-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 12

     قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الثاني عشر

استيقظت على غير العادة قبله فتحركت ببطئ وناحية باقة الزهور التي أحضرها لها وحملتها تشتم عبيرها بقوة وعادت للفراش تتفحص ملامحه وهي تبتسم وانحنت تقبله على جانب شفته فبادلها القبلة فورا وهو يبتسم فابتعدت عنه ترمقه بنظرة حادة وهي تصرخ بتفاجئ:
-أنت صاحي؟

ضحك عاليا وهو يتدحرج حتى أصبحت أسفله وزمجر مقبلا عنقها:
-من أمتى بتصحي قبل مني؟

ارتفع بجسده وغمز لها وظل يرمقها بنظراته الوالهة فدفعته لتهرب من حصاره وهي تتذمر:
-طيب قوم بقى عشان اتأخرنا ع الشغل.

تنهد مستندا على ذراعيه متكئا بأريحية على الفراش رافضا:
-مش قادر، عايز ارتاح وآخد اجازه اقضيها معاكي ومع الولاد.

اقتربت منه مبتسمة وداعبت لحيته وهي تعقب:
-مين ده اللي قاعد قدامي؟ بقى فارس الفهد مش عايز يروح الشغل، معقول!

لمحت الحزن الذي احتل حدقتيه وملامحه فتملكها الحزن بدورها وسألته بصوت عميق به الكثير من المشاعر المكترثة:
-فيك ايه يا حبيبي؟ أوعى تفتكر اني مش حاسه بيك من ساعة ما جيت امبارح، في الأول كنت بحسب انك لسه زعلان مني بس بعد كده اتأكدت إن في حاجه كبيره بالرغم انك بتحاول تخبيها.

سحب شهيقا عميقا وطرده خارجه فلمعت عينها بالذعر وهتفت بخضة:
-عشان خاطري متقلقنيش، الموضوع يخص مين طيب؟

أغلق عينيه وهمس بضعف:
-ابن چنى ومازن.

حدقت به تناشده إخبارها بمزيد من المعلومات بعد أن شعرت بمزيد من القلق قد غزا كل حواسها فقال:
-تعبان و...

قاطعته تؤكد:
-هيبقى كويس إن شاء الله، أطفال كتير اتولدوا قبل ما يتموا التاسع وبقوا زي الفل.

تمتم بحزن:
-الموضوع مش كده.

عقبت عليه:
-أنت مش فاكر حالة جاسر كانت إزاي، وأهو بقى الحمد لله كويس خالص وكمان چاسمين بالرغم من أنها لسه تعبانه بس بتتحسن.

أطرق رأسه مقوسا فمه فرفعت وجهه تسأله بفضول:
-قولي فيك ايه؟

رمقها بنظراته الحزينة ووضح:
-ابنهم حالة داون.

ارتعشت شفتيها وتبعها نزول عبراتها دون توقف وسألته باكية:
-أنت متأكد يا فارس؟

أومأ صامتا فصاحت متسائلة:
-ازاي مكتشفوش ده من بدري؟

حرك رأسه باستسلام:
-مكانش باين وكل الكلام ده مش هيفيد دلوقتي، المهم اللي جاي.

بللت شفتيها بطرف لسانها وهمست:
-ربنا يقويهم يا رب، ما تيجي نروح نزوهم و...

قاطعها فارس بصرامة:
-خدي بالك محدش يعرف بالموضوع غيري، ولا حتى جنى.

سألته بحيرة:
-ومازن وطنط دينا؟

أجابها:
-أيوه مازن والدكتورة دينا والدكتور مراد بس اللي عرفوا، ولحد ما مازن يقرر يعرف جنى مش من حقنا نقول لحد وأنتي كمان ياريت تعملي نفسك متعرفيش يكون افضل.

أومأت له وهي تنظر له بحزن واحتضنته تهمس بحب:
-شايل حمول جبال يا حبيبي، مشاكل العيلة كلها على دماغك، ربنا يقويك على حلها.

نزلا الدرج لتناول الإفطار فاستقبلتهما حنان بملامحها الحنونة وسألت فارس بقلق:
-متأخر ليه كده يا حبيبي؟

رد وهو يسحب مقعد المائدة لزوجته بلباقة:
-مش رايح الشغل يا داده، ورايا حاجات اهم.

التفت يحدث خادمته أثناء رصها لاطباق الطعام على المائدة:
-سنيه، ابقي خدي معاكي آلاء وروحوا مبنى الساونا دوروا على فردة الحلق الألماظ بتاع ياسمين.

أومأت بطاعة:
-حاضر يا فندم، في مكان معين ندور فيه؟

أجابها وهو يهم بتناول الطعام:
-غالبا وقع على الأرض، احنا دورنا عليه ومش لقينه خالص.

أومأت باحترام وتحركت للداخل فتكلمت ياسمين بحزن:
-لو ضاع هزعل عليه اوي.

لم يهتم لحديثها وقبل راحتها وهو يؤكد:
-فداكي يا قلبي، هجيبلك غيره.

نزلت المربية بنفس اللحظة تحمل الصغيرة وتساعد جاسر بنزول السلم فاتسعت بسمة فارس وهو يترك مقعده ذاهبا نحوه ملاطفا إياه:
-يا روح بابي أنت، كبرت خلاص وبتنزل السلم لوحدك!

حمله وقبله والمربية تعقب:
-ده بقى شاطر خالص وبيعمل كل الـ Activities صح.

دغدغه ببطنه وهو يقبله والصغير يصرخ فرحا ولهوا:
-حبيبي ده الشاطر، امتى تكبر بقى وتمسك الشغل مكاني عشان ارتاح أنا.

وجد والدته تعقب على حديثه رافضة:
-لاااا بقولك ايه، سيب ابني في حاله أنا مش عيزاه يفرم نفسه فـ الشغل زي ما بتعمل.

ابتسم وهو يشعر بغصة تؤلمه فهو حقا قد أضاع عمره بالكد والعمل من أجل أن يصبح ما هو عليه الآن، ولكنه شعر أنه دفع ثمنا باهظا من راحة باله وإطمئنانه على من يحب من أجل توفير تلك الحياة الآمنة التي هو بعيد كل البعد عنها.

وجدته قد صمت ولم يعقب على حديثها فتخوفت من أن تكون قد جرحته وهي تعلم تمام العلم ما يمر به فأسرعت نحوه تسأله بقلق:
-انت زعلت؟

كم شعر بالسعادة لخوفها واهتمامها بما يشعر به فأراد التلاعب بها قليلا فما كان إلا أن جعد ملامحه أكثر وتمتم بضيق مصطنع:
-لأ مش زعلان ولا حاجه.

لمعت عينيها بقلق بالغ وحملت عنه الصغير لتنزله على الأرض ونظرت بعينيه وهي تهمس له:
-حبيبي حقك عليا، أنا كنت بهزر معاك والله.

أوما وهو لا يزال يتصنع الحزن فسحبته من ذراعه وأجلسته على المقعد ووضعت أمامه الطعام:
-طيب يلا كمل اكلك عشان نلحق المشاوير اللي ورانا.

❈-❈-❈

جلس بجوارها على السرير الطبي ممسكا بطبق الطعام يطعهما بنفسه؛ فدلفت دينا لغرفتها وهي تبتسم لهما وتشاكسهما:
-سيدي يا سيدي عـ الدلع، ده مازن اتغير خالص على ايدك يا چوچو.

بادلتها البسمة وابعدت يده الممدودة بالملعقة رافضة:
-كفايه يا مازن شبعت.

التفتت تنظر لدينا تسألها بلهفة:
-هو أنا هشوف ابني أمتى؟ أنا هتجنن وأشيله.

ابتسمت لها الأخرى وهي تختلق أي كذبة لتأخير رؤيتها للصغير:
-اولا انتي مش قادره تتحركي لسه، وهو فـ الحضّانه يعني مينفعش نجيبه هنا، فأنتي أول ما تبقى كويسه هتروحيله لحد عنده.

حاولت إزاحة غطاء الفراش من على جسدها وهمت بالنزول من السرير ومازن يرفض ويمنعها:
-رايحه فين بس؟ أنتي لسه تعبانه اصبري شويه الدنيا مش هتطير.

رفضت وأصرت على ترك سريرها ووقفت حافية على الأرض الرخاميه الباردة فاقتربت منها دينا تساعدها بارتداء حذائها وهي تؤكد لها:
-الأرض ساقعه والبرد ليكي مش حلو، أنتي لسه قايمه من ولاده صعبه خدي بالك على نفسك.

أومأت لها بصمت والتفتت لمازن الممسك بذراعها يسندها:
-وديني لأبني.

تنهد بفروغ صبر ورمق والدته بنظرة متوترة؛ فهو يعلم أن بمجرد رؤيتها للصغير ستعلم بوجود خطب ما، ولكنه قد حشر بزاوية ضيقة فما كان من والدته سوى:
-طيب استني أجيب كرسي متحرك يوديكي بدل ما تتعبي مننا.

فتحت باب الغرفة فوجدت فارس وياسمين أمامها فتنفست الصعداء والتفت ترمق مازن بفرحة:
-أهو فارس جه، سيبه يتصرف معاها بقى.

جعد المعني حاجبيه وسأل بفضول:
-في ايه؟

ابتسمت هي فور أن وقعت عينيها عليه ونطقت اسمه بلهفة الصغير الذي افتقد والديه:
-فااارس، كنت فين من امبارح؟

أجابها وهو يقترب منها وسحبها من يد مازن متجها بها لسريرها:
-جيت وكنتي نايمه، وأديني سبت الشغل انهارده اهو عشانك.

ابتسمت من تدليله لها وهو يقرص وجنتها بلهو:
-الصغنن بقت ماما، أنا مش مصدق نفسي.

بادلته الضحك وهي تحتضنه فهدر مازن بحدة:
-ايه جو الغراميات ده يا جدعاااان، ما تبعد كده عن حضن مراتي يا أخي.

ضحك فارس وهو يحكم من احتضانه لها:
-يا بني بس بقى، وسيبني افرح بالصغنن ده.

قبلها من جديد فهدر الآخر بغيرة:
-ما تبس بقى، أنت نازل فيها بوس كده ليه؟ ده انا جوزها مش عارف ابوسها.

ضحك الجميع على مزاحهما فترك فارس أخته الصغرى واحتضن مازن متسائلا بهمس:
-أنت تمام؟

أومأ وهو يربت على ظهره:
-عايزه تشوفه يا فارس.

ابعده وهو يغمز له:
-متقلقش، هتعدي إن شاء الله.

ظل فارس وياسمين برفقتهما يمزحان ويثرثران حتى مر وقت لا بأس به وجاء كل من ساجد وشيرين لزيارة چنى وتهنئتها واكتملت العائلة بحضور مراد وميار وساهر وفريدة وحتى يزن ووالدته وأخيه.

تسائل يزن وهو يهنئ مازن:
-الف مبروك، سمتوه ايه؟

التفت مازن لزوجته التي ابتسمت وهي تقول:
-بعد إذن مازن طبعا، أنا اللي هختار الاسم.

جلس بجوارها وقبلها من أعلى رأسها موافقا فأضافت:
-كان نفسي اسميه فارس بس انتوا سبقتوني.

قالتها وهي تنظر لساجد وزوجته فابتسم ساجد معقبا:
-واللي سبق أكل النبأ مش كده؟

غمز بنهاية حديثة فأخرجت فريدة زفرة هازئة استطاع الجميع سماعها وعقبت بضيق:
-ده بدل ما تسميه على إسم ابوكي اللي دخل السجن عشانك.

امتعض الجميع من أسلوبها الفج وعدم مراعاتها لحالة ابنتها المرضية فصاح مراد بحدة:
-جرا ايه يا فريده؟ أنتي عقلك خلاص مبقاش يميز الكلام ولا ايه؟

حاولت الرد، ولكن نظرات فارس النارية والمتوعدة لها جعلتها تبتلع حديثها رهبة من شكلة المخيف فصر على أسنانه وهو يتحدث بصوت مكتوم:
-أظن الزيارة وقتها انتهى يا دكتور.

أومأ مراد فوقف فارس على الفور ونظر للجميع آمرا:
-طيبب يلا كله يتفضل خلوها ترتاح.

خرج الجميع ما عدا فارس ومازن؛ فأقترب الأول منها وقبلها من أعلى رأسها وتكلم بصوت عميق وصارم:
-اختاري لابنك الاسم اللي تحبيه، ومتشغليش بالك بأي حد.

دمعت عينيها وهي تنظر لأسفل فرفع وجهها ينظر لها بتفحص:
-سمعاني، خليكي قويه يا چنى لأن الأمومه مش سهله وخصوصا أنك لسه صغيره وهتواجهي تحديات كبيره يمكن أكبر من سنك بكتير.

ربتت على وجهه مبتسمة وهي تعقب على حديثه:
-ومامي أحسن دليل على الكلام ده، أنا مش عارفه هي ليه بقت كده؟

قوس فمه وهو يحاول كبت غضبه المؤجج تجاهها وفسر طريقتها الفجة:
-أنتي بنفسك قولتي قبل كده إن تصرفاتها مبقتش سويه من ساعة اللي حصل، فخلاص بقى اتعاملوا معاها على الأساس ده.

وافقته فقبلها قبلة أخيرة وهم بالرحيل فأوقفته وهي تخبره:
-هسمي البيبي مدحت على إسم بابي يا فارس.

التفت مبتسما لها وأومأ برأسه عدة مرات فسألته:
-مش هتضايق؟

نفى على الفور وهو يؤكد لها:
-لو دي رغبتك أنتي من غير ضغوط من حد، وده ابنك وانتي حره في اختيار الاسم.

اتسعت بسمتها ونظرت لزوجها تسأله:
-وأنت رأيك ايه يا مازن؟

جلس بجوارها على السرير الطبي وهتف بحب:
-اللي تختاريه انتي يا روحي.

تركهما وخرج فوجد ياسمين تجلس بجوار المربية تحمل الصغيرة والجميع يقفون بجوار فريدة يتحدثون معها بشأن ما حدث بالداخل فأوقف الجميع بصوته القوي:
-وقفوا كلام ومناقشه في أي حاجه.

اقترب منه ساهر واحتضنه وهو يؤكد:
-وحشتني اوي يا فارس، انا محتاج اقعد معاك كام يوم لأني تعبت بجد من العيشه مع ماما.

تنهد زافرا وهو يفكر ما العمل بما يدور حوله وقد شعر بتضيق الخناق عليه من كل جانب، رمقه بنظرة حنونة وهو يرد هامسا:
-اديني اسبوع بس يا ساهر معلش، استحمل اسبوع واحد وأنا هلاقي حل إن شاء الله.

وافقه دون تعقيب وتركه الأول متجها صوب زوجته وحمل عنها الصغيرة وهو يأمر المربية:
-هاتي جاسر وحصلينا عشان نطمن عليهم.

أصطحابهما لصغيريهما من أجل الإطمئنان على صحتهما كان اقتراح زوجته؛ فتحرك بهما صوب غرفة الكشف بعد أن استدعى مراد الطبيب المختص بهما ولكن صوت فريدة أوقفه عن استكمال خطواته وهي تناديه:
-فاااارس.

التفت يرمقها بنظرة حادة، ولكنها لم تهتم واقتربت منه بخطواتها الثابتة ونظرت بعمق عينيه الحزينتين وتكلمت فورا قبل أن يمنعها من الحديث معه:
-أنا عيزاك في موضوع مهم.

رد وهو صارا على أسنانه:
-أنا مش فاضي.

هم بتركها والتحرك من أمامها، ولكنها مسكت ذراعه بقوة ومنعته من المغادرة وهي تؤكد بجدية لم يسبق أن شاهداها بها من قبل:
-ما انت يا تفضيلي نفسك يا نتكلم دلوقتي وقدام الناس كلها.

رمقته بنظرة ذات مغذى ان الحديث به منحنيات شائكة وهي تقول:
-أنا عن نفسي معنديش مانع نتكلم قدام الناس، أنت اللي مبتحبش ده.

كاد أن يحطم فكيه من كثرة الضغط على أسنانه غيظا وحنقا من أفعالها البذيئة ورد وهو مطبق على أسنانه بقوة:
-هبعتلك خبر أول ما أعرف اتكلم معاكي، وياريت لحد ما ده يحصل تاخدي بالك من تصرفاتك قدام بنتك، ولا خلاص نويتي الحرب على ولادك كلهم حتى ولاد حبيب القلب مدحت؟

ضحكت ضحكة هازئة وهي ترد:
-عمرك ما هتفهم ولا تحس باللي انا فيه إلا لما تتحط مكاني، بس عموما لما نتكلم هتفهم كل حاجه لاني مبقتش قادره استحمل خلاص.

قضم شفتيه بداخل فمه وهو يرد بصوت خشن:
-قولت هبعتلك عشان نتكلم.

تركها ممسكا راحة زوجته وتحرك من أمامها بعصبية وياسمين تتلمس راحته برقة تحاول تخفيف ما يشعر به من حنق وغضب. انتهت الزيارة وخرج فارس وركب سيارته برفقة زوجته وصغيريه بعد أن اطمئن على صحتهما وقاد السائق ظنا منه أنهما سيعودا للمنزل، ولكنه تفاجئ بفارس يأمره:
-خدنا على أي فندق وخلي الحرس يرجع الداده للبيت.

نظر لإنعكاس صورته بالمرآة التي أمامه وأومأ برأسه باحترام:
-تحت أمرك يا باشا.

رمقته ياسمين بنظرة حائرة فلاحظت حدقتيه المحتقنتين فلم تصدر صوتا وانحنت تحتضن ذراعه وظلت صامته حتى وصلا لباب الفندق فنزل حارسه يفتح له الباب وهو مطرق الرأس وتكلم بمباركة:
-مبروك يا باشا لابن مازن بيه.

ابتسم بسمة مقتضبة وتحرك ولكن زين عاد يتمتم بتلعثم:
-باشا! انااا..

صمت وابتلع ريقه فور أن انتبه له فارس وأطرق رأسه مكملا:
-موضوعي واقف من ساعة وفاة الآنسه عاليا وكنت محتاجك بس تديني ميعاد عشان والد دعاء بدأ يضايق و...

رفع فارس يده عالياً ليوقفه عن استكمال حديثه وصر على أسنانه ورد:
-خطوبتكم الجمعه الجايه، بلغهم بالميعاد وهتلاقي حجز القاعه والبدله والشبكه وكل حاجه جاهزه.

تنفس بتوتر وهو يبحث عن الطريقة المثلى ليخبره بالإتفاق الذي تم بينه وبين شادي:
-يا باشا أصل الاستاذ احمد كان عايزني اروح اتقدم ونقرا فاتحه قبل الخطوبة عشان الاتفاق على الجواز و...

تكلم فارس بفرةغ صبر:
-الاتفاق عشان مين هيجيب النوم ومين هيجيب السفره، وأنا بلغتك إن جوازتك كلها من الألف للياء عليا يبقى ايه لازمه الرسميات دي؟

توتره جعله يقترب منه يتفحص ملامحه وهو يسأله:
-ايه حكايتك؟

غمز له بمعنى أنه يود التحدث معها على إنفراد فالتفت يأمر أمجد:
-خد الهانم والولاد خليهم يرتاحوا فـ اللوبي لحد ما أخلص.

تحركت مع حارسها وجلس هو بإستراحة الفندق مستمعا لحديث:
-شادي شكله مش ناوي على خير وأنا بلغت سيادتك بالكلام اللي قالوا لما شوفته عند الاستاذ أحمد.

هز فارس رأسه وهو يؤكد:

-منا مش فاهم إصرارك على الجوازه دي وأنت شايف الوضع عامل ازاي، روحت اختارت اكتر واحده مشكوك في نواياها ومشاعرها ومش فاهم مالك يا زين مهزوز كده ليه؟ 

أطرق رأسه فابتسم فارس وهو يمزح معه:
-بنات عيلة غزال حلوين مفيش كلام، كلهم الصراحه بس دعاء بالذات عليها علامات استفهام كتير وحتى لو صارحتك بالخطه بتاعة اخوها ده المفروض يكون دافع ليك تبعد، بس الغريب انك قربت أكتر وبعد رجوع شادي ولسه شايف إن الموضوع ينفع يكمل وأنا عشان مش عايز ازعلك موافق على اللي انت تقوله بس بنبه عليك، لا سري ولا سر بيتي ولا سر شغلي تكبه معاها في لحظة صفا لأني متأكد إن ده السبب الوحيد للجوازه دي.

أومأ وهو مطرقا رأسه فنظر له فارس بتعجب وصاح بصوت حاد:
-ايه يا بني، هي عملالك عمل على ورك نمله مكسحه ولا ايه؟ انشف كده.

ابتسم فارس عندما نجح برسم تلك الابتسامة على وجهه المقتضب وأضاف:
-خلاص طيب، هو عايزني أروح لحد بيتهم وأخطبلك أخته منه، فاكر بكده هيرد على اللي حصل معاه، وبالرغم اني مش طايق اسمع اسمه مشاشوفه بس هعمل كده عشانك يا زين، بلغهم بزيارتي بكره.

تركه وذهب لمكان جلوس عائلته فوقفت ياسمين على الفور تسأله باهتمام:
-خير يا حبيبي؟

مسح على ظهرها وهو يوضح:
-زن زين المعتاد على الجواز.

ضحكت وهي تمسد ذراعه:
-حقه يا فارس، أتأخرت عليهم أوي بصراحه.

رمقها بنظرة متضايقة وسألها:
-انتي عارفه إن شادي رجع؟

أومأت وهي تؤكد:
-خبر مش مهم بالنسبة لي، بس عرفت من نرمو.

خلل أصابعه بخاصتها بعد أن حمل الصغيرة منها والتفت لحارسه الممسك بجاسر ليتبعه حتى الاستقبال ووقف يحدث الموظفة:
-عايز سويت ليلة واحده.

ابتسمت وهي تطبع بعض الحروف على لوحة المفاتيح الخاصة بالحاسوب الذي أمامها وأخبرته:
-في الجناح الملكي وجناح شهر العسل، حضرتك تحب احجز ايه فيهم؟

التفت يرمق زوجته بنظرة مبتسمة ورد:
-هاتي بتاع شهر العسل ده.

ضحكت ياسمين ولكنها توقفت عن الضحك عندما طلبت الموظفة:
-هحتاج بطاقة حضرتك وبطاقة المدام.

أخرج خاصته من حافظته وأنتظرها أن تفعل المثل فعضت على جانب شفتها وهي تخبره:
-أنا مش معايا البطاقة يا فارس.

رفع حاجبه متعجباً وحدث الموظفة:
-اعملي الحجز باسمي وخلاص.

رفضت الموظفة بلباقة واحترام:
-آسفه يا فندم، مش هقدر إلا ببطاقة المدام دي رولز

طرق بإصبعه على هويته الموضوعة أمامها وهتف بصوت جاد:
-شوفي كده انتي بتعمل الحجز لمين؟

نظرت بهويته فارتبكت وهي ترحب به:
-أهلا وسهلا يا فندم، نورت الفندق والله بس أنا مش هقدر اعمل حاجه وإلا ممكن اتأذى في شغلي و...

قاطعها فارس بحدة:
-نادي المدير.

لحظات وحضر المدير مبتسما ومرحبا به بحرارة:
-فارس باشا الفهد نزيل عندنا! ده ايه النور ده يا فندم؟

صافحه بفتور وهو يشير لموظفة الإستقبال:
-لو انت المدير يا ريت تحل الموضوع ده بسرعه لاني تعبان ومحتاج اطلع الجناح بتاعي ارتاح

بالطبع تم أخباره مسبقا بالوضع فالتفت للموظفة وهو يأمرها:
-اعملي الحجز باسمي ومتاخديش Charge للجناح

حاول فارس الرفض ولكن جاء صوت عدي المصمم:
-لو عمر عرف اني اخدت منك فلوس ممكن يقطع علاقته بيا

رفع فارس حاجبه بتعحب وعدي يبتسم له:
-انا عدي الباشا يا فندم، اخو عمر

ابتسم فارس له وهو يصافحة من جديد:
-انا حتى ما اخدتش بالي اننا في فندق الباشا إلا دلوقتي، بس ده ميمنعش انك تاخد حساب الجناح، الشغل حاجه والصداقه حاجه تانية

حاول عدي الرفض ولكن جاء اصرار فارس بصرامة:
-لو مخدتش حساب الاوضة انا همشي، خلص يا بني متتعبنيش بقولك تعبان.

صعد الجناح بالمصعد وهو يحتضن ياسمين بقوة وأمجد يحمل الصغيرين وهي تتنفس بقوة وعبراتها تنزل على وجهها فظل هو يمسد ظهرها وذراعها هامسا:
-أنا معاكي يا روحي، مكنتيش هتقدري تطلعي 17 دور مرة واحده.

وصلا للطابق فدفعته بعيدا عنها وهي تتذمر بحزن:
-ما انت كان المفروض تطلب اوضه في دور قريب مكانش لازم سويت يعني بس هي عقدة الخواجه.

ضحك وقبلها من أعلى رأسها:
-حقك عليا

وصل للجناح فالتفت لأمجد وأمره:
-روح وبلغ الحراسات بكره ييجوا هنا الصبح بدري قبل ميعاد الشركة.

❈-❈-❈

استيقظت وهي تنوي انهاء هذا الأمر اليوم فارتدت ملابسها وتحركت صوب وجهتها.

تقابلت مع ابنتها وهي تساعد صغيرها بركوب الحافلة المدرسية فرفعت ميار حاجبها وسألتها:
-انتي لابسه ورايحه فين بدري كده يا مامي؟

لم تعيرها اهتمام وهتفت:
-ورايا كذا مشوار.

دلفت السيارة وتحركت صوب ڤيلته ولكنها تفاجئت بحنان تستقبلها وكأنها ضيفة لا صاحبة منزل كما ترى هي انه حق لها فتكلمت بامتعاض:
-مظنش انك انتي اللي المفروض تستقبليني، ابني فين؟

ردت بحيرة:
-والله ما اعرف يا هانم، مجاش من امبارح لا هو ولا ياسمين.

ضحكت ساخره وتمتمت بصوت مسموع:
-اكيد واخدها يفسحها، هو بقى وراه غيرها!

لم تعقب حنان عليها حتى لا تدخل بنقاش قد تخرج منه خاسرة فمهما كانت مكانتها عند صاحب البيت إلا أنها تعلم أنها الآن تقف أمام والدته ليس مجرد فرد عادي قد يمر معه الحديث دون مشاكل.

تركتها فريدة وخرجت تنظر أمامها للحرس وسالت أحدهم:
-فارس فين؟

رد الحارس باحترام:
-طقم الحراسة راح يجيبه هو والهانم يا فندم.

سألته بفضول:
-هو هييجي على هنا ولا هيروح ع الشركة؟

رد الحارس مؤكدا:
-لا يا هانم جاي على هنا عشان يغير هدومه.

ابتسمت بسعادة وعادت للداخل تنتظر مجيئة بفروغ صبر وهي تمني نفسها أن مشاكلها ستنتهي عما قريب
❈-❈-❈

فتحت عينها على قبلاته فتعلقت بعنقه وقبلته قبلات متتالية وهي تقول:
-سهرة امبارح كانت تحفه بصراحه، الفندق بتاع عيلة عمر جميل اوي

قبلها وهو يمدح جمالها:
-بس مفيش اجمل منك

جلست تحيط الملاءة على جسدها العاري وارتفعت قليلا للفراش المجاور لتنظر لصغيريها وقالت بحب:
-حتى الولاد متعبونيش فـ النوم.

تركت الفراش ووقفت بجواره وهو يرتدي ملابسه واقترحت عليه:
-حلو مشروع الفندق ده، وشكله مربح، ايه رأيك لو تفكر في البزنس ده؟

رفع حاجبه وسأل وهو مبتسم:
-افتح فندق يعني؟

أومأت فسحب الملاءة من على جسدها ونظر لمنحنياتها التي تدك حصونه بالقوة الغاشمة:
-بس الشغلانه دي حرام في حرام

تعجبت من حديثه وتسائلت بملامحها ففسر وهو يخبرها:
-هشرحلك بي البسي بسرعه عشان نروح عشان اغير هدومي.

فعلت أمره واستمعت له يوضح:
-الفندق يعني رولز تنطبق على الكل أولها السماح بالخمرة والديسكو والرقاصات والعري اللي في كل حته ده غير اني اوافق بنزول الأجانب اللي مش متجوزين يعني اسمح بالزنا كمان.

فهمت حديثه وتفاجئت به وهي تسأله:
-معقول يا فارس بابا عمر ميعرفش الكلام ده؟

حرك رأسه وهو يجيب:
-اكيد عارف، يمكن مش مهتم

لمعت عينها وهي تعقب:
-ازاي بس دي خديجه محترمة اوي وبتصلي ومحجبه و...

قاطعها مؤكدا:
-يمكن عشان كده عمر مشتغلش مع ابوه، الله اعلم، المهم يلا بينا بلاش رغي عشان الحق الشركه

وصلا لمزلهما وفور دخوله وجد والدته تقف بالبهو تستقبله ببسمة مقتضبة وهي تهتف بإصرار:
-قولت اجيلك انا بدل ما استنى تفضى.

❈-❈-❈

وقف أمامها ينظر لها بحقد وكره دفين لا يعلم إن كان سيحاسب عليه من رب العالمين أم لا، ولكنه حقا لا يشعر تجاهها سوى بتلك المشاعر وتلك الغصة التي تضرب قلبه بسببها

التفت لزوجته التي تحمل صغيرتها وأمرها بغلظة لم تستاء هي منها لعلمها ما يخفيه داخل صدره:

-خدي الولاد واطلعي فوق.

انحنت تمسك راحة الصغير جاسر وتحركت بخطوات بطيئة تماشيا مع خطواته الطفولية فنفذ صبره وهو ينتظرها فصاح بصوت عال:

-سنيه.

هرعت الخادمة نحوه فحرك رأسه وهو يصر على أسنانه وبلمعة عين غريبة أمرها بحركة رأسه:

-ساعدي الهانم.

أسرعت تحمل الصغير وصعدت معها للطابق العلوي وتحركت حنان تستند على الأثاث حتى دلفت غرفتها؛ فرمق فارس والدته بحدة وتكلم بصوت غليظ:

-خير؟ وياريت بسرعة لأني مستعجل.

بسمتها السمجة والمرسومة على وجهها جعلته يتنفس بغضب وهو يستمع لها تقول:

-تعالى نتكلم فـ المكتب أحسن.

تحركت قبله فتبعها ودلفا للمكتب وفور أن أغلق الباب هدر بها بحدة:

-خلصي يا فريدة هانم، عايزة ايه؟

أجابته وهي تجلس على الأريكة:

-اقعد بس لأن الموضوع يطول شرحه.

صاح بها فورا وهو يرمقها بنظراته الحادة وبصوت خشن:

-انا لسه قايلك على فكره إني مشغول، اتفضلي يا فريدة هانم روحي وأنا لما افضى هبقى اعدي عليكي.

هم بالتحرك صوب الباب فهتفت:

-انت رايح الحج صحيح؟

التفت ينظر لها بعدم تصديق وضحك وهو يسألها ساخرا:

-آه، عند حضرتك مانع؟

حركت كتفيها وهي تنفي:

-لأ طبعا ربنا يتقبل، هو الحج فرض ربنا مفيش كلام ويا ترى بتعمل كل اللي ربنا قالك عليه برده ولا هو الحج عشان المظاهر الكدابة وبس؟

حطم فكيه من ضغطه عليهما وقبل أن يرد عليها أكملت:

-أصل ربنا قال "ولا تقل لهما أوف" وأنت ماشاء الله عليك مش بس بتقولي اوف ده فاضل شويه وتضربني.

مسح وجهه حتى يتمالك غضبه وجلس على المقعد المجاور لها وتنفس بعمق ليتحكم بعصبيته وسألها بهدوء لحظي:

-خير يا فريده هانم! عايزة تتكلمي في ايه؟

رققت صوتها وهي تحدثه:

-أنت ابني الكبير يا فارس، مهما عملت ابني وعمرك ما هتقدر تنكر ده حتى لو بطلت تقولي ماما زي ما بتعمل كده.

رد محاولا كبت ما يشعر به:

-أكيد مش جاية بعد كل السنين دي تتكلمي في ده، وأكيد وأنا بالسن ده مش هبدأ أقولك ماما فلو سمحتي للمره العاشرة بقولك عايزه تتكلمي في ايه عشان مشغول.

اقتربت منه ووضعت راحتها على كفه المسند على المقعد فسحبها بنفور واستمع لها تقول:

-أنا عايزة اصفي الخلافات والمشاكل اللي بينا يا فارس، أنا مش هعيش اد ما عشت وعايزه اقضي الوقت الباقي ليا وسط ولادي.

لم يتحدث وتركها تخرج ما في جعبتها فأضافت:

-عارفه انك مش قادر تشيل من بالك اللي حصل زمان وقت موت ماهر الله يرحمه، بس انت لازم تعرف وتفهم عشان تلتمسلي العذر و...

قاطعها بعد أن وقف رافضا حديثها:

-ألتمسلك العذر على ايه ولا ايه يا فريدة هانم؟ لو هو ده الموضوع اللي جايه تكلميني عنه فأنا مش مهتم اسمعه

وقفت هي الأخرى تمسكه من راحته وأجلسته عنوة وهي تكمل:

-اسمعني بس، مش هتخسر حاجه لو وفرتلي ساعه من وقتك وبعدها براحتك تعمل اللي انت عايزه.

نهج بأنفاسه وصر على أسنانه وهو يستمع لها تقول:

-جوازي من ماهر مكانش جواز بالمعنى المعروف، كان حاجه كده زي جوازتك من ياسمين في الأول، عافيه.. بالدراع.. بس الفرق أنه كمان من غير حب.

أراد أن يعقب عليها بما قالته داخل نفسه:

-وده يديكي الحق بمخالفة ربنا؟ ده انا كل حاجه غلط في حياتي عملتها بسببك.

استمع لها تكمل اطنابها:

-أنا ومدحت كنا بنحب بعض ومتفقين ع الجواز وماهر كان عارف، ده كان ساعات هو اللي بيداري علينا عشان نخرج سوا وفجأه كل ده اتغير اول ما مدحت دخل الجيش، ماهر وقتها اتغيرت معاملته معايا ومفهمتش السبب واتفاجئت إن جدك وبابا الله يرحمه اتفقوا على جوازنا.

بكت وهي تنظر له وتكمل قصها لماضيها:

-روحت لماهر واترجيته انه يعمل حاجه لأن بابا كان صعب جدا، كان شبهك كده لما يحط حاجه في دماغه مستحيل حد يقدر يخليه يغير رأيه، انت طالع لجدك بس مش جدك أبو أبوك انت طالع لبابا الله يرحمه.

ظل صامتا يستمع لها علها تنهي تلك القصة الغير شيقة وهو بنيته أن يرد على كل حرف مما قالته:

-عارف رد فعل ماهر كان ايه؟ قالي اعتبريها جواز صالونات وطالما بابا وباباكي اتفقوا على الجواز يبقى اقبلي زي ما انا هقبل.

بكت وانهارت وكأنها شابة صغيرة كُسر قلبها بريعان شبابها واسترجعت ماضيها تضيف:

-متخيلتش إن ده يكون رد فعله وأنا بقوله انا بحب مدحت، بحب اخوك إزاي عايزني اتجوزك وليه بسرعة كده قبل حتى ما ينزل اجازه ويلحق يتصرف بس ماهر مهتمش، ولحد اليوم ده انا كنت بعتبر ماهر اخويا الكبير بس كرهته، كرهته اوي من اليوم ده وسبته ومشيت.

بلل شفتيه وظل صامتا يرمقها بنظراته الحادة وهو يعقب بداخل نفسه:

-كل ده سمعته قبل كده من مدحت بيه، بس ده ميديكوش الحق في الخيانه وكسر شرع ربنا والأكتر في رمي ابنك عشان خاطر قلبك، انتي رمتيني يا ماما عشان خاطر مدحت.

ظل يرمقها وهي تمسح أنفها ووجها بالمحرمة الورقية ويتمتم بداخله:

-ماما، من وأنا عندي 8 سنين مقولتهاش ومش هعرف اقولها تاني.

أكلمت هي عندما وجدته صامتا وجامدا لا يوقفها أو حتى يعقب عليها:

-اتخطبنا وجدك صمم نكتب الكتاب وبعدها مدحت نزل اجازه وليك تتخيل كان وضعنا عامل ازاي، كان منهار وبيضرب دماغه في الحيطه وبيروح لماهر الشغل يبوس ايده انه يطلقني بس ماهر مرضاش بحجه انه مش عايز يزعل ابوه وهو تعبان.

ظل يزفر أنفاسه بفروغ صبر وهو يتسائل متى ستنتهي من ثرثرتها الغير مجدية وتدخل صلب الموضوع، ولكنها لم تصمت وظلت تقص عليه الأمر:

-فضل كده لحد ما أجازته خلصت ومكانش راضي يرجع الجيش لولا خاف يتسجن سجن عسكري وقالي لما يرجع الاجازة اللي جايه هيتصرف، بس جدك لقناه اتفق مع بابا على الفرح وتخيل لما يتعمل الفرح وليك اخ في الجيش مش الأصول برده تستناه عشان يحضر، لكن عشان كانوا عارفين هم بيعملوا ايه كويس...

قاطعها فارس اخيرا:

-انا عارف معظم القصة دي يا فريدة هانم، مش محتاج اسمع قصه سمعتها اكتر 30 سنه، قصه بسمعها من قبل ما بابا يموت وفضلت اسمعها لحد انهارده عن اد ايه بابا كان وحش وخطف حبيبة اخوه عشان ايه يا ترى؟ بابا عامل كده ليه؟ وجدودي الاتنين ساعدوه وصمموا على كده ليه؟

ابتلعت غصتها بداخلها وهي تجيبه:

-آه، جدك وبابا كانوا بيحبوا ماهر اكتر واحد زي ما الكل كانوا بيحبوه عشان ذكائه ودماغه، وده كان سبب كره مروان ومدحت ليه انه بيعرف يخلي اللي قدامه يتخدع فيه ويحبه، ماهر صمم يتجوزني عشان طلع بيحبني من زمان وكان ساكت عشان اخوه بس فـ الآخر طلع أناني وأخدني لنفسه ومهموش ابدا لا مشاعري ولا مشاعر اخوه.

قضم أسفل فمه وهتف بغضب:

-تمام، هو إنسان أناني وقرر ياخدك بالطريقة دي وجدي ساعده وده كان سبب كرهك ليه طول سنين جوازكم وده يمكن كنت متفهمه وعمري ما حاولت أحاسبك عليه، إنما اللي حصل بعد كده هو اللي مش مقبول وعمري لا هسامحك ولا هقبلك بسببه ولو فاكره إن بعد العمر ده كله ممكن أضعف وأراعي كبر سنك وأقول عفا الله عما سلف تبقى بتحلمي يا فريدة هانم ولو دي الحاجه الغلط في حياتي بعد ربنا ما هداني فأنا...

قاطعته وهي تقف بحدة:

-اسمعني للآخر، أنت واخد منى الموقف ده عشان اتجوزت مدحت قبل عدتي ما تخلص وأنت أصلا كان عندك 8 سنين ولا تفهم في عده ولا غيره، مراد هو اللي دخل الكلام ده في عقلك عشان تكرهني وتبقى معاه زي ما انت دلوقتي كده، يبقى هو وولاده نمره واحد عندك...

قاطعها ساخرا:

-الدكتور مراد عندي نمرة واحد مش عشان كده، عشان هو اللي رباني ووقف جنبي وكانت مراته ام ليا في غيابك.

التفت يوليها ظهره عاقدا ساعديه خلف ظهره وقال بجمود:

-الحوار ده لازمته ايه دلوقتي؟ أنا مش شايف موضوع مهم جايه تكلميني فيه زي ما قولتي فياريت تخلصي عشان أشوف شغلي.

التفت ووقفت أمامه ونظرت داخل حدقتيه بتركيز وهتفت:

-ماهر اتجوزني عشان غيرته من مدحت مش حب فيا، أنت لما حبيت ياسمين ولقيتها مش قبلاك طلقتها، طلقتها عشان بتحبها لكن ماهر محبنيش حتى لو قال العكس، عشان كده فضل عايش معايا بالرغم من كل حاجه حصلت بينا، بالرغم من أننا مكناش بنام في سرير واحد، بالرغم من اننا مكناش بناكل وجبه مع بعض، بالرغم من إننا مكانش في بينا أي حاجه تجمعنا غير ورقه، ورقه هي اللي بتقول اني مرات الراجل ده.

كلماتها رنت بداخل أذنه وعقله وهو يسترجع أحداث مرت ولم تمر من ذاكرته، ولت عليها السنوات ولم تستطع طمسها عن وجدانه ولكن كل ما جال بخاطره هو كيف استطاع والده العيش هكذا؟ مجرد زوج مثبت بالأوراق الرسمية فقط دون حقوق شرعية وهو ما فهمه الآن من حديثها بعدم وجود أي تواصل جسدي بينهما.

رد وهو يشعر بغصة تؤلمه من حديثها:

-بس ده ممنعش انك تخلفيني، وده يمكن السبب الوحيد اللي خلى بابا كمل معاكي وإلا أنا متأكد أنه كان طلقك بعد موت جدي لولا وجودي.

أخرجت ضحكة ساخرة وهي تؤكد حديثه:

-فعلا، وجودك هو اللي خلاه صمم ميطلقنيش، وجودك هو كان السبب الأساسي اني افضل على ذمته لحد ما مات عارف ليه؟

حدق بها بنفور وهي تتحدث بسخرية واستهزاء:

-لان وجودي ووجودك كان هو الضمان الوحيد أنه يفضل قدام الناس ماهر الفهد اللي محدش أده، ماهر الفهد رجل الأعمال اللي شق طريقه جوه الصخر وبقى صاحب المجموعة العالمية ومن بعد موت جدك ماهر بقى وحش كاسر، مش شايف حد ولا بيهتم بحد غير نفسه..

قاطعها بزئير مخيف:

-انتي جايه ترغي كل الرغي ده بس عشان تحاولي تهزي صورة ابويا قدامي أنه كان وكان وكان، مهما حاولتي تعملي أنا بابا عندي حاجه كبيرة اوي مش هتعرفي تخليني أكرهه.

اقتربت منه رافعه وجهها تنظر له بتحدِ وهتفت:

-فعلا أبوك حاجه كبيره اوي واستحمل كتير، وجه الوقت اللي تعرف فيه الحقيقة يا فارس وتعرف أبوك تعب أد ايه وانت مش مقدر ولا حاسس.

لم يفهم كيف كانت تذمه منذ لحظات والآن هل أصبحت تمدحه! ما هذا الهراء؟

-أنت وأبوك لازم تعرفوا الحقيقة بقى عشان أنا تعبت من كتر ما خبيتها.

جعد جبينه وهو يستمع لها تقول:

-ماهر الفهد كان عنده ضعف وملمسنيش من يوم ما اتجوزنا، بس انا مكنتش اعرف بضعفه إلا لما روحت قبل الفرح واعترفتله اني انا ومدحت غلطنا مع بعض ومينفعش اتجوزه بس هو مهتمتش وفكرت وقتها إنه مش مصدقني بس اللي حصل بعد الجواز انه مقربش مني ولا حاول ولا مره واحده.

ظل فارس يرمقها بنظراته النارية التي تخرج كسهام حادة جاهزة لاختراق رأسها الذي ينسج الأكاذيب وهي تقول:

-لما مدحت جه أجازة قولتله انه ملمسنيش فصمم اننا نكون لبعض مهما كان التمن وفعلا بعد وقت قصير اكتشفت اني حامل فيك وروحت اقول لماهر....

قاطعتها ضحكاته العالية والساخرة بصوته الأجش وصيحات عالية لم تستطع تحديد إن كانت ضحك أم بكاء وتكلم مستهزئا بما قالته:

-لاااااا متقوليش، أنا ابن مدحت صح؟ كل الرغي ده عشان توصليلي الكدبه دي!

حاولت الرد فصرخ بها بصوت حاد:

-أخرسي ولا كلمه زياده، أنتي فكراني غبي يا فريده هانم؟ انتي شكلك المسلسلات التركي أكلت دماغك...

قاطعته تؤكد حديثها:

-اللي بقوله هو الحقيقة، انت ابن مدحت، وماهر من يوم ما اتجوزته ولحد ما مات ملمسنيش يعني انا اعتبر مرات مدحت من لول لحظة وجوازي قبل العدة ده لاني مراته في الاساس، عايز تصدق صدق ولو مش عايز براحتك كده كده أنا كان لازم أقولك عشان تعبت من شيل السر ده لوحدي.

ضغط على أسنانه بعنف وأخبرها بحدة:

-مرضاش يطلقك وقولنا راجل هزؤ وديوث وقابل بالوساخه دي، ومخلكيش تقولي لمدحت عشان اي سبب اهبل هتألفيه، وكتب لي كل ثروته من كتر حبه فيا منا ابن اخوه برده.

ضحك عاليا وهو يضيف بحنق:

-ولما مات قلبك محنش عليا وبابا العزيز بيعاملني أوسخ معامله؟ بيضربني ويهيني ويحرمني من الاكل وفي الآخر اترميت في مدرسة داخلي...

قاطعته موضحة:

-ماهر لما عرف هددني إن لو حد عرف هيقتلني ويقتل مدحت ويقتلك ومش هياخد فينا يوم سجن لانها قضية شرف، وقالي لو سكت هنفضل عايشين اسره قدام الناس وبس، لكن لما مات عرفت من المحامي ان وصيته ليك ولو كنت اتكلمت كانت كل حاجه ضاعت، الورث والفلوس اللي تعبت زيي زيه وهو بيجمعها على قلبه وقولت لما تكبر شويه ومدحت يهدى من ناحيتك اعرفكم الحقيقة بس العداوة والكره بينكم فضل يزيد ومعرفتش اتكلم، اختارت اني اسكت وخلاص بس مش قادره اخبي أكتر من كده.

تلك النيران التي تخرج من عينيه تستطيع إحراق الأرض وما عليها، ولكنه تمالك نفسه وقال بصوت هادئ:

-مهما قولتي مش مصدقك، حاولي تدوري على كدبه تانيه يمكن تنجحي

أصرت على حديثها وهي تصيح بحدة:

-أنت ابن مدحت يا فارس مهما حاولت تنكر ده مسيرك تتأكد، أنت ابن مدحت.

صفعها بضراوة فارتمت على الأرض ولم يعيرها اهتمامه وهو يصرخ بها:

-اطلعي برا حياتي بقى

انحنى ممسكا ذراعها بقسوة واوقفها عنوة وخرج وهو يجرها جرا غير عابئ بسنها ولا بماهيتها وفتح باب المكتب واتبعه بسحلها وهي تكاد تسقط في محاولة منها للحاق به وفتح باب فيلته وألقى بها بقوة فسقطت على مقدمة الدرج الرخامي وتأوهت ألما كل هذا تحت نظرات ياسمين التي راقبت ما حدث بذهول وتجمع الخدم بالنوافذ يشاهدون ما يحدث بتعجب 

انحنى مقربا وجهه لها وهددها ناظرا لها بشرر مريب:

-لو شوفتك ولا لمحتك في أي مكان ولو صدفه، هقتلك يا فريدة، فاهمة؟

استدعى حراسه الذين يقفون على مقربة من بوابة المنزل الداخلية وأمرهم:

-طلعوها بره ومتدخلش هنا تاني، مفهوووم؟

❈-❈-❈

دلف مكتبه وبدأ بالصياح وتكسير كل ما حوله بنوبة عصبية حادة لم تمر عليه من قبل، نزلت ياسمين الدرج بعد أن أولت رعاية صغيريها للمربية وعندما اقتربت من باب المكتب تنوي الدخول وقفت لها حنان تمنعها:

-سبيه يا بنتي.

رفضت وهي تشعر بالقلق الشديد مما تستمع له يحصل بالداخل:

-اسيبه في الحالة دي ازاي يا داده بس؟

أمسكتها من ساعدها وسحبتها معها وهي تؤكد:

-سبيه يا ياسمين، بلاش تبقى انتي اللي تبقي قدامه دلوقتي، أنتي عارفه وهو بالحالة دي ممكن يتصرف غلط ويأذيكي.

ظلت واقفة تستمع لها ولكنها لم تستطع موافقتها عندما سمعت صيحة ألم من نبض قلبها ففتحت الباب على الفور ودلفت مسرعة ناحيته وهو يلقي بكل ما تطاله يده بعنف فانكسر زجاج الشرفة التي تطل على الحديقة الداخلية وانكسر معها الأثاث الموجود بالغرفة.

أمسكت يده وهو يلقي بحاسوبه المحمول ومنعته من تكسيره فالتفت لها وحش ضاري بعيون محتقنة حمراء ومخيفة، وأنف ملتهب وأسنان مصطكة شرسة.

فور أن رآها نهج بأنفاسه وظل على حالته وهي تنظر له ببكاء دون التفوه بأي كلمة، ولأول مرة تبتلع فضولها بداخلها وتواسيه فقط بالصمت والنظرات، انحنى يحتضنها فربتت عليه بحب وحنان ولم تنطق ببنت شفة وظلت على هذا الحال حتى هدأ.

ابتعد عن حضنها وتكلم وهو يحاول استرجاع أنفاسه الهاربة:

-أنا لازم أروح الشركه، بس خليكي انتي مع الولاد.

أومأت فخرج صاعدا جناحه وتبعته هي لتجده دلف المرحاض واستمعت لصوت المياه المنهمرة بالداخل فدخلت غرفة ملابسه واحضرت له بدلته وملابسه وخرجت تنتظره أن ينتهي من استحمامه، ولكنه ظل واقفا أسفل المياه يبكي وكأنه فقد عزيز بل فقد حياته وجل ما يجول بتفكيره هو كذبها وتضليلها له بهذا الشكل الغير مكترث لأمره ولماذا تفعل هذا الشيء؟

خرج بعد أن أمضى وقتا طويلا تحت المياه فوجد ياسمين بانتظاره تساعده بارتداء ملابسه حتى انتهى منها وخرج من منزله قاصدا الشركة وهو على حاله الصامت مما لاحظه حارسه وسائقه بالطبع.

انتهى اليوم انشغل فارس بالأعمال لدرجة لم تجعله يجد الوقت حتى ليفكر بحديثها أو أن يبحث عن صحته من كذبه، فتح زين الباب الخلفي للسيارة حتى يركب رب عمله وقبل أن يحني فارس رأسه لتفادى حافة السيارة استمع لصوت زين:

-باشا!

ركب ولم ينتظره فزم زين شفتيه وهو يتوقع تأجيل آخر لوعده له فركب هو الآخر بالأمام بجوار السائق ولكنه تفاجئ بفارس يخبره:

-ميعادانا معاهم انهارده زي ما وعدتك يا زين متقلقش.

ابتسم وهو يلتفت لرب عمله ممتنا وأمر السائق:

-اطلع يلا.

وصل فيلته وصعد لجناحه فلم يجدها فعاد لدخول غرفة صغيريه فوجدها تجلس برفقتهما تداعبهما بمرح وحب فابتسم واقترب منهما عندما لم تنتبه هي لمجيئه فاتسعت بسمتها له معقبة:

-حبيبي، جيبت امتى؟

اجابها مقبلا وجنتها:

-لسه حالا، بس نازل تاني.

رمقته بنظرة حائرة فقرص وجنتها وهو يقول:

-شكلك نسيتي مشوار انهارده بتاع زين ودعاء.

ضحكت ووقفت بلهفة بعد أن تأكدت أنه لن يقم بإلغاء الزيارة بسبب أحداث الصباح وحمدت ربها أنها لم تخبر عائلتها باحتمالية الإلغاء، تعلقت بعنقه تقبله بفرحه فقال ساخرا:

-اللي يشوف فرحتك يقول خطوبتك انتي.

علقت عليه بمزاح:

-فشررر، ده مين ده اللي يملى عيني وأنا متجوزة أعظم راجل في الدنيا بحالها.

مسح على ظهرها متمتما:

-العظمة لله وحده، يلا طيب نغير هدومنا عشان منتأخرش على عيلتك.

ذهبا للجناح وفور ارتدائهما سألها بحيرة:

-تعرفي مين هيكون هناك؟

أومأت تخبره:

-جدي وعمي محمود وعمي أحمد طبعا.

سألها مبتسما بسخرية:

-مدام هدى لأ؟

غمز لها ضاحكا فخللت أصابعها بلحيته تداعبه:

-لأ، دي قاعدة رجاله بس نرمو جايه عشان تقعد معايا.

أومأ برأسه وتحركا للخارج فوجد زين وقد تأنق مرتديا بدلة لاقت له كثيرا وهذب لحيته وشعره وتعطر لدرجة زكم أنف فارس وهو يحتضنه ويباركه فمزح معه:

-ايه يا بني انت ناوي تموتنا مخنوقين بالبرفان ده.

أطرق زين رأسه حرجا فابتسم فارس وهو يراه يفتح له الباب باحترام ولكنه أوقفه قائلا:

-انت عريس انهاردة، روح سوق عربية ياسمين وابعت امجد يركب معانا.

فعل أمره ووصلوا جميعا لمنزل عم ياسمين فاستقبلهم الجميع بالزغاريد الفرحة وفور دخول فارس للمنزل استقبله الجد يحتضنه مرحبا به:

-أهلا يا بني، منور والله

رد باحترام:

-ده نورك يا حاج.

اقترب زين من الجد وانحنى مقبلا راحته المجعدة فابتسم له الأخير مربتا على ظهره.

جلس الجميع بالبهو وحتى الآن لم يظهر شادي ولا العروس فشعرت ياسمين بالارتياح، وربما كان هذا أمر جدها الكهل الذي لن يوافق على إفساد اليوم على أحفاده.

هم فارس بالحديث وهو يقول باحترام:

-طيب يا حاج احنا جايين نطلب ايد حفيدتك دعاء لزين، قولت ايه؟

نظر السيد لابنه فأومأ أحمد موافقا فهتف السيد على الفور:

-احنا نتشرف يا بني، وأي حد من طرفك مش محتاجين نسأل عنه حتى.

شكره فارس فهو يعلم حب هذا الكهل له ولحفيدته التي هي زوجته، قال فارس بصوت عال:

-طيب نقرا الفاتحه يا جماعه.

وقبل أن يرفع الجميع أيديهم استمعوا لصوت شادي المعتذر:

-آسف ع التأخير يا جماعه بس كنت بجيب هدية للعريس.

نظر الجميع لدخوله المفاجئ وقبل أن يعترض السيد عليه وقف بالمنتصف وعينه تلمع بالشرر ممسكا ورقة بيده وهتف بصوت عال:

-ده حكم من المحكمة ببطلان الطلاق اللي أجبرتني عليه يا فارس باشا.

ابتسم بسمة صفراء واستمع لهمهمات الحاضرين وسؤال جده المتعجب:

-محكمة ايه وطلاق ايه يا بني؟

رد وهو يفتح الورقه موضحا ما بها:

-هو انتوا متعرفوش اني متجوز جنى اخته وهو أجبرني اني اطلقها، وده حكم بشهادة المأذون انه اجبرني على الطلاق وكسبت القضية ورديتها لعصمتي من تاني.






يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية روضتني 2، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة