-->

قراءة رواية جديدة أنا ووشمي وتعويذة عشق لهدى زايد - الفصل 6 الخميس 19/10/2023

 

قراءة رواية أنا ووشمي وتعويذة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية أنا ووشمي وتعويذة عشق

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هدى زايد


الفصل السادس

تم النشر بتاريخ

19/10/2023




حاولت " نبيلة" الوصول إلى" شهاب" لكنه لم يرد على اتصالاتها، أرسلت له أكثر من خمسة عشر رسالة نصية و إلكترونية و لم تجد الرد تسرب بداخلها القلق، لا تعرف ماذا تفعل تريد جزء من المال لتُنهي المتبقي من عملها، دار بخلدها الكثير من التساؤلات ظنت أنه تهرب من دفع المستحقات المالية، ثم عدلت عن الفكرة و هي تؤكد أنه ليس هذا النوع من الرجال،  أثناء ما كانت تحاول الإتصال به اتاها صوتٍ غير مألوفٍ بالنسبة لها من الجهة الأخرى،  ترددت في البداية قبل أن ترد و هي تتنحنح قائلة بخفوت 

- مش دا رقم الأستاذ شهاب الشناوي؟  حضرتك والده اهلا و سهلا،  لا ابدًا كنت محتاجاه في شغل، لا الف سلامة عليه،  طب خلاص لما يصحى ابقى اكلمه تاني 


قامت بالضغط على زر القفل و قالت بصوت مختنق 

- و بعدين بقى اهو طلع تعبان اعمل إيه أنا بقى في اللي حصل دا ؟ 


بعد مرور نصف ساعة تقريبا، قامت بالرد على مكالمته و كأنه طوق النجاة،  تنحنحت و قالت بهدوء 

- ازيك أنت عامل إيه،  الف سلامة عليك،  أنا عارفة إني رخمة في طلباتي بس و الله  غصب عني،  يااه واضح إن صوتك تعبان اوي، إيه اجاي لك بيتك ؟ طب ما ينفعش مكان عام، اصل شكلها مش حلو يعني ؟ طب ماشي ممكن تبعت لي العنوان بالتفصيل شكرًا مع السلامة 


❈-❈-❈


لم يكن أمامها حلًا آخر سوى الذهاب إلى بيته تعلم أنه تصرف خطأ و لكن ما بالـيـ ـد حيلة، اقترب موعد زفافها و لم تنهي أي شئ بعد،  قررت أن تذهب الآن قبل حلول الغسق، كانت تنظر في ساعة معصمها بين الفنية و الأخرى،  تريد أن تخبر السائق بالعودة إلى البيت و تنسى الأمر و لكن من سيبتاع لها ما تريد من فساتين و ملابس بيتية تحتاج إليها،  وصلت بعد مرور ساعتين تقريبًا،  كانت تقف أمام أحد البنايات الشاهقة،  ولجت و قلبها ينبض بسرعة شديدة،  ضغطت على زر الطابق الخامس و صعد المصعد إلى الطابق المنشود،  خرجته منه و سارت بهدوء حيث باب شقته انتظرت لمدة دقيقتين،  لـ يفتح والده له 

ابتسمت بتردد و هي  تؤمي برأسه محية إياه قائلة

- اهلا و سهلا اسفة إني ازعجتك 

- لا ابدًا يا بنتي مافيش ازعاج، اتفضلي 


ولجت و قلبها شعر ببعض الراحة، كانت توزع نظراتها في المكان،  انتشلها والده قائلا بعتذار 

- معلش الدنيا مكركبة


تابع ممازحا و قال 

- اصل البيت من اختصاص شهاب و المطبخ 

كمان و الأكل أنا يادوب صحتي على قدي و اعدل عليهزو اكله الوحش بس 

- ربنا يبارك في عمرك 

- الله يخليكِ تعالي يا نبيلة شهاب صاحي 


ولج والده و خلفه هي، ما إن وقف على اعتاب غرفته وجد ابنه يتهوى ليسقط مغشيًا عليه 

هرول والده و " نبيلة"  و القلق و يسود المكان حاولت مساعدته و إفاقته،  هرولت تجاه الركن المخصص للعطور،  جذبت واحدة 

و قامت بوضع القليل منها ثم انتظرت لدقيقة كاملة عاد لوعيه و تحامل على نفسه لـ ينهض من على الأرض،  سار بهدوء شديد كأنه عجوز لا يستطيع الحراك،   مدد جـ ـسده و جذبت الدثار عليه، بينما قال له و الده 

- ليه قمت بس يا شهاب لما أنت لسه تعبان ؟ 


رد " شهاب بتعبٍ و اجهاد 

- كنت عاوز افوق نفسي حسيت نفسي كويس 

بعدها الدنيا لفت بيا 

- ماهو عشان مانع الأكل  دلوقت ميرنا ولا شاهندة يجيوا و اخليهم يعملوا لك لقمة حلوة 


ردت " نبيلة "بإ بتسامة بشوشة و قالت 

- أنا ممكن اعمل له 

- مش عاوز اتعبك معايا يا بنتي معقول أول مرة تتدخلي فيها البيت تدخلي المطبخ 

- مافيش تعب و لا حاجة أنا هاعمله حاجة خفيفة 


بعد مرور نصف ساعة عادت و بين يـ ـدها الطعام الساخن،  وضعته على حافة الفراش،  ثم طلبت من والده أن يوقظه،  كاد أن يوقظه لكنه ذهب لفتح باب الشقة،  طلب منها أن تنتظر حتى ينتهي والده من الكمادات ثم يوقظه ليتناول طعامه،  ظلت ناظرة له في صمتٍ حتى فتح عيناه و قال بخفوت و صوتٍ بالكاد  يسمع لكنها ترى حركة شفتاه و هو يخبرها قائلا :

- خليكِ معايا أنا بحبك، أنا ماصدقت لقيتك أوعي تبعدي عني



لم تتعجب " نبيلة" من حديثه بسبب الحمى التي يعاني منها، على ما يبدو أنه مُصاب بـ عشق إحداهن، وقفت بهدوء عن المقعد ما إن ولجت " ميرنا" مساعدة " شهاب " الخاصة، جلست جواره و فحصته جيدًا ثم ر فعت بصرها لها متسائلة بـ لهفة و قالت 

- يا خبر دي حرارته عالية اوي ؟ 


ردت " نبيلة " بهدوئها المعتاد و قالت 

- مش عالية اوي و لا حاجة 


ردت " ميرنا" بـ إصرار  جاذبة يد الأخيرة

قائلة 

-  لأ حطي ايـ ـدك كدا و أنتِ تتأكدي من كلامي 


ترددت في وضع يـ ـدها على جبهته، ثم نزلت تلقائيًا على وجنته لـ تتحـ ـسس حرارته، ابتسمت ثم قالت بصوتها الهادئ 

- حرارته عاليه شوية بس مش مقلقة إن شاء الله  بصي استمري على الكمادات و الدوا و بإذن الله ها يكون بخير للأسف مضطرة امشي عشان اتأخرت 

- أنا آسفة بس أنا مش عارفاكي أنتِ مين ؟! 

- أنا نبيلة 

- اه أنتِ المصممة الجديدة صح ؟ شهاب بيكلمني عنك على طول أنا ميرنا المساعدة و دراعه اليمين تقدري تقولي عني بير أسراره 


ابتسمت " نبيلة " إبتسامة بشوشة ثم قالت بـ اعتذار 

- اتشرفت بمعرفتك يا أستاذة ميرنا 

- بلاش استاذة دي قولي لي ميري على طول و لا مش عاوزة نبقى صحاب ؟ 

- لأ ازاي يشرفني طبعًا 


❈-❈-❈



غادرت " نبيلة " المكان و قبل أن تتركه نظرت إليه نظرة أخيرة، القت السلام علي والده الذي انهمك في المطبخ و لكنه استوقفها  قائلًا 

- استني يا نبيلة يا بنتي  عاوزك 


توقف " نبيلة " تنظر حولها بنظرات اعجاب و انبهار، كانت شقته على الطراز الأمريكي، على ما يبدو أن هذه الشقة قديمة رغم أثاثها العصري إلا إنها تحتفظ بـ الجزء القديم من ذكر ياتها،  أتى والد شهاب و معه ظرف صغير دُون عليه اسمها،  وضعه بين يـ ـدها و قال بجدية :

- معلش يا بنتي هو كان جاهز من بدري بس زي ما شفتِ كدا بنفسك شهاب و اللي حصله 

و على فكرة هو كان هو يشوفك امبارح بس للأ سف تعب بقى و ما قدرش ينزل  

- معلش حصل خير  الف سلامة عليه مرة  تانية 

- الله يسلمك يا بنتي و تسلم ايـ ـدك على اللي عملتي معانا 

- العفو دي حاجة بسيطة 


كان يسير خلفها حتى وصلت إلى باب المصعد،  ضغط على زر المصعد و هو يخبرها بـ امتنانه للمرة المئة بعد الالف، و أخيرًا غادرت المنزل و بين يدها مبلغ مادي يُنهي أزمتها على خير،  لم تعود إلى منزلها إلا في ساعات الليل الاخيرة تقريبًا بعد أن ابتاعت كل ما يلزمها،  لم تسألها والدتها عن سبب تأخرها بل سألتها إن تبقى معها مبلغ مادي أم لا،  رفضت " نبيلة " أن تخبرها أن المبلغ الذي حصلت عليه أكثر من المتفق عليه بكثير، ولجت غرفتها و نظمت كل شئ،  و في النهاية جلست على حافة الفراش تقرأ خطابه  الذي كتبه لها قرأته بعيناها 

( أنا آسف إني اتأخرت عليكي ، ها تيجي و ها تشوفي بنفسك قد إيه أنا تعبان و مش قادر اتنفس ازاي، معاكي المبلغ اللي اتفقنا عليه و كمان هدية جوازك مبروك مقدمًا،  أنا قررت إني تأ جيل معاد العرض،  عشان ظروفك و كمان تعبي اشتغلي براحتك بس مش براحتك اوي يعني ) 


طوت الخطاب و بسطت يـ ـدها لـ السماء ثم قالت بسعادة دعوة نابعة من قلبها 

- روح ربنا يبارك لك في عمرك و يفرح قلبك و يسعدك و يقدرني و اسعدك  بالحاجات اللي هعملها زي ما اسعدتني و يجعلني دايما سبب سعادتك يا شهاب يا بن حوا و آدم  


❈-❈-❈


مددت جــ ـسدها بعد تعب يومًا طويل و شاق مر عليها، و أخيرًا مر بكل هدوء، كم تمنت أن الباقي من حياتها يمر مرور الكرام .


قبل زفاف " نبيلة"  و تحديدًا  يوم عقد القران 


تجمعت العائلتين مع مجموعة صغيرة من الأصدقاء و الجيران،  و مجموعة من أصدقاء العمل،  كما حضر " شهاب و والده"  عقد القران بدعوة من " عبد الكريم "  كما طلب من والد شهاب أن يكون أحد الشهود فـ رحب بالفعل،  جلس جوار ( المأذون)  و قدم له البطاقة نظر له و قال بعتذار 

- للأسف يا استاذ بهجت دي منتهية مش هتنفع 

- طب و العمل  يا مولانا ؟ 

- ياريت يكون في شاهد تاني 

- طب أذنك يعني يا عبده شهاب يكون شاهد مكاني


نظر " عبد الكريم " لـ والد شهاب و نظر لـ شهاب ثم عاد ببصره إلى ذاك  الأخير و قال بإبتسامة خفيفة 

- اللي تشوفه يا بهجت با شا دا يشرفني طبعًا 


تم الإنتهاء من عقد القران و بارك الجميع لهما،  ثم وقف " شهاب  و والده" لـ مغادرتهم و لكن طلب " بهجت " أن يصافح العروس و يبارك لها نفذ " عبد الكريم"  و قال باسمًا 

- حاضر ثواني و تكون عند حضرتك 


بعد مرور عدة دقائق 


ولجت "نبيلة" و هي تتأبط ذراع  ز و جها،  خطفت الأنظار بجمالها،  كانت إبتسامتها لا تفارق شفتاها،  من يرأها يظن أنها عروس حقا و السعادة تغمرها، لكن بداخلها حزنٍ عميق لا تعرف سببه،  صافحاتهم ثم شكرتهم و قبل أن تغادر برفقة ز و جها خرج " عبد الكريم " ليرد على هاتفه،  أما هي قالت بإبتسامة خفيفة 

- حمد لله على سلامتك و آسفة إني معزمتكش أنت عارف السبب أكيد 


رد " شهاب " بذات الإبتسامة و قال 

- ما فيش داعي للإعتذار أنا فاهم طبعًا و مقدر دا الف مبروك و ربنا يسعدك و يوفقك في حياتك 

- زي القمر يا نبيلة يا بنتي 

- تسلم لي يا بهجت باشا 

- إيه بهجت باشا دي قولي لي يا عمي و لا أنا مش قد المقام ؟ 

- العفو ازاي حضرتك تقول كدا دا يشرفني و يسعدني طبعًا 


استغل " شهاب" غياب " عبد الكريم " و دس يـ ـده في جيبه ليخرج هديته و قال بإبتسامة ودودة 

- عارف إنك هاتتريقي على شغلي بالنسبة لشغلك الاحترافي بس هي حاجة عملتها عشانك و يارب تعجبك  


قامت " نبيلة "  بفتح العلبة فرغ فاها من فرط جمالها، نظرت له ثم عادت ببصرها له و قالت بإنبهار .

- دي تحفة اوي بجد،  أنت بتقول على نفسك مش محترف طب ازاي عاوزني اصدقك 


نظرت له و قالت بفضول 

- ليه مبتنزلش تصميماك دي. ؟ 


ولج " عبد الكريم " و شكرهُ على هديته لز و جته التي فضلت أن يعرف بها حتى لا تشعر بالخيانة،  تفاجئ شهاب و والده بهذا التصرف، ظنوا أنها سوف تكذب عليه أو تخبئ هدية " شهاب"  لكنها فعلت عكس ذلك،  غادر المكان و انتهت مراسم الحفل الصغيرة التي تم إعدادها بشكل بسيط و في اضيق الحدود غادر العريس على وعد بـ لقاءٍ آخر في مساء الغد عند مركز التجميل لاصطحابها لبيت الز و جية . 


في منزل " عبد الكريم " 


جلس اخواته يتحدثون عن الحفل الذي قامت والدتهما بإعداده على اكمل وجه و مازال للحديث باقية،  كان " حمدي" ينفث سحابة دخان كثيفة و هو ينظر لأخيه و قال بنبرة مغتاظة قائلا

- وأنا اقل لها فين ياما ال300 جنية اللي عبده سابهم معاكِ قبل ما يمشي قالت لي ماسابش معايا حاجة و بعدها لاقتها راحت جابت الأكل والفرش و ما خلتش حاجة مجبتهاش أمك دي مش ها تورد على جنة 

- و لا على نا ر و حياتك 


ولجت والدتهما و هي تقطع عليهم وصلة السُباب و الغضب يسيطر عليها لكنها فضلت أن تمرر هذا الموقف تجنبا لاي حدث يعكر صفو أيامها السعيدة

- و لما أنا مش ها أورد لا على جنة و لا نا ر بتمد لي ايدك ليه كل شهر و تاخد مني و هي مراتك هي اللي ها تورد على 

و حياتك يا ياما و لا أنتِ و لا هي


لم تستطع والدته كتم غيظها الشديد، مالت بجذعها و التقطت حذائها ثم قامت بضربه في مناطق متفرقة من جـ ـسده، و هي تقول بنبرة مغتاظة 

- العيب عليا أنا عشان معرفتش اربي واحد قليل رباية زيك أنت و اخوك، بس معلش دلوقت فاضية عشان اربي  من اول و جديد 


ظلت هذه المشاجرة ما يقارب الساعة و النصف من الضرب و الفرار من بين براثنها،  كانت الأحفاد ترى جدتهما تهاجهم آبائهم، و هم لا يعرفون من الجاني أو المجني عليه،  لكن لم يكن جديدًا عليهم هذه المشكلات و المشاجرات العائلية،  كل مرة يدافع " عبد الكريم" و لكن اليوم هو في عالم آخر و لا يريد أحدًا يعكر صفو حياته،  لم يستمع لـ هذه المشاجرة و لا أي شئ من الأساس،  سوى صوت حبيبته و هي تخبره بأن اليوم أسعد أيامها، رغم أنها تخبره بـ هذا دائمًا إلا أنه يشعر بجفاء بين كلماتها،  ظل يخبرها بأنها الاولى و الأخيرة  و لم و لن و لا يعشق انثى غيرها،   طلبت منه أن تتزين بهدية " شهاب" في حفل زفافها استشعرت الغيرة في نبرته فـ قررت أن   تزيل هذا الحرج  و تلغي الفكرة و لكنها تفاجئت به يوافق  و يرحب بها،  تعلم أنه يفعل ما يستطيع فعله لـ يسعدها،  و هي تحفظ له هذا الجميل، طلبت منه أن تغلق لـ ترتاح قليلًا قبل ذهابها إلى مركز التجميل .



❈-❈-❈


في مساء اليوم التالي 


كانت واقفة تنظر لصورتها المنعكسة في المرآة 

عروس غاية في الروعة و الجمال،  لم تكن تعلم أنها ستكون عروس تخفط الأنظار،  ما زاد جمالها جمالًا هذا العقد الذي يحاوط رقبـ ـتها بحنانٍ بـ ملمسه الناعم،  هبطت سلاالم الدرج وسط الزغاريد و التصفيق الحار من الموجودين،  مع كل خطوة  تخطوها،  تراجع نفسها الف مرة،  هل هي على صواب أم خطأ، هل الز و اج عن حب أفضل من الحب بعد الزواج،  الوضع كله  يُثير الدهشة بالنسبة لها،  الآن فقط تُعيد حساباتها، و لماذا الآن هل لأنها قاربت على اتمم علاقتها بها للأبد،  لو عاد بها الزمن لما كانت فعلت هذا بنفسها و لو أجبرها العالم أجمع،  ما الذي يقبض قلبها هكذا ؟! 

هل والدها السبب أم هي التي فعلت هذا بنفسها ؟!  عن أي سبب تتحدث ؟ عن رجل لم يفعل لها سوى الخير و لم ترى منه إلا كل خير 

بُترت حديثها مع نفسها ما إن و صلت إليه،  ربتت على كتفه و الإبتسامة تزين ثغرها،  استدار لها و بين يده باقة من الورود،  تناول يدها بين كفيه، ثم لثم باطن كفها و هو يقول بصوته المتلعثم و الذي ازداد من تلعثمه بسبب فرحته مما جعلها تبكِ بداخلها،  و ظاهرها يبتسم و كأنها بلهاء أو مجذوبة.

- مبروك يا أحلى عروسة في الدنيا 


تأبطت ذراعه و غادرت المكان دون أن تعقب على حديثه بكلمة واحدة،  استقلت السيارة المخصصة لهما،  نظرت من النافذة تاركة لـ عيناها دموعها العنان،  و تحججت بأن السبب في ذلك هو المساحيق التي وضعتها خبيرة التجميل لها .

على ما يبدو أنها ستضطر لإختلاق الأكاذيب دوما  لـ تخرج من المأزق الذي اوقعت نفسها فيه،  أما هو أجبر عقله بأن يأخذ قسطًا من الراحة اليوم هو بحاجة بأن يشعر بـ السعادة فقط،  وصلا أخيرًا القاعة التي سوف يقام فيها حفل الزفاف،  وقفت تنظر في أعين المدعوين وجدت والديها مثلهم كـ مثل الأغراب،  لا تعرف إن كانت تتقدم بالشُكر لهم أن تأخذ منهم موقفًا و تقطع علاقتها بهما بعد إجبارها على الز و اج منه،  ما الذي حدث لها لماذا لا ترحم قلبها و عقلها اليوم، ما الذي حدث لها لماذا تفكر أكثر من اللازم في هذا الأمر و من المفترض أنه انتهى مُنذ بدايته من الأساس،  رُبما لأنها كانت تُشغل نفسها في عملها،  أو كانت تقنع نفسها بأن قلبها سيخضع له في النهاية،  جلست في المكان المخصص لهما  وضعت باقة الزهور بينهما و هي تعود بخصلة متمردة و اعادتها خلف أذنها،  رغم أنها محجبة إلا إنها قررت أن تفعل مثل  فتيات جيلها،   رغم إعتراض إلا إنها سيطرت بـ اسلوبها عليه،  مسيطرة تعلم هذا جيدًا لكنها تبرر أن هذا أبسط حقوقها كـ تعويض لها عن حقها في إبدء الرأي .


وقفت عن الأريكة و تأبطت ذراعه لتبدأ رقصتها الأولى معه،  حاوط خصرها و هي رقبته اقتربت منه نظرًا لضمته القوية له، و كأن يريد أن يؤكد لـ قلبه أن الماثلة أمامها و بين احضانه هي ذاتها التي كانت يُشبع عيناه منها و هي شاردة حزينة أو سعيدة  وقع في عشقها بكل الحالات . أما هي نظرت لـ شهاب الذي ولج من باب القاعة برفقة والده،  ابتسمت لهما و بشكل تلقائي لوح لها " والد شهاب"   انتهت الرقصة و عاد كلا هما إلى المكان المخصص و ما هي إلا ثوانٍ و وقف يصافحها و بارك لهما، وقعت عيناها على العقد الذي صممه خصيصًا لها مُنذ أكثر من ثلاثة أيام، عكف على إنهائه حتى يستطع اهدائه لها في يوم عقد قرانها،  و كان هذا السبب الأول في تعبه،  ابتسم لها و غادر المكان، جلس على المقعد و نظر في شاشة العرض الكبيرة التي تظهر صورتها بشكلٍ دائم،  ما الذي حدث لماذا قام بتأجيل كل أعماله اليوم ؟ لماذا اعتذر عن السفر و ما الذي حدث له ؟ الوضع لا يطمئن بالمرة بالنسبة له، تحجج بالذهاب مع والده لقضاء بعض الوقت في جو جديد عليه،  و بداخله هو يكره الأعراس بوجه خاص و المناسبات التي تجعله يحتك مع الآخرين بوجه عام،  أتى موعد تقطيع قالب الحلوى،  طلب النادل منها أن تفعل ما تفعله الفتيات و يلتقط العريس قـ ـبلة خلسة لكنها رفضت،  لا يعرف لماذا ابتسم على رفضها لكنه شعر بضيق ما إن وجد زوجها يحاوط جـ ـسدها ليطبع قبـ ـلته على خدها،  لـ يتفاجئ بها ترفع يدها على شفتاه  تمنعه و هي تقول بنبرة حادة قرأها جيدًا على ملامح وجهها و هي تقول بضيق 

- قلت لأ افهم بقى  يا أخي ! 


بلع " عبد الكريم "  لعابه و هو ينظر بخجل لـ النادل لكنه نظر لها و قال بتلعثم محاولًا إخفاء فعلتها المحرجة تلك : 

- معلش عندي دي


ارخت جفنيها و هي تزفر بقوةً شديد محاولة لملمت الموقف و تحسين صورته أمام النادل،  عادت الإبتسامة على وجهها و قالت لـ النادل بجدية مصطنعة

- هاخد دي و بس ها 


نظر لها و كاد أن ينهي هذه الفقرة لكنها طلبت منه أن يُكمل حتى النهاية،  لا يشعر بسعادة ما تفعله لأجله و لكن يحاول التصنع ليمرر الموقف، تعكر صفو اليوم و كسرت خاطره دون قصد، هي تلتـ ـمس العذر لنفسها و تريد أن يكون على قدر عال من الفهم بشعورها، لم تكن تعلم أن الوضع الذي تشعر به لا يختلف تمامًا عن وضعها، رغم تخطيطاته،  لهذا اليوم لكنها دمرته له دون قصد هو يشعر بها و يلتـ ـمس لها الف عذرًا و ليس عذرًا واحد،  و لكن آخر توقعاته أن تفعل ما فعلته الآن،  انتهت الفقرة على خير و تلك الإبتسامة لا تفارق شفتاه رغم حزنه الدفين،  كانت ترقص معه و عقلها بعالمٍ آخر عالم هو لا وجود له فيه،  تريد أن تصرخ بوجوه الجميع، كيف لها أن تسلم له نفسها و هي تشعر بالرعب منه، لا تعرف إن كان هذا الوضع تشعر به جميع الفتيات أم هي فقط.


غادر " شهاب"  قبل أن يصاب بالجنون من هذا الحفل،  الوضع أصبح لا يُطاق كيف يشعر بالضيق منه و لماذا يشعر بالضيق من الأساس،   قابله صديقه 

" بدران" على باب القاعة استوقفه و هو يقول بنبرته الساخرة 

- إيه يا عم مالك شايفني و عامل نفسك مش ايف يعني خير ؟! 



صافحه و قال بعتذار

-معلش يا بدران مأخدتش بالي  أنت إيه اخبارك 

- أنا زي الفل الحمد لله رايح فين دا لسه الفرح في أوله ! 


رد شهاب و قال بضيق 

- معلش يا بدران أصلي تعبان شوية و أنت عارف مليش في دوشة الأفراح 



سحبه "بدران"   و قال بمرح

-تعال بس تعال يمكن تغير و تعمل زيهم قريب 



ما أن ولج القاعة وقعت عيناه على العروس عاد ببصره  لـ شهاب و قال بتساؤل: 

-مش دي هي نفسها البنت اللي شفتها خارجة من باب شقتك يوم تعبك ؟! 


لم يرد عليه شهاب بل شاح بيـ ـده و قال بضيق قبل أن يغادر 

- أنا في إيه و لا إيه يا بدران أنت كمان أنا سايب لك المكان و همشي 

- شهاب استنى يا شهاب مالك اتعصبت ليه ؟! 


وقف حائرًا بين أن يبقى في حفل الزفاف أو يغادر كـ صديقه لم يقف حائرًا كيثرًا بل زادت حيرته عندما اكثر  لم يكن " شهاب " الوحيد الذي غادر المكان، بل العروسان أيضًا كانوا ثاني من غادر القاعة بعد رحيل " شهاب" بالطبع،  قرر " عبد الكريم " أن يضع النقاط على الأحرف قبل البدء في صفحة جديدة معها،  لم تمكوث عائلة " نبيلة"

أكثر من حاولي نصف ساعة في شقة ابنتهما بعد محاولة " دعاء" المستميتة في ضبط وجه  أختها و تهدأتها، توسلتها بأن تأخذها معها إلى بيتها أو بيت أبيها و لا تبقى هنا دقيقة واحدة 

لكنها ضمتها لحضنها و هدأت من روعها ثم أخبرتها بأن القادم أفضل بفضل الله و أن ز و جها خيرة رجال بلدها كما يُقال دائمًا لها،  هي تريد أن تعشق هل هذا كثيرًا عليها أيصعب عليها في هذا الزمان أن تُحب و تجد من يبادلها ذات الحُب، جلست في غرفة نومها

أكثر من ساعة و نصف، أما هو كان جالسًا في ردهة الشقة، انتهى لفافة تبغ تلو الأخرى، حتى نفذت علبته بالكامل، الوضع يزداد صعوبة، و هو من يفعل ذلك يتركها تأخذ راحتها،  نظر في ساعة معصمه وجدها الثانية بعد منتصف الليل،  وقف عن الأريكة و اتجه حيث غرفة نومها،  طرقها بهدوء وظل واقفًا على اعتابها، أما هي انتفضت و حاولت أن تخفي هذا خلف إبتسامة التي عجزت في رسمها هذه المرة مع الأسف، تولى هو رسم الإبتسامة و هو يقول بخفوت محاولًا التكلم بنبرة طبيعية خالية من التلعثم و لكنه فشل كـ محاولته السابقة 

- عارف إنك زعلانة على اختيارك بس أنا مش عارف أنتِ عملتي كدا ليه، كنت دايمًا حاسس إنك مغصوبة عليا بس النهاردا اتأكدت، ليه عملتي في نفسك و فيا كدا ؟ 


 يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هدى زايد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة