رواية جديدة كما لو تمنيت لبسمة بدران - الفصل 7
قراءة رواية كما لو تمنيت كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية كما لو تمنيت
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل السابع
(قبلة)
لم تستطع التفوه ببنت شفه فقد صدمت من حديثه
رمقته بضياع ومن ثم قالت بتلعثم: اااااانت أكيد بتهزر صح؟
هز رأسه نافيا: لا طبعا يا فيروز هانم هي الحجات دي فيها هزار.
تحدث والده بعدم اكتراث: كويس أهو تربي بنت أخوك بدل ما يربيها حد غريب.
استقام واقفا ثم قال: تصبحوا على خير عشان عندي محكمة الصبح.
تابعه أدهم وهو يتثاءب: خدني معاك عشان أنا كمان تعبان ومحتاج أنام جداااااااا.
أما عن فيروز فكان بداخلها بركان على وشك الانفجار قالت بضياع: لالالالالا ده كابوس أكيد مش ممكن يكون حقيقة
احتقن وجهها من الغضب بينما تحولت خضرويتاها للون القاتم مردفة بتوعد: طيب يا بنت الفران ورحمة ابني اللي قتلتيه لهعيشك أيام سودة هوريكي الجحيم هخليه يكرهك زي ما اتعلق بيكي ده وعد مني ليكي.
❈-❈-❈
مرت الليلة بسلام على الجميع وجاء الصباح ليضيء الكون بنوره الرباني
في شركة عواد بداخل مكتب لارا كانت تزرع الغرفة ذهابا وإيابا منغمسة في التفكير
وضعت يدها في فمها تقضم أظافرها وتتمتم بخفوت: مالك بس يا لارا فيكي ايه عادي يعني انتي خايفة عليه من ألاعيب البنات مش أكتر.
حاولت إقناع ذاتها بهذا الهراء كي تكف عقلها عن التفكير به
اتجهت إلى كرسي مكتبها الهزاز وألقت بنفسها عليه لكن لسوء حظها تراجع الكرسي للخلف قبل أن تجلس عليه فسقطت أرضا أطلقت صرخة مدوية
فوجدت الباب ينفتح ويولج منه يوسف الذي دنى منها بلهفة متسائلا: لارا هانم انتي كويسة؟
تأوهت بخفوت وأسندت يدها على الأرض لتساعد نفسها على القيام
فباغتها هو بأن انحنى أمامها ومد يده لها كي تتمسك بها
لم تتردد بل وضعت يدها في يده بكل هدوء
جذبها برفق حتى استقامت واقفة نظرت إلى عسليتيه بهيام وشكرته بنعومة
ابتسم لها وهو يسحب يده من يدها وقال: مش تخلي بالك.
أبعدت عينيها عنه بصعوبة وتمتمت بخفوت: يخـ رب بيت جمال عنيك.
قاطعها بتساؤل: بتقولي حاجة؟
أجابته وهي تسحب الكرسي لتجلس عليه: لا متخدش في بالك
استعادت جديتها في الحديث مردفة: ها قولي يا ترى ايه سبب زيارتك الحلوة دي لمكتبي عالصبح كدة؟
أجابها وهو يضع بعض الأوراق على مكتبها: كنت محتاج أبلغ حضرتك واستاذ مراد إن التصاميم الخاصة بالقرية السياحية خلصت وهنبدء تنفيذها من بكرة بإذن الله.
منحته ابتسامة صافية زادتها جمال فوق جمالها وقالت: من غير ما اشوف التصاميم انا متأكدة إنها هتكون أجمل قرية انا شفتها في حياتي يا يوسف.
حدجها بنظرات إعجاب لم يستطع إخفائه وابتسم لها لا إراديا ومن ثم تنحنح بخشونة مردفا: طيب بعد إذنك انا هروح مكتبي.
تابعته حتى دلف للخارج وأغلق الباب من خلفه
تنهدت بحرارة ثم راحت تفحص الأوراق بعدم تركيز فعقلها بأكمله مع ذلك الذي دلف للتو.
❈-❈-❈
بينما في فيلا صبري
وبالتحديد في غرفة أدهم
وقف أمام المرآة يمشط خصلاته البندقية للخلف كعادته وهو يطلق صفيرا وضع الفرشاة فوق منضدة الزينة ثم أخذ زجاجة العطر المميزة ونثر كثيرا منها على ثيابه وعنقه ثم وضعها مكانها
فتح أحد الأدراج الخاصة بالساعات ذات الماركات العالمية التقط أحداهم ووضعها على معصمه الأيسر اتجه إلى غرفة الملابس وخاصة المكان المخصص للأحذية لينتقي حذاء
أخذ واحدة تمتاز بطابع كلاسيكي وانحنى ليرتديها استقام واقفا وهو يتنهد بحرارة قائلا: كفايا بعد بقى يا فريدة انتي وحشتيني اوي لازم نتكلم ونحل كل حاجة النهرده.
❈-❈-❈
في منزل الحاج رشيدي
ولجت لغرفتها وأغلقت بابها جيدا ثم فتحت هاتفها على إحدى الأغنيات الشعبية وراحت تتمايل عليها باحترافية شديدة من يراها يظن أنها احدى الراقصات الشهيرات
كانت تشعر بأنها تطير فوق السحاب شعرت بأنها استردت حريتها مجددا فهي عادت لطبيعتها قبل تلك الزيجة المشؤومة ظلت ترقص لوقت ليس بالقصير وعندما تنتهي الغنوة تأتي بغيرها
حتى أوقفها صوت طرقات فوق باب غرفتها توقفت وهي تلتقط أنفاسها ثم رفعت يدها لتمسح حبات العرق التي تشكلت على جبينها أخذت نفس عميق وأخرجته ثم فتحت الباب فوجئت بأبيها أمامها رفعت أحد حاجبيها بدهشة فأبيها ليس من عادته أن يعود باكرا هكذا
ابتسم وقال بعد أن قرء أفكارها: ما تستغربيش انا بس جيت عشان أدهم اتصل بيا وبلغني انه جي في السكة عشان حابب يتكلم معاكي شوية على انفراد.
غمغمت بحدة:: بس انا يا بابا مش عايزة أقابله انا أصلااا
قاطعها بهدوء: يا بنتتي اقعدي معاه واسمعيه ولو ما عجبكيش كلامه انا همنعه انه يقرب منك تاني.
فتحت فمها لتتحدث
فباغتها هو بأن طبع قبـ لة عميقة فوق جبينها واستدار عائدا لغرفة الجلوس لينتظر أدهم.
أما عنها فقد ضربت الأرض بسـ اقها بغضب ومن ثم ولجت للداخل كي تبدل ملابسها وتنفذ كلام والدها الحبيب.
❈-❈-❈
أما عند شهد فقد انتهت من ارتداء ملابسها وتجهيز حقيبتها فبعد ما فعله بها بالأمس لم تسامحه أبدا
فهو عندما سمعها تطلب الطلاق شعر بالغضب تجاهها حملها بين يديه دون الاكتراث لصراخها وولج بها لغرفتهما ألقاها على الفـ راش ومزق ثيابها فعندما قاومته أبرحها ضربا حتى ضعفت مقاومتها فاغتـ صبها دون رحمة وهذه كانت أعنف من كل مرة إغتـ صبها بها فقد أفرغ فيها كل شحنات الغضب التي اعترته فهو يعشقها ويرى أن ما يفعله بها حق مكتسب له
وبعد أن انتهى منها تركها وغادر المنزل ولم يعد من الأمس.
كفكفت دموعها التي انسابت على وجنتيها رغما عنها ومن ثم جرت حقيبتها واتجهت لغرفة صغيرها فوجدته يجلس على فراشه في صمت
دنت منه ثم احتـ ضنته بحنو وتشدقت: يلا يا حبيبي عشان نروح عند تيتة.
أومأ الصغير موافقا وهب واقفا دون روح وبداخله كره لوالده لن يزول بمرور الزمن.
❈-❈-❈
بينما في فيلا عواد
جلست شمس بجانب عشق التي كانت تلعب بالمكعبات فداعبت خصلاتها بحنو
فابتسمت لها الصغيرة تلقائيا
شهقت عندما استمعت لصوته الرجولي يقول: بتعملو ايه؟
تركت عشق ما بيدها وانطلقت إلى أحضـ ان أبيها الذي استقبلها بصدر رحب
ربط على ظهرها بحنو بالغ وأكمل حديثه مردفا: حبيبة بابي بتعمل ايه؟
أجابته وهي تركل بقدميها في الهواء: نزلني وانا هوريك.
استجاب لها على الفور ووضعها أرضا فجذبت يده متجهة به إلى المنضدة التي كانت تلعب عليها
صفقت بحماس: بص يا بابي انا عملت بيت لينا انت وانا وثمس.
فغرت شمس فاهها من الصدمة
بينما مراد ابتسم لها بعذوبة وقال: وتعملي بيت لينا ليه ما احنا قعدين في واحد اهو يا عشق!
قفزت بحماس طفولي: لا يا بابي ده هيكون لينا انا وانت ومامي ثمس.
وقبل أن يتحدث استمعوا لصوت قرع الجرس
وبعد لحظات ظهر أكثر شخص مراد يبغضه.
❈-❈-❈
في نفس التوقيت وصل أدهم أمام منزل الحاج رشيدي
هبط من السيارة ثم عدل هندامه أخذ نفس عميق فهو يشعر بتوتر كلما اقترب لقائه بها
قرع جرس الباب وانتظر
بعد لحظات فتح له الحاج رشيدي الذي استقبله بترحاب: اتفضل يا ابني البيت بيتك.
تنحنح أدهم بحرج وولج للداخل وتبعه الحاج رشيدي بعد أن أوصد الباب
جلس أدهم على أول أريكة قابلته في غرفة الجلوس
شعر الحاج رشيدي بتوتره فأردف ممازحا: متوتر ليه انشف كدة ده انت لسة المشوار قدامك كبير.
أخذ أدهم شهيقا وزفره على مهل ولم يعقب
فنهض الحاج رشيدي: لما اروح انندهلك فريدة.
أومأ له موافقا
أوقفه صوتها الجاد: انا جيت يا بابا خلي حضرتك مرتاح.
ابتسم بحنو لها ثم غمز لأدهم بعبث وتشدق بجدية مصتنعة: اقعدي يا بنتي انا هدخل اعمل حاجة سقعة لأدهم عشان أم يوسف لسة ما رجعتش من السوق.
وقبل أن تعترض انصرف من أمامهما
جلست على الأريكة المقابلة وتشدقت بفظاظة: خير جاي ليه؟
جاي عشانك يا ديدة أصلك وحشتي
قاطعته بحدة: بقولك ايه انا مش فضية للكلام الفارغ ده فاخلص قول جاي ليه؟
جاي أخدك انتي وتالين.
صاحت به: بس بابا قال اننا هنقعد هنا لحد ما اتجوز.
قبض على يده بقوة حتى أبيضت مفاصله وصاح بها: مش هيحصل يا فريدة انتي مش هتكوني لحد غيري.
رمقته باستهزاء: وانا مش موافقة ايه هتتجوزني بالعفية!
تشنج فكه بابتسامة غاضبة: لا يا فريدة بمزاجك.
فتحت فمها لتتحدث لكنه أردف بقسوة: وإلا هاخد بنتك منك وانتي عارفة اني هقدر أخدها وبالقانون.
صمتت قليلا تفكر التمعت فكرة شيطانية في رأسها وأقسمت على الانتقام منه فقالت: انا موافقة بس بشرط.
ابتسم باتساع فهو يعرفها ويحفظها عن ظهر قلب فسألها بهدوء: شرط ايه؟
جوازنا يكون على ورق ولو عايز تتجوز غيري معنديش مانع.
قهقه بصخب: وانا موافق يا ديدة
ثم تابع: بس ده مؤقتا بس.
سألته بتوجس: بتقول حاجة؟
هز رأسه بالنفي: لا يا قلبي بس يا ريت محدش يعرف حاجة عن اتفقنا ده.
أومأت موافقة
فتابع بحماس: يبقى فرحنا الجمعة الجية.
كدة بسرعة!
ونأجل ليه ما احنا هنتجوز على ورق.
قالها أدهم بخبث شديد
أومأت باستسلام: ماشي يا أدهم موافقة.
ولج والدها يحمل صنية عليها ثلاث أكواب من عصير المانجو الطازج ووضعها على المنضدة التي تتوسط الغرفة ثم ناول أحدهم لأدهم والأخرى لفريدة وبعدها أخذ الكوب خاصته وجلس بجانب أدهم بارتياح ارتشف رشفة من الكوب ومن ثم سأله باهتمام: ها اتفقتو على ايه؟
أجابه أدهم بثقة: وافقت طبعا هي هتلاقي عريس لقطة كدة زيي فين.
ابتسم الحاج رشيدي
بينما هي رمقته بغضب ثم هبت واقفة متجهة إلى غرفتها وبداخلها حزن شديد.
أما عن أدهم ظلا محدقا بها حتى اختفت عن أنظاره
تنهد بحرارة وعلى وجهه تشكلت ابتسامة عذبة
قاطع هيامه بها صوت الحاج رشيدي الصارم: بص يا ابني انا سمعت كل اللي دار ما بينكم فريدة امانة في رقبتك أوعدني انك لو ما قدرتش تقنعها بيك تطلقها بهدوء.
دنى أدهم منه ثم ربط على يده: أوعدك اني هشيل فريدة في عيوني وهتفضل مراتي لحد ما اموت مش غصب لا والله بأرادتها.
ابتسم له بامتنان حقيقي وغمغم: ربنا يسعدكم يا ابني.
أمن أدهم خلفه وبداخله سعادة لو وزعت على الكون ستكفي وتفيض فأخيرا يومين وستكون له.
❈-❈-❈
عودة إلى فيلا عواد
اشتعلت عيناه من الغضب عندما وجدها أمامه ترتدي ثوب فاضـ ح قصير باللون الأرجواني كاشفا سـ اقيها وذراعيها بسخاء رسمت على شفـ تيها التي طلتها بلون أحمر مثير ابتسامة مستفزة ومن ثم تشدقت بلهفة عشق: بنتي حبيبتي.
ركدت الصغيرة لترتمي بين أحضـ انها بلهفة حقيقية
بينما شمس كانت تتابع المشهد باهتمام وكأنها تشاهد أحد الأفلام الهندية
أما عن مراد فقد اغتاظ من بجاحتها تلك فدنى منها بسرعة جاذبا ابنته بالقوة من بين أحضـ انها صارخا بها: انتي ايييييه اللي جابك هنا يا زبا لة انا مش طلقتك وخلصت من قرفك؟
أجابته بانكسار مزيف: جيت اشوف بنتي يا مراد اللي حرمتني منها.
أنزل طفلته أرضا ومن ثم قبض على يدها يعتصرها بقوة وبداخله يتمنى أن يكون عنقها بدلا من يدها مشددا على كل كلمة يتفوه بها: تاخدي بعضك وتغوري من مكان ما جيتي وتنسينا للأبد.
صرخت من شدة الألم
لكنه لم يهتز له شعرة وتابع حديثه اللاذع: ولو لمحتك في أي مكان بروحه صدقيني هتشوفي وش عمرك ما شفتيه مني مفففففففهووووووووم؟
أومأت برأسها صعودا وهبوطا
نفضها بعيدا ومن ثم بثق عليها
استدارت لتذهب فوجئت بابنتها تتمسك بقدمها ودموعها تنهمر بكثافة على وجنتيها الوردية: متمثيث يا مامي وتسيبيني.
استدارت إليها حاملة إياها تحتضنها بقوة مردفة بخبث: معلش يا حبيبتي أصل بابي مش عايزني ابقى معاكي.
رفعت وجهها عن كتفها وقالت بصوت متهدج من كثرة البكاء: متخليهاث تروح يا بابي انا عيذاها معايا.
قبض مراد على يده حتى أبيضت مفاصله صارخا باسم الخادمة التي جاءت على الفور تلهث من الركد: أمر حضرتك يا مراد بيه؟
تحدث من بين أسنانه: جهزي أوضة للهانم عشان هتشرفنا كام يوم.
ابتسمت بنصر
بينما هو توعد لها بداخله فأقسم بأن يريها العذاب على يده
أما عن شمس فبقيت كما هي تتابع في صمت لكن سرعان ما انتفضت على صوته الغاضب: شمس اطلعي على أوضتك دلوقتي.
وبعدها اتجه إلى مكتبه بخطوات غاضبة وقلب مشتعل.
تابعتهم بعينيها حتى اختفوا ومن ثم قبلت وجنة ابنتها بقوة: حبيبتي يا عشق كنت عرفة انك نقطة ضعف ابوكي اللي مش هرتاح غير لما ارجعه لحضـ ني تاني مراد ده بتاعي انااا.
❈-❈-❈
وصلت شهد وولدها يونس للحي الذي تقتن به عائلتها طرقت الباب وانتظرت وبعد بضع ثواني وجدت الباب ينفتح
شهقت والدتها بسعادة: بنتي حبيبتي
لكن قطعت باقي كلماتها عندما ابصرت تلك الحقيبة الكبيرة التي تمسكها في يدها
دفعت الباب وولجت فانحنت والدتها تحمل الصغير وتقبله في وجنته بقوة ثم وضعته أرضا قائلة وهي تشير إلى إحدى الغرف: ادخل لخالتك فرحة يا يونس.
ركد الصغير باتجاه الغرفة تاركا المجال لهما بالحديث
جذبتها والدتها من يدها بعد أن تركت الحقيبة بجانب الباب وأجلستها على الأريكة الموجودة في ردهة المنزل متشدقة بلهفة: في ايه يا بت وليه جايبة شنطة هدومك معاكي هو انتي اتخانقتي مع محمود؟
تنهدت بحرارة وراحت تقص على والدتها ما عانته خلال الخمس سنوات الماضية
وبعد أن انتهت وجدت أمها ترمقها بسخرية وكأن ما قصته عليها كانت أحدى النكات السخيفة
ساد الصمت بينهما حتى قطعته والدتها: اه وبعدين يا بت بطني؟
أجابتها بثقة لا تعلم من أين أتت بها: هتطلق منه يامة انا كرهته وكرهت معشرته.
قاطعتها بصراخ: بتقولي ايه يا بت الهبلة ده جوزك يعمل فيكي ما بداله قال اغتـ صاب قال!
تابعت حديثها وهي تضرب سـ اقها بخفة: قومي قومي غيري هدومك وخليكي قاعدة عندنا يومين لحد ما تروقي.
استقامت واقفة: اما أروح اشوف الأكل اللي على النار.
تابعتها شهد بعينان جاحظتين فهي توقعت أن والدتها ستفهم ما مرت به وتحتضنها وتدعمها لكن هيهات فوالدتها تفكر كمعظم الناس أن الرجل يحق له أن يفعل كل شيء في زوجته وما عليها سوى الطاعة
انهمرت دموعها ومن ثم استقامت واقفة عازمة على التحدث مع أختها علها تدعمها في مصيبتها تلك
❈-❈-❈
مر اليومان وجاء أسعد يوم في حياة أدهم صبري الذي لم يذق طعم النوم في تلك الليلة الماضية فقد كان يفكر بها ويختط مستقبله معها
نهض بتكاسل ليستعد لتلك الليلة المباركة من وجهة نظره
بعد أن أنهى حمامه ارتدى بدلة سوداء وقميص أبيض وببيون سوداء صفف شعره بعناية ثم نثر عطره الفاخر بكثرة وأخيرا انحنى ملتقطا حذاء أسود ليكمل إطلالته الخاطفة للأنفاس
وقف أمام المرآة يلقي نظرة أخيرة مسد لحيته البندقية بخفة ثم استدار دالفا للخارج
هبط الدرج وجد والديه قد انتهيا ألقى عليهما تحية المساء وبداخله سعادة لا توصف لاحظتها فيروز جيدا فازداد كرهها لتلك الفريدة
بينما والده بارك له بسعادة وسبقه للخارج
جذب يد والدته ودلفا للخارج دون مقاومة منها
فتح لها باب السيارة الخلفي لتركب
بينما والده استقل المقعد الذي يجاور مقعد السائق
جلس أدهم أمام عجلة القيادة ومن ثم أدار السيارة منطلقا بها حيث توجد سارقة قلبه
❈-❈-❈
أما في منزل الحاج رشيدي
رفضت فريدة أن تضع أيا من مستحضرات التجميل فقط ارتدت فستان أسود ضيق من عند الخصر ينزل باتساع حتى الأرض وحجاب فضي وحذاء بنفس اللون
بينما تالين ارتدت فستان أبيض وتركت خصلاتها السوداء الطويلة التي تشبه خصلات والدتها حرة تتطاير خلفها
تأملتها والدتها بعدم رضا وتشدقت بغيظ: لبستي أسود وقلنا ماشي كمان مش عايزة تحطي حاجة في خلقتك دي!
قاطعها صوت والدها الذي ولج للتو: مالها خلقتها يا زوزو دي حتى زي القمر طلعالك.
ثم غمز لها
صفق يوسف بقوة
بينما محمد رفع يده وفردها ومثل بأنه يعزف على الكمان
تيارارارا
صفعه والده على مأخرة رأسه
ومن ثم اتجه إلى يوسف لكنه كان الأسرع ووقف خلف والدته قائلا بخوف مصتنع: الحقيني يا زوزو جوزك عايز يعلم على قفايا يرضيكي كدة؟
وقبل أن تجيبه استمعوا إلى صوت رنين جرس المنزل
تحدث الحاج رشيدي وهو يدلف للخارج: ورايا يا جحش منك ليه شكلهم وصلوا.
وبعد دقائق كان يجلس الحاج رشيدي وأمامه أدهم يتوسطهما رجل كبير يبدو من ثيابه أنه المأذون
أخذ يتحدث عن أهمية الزواج وقدسيته ثم بدء يردد عبارات عقد القران والحاج رشيدي يردد خلفه
ثم جاء الدور على أدهم الذي كان يردد خلف المأذون بسرعة فائقة حتى أنه أخطء أكثر من مرة
فتحدث المأذون بجملته المعتادة: بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير.
أطلقت السيدة زينب الزغاريد
ثم ذهب يوسف ليأخذ أمضة فريدة التي خطت اسمها ببرود شديد
أما عن أدهم فكان يشعر بأنه امتلك الدنيا وما فيها
بعد أن ذهب المأذون خرجت فريدة وسلمت على أحمد وفيروز ثم مدت يدها وصافحت أدهم ببرود شديد ومن ثم عادت إلى غرفتها
جلست تالين على قدم أدهم وأخذت تداعب لحيته بيدها الصغيرة ثم قالت بطفولة: انت أمور اوي يا اونكل.
قهقهوا بصخب فتلك الصغيرة تتحدث وكأنها في العاشرة من عمرها وليس في الخامسة
تحدث الحاج رشيدي بهدوء: أدخل يا أدهم اقعد مع فريدة شوية قبل متاخدها وتمشي.
ثم أشار لزوجته قائلا: وانتي يا أم يوسف فين الجاتوه والبيبسي؟
أجابته بفرحة: حالا يا حاج قوم يا محمد ساعدني.
شعرت فيروز بالملل بينما أحمد أخذ يتجاذب أطراف الحديث مع الحاج رشيدي ويوسف.
عند فريدة أخذت تقطع الغرفة ذهابا وإيابا وهي تلعن أدهم فهي الآن أصبحت ملكه سيتحكم بها كما يشاء
قاطع غضبها صوت طرقات الباب فظنت أنها والدتها فخلعت الحجاب ثم أذنت بالدخول وهي تجلس على فراشها
لكن سرعان ما انتفضت من مكانها عندما تسللت لأنفها رائحته
وقف أدهم مكانه يتأمل ارتباكها هذا بوله شديد ثم أغلق الباب واتجه إليها بخطوات بطيءة زادت من توترها
مدت يدها لتلتقط حجابها لكن يده كانت الأسرع فأخذه قبلها
رمقته بغضب: هات الطرحة ثم انت أصلا مين سمحلك تدخل هنا هاااا؟
ايه يابني ما ترد هو انا مش بكلمك!
باغتها وجذبها يعتصرها بين أحضـ انه حتى شعر بأن ضلوعها ستنكسر رفعها من على الأرض وسط مقاومتها ثم أسند جبينه على جبينها وتحدث بصوت خافت يملأه الشوق: وحشتيني اوي يا ديدة انا مش مصدق انك خلاص بقيتي بتاعتي.
فتحت فمها لتوبخه لكنه سبقها وضم شفـ تيها بشـ فتيه في قبـ لة عاصفة يقبلها باشـ تياق ولهفة وعشق خالص
ظل يقـ بلها بقوة وكأنه بتلك القـ بلة يعوض اشتـ ياقه لها خلال تلك السنوات العجاف التي حرم منها
ابتعد عنها مرغما لحاجتهما للهواء
فدفعته بيديها وصاحت به وهي تلهث بقوة: نزلني يا حيـ وان انت ايه اللي عملته ده هو احنا مش اتفقنا!
رفع أحد حاجبيه بمكر وأجابها باستفزاز: اه مهو انا عند اتفاقي وان كان على البوسة فهي بوسة بريئة.
وقبل أن تنهال عليه بوابل من الشتائم جذبها مقبلا رأسها وأردف: انا هستناكي برة يا قلبي لحد ما تلفي طرحتك.
وقبل أن يفتح الباب استدار إليها قاذفا لها قبـ لة في الهواء: سلام يا يا مراتي.
ثم دلف وأغلق الباب من خلفه بسرعة قبل أن تفتك به.
وقف أمام الباب ينظم ضربات قلبه التي تزايدت في قربها ارتسمت على شفـ تيه ابتسامة واسعة عندما مر بخاطره قبلـ تهما الأولى أخذ يمرر لسانه على شفـ تيه كي يحتفظ بمذاق شهد شفـ تيها لوقت أطول.
قطع وصلة الهيام تلك صوت محمد المازح: واقف كدة ليه يا أبو نسب هي ديدة كرشتك ولا ايه؟
ابتسم بخفة وتحدث بغرور مصتنع: تكرش مين يا حمادة لا أنا أدهم آه بس راجل اوي خلي بالك.
انفجر محمد في الضحك وشاركه أدهم الذي احتـ ضن كتفه متجها به حيث يجلس الجميع.
❈-❈-❈
في فيلا عواد
جلست شمس في غرفتها تهز قدمها بتوتر وملل شديد فمنذ أن أتت تلك العقربة وهي تجلس دون عمل فقد حرصت على أن تبقي عشق معها طوال اليومين المنصرمين
استقامت واقفة ملتقطة حجابها ووضعته بعشوائية على شعرها دالفة للخارج عازمة على التحدث معه لإيجاد حل
في نفس التوقيت كان يجلس في مكتبه يراجع أحد الملفات الخاصة بالعمل لكن سرعان ما ألقاه بعيدا فهو غير قادر على التركيز في أي شيء منذ أن عادت طليقته
سحق أسنانه بغل عندما تذكر صورها الفاضحة مع صديقه فأزاح ما فوق المكتب بقوة ليتناثروا على الأرض ثم جلس فوق المقعد واضعا رأسه بين كفيه
استمع لصوت طرقات خفيفة فأذن بالدخول
ولجت وأغلقت الباب من خلفها اتجهت إليه وقالت بعصبية طفيفة: بقولك ايه يا مراد باشا انا زهقت من القعدة من غير شغل العقربة مرات حضرتك واخدة عشق في أوضتها ما بتطلعهاش خالص.
ابتسم بخفة ثم رفع رأسه رامقا أياها بنظرات متفحصة قائلا: لسانك ده يا شمس عايز
قاطعته بسرعة: عرفة عايز قطعه قديمة ها بقى مقلتليش انا هعمل ايه؟
استقام واقفا متجها إليها بخطوات بطيءة وهو يدعي التفكير: اممممم شوفي يا شمس
قاطع حديثه ولوجها دون استئذان
إغتاظ مراد من بجاحتها تلك
بينما شمس تمتمت بخفوت وصل لسمع مراد: أهي العقربة شرفت.
كتم ضحكاته ثم سألها ببرود: خير يا مدام عايزة ايه؟
أشارت للفتاة أن تتحدث ثم أجابته بخبث: مشش أنا يا بيبي اللي عايزة دي عشق حبيبتي.
ثم وجهت حديثها لعشق: قولي لبابي يا حبيبتي اللي قلتهولي فوق من شوية.
ركدت الصغيرة تتمسك في بنطال أبيها الذي انحنى رافعا إياها عن الأرض ثم قبل إحدى وجنتيها: ها حبيبة بابي عايزة ايه؟
أجابته بحماس: عيذاك ترجع مامي عثان نعيث تاني كلنا مع بعض.
لوت شمس شفـ تيها بعدم رضا ثم تمتمت: يخـ رب بيتك ولية قرشانة حفظت البت كلمتين عشان تلوي دراع الراجل.
وضعها أرضا ثم تحدث بمهادنة: طيب يا قلبي اطلعي أوضتك وانا هتفاهم معا مامي.
أومأت الصغيرة بحماس واندفعت للخارج
بينما مراد رمقها بنظرات احتقار جعلتها تتململ في وقفتها
ثم دنى منها بغتة جاذبا إياها من يدها متحدثا بفحيح: بقى بتلوي دراعي بالبنت وعيزاني أرجععك ليا تاني ليه يا… شيفاني مركبهم عشان اقبل ان واحدة زيك …. تكون على ذمتي
ترك يدها بقوة ثم دنى من شمس جاذبا إياها ملتقطا شفـ تيها بقبـ لة هادئة استمرت بضع ثواني قصيرة وابتعد عنها متحدثا بقوة: انا مستحيل ارجعك مش عشان انتي …. و…. لكن عشان انا بحب شمس وهتجوزهاااا…
إلى حين نشر الرواية الجديدة للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية