-->

رواية جديدة للذئاب وجوه أخرى 5 لنورا محمد علي - الفصل 32

 

قراءة رواية جديدة للذئاب وجوه أخرى5 كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية للذئاب وجوه أخرى5 رواية جديدة قيد النشر

من قصص وروايات 

الكاتبة نورا محمد علي


الفصل الثاني والثلاثون



كانت دانا تعمل باندماج، بعد أن نبهت على السكرتيرة الخاصة بها بعدم الإزعاج، تنظر إلى ذلك التصميم أمامها، وتبحث عن ثغرة لا تراها العين، لكنها تتحرى الدقة في كل ما تفعله، خاصة أن الإسم الذي تعمل تحته، بني بكثير من الجهد والتعب، ورغم أن أغلب العاملين في الشركة قد انصرفوا، وهي أول من يستطيع الانصراف، دون ان يعقب على خروجها المبكر احدا…


 إلا أنها كانت تسعى لتكون قدوة أمام نفسها، طرقة خفيفه على الباب لم تكد تسمعها، إلا أنها شتت أفكارها، همست من بين اسنانها: 


_في أيه في أنا مش عايزة أزعاج يا ليلى مش مفهوم؟ 


لم تتلقى رد من ليلى ربما لأن من طرق الباب لم يكن هي، لقد وقفت ليلى في مكتبها تنزوي، فلم تستطيع ان توقف ذلك المهندس الجديد، الذي يفرض سيطرته على الجميع، بالإضافة إلى أنه أخذ صلاحيات كبيرة، بقرار من أدهم البيهي نفسه، لذا وقفت دون أن تقوى على أن تمنعه، أو تطلب له الأذن ما ان تركت دانا القلم من يدها، والتفتت تنظر إلى ليلي بغضب.. 


وجدت ذاخر ينظر لها بهدوء، كأنه لا يهتم بتلك النظرة التي قد تحجم غيره، بينما هو أبتسم بتسلية ممزوجة بإعجاب حاول أن يواريه، وهو يقول:


_ ادهم بيه فين؟


 كادت أن تخرج سبة من بين شفتيها، إلا أنها تراجعت وهي تنظر له بهدوء، لا تشعر به وهي تقول:


_ مش موجود 


_أنا عارف أنه مش موجود، بس المفروض أنا معايا ورق مهم لازم يوقعه. 


ورغم انها تشعر بالغضب المستتر منه، لانه قطع حبل افكارها، وهي تنهي ذلك التصميم الهام، إلا أنها أشارت له،  حتى يعطيها الأوراق، اخذت تقرا بتمهل، كأن أمامها باقي اليوم، بينما هو يتميزا غيظ دون أن يظهر..


 زاخر: وبعد ما تفري في الصفحات.. 


لم يتلقى رد  منها وهي تكمل ما تفعله.. 


_انا بكلمك على فكرة


_ عارفة يا باشمهندس، بس المفروض ما تشتتنيش، أنت محتاج الورق يتوقع دلوقتي، وأنا بقرأ علشان أوقعه.


_ انت اللي هتوقعي


_ لو ما فيش عندك مانع


_ وانا أمانع ليه؟ انا أهم حاجة عندي ان الشغل ينتهي. 


_تمام، تقدر بقى تسيبني اركز.


_ اتفضلي


نظر لها باعجاب مستتر لم تلاحظه هي، وهو يواريه خلف طبقات من البرود على وجهه، تحرك ليجلس الى ذلك المقعد القريب من مكتبها، وهو يقول لنفسه: 


_هيجي يوم أنزل مناخيرك المرفوعة دي يا بنت البيهي، ما نشوف اخرتها معاكي يا دانا 


 انهت تصفح الأوراق، لكنها تركتها أمامها وهي تشير إلى نقطة في احد البنود.. 


زاخر: مالها؟! 


_هو ايه اللي مالها؟ مش عجباني.


_ يعني ايه مش عاجباكي؟


_ يعني البند ده في شروط جزائية على شركتنا بس مش عليك، اي خلل بالاتفاقية هيضر الشركة واسمها، ما اعتقدش أن أنا ممكن اوافق على بند زي ده في الشروط الجزائية.


_ انا اتكلمت مع ادهم بيه 


_صحيح؛ بس انا اللي هوقع لك دلوقتي مش ادهم بيه؛ وعلشان انا اللي هوقع لك هتتناقش معايا في النقط دي ثاني، النقطه دي هتتشال من الاتفاق 


_وإلا…


_ لا احنا مش بنلعب حضرتك  عشان يبقي في وإلا، انا ما بهزرش انا بتكلم بصفتي نائب رئيس مجلس الإدارة، النقطة دي احد النقاط اللي انا متحفظة عليها، نتناقش فيها نغيرها نحط تحجيم للكلمة المفتوحة اللي بمعناها ان احنا بنشيل كافة الخسائر..


_ بتخافي تخسري!


_ انت ما بتخافش؟


_ الدنيا علمتني ماخافش 


_تمام، دي اكيد علشان مريت بنكبات كثيره ومشاكل اكتر، عشان تثبت نفسك في السوق


_ ده حقيقي، نتكلم في المهم انا في العادة ما بتناقش في نقاط تم الاتفاق عليها مسبقاً، بس عشان أوضح ليكي أصول الشراكة اللي بينا،  تمت على البنود دي، بس أطمني أنا كده كده ما بحبش أخسر حتى لو بلعب بأسم حد تاني.


_ بس أحنا ما بنلعبش احنا بنشتغل..


 عينه التي انتقلت على صفحة وجهها، وتلك الابتسامة التي رسمت على شفتيه، حاولته لشخص آخر، عابث بعض الشيء، كأنه ليس هو ذو الأسم العالمي، الذي بني بتعب وجهد كأنه شاب في بداية العشرين من عمره، أخذ يتكلم معها بإستفاضة كأنه ليس هو من كان يتعجل إمضاء الورق منذ لحظات، ربما لأنعقلها فذ وحاضر لا يقل جمال وحضور عن وجهها ااجميل وانوثتها التي تاثر لبه مما جعله يطيل الحديث معها..


 زاخر: أيه رايك نننسى اللي فات


دانا: انا مش فاهمة، حضرتك بتتكلم عن ايه؟


_ ما تاخديش المواضيع بحدة، الموقف اللي حصل بين كان موقف عارض، ممكن أكون مستعجل، ممكن أكون مضطر ممكن يكون ما لقيتش مكان غير قدام عربيتك، وارد.. 


نظرت له بدهشة كأنها لا تصدق أنه يبحث عن موقف حدث منذ فترة، يبرره الآن لكنها ليست  ساذجة، وتعرف ان وراء كل شيء أمر آخر، لم يظهر في العالن بعد، لمَ يهتم بتصحيح تلك الصورة، هو يعمل مع والدها منذ شهر تقريبا، لم تتلاقى معه في تلك الأيام ولا مرة..


 ليس لانها لا تريد، ربما لان والدها يشغلها في أعمال أخرى، حتى أنها تكاد تجزم أنه يعمل على أن تتجنب أن تتلاقى بزاخر مرة أخرى، كأنه يخشى من ثوراتها في وجهه، أن تكون سببا في نهاية كل ما يبنيه لكنها لا تدرك أن وراء ذلك أمر آخر، ادهم لا يفعل ذلك ليحمي الشراكة التي بينه وبين زاخر، بل يحميها هي نفسها من وجود صياد مثل زاخر، الذي كان عليه يوما… 


لذا لا يريدها بالجوار، يخشى عليها ان تقع فريسة لزاخر أو لرجل كان هو مثله يوما ما، إلا انها لم تلتقط الطعم بسهولة، وهي تقول:


_ لمَ الآن تبرر ما حدث؟


_ ربما لان ذلك التصميم لفت نظري، ربما لانك تعكفين فوقه ليس لشيء، إلا لتبحثي عن ثغرة ما فيش حد شايفها، ومع ذلك انت بتدوري عليها.. 


نظرت له بصدمة كيف استطاع ان يقرأ ما تفكر فيه؟ ويحدده..


 ضحك بصوت مرتفع، مما جعل الدهشة تمتزج بالصدمة على وجهها، وهي تنظر له بأستفسار ممزوج بالحدة..


 زاخر: بلاش البصة دي ماقصدش اللي فهمتيه، لو شفتي وشك وانت بتبصي لي كأني عرفت سر القنبلة الهيدروجينية، كنت ضحكتي..


 ابتسمت بخجل وهي تقول: 


_انا ما بصيتش كده!


_ ايه ده وعندك القدرة انك تشوفي نفسك كمان؟ 


_هو حضرتك بتتريق


_ أنت شايفة ايه؟


_ أنا شايفة إنك تعدل البند، اللي اتكلمنا عليه


 ضحك مرة أخرى، وهو يقول:


_ أنت عنيدة أوي يا دانا 


_فين العند في اني بطالب ابسط حقوقي 


نظر لها بحاجب مرفوع، وإبتسامة تظهر في عينيه، تسليه ممزوجة بالمرح، فتلك الكلمة لا تذكر في العمل، تلك الكلمة قد تقولها إمرأة لزوجها، وهي تطالبه بعض الدفء..


 ما أن أدركت ما يفكر فيه، وهي تنظر له بحدة  وتقول:


_ باشمهندس أعتقد أن أحنا بنتكلم في الشغل فيا ريت ما تحرفش كلامي.. 


أشار إلى نفسه بصدمة، كأنه بريء براءة الذئب من دم أبن يعقوب، وهو يقول:


_ انا؟!


 لم تكلف نفسها عناء الرد، وهي تضع الورق امامه، وتخبره صريحة أنها لن توقع حتى يتم تعديل ذلك البند، ورغم انه رافضا كل الرفض أن يفعل ذلك، إلا أنه لا يعرف كيف غير أفكاره في لحظة؟ كيف هز رأسه بموافقة؟ كأنه يوافق على أي شيء يخرج من بين شفتيها الممتلئة المرسومة بوحشية، والتي تثير في نفسه مشاعر لم يكن يتخيل انه يملكها..


بداخله رغبة ملحة في تقبيلها، حتى يدمي شفتيها، لم يتوقع أن تثار رغبته فقط من كلمة تخرج مشبعة بالغضب من بين شفتي امرأة..


 أبتسم لها وهو يؤكد موافقته على تغيير ذلك البند.. 


❈-❈-❈


بينما هناك كان أمجد يستقل طائرته الخاصة التي تعد الأحدث والاغلى، وهو يرجع إلى بلده، بعد أن انتهت تلك المشكلة بينه وبين صديقه المقرب الوحش، ينظر أمامه إلى شاشة اللاب توب، يعمل على بعض الملفات الخاصة بشؤون الدولة، التي لم يتوقف عن رعاية شؤونه حتى وهو يقضي الوقت في القاهرة، منتظر تلك اللحظة التي تنتهي فيها تلك المشكلة، التي كادت ان يكون سببا اساسيا في نهاية علاقته بأصدقائه..


 بينما على أحد المقاعد يجلس عابد، ينظر أمامه في صمت، يدرك أن أمجد يشعر بالغضب منه، لكنه لم يصرح بعد، لكن هل ينتظر منه أن يأتي ليخبره؟ انه ليس مجرد حارس خاص! قام بتعيينه الملك لحمايته، وأنه يعد من أكفأ ضباط المخابرات في الدولة…


 بالتاكيد عابد لن يفعل ذلك، وامجد متأكد من هذا، ولكن أن يفاجئ بأنه يعرف الوحش معرفة شخصية، وأنه أخبره ان يهتم بالملف ويقرأه، لو فعل ما كان حدث كل هذا أمر!


امجد لا يستطيع ان ينساه ومع ذلك كيف يلوم عليه؟ لقد اعطاه الملف بيده، اكد عليه قراءته لكنه لم يستطيع ان يفصح أكثر من ذلك..


 عابد: سمو الأمير؛ هل مازلت غاضبا مني؟


 بينما امجد يعمل لم يرفع وجهه عن اللاب توب، وهو يقول:


_ ماذا ترى عابد؟


_ ارى انك لازلت غاضبا؛ لكن الامر ليس بيدي! كيف استطيع أفصح لك عن شخصيتي الحقيقية؟ أن أخبرك ما هو العمل المكلف به؟ بأمر من الجلالة الملك نفسه. 


_هل تدرك انك لو افصحت؟ عن ما تعرفه وعن شخصيتك الحقيقية، ربما كنت قرات الملف باهتمام، ربما كنت بحثت عن تلك الثغرة، التي تسببت في تلك المشكلة مع أصدقائي..


_ ربما سموك..


_اجل عابد لو أخبرتني حقيقتك كنت تعاملت مع بطريقة أخرى..


_ بالحذر..


_ ماذا تعني؟


_ اعني  أنجلالتك ستتعامل معي بحذر كأني عدو، ولست صديق..


 نظر له مطولا، وهو يترك ما يفعله ويقول:


_ ربما يكون كلامك صحيح، انا رغم ما أكنه من مشاعر إلى الوحش، إلا أنني أشعر بالحذر في التعامل معه، هو ليس رجل عادي  لكنه أشاد بك، هل يعني ذلك إنك تسير على الدرب؟


_ ربما..


_ اذا من سار على الدرب وصل، هل أأمل ان يكون حارس الشخصي، بكفاءة الوحش نفسه.. 


_ ليس إلى هذه الدرجة، لكني أحاول 


_حسنا عابد انا ادرك جيدا إنما فعلته  خارج عن إرادتك، وأنك لا تستطيع ان تفشي حقيقتك، ومع ذلك لن اسمح لك بان تذهب من منصب مسؤول الحراسات خاصتي، هذا عقابك لأنك أخفيت حقيقتك، ولكن..


 نظر له عابد ابتسامة وكأنه ينتظر ماذا بعد لكن؟ 


امجد: إن احتاجك الجهاز في أمر هام يترتب عليه شيء، لا يستطيع غيرك أن يفعله، لن امنعك من الذهاب، لكنك ستعود إلى منصبك ستظل في ذلك المكان، إلى أن أرحل انا أو ترحل أنت عن الدنيا


_ أطال الله عمرك سمو الأمير


 ابتسم له امجد وهو يقول: 


_ وعمرك عابد..


 بعد وقت كانت الطائرة تحط فوقها القصر، الخاص بأمجد وهو ينزل الى داخل القصر، بينما عابد أنصرف الى خارجه، كانت نور تنظر له بابتسامة محملة بالعشق والشوق، وهي تفتح ذراعيها، تخبره مدى شوقها ورغبتها في أن تضمه بين ذراعيها… 


فلقد مضت ايام طويله وهو بعيد عن المملكة ضمها في حضن طويل، وهو يقبل منبت الشعر في رأسها، وهو يهمس بصوت محمل بالشغف:


_ اشتقت اليك نور القلب وعشقه


_ وانا ايضا امجد اشتقت اليك حبيبي


 ضمها بين ذراعيه وقبل وجنتها أنتقل من الاولى إلى الأخرى، ولكنه فقد السيطرة وكأن الشوق هو من يحركه، وهو يعتصر شفتيها بشغف كان الحياة تنبت منبينهم ويده تتحرك على جسده المهلك له ورجولته وعينه تهمس بكلام، يحملببن طياته الرغبة الممزوجة بالعشق وهو يضغط جسدها الملفوف على جسده ، لتشعر بما يعتمل في قلبه..


نور: أمجد وبعدين 


أمجد الحين نشوف بعدين خلينا في اللي احنا فيه غلبني الشوق 


_ مو لحالك أنا اشتقتلك اكثر يا بعد القلب 


ابتسم لها وهو يتحرك معها إلى جناحهم،  ليبدأ معها ملحمة محملة بالعشق،  تندمج فيها الرغبة مع الشوق لينفعل القلب والجسد يحركهم الشغف.. 


ما ان اغلق الباب حتى بدأ العزف على جسدها بنغمات لا يعرفها غيرهم،  وكان ما يشعران به أمواج متتالية،  ما بين المد والجزر وهي تائهة فيما تشعر به من شغف وشفتيها تأن بأسمه كأن اللغة اقتصرت عليه 


نور: امجد..

_قلبه.. 


❈-❈-❈


اليوم التالي كانت داليدا تتحدث مع جدتها في المحمول، قبل أن تذهب إلى الجامعة، فهي تعلم أن المحاضرة الأولى تم ألغائها فقد اعتذر الدكتور لظرف طارق..


داليدا: صباح الخير يا تيتة، عاملة إيه يا قلبي؟ وحشاني.. 


_ أنت بكاشة يا داليدا، انت فين من يوم ما خالتك كانت هنا ا


_نشغلت والله يا تيتة، أنت عارفة انا مفيش  حاجة تمنعني عنك..


_ وانا كده هصدقك


_ عايزة إيه بس يا سمكة عشان تصدقني.


_ تعالي اتغدي معايا النهاردة، انا قاعدة لوحدي زهقانة، من يوم ما خالتك سافرت، حسيت بالوحدة من تاني، وعايزة أطمن عليها، بس خايفه تكون لسه متضايقة، ما تعرفيش هيرجعوا امتى؟ 


_هيرجعوا منين يا تيتة، هم رجعوا 


_رجعوا؟ امتى؟! 


_انا اتصلت بيها من كام يوم، مش ردت قلقت عليها، اتصلت على رقم رحيم، رد عليا وقال انه في التمرين، وانهم رجعوا من كام يوم، باباها سافر لهم هناك، وقاعد معاهم كام يوم ورجعوا سوا.


_ والله من غير ما تقول لي يعني.. 


_ مش أهم حاجة أنهم رجعوا يا تيتة


_آه بقولك رايحة الجامعة..


_ لا المحاضرة الأولى أتلغت. 


_خلاص تعالي وصليني عند خالتك.


_ انا ليه؟


_ ليه إيه؟ مش عايزة توصليني يعني؟ 


_يا تيتة انت عارفة، انا مش عاوزاه يفهم.. 


امسكت لسانها قبل أن تزل أمام جدتها، وتخبرها أنها تخشى أن يدرك رحيم انها تتبعه، هل تظن تلك الساذجة أن الجميع لا يعرف تلك المشاعر الراقية، التي تكنها له.. 


لكن جدتها لم ترد إحراجها، وهي تقول:


_ هو مين يا بنتي اللي يفهم؟ هتيجي توصليني ولا أنزل لوحدي 


_ أنا اقدر أتاخر يا تيتة، طبعا هاجي، بس أفتكري أن أنت اللي طلبتي.. 


ضحكت اسماء بصوت شبه مرتفع، يظهر منه الوهن والضعف، ولكنها تشعر بالسعادة بحديثها مع حفيدتها المقربة، وتتمني أن يرى رحيم أنه لن يجد افضل منها، لكنه مجرد امنية، لان لرحيم وداليدا مكانة خاصة..


 هي تعلم جيدا ان دانا مشغولة، في عمل الشركة مع والدها، وداليدا تسعى لأن تصل إلى ما تحلم به أمها.. 


داليدا قريبة من أسماء في عدة جوانب، تعوضها عن بعد بناتها عنها، لقد تزوجنا جميعهن وكل تعيش في بلد مختلف، علاقاتها بهم أقتصرت على الهاتف، لقائهم اصبحت سنويا، حتى سهام التي تعيش معها هي وسهر في نفس الدولة، ونفس المدينة قد تاخذهم مشاغل الحياة..


 لكنها الآن تشعر باللوم، يملأ قلبها على سهام، التي شغلت قلبها بذلك الموقف الذي حدث بينها وبين زوجها، وما أن أستقر الحال لم تفكر في طمانينتها، لذا تحركت لترتدي ملابسها، تنتظر أن تصل داليدا لتوصلها..


 ولكن هل تلوم عليها انها قبلت بالصلح؟ وكيف تلوم؟ وهي تعلم جيدا مقدار عشق سهام لزوجها، لكنه اخبرها بكل برود ان سهام اخطات في حقه، خطا لا يغتفر بالنسبة له..


 ها هي السيارة تلج إلى الفيلا، أوقفتها داليدا وهي تشعر بالارتباك، ممزوج بالخجل محمل بالشوق، مشاعر متضاربة تموج في داخلها تظهر على وجهها، وهي تنظر إلى جدتها، وتقول:


_ مالك يا تيتة ساكتة وبتفكري في حاجة، أوعي تكوني ناوي تزعقي لخالتو ولا تلومي عليها، أنت شايفة أنها كانت منهارة أزاي، علشان بس هي زعلت عمو احمد..


 نظرت لها أسماء وهي تقول: 


_والله يا داليدا ما انا عارفة، أزعل منها ولا عليها، انت لو شفتي رد وهو بيتكلم معايا في التليفون، ويقول لي محتاج أهدى، كنت قلت ما ترجعش، ولو شفت عينيها وهي بتتكلم عنه تقولي لها ارجعي..


_ يعني بتتعرفي عليهم النهاردة، ما انت عارفة قد ايه هو بيحبها. 


_والله يا بنتي ما بقيت عارفة حاجة


_ طب هتقولي لهم جاية ليه؟! 


_ ليه هو انا محتاجة اخذ أذن..


كانت تتكلم بنبرة شبه مرتفعة،  مماجعل رحيم يفتح باب الفيلا، وابتسامة على وجهه عينه تحمل الكثير من المشاعر، لا يعرف هل هو سعيد لان جدته  آتت ام هو سعيد لذلك الخجل الممزوج بالشوق واللهفة على وجه داليدا التى تفرك يدها كأنها مراهقة.. 


داليدا:  كنت بكلم تيتا عادي بس لما عرفت انكم هنا… 

ابتسم لها وهو يهز راسه بموافقة وهو يقول: 

اهدي هو أنا سألتك جاية ليه ده بيتك.. 


ابتسمت بخجل وهي تستجمغ شجاعتها لترفع عينها لتتلاقى بعينه، في نظرة خاطفة جعلت قلبها يرقض تختل نبضاته، وهي تزدرد لعابها، مما جعله يبتسم ولكنه أدرك أن جدته نزلت من السيارة، وتنقل نظرها بينهم .. 


رحيم:  اهلا وسهلا بحضرتك نورتي البيت 


أسماء: ممم ماشي يا رحيم


اقترب يقبل يدها وهو يقول: 


_في ايه بس يا ست الكل؟ 


_مفيش امك فين؟ 


_جوه اتفضلي احنا هنقف على الباب 


كان يتحرك مع جدته إلى الداخل وهو يسندها بخفة بينما داليدا تقف مكانها التفت ينظر لها فلم تتحرك، نادي عليها.. 


رحيم:  ايه يا دكتورة سرحانة في أيه

داليدا:  هاه لا ابدا 

ما ان تأكدت ان جدتها دخلت اقتربت من رحيم وهي تهمس 


_تيتة زعلانة من خالتوا واحتمال من عمو وانا زعلانة من نفسي انها لما سالت امتي هترجعوا قلت ليها رجعو بس وااله ما كان قصدي 

_عارف 

_بجد يعني انت مصدقني 


ابتسم وهو ينظر لها مطولا وسؤال خرج من بين شفتيه لا يعرف لمَ سأله من الأساس 


_وانت يهمك أني اصدقك؟ 

_أنت عارف،  وكمان انا مش كنت عاوزة اجي معاها 

ابتسم بعد ان ادرك لمَ تقول ذلك إلا انه نظر لها بدهشة وهو يفول: 


_ليه بس هو حد فين زعلك ولا ايه يا دكتورة

_ انا بس خايفة لتفهم غلط.. 

_ما تخفيش انا فاهمك صح،  اللي زيك ما تتفهمش غلط يا داليدا.. 

ما ان نطق حروف اسمها حتى ارتبكت وكادت دقات قلبها ان تختل.. 

واسرعت لتفر من امامه،  لا تعرف أن كانت تهرب منه أم من نفسها.. 


أم في الداخل كانت سهام تتقلب في مركضها تشعر بشى يتحرك على وجهها،  فتتقلب للجهة الأخرى لكن نفس الشئ 


يعبث معها بخصلة من شعرها يحركها كأنها ريشة، على وجهها الذي يعشق تفصيله، وهو يقترب من شفتيها المكتنزة، يقبلها قبلات كأنها الهمس،  وهو يقول: 


_الافضل إنك تقومي لأني على تكة.. 

_ممم

همهمت بصوت مكبوت 

_افهم ايه من ردك أنؤ اتهور برحتي وانت هترحبي من غير اعتراض زي امبارح ولا ده أمل واهي.. 


فتحت عينها تنظر له بعدم تصديق وهي تقول:  أحمد.. 

_قلبه 

_بتقول ايه يا وحش.. 

_بقول كفاية نوم، فوقي بقي بلاش كسل لان عندي فكرة حلوة تخليكي تصحي.. 

_تاني 

رفع حاجب واحد وهو يهم ان يقترب ليقبلها بشغف لياخذ ما هو له وله فقط.. 

في اللحظة التي ارتفع فيها صوت طرقات على الباب.. 

ابتعد عنها مرغما وهو ينظر لها ويقول: 

_اعمل فيهم ايه اقتلهم؟ 

ضحكت بصوت مرتفع وهي تنهض من الفراش، تتحرك إلى الحمام بذلك الثوب الذي يظهر اكثر مما يخفي، وهو ينظر لها بعشق ممزوج بالرغبة وكانه لم يكتفي.. 

لذا زمجر بصوت غاضب يسال من بالباب 

أحمد.:  مين.. 

رحيم:  أنا… 

أحمد:  وعاوز ايه يا اخر صبريى

_مش أنا اللي عاوز.. 

_انت هتنقطني.. 

تحرك ليفت الباب يقف بذلك السروال الذي لا يرتدي غيره وهو ينظر لابنه بحاجب مرفوع.. 

_دي تبتة عاوزة ماما.. 

_تحت.. 

_ايوة سيادتك وشكلها مدايق.. 

_طيب مستني ايه أنزل  واحنا هنحصلك،  ولا هتستني  ننزل معاك 

_ايه لا طبعا  أنا نازل.. 

لم ينتظر والده وهو يغلق الباب في وجهه، 

التفت لينظر إلى سهام التي تنظر له بأستفسار وهي تقول:


_ ايه واقف كده ليه؟ 


ابتسم وعينه تسبح على وجهها وجسدها المهلك له ولاعصابه،  وهي تلف جسدها بروب الاستحمام الوردي، تنظر له بأستفسار فهي لم تسمع ماذا قال رحيم له؟ 


_غير هدومك عشان ننزل، ماما تحت


_ ايه؟


_ مالك اتخضيتي كده ليه؟ لما قولتلك ماما تحت


 كانت تشعر بالذنب كأنها طفلة اخطأت، هي لم تفكر حتى الآن في الإتصال بوالدتها؛ لتطمئنها عليها، أسرعت إلى غرفة الملابس، تنتقي شيء مناسب، وهي تحرك المشط في شعرها، تبدو مرتبكة، بينما هو انتهى في غضون دقيقة، من ارتداء ملابسه..


 اقترب منها يحاوط وجهها بيده، وهو ينظر لها بابتسامة عذبة، وعينه تقول الكثير، وهو يقبل جبينها قبلة خفيفة كالهمس، وارفقها بهمس دافئ: 


_خايفة من إيه؟


_ أصل هي كانت زعلانة 


_مني؟


_ اه 


_طب انا هصالحها 


_منك هترضى 


_تصدقي لو قلت لك اني ما بخافش من حد قد امك! أنا بخاف من زعلها كأنها أمي،  عارف أقبل ما أتجوزك وعدتها أنك متزعليش مني لأي سبب،  بس شكلها نسيت توصيكي عليا.. 

خبطته في كتفه وهي تهمس بعشق 

_مش محتاجة توصيني قلبك مكفي وموفي 

قبلها بشغف فأبتعدت عنه وهي تتحرك إلى الباب تبعها وهو يقول: 


_هترحي مني فين؟ متنسيش تصبحي على حبيبك،  عشان الحساب يجمع.. 


ضحكت بصوت مرتفع وهي تسرع إلى حيث أمها التي تلاقت عينها بها وهي تنظر لها بلوم ممزوج بعتاب وكان اللوم وحده لا يكفي وهي تهمس: 

اسماء:  عاش من شافك يا أم رحيم…

اقتربت من امها تضمها، وهي تقبل جبينها ويدها  وهي تقول: 

_ تعيشي ويطول عمرك يا قلب أم رحيم، بس شكلك زعلانة يا أم سهام مين مزعلك؟ 

_بتسألى يا بنت بطني؟ 

_أنا..  أنا.. 

أحمد: يا ادي النور يا امي  البيت نور 

نظرت له مطولا ولسان حالها يظهر عدم التصديق.. 

احمد في ايه بس يا ست الكل لسه زعلانة مني… 

_انت شايف إيه يا أبو رحيم؟..  


 يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة نورا محمد علي لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة