رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 73 - 4 الجمعة 24/11/2023
رواية كما يحلو لها
الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه
رواية جديدة كما يحلو لها
تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى
من قصص وروايات
الكاتبة بتول طه
النسخة العامية
الجمعة 24/11/2023
الفصل الثالث والسبعون
4
بالرغم من تلك الضحكات التي يستمع إليها إلا
أنه قد سقط في مشاعر الندم والحزن لكل ما كان يفعله بالسابق معها، ليت كل ماضيهما كان
هكذا، ليته لم يفعل الكثير ولم يحاول ولو لمرة أن يحاول حقًا معها كما يفعل الآن وغصـ
ـب شـ ـفتيه على رسم ابتسامة عندما استسلمت له:
-
خلاص خلاص هقولك!
قلل من حدة يـ ـديه وتفحصها وهي ما زالت
مبتسمة بملامح ما زالت تحمل اثار ضحكها وأخبرته مستفهمة:
-
عايز تعرف إيه؟
هو على أتم استعداد أن يستمع لكل شيء تعرفه
ولكل ما حدث بينهما منذ البداية وكأنه لم يعرفها على الاطلاق فأجابها باقتضاب:
-
كل حاجة!
وجدته يترك كفيها وتوجه ليجلس على تلك
المقاعد الجلدية بجانب الأحذية فهمهمت وأخبرته:
-
أوك، زمان أنا عملت إن الخط بتاعي باظ عشان
أروح ليارا ومتعرفش إني بكدب عليك، وكنت بروح لمريم من وراك، أنت عرفت دي، وكمان..
همهمت مُفكرة ليُطالعها بتفحص منتظرًا المزيد
لتتسع عيناها وهي تتابع:
-
أنا اخدت كل الـ history على الموبايل بتاعك لما رجعنا لبعض..
عقد حاجباه وهمس مستفهمًا:
-
امتى؟
اتسعت عيناها بقليل من الانتصار وأجابته:
-
مرة لما ادتني موبايلك أتكلم منه بعد ما
موبايلي اتسرق!
شعر بغبائه الشديد لينهض ويتركها فأوقفته:
-
ملقتش أي حاجة فيه على فكرة..
أكمل طريقه للخارج فتبعته بخطوات مُسرعة
وامسكت بذراعه وسألته:
-
أنت اتضايقت ليه؟
التفت نحوها وتفقدها بملامح يُخيم عليها
الحُزن:
-
عشان عرفت إني معاكي حق وأنتِ بتقولي عليا
إني عبيط.
وقفت أمامه ثم تلمست وجنته ولعن نفسه على
رؤية هذا العشق بعينيها الذي لا يستحقه على الاطلاق ورأى تلك المصداقية تتجلى
بعسليتيها وهي تخبره:
-
لولا التصرفات اللي أنت شايفها تافهة دي من
ساعة ما رجعنا لبعض عمري ما كنت هثق فيك تاني! بس فيه حاجة!
تفقدها باستفسار لتسأله:
-
فيه تواريخ كتيرة اوي لقيتها جوا الموبايل،
كانت تواريخ إيه؟!
ابتسم بسخرية على حاله وأجابها متنهدًا:
-
تواريخ الأدوية والجيم.. عشان منساش
تركها وتوجه خارج غرفتها التي لا يدري كيف قد
يتواجد بداخلها بعد رحيلها بل لا يدري كيف سينظر لهذا المنزل بأكمله، هو لها على
كل حال وحاول تهدئة أفكاره المُتشابكة بأنه لن يكون هنا مرة ثانية بعد أن يُسجن فتبعته
مرة أخرى وأوقفته لتخبره وهي تُمسك بيـ ـده:
-
متزعلش ولا تتضايق، ولا هتتكسف مني إني عرفت
حاجة زي دي عنك، مظنش بقا فيه كسوف ما بيني وبينك بعد كل اللي مرينا بيه.
عقد حاجباه وأومأ بالنفي وهو يقول:
-
أنا متضايق عشان فعلًا عبيط ومخدتش بالي إنك
ممكن تعملي حاجة زي دي..
لوت شـ ـفتاها وتهكمت على كلاهما وهي تخبره
بسخرية:
-
ما أنت بتاخد موبايلي، لو أنت عبيط فأنا كمان
عبيطة! محدش احسن من حد!
همهم لها بالموافقة وقصد أن يتحدثا أكثر حتى
يتأخر الوقت ولا يذهبا لمنزل أُسرتها وسألها:
-
ولقيتي ايه كمان في الموبايل؟
-
ولا حاجة، زي ما أكون ماسكة موبايل فاضي
اصلًا، كلامك مع باسم ومريم وباباك ومحمود السواق، مفيش حاجة غريبة.. يا ريتني ما
فتحته أصلًا ولا دورت فيه.
-
افتكرتي هتلاقي ستات قالعين جوا ولا إيه!
رفعت احدى حاجباها وعقدت ذراعيها وهي تعود
خطوة للخلف ونظرت إليه بتحدي وأخبرته بتهديد:
-
طيب ابقى اعملها كده!
ضيق عينها واقترب نحوها بانزعاج حقيقي ليحدثها
بسخرية مستفهمًا:
-
اعملها وماله، مش هيبقوا زيهم زي دايفد؟
قلبت عيناها وزفرت بضيق ثم اجابته:
-
دايفد ده أصلًا بيحب واحدة من زمان، وهو مجرد
واحد من معارفي، ده غير إني لما عرفته واتعاملت معاه انا وأنت كنا متطلقين!
-
وده يخليكي تسلمي عليه وتبوسيه قدام الناس؟!
صمتت لوهلة وهي تتفقده واجابته بمصداقية:
-
قولتلك وقتها الناس مكانوش يفرقوا معايا، كل اللي
كان فارق معايا إنك تضايق.. واتضايقت فعلًا يا عمر!
كم مقت ألا يتذكر هذه الأيام وقرر أن يُنهي
حديثهما لكي لا يتصور عقله المزيد من التخيلات ويسألها آلاف من الأسئلة قد تدفع
كلاهما للدخول بشجار لا نهائي فأخبرها:
-
طيب الوقت اتأخر ومظنش هنلحق مامتك قبل ما
تنام.. كلميهم وخليها بكرة أو بعده، أنا كمان مش قادر اروح في أي مكان.
❈-❈-❈
عودة للوقت الحالي..
ظل ساكتًا عن الحديث واكتفى بسماع ما قالته
موظفة الاستقبال بهذه المشفى عندما سألتها "مايا" عن ابنه وزوجته
السابقة وكل ما يستمع له هو صوت بُكائها الشديد كما كانت تبكي منذ قليل وكل ما
يتخيله هو حدوث مصيبة حقيقية لـ "ريان".. يبدو وأنه من المستحيل أن تظل
حياته جيدة لشهر واحد فقط دون كوارث.
-
عمر متقلقش، هتطلع حاجة بسيطة مش أكتر وروان بتخاف
عليه جدًا وممكن يكون كلامها مش صح!
لم يعقب على كلماتها وتوجه لقسم الطوارئ ومنه
إلى القسم الخاص بالأشعة بعد أن عرفا أن "روان" صحبته إلى هناك وبمجرد
التقاء أعينهما واتتها دفعة بكاء شديدة ولم تر أمامها سوى أن سيوبخها وقد يحصل على
"ريان" ويرغمها على تركه له للأبد وهي يستحيل أن تتركه سوى بالموت!
وقف أمامها وحاول أن يفهم ما حدث وحدثها بهدوء:
-
اهدي وفهميني بالراحة حصل إيه؟
تفقدته بتوتر بين بُكائها ليزفر بضيق بينما اقتربت
"مايا" لتحاول التخفيف عنها فأوقفها بعد أن بسط ذراعه حتى يمنعها من
التقدم وكرر سؤاله:
-
بطلي عياط وفهميني إيه اللي حصل لريان؟
أومأت له بالنفي ولم تُجبه على سؤاله وحدثته
بين بكائها:
-
أنت مش هتاخده مني..
عقد حاجباه بدون فهم وأخبرها:
-
اخد ايه منك..
أهي خائفة حقًا وتظن أنه سيحصل على حضانته
بشكل ما؟ ما الذي حدث حتى تتخيل أنه قد يفعل؟ مجرد كلماتها أصابته بالغضب لشدة
قلقه مما قد يكون حدث لابنه بالفعل وسألها مشددًا نطقه على كل حرف نطق به:
-
بطلي عياط وفهميني ريان حصله إيه؟
تواترت دموعها وانعقد لسانها فهي لم تعد تملك
ذرة من الثقة بهذا الرجل الواقف أمامها فهي تعلم أنه قد يقول شيء ويفعل بعدها شيء
آخر تمامًا فحاولت "مايا" تهدئة الأوضاع:
-
اهدى يا عمر، أكيد فيه دكاترة هيطمنونا وروان
متوترة و..
-
اسكتي
قاطعها ليوقفها عن الكلام واقترب من
"روان" أكثر ليجفف دموعها بأنامله وأخبرها:
-
أنا مسافر الفجر، مش هاخد ريان منك، بس
فهميني حصله إيه..
لم تصدق كلماته وارتابت أكثر ظنًا أنه يخدعها
فاشتد بكائها لمجرد تخيل الأمر فزفر بضيق وقام بمعانقتها قاصدًا أن يستحث بها بعض
الكلمات أو حتى بعض الغضب لتتفاجأ "مايا" بما تراه يفعله وهو لتوه كان
لا يريد التحدث عنها ولا حتى إجابة مكالمتها ليغمض هو عينيه وامتن كثيرًا لعناق لم
يظن أنه سيحصل عليه قط قبل مغادرته ليُمثل له أفضل وداع قد يحظى به منها وحدثها
بصوت خافت بجانب أذنها:
-
متخافيش، لا أنا ولا غيري هنقدر ناخد ريان
منك، طمنيني عليه، أنا مش عايز غير إني اطمن عليه، وعياطك ده بيحسسني إن حاجة
كبيرة حصلتله، متخوفنيش عليه ارجوكي يا روان.. هو حد قالك إن هيجراله حاجة وأنتِ
مش عايزة تقوليلي؟ هيضيع مني هو كمان؟
-
لا مفيش حاجة كبيرة، ومحدش قالي حاجة، هو وقع
على السلم واحنا في الـ mall
اندفع ردها منها دون أدنى سيطرة عليه وتفقدت
ملامحه وهي تُنفي كلماته التي أوشكت على تأكيد تلك الصورة المُرعبة بخيالها، لم تر
نفسها وهي تتشبث به وكذلك فعل هو، كان يعرف أن اقترابه منها سيدفعها للتصرف إما
بضعف أو بغضب، كما كان يعرف أنه لا يحق له ما يفعله وهي امرأة متزوجة، ولكن بهذه
المشاعر التي انتابته بمجرد اقترابهما لبعضهما البعض كانت أكثر من كافية ليعيد
كرته مرة ثانية وهو يقربها له وهو يخبرها:
-
متخافيش، هيكون كويس..
لم يكترث مما سيترتب على فعلته، ولكنه كان
يحتاج لهذا العناق منذ قرابة الخمسة أعوام وأغمض عيناه وهو يحاول تهدئتها وهو
يُربت على ظهرها ولم يهتم إن كانت "مايا" بجانبهما أو إن كانت
"روان" ستصفعه على ما يفعله، أو حتى إن كان زوجها يراهما.. لقد هدأ الآن
وأدرك ما قالته بالهاتف، فليأتي ويراهما، لا يعبأ بهذا حتى ولو كانت الحقيقة أنه
يقف أمام كلاهما يشاهد في صدمة عناقهما الذي بدا وكأنه لن يفترق للأبد!
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بتول طه لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية