-->

رواية جديدة كما لو تمنيت لبسمة بدران - الفصل 19 الخميس 26/10/2023

 

  قراءة رواية كما لو تمنيت كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية كما لو تمنيت 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


 الفصل التاسع عشر

تم النشر يوم الخميس

26/10/2023

(أشعر بالأمان)


ممدد بجوارها فوق الفـ راش واضعا رأسها على صـ دره وابتسامة كبيرة تزين محياه الحسن وراحا للمرة التي لا يعرف عددها يتذكر ما حدث بينهما بالأمس.


فبعدما أخبرته صراحة بأنها تحبه اتسعت حدقتاه في دهشة وغمغم بعدم تصديق وهو ينظر إلى عينيها: إيه بتقولي إيه عيدي الكلام اللي أنت قلتيه كده تاني.


إنهمرت دموعها ورددت بصوت مرتجف: أيوة أنا بحبك أوي يا أدهم الشعور ده حسيت بيه متأخر أوي.


وضع أصبعه على فـ مها يمنعها من الحديث واتجه سريعا إلى غرفة الملابس ساحبا أول قطعة قابلته وعاد إليها ثم عاونها في ارتدائها وجذبها إلى الفـ راش وجلسا سوية على طرفه ثم أردف بعدم تصديق: عيدي الكلام اللي أنتي قلتيه تاني يا فريدة.


تنهدت براحة وابتسمت بداخلها على شهامته التي اعتادت عليها منه إزدردت ريقها بصعوبة ثم مسحت دموعها بأطراف أصابعها وهتفت وهي تنظر إلى عينيه مباشرة: عارف طول عمري من الناس اللي ما بتحسش بقيمة الحاجة غير لما بتروح منها بس دايما كنت بقول لنفسي ده نصيب وإن لو كان فيه خير كان هيبقا

بس معاك ما قدرت أقول لنفسي الكلام ده وحسيت أنه خسارتك كبيرة أوي بالنسبة لي.


أشرق وجهه بابتسامة رائعة وراح يهز رأسه يمينا ويسارا بعدم تصديق مما يستمع إليه منها

فاستطردت: عارف ما كنتش بحس بالأمان طول عمري من أول ما دخلت بيتكم ده غير لما كنت بتبقى موجود ولما كنت بتحضـ ني كنت يبادلك الحـ ضن وأنا عارفة أنه حرام شرعا بس ما كنتش بأهتم وقتها كل اللي كان يهمني الأمان والحنان اللي بحسهم في حـ ضنك

بس لما اتوفى أمير وأنت أجبرتني على الجواز منك أقنعت نفسي بأني بكرهك ما اتعودتش إن حد يجبرني على حاجة بصراحة فقررت انتقم منك علشان كده.

بس للأسف ما قدرتش ما قدرتش انفذ حاجة من اللي نويت عليها.


قاطعها بلهفة: يعني ما فيش حاجة بينك وبين حازم؟


هزت رأسها نفيا وهي تجيبه بصدق: أبدا والله كان مجرد تليفون عارفة أني غلطانة وإني كمان خينة بس صدقني العند اللي جوايا والكبرياء ما خلونيش أشوف قدامي ولما جيت وقلت لي إنك هتتجوز مرام حسيت بسكاكين بتقطع في قلبي وقتها بس اتأكدت أني بحبك وبغير عليك كمان.


لمعت زمرديتاه وجذبها إلى صـ دره يعانقها بقوة وهو يتنهد بحرارة فلأول مرة يسمع منها تلك الكلمات وذلك الاعتراف جعله ينسى ويتناسى كل شيء.


دقائق قليلة وأبعدها عن حضـ نه ثم استلقى على ظهره فوق الفـ راش وأشار لها كي تجاوره فانصاعت لطلبه وكأنها تريد ذلك أكثر منه

توسدت صـ دره وهي تشعر بالراحة والأمان يغلفونها والتي افتقدتهما لوقت طويل وأغمضت عينيها مستسلمة للنوم الذي أتاها سريعا في تلك الليلة المرهقة.



استفاق من شروده ثم دنا طابعا قـ بلة طويلة على جبينها وهو يهمس بصوت منخفض: هعوضك يا حبيبتي هعوضك عن كل حاجة وحشة شفتيها في حياتك وده وعد مني ليكي.


❈-❈-❈


فتحت عينيها بهدوء ثم أمسكت بهاتفها وسرعان ما عبست عندما لم تجد منه اتصالا منذ ليلة أمس فمن المفترض أنه أصبح خطيبها الآن وهي كأي فتاة تريد أن تتدلل من الشخص الذي ارتبطت به

فتمتمت بحنق وهي تبحث عن اسمه: كده يا مراد عامل لي فيها حسين فهمي في فيلم خلي بالك من زوزو طيب وديني لأوريك.


وضعت الهاتف على أذنها تنتظر الرد وما هي إلا ثواني حتى استمعت إلى صوته على الطرف الآخر يقول: صباح الخير يا شمس في حاجة متصلة بدري قوي ليه كده؟


اغتاظت من جديته معها فأجابت باقتضاب: لا أبدا ما فيش حاجة بس المفروض ان احنا بقينا مخطوبين دلوقتي وإنك كنت تكلمني على الأقل يعني مش مجرد...


قاطعها بهدوء مستفز: بصي يا شمس أنا مش صغير علشان تطلبي مني الكلام الفاضي ده من الآخر كده أنا مش بتاع حب ومشاعر والهبل ده أنا ناضج وعاقل وكل اللي ليكي عندي الاحترام وإنك ما تحتاجيش أي حاجة وأنتي معايا ودلوقتي قومي أجهزي عشان هعدي عليكي نروح نشتري حاجات ليكي يله باي باي.


اغلق الهاتف دون أن يستمع منها ردا مما جعلها تصك على أسنانها بقوة وتقفز واقفة وهي تتمتم بحنق: نيني نيني نيني ني ما لكيش عندي غير الاحترام جاتك البلا في تقل دمك ده بس بصراحة قمر قمر وربنا يخـ رب بيت هبلك أنتي يا شمس ماشي يا سي مراد ان ما خليتك تحبني ونجيب لي ورد ودباديب ما ابقاش أنا شمس بنت أم شمس.


❈-❈-❈


شعرت بغضب عارم عندما استيقظت ولم تجده بجوارها فمن المفترض أنها أول ليلة بينهما وكان ينبغي عليه المكوث بجوارها كي تشعر بأنها عروس

وعلى ذكر تلك الكلمة غامت عينيها بحزن شديد فهي تعرف أنه لا يحبها وأنه فعل هذا بدافع الشفقة والشهامة ليس أكثر لذا عليها أن تنتظر ريثما تحصل عليه وعلى قلبه بكامل إرادته كما عليها أن تسعى لفعل ذلك بشتى الطرق مثلما أخبرتها والدته من قبل فهي وعدتها بأن تساعدها في أي شيء تحتاجه لترويض إبنها.


دلفت من الجناح هابطة الدرج فابصرت الخادمة تقابلها بابتسامة صغيرة: صباحية مباركة يا عروسة.


منحتها ابتسامة مجاملة ولم تعقب

فاستكملت الخادمة طريقها إلا أنها توقفت في منتصف الدرج عندما باغتتها مرام بسؤال: ما تعرفيش أدهم فين يا...


قاطعتها بسرعة: فايزة اسمي فايزة يا هانم وأدهم بيه ما شفتهوش من ساعة ما طلع مع حضرتك امبارح.


أومأت لها مرام بصمت ثم خاطبتها بأمر: أعملي لي قهوة مظبوط من فضلك.


❈-❈-❈


يسير في المنزل وهو يناديها بصوته الطفولي وتلقائيا اتجه إلى المطبخ فلربما كانت هناك كي تعد له فطوره كعادته الصباحية


ثواني وأبصر والدته تفترش الأرض وتحيطها بركة عميقة من الدماء فتلقائيا انهمرت دموعه ودنا منها بحرص يناديها بنشيج

فعندما لم يجد منها ردا راح يصرخ بكل ما أوتي من قوة: ماما يا ماما.



وعلى الجانب الآخر استيقظ مفزوعا على صوت صراخ يونس فقفزا من مكانه متجها للخارج باتجاه الصوت وسرعان ما جحظت عينيه بدهشة حتى كادتا أن تخرجان من محجرهما عندما أبصر زوجته على تلك الهيئة فدمعت عينيه ثم دنا منها وانحنى بجزعه يحملها بين يديه وهو يتمتم بجنون: عملتي إيه في نفسك يا مجنونة عملتي ايه؟


حملها بسرعة واتجه للخارج مغلقا الباب من خلفه تارك الصبي متكور حول نفسه يبكي بدون صوت ظنا منه بإن والدته قد فارقت الحياة.


❈-❈-❈


دلف من المرحاض فأبصرها مستيقظة لكنها ما زالت على الفـ راش فدنى منها ملقيا تحية الصباح بابتسامة جميلة جعلتها تبتسم هي الأخرى

فجلس بجوارها وهو يمشط خصلاتها الثائرة بأصابعه سائلا إياها باهتمام: نمتي كويس؟


أومأت له ثم تنحنحت لتجلي حنجرتها ثم أردفت بجدية: أدهم إحنا هنعمل ايه دلوقتي وكمان ما قلتليش عملت ايه في حازم امبارح؟


على الرغم من الغضب الذي اجتاحه جراء نطقها لإسمه إلا أنه حاول الثبات عكس المستطاع وأجاب باقتضاب: حازم ما لكيش دعوة بيه انا علمته الأدب وهخليهم يرجعوه بيته بس خطك يتكسر وهجيب لك واحد بداله مفهوم؟


أومأت له بالموافقة.

فربط على وجنتها برفق مغمغما: شطورة أما بقى بخصوص هنعمل ايه لسه مش عارف لإن من امبارح للنهارده حصلت حاجات كتير أوي محتاجة قعدة للتركيز بس


أمسك يدها ثم قربها من فمه وطبع قبـ لة طويلة عليها مستطردا: كل اللي هوعدك بيه انك هتكوني سعيدة معايا وهعوضك عن كل لحظة حزن عشتيها في حياتك بس عايزك تصبري معايا لحد...


ابتلع باقي كلماته عندما استمع إلى صوت طرقات خفيفة فوق الباب يليه صوت الخادمة تقول باحترام: أدهم بيه أهل ست فريدة تحت وعايزين يشوفوها.


أجابها باختصار: ماشي يا فايزة احنا نازلين.


نظرا إلى بعضهما قليلا ثم هتفت فريدة بخوف: شكلهم عرفوا باللي حصل وجايين يفهموا.


دب الذعر في قلب أدهم بعد حديثها ذاك فلربما جاء والدها كي يأخذها معه ويطلقها منه فهو لم يحفظ عهده معهم ومهما برر أو أخبرهم بما حدث لن يتقبلوا منه أي كلمة ولن يلتمسوا له الأعذار أبدا.


شعرت فريدة بما يدور في قلبه فألقت بجـ سدها بين أحضـ انه هامسة في أذنه بصدق: ما تخافش يا أدهم انا مش هبعد عنك بس كل اللي بطلبه منك انك ما تتكلمش خالص تحت وسيبني انا أتفاهم مع بابا تمام.


شدد من عناقها أكثر مغمغما وهو يستنشق رائحتها بعمق: حاضر يا فريدة.


❈-❈-❈


في ممر المشفى يركض خلفها بعد أن أخذوها منه ووضعوها فوق الفـ راش النقال وهو يبكي وينتحب لا يعرف من الأساس كيف أتى بها إلى المشفى.


تابعهم بعينيه حتى اختفوا بداخل الغرفة وألقى بجـ سده فوق أحد المقاعد الحديدية الموجودة أمام تلك الغرفة وهو يدعو الله أن ينجيها ليس من أجله هو فقط بل من أجل صغيره.

وعندما تذكر صغيره ضرب رأسه بقوة فكيف نساه وتركه بمفرده!

هرول للخارج كي يصل إليه في أقرب وقت ومخاوف كثيرة تتراكم في ذهنه كما أنه أراد تغيير ملابسه التي تلطخت بدماء زوجته والاتصال بأهلها وإخبارهم بما حدث معها.


وبعد حوالي نصف ساعة ولج إلى المنزل فوجده هادئ وراحا ينادي على يونس بصوت جهوري فصمت عندما لم يجد ردا لكنه استمع إلى صوت شهقات آتية من المطبخ

اتجه إليه سريعا فأبصره ما زال مكانه يبكي بصورة هستيرية تمزق نياط القلوب

دنا منه وجذبه إلى صـ دره يعتصره بقوة وهو يغمغم له بكلمات مهدئة ويخبره بأن والدته ما زالت على قيد الحياء وعليه أن يكون قويا من أجل أن تكون سعيدة.


❈-❈-❈



بغضب شديد تلملم أغراضها وهي تتذكر حديثه المهين معها بالأمس لكنها قررت أن تنتقم منه حتى بعد أن تترك ذلك المنزل

ابتسمت بشيطانية فهي علمت غايتها نادت على ابنتها التي كانت تلعب بألعابها.

استجابت لها الطفلة فجلست فوق الفـ راش وأجلستها فوق سـ قها هاتفة بفحيح: اسمعيني كويس يا عشق بابا طردني من هنا كل ده عشان خاطر شمس ورفض انك تيجي عند جده

بابي ما بيحبكيش أبدا يا عشق بابي بيحب شمس بس وفضل شمس على مامي عشان كده أوعي تصدقيهم لما يقولوا لك إن هما بيحبوكي فهماني؟


بكت الطفلة ثم أومأت لها بالموافقة وغمغمت بصوت حزين: يعني هتسيبيني وتمسي يا مامي؟


أومأت لها ناريمان بانتصار وهتفت: هرجع هنا تاني واخدك مش هسيبك أبدا يا حبيبتي خليكي عارفة ان أكتر حد بيحبك في الدنيا هي مامي. مامي وبس.


احتضـ نتها الطفلة وبكت بصوت مرتفع مما جعل ناريمان تضحك

فهي الآن حققت مرادها وضربت عصفورين بحجر واحد.


❈-❈-❈



يجلسون جميعا في ردهة القصر في صمت تام حتى قطعه الحاج رشيدي بصوت غاضب: طبعا انتم عارفين احنا هنا ليه دلوقتي مظبوط؟


أومأ له أدهم

فاستطرد: بما إنك ما طلعتش راجل في كلمتك معايا يبقى ما لكش وعد عندي


وجه حديثه لابنته مخاطبا اياها: قدامك ربع ساعة تلمي حاجاتك وتجيبي بنتك عشان نمشي من هنا.


هتفت فريدة برجاء: يا بابا من فضلك اسمعني.


قاطعها أدهم بجدية: انا اللي هتكلم يا فريدة.


يا حاجة رشيدي انا ما خلفتش وعدي معاك اللي حصل ده خارج عن ارادتي بس مش هقدر أحكيه غير بينك وبيني عشان الموضوع ما يخصنيش لوحدي ده يخص انسانة تانية..


قاطعه يوسف بغضب: احنا مش عايزين نسمع حاجة والمواضيع اللي هتحكيها مش هتغير ولا هتقدم ولا هتأخر في حاجة عشان كده يا ريت بلاش نضيع وقت انا والله ورايا شغل ومش فاضي للكلام ده واختي مش هتفضل طول عمرها مرمطون في عيلة صبري أخوك قبل كده وانت دلوقتي.


هبت السيدة فيروز واقفة تهتف بصراخ: اسمع يا جدع انت ما لكش دعوة بابني انتم ما كنتوش تحلموا ان بنتكم تدخل عيلة زي عيلتنا.


احتد الحاج رشيدي وهب من مكانه هادرا: احنا ما يشرفناش أصلا نكون من ضمن عيلتكم يلا يا فريدة.


تبادلت فريدة النظرات بينها وبين أدهم ثم وجهت لوالدها الحديث باحترام شديد: بابا من فضلك تيجي معايا ثواني.


فتح والدها فاههه ليعترض لكنها أصرت على رأيها مردفة بترجي: عشان خاطري يا بابا.


زفر الحاج رشيدي باستسلام ثم انصاع أخيرا لطلب ابنته.

فتنهد أدهم براحة وكذلك لك فريدة التي دنت من والدها وجذبته برفق من يده متجهة به إلى غرفتها تاركة الأجواء مشتعلة خلفها بين أدهم وباقي عائلتها.


❈-❈-❈



في الرواق المؤدي إلى غرفتها هرعوا جميعا يبحثون عن محمود

أخيرا أبصروه يجلس فوق أحد المقاعد محتـ ضن ابنه وصوت بكائه يملأ الأرجاء.

غضب عارم اجتاح فرحة عندما أبصرته فهرولت باتجاهه تجذب ابنه من بين يديه وتحتـ ضنه بقوة وهي تصرخ في وجهه: عملت ايه في شهد يا مجـ رم انت السبب في اللي حصل لها حسبي الله ونعم الوكيل فيك.


دنا منها شقيقها يخاطبها بغضب: ما فيش داعي للكلام ده يا فرحة احترمي نفسك ووطي صوتك.


رمقته بغضب عارم ثم جلست وهي ما زالت تحتـ ضن ابن شقيقتها

بينما والدتها جلست بجوارها وعينيها تذرف الدموع بغزارة.

  أما عن علي ووالده فكان كلا منهما يسير ذهابا وإيابا ريثما يخرج أحدا ليطمئنهم.


وما هي إلا دقائق معدودة حتى خرج الطبيب وعلى وجهه ترتسم معالم الأسى.

فسأله شقيقها بلهفة: طمنا يا دكتور شهد كويسة مش كده؟


هز الطب رأسه بهدوء مغمغما بنبرة حزينة: حاولنا بكل الطرق اننا ننقز حياتها.

بس للأسف هي أصلا كانت جاية لنا ميتة نزفت كتير جدا والظاهر انها قعدت فترة طويلة قبل ما تيجي لنا عشان كده باقول لكم شدوا حيلكم وادعوا لها بالرحمة آسف جدا بس انا لازم أبلغ لأن دي عملية انتحار.


بتر باقي حديثه عندما أبصر والدتها تسقط وصوت الصراخ يعم المكان.


..يتبع

إلى حين نشر الرواية الجديدة للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة