-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - اقتباس - الفصل 72 الأربعاء 8/11/2023


رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

النسخة العامية

الأربعاء 8/11/2023

الفصل الثاني والسبعون


الوقت الحالي..

كما كان يتابع "عمر" كل ما يحدث منذ قليل فالوحيد الذي كان يتابع كل شيء باهتمام أكبر من أي اهتمام شخص آخر هو "بسام" الذي كان يتربص لما ستفعله أخته بعد مناقشة طويلة وانهيارها التام طوال اليوم منذ الصباح، كما أن "مايا" أيضا كانت تتابع "عمر" وما يفعله، وبالرغم من أن نظراته تجاه "روان" و "يحيي" قليلة نوعا ما ولم تكن بنفس النظرات الحادة التي كان يوجهها إليها عندما كان الجميع يتناول الإفطار بمنزل "عنود"، إلا أنها لم تكن لتأمن ما سيحدث فهي على ثقة بأن "يحيي" ليس بغبي.

 

‏تفهم "بسام" ما يحدث عندما رأى "روان" تغادر كما أنه لاحظ كيف كانت طريقة "يحيي" معها أمام الجميع، وبالرغم من أن المنشغل عنهما ولا يتابعهما لن يلاحظ ما قاله "يحيي" وردة فعله تجاه "روان"، إلا أن طريقته لن تساعد أخته وستدفع عقلها لظن الأسوأ تجاهه.

 

لقد كان يُتابع لأنه يريد أن يعرف ما الذي ستصل له بعد حديث دام بينهما لكثر من الوقت وبناء عليه لقد قررت أخته أخذ قرارها، كما أنه يريد أن يطمئن عليها وعلى حياتها ولطالما كان يكترث بها.

 

‏نهض وتابع كلاهما عندما رأى أنه يتبع نفس الطريق الذي ذهبت أخته منه وظل واقفًا من على مسافة يتابع ما يحدث بينهما، ولكن عندما جذبها بعيدًا أدرك أن لو زوج أخته شاهدهما وهما سويًا ويتصرف معها بهذه الطريقة كرجل طبيعي سيُثير أمرًا كهذا ريبته وشكوكه.

 

-       روان افهمي، أنا معملتش كل ده عشان تعيشي الحياة دي، أنتِ كل ده مش فاهمة أنتِ تستحقي إيه ومين؟ ليه مستحملة كل ده؟ عشان خاطر إيه؟ عشان تضيعي سنين من حياتك تاني مع واحد زي ده.

 

لم يتدخل "بسام" وود أن يستمع لردة فعلها ليتخذ القرار المناسب واستمر واقفًا خلف هذا العمود ليستمع منها هي شخصيًا لقرارها ولكيفية تعاملها مع الرجل الذي قلب حياتها رأسًا على عقب وما زال بداخلها احتمال ولو بنسبة أنها ما زالت تعشقه فأنصت جيدًا:

-       اعتقد مالكش علاقة بحاجة زي دي اتجوز مين ومتجوزش مين، متجيش تمثل عليا بعد سنين إني فارقة معاك، لو كنت فارقة معاك مكوناش اتطلقنا ولا كُنت اتسجنت.. ابعد عني يا عمر وسيبني وسهل جدًا في وسط كل الناس اللي حوالينا يلاحظوا غيابي وأنت طليقي ومنظرك ومنظري هيبقوا زي الزفت!

 

هنا كانت الإشارة الفعلية لتدخله بعدما استمع لها فردها واضح وصريح له بالابتعاد عنها، على الأقل في هذه اللحظة تحديدًا فالتفت خلف العمود الرخامي وتحدث بزجر دون أن يبالغ، وبطريقة مُهذبة:

-       عمر لو سمحت ابعد عنها عشان ميحصلش مُشكلة..

 

التفت للخلف لينظر له بينما استغلت "روان" الفُرصة وابتعدت عنه وتركت "بسام" بصحبته وكل ما كان بداخلها هو رغبة في الابتعاد عن جميع من تعرفهم وجميع الوجوه التي أمامها وحتى لو الحل الوحيد هو الموت هي تُريد ذلك!

 

تفقد كلاهما إلى أين تذهب وبعدها تواجها ليتحدث "عمر" بضيق ومشاعره كالفضيحة أمام أعين أخيها:

-       أختك بتبهدل نفسها يا بسام، عمرها ما هتكون مبسوطة!

 

أعطاه نظرات مُحايدة وحاول التحدث إليه بعقلٍ ومنطق ليُخبره:

-       عمر أنت جيت من سنين وقولت إن أختي متستحقش تعيش مع حد زيك أذاها، وساعدتك في كل اللي أنت عملته، دلوقتي هي من حقها تختار الحياة اللي عايزاها، لو سمحت حاول تبعد عنها، أنتو خلاص مبقاش ليكم أي علاقة ببعض!

--

منذ أربع سنوات وثلاثة أشهر وأسبوعان..

صُدمت من كل ما أخبره بها، تشعر بأن جـ ـسدها يقشعر وفي نفس الوقت تحترق، ظلت تحدقه بصدمة في البداية تحولت لاحتقار وبعدها تحول الأمر لتقزز شديد منها ومنه على حد سواء!

 

حدثها "عمر" بتفهم لتلك المشاعر التي تعتلي وجهها وأخبرها بإلحاح:

-       صدقيني أنا بحاول اديها حقها وأعمل الصح وموافق إني اتسجن زي أي إنسان لو عمل حاجة غلط لازم يتعاقب على اللي عمله وابعد عنها واديها حياة بعيدة عن المشاكل، كل اللي طالبه منك لو اتسألتي في المحكمة أنتِ أو يونس تقولو إنها كانت قاعدة هنا في بيتها مش معايا في البيت، ومحدش يجيب سيرة إننا رجعنا لبعض..

 

انقلبت ملامحها واشتد شعورها بالتقزز منه وهي في هذه اللحظة تشعر بالكراهية الشديدة لرجل شك في زوجته ورآها كامرأة خائنة وظلم زوجها بظنه خائن، وكل ما تراه الآن أمام عيناها أن "روان" امرأة تستحق القتل على ما تُفرط به في حقها ولم تستطع تكوين جُملة واحدة كتعبير لكل ما سمعته وباتت تعرفه، وانكمشت على نفسها بمقعدها كردة فعل طبيعية تجاهه فهي تتمنى لو لم تولد قط لأُسرة أخيها البكر بها أسوأ رجل على الإطلاق!

 

زفر بتوتر وهو لا يكره أكثر من عدم قراءة من أمامه بوضوح وأخبرها مطالبًا بتوسل:

-       أرجوكِ يا عنود لو الموضوع فرق معاكي بكل التفاصيل اللي عرفتيها، أنا مبطلبش منك تشهدي زور، بس ده حقها، حقها تبعد عن راجل زيي وتعيش حياة طبيعية بعد كل الظُلم اللي ظلمته ليها أنا وبابا..

 

تفقدته بعدم تصديق وكراهية واضحة وشعرت بتدفق الدماء بعروقها لتنهض متأهبة وهي تخبره:

-       اطلع برا البيت يا عمر..

 

نهض وهو يتراجع بعيدًا عنها وحاول أن يتحدث معها مرة ثانية وقال:

-       أنا بقولك كل ده عشـ

-       خلاص متطلعش ده برضو بيتك في الآخر.. أنا اللي هامشي أنا وجوزي من هنا، أنا ولا عايزة منك حاجة ولا عايزة اعرفك تاني أصلًا!

 

تركته لتتجه للأعلى فأوقفها قائلًا لها:

-       عنود استني فيه حاجة أنا مخبيها عليكي عشان مكونتش عايزك تضايقي أول جوازك.. بابا مات ليلة فرحك ومرضتش حد يعرفك أنتِ أو يونس!

--

عودة للوقت الحالي..

ظلت تبكي في صمتٍ شديد وانهيار تام ولم يكن من "مايا" في هذه الحالة إلا أن تعانقها في صمت ودعم بتقبل غير مشروط مهما كان ما أوصلها لهذه الحالة، هي لم تخبرها بأي شيء إلى الآن، ولم تفهم ما الذي حدث، ولكن مما رأته منذ قليل وفظاظة "يحيي" معها ثم مغادرتها وذهاب "عمر" خلفها، من الواضح أن تُخمن ما الذي حدث، إمّا تجاوز ما من "عمر" وإمّا مواجهة بينهما..

لقد كانت على يقين منذ البداية بأن "يحيي" رجل غير مناسب لها وأن يُلبي سقف تلك التوقعات التي تنتظرها "روان" في العلاقة في المطلق.

 

ربتت عليها بمزيد من التقبل بعد دقائق ظلت تعانقها خلالها لتأتي "عنود" باستغراب مما يحدث وهي ترى "روان" تبكي بين ذراعي "مايا" فسألت بتلهف واهتمام حقيقي:

-       ايه ده فيه إيه؟ مالك يا روان إيه اللي حصل؟

 

التقطت أنفاسها بصعوبة وبكائها لا يتوقف ثم أخبرتها مجيبة وهي ترفع نظرها نحوها تاركة عناق "مايا" وكل نبرتها تمتلئ بالخجل والحزن:

-       أنا آسفة، أنا بقيت كل ما نتجمع في مناسبة اقلبها نكد ودراما، متزعليش مني.. أنا هقوم امشي حالًا..

 

نهضت لكي تغادر فأوقفتها "عنود" وهي لا تفهم ما الذي يحدث فأخبرتها بنفي قاطع:

-       آسفة إيه وإيه الكلام ده.. متقوليش كده يا روان عيب والله، فهميني بس مالك وإيه اللي حصل لكل ده.. مش هسيبك تمشي كده أكيد.

 

تفقدتها بحسرة وأخبرتها بأسف:

-       أنا عايزة اتطلق من يحيي.. مش هاقدر أكمل معاه.. بس للأسف هو حتى مش فاضي يعرف ده قبل ما كل اللي حواليا يعرف ويلاحظ.

 

تدخلت "مايا" باهتمام وسألتها:

-       طلاق إيه أنتو مش كنتوا كويسين؟

 

جففت وجهها واستمرت تلك الشهقات بفعل بكائها بين كلماتها لتقول لكلتاهما:

-       احنا عمرنا ما كنا كويسين ولا هنكون كويسين غير بعد سنين، على ما يقبل اللي نفسي فيه ويقبله زي ما بقبل شغله ووقته الضيق.. وأنا مش هضيع عمري اكتر من كده معاه، يحيي راجل كويس وإنسان ناس كتير تتمناه بس أنا مش هقدر أفضل أحاول طول عمري مع كل واحد شوية لغاية ما أموت.

 

تفقدتها "عنود" باستغراب فهي لا تفهم ما الذي جعلها تصل لهذه الدرجة ومما رأته على ملامح "يحيى" الذي كان يبحث عنها منذ قليل لا يتفق على الاطلاق مع كلماتها فحدثتها متعجبة:

-       استني بس قبل ما تروحي في أي حتة عشان يحيي بيدور عليكي، أنتِ كل اللي حصل ده كان فجأة كده؟ ولا هو ضايقك في حاجة؟!

 

ردت عليها مُعقبة بحسرة:

-       لا مش فجأة، أنا اللي عاندت نفسي ونشفت دماغي وقولت أحاول للمرة المليون..

 

تدخلت "مايا" وأخبرتها مُقترحة بنبرة داعمة:

-       طيب روان أنا عندي فكرة، ايه رأيك قبل ما تتسرعي وتاخدي قرار مش في وقته، ليه متاخديش أنتِ ويحيي break وتفصلي شوية وتحددي أنتِ عايزة إيه بالراحة؟

 

تفقدتها بمزيد من الحسرة والحزن حتى التمعت عيناها بالدموع المكتومة مرة ثانية وأخبرتها بنبرة على مشارف البُكاء:

-       مش هاينفع يا مايا، اللي وصلتله لازم يتاخد فيه قرار امبارح مش النهاردة.. أنا هروح أتكلم مع يحيي وهاعرفه إني المرادي مصممة على الطلاق!

 

تركت كلتاهما وغادرت لتبحث عن "يحيي" وبداخلها تلك اللحظة المُقيتة التي جعلتها مستيقظة منذ أمس، يستحيل أن تستمر مع رجل وفي خيالها كلمات رجل آخر! 


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بتول طه لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة