-->

رواية جديدة كما لو تمنيت لبسمة بدران - الفصل 15

 

 قراءة رواية كما لو تمنيت كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية كما لو تمنيت 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


 الفصل الخامس عشر

تم النشر بتاريخ

12/10/2023

(لست نادم)



عند منتصف النهار أنهى عمله البسيط ومن ثم هتف بإرهاق موجها حديثه لرئيسه في العمل (بقول لك إيه يا اسطى هروح على القهوة كده اشرب لي كباية شاي وسيجارة ماشي؟


أومأ له الرجل مردفا بصرامة: ما فيش مشكلة يا حسام بس ما تتأخرش.


دقائق قليلة وكان يجلس في المقهى القريبة من عمله ثم طلب كوبا من الشاي وأشعل سيجارته وراح يستنشق دخانها بهدوء

امسك بهاتفه وفتح الإنترنت ثم تطبيق الماسنجر

قطب حاجبيه بدهشة عندما أبصر اسمها في الرسائل ففتحها على الفور وسرعان ما ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهه عندما قرأ محتوى الرسالة فأيقن أنها تتمزق مثله بل ولربما أكثر منه

ففتح لوحة المفاتيح وبدأ يكتب لها: أنت كمان وحشتيني أنا تمام.


ثم بدأ يكتب لها: أنا يا فرحتي يحاول اشتغل زي الحـ مار عشان اشيلك من دماغي بس والله مش قادر يحاول أتقبل أنك مش ليا بس مش قادر اقتنع.


أرسل تلك الرسالة ثم اغلق هاتفه بعد أن أبصر الصبي يحضر له كوب الشاي

فشكره بدوره ثم راحة يرتشف منه على مهل وصورتها الحلوة لا تغيب عن عينيه وذهنه.


❈-❈-❈


وقفت في منتصف المطبخ تتأمل خصلاتها التي تطايرت فوق الأرضية بابتسامة رضا فالبغيض زوجها كان يحب شعرها كثيرا وهي حرمته من أكثر شيء يحبه بها وأرادت لو أنها تمزق جـ سدها أيضا لكنها لم ولن تستطع ليس من أجلها هي بل من أجل صغيرها.

لكنها سرعان ما راحت تقنع نفسها بأن صغيرها لن يموت بعدها فوالدتها ستأخذه وتربيه كما ربتها هي وشقيقاتها.


أومأت بقوة وكأنها اقتنعت بذلك الحديث فرفعت المقص عازمة على إنهاء حياتها أيضا لكنها أجفلت على صوت الصغير يأتي من خلفها ويقول: ماما عايز اشرب.


ألقت المقص جانبا وتنهدت بقوة ثم استدارت إلى ابنها ونزلت إلى مستواه ثم عانقته بقوة وراحت تنتحب بصوت يمزق نياط القلوب.


أما عن يونس فسرعان ما تشبث بها وراحا يشاركها البكاء.

حق هو لا يعلم شيئا بسبب عقله الصغير لكن كل ما كان يتصوره بأن والده يضربها كل ليلة لذا كره والده كثير وبغضه.


❈-❈-❈


تنهيدة كبيرة خرجت من أعماقه عندما فشل في تذكر ما حدث بينهما بالأمس فاستدار إليها كي يسألها إلا أنه شعر بالحزن عندما أبصر حالتها المزرية فقد كانت تبكي وتبكي دون توقف وكحل عينيها اختلطا بدموعها مما أعطاها منظر مزري للغاية.


زفر باستسلام ثم دنا منها وامسك يدها ثم رفع وجهها لتواجه عينيه هاتفا بجدية: مرام ما لوش لازمة العياط دلوقتي احنا لازم نفكر في المصيبة اللي احنا الاتنين عملناها مش مشكلة مين المسئول أنا ولا أنتي المهم النتيجة

والنتيجة ان أحنا الاتنين غلطنا عشان كده لازم نتحمل نتيجة غلطتنا دي.


خفق قلبها عند سماع حديثه ذاك فسألته بتردد: قصدك إيه يا أدهم؟


أجابها بنفس الجدية: احنا هنتجوز يا مرام احنا مش كنا مخطوبين يبقى نتمم جوازنا وفي أسرع وقت كمان سيبي الموضوع ده عليا وأنا هكلم سيادة المستشار وهحدد معاه كل حاجة ودلوقتي اتفضلي قومي خدي دش وغيري هدومك عشان اروحك البيت.


❈-❈-❈


خلف مكتبه يجلس وعقله يدور كبنادول الساعة فلا يعلم إن كان قرار زواجه من تلك الصغيرة صائبا أم لا لكن لا يعرف لماذا طلب منها ذلك الطلب

بطلبه ذاك ستفقد زوجته الأمل وتعود من حيث اتت كما أن عشق تحب شمس كثيرا وستستطيع أن تخرجها من حالة الحزن التي ستعتريها مجددا بسبب فراق والدتها.


وفي خضم تلك الأفكار ابتسم باتساع عندما  تذكر حالتها بعد طلبه الزواج بها فلقد بقيت لوقت طويل فاغرة الفاه متسعة العينين مما جعلته يضحك بقوة على حالتها تلك

فدنا منها وأغلق فمها بيده هاتفا بمزاح: ايه يا بنتي الأوفر ده! وبعدين اقفلي بقك ده بدل ما الدبان يدخل.


ابتسمت ببلاهة ثم أجابته بمرح: لا ما فيش دبان هيدخل أصلي معقمة ورشة بيرسول.


انفجر بالضحك عليها ثم هتف بلوهاث من فرط ضحكه: خلينا نتكلم جد شوية بقى يا شمس قلتي ايه انا هعوضك ماديا؟


قاطعته بسرعة: تعوضني ايه يا مراد بيه حضرتك انا اللي طلبت اني اساعدك بس فكرة الجواز دي غريبة شوية وبعدين مين هيوافق حضرتك يعني؟


أجابها بهدوء مستفز: لا والله ايه بقى اللي هيمنعني يا ست شمس شايفاني بنت قاصر عشان حد يمنعني أختار اللي اتجوزها!

عموما ما يخصكيش الكلام ده كله كل اللي عايزه منك انك توافقي حتى لو اتجوزنا على الورق بس خلينا نعرف بعض أكتر مش جايز نرتاح لبعض ونكمل في الجوازة.


قاطعته بلهفة: وجايز ما نرتاحش ساعتها بقى ابقى مطلقة وارجع لابويا بشنطة هدومي وابقى حاملة لقب مطلقة وانا لسة ما كملتش العشرين سنة لا يا مراد بيه يفتح الله شوف لك طريقة تانية اساعدك بيها غير الجواز.


زفر بنفاذ صبر ثم أردف بصرامة: ما فيش طريقة تانية وانا بوعدك اننا لو ما ارتحناش مع بعض وقررتي في أي وقت انك تنفصلي هوفر لك كل حاجة تخليكي ما تحتاجيش لحد حتى لأهلك ها قلتي ايه؟


أجابته بشرود: اديني فرصة أفكر.



استفاق من شروده على صوت شقيقته التي ولجت دون أن يشعر بها: ايه يا ابني بقالي شوية بكلمك سرحان في ايه كل ده؟


هب واقفا يجذبها من يدها ليجلسان فوق الأريكة الجلدية الموجودة بالمكتب مردفا بلهفة: لارا كنت لسة هاجي لك اقعدي بقى عشان عايزك في موضوع مهم وعايزك تساعديني فيه كمان.


❈-❈-❈


وفي نفس التوقيت قطعت الغرفة ذهابا وإيابا وهي تفكر في ذلك العرض وأسئلة كثيرة تدور في خلدها ففكرة مطلقة ليست مستحبة في مجتمعنا ماذا ستفعل بعدها؟

فهي لديها تجربة شقيقتها شهد والتي تعاني الأمرين وعائلتها رفضت انفصالها كما أنهم أجبروها بأن تعود لزوجها القـ اسي.


فضربت الأرض بسـ اقها وهي تهتف بحنق: يعني أقبل ولا أرفض ولا لايه بالظبط أعمل ايه انا؟


وفجأة مرت صورته الجميلة أمام وجهها فابتسمت ببلاهة وراحت تردد: يخـ رب بيت حلاوة أمه يا نهار ابيض بقى انا هاصحى واتمسى بالوش الحلو ده يا بركة دعاكي يا امه.


اتسعت ابتسامتها البلهاء: أيوة يعني أعمل ايه برضو أرفض ولا أوافق ولا ايه؟


ظلت حائرة لوقت لا بأس به حتى هتفت بحسم: حصلي استخارة واللي فيه الخير يقدمه ربنا.


❈-❈-❈


كنت فين طول الليل يا أدهم؟


ذالك السؤال خاطبت به السيدة فيروز ابنها الذي ولج للتو.

أجابها باقتضاب: كنت عند واحد صاحبي يا أمي فريدة فين؟


أجابته بلا مبالاة: في جناحك اطلع لها.


شيعته بناظريها حتى اختفى ثم ابتسمت في اتساع فحالته تقول بأن كل شيء صار على ما يرام.


هبت واقفة متجهة إلى غرفتها عازمة الاتصال على مرام ومقابلتها في أسرع وقت كي يتثنى لها معرفة ما حدث بالتفصيل.



❈-❈-❈


ولج الجناح بهدوء فأبصرها تجلس فوق الفـ راش تقرأ في المصحف الشريف بخشوع

ابتسم بسخرية فكيف لها أن تكون خائنة وتعرف ربها.

اتجه صوب الأريكة وجلس فوقها يتابع في شرود

بينما هي فقد لاحظت وجوده دون أن ترفع عينيها إليه فرائحته تسبقه أينما حل.


أنهت وردها اليومي ثم رفعت عينيها إليه تسأله بدهشة: في حاجة يا أدهم؟


هز رأسه نفيا.

فاستقامت واقفة ودنت منه تجلس بجواره ثم نظرت إلى عينيه مباشرة وهتفت بحنان: لأ بجد ليه عيونك زعلانين كده؟


كان سؤالها بمثابة الضوء الأخضر لإخراج ما يكمن في صـ دره فألقى برأسه فوق كتفها ثم راح ينتحب كطفل صغير بكى حبه الضائع وسعادته المؤقتة وخسارته للمرأة الوحيدة التي أحبها.


أما عن فريدة فلقد شعرت لأول مرة بالحزن عليه فضمته أكثر إليها وراحت تمسد فوق خصلاته ووجهه عله يهدأ قليلا.


ظل هكذا لوقت لا بأس به حتى ابتعد عنها أخيرا ومن ثم نظر إلى عينيها مباشرة وفـ جر  قنـ بلته  الموقـ وتة هاتفا بحقد: انا خنـ تك يا فريدة لأ ومش بس كده وهتجوز عليكي كمان مش ده كان طلبك لما كنتي في بيت أبوكي أديني حنفذهولك أهو.


جحظت عينيها في صدمة وفتحت فاهها بعدم تصديق.


ألقى كلماته ثم هب وقفا عازما على أخذ حمام بارد كي يريح أعصابه وهو يقنع نفسه بأن ما فعله هو الصواب كي ينتقم منها عما اقترفته في حقه وهو الذي عشقها دون أي مقابل

لذا فهو ليس بنادم على أي شيء فهي تستحق ذلك وأكثر.


❈-❈-❈


من بعيد تقف تراقبه وهو يعمل

شعرت بألم شديد يجتاحها عندما أبصرت الحزن يكسوا عينيه فهي تعلم أنها السبب في كل هذا الحزن.

وفي أقل من الثانية مرت ذكرياتها معه كشريط سينمائي منذ أول مقابلة مرورا بإجباره على العمل معها وموافقته التي لم تكن في الحسبان لتنتهي القصة بالعشق بينهما.


بينما هو وقع بصره عليها وهي تقف تتابعه من بعيد فتلقائيا أشاح بوجهه عنها وراح يرتشف من كوب القهوة خاصته

فهو  حضر في ذلك الوقت إلى مقهى الشركة كي يتوقف عن التفكير بها لكن يبدو أنها لن تتركه وشأنه أبدا.


عودة إليها

فبعدما أبصرته يبعد عينيه عنها تزايد الحزن بداخلها وراحت تتذكر حديث صديقتها وعلى الرغم من اقتناعها به إلا أنها ضربت بكل هذا عرض الحائط فهي أحبته وانتهى الأمر

لو كان قال ذلك الحديث منذ مدة لربما كان الوضع مختلف لكن الآن ليس لديها خيار آخر لذا تنهدت بقوة وعزمت أمرها على الذهاب إليه وأخباره بما يعتمر في صـ درها.


وها هي ذي تقف أمامه اغتاظت بقوة عندما لم يعطي أي استجابة فانحنت وهمست بجوار أذنه بكلمات جعلت قلبه ينتعش مرة ثانية إذ قالت بنعومة أذابته كليا: بحبك يا ابن الرشيدي حتى لو قررت انك تحبسني في قفص.


❈-❈-❈


ما زالت الصدمة حليفتها حتى الآن فلم تصدق أذنيها كيف له أن يخبرها بكل بساطة بأنه سيتزوج عليها والأدهى من ذلك أنه خانها

نهرت نفسها بقوة فمنذ متى يهمها أمره؟

ألم تخبريه سابقا بأنك ليس لديك مانع بأن تشاركك فيه أخرى

وها هو ذا فعل لذا ما المشكلة لديك يا فريدة؟


صكت على أسنانها بقوة عندما أبصرته يقف أمام طاولة الزينة يصفف خصلاته ويرش عطره بغذارة فيبدو أنه سيعود لتلك الحـ ية لذا دنت منه وهي تسأله بحدة: مين بقى اللي خنـ تني معاها وقررت تتجوزها عليا؟

ما من حقي بقى اعرف جوزي هيتجوز مين أو بمعنى أصح من حقي أتعرف على ضرتي المستقبلية ولا إيه؟


ابتسم بسخرية ولم يعقب مما جعلها تغتاظ أكثر فسحبت الفرشاة من يده وألقتها بعيدا ثم وقفت أمامه تهتف بشراسة: أنا بكلمك على فكرة مين اللي...


قاطعها عندما كمم فمها بيده هادرا وهو يضغط على كل حرف يتفوه به: مش من حقك أي حاجة يا فريدة من حقك الخيـ نة ملهاش الحق في أي حاجة.


جحظت عينيها في صدمة حتى كادت أن تخرج من محجرها وحاولت التحدث إلا أن يده ما زالت على فمها منعتها

فاستطرد هو: من النهاردة أنتي زيك زي أي حاجة هنا في البيت زيك زي الكرسي زي السـ رير زي الدولاب شوفي تختاري تبقي زي إيه بالظبط الظاهر أني كنت طيب معاكي زيادة عن اللزوم لكن دلوقتي ترجع كل حاجة لمسارها الطبيعي وفرحي على مرام الأسبوع الجي ومن مصلحتك أنك ما تعترضيش أو تعملي أي حاجة لأني أقسم بالله المرة دي يا فريدة لو لقيت منك أي تهور أو حاجة ما عجبتنيش هحرمك من بنتك للأبد فهماني؟


ألقى تلك الكلمات بصراخ ثم لفظها بعيدا وكأنها وباء واندفع للخارج دون أن يلتفت وراءه حتى صافعا الباب خلفه

تاركا إياها تقف مكانها في ذهول شديد وتراجع حديثه في عقلها مرارا وتكرارا وخاصة عندما اتهمها بالخيـ انة فيبدو أن أدهم علم كل شيء عنها وعن حازم.

فكرت في أن تبرر له ما حدث لكن يبدو أن الوقت كفيلا وها هي ذي تعود إلى نقطة الصفر وعليها أن تكتم بداخلها مجددا وتخفي ما يحدث معها كما يبدو أن هذا هو قدرها المحتوم ولا يمكن الفرار منه ما دامت حية.


❈-❈-❈


مساءا عاد إلى المنزل فوجد الهدوء يعم المكان

فتح غرفة ابنه بهدوء فأبصره ينام بعمق أغلق الباب ثم اتجه تلقائيا إلى غرفته وعندما فتحها أبصر شهد تقف أمام المرآة ترتدي منامه سوداء ذات حمالات رفيعة وتصفف خصلاتها القصيرة.


فتح عينيه على مصراعيهما عندما أدرك ما فعلته فدنا منها بقوة يهزها بعنف: عملتي إيه يا مجنونة ازاي تقصي شعرك بالطريقة المتـ خلفة دي أنتي اتجننتي لا ما بقتيش طبيعية بقيتي مريضة نفسية يا شهد ولازم تتعالجي.


ألقت الفرشاة بعنف في الحائط ثم استدارت إليه ترمقه بشراسة وهي تهتف بصراخ مماثل وغضب أشد: أيوة  أنا بقيت مريضة بسببك يا محمود كل اللي بيحصل لي ده أنت السبب فيه عشان كده قسما بالله لو تفكر تقرب لي مرة تانية لأكون قـ تلاك  وقـ تلة نفسي والمرة دي أنا مش بهدد فاهمني

عايز تفضل عايش معانا تخليك في حالك وأنا في حالي ولو عايز تتجوز أنا ما عنديش مشكلة لكن تقرب مني مرة تنية مستحيل وده آخر كلام عندي



❈-❈-❈



هلمو هلمو يا عرب لبو النداء

 انتم هنا تلعبون وتمرحون

 وأطفال الحجارة غارقون بالدمـ اء

 بالأمس داسو الكـ لاب بحذائهم المسجد الأقـ صى بدون حياء

 وفي الحرم الإبراهيمي يقـ تلو الأطفال الأبرياء 

فلما الصمت يا عرب 

فهل انتم ضعفاء 

فويل للكـ فرة من رب السماء

 


(خواطر أبي)

إهداء إلى أهل فلسـ طيبن 

ونداء إلى جميع العرب


..يتبع

إلى حين نشر الرواية الجديدة للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة