رواية جديدة للذئاب وجوه أخرى 5 لنورا محمد علي - الفصل 34 - الثلاثاء 31/10/2023
قراءة رواية جديدة للذئاب وجوه أخرى5 كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية للذئاب وجوه أخرى5 رواية جديدة قيد النشر
من قصص وروايات
الكاتبة نورا محمد علي
الفصل الرابع والثلاثون
تم النشر يوم الثلاثاء
31/10/2023
كان يغلق باب المكتب الذي تجلس فيه ويقترب من حيث هي وعينها فيها مزيج من العشق والغضب سند بذراعيه على مكتبها وهو يهمس أمام شفتيها، بصوت ثقيل محمل بمشاعر متضاربة، وهو ينقل عينه بينها وبين الملف ويستعيد كلامها وهي تقول:
_ اسفة يا احمد بيه؛ سبق وما عجبكش شغلي يبقي لازم تفهم ان مش ممكن اتواجد في مكان مش مرغوبة فيه.
_ نعم ياختي هي مين دي اللي مش مرغوب فيها انت امال اللي كان امبارح ده ايه
_دي نقرة ودي نقرة وبعدين ده شغلك انت وانا اصلا مهملة في شركتي سايبة كل حاجة على دماغ رنا، وبعدين بأي حق اخد قرار نيابة عنك.
_ قولي انك زعلانة عشان التنازل
_ ياه يا احمد لسه متعرفنيش
اقترب من شفتيها يأكل اعتراضها، يقبلها بشغف ممزوج بالعشق، ولكن هل ما يفعل الآن رد أم عقاب؟
فصل قبلته وهو يحرك لسانه على شفتيه، وعينه تنظر لها بأمواج من العشق، وهو يقول:
_ اولا انا عارف كويس انت مين ثانيا انا طلبت منك تتنازلي علشاني مش عشانك، كنت عايز احس اني اهم من اي حاجه في الدنيا.
_ انت فعلا اهم من اي حاجه في الدنيا
_ بس تصرفاتك وقتها وخاصة في الوقت الغلط اللي كنا بنمر بيه، انك تلغي قراري من غير ما تفكري تقوليلي، ايه السبب اللي خلاكي عملتي كده، ارفعي سماعتك وقولي في كذا عملت كذا، انت عارفة ان آخر حاجه تهمني الفلوس، عمر اللي بيني وبينك ما كان فلوس ولا شركات اللي بينا عشق ضارب في جذور قلبي متملك روحي أنت ومن بعدك الدنيا.
حركت يدها على شفتيها التي تتكلم وكانها تريد ان تجعله يتوقف، لان قلبها لم يعد يتحمل همساته الدافئة التى تداعب أوتار قلبها لتحولها إلى جمر من العشق، من يراهم يظنهم في سن المراهقة، مما يظهر في أعينهم من شغف من يراه خارج هذه الغرفة لا يصدق انه هو الوحش الذي يستطيع ان يقيم الدنيا ويقعدها وهو جالس مكانه، حركت اصبعها ترسم به حدودي شفتيه التي تعشقها حد الجنون، كأنها إدمانها كل قبله يتبادلونها كانها اول قبلة حصلت بينهما في تلك الغرفه التي أغلق عليهم في يوم خطوبة أختها.
همس بصوت يحمل الدفء في نبراته:
_ امير ما قالك ايه اللي حصل بعد ما طلعتي
_ لا ما قالش حاجة
_تمام، أنا عاوزك تتقري الملف ده تاخذي لي قرار فيه لان دماغي مش مركزه في الشغل عندك مانع
هزت رأسها بالنفي وهي تقرب الملف منها كانت تحرك عينيها على تلك الصفحات، ويده على ذلك اللاب توب الموضوع أمامها، وهي تاتي له بخلاصة، كل شيء عن الصفقة والشركات المنافسة، رغم أنه كان يستطيع أن يفعل ذلك بسهولة، إلا أنه كان يريدها أن تعمل في الشركة، تهتم بها قبل حتى ان تعلم انه قام بتمزيق الأوراق التي تنازلت فيها عن ملكيتها له. وما أن انتهى من قراءة ما وضعته أمامه فابتسم وهو يسأل:
_ ده استثنائي ولا لو احتاجت حاجه ثانية ممكن اسأل ولا هتقوليلي ما فضلش في المكان مش مرغوبة فيه.
_انا كلي ملكك
_ تمام
_ هو ايه اللي تمام؟
_ ده اللي كنت مستني اسمعه منك، اللي كنت عايزه اسمعه من بين شفايفك، انك كلك ملكي زي ما انا كلي ملكك.
ابتسمت له فتحرك ليخرج من الباب، وهو يتركها مبعثرة في مشاعرها التي أججها بهمسات ولمسات مبعثر حساباتها وثباتها النفسي، وهو يقف قرب الباب ويقول:
_انا نسيت اقول لك انا قطعت الورق مجرد انك طلعت من المكتب، لانك ما تعرفيش ان انت لحد دلوقتى بتملكي الشركة، مش بس صاحب الشركه وقلب صاحب الشركة، انت بالنسبة لصاحب الشركه عمره روحه..
كان يتكلم وهو يرجع الى حيث تجلس على ذلك المقعد وهو يجذبها لتقف في محيط ذراعيه يمس شفتيها كهمس ينظر في عينيها بعمق كمن يتزوق ملامحها وانفعالاتها، يحفر معالم العشق على وجهها، وهو يضغط جسدها على جسده وابتسامة ترتسم على شفتيها، وهي تسال:
_ انت بتقول ايه؟ انت عملت كده فعلا؟
_ محتاجة تسالي؟ يا سو هانم انت لازم تكوني متاكدة ان اللي بينا عمره ما كان فلوس، بس انا لو فضلت هنا شويه كمان مضمنش ايه اللي ممكن يحصل.
ضحكت بخفة وهي تدفعه الى الباب وهي تقول:
_ طيب احسن
_ انا بقول كده برده
_بس ده ميمنعش انك هتبدأ الشغل من بكره انا مش هشيل الشيلة لوحدي، بما انك انت اللي بتملكي كل حاجة باسمك يا هانم، تمام
_ اذا كان كده ماشي بس فكرني ابقى اخصم من مرتبك.
_ انت تخصمي براحتك وانا هاخد حق بطريقة ثانية
ضحكت بصوت مرتفع، في الوقت الذي كان يفتح فيه الباب، نظر لها بحاجب مرفوع، وهو يقول:
_ الحساب يجمع
نظر له رحيم باستفسار ولكنه حدجه بغضبه وهو يقول:
_ انت واقف من هنا من امتى؟
_ انا لسه واصل حضرتك
_ خلصت دراسة الملف
هز راسه بموافقة، فتركه وتحرك بخطوات واثقه ابتسامة المرسومة في عينه.
❈-❈-❈
اما رحيم دخل إلى حيث والدته، وهو بسال بعينه دون ان يقوى على أن يهمس بشفتيه، فما الذي يقوله؟ لما أغلقت الباب! وما الذي كان يريده بالتحديد؟ هو يعلم ان الحياة اصبحت دافئا بينهم، يعلم جيدا ان الموضوع بأسره انتهى عندما ذهب إليها حيث كانت في توشكى وختامه كان في تلك القاعة الخاصة بالتدريب حينما صب جام غضبه عليه، نظرت له بابتسامة وهي تترك ما في يدها، وتسأله:
_ بتبص لي كده ليه يا رحيم
_ ابدا يا سو هانم، بس كان في واحدة بتقول مش هشتغل في شركة تاني.
شعرك بالارتباك، كأنه كان معهم وراه الطريقة التي أخضعها به، رأى همسهم ودفئ مشاعرهم في عينيهم، تمالكت نفسها ابتسمت وهي تقول:
_ دي حقيقة بس اعمل ايه لما يجي لغايه هنا كنت عاوزني اقول له لا
_هو انت تعرفي تقولي ليه لا من أصله يا سو هانم هو بس يأمر.
نظرت له بصدمة وهي تقول:
_ انت جاى اهدى النفوس ولا إيه؟ شكلك غيران انت كمان عشان تبقي كملت.
_ لا ابدا انا بس بقول مش بالعادة بترجعي في قراراتك.
_ يمكن يكون كلامك صحيح بس مش مع كل الناس، في ناس قررنا بتنتهي علشانهم، وفي ناس ممكن تقبل منهم اي حاجة، حتى لو بتزعلك..
كانت تتكلم وهو لم يدري لما وجد نفسه بفكر في داليدا، عينه تنظر إلى أمه، وقلبه هناك حيث تلك التي يتجاوز عن أشياء كثيرة قد تفعلها، لا يقبل أن يراها مرتبكة وخائفة والأهم مرتبطة، كلام والده وجدته يدور في رأسه، منذ أمس وشئ بداخله يتحرك، سؤال يغازل قلبه، هل كل ما يشعر به حقيقي؟ أم ما يظنه مجرد راحة نفسية وتعود يعني شيء آخر لم يدركه بعد.
هل يكن لها مشاعر قوية؟ لا يستطيع الآن ان يبوح بها، شروده جعل سهام تركت ما في يدها ونهضت تضع يدها على كتفه، تسأل باستفسار:
_ رحت فين؟ لسه بتفكر فيها؟
_ في مين؟
نظرت له دون ان ترد، فماذا يتوقع ان تجاوب على سؤاله، ابتسم وهو يضمها بين ذراعيه، ويقول:
_ لا يا مامي مش بفكر فيها ولا حاجة، انا الفترة اللي فاتت كلها ما فكرتش فيها، لغاية ما سالت دلوقتي، سؤالك خلاني افكر قد ايه كان ممكن اضيع نفسي والحلم اللي فضلت أرسم فيه سنين عشان نزوة.
_ نزوة!
_ ايوه نزوة واكبر دليل انها نزوة ان انا عايز ابدا حياتي مع حد شبهي، واحدة ينفع أنتمي ليها وتنتمي لي
_ قرار! بتاخده بعقلك، الجواز والارتباط بحد مش قرار يا رحيم، وإلا هيبقى الموضوع عقلاني وانك بترتب لحياة انك تتعايش فيها وتعيشها، مش تسيب نفسك وتدوب مش تتقبل الاخر بكل عيوبه، لمجرد ان في رصيد جوه قلبك كبير، ليه حاجات كتيرة جواك احسيس ودفى وعشق، ممكن يخليك تغفر له لو مر في بالك لمسه همسه مشاعر قوية جارفة اتشارك فيها سوا
نظره لامه بدهشه لم تتكلم معه من قبل في هذا الشيء، لكنها لا تريده ان يخطئ عليه ان لا يفكر بقرار عقلاني، حينما يريد ان يرتبط باحدهن، قد يبقى العمر بأكمله معها وهو يبحث عن من تسكن قلبه بعدها، فتلك المسكينة فقط اكتفت بأن تسكن فراشه.
أدرك فيما تفكر، فابتسم وهو يقول:
_ حضرتك فهمتي غلط، مش للدرجة ان انا اتجوز بس، او من حد ما اعرفوش مش بحس ليه بأي حاجة، مجرد اني اسد خانة..
_ حتى لو ده تفكيرك انا مش هقبل ليها كده!
_ انت بتتكلمي على مين بالضبط؟
نظرت له بحاجب مرفوع، كأنها نسخة بالكربون من والده، وهي تضع يديها في ذلك الجاكيت الذي ترتديه فوق ملابسها، تهمس:
_ايه يا رحيم هو انا لسه هتعرف عليك النهاردة انت ابن قلبي، ابن بطني وأبن روحي، عارف يعني ايه؟ يعني اعرفك من بصة، كونك انك تكون بتفكر ومتردد، انا ما اقبلش ليها كده داليدا تستحق الافضل.
فغر فمه شعر بصدمة وكأنها تيار كهربائي قوي يسير في قلبه وعقله وهو ينظر لأمه التى قرأته كأنه كتاب مفتوح، ازدرد لعابه وهو يقول:
_ مامي هو من امتى الوحش بهت عليك
ضحكت بصوت مرتفع وهي تخرج يدها ضمته إلى قلبها وهي تبتسم له، وتحاول الكلام مرة أخرى، لكنها ابتعدت تشعر بصدمة، وهي تستمع إلى صوت يصدر من الباب المفتوح، وصاحبه يقول:
_ طب اجيب شجرة واتنين لمون
❈-❈-❈
نظرت له بصدمه وهي تقول:
_ خضتني يا أمير
ضحك لخفة وظهرت تلك النجعيد الخفيف بجوار عينيه وهو يقول:
_ لما أخضك انا احسن ما يخضك هو، انت عارفه ممكن ياكلك انت والولد عشان يبرد نار الغيرة اللي جواه، انت عماله تحضني وتطبطبي مش واخده بالك ان في كاميرات، بتنقل من كل حاجة بتحصل على السيستم بتاع شاشة مكتبه.
ضحكه رحيم بصوت مرتفع وهو يقول:
_ انا رايحه اتمرن بدل ما يجي يكسرني
سهام نظرت لابنها الذي كاد ان يتحرك:
_ وانت الصادق هيكسرني انا
ارتفع صوت هاتفها مما جعلها تشعر بالخوف وترددت ان ترد عليه، لكنها مجبرة رفعت الهاتف دون أن تهمس، وهو يقول:
_ كويس انك عارفه اني هكسرك انت خليه ينفع
قاومت ان تضحك بصوت مرتفع، وهي تهز راسها كأنه يراها، هو بالفعل يراها ذلك النظام الذي يجعل كل ما يحدث في القطاع يظهر على شاشة مكتبه، جعلها تبتسم وهي تقول:
_ انت شايف كده
_انا شايف انك تديله فرصه ما توقفش حواجز في طريقه، بدل قرر يبقى اكيد بيحس بحاجة، متبقيش واقفة ضده يا فوزية، ولا قولك زي ما ابوها كان بيقولها في المسرحية كنت سبيه يمسكها يا فوزية
هنا لم تتمالك نفسها وهي تضحك بصوت مرتفع، شعر بغضب يتكاثف في قلبه وهمس:
_ماشي يا فوزية الحساب يجمع ان خليتك تنامي الليل كله مبقاش انا الوحش ولا انت سهام وابقي اضحكي براحتك وعلي صوتك على الاخر وانا هخلي اللي في الفيلا يسمعوا صوتك بس نروح
همهمت دون ان تصدر صوت، اما هو يال
_ سكتي يعني ولا
_اللي تشوفه بس انا امي منورة البيت وانا قررت انام في حضنها زي زمان
هنا ياتي عليه الدور يضحك بصوت مرتفع، وهو يفكر جذريا أن يتخذها من بدعا ليذهب من هنا إلى الفراش مباشرة ، لكنه تمالك نفسه، وهو يحاول إقناعها مرة اخرى بموضوع رحيم وداليدا بينما هي تهز راسها وهمست آخر الأمر
_ طب سيبني افكر
_ لينا بيت اساعدك فيه على التفكير.
بينما هناك في البيت كان آدم يرجع من مدرسته قابلته جدته بابتسامة، اقترب ليضمها وهو يقول:
_ الريحة دي مش بتاعة الشيف، ده شغل فاخر من الآخر.
نظرت له اسماء بابتسامة وهي تقول:
_ ادم انت متأكد انك في مدارس اجنبي
_اه بس اوعي تقولي لمامي، ممكن تملص وداني، ولا احمد بيه دي فيها عقاب حاجة تانية
ابتسمت له وهي تقول:
_لا هقول ولا اعيد تعالى اغرف لك
_ يا ريت يا نانا اصل الناس دي مواعيدها ما تتضمنش بس تاكلي معايا.
هزت رأسها بموافقة، وهي تتحرك إلى المطبخ تسكب الطعام رغم نظرة الاعتراض في عين الخدم فهم يريدون راحتها، وقد.تغضب أم رحيم اذا علمت ام هي ابتسمت لهم وهي تحمل معهم الاطباق..
بعد وقت كانت سميرة:
_ تسأل تامري بحاجة تانية
اسماء: الامر لله يا بنتي..
اما هناك كان أحمد عادل عبد الله، يجلس في ذلك المكتب الخاص بمدير الشركة، وجهه يشبه نجوم هوليود عينه ببريق البحر اللازوردي، بغم صارم نادر الابتسام، و انف شامخ وكانه نسخة من عادل لكن باختلاف بسيط..
كان يعمل على أحد الصفقات الخاصة بشركتهم بينما هو يصب كل تركيزه على ذلك الملف، الموضوع أمام، ودخلت تلك السكرتيرة تتمايل في خطواتها، تبتسم له رغم انه لا ينظر لها في المقام الأول، علها تحظى على ابتسامة مماثلة إلا انه لم يرفع وجهه عن اللاب توب، الذي يعمل عليه
روز وضعت كوب القهوة الخاص به أمامه وهي تقول:
_ حاجة تانية حضرتك
_ خلصت مراجعة الملفات اللي معاكي
_ ايوة حضرتك عشر دقايق وتكون عندك
لم يكلف نفسه عناء الرد وهو يحرك أصابعه على الجهاز الموضوع أمامه
بينما روز تنسحب وهي تقول لنفسها:
_ ياربي جبل لو الصخر ينطق يبقى انت تحس..
احمد: بتقولى حاجة يا روز
شعرت بالارتباك، هل سمع ما قالته؟ هو لم يناديها باسمها من قبل، لكنها التفتت له لتتلاقى عينيها البنية بعينه الفيروزية التي تؤثرها وهي تقول
_ ابدا يا احمد بيه كنت بفكر بصوت عالي..
نظر لها بابتسامة شعرت ان قلبها يهوي بين قدميها، وهي لا تصدق أنها ابتسم في وجهها ولكن ماذا بعد؟ هل هو يسير على خطى والده في ريعان شبابه أم هو ذلك الطفل الذي كان يحفظ القرآن خلفه هو لم يرفع عينه فيها من قبل..
❈-❈-❈
ام هناك كان ذاخر يدخل إلى الشركة، يشعر ببعض التعب ولكن ما ان لاح وجهها في خاطره، جعله يبتسم لم يدري ماذا عليه أن يفعل هل يذهب الى مكتبه؟ كما كان يريد ان يمر عليها! يلقي نظرة عليها، همس لنفسي وهو يتحرك:
_ بأي حجة؟
لكن هل يحتاج لحجة هم يعملون في نفس الشركة، رجع إلى تفكيره تلك النظرة في عيني ادهم، مما جعله يكاد ان يتردد ولكن هناك شيء قوي يجذبه الى حيث هي، لا يدري ماذا عليه أن يفعل، كل ما يفكر فيه الآن أن يلقي نظرة واحدة قبل ان يذهب الى مكتبه..
كان يقف بالباب بينما هي مدمجة في ذلك الرسم، تضع بعض التفاصيل عليه تقف بعيدا لتنظر له بنقد، وليس اعجاب كما يجب!
ذاخر: مفيش مرة ادخل عليك المكتب الاقيك معجبة بشغلك؟
رغم تلك الرجفة التي شعرت بها الا انها ابتسمت، وهي تحاول ان تتمالك نفسها قبل ان تلتفت، لتنظر له، وهي تقول:
_ حاسة ان في حاجة ناقصة.
_ احساسك غلط! انا حاسس انه زي كل حاجة بتعمليها.
_مش فاهمة يا باشمهندس تقصد ايه؟
_ا قصد أن كل حاجه بتعمليها بيرفكت يا دانا.
كان ينطق أسمها كأنه يتذوق حروفه على لسانه وهو ينظر لها بإعجاب وابتسامة عابثة لها أثر على غيرها فهل تنقاد لذلك الإعجاب الذي يروضها ام تبتعد عن التفكير في ذلك الأمر..
ابتسمت له وهي تقول:
_ شكرا على المجاملة، وخاصة لما يكون الرأي ده طالع منك انت، ده شيء افتخر بيه
_ دي مش مجاملة انت فعلا كل اللي بتعمليه برفكت..
ما هو أكمل بينه وبين نفسه، مش بس كل حاجة بتعمليها، انت كل حاجة فيكي بيرفكت مرسومة على الشعرة، شعر زي شلال من الفحم الحيوي عيون زي العسل الصافي شفايف احلى من الكريز، وجسم يفقد الزاهد عقله وورعه ويخليه درويش في محرابك، وخجل يخلي الماجن اللي جواية عاوز يتوب علي شفايفك ويموت بين..
وانا مش زاهد أن عجبتني التجارب وعلمت الليالي، ورغم ان اللي مروا في حياتي كثير بس انت حاجة تانية انت زي مزاق مختلف لارقى انواع الخمور، بس اوقات الخمر بتأثر وتسكر وتسحر فمين فينا يصطاد التاني أنا ولا انت يا دانا
ابتسمت بخجل تحاول أن تواري من جراء نظرته التي تحمل الجراة محملة بالرغبة، هو لازال واقف في المكان، ورغم ان كل تفكيره كان أن يلقي نظرة واحدة، ولكنه ابتسم لها وما إن أدرك انها تقف هي الأخرى تنتظر ان يقول ما في جعبته، او يذهب الا انه سال سؤال لم تتوقعه:
_ معطلك عن حاجة
نظرت له بابتسامة وهي لا تعرف كيف ترد عليه، هو يدرك أنه يعطلها عما تفعله، لكنها لم تستطيع ان تخبره بذلك..
اعفاها من الرد وصول والدها الى المكتب، الخاص بها وكأنه أتى لنجدتها، من ذلك العابث الذي يفكر بطريقته خارجه عن المألوف، عينه تاكل تفاصيلها بابتسامه مغوية، وهي لا تدرك على أي فخ هي مقدمة عليه، وما الذي يسعى اليه بالتحديد؟
أجاب ادهم على السؤال الذي لم ترد عليه دانا وهو يقول بحدة ممزوجة بالغضب وبصوت مرتفع النظرات على غير العادة:
_ انت شايف ايه يا باشمهندس؟ انا مستني التصميم اللي هي شغالة عليه، ومن اللي أنا شايفة انه لسه ما خلصش فده معناه الأكيد انك عطلتها.
نظر له ذاخر بدهشة لم يتخيل ان يراه هنا، فهو يعلم جيدا أن العكس ما يكون صحيح، دانا من تترك مكتبها لتذهب إليه، لما اتى؟ هل علم بوجوده؟ ام شعر بأن هناك شيء يضرب الرعب في اوصله، التفت ذاخر ينظر له لكنه لم يجد ابتسامة كما توقع، وجد غضب واضح المعالم، رفض صريح لقربه من ابنته، نظرة تحذيرية تحمل الكثير، وهو يقول:
_ سبق وقلت ليك ان دانا مش بتشتغل في المشروع بتاعنا، بما اني موجود فاكيد اي امضى هتحتاجها انا اللي هوقع ليك عليها.
هز رأسه دون ان يقوى على الرد، يبدو ان ادهم يريد تحجيم العلاقة بينه وبين ابنته، ومن يلومه هو يعلم جيدا من هو ذاخر؟ ابتسم ذاخر وهو يقول:
_ الموضوع ما كانش يخص الشغل انا بس حبيت ارمي سلام.
_ ترمي السلام في ربع ساعة، سلام طويل أوي على العموم يا ريت ما تعطلهاش، لان لسه قدامها كتير على ما توصل زي ما انت وصلت.
كان يعلم أن كلام ادهم يحمل أكثر من معنى، يعلم جيدا انا كلام ادهم يريد به ان اخبره بطريقة مباشرة انه لا يليق لابنته من الأساس، ليس مرحب به ان يكون قريبا منها على اي حال من الأحوال..
هل يستطيع ان يكمل العمل في هذا الجو؟ الذي يحمل مشاحنات مستترة، اقتربت دانا خطوة وهي تقول:
_مالك يا باشمهندس صوتك عالي كده ليه؟
_ انت شايفه ايه؟
_انا شايفه اني خلصت الشغل تقدر تشوفه وانا مضطرة انزل للموقع
_ انا شايف انك تركزي اليومين دول على دراستك افضل
_مش فاهمه يا بابا
_ ازاي مش فاهمه عندك امتحانات انت عارفه كويس احنا عايزين تقدير امتياز
_ يعني حتى لو جبت امتياز هشتغل معيدة في الجامعة
_ لا بس ده ما يمنعش انك تجيبي امتياز يا باشمهندسة، عشان تعملي الدراسات عليا عشان تبقي الدكتورة المهندسة دانا ادهم البيهي شفتي لسه قدامك كثير ازاي.
كان يتكلم مع ابنته إلا أن الرسالة كانت موجهة الى ذاخر، بمعنى أن ابنته لها طريق مختلف عن تلك العابثات الاتي يحومون حولك، لهذا أخرجها من رأسك حتى لا اضعك ان في راسي فمن اضعه بين خلايا عقلي لا تسعنا الدنيا نحن الاثنين.
ادركت دانا ان والدها يشعر بالغيرة عليها، لهذا هزت راسها وهي تحاول ان تبدد غضبه، إلا أنه لم يترك لها مجال لتقول شيء، تحرك الى مكتبه، وهو يقول:
_ ذاخر لو خلصت االي انت عايز تقوله او السلام اللي عايز توصله، يا ريت تحصلني على المكتب، عندنا حاجات كتير ممكن نناقشها سوا..
هنا تساءل ذاخر هل المرفوض قربه من ابنته بأي حال من الأحوال؟ ام قربه بتلك الطريقة التي يفكر هو بها، ولكنه نظر لها بابتسامة وهو يقول:
_ شكله غيران عليك
لم تقوى على الرد، فابتسم وهو يقول:
_ من حقه اللي عنده ملاك زيك لازم يغير عليها، والدك بيحبك اوي
_ بيحبنا كلنا انا وداليدا ومحمد واحمد
_ ما كنتش اعرف ان انتم أربعة
ارتفع صوت أدهم في مكتبه مما جعله يتحرك، قبل أن يسمع باقي كلامه، لم تستطيع ان تخبره انها واختها توأم متماثل ولكن ربما يعرف بطريقة اخرى..
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة نورا محمد علي لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية