-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - اقتباس الفصل 20 الأحد 5/11/2023

 

قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد

 

اقتباس

الفصل العشرون


تم النشر يوم الأحد

5/11/2023

❈-❈-❈



مسحة حنون دافئة فوق كتفها اقشعر لها بدنها بها، مع أنين صامت مطالبًا بالمزيد من تلك اللمسات الباعثة على الدفء في تلك البرودة المجمدة للأوصال، وضعت يدها وهي نائمه على صدره وهم فوق الفراش، لتسمع دقات قلبه كانت تسمعها مع انفاسه وتشعر بدفئها فوق بشرتها العاريه، تنهدت بألم وهي تردف بنبرة مرتجفة 


= تعرف أن عمري ما حسيت بالدفا


طالعها بدر متعجباً وضمها إليه أكثر متسائلاً باهتمام


= أنتٍ مش دفيانه يا فريدة.. تحبي اشغلك الدفايه شويه 


قطبت جبينها معترضة و رفعت عيناها نحوه تنظر له بشرود ثم همست بغموض 


= ده شعور دائما جوايا، حتي لو حطيت فوقي مليون حاجه عشان تدفيني! 


بدت ارتعاشتها واضحة في نبرتها وهي تضيف مستنكرة بألم  


= الواحد كبر و برضه متخطاش معقول هيجي يوم نتخطى كل ده


عقد حاجبيه بعدم فهم وتحدث يجيبها بغرابة


= أنا مش فاهم حاجه يا فريدة، مالك.


ردت عليه فريدة بصوت مختنق من بين اوجعها


= مضايقة جدًا، حاسة زي ما يكون في حاجة كاتمة على نفسي!


مال جوارها محاوطة إياها بذراعه و ظل يمسح على ظهرها برفق ودود، ثم همس لها


=احكيلي يا فريدة، أنا مستعد أسمعك


اغمضت عيناها وهي تضم جسدها نحوه

اكثر، حتى تلامست جبهته بجبهتها وأختلطت أنفاسهم وأصبحت شفتيهم لا يفصلهما إلا التلامس، لتقول بصوت ضعيف


= تايهه ومخنوقه من ساعه ما عرفت أن بابا تعبان.. أنا.. خايفة أكون ....


لم يسمع بوضوح ما الذي تردده، لكن قطعًا الأمر مزعج بدرجة كبيرة معها، سألها بتلهف مهتم وهو مستمرة في المسح على ظهرها


=تكوني ايه؟


شعر بدموعها فوق صدره لتبهت ملامحه وهو

يسمع مخاوفها، واخيرا تحررت معه قائله بفتور


= خايفه أكون ظالمه! طول عمري متاكده ان انا مظلومه بس الشعور ده وحش أن أظلم حد هم كده لكن انا مش كده .. المشكله أن انا اللي اتظلمت والناس لسه بتظلمني وبتطالبني ببر الوالدين من غير ما يفهموا حاجه .


ربت فوق ظهرها برقة ثم رفع وجهها ينظر مباشرة بعينيها رأى أنها هدأت وبدأت ملامحها تسترخى زادها قربا وهو يهمس


= مفروض الناس اللي بتطالبك ببر الوالدين يكونوا فاكرين إن في حاجه إسمها بر الأبناء قبل بر الوالدين، يعني لازم الأب والأم يكونوا بارين بآبنائهم كما اوصى النبي صلى الله عليه وسلم، بر الأب بإبنه ليها أشكال وصور كتير منها إنه يختار له أم صالحه ويربيه تربية كويسه،وكمان لازم يهتم بيه ويكون قريب منه ويعرف أخباره ويراعي مراحل سنه المختلفة ويتجنب جرحه وإهانته وإهدار كرامته، مش معنى إني أب يعني يحق ليا اعمل كل حاجه وحشه في إبني واقول أنا حر .. لا الإبن لي حقوق زي ما عليه واجبات .


ابتعدت عنه تمحي دموعها بعنف من فوق

وجنتيها لتشير نحو حالها وهي تتحدث بصوت مقهور


= المشكله محدش بيشوف كل ده، وحدتي الحقيقيه كانت في عدم وجود أهلي اللي قهروني و كسروني، إنا لا كان ليا اب ولا أمان ولا سند ولا ام تطيب جراحي ولا اخت ابكي في حضنها ولا رجل بصفته زوج ليا كان مسؤل عني.. وفوق كل ده انا اللي بتحاسب مش هم . 


ثم اجهشت ببكاء مرير وهى تدفن وجهها فى صدره جذبها لتستقر بين ذراعيه بألفة مجدداً، مسد ظهرها بحنان متسائلا 


= هو انا مش سبق وقلت لك ما تفكريش في الناس ولا تعملي ليهم حساب عشان هم ما لهمش دعوه بحياتك أصلا ولا ليهم حق عندك يطالبوا بيه 


مطت شفتيها قليلاً، ثم تساءلت هاتفة بعدها بربكةٍ ظهرت عليها


= هو انت ليه ما فكرتش زيهم يا بدر؟ ما خفتش على ولادك مني انا واحده ما عنديش اولاد ولا حياه ولا أهل؟ مش بيقولوا فاقد الشيء لا يعطي . 


هز بدر رأسه باعتراض بينما تحولت نبرته للجدية عندما نطق


= عشان عمري ما اقتنعت بالكلام ده اصلا! وطول الوقت بشوفه غلط.. فاقد الشئ بيحس وبيحس أضعاف مضعفه من اللي عنده ومش مفتقد نعمه في حياته.. اليتيم بيعرف قيمه الأم والأب عن اللي ملين حياته وبيعوقهم.. شوفي حاجات كتير في حياتنا هتلاقي ان النعمه اللي ممكن نستهون بيها عند غيرك حاجه كبيره..


ظهر فجأة تجهم تعبيراته وتقوس فمه للجانب مبرزًا ابتسامة مهلكة وهو يضيف بمرارة بصوته


= تعرفي انك بتفكريني بنفسي برده، لما ربنا رزقني بالبنتين فكرت زيك ان انا ما كانش عندي اب وام في حياتي هعرف ازاي اديهم حنان الاب اللي انا اتحرمت منه، انا كان حلمي أحس بحب وحنان امي وابويا و اشوفهم معايا في كل وقت في حياتي لكن شوفت كل واحد فيهم مع عيلته وانا كنت لوحدي! وكل ده بسبب سوء اختيار انا ما ليش ذنب فيه .


أضاف بدر بامتعاض مرهق


= بدل ما يشيلوا غلطتهم ويتحملوا فشلهم هما، انا اللي شلته.. الظاهر انك مش لوحدك بس يا فريده اللي بتتحاسبي على حاجه ما عملتهاش؟ والدنيا والناس بيعاملوني زيك على أني الجاني مش الضحيه .


اتسعت عيناها بقوه وهي تسمعه لم تتخيل

انه يحمل كل هذا داخله.. عكسها عيناها دوماً كانت تفضحها أمامه.. شعرت ان الحزن قتله لمرات عديده ولكنها اعتادت عليه صامت خرج صوته بثقل وهو يضمها اليه ثانية واخذ يمسح على ظهرها وهو يضيف بجمود


= قالولي أنك الحاجه اللي جات غلط ومش عارفين حتى اذا كنت جاي عن طريقه شرعيه ولا غير شرعيه ... ياريتك كنت موت يوم ولادتك كان هيبقى احسن.. سمعت ده وانا طفل وهما بيقسوا الأيام عليا .


ارتسمت علامات الصدمة والجدية على تعبيراتها حين أخبرته بصيغة متسائلة


= ما كنتش اعرف الوجع اللي جواك ده ما تجرب تحكي لي انت كمان .


هتف بدر بحنق من بين شفتيه المضغوطتين


= مبحبش احكي بتوجع اكتر


هزت رأسها متفهمه وهي ترد محذرًا


= احكي يا بدر.. احكي كل اللي وجعك..

هتتحرري من قيودك ذيي


نظر لها مطولاً متردد لتمسك بيده بحنو قائله بإبتسامة هادئة بدعم


=جرب.. عايزه اعرف بدر اللي دخل حياتي بدون ترتيبات ده... لسه الدنيا بتعلمه من دروسها؟


رفع أصابعه لرأسها وخلل شعيراتها وطبع شفتيه فوق رقبتها بعمق عبر بالكلمات و الفعل ينصحها وهو بحاجه ان يفعل ذلك، و للدهشه لم تعترض على لمساته مره أخرى.. ثم أجاب بغموضٍ زاد من اندهاشها


= طب لو حكيتلك توعديني انتٍ كمان تفكري تروحي تشوفي والدك .


اتسعت عيناها بذهول هامسة بأنفاسٍ مرتبكة


= انت عاوزني اروح اشوفه؟. 


هز بدر رأسه مؤكدًا بصوته الخفيض


= مش عاوزكٍ تشيل الذنب! ممكن لا قدر الله يحصل له حاجه وساعتها متاكد انك هتندمي انك ما اديتهوش الفرصه دي! انا مش بقول لك سامحي وعارف ان الموضوع صعب ومش بايدك اصلا.. عشان كده مش بطلب منك السماح؟ أنا بطلب منك تروحي تشوفيه مش أكثر .


نظرت إليه نظرة غامضة لم يفهمها، وظن أنها سترفض كالعادة، لكنها هزت رأسها بالإيجاب وهي تتنهد من الألم. ابتسم لها بهدوء ودام صمته قليلاً، ثم بدأ يحكي لها ذكريات طفولته؟! كان يروي بعض تفاصيل حياته، فتتبادر إلى ذهنه مشاهد دار الأيتام! حينما كانت تقوم المربيه بسحب الغطاء عليه و تجعله هو وبقية الأطفال ينظفون المكان بأنفسهم ليلاً! وبعدها كانت تتبلل ثيابه وهو منهك من الإرهاق. ولم تهتم به إذا مرض! كان يشعر بالحزن وتمنى بشدة أن يجد يدًا حنونًا تمسح دموعه التي سقطت من الألم والحاجة. بينما كانت فريدة تستمع إليه بصمت ولأول مرة تغيرت نظراتها نحوه ورأت أنهما الاتنين؟؟ هناك عامل مشترك بينهم وهو الألم والحاجة  والدعم لبعضهم البعض.



يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة