رواية جديدة لعنة كنز شعلان لهالة محمد الجمسي - الفصل 16
رواية رعب من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية لعنة كنز شعلان
رواية جديدة
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل السادس عشر
ركضت ريهام إلى حيث يقف والدها، أحاطت بيدها عنقه ثم قالت في صوت ممتلأ بالبكاء:
_لقد عدت
نظر لها الوالد في لهفة وحنين ممز جة ب دهشة ثم قال:
_أنت ريهام!؟ لقد أصبحت شابة جميلة جداً ، أنت اجمل كثير مما كنت أظن
دقائق مرت وريهام ترفض أن تغادر أحضان والدها كانت تبكي في صوت عالي مسموع، لم يحاول كل من الجد أو الأم تهدئتها لقد علما جيداً أنها بحاجة إلى أن تعبر عن شعورها العميق بالحرمان الأبوي طوال سنوات مضت، لهذا رأي كل منهم أن يتركوا فرصة إلى المشاعر أن تتحدث في حرية عن ذاتها حتى إذا كان بكاء محموم، قال الأب وهو يربت على كتف ريهام:
_ ارجوك يا صغيرتي توقفي عن البكاء، أريد أن أشاهد الجميع سعيد يكفي ما تجرعت من أحزان، أريد أن أشعر بالفرح مع العائلة، أنه أمر قاسي ما عايشته أنا وأنتم في السنوات الماضية ولكن دعونا نترك كل هذا خلف ظهرنا وننظر إلى الأمام، أريد أن تمتلأ الساعات القادمة كلها بكم، لم أعد أريد لحظة واحدة تمر الإ وانتم إلى جواري، العمر يرحل في سرعة البرق،
وأنا أريد أن اكتنز أوقات سعيدة معكم قبل الرحيل
أمضت العائلة أوقات كبيرة في الثرثرة في الحديقة، كان الحديث عن الذكريات والأيام التي مضت قبل حادثة البحر الأب تحدث كثير عن متاعب ومآساة كاملة عاشها دون أسرته مما جعل ريهام تدرك أن ما قامت به من تضحية وزواجها من باروخ
لم يضع هباء فمثل تلك الأوقات التي ننعم بها
في رحاب الأسرة هي كنوز حقيقة لا يعلم قيمتها سوى من تم حرمانه منها،
كان الصبح قد أوشك على الظهور وحديث العائلة لم ينتهى بعد
قال الجد في لهجة آمرة وهو يشير إلى الجميع بالدخول إلى الغرف:
_يجب أن ننال جميعاً قسط من النوم، أعلم أن الفرحة كبيرة ولكن البدن له حق علينا
امتثل الجميع لرغبة الجد الذي ذهب أولاً إلى غرفته وهو يضع يد على كتف ريهام وهمس في أذنها:
_عليك ترك والدك اليوم إلى والدتك، لا ريب أن هناك الكثير من الكلمات والأحاديث بينهم يريدون تبادلها
هزت ريهام رأسها علامة الموافقة ودلفت الى غرفتها وهي تشير إلى والدتها و والدتها تحية مع ابتسامة عذبة
فور أن دخلت إلى الغرفة الخاصة بها حتى فزعت وهي تتراجع إلى الخلف في حدة كان هناك قط اسود شديد الضخامة يجلس على الفراش الخاص بها عيناه تلمعان بلهب أحمر، تماسكت ريهام قليل وهي تغلق الباب خلفها جيداً ثم قالت في لهجة غضب:
_باروخ لماذا ظهرت بتلك الهيئة؟
قال باروخ وهو يفرد جسده الذي اتخذ شكل القط:
_مزحة أو ذكرى
قالت ريهام في غضب:
_لقد أفزعتني
تابع باروخ في استنكار:
_زوجك يخيفك!؟
قالت ريهام وهي تجلس على مقعد في زوايا الغرفة بعيد عن الفراش:
_لقد أصاب قلبي الخوف في النظرة الأولى لك ولكن سرعان ما تذكرت أن وجودك الأول هنا في البيت كنت على هيئة القط وعلمت أنه أنت
اخذت نفس عميق قبل أن تتابع:
_لماذا لم تظهر بشخصية راغب؟ هذا أفضل لكل منا
قفز باروخ من الفراش أستقر على قدم ريهام ثم قال في صوت أجش:
_سوف نرحل إلى ساچا
اعترضت ريهام:
_ولكن هذا هو اليوم الأول لعودة أبي
قال باروخ في إصرار وهو يفرد قوائمه:
_يجب أن نذهب الآن
احتوى باروخ ج_سد ريهام بين قوائمة مما جعلها تشعر ببعض الاختناق قبل أن يقول في صوت مرتفع:
_كيا، فقا، شدس
شعرت ريهام أن الجدران تتشقق وأن رياح مملؤة بالتراب قد اقتحمت غرفتها قبل أن تشعر أن روحها تسحب منها في بطء وهي تنزلق إلى باطن الأرض وباروخ ممسك بها بين مخالبه
الى أن استقرت في غرفتها في القصر فتماسكت والتقطت الأنفاس ظهر باروخ في هيئة الجان الجلد الاحمر والعين المشقوقة وقال في لهجة تحمل صيغة تحذيرية:
_انها ليلة استقبال ملكية، أم الحيات وأمي تافي وبعض ملوك الجان هنا الآن، الوصيفات من النماردة التي اختارت ام الحيات بقاءهم معك
قالت ريهام في تساؤل:
_امر جيد
قال باروخ وهي يشير لها أن تسير إلى جواره:
_عليك إظهار الطاعة التامة لأم الحيات وكذلك يجب شكرها
نظرت له ريهام في دهشة مما دفع باروخ أن يكمل وهو يشير على ج_س-دها كله:
_يجب أن تفعلي هذا أمام الجميع الآن، وبعد سوف نتحدث لاحقاً
شاهدت ريهام ذاتها ترتدي فستان أحمر شديد الالتصاق بها ساتر لكل ج_س-دها يجر الأرض جراً من التصاقه بها، وشعرت بثقل في دماغها من التاج الذي وضعه باروخ عليها قبل أن يخرجوا إلى حفلة الاستقبال
كانت الملكة تافي تجلس إلى جوار أم الحيات وقد ظهرت على وجهها علامات القهر، كانت أم الحيات تلقى ببعض كلمات تعنيف على تافي التي لا تجرؤ على الرد
اقتربت ريهام من الملكة تافي وقالت في صوت
هاديء:
_مرحباً بك أمي تافي
ثم نظرت إلى أم الحيات وقالت:
_شكراً لك جدتي أم الحيات، لقد كان كرمك بي يشمل مزايا كثيرة
رفعت ام الحيات رأسها في غرور ثم تابعت:
_جيد أن تفهم عقلك أمور كثيرة
ثم نظرت إلى تافي وتابعت:
_سوف تكون مارجة هي رفيقة ريهام
ظهر بعض التوتر على وجه تافي في حين أعقبت ام الحيات:
_إليكا و سيفين أيضاً ولكن تواتر أقل
اقتربت مارجة من ريهام ثم قالت في صوت هادئ:
_هذا أنا مارجة واشكر جدتي أم الحيات على منحي فرصة ثانية
ثم تقدمت إليكا وقالت في صوت مكتوم فهمت ريهام به نبرة الغضب والرفض:
_أنا امتثل إلى رغبة جدتي أم الحيات في الحضور إلى القصر هنا في أوقات متباعدة
قالت سيفين وهي تنظر إلى ريهام في عمق:
_هذا شرف من جدتي أم الحيات أن تهب لي مهمة تعليم ملكة
كانت ريهام تنظر بصرها إلى الجميع في حيرة في حين تابعت أم الحيات وهي تنظر إلى مارجة:
_لا أخطاء جديدة أليس كذلك؟
هزت مارجة رأسها علامة الموافقة في حين قالت أم الحيات وهي تنظر إلى تافي:
_تافي تبلى حسناً في تقبل الأمور وهذا شيء جيد المس هذا الأمر واجد به بعض من الإشادة لتافي
اقتربت ام الحيات من باروخ ثم قالت في صوت يشبه فخيح الأفعى:
_قرابين عواك يجب أن تقدم قبل اكتمال القمر القادم
هز باروخ رأسه علامة الموافقة ثم تابع:
_سوف أفعل هذا
قالت أم الحيات وهي ترمق ريهام بنظرة حادة:
_يجب أن تكون القرابين من مختلف الطوائف
أكد باروخ في ثقة وعزم:
_هذا أمر لا رجعة به
استدارت ام الحيات فجأة وقالت في لهجة آمرة إلى الجميع :
_ينبغي أن نذهب الآن وعلى مارجة فقط البقاء رفقة ريهام
ثم نظرت إلى إليكا و سيفين وتابعت:
_كل منكم تعلم موعد تواجدها هنا أليس كذلك؟
هزت كل منهم رأسها علامة الموافقة قبل أن يختفي الجميع في لحظة واحدة في حين قالت مارجة وهي تنظر إلى ريهام في لطف:
_سوف أكون في زوايا القصر
ثم نظرت إلى باروخ وقالت قبل أن تختفي هي أيضاً:
_ليلة سعيدة
قالت ريهام في صوت به الكثير من الراحة:
_ فتاة لطيفة
أمر جيد أن انتهى الاستقبال، أشعر ب حاجة شديدة إلى النوم
قال باروخ في صوت به لهجة آمرة:
_ليس بعد، مارجة اختفت لأنها تعلم اني أريد وقت معك
قالت ريهام وهي تنظر إلى باروخ وقد فهمت مغزى كلماته:
_ليس هذا الليل، أنا متعبة وأنت تعلم هذا الأمر جيداً
قال باروخ في لهجة صارمة تحمل الكثير من الغضب:
_لا انت زوجة لي، زوجة ملك، والملك لا ترفض أوامره من أي كائن، عودتك والدك كانت سعادة لك، حققت لك كل ما تصبين له، وما لم تحلمين به أيضًا، وماذا عن سعادة باروخ؟ أنا لست بشر حتى أفهم طبيعة الأنس الباردة، مثل تلك الأمور لن نتحدث بها مرة ثانية،
هذا أمر لك هل هذا مفهوم؟
دون أن ينتظر منها جواب، دون أن ينظر إلى وجهها الذي امتلأ بالغضب والرفض، نفث عن كل ما يريده في كل فعل مارسه
قالت ريهام وهي تنهض من الفراش:
_أريد العودة إلى غرفتي في منزل أبي
نظر لها باروخ في عمق قبل أن يتابع:
_الجميع نائمون هناك
أدارت ريهام وجهها إلى الجهة الأخرى بعيداً عن وجه باروخ في حين قال هو:
_هي فقط خمسين دقيقة ويظهر ضوء النهار
قالت ريهام في تصميم وإصرار:
_الآن أريد النوم في غرفتي أو لديك رغبات أخرى على أن انتظر حتى أفعلها
نظر لها باروخ في حدة ثم أعقب:
_لا احب طرق العفاريت أكرهه هذا
تمتمت ريهام في غيظ:
_عفاريت ؟!
هتف باروخ وهو يتمطى في الفراش:
_ صغار الجان كثيري البكاء والنواحي
ثم أطلق ضحكة كبيرة قبل أن يتابع في مكر:
_سوف ألبي لك رغبتك يا ملكة ساچا، سوف اذهب بك الى غرفتك الآن، لا بأس من جعل غرفتك الأرضية مكان آخر نكمل به حياتنا الزوجية إذا كان هذا الأمر يروق لك
لم يكد باروخ يتم عبارته، حتى شعرت ريهام برأسها تصعد فيه الدماء في قوى شديدة قبل أن تجد ذاتها في غرفتها أعلى فراشها إلى جوارها يرقد باروخ الذي قال في لهجة تحمل السخرية والوعيد في وقت واحد:
_غرفتك ايضاً تروق لي
ريهام لا تعرف كم من الوقت غفت؟ ولكنه ليس وقت كثير، ربما أقل من ساعتين، كان باروخ قد اختفى اخيراً بعد أن ظل إلى جوارها الى أن بزغت الشمس، وبعد ذهابه فشلت أن تنام، كانت تفكر كثير في طريقة باروخ التي بها من القسوة الكثير، يرفض أن يستمع لها، يمارس كل حق له بالإكراه، يتفنن أيضاً في رؤية الغضب في ملامح وجهها، ولكنها تصمت ولا تملك سوى الرضوخ، هي تخاف أن يعود بوالدها إلى السجن القهري في البحار رفقة الغيلان مرة ثانية، كانت أشعة الظهر قد ملأت المنزل حين شعرت ريهام بالصداع يضرب رأسها جراء قلة النوم فأختارت الوسادة سكن لها، ولكن غفوتها لم تدم طويلاً
كانت يقظتها على صوت ضجة وصخب في الخارج يخالط صوت الأم والجد، حاولت أن تعود إلى النوم ولكنها لم تستطع، فنهضت من مكانها في تثاقل إلى الخارج وحين شاهدت جموع من الجيران والناس والأهل عادت مرة ثانية إلى غرفتها
فلقد أجبرها عنصر المفاجأة إلى العودة
الى الغرفة في سرعة
لم تكن تتوقع رؤية
حسام بين الحشود
التي امتلأت بها حديقة المنزل، كانت تشعر بالدهشة والقلق
زاد ووصل إلى أعلى
درجاته من الفزع
حين شاهدت حسام وهو يتبادل حديث مع والدها
والأب يستمع له في إهتمام وعمق كبير
❈-❈-❈
اتجهت ريهام في خطوات سريعة إلى حيث تقف الأم في المطبخ قالت الأم في لهجة غوث:
_ريهام احتاج مساعدتك، كل أهل البلدة جاءوا من أجل تقديم التهنئة لنا
نظرت لها ريهام في فزع وأشارت إلى الخارج قائلة:
_حسام أيضاً في الخارج
قالت الأم في لهجة فرح وسرور:
_حقاً! هذا أمر طيب، الفتى عاد من أجل عودة الأمور إلى طبيعتها
هتفت ريهام في صوت غاضب:
_لماذا لم يسافر؟ لماذا لم يرحل؟ وجوده هنا خطأ كبير
حملت الأم صينية متكدسة بالعصائر ثم أشارت برأسها إلى علبة شيكولاتة كبيرة وقالت:
_بعض الجيران يفضلون الشيكولاتة عن العصائر
ثم رفعت راسها إلى ريهام وتابعت:
_ريهام عودة حسام إلى هنا أمر طبيعي الشاب يحبك وربما هذا هو الوقت المناسب من أجل عودتكم
قالت ريهام في سرعة:
_لقد انتهى ما بيننا إلى الأبد
قالت الأم في نفاذ صبر:
_سوف نناقش تلك الأمور في وقت لاحق، الآن يجب إكرام الضيوف
قالت ريهام في سخط:
_المدينة كاملة هنا في المنزل، هذا أمر غريب كيف عرف الجميع بعودة أبي؟
قالت الأم وهي تتخذ أول خطوة لها خارج المطبخ:
_لقد تخلف جدك عن صلاة الفجر هذا اليوم، مما دفع شيخ الجامع إلى الحضور إلى هنا خشية أن يكون جدك مريض وحين أخبره جدك بعودة والدك، أصر على اخبار جميع الجيران بعد صلاة العصر حتى يباركون والدك على سلامة العودة والاستماع أيضاً إلى القصص والروايات عن فترة اختفاءه أين كان؟ ماذا فعل؟ كيف عاد؟ ومثل تلك الأمور تثير فضولهم، المدينة انتشر بها الخبر في سرعة البرق حملوا تساؤلاتهم وجمعوها إلى والدك، ما بين فرح وتساول قادتهم أقدامهم
وضعت ريهام الشيكولاتة على المنضدة ثم تراجعت إلى داخل المنزل في حين ظلت والدتها
تراقب نظرات حسام لها
الذي كانت تحمل حزن عميق استطاع أن يسيطر عليه بعد لحظات من رؤيته لها، وتجاهل هذا وانطلق في الحديث مع الأب والجد، وإن كانت تلك النظرة لم تخفي عن الأم التي شعرت بحسرة كبيرة تتخلل أعماقها، حسرة ممزوجة بحيرة
وعدم فهم لماذا تخلى حسام عن ريهام؟ إذا كان يكن لها كل هذا الحب، ولماذا يحتوى الحزن قراره ب الفراق؟ رغم أنه هو من أراد هذا، وما زاد حيرتها هو شأن الأبنة
التي لا تريد إعطاء فرصة ما لمناقشة الأمر معها أو مع أي شخص آخر، كيف تحولت مشاعر ريهام بتلك الطريقة؟ وفي هذا الوقت القصير ولماذا؟ وكيف لم تكون عودة والدها فرصة لها لاكتمال الفرح ومنح العفو والصفح عن أي خطأ صدر من الشاب؟
فهي تعلم جيداً أن عودة الأب هو حدث جذري في حياة الابنة من قدسيته يمكنها أن تمنح إلى أي شخص عفو عن أي خطأ، حتى إذا كان هذا الخطأ هو جريمة كبرى صدرت في حق الفتاة، كيف تحولت طفلتها ريهام إلى النقيض؟ ما السبب الذي يجعل فتاة ترفض من تحب بكل هذا الاصرار؟
أنها على يقين أن ريهام تكن إلى الشاب حسام مشاعر طيبة وصادقة ولكنها لا تعرف سر هذا الرفض الذي يصل إلى درجة الجفاء المتعمد، بل هي تشعر أن الإبنة هي من تحاول اقصاءه بطريقة ما من أجل سبب مجهول، لقد راودتها الآن افكار أن فسخ الخطبة كان قرار ريهام وليس قرار الشاب، هذا ما تلمسه الأم، نظرت إلى الشاب في شفقة وحنان وهو ينصت إلى كلام والد ريهام وتساءلت وهي تشاهد الانسجام الذي يبدو واضح بين حسام ووالد ريهام
هل سوف تكون عودة الوالد فرصة لإصلاح ما بين ريهام وحسام؟ ربما الغد أصبحت الفرحة بعودة الوالد فرحة أيضاً بعرس ريهام
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي من رواية لعنة كنز شعلان لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية