رواية جديدة خيوط العنكبوت الجزء الثاني لفاطمة الألفي - الفصل 15
قراءة رواية خيوط العنكبوت الجزء الثاني
"أغلال من حديد" كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية خيوط العنكبوت الجزء الثاني
"أغلال من حديد"
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة فاطمة الألفي
الفصل الخامس عشر
تم النشر بتاريخ
7/10/2023
عندما أسدل الليل ستائره عاد خلسة لمنزله قبل أن يشعر به أحد، دخل المرحاض مسرعًا لينعش جسده الذي يرتجف خوفًا منما فعل وتسبب في كارثة، فلا يعلم كيف طاوعته نفسه واقدم على تلك الفعلة، حاول السيطرة على انفعالاته لكي لا ينفضح أمره.
شعر والده بعودته فهو يعلم بأنه يخفي عليه شيء ما ويخاف أن يعرض نفسه للخطر، لذلك قرر الحديث معه ومعرفة سبب توتره هذه الأيام.
عندئذ غادر المرحاض وهو يلف جسده بالمنشفة ليجد والده في انتظاره، ارتدا خطوة للخلف أثر دهشته بوجود والده.
بتر والده كلمات مقتضبه بها نبرة لوم وعتاب :
-مخبي عليه أيه يا ماهر؟ في أيه بتعمله من ورايا عرفني يا بني؟
أعطاه ظهره وهتف غاضبًا :
-ايه يا بابا شغل المخبرين، محسسني ان مجرم وبيتحقق معايا
عاد رفعت يهتف بحنق وفطنة:
-وأنا مش عيل صغير هصدق الكلمتين دول، انت عارفني لا بحب اللف ولا الدوران يا ماهر ولم أقول مخبي عني حاجة يبقى فعلا مخبي وأنا اعرفك من عنيك وانت وضعك اليومين دول مش مريحني، قولي في ايه يمكن اقدر أساعدك
توجهًا إلى خزانة ملابسه وقال بتأفف :
-وأنا معنديش أسرار يا حج ومش عامل عمله عشان اتحاسب بالشكل ده
ثم استطرد قائلا بانفعال لكي يداري جريمته:
-ولو وجودي في البيت ده مضايقك أنا ممكن أسبهولك عادي
قاطعه بحزن وهو يغادر الغرفة وعيناه قد كساهما الحزن:
-أنا يا بني ده جزاتي، ربنا يسامحك، ربنا وحده اللي يعلم قد ايه قلبي موجوع عليك وخايف تمشي في طريق مافيش منه رجوع.
-لا اطمن ابنك مش صغير وعارف مصلحته كويس أوي
ترك الغرفة بحزن دفين على ضياع حاله وتبديله بهذا الشكل، بعدما ساوره الشك من قبل أصبح الان على يقين بأنه يخفي عليه شيئًا ولكن لازال غافلا عن ما يفعله ابنه من خلف ظهره...
❈-❈-❈
انتاب القلق والخوف اوصالها عندما عادت للمنزلها ولم تجد ابنتها، ظل فاروق يهتف صائحًا بغضب على زوجته، كيف تسمح لها بالسير وحدها وهي بتلك الحالة التي عليها ابنته.
ودلال تزرف الدمع بسبب غياب حياة وتلوم نفسها فهي من سمحت لها بالذهاب دون أن تلحق بها او تمنعها المغادرة، ولكن كل ذلك حدث في ثواني معدودة دون أن تعترض طريقها..
بينما حياة في ذلك الوقت جالسة بجانب سليم في حالة من الصدمة والذهول اجتاحتها بعدما رأت السرداب وقص عليها زوجها ما قراءهُ داخل المذكرات الخاصة بوالده، ولذلك كان صامتًا ويتحمل كل هذه الصعاب وحده، يخشى على حياة الجميع ولذلك استعان بحراسة مُشددة لكي يتواخى الحذر من غدر المافيا، كما أنه أخبرها بما حدث له قبل سويعات وهذه الحادث بالفعل مُدبرة، أحتضنته بقوة ورفضت الابتعاد عنه كلما خال لها بأن يبتعد عنها او يتفرقا ترفض ذلك وتتقلص داخل صدره رافضة تمامًا التحرر من أحضانه الدافئة وهو أيضا متشبثًا بها، لا يعلم من الذي بحاجة لعناق الآخر، كل ما يعرفه حقًا هو أن يظل جوارها ولن يتخلى عنها مهما كلفه الأمر حياته فلا حياة له بدونها..
نامت تلك الليلة نومة هادئة بأحضان زوجها الحبيب، دون كوابيس أو أضغاث أحلام تراودها بسبب خوفها من المجهول، هذا هو أمانها الحقيقي التي كانت بحاجة قصوى إليه.
عندئذ شعر سليم بارتخاء جسدها فعلم أنها ذهبت في نوم عميق فهو يعلم زوجته حق المعرفة أنها في الليالي الماضية لم تذق عينيها طعم الراحة ولا النوم، مدد جـ سدها برفق أعلى الاريكة واراح جـ سده بجوارها وهو ممسك بها ولازال محتضنًا أياها ووضع رأسها أعلى صدره بجوار قلبه النابض بحُبها الذي لا يهدأ إلا بقرب محبوبته معشوقته.
همس بصوت حاني بجانب أذنها "حبيبتي لكي مني رسالة حب وعشق؛ تعلمت بقربك كيف يكون العشق وكيف أُسطر الهمسات تعلمت كيف أُغازل المعنى وكيف أصنع من الحروف كلمات تعلمت كيف اعيش في سماءكِ وكيف اقطف منها النجمات تعلمت كيف اعشق قلبك يا أرق وأحلى الملكات أحبك أعشقك يا من سكنت الرواح وداوت جراح القلب من ندوب الماضي "
ثم وضع قبلة رقيقة أعلى وجنتها واغمض عينيه هو الآخر ليذهب في نوم عميق خالي من شوائب الماضي وقيوده التي تلاحقه، خضع عقله الآن لسكونه التام.
لحظات سُرقت من الزمن لن تتكرر أبدا، فكل منهما حصل على مرساه وملاذه، توحدت الاجـ ساد كما توحدت القلوب من قبل.
تألفت القلوب وتعانقت في لوحة فنية بديعة، لوحة نُقشت ورُسمت ملامحها مع وجود الحب الخالد، الحب الذي ظهر في ظروف غامضة ولم يتبخر مهما عصفت به الرياح هُنا وهُناك، بلا ظل صامدًا كـ الجبل العتيق الذي لا يتزحزح عن موضعه مهما حدثت من انفجارات براكين ثابت لا يتغير مهما تغير المناخ حوله وحدثت ظواهر خفية يظل شامخًا صلبًا كما هو..
❈-❈-❈
داخل منزل فارق.
هاتف فاروق سراج واخبره باختفاء حياة، وبعدما أغلق سراج الهاتف معه، حاول الاتصال بـ سليم الذي استيقظ من نومه على رنة هاتفه وأجاب عليه، قص عليه الاخير ما حدث لزوجته، تبسم سليم واخبره بأن حياة معه الان وعليه أن يطمئن والديها، ثم أغلق الهاتف نهائيًا دون الإفصاح عن تفاصيل أكثر، نقل سراج الخبر لوالد حياة الذي ثار غضبه وهتف منفعلا بأن هذا التصرف لا يصلح، هدئته زوجته ولكنه تركهم وذهب لغرفته حزينًا شاردًا بحياة ابنة، كيف لزوجها ان يجعلها مثل عروس الماريونيت الذي يحركها بأنامله كيفما شاء، أين ذهبت شخصية ابنة الجادة القوية الذي كان دائما يفتخر بها كونها ابنته التي تحمل إسمه، كيف انساقت خلفه دون تفكير منها؟ لماذا لم تحفظ كرامتها الذي ظل جاهدًا يحارب عائلته وشقيقه من أجل كرامتة بناته وهي بالأخص كان على أتم أستعداد بالتخلي عن شقيقه عندما تعارض رائيه معه بالزواج من ابنه، لم يهتم لخسارته كل ما فكر به هو حياة ابنته فقط وأن تظل سعيدة مع من يختاره قلبها وتتزوج برغبتها وعن اقتناع.
ظل ساهرًا طوال الليل لم يغمض له جفن ولن يحاول الحديث مع زوجته، قرر الاختلاء بنفسه، شاردًا في مصير ابنته المجهول، ينتابه الشعور بالخوف والقلق، يرتعد قلبه رُعبًا، ترتجف أوصاله فزعًا كلما شعر بعجزه عن حمايتها، يهلع كلما راود عقله فكرة مشئومة، يحتاج جـ سده الرهبة وهو يعلم علم اليقين أن الاذي لا زال يحاوط بابنته وهو يقف متسمرًا مكانه دون حراك لم يقدر على فعل شيء لكي ينقذها من براثن الخوف من المجهول.
يعلم تمامًا بأن الغد بيد الله الواحد الأحد ولكنه يأمل دائما بالخير والتفائل ولكن عندما أصاب السحر فلذة كبده وتبدل الرعب داخل قلبه ولم تعد الراحة تسكن جسده كما السابق، وهذا ما يجعله يجن جنونه الآن وهو عاجزًا عن حماية أحدى بناته، تركها تتخبط هُنا وهُناك مثل الريشة تقذفها الرياح يُمنًا ويُسرًا وهي غير واعية او مدركه بما هي مقبلة عليه، فمن ظنه رُجلا سيحافظ على ابنته هو أول الغادرين بها ويقذفها كما يشاء وهي تنساق خلفه في مهب الريح، لا يعلم أين سيأخذها مصيرها مع هذا الرجُل الذي رسم عليها الحُب وفي أول عاصفة هوجاء اهتز البيت وانهارت الجدران وبقت هي وحدها، لا زال قلب الاب لن ولم يهدا بعد..
"علاقة الأب وابنته من اجمل ما يكون حيث أنه يكون لها الحامي والدرع الآمن من كل صراعات الحياة حيث أن البنت بالنسبة إلى أبيها الطفلة المدللة الصغيرة وإذا بلغت من العمر الخمسين فهي ستظل محط اهتمامه فيضعها موضع البنت والأخت والرفيقة والصديقة وكذلك الأم فهي ستظل دائمًا وأبداً مخبأ أسراره وملجأه من الحياة القاسية التي يناظرها يومًا بعد يوم في سبيل الحصول على ضحكة جميلة منها فهي علاقة لا يستطيع أن يحللها أي شخص فهي علاقة أحاطها الله سبحانه وتعالى بالمحبة والوئان والسكينة حتى نهاية الكون. "
❈-❈-❈
داخل الفندق..
لم يصدق باسل ما سمعه لتو من فاه "كرستين"
ابعدها عنه برفق وهو يطالعها بصدمة وهتف قائلا بتسأل:
- ماذا قُلتِ؟ هل هذا الخبر صحيح؟
فعلت إيماءة خفيفة من رأسها في حزن وإنكسار، ثم ابتعدت عن باب الغرفة وولجت لداخلها وهي تشير له بالدخول.
لحق بها باسل وهو لا زال لم يفهم شيئًا، جلس أعلى الاريكة الموضوعة داخل الغرفة في الناحية المقابلة للفراش، ثم دس يده داخل جيب سترته ليخرج هاتفه ويتحدث مع شخص ما لكي يتأكد من هذا الخبر، فهو يظن أنها شائعة فأذا كان الخبر حقًا لابد وأنه كان علم من مديرية الأمن لا عن طريق كرستين، ثم أنهى مكالمته وعاد يتطلع لها، فقد أشفق على حالتها تلك ولكن داخله عدة تسأولات، لماذا تحزن كل هذا الحزن وماهي طبيعة العلاقة التي جمعتها بـ سليم السعدني لكي تنهار حصونها بهذا الشكل؟
نهض عن الاريكة وهو يرفع سماعة هاتف الغرفة ليجري مكالمة خاصة بخدمة الغرف يطلب منهما أحضار مشروب مُهدا من الليمون بالنعناع من أجل كرستين وفنجال من القهوة لانه سيفقد عقله بسبب هذه الفتاة التي اقتحمت عالمه على حين غفلةً.
ثم عاد لمجلسه وهي تبادله النظرات في حزن عميق
رمقها باسل بنظرات صادمة، ثاقبة وكأنه يطالبها بتفسير منطقي لحالتها تلك.
طال التحديق بينهما والصمت الذي قطعه صوت طرقات أعلى باب الغرفة، تقدم باسل بخطواته الرزينة وفتح الباب ليسمح لعامل الفندق بالدلوف ووضع الطاولة المتحركة التي مثبت اعلاها صينية بها المشروبات التي طلبها باسل قبل قليل، شكره باسل وأخرج نقودًا من داخل جيب بنطاله أعطاه إياه ليشكره الشباب هو الآخر ورحل في هدوء.
انحنى باسل بجزعه يلتقط مشروب الليمون ثم اقترب منها بخطوات واسعة فلم يعد بينهما مسافة واعطاها الكوب قائلا:
-تفضلي هذا مشروب رائع مفعوله كالمهدا سيريح أعصابك
التقطه بيد مرتجفة وطفت بسمة رقيقة على ملامح وجهها الشاحب وهمست بصوت خافت:
-شكرًا لك
عاد يجلس مكانه وهو يحمل فنجال القهوة ليرتشف منها رشفة تليها الأخرى في صمت تام، اخرجه صوت رنين هاتفه الذي أجابه بجدية، يستمع لطرف الآخر وعيناه تطالعها بترقب ثم أنهى المكالمة بحذر شديد ولم يتحدث الا بكلمة واحدة طوال مدة المكالمه وهي "تمام"
ظلت هي مُندهشة من هذا الشاب الجليدي الذي يجلس معها داخل غرفتها وبعدما كانت ستشاركة المهمة السرية التي أتت من أجلها لا تعرف بعد خبر مقتل سليم ماذا عليها أن تفعل، هل ستعود حيثما جاءت؟ أم ستكمل ما بدءته ووفاة سليم لن تغير من الأمر شيئًا فما زالت عائلته تواجه الخطر؟
نظر لها باسل وأمعن التطلع لها ثم قال بصوت أشج :
-سليم السعدني لا زال حيًا يُرزق لم يمت حرقًا كما ظنتي
اتسعت زرقاويتها بصدمة ليردف هو قائلا :
-السيارة خاصته تم احتراقها ولكنه غادرها قبل أن تحترق، من المؤكد انها مُدبرة والأمر الان بيد المعمل الجنائي
قزفت بفرحة كانت تود أحتضانه ولكنها تراجعت وخجلت من فعلتها السابقة ولكن تورد وجنتيها بسعادة غزت صفيحة وجهها، مما جعله يتسأل بصوت عالٍ :
-يبدو بوجود علاقة قوية تربطكِ بـ سليم السعدني، هل أنا مُخطئ في ذلك؟
-لا لست بمخطئ، تجمعنا صداقة قوية منذ أكثر من خمسة أعوام عندما تعرض لحادث سير وتوفي والده زعيم المافيا "توفيق ألبرت" وشهرته توفيق السعدني، التقيت بـ سليم في أمريكا منذ اللحظة الذي تم فيها التعامل مع الشرطة المصرية، كنت أنا انتظره هُناك ومن يومها ونحن أصدقاء، وقف جانبي في مواقف عده وشهد على زواجي الأسبق، وعندما انفصلت عن زوجي كان جواري أيضا، مررت بمراحل كثيرة من الفقد والخذلان ولم أجده إلا الأخ الذي على استعداد تام بالتضحية بحياته من أجل من احبته، فهمت علاقتنا؟
هز رأسه بالايجاب ثم نهض عن مقعده وهو يودعها بأنه سيلتقي بها غدا وسوف يصل إلى سليم للاتفاق معه على الخطة التي وضعها مسبقًا مع اللواء، وانهم يبحثون الآن في الأمر ومن المؤكد بأنه سيتم وضع خطة بديلة أخرى بعد أنتشار خبر وفاته.
❈-❈-❈
داخل قصر الكابو.
ذاع خبر مقتل سليم وجعله في حالة من السعادة التي لم تتكرر، فمنذ مقتل شقيقه واستلاءه على منصب الزعامة وهو لم يشعر بهذه السعادة التي أنتشلته في نوبة فرح جنونيه وأعلن عن وجود حفل صاخب، راقص، داخل قصره.
لأول مره يقف وسط المدعوين ويرقص بعنفوان يخرج غضبه الكابح وهو يحتضن بخـ صر فتاة في العشرين من عمرها يتطوق لها ويُريد قضاء الليلة المُميزة معها وعلى فراشه، لم يستطع أحد رفض مطلبه وهم يعلمون من هو الكابو الذي يمتلك قارة أوروبا بأكملها من سلطة ونفوذ وأتجار وكل ما يخطر على بال بشر، هو الأمر الناهي على أرواحهم أيضًا، لن يستطيع أحد الفرار من قبضة الفلاذية المُحكمة، الان أصبح الطريق أمامه خاليًا تمامًا من أي عقابات وقد أزاح عقبة ابن شقيقه من أمامه فقد كان يشعر بالتهديد من ذلك الشاب، بعد خبر وفاته انكشعت الغمامة عن عينه وقرر بتجهيز أحتفالا لا مثيل له..
غدر بالاب والابن دون شعور منه بأنه مخطئ، بلا فعلها بقلب مُتحجر لم يسكنه إلا بارود الانتقام، يُريد أحراق الكون ومن عليه ولن يكترث بأن النيران حتما ستصيب جـ سده يومًا ما..
تأخذنا الحياة في دروب مظلمة أحيانا وكل ما علينا فعله هو سلك الدرب المضىء الذي سيُنير لنا العتمة التي اجتاحت قلوبنا وأضمرته ليتحول إلى أشلاء، هكذا هو حال القلب الذي غمره الحقد والكره وتسلل الغدر بين ثناياه ليقضي على ما تبقى داخله من روح طيبة والقسوة هي المُحتل والعدو الوحيد داخل جدران القلب الذي تحطم بما فعله الآخرون به، هكذا سيظل حال القلب مغموس في دياجير الدنيا..
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الألفي من رواية خيوط العنكبوت الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية