رواية جديدة ظلمات حصونه 2 لمنة أيمن - الفصل 27
قراءة رواية ظلمات حصونه الجزء الثاني
الإنتقال من الظلمة الى النور
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظلمات حصونه
الجزء الثاني
الإنتقال من الظلمة الى النور
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة منة أيمن
الفصل السابع والعشرون
تفحصت ما يُمسكه بيده، لتجدها أورقها الخاصة بمتابعة الحمل والأشعة الخاصة بنمو حملها وعدة لقطات لصور جنينها، لتتعرق من شدة القلق وأخذت تفكر إلى أين أوصله تفكيره حول هذا الأمر!
ليلقي ما بيده على الفراش، وأستند على عكازه وأقترب منها وهو يرمي بالمزيد من الأسئلة التي يريد الاستفسار عنها:
- أنا عايز تفسير لكل اللي بيحصل ده؟
حاولت إصطناع عدم الفهم لكي تتوصل لما يدور داخل رأسه ولما توصل هو له، لتُجيب على سؤاله بسؤال مُردفة بإستنكار:
- تفسير لإيه بالظبط!
تقدم ليصبح أمامها مباشرة، لا يفصله عنها سوا بعض السنتيمترات، وصاح مُعقبًا بإنفعال:
- لجوازنا الغريب ده واللي حاسس إنه تم غصب عنك! وإيه اللي وصلك لقرار الهجرة وإنك تهربي مني؟ وإيه اللي أنا عملته خلاكي مش قدرة تسامحيني؟ وطلقنا المفاجئ ده! ودلوقتي إكتشف إنك حامل! أنا قربت أتجنن وعايز تفسير منطقي لكل اللي بيحصل ده؟
ألقى بحديثه دفعة واحدة دون أن يلتقط أنفاسه بينهم، لذهب أحمر وجهه لا تعرف تأثير من كثرة حديثه! أم من شدة إنفعاله؟ لذا حاولت أن تقلل من إنفعاله وأردفت بهدوء:
- طب أهدى طيب وأنا هـ...
رفض الإزعان لها ولفكرة أن يهدأ، ليصيح بها مرة أخرى مُحددًا ما يريد الأستفسار عنه أولًا، لكي يُخمد تلك الفكرة التي سبق وأن خطرت برأسه منذ قليل، يجب أن يتأكد إنه لم ياذيها بتلك الطريقة:
- مش ههدى قبل ما أفهم كل حاجة، الحمل ده حصل أمتى وإزاي؟
لم يترك لها خيار أخر سوا الكذب، لم تكن تريد أن تكذب عليه، ولم تكن تريد أن يتذكر ما حدث أو فتح ذلك الأمر مرة أخرى، لذا كان أفضل حل أمامها هو الكذب عليه، لتُجيبة بإرتباك:
- حصل وأحنا مسافرين فى شهر العسل.
ضيق ما بين حاجبيه بإستغراب ممَ قالت، وتذكر حديثهم بالمشفى، ليُعقب بإستنكار:
- إزاي! وليه مش فاكر! وليه لما سألتك قبل كده إننا مقربناش من بعض مقولتليش؟
عليها أن تُكمل ما بدأته، إذا كانت بدأت حديثها بكذبة كهذه، يجب عليها إنهائها إذا، لتصطنع حكاية تستطيع أن تُصدق على كذبتها وهتفت بنبرة جاهدت لكي تبدو صادقة:
- حصل إزاي، كنا سكرانين اليوم ده بسبب ويسكي إضطرينا نشرب منه وإحنا بنتعشى هناك لما قابلنا واحده صحبتي، وليه مش فاكر، أكيد بسبب تأثير الحادثة عليك، وليه مقولتلكش، إحنا كنا فى ظرف صعب ومجاش فى دماغي وقتها تفسيرات أقولهالك.
حسنا يشعر بقليل من الإطمئنان، هذا الحمل لم يحدث عن طريق أي فعل حقير منه، وبالتالي لم يكون سبب هذا الزواج، ولكن هذا لا يجعله يتخبط أكثر، إذا ماذا فعل بها لكي تكره هكذا! يبدو أن هناك الكثير من الأشياء التي تخقيها عنه، ليضيف بمزيد من الإستفسار:
- طب وبعدها ليه مقربناش من بعض تاني؟
لقد نجح معها الأمر فى صنع كذبة واحدة، ولكنها ليست بكاذبة بارعة لتتؤلف المزيد منها، بالأساس هي لا تجد ما تستطيع قوله له، لا يوجد مبرر واحد تستطيع أن تقوله له، لذلط أستسلمت لإظهار ذلك التوتر عليها وهتفت برجاء:
- مالك أرجوك أنا مش حبه أتكلم فى حاجة أنا قررت أنساها.
لم يقبل تهربها وصاح مُصرًا عليها أن تخبره بحقيقة ما حدث بينهم، مُردفًا بحدة:
- نستيها بإراتك، أنا كمان من حقي أنساها بإراتي مش غصب عني.
حاولت الهروب من تلك المواجهة والخروج من الغرفة بأكملها، ولكن أمدت يده وأمسكت بذراعها مانعًا إياها من الهرب مُعقبًا بمزيد من الأسئلة:
- أحنا ليه أتجوزنا بالسرعة دي! وليه مكنتيش سعيدة معايا؟
عليه ان يتركها الأن قبل أن تنهار وتفصح عن كل شيء ويخسر كلاهما كل شيء، هي حقا على مشارف الإنهيار وإذا ضغط عليها قليلا يمكن أن ينتهي بهم الأمر مرة أخرى بالمشفى وأحدهم على فراش يُصارع الموت، ولكن هذه المرة ستكون هي ذلك الشخص.
حاولت التمسك بأخر ذرة من الثبات تملكها بداخلها وأضافت بنبرة يليها جرعة بكاء ليست هينة:
- أنا هحكيلك كل حاجة بس أرجوك مش دلوقتي، خليها فى الوقت المناسب.
لاحظ ما تمر به من دموع تترقرق فى عينيها، وصوتها الذي يخفي خلفه جرعة من البكاء، ونوبة الإنهيار التي تُصارع كي لا تسقط بها، ليؤمأ لها بالموافقة على حديثها، كي لا يؤثر ما هي على وشك من السقوط به عليها أو على الجنين.
ترك ذراعها وهدأت ملامحه ونظر إلى أعماق زرقاوتيها مُضيفًا بهدوء:
- بس على الأقل من حقي أعرف إنتي دلوقتي فى الشهر الكام؟
يبدو إنها لن تتخلص من ذلك التوتر اليوم، أحطت بطنها بكفيها وأجابته بنبرة مُهتزة:
- فى الخامس.
نظر نحو بطنها التي تبدو صغيرة للغاية وكأنها تخمة بسيطة من كثرة الأكل، ليسألها مرة أخرى بإستفسار:
- ولد ولا بنت؟
للحظة شعرت بالسعادة لإنه يُحاول أن يُشاركها تفاصيل حملها فى طفلهم، وكأنهم زوجين طبيعيين، وأجابته بإبتسامة خافتة:
- ولد.
لن يظهر عليه أي تأثر بما قالته، فقط إمائة بسيطة من رأسه، على عكس ما بداخله تمامًا من سعادة ولهفة لكي يحتضنها ويضع رأسه على بطنها ويستمع إلى ضربات قلب صغيرهم، ولكنه يعلم جيدًا أن هذا ليس من حقه، فهي ليست زوجته الأن، ليُغير مجرى الحديث قائلا:
- الأكل خلص؟
أومأت له بالموافقة وعلى ثغرها إبتسامة حزينة، لقد ظنت إنه يكترث لمشاركتها الأمر وإنه قد يتناسا ذلك الأمر الذي حدث بنهم قبل عدة أشهر، ولكنه يبدو إنه لن يهدأ إلا إذا تذكر كل شيء، لتُتمتم بإقتضاب:
- أيوه.
قابلها بجمود يبدو إنه سيعتمده الفترة القادمة مُعقبًا بحزم:
- طب روحي وأنا جي وراكي.
أومأت له بالموافقة وخرجت من الغرفة وبداخلها تتمنى أن يمر كل بسلام وألا تعيش ما عياشتة الأيام الماضية مرة أخرى، فهي لن تتحمل خسارة مرة ثانية.
❈-❈-❈
بوقت متأخر من الليل، كان في طريقه للعودة إلى منزله بعد أن أنتهى من عمله فى شركة والده، ليقطع طريقه سيارتان سودائيتان اللون ونزل منهم ما يُقارب على ستة رجال ضُخام البناية مُخفين الشكل، ليهتف بهم بإنزعاج:
- إيه ده أنتوا مين!
هجموا عليه وفتحوا باب سيارته، وأنزلوا منها رغمًا عنه، وصاح فيه أحدهم وهو يجذبة من ملابسه معقبًا بنبرة رجولية أمرًا إياه بحدة:
- انزل يلا.
أعترض على تلك الطريقة المُهينة التي أنزلوا بها من السيارة وصاح بهم فى غضب وإنفعال:
- يلا إيه أنتوا مجانين ولا إيه!
لم يعطيه أحدًا إهتمام وسريعا ما أخذوا منه هاتفة وحافظة نقوده وساعة يده، وبدائوا فى خلع ملابسه عنه بالكامل، في البداية ظن إنهم جماعة من اللصوص تريد السيارة ومُقتنياته الغالية، ولكن عندما شرعوا فى خلع ملابسه، أدرك إنهم يريدون شيئًا أخرى، ليحاول منعهم عما يفعلوا زاجرا إياهم:
- أنتوا بتعملوا إيه!
لم يستطيع منهم، فهم ستة رجال لا يقوى حتى على مقاومة واحد فقط منهم، بسبب الفارق الجسماني بينهم، ولحظات حتى وجد نفسه يقف عاري الجسد لا يستره شيئًا فى هذا العراء.
فهو الأن منطقة مقطوعة خالية من السكان، حتى بهذا الوقت المتأخر من الليل لا يمر بها الكثير من السيارات، حتى يُنقذه أحد، الرعب هو كل ما يشعر به الأن وهو لا يعلم ماذا يريدون هؤلاء الرجال منه، ليحاول إصطناع القوة وصاح بهم مُستعدي الثبات:
- أنتوا متعرفوش أنا مين؟
- هتكون مين يعني؟
أتاه صوت "جواد" الساخر والمُقلل منه وهو يخرج من السيارة بصحبة "إياد"، لينظر لهم "أدهم" بصدمة مُمزجة بالخجل من عُري جسده أمامهم، كان عليه أن يخمن، إنه ذلك الجواد، ليتقدم منه "جواد" وهو يُضيف بمزيد من الاقليل من شائنه هاكمًا:
- حتة عيل أهبل فاكر نفسه يعرف يقف قدام جواد الدمنهوري.
حاول إظهار الشجاعة والقوة أمامه وصاح بكثير من الغضب:
- أنا مش هسكت عن اللي بيحصل ده.
ضحك "جواد" بخفة مُستهزئأ به وهو يُشير إلى رجاله بأن يتركوه وهتف مُتحديًا إياه:
- وأنا هديلك فرصة توريني مش هتسكت إزاي.
أقترب منه بمنتهى الشجاعة مُتحديًا إياه بأن يستطيع أن يفعل شيئًا، ليشعر "أدهم" بالغضب الشديد من إستخفافه به وحاول أن يلكمه بقوة، ولكن "جواد" سريعًا ما تفادى لكمته وقبض على ذراعيه وثناهم خلف ظهره ودفعه ليستقر بوجهه على مؤخرة سيارته.
ليصبح فى لمح البصر مُقيدًا ومُنحني على وجهه و"جواد" يقف خلفه ويُباعد ما بين ساقيه بجسده، لينتهي الأمر بـ"أدهم" فى وضع مُغزي لا يليق برجل، خصيصًا وهو عاري تمامًا هكذا، ليأتي من خلفه صوت "جواد" مُعلقًا بسخرية:
- إيه رائيك فى الوضع اللي أنت فيه ده؟ مش بذمتك حلو!
أشار لواحد من هؤلاء الرجال لياتي، وبلحظة كان ذلك الرجل يقف مكان "جواد" بين مُلتقى ساقي "أدهم" ويُقيد يداه الأثنان خلف ظهره مُستخدمًا ربطة عنقه، وأمتدت إحدى يديه لتكميم فم "أدهم" واليد الأخرى أمسك بها أسفل ظهره.
أرتجف جسد "أدهم" بالكامل أثر قبضة ذلك الرجل على مؤخرته، ولكن ما جعله يشعر بالصدمة والرعب فى أنً واحد، هو محاولة التحرش الصريخة من قبل هذا الرجل المُنتشي، ليأتيه صوت "جواد" مرة أخرى مُعقبًا بمكر:
- طب إيه رائيك كده؟
تحرك ليقف أمام وجهه ونظر له بإستهزاء مُضيفًا بسخرية:
- خايف بس مستمتع، باين أوي عليك، تعالى بص كده يا إياد!
تحرق "إياد" وأقترب منه هو الأخر وهو بالكاد يمنع نفسه عن الضحك، ليتفحص وجهه ثم وجه حديثه نحو "جواد" مُعقب بخبث:
- يمكن مكسوف مننا يا جواد؟
وضع "جواد" يده أسفل ذقنه وكأنه يفكر بالأمر وهتف مُصطنع الجدية وكأنه أمرًا هام مُردفًا بإقتراح:
- أممم طب إيه رائيك نروح نشرب قهوة فى أي مكان قريب لحد الرجالة ما تخلص؟
ظل "أدهم" يتنقل نظراته بين "إياد" و"جواد"، بينما نظر "إياد" حوله وهو يوجه حديثه نحو "جواد" بإعتراض:
- قهوة إيه يا جواد أنت مش شايف الرجالة قد إيه! دا أحنا نروح ونجيلهم الصبح بدري.
نظر "أدهم" إلى "جواد" الذي اومأ لصديقه بالموافقة وكأنهم يتناقشوا فى أمرًا عادي، لا إغتصابه هو، ليضيف "جواد" مؤكدًا على إقتراح صديقه:
- معاك حق، الموضوع هياخد وقت خصوصا إنها أول مرة لأدهم.
أنهى جملته وهو ينظر نحو "أدهم" بإستنكار مُعقبًا بإستفسار:
- مش أول مرة بردو ولا أنا فاهم غلط؟
هز رأسه بالإنكار بأن لا يتركه ولا يفعل به هذا الأمر، ليدرك "جواد" إنه يريد قول شيء، ليُشير لرجل بأن يحرر فمه، وبالفعل أبعد الرجل يده، بينما فى نفس اللحظة هتف "جواد" بحزم:
- يلا بينا يا إياد، وأنتوا يا رجالة براحة عليه عشان ده معرفة.
بمجرد أن نطق بهذه الكلمات وبدأ فى الحركه، تيقن إنه لا يهدده وحسب، ليشعر بكثير من ابرعب وصاح مترجيًا إياه أن لا يتركه قائلا:
- أبوس إيدك متسبنيش ليهم.
رفع "جواد" حاجبيه بتعجب وأضاف بنبرة ثقة:
- ليه دا أنت هتتبسط أوي!
يقسم إنه على وشك أن يتبول على نفسه من شدة الخوف، فبنية هؤلاء الرجال لا تقل رعبًا عن وجوههم، وإذا تُرك معهم ليفعلوا به هذا الشيء، لن يتمكن من الدفاع عن نفسه حينها، ليصيح مرة أخرى مُستنجدًا بـ"جواد" مُردفًا برجاء:
- أبوس رجلك يا جواد، أنا خلاص هعمل اللي أنت عايزة.
حك "جواد" مؤخرة رأسة وكأنه يُحاول أن يتذكر شيء وأضاف بإستفسار:
- اللي هو إيه ده؟
أجابه "أدهم" على الفور مُردفًا بإندفاع وتوضيح:
- هبعد عن طريقك أنت وديانة ومش هـ..
- آآآه.
قطع حديثه بصرخة متألمة من شدة الصفعة القوية التي تهاوت على أسفل ظهره من قبل "جواد" الذي هتف أكمل حديثه بهدوء:
- أسمها ميجيش على خيالك تاني، مش بس على لسانك.
أومأ له عدة مرات بالموافقة مُرددًا بإذعان ورجاء:
- حاضر، حاضر بس أرحمني.
تدخل "إياد" بالحديث زاجرًا إياه على تلك المرة التي حذره فيها ولم يستمع له وهتف مُعاتبًا:
- ما كان من الأول يا ابني، لازم يعني تجيب لنفسك الإهانة!
عاد "جواد" ليقف مرة أخرى مكان ذلك الرجل خلف "أدهم" الذي لايزال مُقيدًا ومنحني أمامه، لتمتد يد "جواد" جاذبًا إياه من شعره إلى الخلف ليبدو فى هذه اللحظة كعاهرة متمرسة أسفل منه، وأقترب من أذنيه هامسًا له بتحذير:
- أسمع يلا كلامي كويس عشان مش هعيدة مرة تانية غير بالفعل، لو لمحتك تاني أو حتى سمعت إسمك فى حياتي بالصدفة، وحيات أمك لخليك شـ*** بتتأجر بالساعة.
هز رأسه بالإنكار والرعب ينهش قلبه وصاح مؤكدًا:
- مش هتشوفني تاني، والله ما هتشوفني تاني.
ترك "جواد" شعره وأحل قيود يده وربط على ظهره بقليل من الحدة مُردفًا بتوعد:
- شاطر، أنا هكتفي المرة دي بقرصة ودن بس تفكرك بيا، إنما المرة الجاية محدش هيرحمك من إيدي، ولا حتى أبوك.
مد يده ليأخذ الهاتف من أحد رجاله وأعطاه له مُعقبًا بأمر:
- أفتح الباسورد.
تعجب "أدهم" من طلب "جواد" ولكنه فعل له كل ما يريد، عساه ينتهي من تلك الليلة المشؤمة، ليأخذ "جواد" الهاتف مرة أخرى وأضاف بتوضيح:
- عربيتك ومحفظاك وساعتك وهدومك هتلاقيهم واقفين مستنينك قدام فيلتكوا، إنما أنت بقى عايزك تبقى راجل كده وتوصل بيتكوا محافظ على نفسك، أوعى حد يشوفك بالمنظر ده ليقوم يعمل فيك اللي أوسخ من اللي الرجالة دي كانت هتعمله.
تركه وتحرك نحو سيارته، ليحاول "أدهم" أن يوقفه ويمنعه عن تركه هكذا مُرددًا بإلحاح:
- جواد مينفعش يا جواد.
وكأنه لا يستمع إليه دلف سيارته وأغلق الباب، بينما أمسكوا رجاله بـ"أدهم" مرة ثانية كي لا يُزعجة، لينظر له "إياد" بتشفي، فهو أيضا كان غاضبًا منه بسبب ما قاله فى المكتب صباح اليوم، لهذا نظر له مُصطنع الشفقة والتأثر وأضاف بتحذير:
- شوفلك كرتونة أو شكارة أستر بيها نفسك، عشان حتى الكلاب لو شافتك مش هتسيبك فى حالك.
تركه وصعد السيارة هو الأخر وتحركوا مُغادرين ذلك المكان، ليفعل رجال "جواد" ما أمرهم به، وتركوا "أدهم" دون ملابس نهائيًا فى هذا العراء وتحركوا بالسيارات.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع...
لقد مر أسبوع كامل على أخر مرة تحدث إليها، يبدو وكأنه يتجاهلها عن عمد، هل يظن إنه هكذا يُعاقبها عما قالته له عن "أدهم"! هل حقا يظن إنها لاتزال تحمل مشاعر له بداخلها؟ هل هو أحمق لهذه الدرجة؟
لا تنكر إنها كانت ستتزوج من "أدهم" ولكنها لم تكن تحبه، هو فقط كان مناسب لها مثلما كانت هي مناسبة له، هي تعلم جيدًا أن "أدهم" لم يُحبها ذلك الحب الذي يجعله يُحارب من أجلها، بل مجرد تعلق بسيط بها لانه كان يراها مناسبة له، هي لم تشعر بالحب قط سوا مع ذلك الهمجي "جواد"
ولكنها أحبت فكرة أن تُشعره بالغيرة، مثلما فعل فى بداية زواجهم، عندما أخبرها بها صريحة فى وجهها بإنه سيذهب إلى أمرأة أخرى تُحسن إرتداء ملابس الإثارة، ياله من وقح لا يملك ولو قليلا من الحياء.
حسنًا إلى متى سيتجاهلها؟ إذا عليها أن تستغل ذلك التجاهل وتتحدث إلى "أدهم" بخصوص ما أخبرها به عمها منذ اسبوع، وبعدها ستخبر "جواد" إنه لا تكترث بـ"أدهم" ولا غيره، هي فقط تكترث له وحسب.
أمسكت هاتفها وحاولت الإتصال بـ"أدهم" ولكنها استمعت إلى ذلك الصوت:
- الرقم الذي طلبته مغلق أو غير متاح، من فضلك أعد المحاولة فى وقتًا لاحق.
ضيقت ما بين حاجبيها بإستغراب، منذ متى وهو يُغلق هاتفه؟ حاولت التواصل معه على إحدى صفحاته الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، لتجد نفسها محظورة عن التوصل معه، تعجبت لهذا الأمر وتمتم بإستنكار:
- راح فين ده!
خطر ببالها أن تتصل بصديقتها ومساعدتها "أمال" لكي تسالها لو كانت تعلم شيئًا عنه، وبالفعل أتصلت بها ولكنها كانت في وقت متأخر من الليلل، لذلك هتفت بإعتذار:
- معلش يا أمال إني بكلمك دلوقتي، بس متعرفيش أدهم فينه!
أجابتها الأخرى مُحاولة التخلص من النُعاس:
- مش عارفة والله يا ديانة! مختفي بقاله أسبوع معرفش راح فين؟
قربت ما بين حاجبيها بإستنكار من ذلك الأمر وأضافت بإستفسار:
- طب والصفقة اللي بينا!
تيقظت "أمال" تمامًا وأضافت بإندهاش:
- الصفقة أتلغت من أسبوع أنتي مش معانا ولا إيه؟
صُدمت "ديانة" من ذلك الخبر، أنتهت منذ أسبوع ولم يُخبرها أحد! لتهتف بمزيد من الإستفسار:
- مين اللي للغاها؟
أجابتها الأخرى مُردفة بتوضيح:
- مش عارفة أنا مستر إياد بلغني إنها أتلغت.
تذكرت أن "جواد" هو من تحدث منذ أسبوع فى يوم الاجتماع بإنه يريد أن يُلغي تلك الصفقة، وهو أيضا من قام بتهديدها وأخبرها إنه سيتصرف مع "أدهم" ويلقنه درسًا، ترى ما الذي فعله به! عليها أن تعلم ماذا حدث! هتفتت بإقتضاب:
- طب شكرا يا أمال.
أنهت الاتصال واسرعت فى إرتداء الحذاء المنزلي وخرجت من الغرفة، وهي تشعر لكثير من الغضب تجاه ذلك الهمجي التي هي متزوجة به، بل وأصبحت تحبه، أتجهت إلى غرفته ولم تكترث إنها ترتدي تلك المنامة الخفيفة والمُشفة.
❈-❈-❈
كان يجلس أمام الحاسوب الخاص به ويتابع بعض الأعمال الهامة، ليأتيه إتصال من صديقه "إياد" ليجيبه على الفور مُردفًا بإستفسار:
- إيه الأخبار؟
أجابه "إياد" مُفصحًا عن أخر ما توصل له:
- الواد سافر إيطاليا إمبارح.
عقب "جواد" بسخرية لازعة مرددًا:
- ليه ما كان قاعد!
ضحك "إياد" رغمًا عنه مُتذكرًا ما حدث مُقترحًا:
- تلاقيه راح يتعالج من الصدمة اللي حصلتله.
ظل "جواد" يُتابع ما يفعله بالحاسوب أمامه وأضاف بتهكم:
- على الله بس يكون أتعلم الدرس.
صاح "إياد" بما يشغل تفكيرة مُردفًا بإستفسار:
- أموت وأعرف روح إزاي!
أجابه الأخر مُعقبًا بإستهزاء:
- تلاقيه عيط لأي حد عشان يخليه يكلم حد يجي يلحقه.
أظهر "إياد" القليل من الشفقة فى حديثه مُردفًا بتعاطف:
- بصراحة كان موقف صعب أوي.
أمتعضت ملامح وجه "جواد" بالإنزعاج وأضاف مُتهكمًا:
- عقبال موقفك أنت كـ...
قطع حديقه دخول "ديانة" إلى الغرفة بإندفاع وصاحت فيه مُردفة بإنفعال شديد:
- أنت عملت إيه فى أدهم؟
رمقها "جواد" بجانب عينيه ولم يُحول نظره نحوها ووجه حديثه نحو "إياد" مُعقبًا بهدوء:
- هكلمك تاني يا إياد.
بالفعل كان الأخرى أستمع لسؤالها وعلم أن صديقه سيخوض مناقشة طويلة فور إنهاء الإتصال، ليعلق بتمني:
- الله يعينك.
أنهى الإتصال ونظر داخل الحاسوب الخاص به وكأنعا لم تسأله عن شيء منذ ثوانً، بل وكانه ليست موجودة من الاساس، لتنزعج كثيرًا من هذا التجاهل، وأنحت لكي تغلق جهاز الحاسوب وهي تصيح فيه بإنزعاج:
- أنا بكلمك رد عليا.
تنهد بملل ممَ تفعله ونظر لها ببرود مُعلقًا بإستفسار:
- عايزة إيه؟
كادت أن تنفجر بسبب أسلوبه البارد الذى يتعامل به معها، هل يستخف بها أم يقلل من شأنها؟ لتصيح فيه مرة أخرى مُرددة سؤالها:
- عملت إيه فى أدهم؟
رفع أحد كتفيه وأنزله بحركة سريعة مُعقبًا بمزيد من البرود:
- ويخصك فى إيه!
لقد طفح الكيل من تلك المعاملة التي يستخدمها معها، من يظن نفسه ليتحكم بجميع من حوله، صاحت فيه بإنزعاج قائلة:
- يخصني إنه زميلي و...
بسرعة البرق هب واقفًا وأمسك بذراعيها بقوة، وبلحظة تبدلت ملامحه من البرود للغضب والأشتعال، وصاح فيها بحدة:
- إنتي لا أدهم نصار ولا أي راجل خلقه ربنا يخصك فى حاجة سواء من قريب أو من بعيد، أنا بس اللي أخصك.
على الرغم من إنها شعرت بالخوف من تحوله المفاجئ ومن تلك النظرة فى عينيه، إلا إنها ليست بتلك الشخصية الضعيفة التي تستسلم بسرعة، لتحاول سحب يدها من قبضته مُصطنعة القوة مُستفسرة بحدة:
- سيب إيدي ورد عليا عملت فيه إيه يا همجي؟
رفع أحد حاجبيه بتحدي وأضاف بنبرة مُستفسرة تُخفي خلفها الكثير من المكر:
- عايزة تعرفي عملت فيه إيه!
لم تلاحظ تلك النظرة التحذيرية من زرقاوتية وتمادت فى عنادها مُردفة بإصرار:
- أيوه.
أومأ لها بالموافقة وسريعًا كا تقدم نحو الباب مُعقبًا بتوعد:
- تمام.
أغلق باب الغرفة بإحكام مُستخدمًا المفتاح ومن ثم أخرجه من الباب وألقاه أرضًا بعيدًا عن كلاهما، وتقدم نحوها بخطوات مُتريثة وهو يخلع عنه التيشرت المنزلي، لتشعر "ديانة" بالقلق من فعلته تلك وتراجعت إلى الخلف عدة خطوات مُعقبة بإرتباك:
- أنت بتعمل إيه؟
رفع حاجبيه الإثنان وهو لايزال يقترب منها وأجابها بمكر:
- بعرفك عملت فيه إيه!
وبلحظة كان قابضًا عليها، وجعلها تلتف رغمًا عنها لتوليه ظهرها، ودفعها لكي تصطدم بالحائط ولكن ليس بقوة كي لا تتألم، والتصق بها هو الأخر من الخلف لتصبح مُحاصرة بينه وبين الحائط أمامها.
صُعقت هي من فعلته الغير متوقعة تلك، وكأن لسانها عجز عن نطق أية كلمة، ولكن تصاعدت صدمتها عندما أمتدت يده وأمسكت برودفيها وأقترب من أذنها همعثهثًا بخبث:
- عملت فيه حاجة شبه كده، الفرق الوحيد إنك محظوظه ولابسه هدومك.
ماذا يقصد بإنه فعل به شيئًا كهذا! وما يعني بإنها محظوظة بكونها ترتدي ملابسها؟ أيًا كان ما يقصده، من الغباء أن تتجادل معه فى أي شيء الأن، يبدو إنها قد تمادت فى الأمر وجعلته هو الأخر يتمادى معها، عليها أن تنسحب قبل أن يتطور الأمر، لتهتف مُستدعية القوة:
- أبعد عني يا جواد.
أجبرها على الالتفاف مرة ثانية للتتقابل زرقاوتيهم وأضاف بنبرة مليئة بالتحدي:
- ولو مبعدتش هتعملي إيه؟
كل ما تفكر فيه الأن هو الفرار من بين يديه ولا يهم ماذا سيفعل بعدها أو ماذا سينتج عن فعلتها، لترفع ركبتيها مُستعدة لركله فى منتصف رجولته مُعقبة بتحدي:
- هزعلك.
كادت أن تصتدم بهدفها ولكن فى أخر لحظة أستطاع هو تفادي ركلتها وجمع ساقيها الأثنان بين ساقيه، وأبتسم بإنتصار مُعقبًا بكلمات ذات مغذى:
- كده أنتي اللي هتندمي.
حاولت دفعه بعيدًا عنها بإستحدام جسدها، ولكن دون فائدة فهو كالحائط، لتهتف بإحباط من بين أسنانها مُعقبة بغيظ:
- ولا هيفرق معايا.
أقترب منها وأضاف بمزيد من الخبث مُعقبًا بوقاحة:
- أومال هنخاوي نور إزاي؟
أحمر وجهها لا تعلم إن كان غضبًا أم خجلًا، ولكنها ثارت به مُردفة بحدة:
- أنت وقح يا جواد.
التصق بها أكثر وهمس في أذنيها مُستفسرًا:
- مش ناوية تحني بقى؟
أندفعت برفضًا قاطع لما يرمي إليه بحديثه، مُردفة بإنفعال:
- بعينك.
على الرغم من رفضها إلا أن جسدها يبدو له رأي أخر، فجسدها يتعرق بغزارة رغم إعتدال المناخ وعدم سخونة الهواء، إلا أنها أصبحت دافئة ويشعر بأن قدميها ترتجف قليلًا، وماذا عن عينيها؟
بمجرد أن نظر إلى داخل عينيها بنظرات الرغبة والإحتياج، قام بأبعاد عينيها عنه وأشاحت بوجهها إلى الجانب هروبًا ممَ أوشكت عينيها على الإفصاح به، حقا يتمنعنا وهن الراغبات.
ابتسم بخفة وبسرعة البرق جذبها من ذقنها ليُعيد وجهها فى مقابلته، وبلحظة كان يلتهم شفتيها بنهم وإشتياق، كان يلتهمها بجوعًا ولهفة كالمحروم من لذة الطعام منذ أشهر ووجد مائدة تحتوي على كل ما لذ وطاب.
فى البداية كان تُحاول إبعادة عنها بكل ما فيها من قوة، ولكن بمرور الثوانً تحولت مُقاومتها فى ردعه، إلى رغبة جامحة فى إدخال أحدهم إلى داخل الأخرى، وأخذت تضمه إليها أكثر وتتشبث فى رقبته، بينما كانت تتبادل معه القبلات التي تحولت من الرقة والنعومة إلى معركة بالشفاه والألسن.
أنفصلت القبلة بعد وقت ليس بقليل لحاجة كلا منهما إلى الهواء، لينظر كلاهما إلى الأخر وهما يلهثان ليس لحاجتهم للهواء فقط، بل لحاجة كلاهما إلى الأخر، طالعها بنظرات تصرخ بالعشق واللهفة وأضاف بصدق:
- بحبك.
وأخيرًا إنهارت تلك الحصون المُظلمة وأُنزل عليها الستار لتنتهي بكل ما فيها من ألم وحزن وذكريات سيئة لن يُحاول أحدًا منها تذكرها مرة أخرى، ولأول مرة ستقولها وهي تنظر إلى داخل عينيه، لم تعد تخشى شيئًا سوا إبتعاده عنها، لتُتمتم بصدق مماثل له:
- وأنا كمان بحبك يا جواد.
ابتسم بسعادة وغمرها بقوة لدرجة إنها شعرت وكأن ضلوعها على وشك التفتت، ولكنه فصل العناق بعد لحظات وأنحنى ليحملها بين ذراعية وتوجه بها نحو الفراش، وبرقة وهدوء وضعها بالفراش وأراح جسده فوق جسدها ولكن بدون مبالغة.
أنقض مرة أخرى على شفتياها وجولة أخرى من القبلات الجامحة والمليئة بالرغبة والإحتياج، كلاهما يحتاج إلى الأخر ويشتاق له، وتلك الفترة المُلحة لا تخجل فى الظهور لكلاهما، ليفصل القبلة مرة أخرى بعد وقت ليس بكثير وتمتم مُستفسرًا بلهفة لما هو مُقبل عليه:
- عايزاني يا ديانة؟
أومات له بجرأة ولهفة وكانت هي الأخرى تشتاق لهذا اللقاء منذ وقتًا طويل، ولم تكن إمائتها سوا أشارة له بالبدأ، ليعود لتقبيلها مرة أخرى هبوطًا إلى عنقها ونحرها، وأخذ يلثمهم بكثير من الحب والشبق، ليرتوي من هذا الظمأ الذي يُعاني منه منذ فترة طويلة.
هذه ليست أول مرة لهم معًا، ولكن هذه المرة ستكون مميزة بكل ما تحمله من تفاصيل، هذا المرة بكامل إرادتهم وعشقهم ورغبتهم هما الأثنان، لا توجد كراهية أو إنتقام أو إجبار، لا يوجد سوا العشق واللهفة والإحتاج الفطري لخروج تلك الرغبة بطريقة لن تُنسى أبدًا، سيعتمدها كلاهما إنها أول مرة لهم معًا ومن هنا ستبدأ قصتهم من جديد.
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة منة أيمن, لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية