رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 13
قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية روضتني 2
(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)
طمس الهوية
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الثالث عشر
هناك حد فاصل بين الغضب والجنون، شعرة ضعيفة قد تُقطع إن ما تحول الغضب العارم لما هو أكبر وأخطر فلن يستطع أحد أن يثني هذا الشخص عن جنونه مهما كانت العواقب.
فور أن استمع لكلماته وفضحه لسره وسر أخته الذي جاهد ليخفيه عن الجميع حتى أقرب الأقربون ظل جامدا لم يحرك ساكنا فهرعت ياسمين ناحيته تمسكه من ساعده وفعل زين بالمثل من ساعده الآخر وهذا الأرعن يكمل استثارته بحديثه:
-وده كمان إنذار بالطاعه فياريت جنى تنفذه بأسرع وقت.
صاح الجد بعصبية هادرة وما زال فارس يقف أمامه صامتا يصر فقط على أسنانه:
-ايه التخريف اللي انت بتقوله ده؟ أقف هنا كلمني يا ولد أنت.
التفت شادي لجده يوضح له الأمر باستفاضة:
-القصة وما فيها يا جدي اني اتجوزت جنى على سنة الله ورسوله ولما الباشا عرف حبسني زي أيام ما عمل وقت جوازته من ياسمين وأجبرني أطلقها وبعدها طبعا كلنا عارفين انه جوزها لمازن بجواز باطل وأنا دلوقتي رديت مراتي لعصمتي تاني.
لمعت عين السيد بالدهشة وهو يمسك شادي من تلابيبه ويعنفه بحدة:
-ايه الكلام الفارغ ده؟ انت مصر تجيب اجلي يا بني أنت، جواز ايه اللي باطل؟ ما تتكلم عدل وتفهمني.
ظل يثرثر بالحقائق والوقائع التي حدثت منذ فترة عندما أراد التلاعب بفارس وعائلته من أجل الثأر لنفسه بمساعدة مروان الفهد، العدو اللدود لفارس ولم يشعر بالحرج من قصه لتعاونه معه من أجل الثأر لكرامته المهدورة.
أحكم زين قبضته على ذراع فارس عندما استمع لصوت اصطكاك أسنانه والأرعن يشير لياسمين:
-عملت كل ده عشانك وانتي جيتي عليا وعلى عيلتك عشانه.
تمسكت بزوجها هي الأخرى بقوة فنظر فارس لهما يمينا ويسارا وسألهما:
-انتوا ماسكيني كده ليه؟
رد زين وهو يبتلع ريقه:
-بلاش تتهور يا باشا.
ابتسم بزاوية فمه وأنزل أيديهما المتمسكة به وأقترب من شادي؛ فحال الجد بينهما ولكن فارس لم يكترث فدفعه بقوة ساعده بعيدا فاختل توازن هذا الكهل وكاد أن يسقط لولا ابنه الذي أسنده وأعترض على فعلة فارس بضيق:
-مش كده يا بني.
لم يهتم مطلقا لصيحات الاعتراض الخارجة من أفواه الجميع ووقف أمام شادي يرمقه بنظرات حاده وشرر مريب وتكلم وهو مطبق على أسنانه بقوة:
-شكلك وحشك المخزن يا شادي، منا لازم كل فتره والتانيه اسحبك زيارة عشان تفتكره.
زم شادي شفتيه وحاول التطاول عليه محركا جسده ولكن كان والده الأسبق بإمساكه ومنعه من التهور وفارس لازال واقفا بجمود لم يحرك ساكنا وصاح يهدده:
-مش هتقدر تعمل معايا اللي عملته زمان لأن شادي بتاع زمان خلاص مبقاش موجود، جبروتك علموني إزاي أعلم على اللي قدامي من غير ما شعره واحده تتلمس مني.
تبع حديثه صرخات والدته وهي تسب فارس وتتضرع لله بالتخلص من شروره مما جعل زين يسحب رب عمله للخلف خوفا من تهوره وبالأخص عندما وقعت عينيه على حبيبته وهي تتمسك بذراع والدتها وتنظر للجميع بنفور وكره لم يتحمله:
-منك لله يا بعيد، ربنا ينتقم منك ويدوقك المر أنت وهي يارب ياللي ظلمتوا ابني.
ذهول كل من محمود ووالده وحتى أخيه أحمد حال دون تصرفهم لإيقاف تلك المهزلة التي تحدث، فما كان من نرمين إلا أن سحبت ياسمين بعيدا فتحرك فارس بعد أن توعد له بصوت مسموع وهادئ:
-هنشوف مين فينا اللي هيعلم ع التاني يا شادي.
تحرك ناحية الباب ممسكا يد زوجته والتفت لزين يسأله:
-يلا ولا ناوي تقعد؟
تبعه زين خارج المنزل فوقف فارس أمام السيارة ينظر لنرمين التي تبعتهم بغضب وتكلم بصوت حاد آمرا إياها:
-اطلعي فوق.
ارتعشت شفتيها ووقف قبالته تهمس بخوف:
-حقك عليا يا فارس، أنا...
قاطعها بحدة وزئير:
-أطلعي فوق يا نرمين لأني مش ضامن نفسي.
أومأت وفعلت أمره فدلف هو سيارته وزوجته برفقته ونظر في إثر حارسه الذي وقف رافعا رأسه لأعلى ينظر لدعاء التي تقف بالشرفة وكأنها تودعه فهدر فارس غاضبا:
-ما تيلا يا زفت.
أسرع الآخر بفتح باب السيارة بجوار السائق وتحركت بهم السيارة وتبعهم سيارات الحراسات، ظل فارس على حالته الغاضبة وياسمين لم تكف عن البكاء بجواره حتى صاح بسائقه:
-اقف هنا.
ترجل ووقف مسندا جسده على سطح السيارة فتبعته ووقفت أمامه ترجوه بنظراتها، ولكنه ولأول مره ينظر لها بكره وغضب وتكلم بصوت حاد ولكن هادئ:
-كان المفروض اقتله بس انا سبته عشانك.
ردت بارتباك:
-سبته عشان انت مش كده، انت مش مجرم ولا قتال قتله.
التفت يرمقها بنظرات حادة وأكد:
-كان المفروض اقتله بعد ما مس شرفي ومش مرة واحده، مرتين، مره لما اتجوز اختي وصورها وساومها على شرفها ومره لما هددك ولمسك وانتي على ذمتي وصورك برده، بس أنا سبته عشانك.
بكت ولم تستطع الرد عليه واستمعت له يتكلم بصوت مختنق:
-أنا هعمل منه عبره هو وأي حد يقف معاه ضدي مهما كان مين، ومن دلوقتي بعرفك إن اللي هيحصل هيعمل عداوة بين العيلتين وهديكي حرية الاختيار من اللحظة دي، يا تختاريني يا تختاريهم يا ياسمين.
أطرق بصره ناحيتها وحدقها منتظرا ردها فبكت بألم ولكنه لم يهتز وسألها:
-اختيارك هيكون مين؟
سألته بانهيار:
-هتأذي عيلتي؟ هم ذنبهم ايه طيب؟ خد حقك منه هو بس...
قاطعها صارخا:
-هاخد حقي منه ومن أي حد هيحاول حتى انه يرجعني عن اللي في دماغي ولو بالكلام، عيلتك هتقف معاه لو مكانش بالفعل هيبقى بالكلام وأنا بديكي الفرصة من دلوقتي تختاري عشان بمجرد ما ابدأ في اللي ناوي عليه مش هيكون في تراجع؛ فاختاري يا انا يا هم.
انهارت باكية وتعلقت بذراعه، ولكنه أبعدها عنه بغلظة وانتظر ردها واقفا بشموخه المخيف وملامحه الجامدة التي لا تبشر بخير فارتعشت شفتيها وهي تسأله:
-طيب ينفع تديني فرصه اتكلم معاهم؟ أقولهم إن...
قاطعها رافضا بشراسة:
-مفيش مجال للكلام، اختاري يا ياسمين عشان صبري نفد
شعرت بمرارة حلقها تمنعها من الكلام فجاهدت حتى يخرج صوتها وهي ترد بانكسار:
-اااانا معاك.
انهارت باكية بنهاية كلمتها والغريب أنه لم يحرك ساكنا ولم يبد أي مظاهر سعادة لاختيارها له، ولكنه نظر لها وأمرها بصرامة:
-اركبي وسبيني لوحدي.
فعلت أمره دون حديث فأخرج هاتفه متصلا بمحاميه وفور أن أجاب الطرف الآخر تكلم دون مقدمات:
-تعلالي حالا الفيلا.
حاول محفوظ التعقيب:
-أنا في مشو...
قاطعه فارس يصرخ به:
-حالا تكون عندي.
أغلق المكالمة وزفر بأنفاس غاضبة وظل مستندا على السيارة ينظر أمامه بشرود، بنفس الوقت أمسكت ياسمين هاتفها ترد على الرسائل المتتالية من نرمين تقص عليها ما حدث من جدها بحق هذا النذل فور خروجهم:
-جدي بهدل الدنيا بعد ما نزلتوا وضرب شادي بالقلم وقاله هتصلح كل العك اللي انت عامله ده مع فارس وإلا هنتبرا منك كلنا.
-تخيلي طنط حسناء طلعت عارفه اللي شادي ناوي عليه ومخليين عمي أحمد زي الاطرش فـ الزفة.
طبعت ياسمين تساؤلا شكلي:
-ودعاء؟
أجابتها الأخرى:
-دعاء بتعيط بس مش فاهمه سبب عياطها لأنها برده باين أنها كانت عارفه.
-الوحيد اللي ميعرفش هو عمي أحمد.
-بس انا مستغربه أوي الكلام ده.
-ازاي شادي متجوز جنى؟ ده على كده جوازها من مازن كان شكل بس!
لم تطبع ياسمين أي رد فكتبت نرمين:
-انا بجد زعلانه منك انك خبيتي عليا بس معلش لما اشوفك ابقى اعاتبك بيني وبينك.
وجدتها قرأت الرسالة دون رد فكتبت مجددا:
-خلاص متتقمصيش وعارفه انه مش وقته بس قوليلي فارس ناوي على ايه؟
بنفس اللحظه كان فارس قد مد ذراعه من نافذة السيارة عندما وجدها تطبع بأناملها على شاشته وقرأ المكتوب فخرجت تتوسله:
-عشان خاطري يا فارس بلاش نرمين، هي طول الوقت في صفك وأنا...
نظراته جعلتها تبتلع باقي حديثها بداخلها وصوته جعلها تشعر أن روحها قاربت على الخروج من جسدها عندما سألها:
-أنا ولا أهلك؟ ودي آخر مره هسألك.
وضعت كفها على فمها لتمنع صوت شهقاتها العالية من الخروج وظلت عبراتها تنهمرعلى وجنتيها حتى تحول وجهها كله للون الأحمر ولم يردعه هذا عن استكمال تهديدها:
-لو اختارتيني ولقيتك بتتواصلي مع أي فرد منهم بأي شكل كان حتى شيرين ساعتها هتشوفي فارس تاني خالص عمرك لا شوفتيه ولا أحب أنك تشوفيه، ومش بهددك بس اللي هعمله ساعتها هينهي اللي بينا نهائي يا ياسمين.
لم تكف عن البكاء وهي لا تجد ما ترد به عليه فأضاف:
-ولو اخترتيهم هسيبك ترجعيلهم بس هتبقي اشتريتي عداوتي وهعتبرك واحده منهم ومش هسمي على حد.
لمعت عينيها وهو يتوعدها بهذا الشكل فتلعثمت وهي تسأله بصوت مهزوز:
-هتأذي أم ولادك ومراتك؟
رد بجمود لم تراه منه من قبل:
-ما أنتي ساعتها مش هتكوني لا مراتي ولا أم ولادي، ولادي هيفضلوا معايا وانتي تفضلي مع أهلك.
لم تصدق أن تهديده وتوعده قد يصل أن يهددها بصغيريها فعقبت عليه وهي بحالة انهيار تام:
-أنا قولتلك أني معاك من قبل التهديد والكلام اللي بتقوله ده، أنا مقدره اللي انت فيه وفاهمه كويس إن دي نوبة غضب بس قبل ما تتصرف أي تصرف متهور أعرف إنك لو أذيت حد من عيلتي أنا مش هقدر ابص في وشك تاني، لو ده حصل مش هنعرف نرجع فارس وياسمين لأن هيفضل بينا شرخ كبير اوي، يمكن هفضل معاك وعلى ذمتك بس الحب والعشق اللي بينا مش هيفضل...
قاطعها مؤكدا:
-مش مهم، المهم أنك تختاري حالا أنتي معايا ولا معاهم؟
رفعت وجهها تنظر له بحزن وأجابته:
-معاك.
أومأ وهو ينظر لها بجمود وألقى بهاتفها بعيدا وهو يقول:
-مش هتحتاجيه خلاص.
أغلقت عينيها بأسى واستمعت لصوته يأمرها بدون إحساس:
-اركبي.
تركته ودلفت السيارة فالتفت زين يسألها بقلق:
-الباشا ناوي على ايه؟
ردت وهي تمسح عبراتها بالمحرمة الورقية:
-مش ناوي على خير يا زين، ربنا يستر
❈-❈-❈
تلقى اتصاله وهو جالس بجوارها يلعب معها بأوراق اللعب فابتسم وأخبرها:
-إياكي تكشفي ورقي.
ضحكت وهي تعقب بمشاكسة:
-أنا اللي غلباك اصلا.
غمز لها وأجاب بصوته الضاحك:
-أفندم يا بوص.
سأله فارس بحذر:
-أنت فين؟
أجابه مازن على الفور:
-في المستشفى هكون فين!
سأله من جديد:
-جنى عرفت بحالة الولد؟
نفى وهو يخرج خارج الغرفة:
-لأ لسه.
هتفت تناديه:
-رايح فين يا مازن؟
أجابها مبتسما بتصنع:
-مكالمة شغل يا روحي.
خرج ووقف بأحد أركان البهو بالمشفى واستمع لأسئلة فارس المتتالية:
-طلعت شهادة ميلاد الولد ولا لسه؟
أجابه نافيا:
-لسه، مش فايق ولا عارف اسيبها لحظة واحده، بقت عامله زي البيبي عايزاني طول الوقت قدامها بس ممكن أخلي ساجد ولا بابا يروحوا بكرة يسجلوه
سأله بضيق:
-استقريتوا على اسم مدحت برده؟
أومأ متعجبا:
-أنت مش وافقت؟
زفر بأنفاس غاضبة فتكلم مازن بعد أن فهم ما يدور بداخله:
-لو قولت لها لأ مكانتش هترفضلك طلب يا فارس، على العموم أنا هخليها تختار اسم تاني
رفض وهو يقول:
-لأ ملوش لزوم، سيبها تختار اللي هي عيزاه
رد مازن بضيق:
-ما انت عارف ومتأكد أن دي رغبة فريده هانم وجنى بتحاول تراضيها بس، أنا هتكلم معاها ولو فعلا هي عايزه الاسم هعمل لها اللي هي عيزاه.
تنهيدة عميقة خرجت منه استمع لها نصفه الآخر فسأله مازن باهتمام:
-ايه اللي حصل انهاردة؟ خطوبة زين حصل فيها مشاكل؟
أومأ وكأنه يراه وأجابه:
-كوراث مش مشاكل.
جحظت عينا مازن وهو يسأله:
-ايه اللي حصل؟
رد وهو يتنفس بحدة:
-مش هينفع فـ التليفون، سيب اللي في ايدك وتعالى بسرعة
ابتلع ريقه وهو يخبره:
-بس جنى مش هتسيبني و...
قاطعه فارس بصرامة:
-يا بني الموضوع كبير جدا فسيب اللي في ايدك وتعالى أنا خلاص راجع على الفيلا
❈-❈-❈
وصل فارس تزامنا مع محاميه ولم تمر لحظات حتى وصل مازن هو الآخر ودلفوا للمكتب بعد أن أمر ياسمين بالصعود لجناحهما وأكد عليها عدم مغادرته.
جلس كل من مازن ومحفوظ أمامه بإنتباه وفارس يخبرهم:
-في مصيبه حصلت ومحتاج اعرف هنعمل فيها ايه؟
سأله محفوظ وهو يعتدل بجلسته:
-أنا سامع سعادتك يا باشا.
أخبرهما وهو يجاهد عصبيته وغضبه المؤجج:
-شادي أخد حكم ببطلان طلاقه من جنى وردها لعصمته وأخد كمان انذار بالطاعه.
لمعت عين مازن الذي ترك مقعده ووقف متحفزا على العكس من محفوظ الذي لم يفهم شيئا مما ألقاه عليه رب عمله فتساءل بحيرة:
-جواز ايه ده يا باشا اللي اخد علي...
قاطعه فارس وهو يجلس بجواره ويده على كتف مازن تجبره على الجلوس:
-هحكيلك.
بدأ بقص كل ملابسات الأمر من بدايته حتى اللحظة التي تواجه معه بمنزل والديه فسأله محفوظ بحيرة:
-هو قال لسيادتك إنه أخد حكم محكمة بشهادة المأذون أنه تم إكراهه على الطلاق؟
أومأ وهو يكرر:
-أيوه، ما هو مفيش شهود غير المأذون وأنا ومازن والحراسة وأكيد مش هيستعين بحد منهم عشان...
قاطعه محفوظ باحترام:
اسمحلي يا باشا، بس الكلام ده مش صحيح، قانون المآذين بيمنعهم من الشهادة في اي قضية او دخولهم كطرف نزاع، عشان كده الأكيد إن الكلام ده تضليل منه.
سأله فارس منتبها لحديثه:
-وليه يعمل كده وهو اكيد فاهم ان ورايا جيش محامين هيـ...
قاطعه محفوظ موضحا:
-أكيد قصده يربك سعادتك عشان توصل للحالة اللي حضرتك فيها دلوقتي.
سأل مازن والغضب قد تجلى بحدقتيه:
-أنا مش فاهم دلوقتي الوضع ايه؟
أجاب محفوظ بعملية وحنكة:
-الحكاية بسيطه جدا ومش هتتعدي حكم محكمة ببطلان الدعوه ورفع خلع وجلستين وتخلص.
وقف مازن يرمقه بنظرة حادة:
-يعني ايه؟ يعني هترفع عليه قضية خلع؟
أومأ وهو يوضح الثغرات القانونية التي تحايل بها شادي حتى يصل للحكم:
-هو اولا عشان يقدر ياخد بطلان بالطلاق لازم يقدم على قضية إكراه بالتوقيع والمحكمة بتحول القضية للإحتكام لحكمين من دار الافتا والمفروض بيستدعوا الزوجه لسؤالها إذا كان الطلاق حصل بالاكراه فعلا ولا لأ؟
سأله فارس:
ولو قالت لأ؟
أجابه موضحا:
-تترفض القضية بس الحكمين دول من الأزهر وبيحلفوا الأطراف على المصحف يعني بيكون فيها حلف يمين وصعب اوي حد يشهد زور في حكاية زي دي، بس اللي متأكد منه انه طالما مجتش أي دعوة لجنى هانم فده معناه انه عمل عنوان الإخطار أمريكاني.
لم يفهما معني حديثه فابتسم وهو يوضح:
-أقصد انه حط عنوان مزيف يعني يا باشا عشان تتفاجئوا بالحكم، لأنه عارف انكم لو عرفتوا بدري هتتصرفوا وفورا هترفعوا خلع.
هدر مازن وهو ينتفض بحدة:
أنت كل شوية تقولي خلع خلع، خلع إزاي وهي مراتي وعلى ذمتي؟
أجابه محفوظ بارتباك:
-ما هو للأسف يا مازن بيه إن جوازكم باطل.
لمعت عينه وسحبه من ياقة قمصيه متمسكا بتلابيبه وهو يصرخ به بزئير حاد:
-أنت بتقول ايه يا بني آدم أنت؟ باطل إزاي؟
سحبه فارس محاولا تهدئة ثورته وهو يقول:
-أهدى يا مازن هو أنا جايبك عشان نحل ولا نتخانق؟
التفت يرمق فارس بنظرات شرسة وهو يتكلم بقهر:
-باطل إزاي يا فارس؟ انا عايش معاها بقالي اكتر من سنه وتقولي باطل! بقالي سنه عايش معاها فـ الحرام؟ يعني حياتي كلها حرام فـ حرام!
نهج بأنفاسه وهو يصرخ بألم:
-يعني حتى لما حاولت انضف برده عشت بالحرام؟ ابني ابن حرام! ومستغرب ليه ربنا عمال يبتليني كل الابتلاءات دي
بكى فسحبه فارس ليجلسه وهو يخبره بغضب:
-لو حد فينا كان يعرف باللي هيعمله مكنتش...
عاد محفوظ لمقاطعته:
-يا باشا اسمحلي، الأكراه على الطلاق ممنوع شرعا وقانونا حتى لو الزوجه عايزه تتطلق، الزوج لو رمى اليمين عشان كان تحت التهديد فده بيعتبر إكراه والطلاق ساعتها مش بيقع فللأسف إن جنى هانم شرعا وقانونا مراته مش مرات مازن بيه.
هاج مازن ودفع المنطدة المستديرة التي أمامه فانكسرت فورا وهو يهدر:
-أنا هتجنن، جنى لو عرفت هتموت فيها يا فارس.
بكى بانهيار متمسكا بكتفي فارس وتكلم من بين غصة بكاءه:
-أنا عايش كل ده مع اختك بالحرام، أنا كنت بنام معاها كل يوم يا فارس، كل يوم بزني أنا وهي!
وضع فارس يده أمام فمه لمنعه من استكمال حديثه وهو يقول:
-انت مكنتش تعرف ولا أنا، اللي حصل ده مكناش نعرف انه غلط او...
عاد محفوظ ليقاطع فارس متأسفا:
-الجهل بالقانون لا ينفي العقوبة يا فارس باشا، وشادي هنا ممكن يرفع قضية على حضرتك بالاجبار على التوقيع وممكن يرفع قضية على مازن بيه بالزواج بعقد باطل لأن هنا للأسف بيتنفى حسن النيه عند مازن بيه.
سأله فارس بحيرة:
-مش فاهم.
أوضح باستفاضة أكبر:
-يعني يا باشا زي ما حضرتك بلغتني إن مازن بيه شاهد على عقد الطلاق فكده هو كان حاضر الأكراه على التوقيع فاتنفت هنا حسن النيه له، لو شادي رفع قضية على مازن بيه هيكون صعب اننا نثبت حسن النيه بالجهل بالحقائق لأنه كان شاهد على عقد الطلاق، فهمتني؟
أومأ له وظل مازن يتنفس بحدة ويبكي وهو يسأله بتلعثم من كثرة بكاءه:
-يعني جنى مش مراتي، والولد اللي لسه مخلفاه ده وضعه ايه؟
أجابه المحامي:
-المولود ينسب لابيه بالفراش ويكتب باسمه، يعني مش شرط عقد جواز عشان تكتبه على اسمك ويكفي حضورك لاثبات نسبه واعترافك بده.
جلس مسندا رأسه على كفه يمسح عبراته براحته الاخرى صامتا يفكر بمعضلته ومستمعا لفارس يتحدث بصرامته المعهودة:
-هتشغل مكتبك كله عشان القضية دي وتركز معايا في اللي هقوله وتنفذه بالحرف، تشوف ايه الصيغة القانونية لكل حاجه هقولها وتعملها زي ما انا عايزها ولو مفيش طريق قانوني امشي في الشمال.
تعجب محفوظ من طلبه وابتلع ريقه وهو يسأله:
-باشا، انا عمري ما مشيت شمال وإن شاء الله كل حاجه تتحل قانوني ومن...
قاطعه بعنف وشراسه:
-انا مش باخد رايك ولا بستأذنك يا حيوان، أنا بأمرك وتنفذ اللي بقوله وإلا هتكون انت الجاني على نفسك ولو نسيت مين هو فارس الفهد فأحب أقولك إن اللي قدامك أسوأ نسخه ممكن تقابلها مني فاتقي شري احسنلك.
أطرق محفوظ رأسه بخنوع واستمع له يملي عليه أوامره:
-أولا، موضوع الطاعة وبطلان الطلاق تتصرف وتتشقلب وتخلصه من غير شوشرة ولا إعلام، شادي عارف إن الحكاية تخلص بخلع بس الشوشرة في حد ذاتها هي هدفه فمتنولوش مراده وإلا هينوبك من الحب جانب وما ادراك ما اللي في نيتي من ناحيته.
لم يعقب محفوظ عليه واستمع له يضيف:
-تاني حاجه تشوف القواضي التانيه اللي انت متوقع انه هيعملها لأنه اكيد وراه محامي مفهمه الليلة ماشية إزاي، تخلصها كلها بنفس السرية ومن غير ما حد يعرف حرف واحد من اللي اتقال هنا، وأخيرا تشوف صرفه عشان مازن وجنى يرجعوا لبعض من غير جنى ما تعرف حاجه..
هنا لم يستطع الامتناع عن مقاطعته ورفض طلبه:
-يا باشا اللي بتقوله ده مينفعش ولو عرفت أعمله شمال هيبقى مش شرعي، مازن بيه متجوزش جنى هانم من الأساس يعني لازم بعد الليله دي ما تخلص يكون في عقد جديد بزواجهم.
صاح مازن بألم:
-آااااه.
صيحة بكاءه كانت عالية لدرجة أنها خرجت من بين جدران غرفة المكتب واستمع لها من بالخارج وأولهم زين المتسمر أمام بوابة الفيلا الداخلية ينتظر أن يستدعيه رب عمله ليوبخه أو يقتله حتى لا فارق؛ فهو قد انتهى بالفعل وأصيب في مقتل.
❈-❈-❈
صراخ حسناء جعل الجميع يبدون بحالة تأهب وأحمد يهدر بها:
-اسكتي بقى كفايه.
اقترب محمود من ابن أخيه وتفحص محتويات الحكم ورمقه بنظرة متخاذلة وهو يحرك الورقة بيده قائلا باستنكار:
-حتة الورقة الخايبه اللي انت جبتها دي هتفتح علينا أبواب جهنم وانت ولا على بالك
دفعه بغلظة بكتفه موضحا:
-دعوة خلع وتتطلق منك بعد يومين لو ليهم واسطه ودول معاهم الف واسطه عشان الدعوة تتحرك بسرعه ومتاخدش وقت في المحمكة.
زفر بأنفاس غاضبة وهو يضيف:
-كل اللي استفدته انك علمت على فارس الفهد عشان كرامتك صح؟ فكرت فينا؟ فكرت في شيرين، طب فكرت في ياسمين اللي انت بتقول أنك ميت عليها وبتحبها؟ فكرت في أختك اللي كسرت فرحتها؟ انت مفكرتش غير بغبائك لنفسك ولانتقامك منه واللي اديت له ألف حق له لانك لو كنت عملت كده مع اختي ولا بنتي كنت هقتلك مش هحبسك واجبرك تطلقها وبعدها كمان اسفرك تشتغل.
حاولت حسناء التدخل صارخة:
-وهو اللي عمله في ابني لما كان خاطب ياسمين اتنسى بسرعة كده ولا عشان بنتكم اتجوزت ابن عمه؟
زغر لها محمود وصاح بها زوجها معترضا:
-بس قولتلك، إياكي تتكلمي كلمه واحده.
ظل الجد جالسا مستندا على عصاه يردد بحزن:
-لله الامر من قبل ومن بعد، ربنا يستر على العيلة واللي هيجرا فيها.
اقتربت نرمين منه وانحنت جالسة على الأرض تربت على كفه المجعد مطمئنة:
-متقلقش يا جدو، فارس اتغير ومبقاش زي الاول ونزل من هنا هادي خالص، واحد تاني كان موت شادي قدامنا لكن هو...
قاطعها الجد متمتما:
-ما ده اللي مخوفني، هدوءه وسكوته مش علامة خير ابدا.
تكلم محمود بضيق:
-لما هيعرف اننا كلنا وقفنا لشادي واجبرناه على تصليح كل العك ده هـ...
قاطعه شادي رافضا بعناد:
-ومين قالك يا عمي إني هعمل كده؟ انا على موقفي واللي عايز يعاديني يعاديني براحته، انا مش همسك في حد.
التفت أحمد لابنته وسألها:
-كلمتي زين يا بنتي تطمني عليه، الولد اتفاجئ و...
بكت وهي تؤكد:
-بعد اللي حصل خلاص يا بابا مفيش زين خلاص.
احتدت ملامح شادي وهو يهدر بها:
-انتي كنتي معايا في الليله دي يا دعاء وعارفه من اول يوم أنا ناوي علي أيه، فأيه لازمة التمثيلية دي دلوقتي؟
لمعت عينا أحمد وهو يسألها بتفاجئ:
-يعني أنتي كنتي عارفه؟ كنت بتلعبي بزين؟ بنتي أنا هي اللي بتلعب بالشباب وأنا اللي خايف إن الشباب هم اللي يلعبوا بيكي!
رد شادي بقوة وتفاخر:
-لأ أطمئن عليها يا بابا، دعاء دي اجدع من مليون راجل.
وقف محمود بغضب يطلب من والده:
-يلا يا بابا نروح ونكلم فارس نشوف ناوي على ايه، احنا ملناش قعاد هنا خلاص.
❈-❈-❈
خرج محفوظ بعد أن أخذ أوامره من فارس وجلس الأخير برفقة ابن عمه يربت عليه ويهدأه والآخر يقول:
-جنى مش هتستحمل كل الضربات دي يا فارس، هتموت مني.
ربت على فخذه وهو يخبره:
-كله هيتحل إن شاء الله.
التفت يرمقه بنظرة حادة وهو يسأله:
-اوعى تكون ناوي تنخ المره دي كمان عشان خاطر عيون ست ياسمين؟
امتلأت عينيه بالشرر وهو يرمقه بنظرة حادة والآخر يضيف:
-سبته المره اللي فاتت عشان خاطرها فلو ناوي تسيبه المره دي قولي وانا آخد حقي بإيدي
صر فارس على أسنانه بحنق وغضب وهو يعقب عليه بزئير مخيف:
-إياك تنسى نفسك معايا يا مازن، من انهارده الكل يلزم مكانه من تاني لأني اتساهلت معاكم كلكم وده اللي خلاكم كلكم تتطاولوا عليا بالشكل ده، افتكر مين هو فارس الفهد ويقدر يعمل ايه.
وقف مازن ينظر له بحنق ويؤكد:
-وانا مش عايز غير فارس القديم لأنه لو اتدفن جواك هقف انا مكانه؟
وقف فارس هو الآخر يحذره بنظراته الشرسة والآخر غير عابئ بها وتكلم وهو يهم بالخروج:
-شادي كتب شهادة وفاته خلاص ومش فاضل غير الميعاد؛ فشوف نفسك عشان لو منفذتش انت فأنا مش هستناك.
تركه مغادرا وفارس في قمة غضبه يتنفس بحدة وفور خروجه دلفت مربيته تسأله بقلق:
-ايه اللي بيحصل يا بني بس؟ كسرت المكتب الصبح وكملت عليه دلوقتي ومازن ماله هو كمـ...
صاح بها بغلظة مقاطعا إياها:
-خلااااص، سبييييني لوحدي.
تفاجئت من صراخه بها فتأسفت بانكسار:
-حقك عليا يا بني.
ظنت أنه قد يعتذر لها عما بدر منه، ولكنه لم يكترث وأمرها بجمود:
-متدخليش في اللي ملكيش فيه تاني.
أومأت باكيه:
-آسفه اني اتخطيت حدودي يا فارس باشا.
تركته ولا زالت نوبة غضبه لم تهدأ؛ فدلف صالته الرياضية ليفرغ بها غضبه ما بين التدريبات القاسية والملاكمة وتخيل شادي بهيئته متمثلا بكيسه الرملي وظل يضربه مرارا وتكرارا حتى جرحت راحته ولم تهدا نوبته؛ فاضطر للصعود لجناحه عله يهدأ بعد أن ينعش جسده المتعرق بالقليل من الماء البارد بهذا الشتاء القارص.
دلف جناحه فلم يجدها به فشعر بالارتياح لتوتره من أن يفرغ جام غضبه عليها، ولكنه فور دخوله المرحاض وجدها أمامه عارية تجلس بأرضية الحمام والمياة تبلل جسدها وتبكي بحرقة.
وقفت هي فور أن لمحت طيفه وهو يخلع عنه ثيابه فتنفست بصعوبة وهي تبكي من حدته معها منذ قليل بعد ما حدث، ولكن ما فاجئها هو سحبه لها موليا ظهرها له ومثبتا جسدها ووجها بالحائط بقوة وغضب لم تعاصره معه من قبل وقام بممارسته معها فورا وبدون مقدمات أو مداعبات مما آلمها بل وجرحها وظل هكذا حتى فرغ منها وتركها ساحبا منشفة ولفها حول خصره تاركا المرحاض وتاركا إياها حطام أنثى.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية روضتني 2، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية