-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - تكملة الفصل 2

 

 قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



تكملة

الفصل الثاني


تراقبت وفاه هيئه ذلك الشخص الذي جاء الى منزلها كي يخبرها بأمر هام كما قال، حدجها سراج بنظرات آسف وهو يردد قائلاً 


= معلش لو جيت في وقت متاخر بس عشان عندي ميعاد في المطار كمان ساعتين ويا دوبك الحق اسافر وارجع تركيا، بس قبل ما امشي كان لازم اعمل الزياره دي ونفسي توافقي على طلبي وما ترفضيش


هزت رأسها بهدوء وهي تجيب بعدم فهم


= أهلا بحضرتك بس انا ما اعرفش انت مين ولا إيه الطلب اللي انت عاوزه مني؟ انت خبطت عليا وقلتلي انا قريب استاذ اسماعيل اللي ساكن في الدور الثالث وعاوزكٍ في موضوع مهم! ايه هو بقى الموضوع المهم ده 


أخذ سراج نفساً مطولاً وزفره على مهل وهو يجيبها بنبره مهتمة 


= انا أسمي سراج واستاذ اسماعيل يبقى عمي، هحاول اختصر في الكلام عشان الميعاد اللي عندي في المطار زي ما قلت لك.. بصراحه كده انا عاوز اشتري البيت اللي عمي ساكن فيه واقدمه له هديه، عم اسماعيل لي أفضل عليا كتير زمان و هو اللي رباني بعد وفاه والدي الله يرحمه لحد ما ابتديت اكبر وامسك شركه والدي وافهم في الشغل وبعد كده نقلت شغلي لتركيا واتجوزت وعشت هناك سنين طويلة وخلفت كمان ابني الوحيد .. 


ثم أضاف هو قائلا بتوضيح اكثر


= وفي الفتره دي كنت بحاول كتير مع عمي يجي يسكن معايا في تركيا بس ما كانش بيرضى واولاده للاسف كل واحد انشغل في حياته وفين وفين لما بيجي حد يزوره، انا حاولت الحمد لله أوفر لي مرتب و ببعتله كل فتره وفي واحد بيجي يقعد معاه ويخدمه بس حاسس ان ده طبعا مش كفايه.. وهو النهارده فاجئني انه حابب البيت اللي ساكن فيه ونفسه يسيبه لاولاده بعد عمر طويل عشان يفتكروا ذكرياتهم مع بعض في! عشان كده جاي النهارده واملي كبير انك ترضي تبيعيلي البيت عشان اشتري لي واكتبه باسمه 


شعرت وفاء بالحيرة الشديدة فهي لم تكن من ضمن مخططها القادمه بيع اي شيء من املاك زاهر في ذلك الحين بالذات؟ لكن لا تنكر أنها شعرت بالامتنان الشديد نحو ذلك الرجل وارادت مساعدته حقا لكن بنفس الوقت صعب عليها أن تنفذ طلبه، إجابته بصوت متوتر 


= هو انا طبعاً مقدره موقفك النبيل وربنا يخليلك عمك بس صدقني انا مش بفكر ابيع خالص حاجه من املاكي ولا اي بيت هنا ولا عماره حتي، معلش انا اسفه بس فعلا مش هقدر أبيع 


قطب سراج جبينه وعقد ما بين حاجبيه في إهتمام ، ثم سألها بحيرة قائلاً


= طب ممكن حضرتك ما تستعجليش في الجواب وتدي لنفسك فرصه تفكري وتشتشيري نفسك كده، انا بجد نفسي اشتري البيت ده واعمل حاجه لعمي وافرحه قبل يعني ما بعد الشر يحصل له حاجه ويموت والموضوع ده هيفرق معاه جدآ 


هزت راسها بضيق شديد وهي تقول بخفوت 


= يا استاذ آآ .. قلت أسمك سراج مش كده .


هز رأسه بالايجابي، لتضيف مجدداً بإهتمام واضح على قسمات وجهها


= أرجوك تفهمني يا أستاذ سراج انت كمان انا لسه مستلمه ورث جوزي من سنه وتقريبا في حاجات كتير مش فاهماها فيه وببتدي واحده واحده افهم الكلام والعماير دي ممكن الحاجه الوحيده اللي بالنسبه لي سهله سكان بيجيوا يسكنوا ويدفعوا كل شهر وخلاص بس حكايه البيع دي شلتها من دماغي خالص ومش بفكر حاليا فيها.. انا فاهمه ومقدره موقفك من ناحيه عمك بس صدقني الموضوع ده ممكن يعمل لي مشاكل انا لو بعتلك هيجي غيرك هيطلب زي ما سبق وطلب وانا رفضت وهيقولي لي اشمعنى ده وكل واحد بقى بكلمه ومش هخلص، وانت ممكن تشتريله اي بيت في اي مكان ثاني وفرحه بيه


زفر سراج بعمق وأجاب بيأس 


= تفتكري لو الحل ده ينفع انا كنت هاجي هنا؟ انا عاوزه اشتري البيت ده بالذات لعمي عشان ذكرياتهم اللي فيه هو واولاده و ما حدش منهم ينساه في يوم، الموضوع ده ماثر على صحته جامد أن بعد عمر طويل ولاده مش فاكرينه وهو نفسه يسيب لهم حاجه للذكرى، طبعا انا عارف ان ممكن بعد موته يبيعوا أولاده البيت عادي ومش هيفرق معايا بس انا حابب افرحه بحاجه زي كده 


رمش بعينيه في إحباط من صمتها ، وتابع متوجساً


= طب انا مضطر امشي بس هاجي لحضرتك تاني، هحاول انزل اجازه مخصوص تاني عشان أشوف الموضوع ده وهديكٍ فرصه تفكري تاني و يا ريت المره الجايه تكوني وافقتي .


لم تريد أن تعطي امل، لذا حاولت ان توضح الوضع له بجدية أكثر


= بلاش تدي لنفسك امل وخلاص انا بجد الموضوع ده مش في دماغي ومش عاوزه ابيع حاجه من البيوت دي و...


صمتت فجاه عندما استمعت الى صوت صرخات عاليآ تاتي من غرفه مهره، شهقت وفاء بصوت مرتفع وهي تضع يديها فوق فمها بذعر بينما نهض سراج بقلق شديد متسائلا


= متهيالي الصوت ده جاي من جوه في حد بيصوت عندك.


أومــأت وفاء برأسها وهي تجيبه بنبرة مذعورة


= ايوه دي بنتي مهره معلش عن اذنك لازم ادخل اشوفها دلوقتي دي كوابيس كده بتجيلها كل فتره.. لازم اكون جنبها دلوقتي معلش ممكن آآ


هز رأسه بسرعه بتفهم وهو يرد باختصار


= خلاص فهمتك اتفضلي انتٍ وانا عارف طريقي وهقفل الباب ورايا و روحي انتٍ لبنتك عند أذنك .


لم تنتظر لحظة ولجت وفاء إلي مهرة على إثر صرخاتها المتتالية إلى داخل غرفتها، اقتربت منها تردف بتلهف


= بس يا حبيبتي، اهدي ده كابوس مش حقيقي مهرة سامعاني؟ ده كابوس يا حبيبتي مش حقيقي انتٍ كويسه وبين ايدي وفي حضني كمان .


كانت مهرة بذلك الوقت شبة غائبة عن الوعي وفي بعض الأحيان كانت تفتح عينيها للحظة، ليصيبها إرتجافة قوية وتشهق في فزع فصورة لياليها مع زاهر ولحظات دفنها الى بنتها بالمقابر دائماً تتجسد أمامها، لحظاتها المريرة بالماضي و لا يمكن أن تُمحى من ذاكرتها بين ليلة وضحاها.. ولكن فجاه صدى منها صرخاتها الهيسترية لتبكي لا إرادياً بأنين مختنق وهي تحاول سد أذنيها وأغمضت عينيها المذعورتين رغماً .. ومن الواضح أنه لم يندمل جرحها وهو مازال ينزف.. إزدادت إرتعاشة جسدها وهي تتخيل فرحه ابنتها أمامها و زاهر يأخذها بالقوة منها ويدفنها تحت التراب! فوضعت يدها على فمها لتكتم شهقاتها المذعورة وهي تهزي بكلمات بعضها غير مفهوم 


= فرحه.. آآ لأ لأ لأ، بينزلوها تحت التراب ليه لأ عاوزه احضنها .. خرجوها من هنا لاااااااا 

ما تسيبنيش لوحدي .


احتضنها الأخري بقوة لعل أوجاعها تسكن، وهي تنظر إليها بحزن وألم وبدأت تهمس بصوتها الدافئ


=هشش انا جنبك ومش هسيبك خلاص يا مهرة اهدي يا بنتي.. اهدي يا حبيبتي عشان خاطري .


للحظة تسرب صوتها الحنونه إلى أذنيها فبدا كالترياق لها الذي يلتهمها بضراوة، هدأت نسبيًا وانخفضت حدة صرخاتها تدريجيا، ظلت وفاء تبث في روحها المعذبة كلمات مهدئة حتى تخف أنينها صراخها قليله، لكن مع ذلك رفضت تركها بمفردها وظلت تحتضنها تلك الليلة حتى انها نامت معها في غرفتها فهي تفهم جيد تلك الحاله التي تاتي اليها كل فتره وحين ! حيث تشاهد كوابيس حول تلك الليله البشعه التي قضتها في المقابر تودع ابنتها الصغيرة الرحله.


❈-❈-❈


في ورشة بدر وضع بناته على المقعد وجلس بجانبهما ينظر إليهما بعين مليئة باليأس والندم عليهما، أضرب هو أسفاً على نفسه وعلى حالة بناته! يقضي معظم وقته وحياته كلها يفعل المستحيل وكل ما يمكن أن يفعله لتعويضهم وإسعادهم، لكنه يجد دائمًا أن هذا ليس كافيًا والدليل ما حدث منذ فترة قصيرة، ترك أبنائه أمانة مع الغرباء واكتشف فيما بعد أنهم غير مؤهلين لتلك الثقة، لولا أنه رآهم بالصدفة! 

لقد كان سيفقدهم بالتأكيد في أي لحظة؟ أي أب يترك أولاده هكذا ليقضوا معظم أوقاتهم مع الجيران، وهو لا يعرف عنهم شيئاً! لقد سئم حقًا من تحمل هذه المسؤولية بمفرده وأصبح لا يعرف ما هو الجيد لبناته.


بينما سب عوض بعدة الفاظ جريئه بحدة وهو يقول بسخط 


= ابن الـ** والله ده راجل سوا هو ومراته ما عندهمش دم ده التاكسي بتاعه صلحناه هنا في الورشه باجي أكثر من 30 مره وكل تصليحه والثانيه كانت بتكلفك كثير ومع ذلك عمرك ما طلبته بجنيه واحد وكنت بتقول يلا قصاد ما مراته بتراعي بناتي، يبقى دي اخرتها 


لم يجب عليه بدر، بل إكتفي بالنظر إلي بناته بضيق وحسرة عقد الآخر حاجبيه باستغراب وهو يسأله بغرابة


= مالك يا اسطى مش بترد عليا ليه انت مش سامعني .


نظر له ببطئ شاعرآ بألم شديد داخله واخرج تنهيدة حارة وهو يقول بصوت مختنق 


= سمعك يا عوض، بس تعبت ومش عارف اعمل ايه صعبان عليا بناتي اللي كل يوم والتاني ممرمطهم معايا في حته وحياتهم اللي بضيع وهما بعيد عني وبيتربوا عند الجيران وناس اغراب ويا ريتهم حتى قادرين يربوهم كويس، بس تعرف انا مش زعلان منهم هم معاهم حق برضه هي غلطتي من الاول ومسؤوليتي انا، يبقي برميها على غيري ليه بس المشكله اللي انا مش قادر عليهم لوحدي 


تسائل عوض بفضول كبير قائلاً


= طب انت هتعمل ايه يا اسطى دلوقتي هتوديهم فين؟ ما هو مش معقول هتسيبهم كده في الورشه مش هتعرف تشتغل منهم وهنا برده مش كويس يكونوا موجودين، والزباين رايحه جايه عليهم 


تخبط رهيب في أفكاره حدث، بل الأحرى حيرة جلية سيطرت عليه بعد ذلك، ثم حمحم قائلا بصوت مرهق


= عارف و اكيد مش هسيبهم هنا انا جيبهم بس النهارده عشان ما عرفتش اوديهم فين من ساعه ما اخذتهم من عند أم خالد، بس انا ما قداميش حل بقى غير أني اوديهم اي حضانه تخلي بالها منهم وتكون بتقبل الاطفال في السن ده .. بس لازم أختار حضانه تكون خاصه الحضانات برده لازم ما اثقش فيها


سأله مجدداً وهو يشير بيده بعدم رضا 


= أيوه بس حضانه خاصه زي كده أكيد هتاخد فلوس كثير منك، و انت اللي بيطلع من الورشه يا دوبك كله بيروح على مصاريف عيالك .


نفخ بدر في ضيق ، وقال بيأس


= يعني اعمل ايه يا عوض شايف في حل تاني وانا قلت لا، ما انا لو قعدت جنبهم هاكلهم منين؟ وما ليش قرايب حتى وأنت عارف إللي فيها.


رد عليه عوض بنبرة عادية وهو يشير بكلتا يديه


= يا اسطى ما انا قلت لك الحل وانت إللي مش راضي بس انا عندي حل تاني هاتهم نخليهم عند لوزه تخلي بالها منهم، وهي مش هتقول لا بالعكس هترحب بيهم جدآ


أجابه بإقتضاب وهو ينفخ في إنزعـــاج


= متشكر يا عوض عارف انك عاوز تساعدني باي طريقه وانا متشكر لك جدآ، بس صدقني ده الحل الأحسن إني اخليهم في حضانه ومش مهم بقى الفلوس يبقى اتصرف فيها واحاول ادخل جمعيات.. بس مش عاوز من هنا ورايح، يبقى في حد لي جمايل عليا ولا على بناتي . 


❈-❈-❈


كان يجلس أسر بغرفته بجانب الشرفه وكل حين وآخر ينظر تجاه شرفه غرفه فريده علي أمل لعلها تطل منها ويراها، فقد اشتاق اليها كثيراً ويتمنى رؤيتها ويطمئن عليها، لكن لا يعرف لما لم يراها منذ انفصاله عن زوجته واصبح يمكث هنا لأجلها، في ذلك الأثناء اقتربت منه شيماء و ربتت على كتف أخيها قائله بمداعبا 


= اتفضل يا سيدي احلى كوبايه شاي من ايدي عد الجمايل بس .


انتبه اليها وابتسم رغم عنه وهو ياخذ كوبا الشاي، ثم حك ذقنه الخشنة متمتمًا باهتمام


= متشكر يا شيماء، بقول لك هو انتٍ ما تعرفيش حاجه عن فريدة مش بشوفها خالص بالصدفه خارجه بتبص من الشباك ولا حتى في الشارع وكل اللي اعرفه عنها ان اهلها قالوا انها سافرت لناس قريبهم في اسكندريه بس مش معقول يعني مش بتنزل زيارات وتشوف اهلها. 


توترت سريعًا عما يريد معرفته منها وتبلدت تعابيرها قائلة بتلعثم


= هاه ما اعرفش بصراحه عنها حاجه وانت عارف انها بطلت ترد على تليفوناتي من ساعه ما انفصلتوا، وفعلا معاك حق هي مش بتيجي هنا زيارات خالص


عقد أسر حاجيبة بتركيز وهو يتسائل بغرابة


= معقول يعني كل ما اهلها بيعوزوا يشوفوها بيسافروا اسكندريه ويرجعوا، شيماء هو انتٍ تعرفي حاجه ومخبيها عليا


ردت بارتباك ملحوظ وهي تهز رأسها بالإيجاب 


= بصراحه اه بس اوعدني انك ما تقولش لماما أنا من ساعه ما عرفت اللي فيها وانا سكت،  عشان ماما لما بتسمع سيره فريده بتصدق تتفتح في الكلام عنها وحش .


سألها بتلهف واضح عليه


= وانا من امتى بروح اقول لماما حاجه زي كده، اتكلمي يا شيماء قلقتيني فريده مالها


نظرت حولها نظرة قلق ثم عادت تنظر نحوه قائله بنبرة حزينة


= فريده مش مسافره عند ناس قرايبها ولا حاجه فريده هربت وسابت البيت يا أسر و بقيلها سنه مختفيه، وبعتت رساله لعمها ان محدش يدور عليها وهي هتشوف حياتها لوحدها و مامتها هي اللي قالتلي، كانت عندها أمل أن اعرف عنها حاجه وقالتلي خلي الكلام ده بيني وبينك لحد ما نشوف طريقها فين؟ وترضى ترجع عشان حتى نمره تليفونها غيرتها الظاهر فعلا المره دي ناويه تعيش لوحدها ومش هترجع .


اتسعت عيناه بدهشة وهتف قائلا بقلق شديد


= يعني عايزه تفهميني اني بقيلها اكتر من سنه ما يعرفوش عنها حاجه وسابت البيت بمزاجها، طب ما فكرتش حتى تكلم حد فيهم للدرجه دي شايله منهم.. طب هتكون راحت فين وسابتهم


قالت شيماء على مضض


= حقها يا أسر اللي حصل لها مش قليل، اي حد مكانها كان هيعمل كده ومين عارف ممكن لما بعدت الفتره دي اهلها يحسوا بندمهم و محدش تاني مره يغصبها على حاجه مش عاوزاها .. بس انت مهتم وبتسال عليها ليه يا أسر اوعى تكون بتفكر ترجع القديم 


عنف أسر نفسه وهو يتذكر ما فعله بها بالماضي هو الأخر، ثم أردف قائلاً بحنق


= وليه ما افكرش ارجع القديم؟ كل واحد مننا مشي في طريق وشاف حياته واحنا الاتنين برده انفصلنا وانجرحنا يبقى ليه ما نرجعش؟ ده اكتر وقت مناسب اصلا، إحنا محتاجين بعض وانا ندمت اني سبتها ومستعد اتقبل منها اي عقاب بس ترجعلي.. وبعدين خلاص بالنسبه لموضوع الخلفه بقينا احنا الاتنين زي بعض يعني ما فيش مشاكل ممكن تحصل بسبب الموضوع ده بينا، وانا كفايه عليا هي .


نظرت له باستغراب مرددة بفتور


= إنت بتقول ايه يا أسر وهي هترجع بعد اللي حصل؟ طب لو فرضنا انها سامحتك ماما هترضى انت كده بترجع المشاكل من تاني 


اعترض أسر بشدة وهو يشير بيده قائلا بصرامة 


= انا مش هاخد راي حد ده قراري وانا حر فيه ما بقاش فارق معايا رايها ولا راي غيرها، المهم بس أعرف طريق فريده فين واطلب منها السماح ولو وافقت انها ترجعلي أكيد أهلها هيوافقوا انهم يجوزها لي وينسوا اللي فات.


أبتسم يضيف بهدوء وهو يشرد في ملامحه معشوقته 


= انا وفريده ملناش إلا بعض و أن شاء الله هتوافق تسامحني ونرجع تاني زي الأول واحسن .


❈-❈-❈


استيقظت مهرة من غفوتها وهي تشعر أنها أفضل قليلا نظرت بجانبها وجدت وفاء تحتضنها بين ذراعيها، أبتسمت لها إبتسامة باهته و ابتعدت ببطئ عنها حتي لا تستيقظ وظلت جانبها تنظر بصمت الي الفراغ فهي عانت بشده لكي تعتاد علي حياتها الجديدة لكن من الواضح بان الماضي لا ينسى، تنهدت بقوه تنهيده ملئيه بالشجن والهم قلبها يتألم وبقسوه فمازال عقلها يحفظ ذكريات كإنها حدثت أمس! موت طفلتها الصغيرة وايامها التي عاشتها مع زاهر ذلك الحقير الذي من المفترض يكون زوجها، رجل ظالم تحت مسمي الرجال وهو لم يمسُ لهم بأي صله، كان يغتال براءتها و يغتصبها تحت مسمى الزواج.. دمعت عيناها لتلك الذكريات التي تكرهها ولكنها مسحتها بعنف فدمعتها غاليه كما أخبرتها سابقة والدتها وفاء ولا احد يستحقها من الأساس .


تمددت سانده ظهرها علي حافه الفراش تنظر الي سقف الغرفه بشرود وقلب حزين تشعر به، إبتلعت غصه مؤلمه في قلبها دائما ما تكره ضعفها ذلك، وتكره تلك الحياة السابقة وتريد أن تنساها من حياتها دون الرجوع إلى الوراء، لكن تلك الكوابيس لا تساعدها على التغلب عليها وإعادة الذكريات إليها كل ليلة وما حدث معها، بالإضافة إلى مشاكل أخرى تواجهها من نظرات من حولها من الناس والمجتمع؟ فهي في نظرهم مطلقة، وتزوجت رجلاً عجوزاً لأنها بالتأكيد كانت تطمع فيه، إلى جانب أن الزواج كأن عرفي! ولها أخ في السجن يحاسب على جريمة ارتكبها هو! فلماذا يتطلب منها أن تتحمل تلك الأخطاء التي لم ترتكبها قط.


ولا تنسي نظرة الازدراء الباردة التي كانت تطل من عيني تلك المرأة زوجه طه وأخبرتها أنها مهما فعلت ستبقى في نظر الجميع تلك الفتاة الصغيرة المطلقة التي باعها أهلها، الجميع يراها الآن لا تستحق تلك الحياة، فليتهم يعيشون ما عاشته لليلة واحدة لكي يعرفون القيمة الحقيقية للألم.. لكن الجميع قاسيون في الحكم على الآخرين ما دامت القصة ليس تخصهم .


في ذلك الأثناء استيقظت وفاء و اقتربت منها

بابتسامتها البشوشه دائما بوجهها الأبيض، شعرت مهرة بمسحة حنون دافئة اقشعر لها بدنها فانتبهت مهرة لها وجلست وفاء جانبها لتحتوي ظهرها وتضمها إليها بذراعيها، أحست مهرة حينها وهنا بقوتها تعود إلى جسدها الواهن وهي تتسائل الأخري باهتمام كبير 


= بقيتي كويسه يا حبيبتي دلوقتي حاسه انك افضل؟ انا مش عارفه ليه مش راضيه تطاوعيني وتروحي للدكتور نفساني عشان الكوابيس اللي على طول ملازماكي دي 


حاولت رسم ابتسامه بسيطة كأنها لم تتأثر بشئ للتو، وقالت باعتراض 


= أنا كويسه يا ماما وفاء مش محتاجه دكتور ولا حاجه ما تقلقيش عليا، مجرد كابوس وبيخلص اول ما اصحى بس انا كويسه ما تخافيش .


قبلتها أعلي وجنتيها بحب بإبتسامه حنونة 

وظلت تربت علي رأسها وأردفت قائلة بحذر


= الاحلام اللي بتحلميها دي؟ بتشوفي فيها زاهر وموت بنتك مش كده، بتفضلي وانتٍ بتحلمي بتنادي عليهم.. انا عارفه ان ده متوقع يحصل لك وانتٍ اتعرضتي لتجربه قاسية وشيء طبيعي ما تنسيش اللي حصل بسرعه عشان كده بقول أن احسن نروح للدكتور نفساني وهو يساعدك على الحاله دي .


هزت رأسها برفض بتوتر وهي تجيب عليها


= بس انا مش عاوزه اروح لدكاتره، انا كويسه بجد ولو حسيت نفسي تعبانه هطلب منك توديني للدكتور بس ما فيش داعي دلوقتي .


نظرت إليها بقله حيلة ماسحًا على ظهرها برفق قائله بنبره ذات مغذي


= مش هضغط عليكي براحتك بس هعتبر أن ده وعد منك ولو حصل اي حاجه لا قدر الله هتيجي من نفسك وتطلبي مني اوديكٍ، يلا قومي البسي و تعالي نتمشى تحت شويه.. و هنتغدى بره النهارده 


لفت ذراعيها حول خصرها تضمها بحب و امتنان شديد، بعد أن ارتسم على محياها ابتسامة عريضة و.. محبة.


❈-❈-❈


تمر الأيام كبعضها على فريدة، فكانت تستيقظ الصباح تصلي وتجهز نفسها لبدء عملها، أو بمعنى أصح تدفن نفسها فيه وتكرس كل طاقتها وأعصابها للعمل حتى تنسى الماضي وقفت أمام إحدى ساكنات الدار سيدة مسنة تدعى اسمها عواطف مقيمة بالدار

اقتضبت مرددة بإيماءة خفيفة من رأسها، وهي تحاول الابتسام لها قائله


= اتفضلي يا مدام عواطف العلاج بتاعك.. بالشفاء ان شاء الله 


أخذت منها السيدة العلاج، وهي تنظر الى وجهها مبتسمة بحنان شديد


= تسلم ايدك يا بنتي، ربنا يا بنتي يرزقك هدو البال


عقدت حاجبيها باستغراب وقالت بنبرة متوترة


= هدو البال! اشمعنى الدعوه دي يعني بالذات اللي كل يوم بتدعيهالي كل ما اجي اديكٍ الدواء واطمن عليكي؟ 


رمقتها بنظرة حب من عينيها وأجابت موضحة لها بهدوئها المعتاد


= عشان اللي باله مش مرتاح، بيتقصف عمره بدري، وهو إللي بيخطف الناس بعز شبابهم إلا الحزن والنكد! وانا دايما بحسك حزينه وسرحانه عشان كده بحب ادعيلك الدعوه دي ممكن ربنا يزيح عنك الغمه دي قريب .


ارتجفت بقوةٍ من زيادة تأثير كلماتها التي عبرت لذلك في الانكماش، وكأنها حصلت علي مسحة حنون دافئة اقشعر لها بدنها وتجاوبت معها بأنين صامت، مطالبة بالمزيد من تلك الكلمات الباعثة على الدفء في تلك البرودة المجمدة للأوصــال.. لكن في الوقت نفسه، ذكّرتها تلك الكلمات أيضًا بدعوات والدتها في الماضي، والتي بدت تمنع من سماعها.


شردت قليلا بحياتها البسيطة بالماضي وزاد ذلك من الوخز في قلبها، ومع تضاعف رجفة جسدها وعقلها يستعيد نظرة الازدراء الباردة التي كانت تطل من عيني تلك المرأة و ذلك الرجل الذي من المفترض والدها و أمها، قبل أن يلقوا بها في دوامه العذاب! الالم تزداد حتماً ولم تنسى طالما تلك الضربة قادمه من الأهل، وهي عجزت عن منع ذلك الشعور أسفًا على حالها.


ابتسمت لها إبتسامة باهته والتفتت لترحل بهدوء لتجد شخص ما أمامها منحها نظرة سريعة من عينيه قبل أن يشتت نظراته عنها ليحدق في تلك السيدة التي خلفها وهو يتقدم منها مبتسماً بينما هي رحلت من جانبه بهدوء .


أشرقت ملامح عواطف عندما رأت بدر جارها بالسكن بالسابق هنا فهو ياتي كل فتره ليطل عليها ويطمئن علي صحتها، قبل بدر يدها بحب وجلس على طرف الفراش متسائلا بهدوء 


= ازيك يا خالتي عواطف عامله ايه، وشك اهو نور واتحسنتي عن الأول ولا ايه؟ 


ردت عليه عواطف ممتنًا


= الحمد لله تشكر يا بدر يا ابني، طول ما انا شايفه كل اللي بحبهم حواليا كويسين هكون مبسوطه ومرتاحه، حتى ولادي الاتنين اللي ماتوا في الحرب دايما ربنا بيكرمني وبحلم بيهم في منامي وبيطمنوني انهم مرتاحين طول ما انا كويسه.. ما جبتش البنات معاك ليه وحشينوا و كنت عاوزه اشوفها 


إجابها بصوته المضطرب وهو يجاهد للحفاظ على هدوئه 


= سبتهم في الحضانه الجديدة اللي نقلتهم فيها، ولو خدوا على الجو هناك خلاص هدفع المصاريف واسيبهم هناك بعد كده .


استغربت من رده فنظرت له بتعجب وشعرت بان هناك شيء مريب حدث معه، بينما هز بدر رأسه بقله حيله وبدأ يسرد اليها ما حدث .. تفرست وجه الذي بدى مشدوداً ومتوتراً لتقول بجدية


= بصراحه الغلطه غلطتك يا بدر حتى لو هم كويسين ولادك كانوا هيتعلقوا بيهم وينسوك انت مع الوقت.. عارفه وفاهماك ان الحمل تقيل عليك، عشان كده ربنا هيكرمك أن شاء الله قصاد تعبك معاهم وبكرة تقول خالتي عواطف قالت 


محقه لا ينكر وهو اعترف بذلك بينه وبين نفسه الخطأ من البدايه خطا هو! شعر فقط بدموية تتدفق إلى وجهه لتزيد من سخونته، شاعراً بإحراج وهمس مبتسماً بتوتر 


= ايه هتقولي لي زي عوض اتجوز لوزه أخت مراته.


انفرجت شفتاها ببلاهة جلية، ثم أردفت قائلة ببساطة


= هي لوزه مش وحشه بس بحسها مش بتاعه مسؤوليه كل اللي بيهمها في الجواز انها تخرج وتلبس وتحب وتدلع انما حكايه العيال وشيل البيت مش في دماغها، بدليل اهي سابت عيالها ولا فارقه معاها وجت مصر بعد ما كانت رسمه انها هتعيش هناك مع جوزها بره مصر والفلوس هتنزل عليها زي المطر، بس بلاش برده الواحد يظلمها ما حدش عارف اللي جواها ايه و أكيد برده عيالها وحشينها وهي مش هتتنازل عنهم بسهوله كده، بس حساها مش دي اللي تنفعك يا بدر .


هز بـدر رأسه نافياً ، وقال بهدوء


= من غير ما تقولي يا خالتي هي عمرها ما جت في دماغي كزوجه، حتى من قبل ما اتجوز منال الله يرحمها، وكل ما عوض يفتح معايا الموضوع بقفله عشان برده بيجيلي نفس الإحساس انها مش مناسبه لي.. 


ثم سحب بدر نفسًا عميقًا، ولفظ دفعة واحدة 

بصوت شبه مرتبك


= بس مش هكذب عليكي الأيام دي؟ حكايه الجواز بقيت بفكر فيه كتير بالذات بعد ما المشاكل كترت عليا والحمل كل مره بيزيد كل ما العيال يكبروا.. بس خايف اظلمهم واجيبلهم واحده مش قد المسؤوليه، وفي نفس الوقت مش لاقي حد قدامي مناسب يشيل الحمل معايا .


وضعت يدها على كتفه وربتت عليه وهي تقول بنبرة حنونه


= زي ما في الوحش في الحلو دور انت كويس وادعي ربنا ان شاء الله يرزقك بالزوجه الصالحه .


❈-❈-❈


بداخل تلك المنطقه الشعبيه، صدى صوت تكسير زجاج بالمنزل نتيجة لعب الأطفال بالكرة بينما صاحت أم حسناء بحدة وهي تنظر لهم بازدراء


= كسرته ايه بره يا عيال، ادعي عليكم بايه منك لله يا حسناء سايبه لي عيالك الخامسة وهجيتي من هنا ومش عارفه لك طريق .


لم يجيب عليها طفل من الاطفال الخمسه 

احفادها ثم أخذت هاتفها من جانبها لتتصل بابنتها التي أجابتها بعد دقيقة بصوت جـــاد قائلة 


= ايوه ياما خير هو كل يوم هتفضلي تتصلي بيا، انا استاهل ان اديكٍ نمره التليفون الجديده و ياتري في ايه المرة دي؟ الفلوس اللي بعتها لك لحقت تخلص 


ضغطت والدتها بشراسة على أسنانها وصاحت  بنبرة غاضبة بشدة


= يا بنت يا اللي ما عندك دم، انتٍ ام انتٍ رميتي عيالك عندي اكثر من سنه ما تعرفيش عنهم حاجه، وكل يوم والثاني تبعتيلي فلوس ليهم! كده انتٍ ام ومش مقصره معاهم.. يا اختي طالما ربنا فتحها معاكي أوي كده، ما تيجي تاخديهم وتعيشيهم في العز اللي انتٍ عايشه فيه ولا هم مش ولادك برده 


ظهرت حسناء بتلك اللحظة وهي تقف أمام المرآة تضع أحمر الشفاه الصارخ على شفتيها ثم فركتهما معاً وإبتسمت لنفسها بغرور وعبثت بشعرها المنساب على ظهرها وأدارت جسدها للجانبين لتتأكد من تناسق فستانها مع تقاسيم جسدها.. وكانت غير مهتمه بكلمات والدتها عن أطفالها التي تركتهم بعد طلاقها من أنس.. و أكملت الأخري قائله بحنق وأخرجت تنهيدة حارة  


= يا بت هو انا قادرة على تربيه عيالك الخمسه دول لوحدي، وانا في السن ده تعبوني ما تيجي تشوفلك صرفه معاهم.. 


تابعت حديثها قائلة وهي تردف بتهكم


= ولا يا اختي استعرتي منهم خلاص وعاوزه تنسي كل حياتك القديمه مش كفايه جوزك اللي خلعتيه وهو في السجن يا قليله الاصل و ما بتساليش عليه .


هزت رأسها حسناء بفتور و أردفت بصوت صارم وهي تجذب حقيبة يدها الصغيرة وتضعها على كتفها 


= هو انتٍ كل ما تكلميني هتقولي لي نفس الاسطوانه، وايه اللي فكرك بطليقي ده كمان إيه كنتي عاوزاني افضل جنبه واضيع مستقبلي وعمري معاه واستناه اكتر من 15 سنه، بقولك ايه ريحي نفسك مش راجعه وهبقى ازودلك الفلوس المره الجايه اللي ببعتها لك ويا ريت ما اتصليش بيا تاني مره إلا لما يكون في حاجه مهمه.. يلا اقفلي بقى عندي شغل ومش فاضيه .


❈-❈-❈


أغلق أيمن البوتجاز بعد أن حمل طنجره الطعام ووضعها فوق الطاوله بطريقه عشوائيه وجلس يتناول الطعام بداخلها دون أن يحضر طبق حتي، كان يتناول بعدم شهيه ولكن عيناه وجمود ملامحه لا يظهر منها شيئاً قط، فقط ينظر للامام بسوداويتاه اللامعه، لم يتناول سوى القليل ثم بعد ذلك نهض وترك الطنجره بالحوض بمزاج متعكر فأصبحت تلك الحياه التي يعيشها لا يرغب بها ولا يرغب بوحدته تلك.


دلـف الي غرفه بقلب مضطرب وهو ينظر الى الفراش والتسريحه بشرود لم يستطع حقاً أن يصدق بان حياته انتهت بتلك الطريقه وكل شيء كان بينه وبين ليان أنتهي! وجد نفسه وهو مازال يقف يفكر بها فقط! دون عن الجميع.. كان متعحب من نفسه حقاً، لما لم يكن يشعر بذلك وهي بين يديه؟ فكانت امامه طوال الوقت وأحيانا تتوسل له حتى يعطيها إهتمامة.. سأل نفسه لما كان مُنشغل بعمله لتلك الدرجه حتي خسرها، لكن لا هو لم ولـن يخسـرها سـيحاول بشتي الطرق أن يُصلح ما أفسده سـابقاً! اخذ هاتفه من فوق الفراش و ظهر نمره هاتفها أمامه بالشاشه متردد ان يحادثها ليجد نفسه يضغط على زر الاتصال لكن إلا وهي ثانيه واغلق الهاتف مره ثانيه بسرعه. ليجد نفسه يعترف بانه خسرها بالفعل.


زفـر أيمن بصوت مسموع وهو يلقي بثقل جسده المنهك فوق المقعد من كثرة التفكير مردد بصوت شبه مكتوم


= ايه اللي انا بعمله ده؟ ما هي لو ردت هقول لها ايه، بلاش أحسن مامتها هي اللي ترد بدلها، انا مش عاوز اتكلم مع الست دي تاني هتهب فيا ومش هخلص منها في الكلام  .


أخرج تنهيده طويله مؤلمه، فشخصيه أيمن من الخارج بارده جليديه من الصعب أن يعلم أحد نوايـاها من الصعب أن يخمن أحد شعوره أو حالته الآن بعد رحيلها الا هو.. ابتسم بسخرية مريرة علي نفسه فمن يصدق حاله الاشتياق الذي اصبح بها منذ انفصاله عنها، وعندما كانت امامه كان يتجاهلها دوما.. ولانه كان ضامن وجودها معه وأنها لم ترحل وتلك الماساه لم يعيشها ابدا .


ولحظات واستمع الى هاتفه يرن نظر بلهفه على أمل أن تكون ليان لكن عبس وجه عندما وجد رقم غير مسجل، فتح الخط وأجاب بملل


= أيوه مين معايا ؟. 


ضحكت مرددة بعبث لعلها تذاب أي حواجز بينهما


= انت نسيت صوتي ولا ايه؟ شكلك كده ما سجلتش نمرتي أخص عليك مش قلت لك ابقى سجلها عشان لما تعوز تكلمني وتفضفض مع حد


تعرف علي صاحبه الصوت الأنثوي علي الفور، ليقول أيمن بملامحه الجادة ونظراته الصرامة


= مدام سلمى، لا بصراحه ما سجلتش النمره عشان مش محتاجها وشكراً لما اعوز اتكلم مع حد هتكلم مع حد قريب مني وعارفه كويس مش حد غريب عني


أجابته سلمي بغموض غامزًا بطرف عينها 


= طب وماله ما تتكلم ونتعرف على بعض وكده مش هنبقى اغراب ولا ايه؟. 


تنهد بنفاذ صبر قائلاً بلهجة شبه صارمة


= مدام سلمى هو انتٍ مش وخدي بالك من اللي بنعملوا او بالذات حضرتك فجاه اقتحمتي حياتي وبتفردي نفسك عليا واديتيني نمرتك بدون ما تاخدي رأيي واتصالاتك اخر الليل، مش ملاحظه ان الطريق اللي ماشيه فيه! هو نفسه الطريق إللي كأن جوزك ماشي فيه ودفع ثمنه كتير هو وليان!! يبقى ملوش لازمه يعني نعيد نفس الغلط مره ثانيه .


ضمت شفتاها بعبوس قليلا وردت بلطف مصنطع 


= لا خلي بالك من كلامك انت بتشبهنا بمين على الاقل احنا بنتكلم واحنا مش على ذمه حد منهم ، يعني ما اسمهاش خيانه! دي مجرد صداقه ودردشه بس ومين عارف ممكن قدام تتحول لحاجه ثانيه .


لوي فمة بإبتسامة ساخراً وهو يتحدث قائلا 

بجدية


= ممم عارف انا الحاجه الثانيه اللي انتٍ عماله ترمي عليها من اول ما شفتيني ايه هي؟ عشان كده هجيبها لك بصراحه انتٍ عاوزه نقرب من بعض ونتعرف ونحب بعض كمان  وفي النهايه نتجوز وكل ده مش عشان عاوزه تبني حياة جديده.. لا عشان عاوزه تنتقمي من ليان وطليقك بجوازنا مش كده


التقطت أذناها كلماته الصريحة والتي كانت صادقة ومع ذلك ظلت متيبسة علي ذلك النحو دون أن يظهر أي تغيير ملحوظ على تعابيرها، فقط ضغطت على أصابعها بقوة  محاولة تخفيف حدة التوتر المستحوذة عليها فقد كان محق في كل كلمة قالها، ضيقت عينيها ثم هتفت بإعجاب بتفكيرة 


= أحلى حاجه بحبها فيك انك ذكي وتفهمها وهي طايره بس وماله مش بنعمل حاجه غلط طالما في النور مش زيهم.. بس قول لي بصراحه ايه رايك في خطتي


ثم ضحكت بطريقة سخيفة وهي ترسم تلك الابتسامه الحقوده على ثغرها 


= مش بذمتك لما يعرفوا بموضوع جوازنا الاثنين عقل من نفخهم هيطير و بالذات طلقتك ليان.. دي هتشعلل من الغيره وهتندم ندم عمرها انها ضيعتك من ايدها .


كان وجهه قاتماً ومتشنجاً للغاية وهو يستمع إلى حديثها، ثم نفخ في ضيق وقال بصوت أجش


= مدام سلمى اسف فاللي هقوله لك بس اللي انتٍ عاوزاه مش هيحصل، ونصيحه مني دوري على حد يعرف قيمتك كويس وتشوفي حياتك معاه بدل ما انتٍ عماله تدوري ازاي تنتقمي وتخلي مين يغير من مين؟ انا سبق وجربت موضوع الانتقام ده وندمت عشان لقيت ان انا باذي نفسي كمان، لانك زي ما هتاذي غيرك هتاذي نفسك برضه


كـزت سلمي على أسنانها بغيظ من رفضه إليها الصريح، فهو أفسد كل شيء كانت تخطط له لأجل الانتقام، ولم يعطيها الاخر فرصه للرد واضاف بهدوء حذر


= انا بعد ما اقفل معاكي دلوقتي هحط نمرتك في القائمه السوداء واتمنى ما تتصليش بيا من نمره ثانيه وآه لمعلوماتك مش معنى ان انتٍ مش على ذمه جوزك لما تفكري تتكلمي مع راجل غريب دي ما اسمهاش خيانه! لا انتٍ كده خاينه بس خاينه لنفسك ولثقه اهلك فيكي، بالذات لما تقربي من راجل بغرض انك تلعبي بمشاعره عشان تنتقمي .


❈-❈-❈


في نفس التوقيت، عند عتبة باب منزل ليان وقفت دلال تحدق إليه بأعين مشتعله بالغضب وهي لا تصدق وقاحه ذلك الشخص! الذي جاء للتو بكل جرأة وشجاعة وكأنه لم يفعل شيئاً يخجل منه طالعته بنظرات مدققة متأملة هيئته ثم لوت شفتاها بتهكم صائحة بتذمر في وجه طارق


= انت كمان ليك عين تيجي لحد هنا برجلك يا زباله انت فاكرني مش فاكراك! ولا ما عنديش خبر باللي عملته في بنتي، مش كأن أسمك طارق برضه


نظر طارق لها بحنق كبير، وقال بجدية


= انا اسف على كل حاجه حصلت ومعاكي حق تعملي مبادلك فيا بس ممكن تسمعيني انا مش جي في شر زي ما حضرتك فاكره انا جاي النهارده عشان اطلب ايد ليان انا اول ما عرفت انها اتطلقت حاولت اتواصل معاها ما عرفتش وما لقيتش حل قدامي غير أن اجاي هنا واللي يحصل يحصل بقى 


حاول طارق أن يمتص عصبيتها بتلك الكلمات لكنها لم تهدأ وواصلت تذمرها وغضبها، صائحه به بنفاذ صبر


= ده انت ما عندكش دم وبجح كمان، و مفكرني اول ما تقول لي الكلمتين دول! انك ندمان وجاي تطلب ايد بنتي هجوزها لك على طول ده انت لو اخر راجل بالدنيا مستحيل اجوزها لوحد زيك، يلا امشي من هنا بدل

ما اطلبلك البوليس  


أردف طارق بجدية وهو يومئ بعينيه بثقه


= أولا حضرتك مش هتقدري تطلبي البوليس عشان هتخافي من الفضيحه، وانا مش جاي اعمل مشاكل انا عارف ان أنا وليان غلطنا من الاول وخلاص ندمنا وكل واحد خد نصيبه واحنا الاتنين اطلقنا وبنحب بعض، يبقى ايه المانع اننا نتجوز.. ده بدل ما حضرتك تشجعينا أننا نخلي حبنا في النور .


رفعت أصابعها حتى تهدد إياه لكن قبل ان تتحدث بحرف واحد، تفاجئت بصعود شقيق زوجها جابر الدرج و بصاحبته منصور ابنه! شهقت قائلة برعب كبير


= حج جابر ازيك، خير في حاجه 


اقترب جابر و أبنه من الخلف وسألها عم ليان باهتمام بصوت أجش خشن وهو يمرر أعينه علي وجه ذلك الغريب  


= في ايه يا مرات اخويا هو احنا لازم نيجي لما يكون في حاجه، جايين نزورك عادي ونطمن عليكي وعلى بنت اخويا، انتٍ برده امانه في رقبتنا و احنا اهل.


شحب لون وجهها سريعًا و شعرت بحجم الخطر الذي وقع علي رأسها فلم يكن ينقصها حضور أقارب زوجها بذلك الوقت، وبالأخص جابر فهو لا يتفاهم مُطلقًا، أسلوبه حاد وعنيف واذا علم بما حدث مع ابنتها تثق تماماً بأنها ستكون وقعت بين براثن من لا يرحم، حاولت تبرير تصرفها قائلة بخوف بائن


= آه طبعاً أنا آسفه اتفضلوا بس اتفاجئت من زيارتكم فجاه


لوي جابر ثغره للجانب بابتسامة غير مريحة وهو ينظر الى طارق باقتضاب


= انتٍ عندك ضيوف ولا ايه اهلا وسهلا انا جابر عم ليان، و ده ابني منصور .. بس معلش في الكلمه حضرتك مين وبتعمل ايه في وقت زي ده؟ هو انت ما عندكش علم أنهم اثنين ستات و عايشين لوحدهم


عقد طارق حاجيبة بتركيز وعندما علم هويتهم، أبتسم براحة ونطق بعدم عقلانية وبتهور كبير 


= أنا اسفه طبعاً لو جيت في وقت مش مناسب ولو كنت اعرف طريقكم، كنت جيت لكم انتم الاول، انا كنت هنا عشان اطلب ايد ليان


ضاق منصور نظراته نحوه، وهتف بنزق 


= وهي دي الأصول برده! تيجي تطلبها كده من غير ما تستشير الرجاله في عيلتها الأول عشان يسالوا عليك كويس ويعرفوا اهلك مين، أنت اسمك ايه بالكامل؟ وبتشتغل إيه؟ وتعرف ليان منين؟ 


جزت علي أسنانها وشتمت طارق في سرها ذلك الغبي الذي سيعقد الأمور اكثر، وردت عليه بضجر


= ما لوش لزوم يا منصور احنا خلاص مش موافقين وانا قلتله الكلام ده اتفضل يا استاذ طارق فرصه سعيده وربنا يوعدك باللي احسن منها 


هز طارق رأسه برفض مسلطًا أنظاره علي أقارب ليان بجدية، ثم قال بلهفه مستغل الأمر


= لا انا مش همشي وشايف ان دي فرصه كويسه عشان اتكلم مع عمها وخليهم يعرفوا اسمي بالكامل ويسالوا عني وانا مصممه اتجوز ليان و يا ريت ننسى القديم وانا مستعد افتح صفحه جديده معاها


نظرت له شزرًا، وصاحت بانفعال


= أنا قولتلك يلا من هنا ما عندناش بنات للجواز وبالذات انت يلا اتفضل و يا ريت ما تورينيش وشك تاني 


كان جابر وابنه منصور ينظرون الي بعض واليهم باستغراب وعدم فهم، ليقول جابر هاتفًا

بلهجة صارمة وحادة


= هو ايه اللي بيحصل هنا بالظبط ما تفهمونا بدل ما احنا واقفين جنبكم ومش فاهمين حاجه؟ مالك يا مرات اخويا رافضه الجواز من الشخص ده بالذات ليه؟ هو سبق وضايقكم في حاجه؟ 


صاحت دلال بارتعاد وهي تلوح بذراعيها 


= لا خالص بس ليان بنتي رافضاه وهو اللي مصمم و عايز يتجوزها والجواز طبعا مش بالعافيه وانا بحاول افهمه ده وهو مش راضي يفهم .


ليحدق منصور فيه بنظرات حادة، محاولة تفسير الموقف وهتف قائلا بصرامة


= بقول لك إيه يا اخينا ما تيجي دغري انا اول ما شفتك مش مرتاحلك اصلا، ايه علاقتك ببنت عمي ومصمم ليه تتجوزها وهي رافضه! هو الجواز بالعافيه ولا انت لا مؤاخذه مش راجل وهتقبل على نفسك واحدة مش عاوزاكٍ


هتف طارق باصرار معتقد عندما يتواصل مع أحد أقربائها ذوي العلاقات الجيدة للتصرف  

قبل أن يتمادى الأمر بينه وبين ليان وعائلتها لوضع حد لتلك الخلافات الناشئة، لكن لا يعلم بان بفعلته تلك قد ارتكب أكبر خطأ بحياته 


= بس هي عاوزاني وتقدر حضرتك تسألها بنفسك، و والدتها هي اللي رافضه موضوع جوازنا عشان موضوع كده زمان حصل وندمنا وانا اتاسفت.. مش فاهم ليه هي بقى مصممه تحرمنا من بعض طالما انا وهي بنحب بعض وخلاص اللي فات مات ونبدا صفحه جديده 


جذبه منصور بشراسة أمامه مما جعل طارق يقلق منه قليلا وقد بدا يشعر بالحماقه الذي ارتكبها للتو مؤخرا، عندما أردف من بين أسنانه المضغوطة


= لا بقى انا لازم افهم موضوع إيه اللي حصل زمان بينكم وندمتوا عليه انتوا الاتنين؟ 

ما تفهمنا ممكن نحاول نمايل دماغ مرات عمي دلال ونخليها توافق وتسامحك، بس لما افهم الاول الموضوع إيه؟ 


❈-❈-❈


في منزل عابد، هب واقفًا بذعر من مقعده واتجه نحو الخارج على إثر تلك الطرقات المنفعلة أعلي باب منزله وعندما فتح باب المنزل تفاجأ بابنته الكبري أمامه! نظر لها مدهوشًا وهو يسألها بقلق


= في ايه براحه هتكسري الباب، مالك بتخبطي بالطريقه دي ليه؟ ايه ده انتٍ جايبة شنطه هدومك ليه وعيالك 


دخلت تركض إلي الداخل وهي تجر حقيبتها و اولادها خلفها، و لوحت بذراعيها في الهواء وهي تجيبه بصوت صارخ ممزوج بالبكاء


= الواطي عادل جوزي الحيوان اللي ما عندوش دم بعد ما استحملت أمه وكنت بخدمها ووافقت أعيش معاها في نفس الشقه عقبال ما يدبرلي شقه ثانيه، اكتشفت بالصدفه النهارده ان الزباله طلع متجوز عليا  


فرغ شفتيه عابد متفاجئ بما قالته، واردف سريعًا متسائلا باندهاش


= انتٍ متاكده من الكلام ده يا ريهام ممكن يا بنتي سوء تفاهم وفهمتي غلط.


اشتعلت حدقتاها من كلماته فصاحت بعصبية


= سوء تفاهم! ده البيه اول ما واجهته ما انكرش وقال لي ايه يعني، انا مش بعمل حاجه عيب ولا حرام والشرع محللي اتجوز بدل الواحده أربعة


بينما في الخلف كانت تجلس خيرية تراقب حديث ابنتها بصمت و بعدم اكتراث، في حين هزت ريهام رأسها بسخرية مريرة وهي تضيف بنبرة مقهورة


= دلوقتي بس الفلوس ظهرت وبقى قادر يتجوز اثنين وثلاثه واربعه ولما كنت اطلب منه حاجه يقول لي معيش فلوس ما انتٍ شايفه الظروف، بس انا استاهل كنت بستحمل واسكت.. أنا عايزه أطلق من الحيوان ده مستحيل افضل على ذمته دقيقه واحده 


نظرت خيرية إليها بنظرات غامضة، ثم قالت بجمود


= طلاق ايه بس كفى الله الشر يا ريهام انتٍ عاوزه الناس تاكل وشنا، اهدي يا حبيبتي و كل حاجه و ليها حل


دق قلبها بعنف وهي تنظر لها بعدم تصديق مرددة بعصبية واضحة


= حل ايه يا ماما بقول لك اتجوز عليا انتٍ سامعاني بقول إيه، و انتٍ تقولي لي كلام الناس انتٍ مش شايفه حالتي عامله ازاي انا هتجنن من ساعه ما عرفت أنه اتجوز عليا وانا اللي استحملت معاه كتير تبقى دي جزاتي في الآخر 


هزت كتفها ببساطة وقالت بنبرة باردة للغاية


= برده ما جراش حاجه يا حبيبتي ربي شويه  واقعديلك هنا كام يوم وارجعيله في الاخر بس أهم حاجة الناس ما تقولش علينا حاجه ولا عليكي، انتٍ عارفه يعني ايه ست مطلقه في المجتمع ده ونظرات الناس ليها


نظر عابد لها مطولاً ولم يرد وتفهم ما الذي ترمي إليه بحديثها، رمقته زوجته بنظرات دونية وهي تتابع بقسوة


= وماله يا حبيبتي، ما ياما بيحصل كثير في البيوت وفي الاخر بيتصالحوا ايه يعني اتجوز عليكي؟ وايه يعني حتى كمان لو مد ايده عليكي في مره؟ وايه يعني حتى لو شتمك ولا هزقك مش بيلاقي  اللي يسكتله، مش بيلاقي اللي يبرر له، مش عارف ومتاكد انك ست واهلك بيخافوا من الناس والمجتمع وبيعملوا ليهم حساب اكتر من خوفهم على بناتهم

يبقى هيعمل اكتر من كده وزياده .


فمسحت ريهام بيدها عبراتها عن وجنتيها هاتفة بصدمه


= ماما انتٍ بجد بتقولي لي الكلام ده؟ انتٍ مالك في ايه .. فارق معاكي كلام الناس ومش فارق معاكي وجع بنتك وقهرتها ، وانت يا بابا ساكت ليه! ولا موافق على الكلام ده 


أخفض رأسه بحزن، ولم يرد لتنهض امها تقترب منها هاتفة بتشنج


= وما يوافقش ليه يا حبيبتي ما سبق وعملناه في اختك، ولا انتٍ اغلى من اللي راحت يعني؟ مش عاجبك كلامي الكلام ده اللي زمان ابوكي قاله لاختك عشان يغصبها تتنازل عن حقها وتتجوز واحد حيوان نهش في عرضها و بدل ما يخنقة بايده ويعاقبه قالها اتجوزيه عشان كلام الناس ونظره المجتمع، وانا سكت وقتها وانا شايفه بنتي مقهوره لحد ما طفشت من عمايلنا


ثم اقتربت من ابنتها و وضعت يدها على كتفها ضاغطًا عليها بقوة وهي تهتف توبيخها 


= وانتٍ كمان وافقتي على الكلام ده؟ مش كنتي خايفه لا جوزك يطلقك لما كان بيهددك، مش الكلب ده اللي بسببه ما وقفتيش جنب اختك وجيتي عليها وفضلتي تضغطي عليها ذينا انها توافق عشان بيتك ما يتخربش، أهو اتخرب وده المتوقع يحصل! 


ضربتها والدتها في كتفها بعنف تابعه بسخط 

ودون وعي وهي تخرج ما بجوفها من آلام وحسرة


= مش لاقى أهلك كل اللي بيفرق معاهم كلام الناس يبقى لي حق يعمل اكتر من كده و زيادة.. ما ترد انت كمان يا عابد، عارفه ابوكي ساكت ليه؟ عشان نفس الكلام اللي انا قلته لك من شويه كان هيقوله لك، بس كان متردد .. كان خايف يعيد نفس مأساة فريده


تراجعت ريهام للخلف لتبكي بندم شديد، فاستدارت برأسها للخلف صائحة بنبرة متصلبة تقطر منها الألم بصمت


= يلا يا عابد زعقلها بعلو حسك وقول لها انا ابوكي وعارف مصلحتك فين يلا اطردها وقول لها يلا على بيتك، كرامه ايه اللي جايه زعلانه عليها هو عمل حاجه غلط، ده عمل شرع ربنا عاوزة الناس تاكل وشنا وتقول علينا ايه لما تطلقي وانتٍ معاكي ثلاث عيال! يلا ضيعها زي ما ضيعت الثانيه.. مستني ايه.


أدار رأسه في اتجاهها ليجيبها بتوتر قليل


= انا ولا هعيد ولا هزيد اللي عاوزينه اعمله انا خلاص شلت ايدي منكم و انتم مش صغيرين وعارفين مصلحتكم فين


هزت خيرية رأسها بتهكم قائلة بحزن وهي تمنع نفسها من الاسترسال في عباراتها كي لا تنخرط في البكاء بندم كالعادة


= اتاخرت أوي يا عابد اوي، وكلامك جه بعد فوات الأوان .

يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة