رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - 25 - 5 - الثلاثاء 21/11/2023
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الخامس والعشرون
5
تم النشر يوم الثلاثاء
21/11/2023
وصلت شيماء إلى مدخل البناية القاطنة بها بعد عودتها من الجامعه بوقت متأخر، فالامتحانات على الأبواب لذلك تاخرت بالعوده، أكملت صعودها على الدرج وهي تتنفس الصعداء بارهاق لكنها شهقت مذعورة حينما شعرت بأحد يقوم بسحبها في زوايا السلم! تجمدت في مكانها محاولة تبين هوية ذلك الشخص فلم تتمكن من رؤيته بوضوح فرأت فقط طيف مظلم .
تحركت بشكل عشوائي لتفر هاربه معتقده ربما لص! وعندما دققت النظر فيه ظهر شاب بمنتصف العشرينات وهو يتحرك أمامها غير متزن، ويترنح بجسده بصورة مقلقة و يسد عليها الطريق للمرور، تنحنحت بقلق قائلة بنبرة حرجة وهي مخفضة لنظراتها
= أنت مين وسع من قدامي واقف كده ليه؟
اقترب الشاب نحوها ورمقها بنظرات غير مريحة ارعبتها، ثم أردف قائلاً بصوت ثقيل
= الله، انتٍ كمان ما تعرفنيش ولا انا بصراحه طب ما نيجي نتعرف يا مـزة !
خفق قلبها بخوف، انتاب جسدها قشعريرة ما من طريقته المريبة، وتراجعت خطوة للخلف مرددة بصوت غاضب لكنه مرتعش
= بقول لك ايه ابعد من قدامي بدل ما اصوت والم عليك الناس، و انت شكلك كده مش مظبوط ومبلبع حاجه وواقف مش على بعضك كده.. اوعي يا جدع انت .
لم يبتعد بل اقترب أكثر بخطى بطيئة بعدم خوف قائلاً بعبث
= طب ما تصوتي فاكراني هخاف، و أهو بالمره يمسكونا في وضع مخل.. و يكسبوا فيا ثواب ويجوزونا لبعض زيي بنت الأستاذ عابد كده
اتسعت عيناها بذهول، فها هي نتيجه صمت الفتيات أمثالها على هؤلاء، وضعت يدها على فمها مصدومة من عبارته الجريئة فقد فهمت مقصده القذر خاصة أن نظراته كانت توحي بالكثير، فهتفت فيه بصوت متشنج وهي تهدده بيدها
= اخرس يا زباله يا قليل الأدب، هي كلمه ومش هقولها تاني اوعي من قدامي بدل ما اصوت والم عليك الناس .
تنهد الشاب مقتربا بخطوات أخطر، وقال بنبرة ساخراً رامقاً جسدها بنظرات شهوانية
= ما انا قلت لك اللي فيها صوتي عشان يحصل المراد، ده أنا هعجبك أوي !
حدجته بتوجس وتيقنت شيماء أن ذلك الشاب تحت تأثير مخدر ما، فهو ليس في وعيه وتصرفاته مريبة للغاية ولا تعرف ماذا تفعل بذلك الوضع الآن معه بمفردها، حدجته بنظرات إحتقارية وتراجعت مبتعدة أكثر وهي تضرب كتفه بكل قوتها لتفر راكضه لكن فتح الشاب ذراعيه ليلتقطها وبدا يتهجم عليها وهنا لم تجد شيء تستخدمه للدفاع عنها غير صوتها، وبدأت صرختها تتعالى مستغيثة بهلع كبير ....
كمم فمها بقبضته محاولاً منعها من الصراخ ولفت الأنظـار إليه، فقد أراد أن يتعدي عليها الحقير رغماً عنها قبل أن يُكشف أمره... وأثناء مقاومتها له مزق جزءًا من ثيابها اتسعت حدقتي شيماء بفزع كبير حينما أدركت حجم الخطر الوشيك المحاوط بها. لكن هو استمتع أكثر بما يفعله، لكن قد حدث ما يخشاه.
في نفس اللحظة انتبه بعض الناس لصوت صراخ شيماء الحاد، ليتجه نحو البنايه وكانت الصدمه! تفاجئت والده ذلك الشاب بذلك المشهد المخزي. وشهقت مفزوعة لاطمة على صدرها ، ومرددة بصدمة
= يا نصيبتي، بتعمل ايه يخرب بيتك !
نظرت سيده أخري قائلة بإشمئزاز بارز على محياها
= يا لهوي ومين اللي معاه دي؟؟ دي شيماء بنت سميحه و أخت الأستاذ أسر .
وقد وصلت الأصوات الى الاعلى ايضا، هبط أسر عن الدرج وهو في أوج قمـة غضبه مستمعاً لصوت شقيقته الهادر، وسريعاً ما اتسعت مقلتاه بصدمة كبيرة حينما رأى أخته محاصرة بين ذلك الشاب و أهل المنطقه يحاولون ابعاده عنها فهو ما زال تحت تاثير المخدر غير مهتم بالفضيحه والناس.. ضاقت نظراته على ذلك الحقير الذي حاول فجاه الهروب وهو يدنو من الجميع، لكن ركض نحوه ليحدجه بنظرات مميتة قبل أن يمسك به من تلابيبه وبدأ يضربه بعنف..
انقض عليه وأفرغ فيه شحنة غضبه الفائرة بلا أي رحمة، كلما تذكر منظر شقيقته وهو يحاول الاعتداء عليها، كلل له في وجهه اللكمات القوية الموجعة وسدد الضربات العنيفة في كل جزء من جسده الذي تهاوى في لحظات على الأرضية الصلبة.
صرخت الأم بشهقة كبيرة وهي تستنجد بهلع
= يا لهوي الواد هيموت حد يلحقوا، ارحمه يا أسر أبوس إيدك عيل وغلط وانا محقوقه لك
ركضوا إليه الناس بالفعل ونزعوا يد أسر عن ذلك الشاب بصعوبة، واحدهم هتف بحده مكتوم
= خالص يا أسر الواد هيموت في ايدك بجد، انت كده بتودي نفسك في داهيه .
أردف رجل آخر قائلا بلهجة يأس
= يا ابني خلاص سيبه، ده كلب ولا يسوى خساره تضيع نفسك عشانه.. هنعمل اللي يرضيك بس الامور مش بتتحل كده
تركه أخيرا بصعوبه بينما على الجانب الأخر بكت شيماء بقهر حينما رأت أمامها أخيها كاد أن يضيع مستقبله ويقتل ذلك الشاب، فلم تكن تتخيل نفسها أبداً في موقف مهين كهذا ..
في الاعلي كانت سميحه والدتها تتابع الموقف بقلب منقبض وهي تلطم علي صدرها بهلع، وارتفع حاجباها بخوف هاتفه بتوجس
= استر يا رب من اللي جاي ، احنا هنلاحق على ايه ولا ايه، يا رب ده احنا غلابه.......
تحولت عيناه أسر بحمرة شديدة وهو يقول بانفعال قوي
= وهو في حل للمصيبه اللي عملها إبن الـ** والله لاقتلك يا كلب، وهضيع مستقبلك و هسجنك وهوديك في 60 داهيه عشان تحرم تعمل كده تاني .
انتفضت الأم على كلماته الأخيرة الهادره قائلة بتلعثم
= لا سجن و بوليس ايه، صلي على النبي كده يا استاذ أسر اكيد في حل هيرضينا كلنا من غير ما ندخل الحكومه في الموضوع .
ثم أكملت الأم بتوتر وهي تلمح بحديثها السام بنبرة تحدي
= وبعدين ما تنساش الفضيحه زي ما هتطول ابني هتطول اختك برده، انا بتكلم لمصلحتك وعاوزه احل! وانت أدري واحد بالكلام ده لما خطيبتك الاولانيه حاولت ترفع قضيه وفي الاخر اتنزلت عنها واتجوزت اللي عمل كده .
شعر أسر بوخـز كبير في صدره حينما فهم مقصدها، وبلا تفكير صــاح بعنف شديد
= انتٍ قصدك ايه يا وليه يا خرفانه انتٍ، عاوزه توصلي لايه من كلامك ده .. اسيب ابنك بعد عملته في اختي .
أدركت الأم أنها وقعت في مأزق كبير حينما حاول أبنها الاعتداء على تلك الفتاه والجميع أصبح شاهد علي ذلك أيضا، فلم تجد ما تبرر به موقفها غير ان تنقذ ابنها من تلك المصيبه مهما كلفها الأمر، لذلك قالت بجدية
= انا ما قلتش كده، ابني غلط وانا معترفه بس انت لو مشيتها حكومه انت بعد كده اللي هتندم لما الناس مش هترحم اختك وهتقعد تجيب في سيرتها في الراحه وفي الجايه.. الحل ان احنا نلم الموضوع وابني يكتب على اختك.. زي ما الاستاذ عابد عمل مع فريده .
شهقت شيماء بصراخ مكتوم عندما سمعت حديث الام، ولم تختلف الصدمه كثيراً عن أسر ووالدته، وفي ذلك الأثناء اقترب احدى الرجال الكبار سنا قائلاً بنصيحه
= انا من رايي ان انت تعمل كده احسن ونلم الليليه دي على كده، والموضوع حصل قبل كده يا أبني الفضيحه والناس مش بترحم.. لم سمعت اختك بايدك وجوزها للولد ده بدل الفضيحه وكلام الناس .
أسرعت تقول شيماء لهم بصوت مختنق مقهور ومتقطع ناظرة نحوه أخيها بنظرات مشوشة مستعطفة إياه أن لا يفعل بها ذلك
= أنا معملتش حاجة! حرام عليكم انتم بتقولوا ايه عاوزين تضيعوا مستقبلي وتجوزوني لوحده زي ده.. أنا .. كنت.. راجعه لبيتي في حالي هو اللي اتهجم عليا.. انا ما ليش دعوه .
شعرت شيماء بالإنكسار والخزي عندما طال صمت أخيها حتى والدتها لم تعترض على ذلك الحديث، ابتلعت ريقها بتوجس خطير وبدا وجهها شاحباً للغاية وهي ترى امام عينيها مستقبلها يضيع ....و حقها أيضاً .
تطلع أسر بوجوه الجميع وهو يفكر بحديثهما فمن الصعب تصديق اقولهم القاسية، الجميع في غمضه عين يتحول عندما يتعلق الأمر بالشرف والسمعة! شيئان إن خسرتهما أي فتاة فمن الصعب أن تستعيدهما مجدداً.. لذلك الأهل والاخرين والعالم كله يسعى الى شيء واحد! عقاب الفتاه كأنها هي المذنبه وليس المغتصبة.
وفي ذلك الأثناء في الأعلى كان عابد ينظر من الشرفه يتابع ذلك الموقف بأعين متحسره، رأي شيماء تحاول تغطية جسدها المنكشف بيديها المرتعشتين وهي تبكي بحرقة وبدأ يشرد في ملامحها نفس ألم أبنته، شعر فجاه برجفة جسده وهو يتابع تلك المهزله التي تحدث في الأسفل!
يثنون على موقفه المخزي تجاه ابنته. يريدون تكرار نفس موقف فريدة مع شيماء، رغم أنهم يعرفون جيدًا أيضًا أن النتيجة في النهاية كانت سيئة ولم تكن في صالحها. وهو يأسف بشدة لأنه سلك هذا الطريق وفقد ابنته إلى الأبد، وحتى في هذا الوقت لا يزال يحاول استعادة ابنته وينسى تلك الخطيئة التي ارتكبها في حقها وأنه افترى على ابنته..
وبينما هم في الأسفل يكررون نفس الموقف كأن الزمن يعيد نفسه، فهي دائرة لا تنتهي حتى يومنا هذا.. كانت فريدة قبل ذلك و شيماء تليها وهكذا فتيات كثير.. وسنبقى هكذا طالما نحن لا نخطو خطوة إلى الأمام؟ انهارت شيماء من الصدمة عندما وجدت نفسها مذنبة في نظر الجميع.
وهذا هو حال كل فتاة لا تخطو خطوة جيدة في أخذ حقوقها وتترك أشباه من الرجال يعيشوا حياتهم وهم يتنازلوا عن حقوقهم فكل فتاة تقوم بتلك الخطوة تفتح فرصة للآخرين مثلها... لكن صمتها هو أكبر جائزة للجاني، وكل هذا خوفاً من الفضيحة والناس... حقا إنه مجتمع يخاف من كلام الآخرين أكثر من خوفه من الله.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية