا نشعر أن العمر هو تلك الساعات وتلك اللحظات، وتلك الأيام اقتربت كثير
قالت الأم في نفاذ صبر:
_ريهام، أنا وجدك نعلم جيداً أن أمر الانفصال عن حسام مؤلم لك وقاسي ليس هناك من حرج إذا أظهرت مشاعرك هذا الأمر، هذا أمر لا بأس به ولكن الخطأ الكبير حقاً هو إظهار عكس مشاعرك الحقيقة لا تحاولي تصنع الفرحة أو السعادة من فضلك، سوف تنقلب الأمور رأس على عقب
قالت ريهام وهي تنظر إلى الأم:
_أمي لقد أخبرتك من قبل أن لست حزينة، ولست احاول التظاهر بشيء، لقد تحدثت معك من قبل مرات ومرات عن أمور عديدة أشعر بها ويصدق ظني، وأنا على يقين أن الأيام القادمة سوف تكون أكثر أشراق من ذي قبل
لم يعقب الجد على كلمات ريهام، في حين ظهر على وجه الأم الغضب وقالت وهي تصب أكواب الشاي وتضيف لها النعناع:
_من الأفضل أن تتناول جميعاً الطعام قبل أن يثلج الشاي
❈-❈-❈
ني هال غرب مملكة ساجا
وضعت ام الحيات بعض الأحجار السوداء في بركة الدماء بطريقة عكسية حتى يظهر حرف ال ع في وضوح، ثم مزجت بعض من اللحم البشري المهتريء و قامت على تشكيل حرف ال و
ثم سكبت بعض من الرماد الأسود مع الدماء واتخذت حرف الكاف
وقالت وهي تتجاهل باروخ وأرشبيل وتعطي ظهرها لهم :
_زا سا عواك
نظر باروخ إلى أرشبيل في تساؤل في حين تقدم ارشبيل من أم الحيات وقال:
_جدتي
ولكن أم الحيات لم تجب مما دفع ارشبيل أن يتابع:
_لقد أنتهت مراسم القمر الدموي
قالت أم الحيات في حدة:
_أيها الغر الصغير، هل تظن أن هذا من الطقوس
نظر لها أرشبيل لحظة ثم قال وقد انتبه ما الذي تفعله ام الحيات:
_لعنة!؟ انت تصبين علينا لعنة ما أو تعويذة سحرية
صرخت أم الحيات:
_يا ذات الأجراس، عليك إطاعة أوامري الآن
ولكن أرشبيل أوقف الجدة بيده قائلاً:
_سوف تلمسين بذاتك انتماء بنت الأنس لنا،
قالت أم الحيات وهي تنظر إلى أرشبيل في غضب:
_لن اتورع عن ق_تلك أنت أيضاً ايها النماردي، اللعنة سوف تحل على كل من تثبت خيانته إلى العهد والميثاق الخاص ب ساچا واحلام قبائل الجان جميعاً
ثم نظرت إلى باروخ وقالت:
_سوف أقوم على منحك فرصة أخرى يا باروخ،يمكنك الذهاب من هنا ونسيان تلك الفكرة أو يمكنك الزواج من قرينة بنت الأنس التي تشابهها هنا في ساچا
قال ارشبيل وهو ينظر إلى أم الحيات:
_زوامة!؟ هل تريدين من باروخ أن يتزوج من زوامة؟
قالت أم الحيات في غضب:
_زوامة افضل من بنت الانس،رغم ما بها من عيوب
قال ارشبيل في دهشة:
_جدتي أم الحيات زواج باروخ من زوامة تعنى القضاء على حلم الجان إلى الأبد، زوامة فاقدة شعلة النار تماماً
نظرت أم الحيات إلى باروخ في حقد ثم تابعت:
_الدم البارد يروق إلى صاحب التاج أليس كذلك؟
قال ارشبيل وهو يقترب من أم الحيات:
_بنت الأنس سوف تكون أهم سبب يجعل الحلم يتحقق، سوف تقوم بقراءة الحروف المعتمة
وسوف اكون أنا من يقوم ب سرد الحروف المعتمة على روحها ونقشها بين الأوردة، سوف تكون بنت الأنس
مزيج من البشر والنماردة
قالت أم الحيات وهي تنظر له في عمق:
_الحروف المعتمة، هل وافقت بنت الأنس على هذا؟
هتف أرشبيل في سرعة وهو يلتقط بعض من طريق حتي يحصل على موافقة الجدة:
_أجل بنت الأنس وافقت على هذا، أنها تنتظر موافقتك حتى تقدم روحها من أجل الهدف الذي نتوق له منذ قرون، سوف أكون أنا شاهد على هذا
نظرت أم الحيات إلى باروخ وقالت في لهجة تحذير:
_هذا يعني أن روح بنت الأنس سوف تكون مملوكة إلى النماردة، إلى القائد أرشبيل، هذا يعني صك مزدوج، أنها تمنحه روحها البشرية تحت سيطرته، مقابل الولاء لنا،
وأرشبيل هو من له حق ق#تلها إذا شاهد ما يثبت عكس هذا
قال باروخ وهو يؤكد على كلمات أم الحيات:
_هل تباركين الآن زواجنا؟ بنت الأنس تؤمن بي وبحلم مملكة سا چا، وأرشبيل هو صاحب الصك المزدوج
قالت أم الحيات وهي تلمس بيدها رأس الحية ذات الأجراس:
_موافقتك الأولى جاءت من النماردي قائد جيوشك، هل تدرك حجم هذا يا باروخ؟
هز باروخ رأسه علامة الموافقة ثم تابع:
_أجل
نظرت له ام الحيات في إهتمام ثم تابعت:
_لا أنت لم تدرك بعد حجم هذا الفعل وتلك التضحية، بقاء التاج على رأسك ودفع تهمة الخيانة بعيداً عنك الفضل بهم يعود إلى أرشبيل
تافي ذاتها الملكة الأم لن تقدم لك هذا العطاء
ران صمت بين الجميع في حين قالت أم الحيات:
_أرشبيل
نظر لها أرشبيل في إهتمام في حين قالت أم الحيات وهي تمتطي جسد الحية ذات الأجراس الملتوية:
_بعد أن تتم بنت الأنس من قراءة الحروف المعتمة، عليك أن تجيء بها إلى جبال النماردة، سوف أقوم على وشم روحها وبث شعلة النار داخلها، وأنت أيضاً سوف تمتزج شعلتها معك
قال باروخ وهو يجثو على قدمه أمام أم الحيات:
_هذا فضل كبير منك أن منحت باروخ موافقة على الزواج
قالت أم الحيات وهي تنظر إلى باروخ في هدوء:
_لقد اعجبت بفكرتك من أجل سرعة تحقيق هدف وحلم ساچا
ارتفعت الحية ذات الأجراس عن الأرض ثم حلقت إلى أعلى مبتعدة عن أرض ني هال وهي تحمل إعلاها جسد ام الحيات، هزت الحية ذات الأجراس ذيلها في بطء شديد مما جعل أم الحيات تهتف:
_أنت أيضاً لا يروق لك الأمر، أليس كذلك؟ لا تخشي شيء يا ذات الأجراس، خطة باروخ جيدة، وما يفعله النماردي أرشبيل هو حفظ حقوق حلم قبائل الجان، ربما في ليلة القمر الدموي القادمة تكون بنت الأنس التي وهبت روحها إلى النماردي هي قرباني إلى عواك، سوف يكون هذا أمر جيد، بل هو أمر رائع حقاً
ثم اطلقت ضحكة شيطانية مخيفة كبيرة وتابعت:
_هل يروق لك التحليق مثل الطيور؟ أو أنك يروق لك فقط العيش في جحور الجبال؟
لا بأس من التحليق معي،
فلقد كانت الليلة شاقة على الجميع
في منزل ريهام
نظرت ريهام عبر النافذة مساء كان حركة أغصان الشجرة تشغل تفكيرها، الهواء ثقيل جداً وبعض من زفرات ساخنة تحيط بها، تلمسها ريهام في وضوح، نظرت ريهام إلى منتصف المنزل كانت هناك زوبعات من هواء سوداء تحلق في المكان، ظهر غراب كبير الحجم شديد السواد أجنحته تصدر ضجيج مكتوم في فناء المنزل، مما يضفي على المكان طاقة سلبية
كبيرة، لم تكن ريهام في حاجة إلى أن تعلم أن تلك الأمور التي تشاهدها بعينها هي خاصة ب باروخ ملك الجان
ظهر باروخ في الغرفة فجأة قائلاً وهو يشير بيده إلى الغراب الضخم الذي يحتل مساحة كبيرة من الفناء:
_هذا هو أرشبيل
هزت ريهام رأسها علامة الفهم وتابعت:
_أعرف هذا، ولكن لماذا جاء على تلك الهيئة!؟
قال باروخ وهو ينظر لها في عمق:
_القراءات المعتمة، ينبغي أن تبدأ من هنا أولاً ثم تتم سردها ونقشها في ساچا
نظرت له ريهام في حيرة ثم قالت:
_ماذا عن والدي؟ متى سوف يعود إلى هنا؟
قال باروخ في هدوء وحسم:
_بعد زواجنا في ساچا، سوف يعود والدك إلى المنزل
ثم نظر إلى الغراب وقال:
_أرشبيل من الأفضل أن تدخل إلى الغرفة
فور أن نطق باروخ بكلماته دلف أرشبيل إلى الغرفة في الهيئة الحقيقة له وقال:
_والآن يا ريهام يا بنت الأنس، هل أنت على استعداد لقراءة حروف العتم؟
نظرت ريهام إلى باروخ الذي تابع:
_سوف يعود والدك إلى المنزل في الصباح، هذا وعد باروخ لك، وأولى هدايا الزفاف لك
نظرت ريهام إلى ارشبيل ثم هزت ريهام رأسها علامة الموافقة،في حين قال ارشبيل في لهجة آمرة:
_يدك الشمال
فردت ريهام يدها الشمال في سرعة، في حين وضع ارشبيل أظفر داخل راحة يدها، شعرت ريهام بنيران قوية تخترق يدها ثم تسير في كامل اجزاء جسدها، وشاهدت دماء يدها تسكب في غزارة وسرعة كبيرة على الأرض، مما جعلها تشعر بعدم اتزان، شعرت بكل طاقة من جسدها تسلب منها وغامت الرؤية أمام عيناها ثم توقف نزف الدماء فجأة ظهرت بضع من فقاعات سوداء خمس مشتعلة أعلى الدم، قامت الفقاعات على سحب الدماء كاملة من الأرض، ثم تقافزت في سرعة وخفة احاطت بجسد ريهام من القدم والراس والذراع والجسد ثم انطلقت الفقاعة السوداء الخامسة واقتحمت فم ريهام في قوة شعرت ريهام بمرارة كبيرة تسري في جوفها وبعض من نار تشتعل في امعاءها، حاولت أن تتكلم ولكنها لم تستطع أن تتحدث من الألم الذي يسري في كيانها، فلقد شعرت في لحظة بارتداد في كيانها كله، ارتداد جعل ذاتها رغم عودة الاتزان لكن الكثير من الخلل يحيط بها وبكيانها
قال باروخ الذي يتابع في إهتمام وعمق ما يحدث لها في لهجة آمرة:
_ليس عليك الكلام الآن، هذا يعني إعادة المحاولة من جديد، سوف نرحل إلى مملكة ساجا حيث ترددين الحروف مع ارشبيل هناك، لقد بدأت اول مراسم الزواج الآن
ثم نظر إلى أرشبيل وقال في لهجة امتنان:
_هذا أمر جدير بك أن تفعله لانه لن يصلح له سوى أنتالفصل الثاني عشر
تأرجحت بعض أغصان الشجر على شجرة الجوافة في منزل ريهام
قالت الأم وهي تنظر إلى ابنتها :
_هذي الشجرة تم غرسها يوم مولدك صباحاً
نظرت لها ريهام في شرود ثم قالت:
_أخبرني جدي أن أبي من قام على غرسها
قالت الأم في سعادة:
_هذا صحيح، ويوم زواجك من حسام سوف أقوم على غرس شجرة ثانية وكذلك يوم مجيء أول حفيد لك
تمتمت ريهام في صوت مليء بالحسرة:
_أمي أنا وحسام لن نتزوج
هتفت الأم في دهشة:
_ماذا؟؟؟! ما الأمر؟ ما الذي حدث؟
ريهام وهي تسير بضع خطوات حتى تقف في مواجهة الأم تماماً:
_حسام سوف يسافر إلى الخارج لاستكمال دراسته، ولقد اتخذ قرار بفسخ الخطبة
نظرت لها الأم في عدم تصديق ثم قالت:
_هل هذا حقيقي؟!
حين شاهدت ملامح ريهام المؤيدة لكلماتها بررت الأم:
_ولكن لقد كان الشاب متلهف على إتمام الزيجة، هل حدث سوء تفاهم بين كل منكم؟
هزت ريهام رأسها علامة النفي ثم تابعت:
_لقد تم الانفصال في هدوء يا أمي، حسام شاب متحضر وكذلك أنا
نظرت لها الأم في ألم ثم تابعت:
_أنت حزينة يا ريهام، أليس كذلك؟ أعلم جيداً أن حسام يشغل قلبك ربما هناك فرصة لعودة الأمور كما كانت
قالت ريهام وهي تضع يد على كتف والدتها:
_ما يشغل تفكيري الآن شيء آخر، من فضلك يا أمي لا داع إلى أي محاولات للحديث إلى حسام، لقد كان هذا القرار باتفاقنا معاً، لقد انتهى كل شيء إلى غير رجعة
وأنا لست حزينة، لأن كل منا سوف تكون له حياة أفضل
ظهرت دموع في عين الأم ثم قالت وهي تنظر إلى ريهام:
_كنت قد انتهيت من فستان الزفاف
قالت ريهام في توسل ورجاء:
_من فضلك يا أمي، لا ينبغي الحديث في تلك الأمور بعد الآن لقد انتهى
كل شيء إلى غير رجعة
تنهدت الأم شعرت بأن الأمور ينقصها تفسير ما،الصورة غير مكتملة
بعض الأوقات الفراق لا يحتاج إلى مبررات، وأوقات آخرى الفراق يحتاج إلى ألف مبرر وسبب وفي كلا الحالتين يظل الفراق هو أصعب ما يواجهه المرء في الحياة
جاء صوت الجد من الخلف وهو يقول:
_ما سر هذا التجمع الصباحي؟
نظرت له ريهام في إبتسامة خفيفة حاولت أن تخفي بها كافة تفكيرها في والدها ثم قالت:
_لقد كانت أمي تخبرني عن الشجرة الخاصة بيوم مولدي
قال الجد في صوت مرتفع جداً:
_عبد الله كان يريد أن يزرع العالم كله يوم مجيئك إلى الحياة، كان يريد أن يشاركه العالم فرحته بك، لم يمهله الوقت كثير حتى يمارس أبوته معك
قالت ريهام وهي تغمض عيناها:
_لقد اشتقت له كثيراً
قال الجد وهو يربت على كتفها:
_الجميع هنا يعشقونك يا ريهام، وننتظر يوم الفرحة الكبيرة بك
نظرت ريهام إلى جدها ثم اخذت نفس عميق وتابعت:
_لقد تمت فسخ خطبتي
نظر لها الجد طويلاً ثم جلس على مقعدة وقال:
_وجبة الإفطار هل سوف تتأخر اليوم؟
أسرعت الأم إلى المطبخ في حين قالت ريهام وهي تجلس إلى جوار جدها:
_هذا قدر ونصيب يا جدي، ولقد انتهى ما كان بيننا القسمة والنصيب كما يقولون
نظر لها الجد في إهتمام ثم قال:
_لم أطلب تفسير يا بنت الأبن وكذلك لم أناقشك في أي شيء
قالت ريهام وهي تنظر إلى جدها:
_ولكنك عقلك يريد طرح أسئلة
قال الجد وهو ينظر إلى السماء:
_الزواج أمر يخصك أنت فقط، حسام شاب ناجح ومن أصل طيب لن يختلف أثنان على هذا،
وفي النهاية المصير بيدك، وأنت اخترت عزيزتي وهذا يكفي حتى لا يتناقش أحد معك أنه اختيارك أنت وحياتك كذلك
قالت ريهام وهي تهز رأسها تأييد لكلمات الجد:
_كياني غير مكتمل معه، سوف تكتمل ذاتي مع آخر
هتف الجد في دهشة:
_آخر؟!
قالت ريهام في عجالة:
_أقصد أبي
هنا نظر لها الجد في دهشة ثم قال وهو يشعر بالشفقة تجاه ريهام:
_ريهام، لا تحاولي أن تبحثي عن والدك في زوجك، سوف تجدين بعض من صفات الأبوه في الزوج وصفات آخرى محال أن تجديها به، الأب في العطاء يختلف عن الزوج هل تفهمين ما أريد الحديث عنه؟
قالت ريهام وهي تنظر إلى الأم القادمة من بعيد:
_أفهم جيداً
وضعت الأم صينية الإفطار أمام الجد وريهام، في حين قالت ريهام وقد تعلقت عيناها بعصفور صغير يطعم وليده أعلى الشجرة:
_لا ريب أن هذا هو الأب
نظر كل من الجد والأم أعلى الشجرة ثم قال الجد:
_تخمين جيد
قالت ريهام وهي تنظر إلى الجد:
_هذا ليس تخمين هذا احساس، وهناك أحساس آخر يخبرني أن هناك أمر جديد وجيد جداً سوف تطرق أبوابنا
تبادل كل من الجد والأم نظرات حيرة في حين أكملت ريهام:
_هناك أيام في العمر يكون لها من التميز ما يجعلنا نشعر أن العمر هو تلك الساعات وتلك اللحظات، وتلك الأيام اقتربت كثير
قالت الأم في نفاذ صبر:
_ريهام، أنا وجدك نعلم جيداً أن أمر الانفصال عن حسام مؤلم لك وقاسي ليس هناك من حرج إذا أظهرت مشاعرك هذا الأمر، هذا أمر لا بأس به ولكن الخطأ الكبير حقاً هو إظهار عكس مشاعرك الحقيقة لا تحاولي تصنع الفرحة أو السعادة من فضلك، سوف تنقلب الأمور رأس على عقب
قالت ريهام وهي تنظر إلى الأم:
_أمي لقد أخبرتك من قبل أن لست حزينة، ولست احاول التظاهر بشيء، لقد تحدثت معك من قبل مرات ومرات عن أمور عديدة أشعر بها ويصدق ظني، وأنا على يقين أن الأيام القادمة سوف تكون أكثر أشراق من ذي قبل
لم يعقب الجد على كلمات ريهام، في حين ظهر على وجه الأم الغضب وقالت وهي تصب أكواب الشاي وتضيف لها النعناع:
_من الأفضل أن تتناول جميعاً الطعام قبل أن يثلج الشاي
❈-❈-❈
ني هال غرب مملكة ساجا
وضعت ام الحيات بعض الأحجار السوداء في بركة الدماء بطريقة عكسية حتى يظهر حرف ال ع في وضوح، ثم مزجت بعض من اللحم البشري المهتريء و قامت على تشكيل حرف ال و
ثم سكبت بعض من الرماد الأسود مع الدماء واتخذت حرف الكاف
وقالت وهي تتجاهل باروخ وأرشبيل وتعطي ظهرها لهم :
_زا سا عواك
نظر باروخ إلى أرشبيل في تساؤل في حين تقدم ارشبيل من أم الحيات وقال:
_جدتي
ولكن أم الحيات لم تجب مما دفع ارشبيل أن يتابع:
_لقد أنتهت مراسم القمر الدموي
قالت أم الحيات في حدة:
_أيها الغر الصغير، هل تظن أن هذا من الطقوس
نظر لها أرشبيل لحظة ثم قال وقد انتبه ما الذي تفعله ام الحيات:
_لعنة!؟ انت تصبين علينا لعنة ما أو تعويذة سحرية
صرخت أم الحيات:
_يا ذات الأجراس، عليك إطاعة أوامري الآن
ولكن أرشبيل أوقف الجدة بيده قائلاً:
_سوف تلمسين بذاتك انتماء بنت الأنس لنا،
قالت أم الحيات وهي تنظر إلى أرشبيل في غضب:
_لن اتورع عن ق_تلك أنت أيضاً ايها النماردي، اللعنة سوف تحل على كل من تثبت خيانته إلى العهد والميثاق الخاص ب ساچا واحلام قبائل الجان جميعاً
ثم نظرت إلى باروخ وقالت:
_سوف أقوم على منحك فرصة أخرى يا باروخ،يمكنك الذهاب من هنا ونسيان تلك الفكرة أو يمكنك الزواج من قرينة بنت الأنس التي تشابهها هنا في ساچا
قال ارشبيل وهو ينظر إلى أم الحيات:
_زوامة!؟ هل تريدين من باروخ أن يتزوج من زوامة؟
قالت أم الحيات في غضب:
_زوامة افضل من بنت الانس،رغم ما بها من عيوب
قال ارشبيل في دهشة:
_جدتي أم الحيات زواج باروخ من زوامة تعنى القضاء على حلم الجان إلى الأبد، زوامة فاقدة شعلة النار تماماً
نظرت أم الحيات إلى باروخ في حقد ثم تابعت:
_الدم البارد يروق إلى صاحب التاج أليس كذلك؟
قال ارشبيل وهو يقترب من أم الحيات:
_بنت الأنس سوف تكون أهم سبب يجعل الحلم يتحقق، سوف تقوم بقراءة الحروف المعتمة
وسوف اكون أنا من يقوم ب سرد الحروف المعتمة على روحها ونقشها بين الأوردة، سوف تكون بنت الأنس
مزيج من البشر والنماردة
قالت أم الحيات وهي تنظر له في عمق:
_الحروف المعتمة، هل وافقت بنت الأنس على هذا؟
هتف أرشبيل في سرعة وهو يلتقط بعض من طريق حتي يحصل على موافقة الجدة:
_أجل بنت الأنس وافقت على هذا، أنها تنتظر موافقتك حتى تقدم روحها من أجل الهدف الذي نتوق له منذ قرون، سوف أكون أنا شاهد على هذا
نظرت أم الحيات إلى باروخ وقالت في لهجة تحذير:
_هذا يعني أن روح بنت الأنس سوف تكون مملوكة إلى النماردة، إلى القائد أرشبيل، هذا يعني صك مزدوج، أنها تمنحه روحها البشرية تحت سيطرته، مقابل الولاء لنا،
وأرشبيل هو من له حق ق#تلها إذا شاهد ما يثبت عكس هذا
قال باروخ وهو يؤكد على كلمات أم الحيات:
_هل تباركين الآن زواجنا؟ بنت الأنس تؤمن بي وبحلم مملكة سا چا، وأرشبيل هو صاحب الصك المزدوج
قالت أم الحيات وهي تلمس بيدها رأس الحية ذات الأجراس:
_موافقتك الأولى جاءت من النماردي قائد جيوشك، هل تدرك حجم هذا يا باروخ؟
هز باروخ رأسه علامة الموافقة ثم تابع:
_أجل
نظرت له ام الحيات في إهتمام ثم تابعت:
_لا أنت لم تدرك بعد حجم هذا الفعل وتلك التضحية، بقاء التاج على رأسك ودفع تهمة الخيانة بعيداً عنك الفضل بهم يعود إلى أرشبيل
تافي ذاتها الملكة الأم لن تقدم لك هذا العطاء
ران صمت بين الجميع في حين قالت أم الحيات:
_أرشبيل
نظر لها أرشبيل في إهتمام في حين قالت أم الحيات وهي تمتطي جسد الحية ذات الأجراس الملتوية:
_بعد أن تتم بنت الأنس من قراءة الحروف المعتمة، عليك أن تجيء بها إلى جبال النماردة، سوف أقوم على وشم روحها وبث شعلة النار داخلها، وأنت أيضاً سوف تمتزج شعلتها معك
قال باروخ وهو يجثو على قدمه أمام أم الحيات:
_هذا فضل كبير منك أن منحت باروخ موافقة على الزواج
قالت أم الحيات وهي تنظر إلى باروخ في هدوء:
_لقد اعجبت بفكرتك من أجل سرعة تحقيق هدف وحلم ساچا
ارتفعت الحية ذات الأجراس عن الأرض ثم حلقت إلى أعلى مبتعدة عن أرض ني هال وهي تحمل إعلاها جسد ام الحيات، هزت الحية ذات الأجراس ذيلها في بطء شديد مما جعل أم الحيات تهتف:
_أنت أيضاً لا يروق لك الأمر، أليس كذلك؟ لا تخشي شيء يا ذات الأجراس، خطة باروخ جيدة، وما يفعله النماردي أرشبيل هو حفظ حقوق حلم قبائل الجان، ربما في ليلة القمر الدموي القادمة تكون بنت الأنس التي وهبت روحها إلى النماردي هي قرباني إلى عواك، سوف يكون هذا أمر جيد، بل هو أمر رائع حقاً
ثم اطلقت ضحكة شيطانية مخيفة كبيرة وتابعت:
_هل يروق لك التحليق مثل الطيور؟ أو أنك يروق لك فقط العيش في جحور الجبال؟
لا بأس من التحليق معي،
فلقد كانت الليلة شاقة على الجميع
في منزل ريهام
نظرت ريهام عبر النافذة مساء كان حركة أغصان الشجرة تشغل تفكيرها، الهواء ثقيل جداً وبعض من زفرات ساخنة تحيط بها، تلمسها ريهام في وضوح، نظرت ريهام إلى منتصف المنزل كانت هناك زوبعات من هواء سوداء تحلق في المكان، ظهر غراب كبير الحجم شديد السواد أجنحته تصدر ضجيج مكتوم في فناء المنزل، مما يضفي على المكان طاقة سلبية
كبيرة، لم تكن ريهام في حاجة إلى أن تعلم أن تلك الأمور التي تشاهدها بعينها هي خاصة ب باروخ ملك الجان
ظهر باروخ في الغرفة فجأة قائلاً وهو يشير بيده إلى الغراب الضخم الذي يحتل مساحة كبيرة من الفناء:
_هذا هو أرشبيل
هزت ريهام رأسها علامة الفهم وتابعت:
_أعرف هذا، ولكن لماذا جاء على تلك الهيئة!؟
قال باروخ وهو ينظر لها في عمق:
_القراءات المعتمة، ينبغي أن تبدأ من هنا أولاً ثم تتم سردها ونقشها في ساچا
نظرت له ريهام في حيرة ثم قالت:
_ماذا عن والدي؟ متى سوف يعود إلى هنا؟
قال باروخ في هدوء وحسم:
_بعد زواجنا في ساچا، سوف يعود والدك إلى المنزل
ثم نظر إلى الغراب وقال:
_أرشبيل من الأفضل أن تدخل إلى الغرفة
فور أن نطق باروخ بكلماته دلف أرشبيل إلى الغرفة في الهيئة الحقيقة له وقال:
_والآن يا ريهام يا بنت الأنس، هل أنت على استعداد لقراءة حروف العتم؟
نظرت ريهام إلى باروخ الذي تابع:
_سوف يعود والدك إلى المنزل في الصباح، هذا وعد باروخ لك، وأولى هدايا الزفاف لك
نظرت ريهام إلى ارشبيل ثم هزت ريهام رأسها علامة الموافقة،في حين قال ارشبيل في لهجة آمرة:
_يدك الشمال
فردت ريهام يدها الشمال في سرعة، في حين وضع ارشبيل أظفر داخل راحة يدها، شعرت ريهام بنيران قوية تخترق يدها ثم تسير في كامل اجزاء جسدها، وشاهدت دماء يدها تسكب في غزارة وسرعة كبيرة على الأرض، مما جعلها تشعر بعدم اتزان، شعرت بكل طاقة من جسدها تسلب منها وغامت الرؤية أمام عيناها ثم توقف نزف الدماء فجأة ظهرت بضع من فقاعات سوداء خمس مشتعلة أعلى الدم، قامت الفقاعات على سحب الدماء كاملة من الأرض، ثم تقافزت في سرعة وخفة احاطت بجسد ريهام من القدم والراس والذراع والجسد ثم انطلقت الفقاعة السوداء الخامسة واقتحمت فم ريهام في قوة شعرت ريهام بمرارة كبيرة تسري في جوفها وبعض من نار تشتعل في امعاءها، حاولت أن تتكلم ولكنها لم تستطع أن تتحدث من الألم الذي يسري في كيانها، فلقد شعرت في لحظة بارتداد في كيانها كله، ارتداد جعل ذاتها رغم عودة الاتزان لكن الكثير من الخلل يحيط بها وبكيانها
قال باروخ الذي يتابع في إهتمام وعمق ما يحدث لها في لهجة آمرة:
_ليس عليك الكلام الآن، هذا يعني إعادة المحاولة من جديد، سوف نرحل إلى مملكة ساجا حيث ترددين الحروف مع ارشبيل هناك، لقد بدأت اول مراسم الزواج الآن
ثم نظر إلى أرشبيل وقال في لهجة امتنان:
_هذا أمر جدير بك أن تفعله لانه لن يصلح له سوى أنت
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي من رواية لعنة كنز شعلان لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية