رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - اقتباس الفصل 15 الخميس 19/10/2023
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
اقتباس
الفصل الخامس عشر
تم النشر بتاريخ
19/10/2023
أوشك الحفل على الانتهاء، وبدأ المدعوين في الانصراف واحدًا تلو الأخر، ولم يتبقَ إلا بدر و فريدة بمفردهما معا! ناثرة ذيل ثوبها خلفها وهي تجلس فوق الفراش بداخل الغرفة، رغم يقينها بأنها بدأت تطمئن بأنه سيمنحها الأمان والاستقرار لكن ما زالت تخشى التعامل معه، حاولت بث الثقة لنفسها كي تهدأ، فلم تستطع إخفاء خجلها أو خوفها وبقت في حالة إنطواء فاركة لأصابع كفيها المتشبثة بباقة الورد، لكن ذلك لم يؤثر في شيء، الأمر المقلق بالنسبة لها هو اختلائها معه، هي متأكدة أنه لن يفوت الأمر دون أن يتودد بشتى الطرق لها، فهو بالنهاية رجل! وهذا أصبح حقه ولا يوجد رجل بالعالم سيتفهم أمرها ويعلم كيف التعامل مع حالتها، بدأت مقتنعه بكل ذلك وبدا قلقها يزيد أكثر وأكثر.. فكرت بفكرة مقنعة أو حجة ما تمكنها من تأجيل تلاحمهما معًا، لكن لتصارع الأفكار في ذهنها لم تصل لشيء! حتي لج إليها راسمًا على ثغره إبتسامة هادئه وتأملها بأعين لامعة ثم أردف قائلا مبتسماً
= مش هتغيري هدومك يا عروسه؟
تأهبت في جلستها وتسارعت دقات قلبها عند سماع صوته، وعمد هو التطلع إلى وجهها بأعين متلألأة وكأنه يناديها بنداءٍ خفي، لكن خيبت أمله بعدم النظر نحوه، حيث كانت منشغله بتوترها وتفكيرها بالقادم، تنهد بدر ليضيف قائلاً
= أنا عذرك و عارف أن جوازنا جه قوام من غير ما نتخطب ولا نتعرف على بعض اكتر، و قلت لك ان انا مش هقدر اعمل فتره خطوبه وعاوز نتجوز على طول... لاني مش هقدر اعمل زي المخطوبين الأيام دي واحسسك انك زي اي بنت نفسها تفرح وتحب! بس صدقيني فتره الخطوبه كانت هتبقي زي عدمها وانا مش هلاقي عندي وقت للكلام ده.. انا عارف أن كلامي ممكن يضايقك و أنك اكيد مستغربه و متاخده مني واحنا تقريبا ما شفناش بعض غير مرتين ولا ثلاثه
هزت فريدة جسدها بعصبية، لا تعرف ما الذي أصابها لكن فاق التوتر لديها حد المسموح به،
ثم ضمت شفتيها بسخرية مريرة وهي تقول بصوت شبه مكتوم
= ما شفناش بعض غير مرتين ثلاثه ايه اذا كان أسمك ذات نفسه؟ ما سمعتوش غير ثلاث مرات
أعتقد أنها تسخر أو ربما مستاءه من سرعه ارتباطهم لكنها كانت تتحدث هكذا من سخرية ألمها الى نفسها والى ما وصلت اليه، ومع ذلك هتف قائلاً بصبر
= يا ستي ممكن نتعرف علي بعض دلوقت.. إسأليني أي سؤال و انا هجاوبك
طالعته بنظرات قلقة، هي تعلم نواياه نحوها خاصة أنها الليلة المنشودة، شعرت بجفاف كبير في حلقها و بدقات قلبها تتصارع داخلها، تهدجت أنفاسها نوعًا ما وهي تحاول أخذ حذرها منه...وظلت ملازمة للصمت لم تنبس بكلمة رغم محاولاته اجترار الحديث معها، تفهم بدر جيد سبب صمتها المزعج، وتعهد لنفسه ألا يجعل الجفاء يستمر طويلاً، هي أصبحت زوجته ويجب ان ترضخ الى ذلك، لقد وافقت عليه بكل ارادتها ولن يقبل مُطلقًا بتلك المعاملة الصامته منها، وحتمًا سيجد وسيلة لإذابة الجمود المؤقت بينهما، فهو لم يتزوجها حتى تكون حياته ساكناً كما كانت سابقاً، إحترام سكوتها و أجاب مرددًا بهدوء
= طالما مكسوفه و سكتي يبقا انا هجاوبك من غير ما تسألي.. ممم ممكن اجاوبك على حاجات تانيه نسينا نتكلم فيها مع بعض، ذي مثلا أنا عندي ٢٨ سنه و كملت علام لحد خمسه إبتدائي و عارف ان انتٍ مكمله تعليمك
ودي حاجه مفرحاني على فكره، يمكن ربنا بعتك لي تساعديني في علام بناتي اللي نفسي ما يبقوش زيي.. تعرفي أن انا كنت بدعي ربنا دائما أن كل الحاجات اللي اتحرمت منها وانا عيل صغير اقدر اعوضها ليهم .
إبتلعت ريقها بجمود دون رد ربما هي متحرجة منه، متخوفة من بقائها معه، فالأمر جديد عليها كما أنها لا تزال عديمة الخبرة فيما يتعلق بالزواج، بالإضافة إلى تجربتها السيئة بحكم زيجتها السابقة، دنا بدر من فراشها ليجلس إلى جوارها ثم مد يده ليلتقط كفها، احتضنه بين راحتيه ماسحًا عليه بقوة وهو يتحدث بنبرة دافئة
= بكره الوقت هيثبتلك اني مش وحش زي ما انتٍ فاكره، ولا زي الرجاله اللي انتٍ قابلتيهم في حياتك وخلوكي متعقده وخايفه تقربي من أي راجل تاني .
جذبت يدها منه بسرعه ولم تدعه يلمسها مبديًه نفورها منه أو ليست هو بالأخص! لكن تملكتها الرهبه من الجميع، و لم تستطع إخفاء خوفها وبات واضحًا عليها انزعاجت هي من ذلك كونها صريحة، حتى نظراتها كانت تشير إلى قلقها الشديد! نظرت فريدة إليه فتعقدت تعبيراتها بضيق، ثم صاحت فيه بحدة طفيفة
= انا مش خايفه منك أنا بس مش قادره آآ يوووه انت مش فاهم حاجه ولا عمرك هتفهمني .
أبتسم في استهجانٍ، وعاتبها بهدوءٍ
= علي فكره أنا عارف انتٍ اتجوزتيني ليه؟ عشان تهربي من اهلك اللي كل شويه يظهروا في حياتك من تاني، و خطيبك السابق اللي اتجرأ وخطفك المره اللي فاتت من غير ما يفكر ولا يخاف من حد لأنه شايفك لوحدك وانتٍ ليكي حق تقلقي من كل ده وتخافي، وما لقيتيش في اللحظه دي غيري وانك تقبلي بيا عشان تهربي من كل ده.. انا فاهم وعارف كل ده من غير ما تحاولي توضحي ومش زعلان ولا حاسس انك استغليتيني زي ما فكري، لاني حسبتها بطريقه تانيه؟ زي ما انتٍ ليكي اسبابك انا كمان ليا اسبابي.. لكن اللي عايز أقولهولك يا بنت الناس ومسير الأيام توريهولك إن عُمري في يوم ما أغصبك على حاجة.
قطبت جبينها وتطلعت إليه مليًا وكأنها تفكر في أمر ما، والحق يُقال أنه استحوذ على تفكيرها لوقتٍ لا بأس به! تستوعب كلماته وكشفه لامرها وكيف متقبلها كما هي! دون أن يعاتبها على شيء ليس خطأها من الأساس.
فسر لها مقصده أكثر، وهو يهز رأسه معلقًا بتفهم واحترام غير مزيف
= ربنا هو اللي جمعنا ببعض! وهو اللي هيقدرني أسعدك و أحافظ عليكي، البيت ده بيتك من النهارده و أنا فيه ضيف، و أوعدِك عُمري ما هبقي ضيف تقيل .
تصلبت عروقها من طريقته تلك، فلم تتوقع مطلقاً أن يكون متفهم لحالتها الى ذلك الحد دون أن تتحدث بكلمه واحده، تنهدت بقوة فقط ازاح عنها توتر عصبي شديد كانت تحمل همه ولا تعرف كيف تجمع شجاعتها للتحدث في ذلك معه، وهل اذا تحدثت سيكون متفهم لامرها ام لأ؟ لكن حقا فاجئها، فاتسعت مقلتاها إلى حد ما وهي شبه مصدومه! فهل هي واضحه الى ذلك الحد أم هو الذي يعرف كيف يفهمها جيد؟ زادت رهبتها من صمتها المريب، وتوترت نظراتها نحوه، بينما أظهر ابتسامة مشرقة وهو يدنو منها مجدداً ليسألها في اهتمامٍ
= رجعتي سكتي تاني! ومالك بتبصلي كده ليه ومبلمه؟ مستغربه عشان انا فهمك، من اول ما الفرح خلص و دخلتي هنا وانا عارف قاعده متوتره كده ليه وقلقانه.. بس هو يعني الموضوع مش محتاج ذكاء ولا مفهوميه طبيعي واحده زيك عاشت اللي عاشته هتكون مش قبله ده ولا حب حد يجي جنبها ويلمسها، حتى لو الحد ده كان جوزها.
حاولت أن تتخلى عن رهبتها من الخوف منه خلال فترة تواجدها معه ومنذ الآن، لتبدو كسيدة بسيطه بجانب زوجها تراعي أطفاله و أطفالها بالمستقبل، لاحت ثواني متذكرة تلميحات الناس أو بمعني أدق أقوال المجتمع المريضة عن جهلهم وتخلفهم الفاضح بأن لا يوجد رجل يستطيع ان يقبل امرأه مثلها زوجه له بالإضافة إلي عارها ونظراتهم الاستحقارية الموجهة لشخصها. هاجمتها أسوأ اللحظات البائسة لكنها نفضت جميع أفكارها السوداوية، المتعلقة بالماضي عن رأسها، ترددت في الإستجابة له وتصديقة، لكنه أنذرها بلهجة متفهمة لم تبدُ مازحة
= انتٍ مش محتاجه تقولي حاجه، وانا اكيد مش متجوزك عشان السبب ده وبس.. الأيام لسه قدامنا كتير يا فريده .. واللي ما قدرتيش تتخطي النهارده هتتخطي قدام صدقيني .
نهضت لكن حافظت على إبقاء مسافة آمنة لها منه، ثم رفعت رأسها في وجهه هاتفة بصوت متألم وقد غالبتها دموعها
= بدر انا آسفة، حقك عليا مش عارفه انا بتاسف على ايه.. بس شكلي هظلمك معايا .
رد عليها بدر بنبرته الحانية
= مش محتاجه تتاسفي يا فريده وانتٍ ما ظلمتنيش ولا حاجه، ما انتٍ معرفاني كل حاجه قبل الجواز يبقى هعمل نفسي ليه مش فاهم واستعبط! .. قلتلي انك اتعرضتي للاغتصاب مرتين؟ مره قبل الجواز ومره من نفس الشخص برده بس بعد ما اتجوزك؟؟ و المرتين كانوا غصب عنك! يبقى اكيد هتكوني محتاجه وقت لكده.. و صدقيني حتى لو
ماحصل لكيش كده وطلبتي مني مهله عشان نتعود على بعض؟ برده اكيد كنت هوافق ما أنا مش متجوزك عشان اعذبك ولا اغصبك على حاجه مش عاوزاها، بالطريقه دي يبقى مش ده الجواز اللي انا بسمع عنه واعرفه؟ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.. الحاجات دي بالذات بالرضا يا فريدة، مش بالغصب!
مشاعر مختلطة عصفت بقلبها في تلك اللحظة ونسمة هواء باردة لفحت وجهها قشعريرة بسيطة غلفت جسدها، ثم لفظ الهواء ببطءٍ من صدره ليقول لها بنفس أسلوبه الهادئ
=عندك الأكل بره هتلاقيه جاهز انا شاريه مش محتاجه تعملي، و هطلع بره دلوقتي ولما تغيري هدومك براحتك اندهي عليا عشان نأكل لقمه سوا.. ومعلش مضطر انام هنا جنبك بس عشان ما فيش سرير تاني و الكنب مش مريح للنوم هنا، بس لو انتٍ مضايقك انا ممكن افرش في الأرض وانام .
مره ثانيه يصدمها باحترامه والتعامل مع مخاوفها بطريقة مريحة، هزت رأسها برفض مترددة، فأبتسم لها بأمل واضاف مبتسماً قبل أن ينسحب للخارج
= ماشي انا بره لو عاوزتي حاجه اندهي عليا .
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية