-->

رواية جديدة كما لو تمنيت لبسمة بدران - الفصل 21 - الخميس 2/11/2023

 

  قراءة رواية كما لو تمنيت كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية كما لو تمنيت 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


 الفصل الواحد والعشرون

تم النشر يوم الخميس

2/11/2023

(وصية)



مر شهر بالكامل على تلك الأحداث المريرة خمدت فيه النيران وسكنت الأحزان قليلا وبعد بعض الوقت سينتهي كل شيء وسيصبح ما حدث في طي النسيان وهذه هي الحياة لا تتوقف على أحد بل تدور وكل من يأتي يفارقها.


استيقظت فرحة من نومها ثم طبعت قبـ لة على جبين يونس الغافي بجوارها والذي لم تتركه منذ تلك الفاجعة كانت تحاول بشتى الطرق تعويضه عن فقدان والدته

وعلى الرغم من تفانيها في ذلك الأمر إلا أنه لن يكل أو يمل في السؤال عن والدته فهو كان يعلم أنها فارقت الحياة لكن عقله الصغير لم يستوعب هذا

تنهدت براحة ودمعت عينيها عندما تذكرت شقيقتها ودعت لها بالرحمة والمغفرة ثم اتجهت إلى الخارج تنادي على والدتها التي ذبلت كثيرا في الآونة الأخيرة

فحضرت والدتها تسألها بابتسامة صغيرة: صحيتي يا فرحة ويونس كمان؟


أومأت لها بالموافقة وأجابتها بهدوء: حضري لنا الفطار بسرعة علشان أفطر يونس واخده في سكتي للحضانة وأروح أجيب شوية حاجات ليه من بيت أبوه

يا ترى اللي ما يتسماش سايب المفتاح هنا عشان لو عوزنا حاجة ولا خده معاه؟


اجابتها وهي تتجه إلى المطبخ: لا يا حبيبتي المفتاح في درج الكومودينو اللي في اوضتي روحي اغسلي وشك ونادي يونس يلا عشان ما يتأخرش على الحضانة.


❈-❈-❈


بعد أن أوصلت ابنتها للحافلة التي ستقلها إلى الحضانة عادت إلى القصر فولجت لكنها سرعان ما أطلقت شهقة عالية عندما شعرت به يعـ انقها من الخلف ويدفن رأسه في عنقها يستنشقها بعمق.

استدارت إليه وطوقت عنقه بذراعيها مغمغمة بعتاب ممزوج بدلال: اخص عليك يا أدهم كده تخضني داعب أنفها بأنفه مغمغما بابتسامة: أنا أخضك يا ديدا ده أنتي تخضي بلد.


ضربت جبينها بجبينه برفق ثم تساءلت بهدوء: وايه اللي مصحيك دلوقتي؟


أجابها وهو ينظر إلى عينيها بعشق شديد: اصلك بصراحة وحشتيني أوي قلت اقعد معاكي شوية قبل ما اروح الشغل عندي قضايا كتير النهارده وكفاية انك حرماني منك الشهر اللي فات ده كله وجبراني اقعد مع مرام في الجناح بس عموما هانت يا ديدة.


زاوت بين حاجبيها ثم سألته بفضول: هي ايه دي اللي هانت ما تفهمني!


هز رأسه نفيا مغمغما: مش دلوقتي.


وقبل ان تدرك حديثه انقض على شـ فتيها يقبـ لها بجنون وعشق شديد.

تنهدت بحرارة ثم ضمت نفسها إليه أكثر

فهي حاولت خلال ذلك الشهر المنصرم أن تخبره بطريقة أو بأخرى بأنها تريده أن يكمل زواجه منها إلا أنها لم تستطع قولها صراحة فحياءها منعها

أما عن أدهم فهو كان يعرف ما يدور بداخلها لكنه قرر أن يفعل ذلك لكن في الوقت المناسب.


تركت فريدة كل أفكارها جانبا وقررت أن تستمتع بتلك اللحظة التي هي عليها الآن فأخرجت صوتا يدل على استمتاعها وراحت  تبادله القبـ لة بجن وكأنها بتلك القبـ لة تخبره بحاجتها الماسة إليه.


وفي خضم تلك المشاعر المجنونة استفاقا على صوت فيروز الحانق: ايه ده انتم بتعملوا ايه مش خايفين البنت تشوفكم ما تطلعوا تهببوا اللي بتعملوه ده في جناحك فوق.


تنحنحت فريدة كي تجلي حنجرتها وصمتت قليلا تنظم انفاسها الثائرة ثم هتفت باستفزاز: ما تقلقيش يا حماتي تالين مشت ودتها الحضانة خلاص وبعدين أدهم جوزي يحق لنا نعمل أي حاجة في أي مكان مش كده يا دومي؟


قالت تلك الكلمات وهي تقف على رؤوس أصابعها وتطبع قبـ لة طويلة على وجنته

مما جعلته يقهقه بصوت مرتفع وخطف قبـ لة سريعة من فـ مها كل هذا وفيروز ترمقهما بعدم تصديق فمنذ متى وابنها هكذا يبدو أن تلك الساحرة قد سحرت ابنها تماما.


أجفلت عندما أبصرت فريدة تدنو منها وهي تدندن بسعادة ثم أطلقت لها قبـ لة في الهواء وصعدت الدرج وهي تتمايل وتغني بصوت مرتفع.


❈-❈-❈


يلتفون جميعا حول مائدة الطعام يتناولون فطورهم في صمت فأمسكت شمس شطيرة ومدتها إلى عشق وهي تهتف بحنان: خدي يا حبيبتي كلي الساندوتش ده مع كباية اللبن.


رمقتها عشق بغضب حارق ثم دفعت يدها هاتفة بصوت مرتفع: مس عيزة منك حاجة انا مس بحبك ياريت تمشي من هنا.


شعرت شمس بحزن عميق وأترقط رأسها أرضا مما جعلت لارا تشفق عليها فوجهت حديثها لابنة شقيقها هاتفة بحدة: عشق عيب كده ما يصحش نكلم حد أكبر مننا بالطريقة دي وازاي تزقي أيديها كده اتفضلي اعتذري لها فورا.


قفزت الصغيرة من مكانها ثم هدرت في وجه عمتها: أنا مس بحبها ولا بحب بابي كلكم وحشين كلكم خليتو مامي تسيبني وتمسي أنا مش عايزة اقعد معاكم أنا عايزة أروح عند مامي.


ألقت تلك الكلمات واندفعت إلى أعلى تاركة الجميع يشيعها بنظرات مختلفة ما بين الشفقة والحزن. وكذلك الغضب.

فلقد حاولوا كثيرا خلال تلك الفترة المنصرمة التقرب منها وتنفيذ كل رغباتها كي تتناسى ما حدث إلا أن عشق تشبثت برأيها وحملتهم جميعا مسئولية ترك والدتها لها.


دمعت عيني شمس ثم وجهت حديثها لمراد الواجم: مراد بيتهيأ لي أنا ما ليش مكان هنا وعشق مش طايقاني وكمان مامتها مشيت فمن الأفضل اني أمشي أنا كمان.


رمقها مراد بحدة بينما هتفت لارا وهي تنهض مستعدة للذهاب: بلاش كلام أهبـ بل يا شمس جوازك من مراد هيم وعشق واحدة واحدة هتنسى دي لسه طفلة صغيرة ودي بقى مهمتك يا ست شمس ارجعي بقى لشغلانتك الأولانية وورينا شطارتك.


ألقت تلك الكلمات واستأذنتهما ودلفت للخارج وبداخلها حزن عميق هي الأخرى فبعد تركها لحبيبها وهي تشعر بفجوة عميقة بداخل روحها.


❈-❈-❈


أمام غرفة مكتبه وقفت تنظم أفكارها وكذلك أنفاسها المتسارعة فمنذ وقت طويل لن تلتقي به.

طرقت الباب ثم ولجت بعد أن سمح لها بالدخول

ثواني وهب واقفا يرحب بها بحفاوة مما جعلها تبتسم باتساع دنت منه ثم شكرته بلباقة وجلست على أحد الكرسيين المقابلين للمكتب

وبدوره التف وجلس فوق المقعد المقابل لها مما جعلها تسعد كثيرا

سألها باهتمام: تحبي تشربي إيه يا أروى هانم؟


عدلت من وضعية حجابها ثم أجابت بخفوت: أولا أروى بس من غير هانم ثانيا اشرب قهوة مظبوط.


أومأ لها ثم شرع في طلب القهوة ثواني وأعاد بصره إليها هاتفا بمدح: بجد الحجاب شكله يجنن عليكي يا ريت تفضلي لابساه وما تقلعيهوش أبدا.


قاطعته بلهفة: ومين قال إني هقلعه أنا لبسته عن اقتناع أنت عارف لما شفت شيخ بيتكلم في التلفزيون عن أهمية الحجاب وقد إيه هو فريضة اتكسفت من نفسي أوي وقلت ازاي أنا قعدت العمر ده كله من غير ما اتحجب وقتها ما فكرتش مرتين وطلعت أجري اشتريت الهدوم دي كمان حبيت شكلها جدا وحسيت ان الحجاب خلاني أجمل من الأول

رغم اعتراض صحابي إلا أني ما اهتمتش.


سألها مباشرة دون تفكير: تقصدي لارا هي اللي اعترضت مش كده؟


أومأت له بالموافقة مما جعله يشعر بالنفور من لارا فهتف دون مقدمات: إيه رأيك نروح نتغدى سوى بعد الشغل.


❈-❈-❈


دموع كثيرة تجمعت في مقلتيه وهو يقف أمام قبرها يقرأ لها سورة الفاتحة راح ينتحب بقوة كطفل صغير فمر أمام عينيه شريط حياته القصير معها وتذكر قسـ وته  وعنـ فه معها في الليلة الأخيرة تذكر صراخها وتوسلاتها وهو كالعادة لا يبالي.

انهار على ركبتيه ومال بجزعه للأمام وهو يهز رأسه بعنف عندما تذكر صفعاته المتتالية لها مما جعلها تفقد الوعي وهنا تأكد وأيقن بأنها فعلت كل هذا كي تتخلص منه.

يا ليته تركها وشأنها يا ليته لم يكن قاسيا معها يا ليت ويا ليت لكن كما قلت مسبقا لم يفيد الندم الآن

أطلق صرخة عالية شقت السكون المريب الذي هو فيه ثم راح يتمتم بكلمة واحدة؛ سامحيني سامحيني سامحيني يا حبيبتي.


رفع كلتا يديه ليمسح دموعه التي غطت لحيته الطويلة بالكامل فلقد أهمل نفسه بعد وفاتها بشكل كبير

وبعد وقت طويل قضاه برفقتها يعتذر لها ويطلب منها السماح قرر الذهاب إلى عائلتها من أجل الاطمئنان على صغيره الذي أهمله هو أيضا في الفترة الأخيرة.


❈-❈-❈


وقف قبالتها في المكان القديم الذي كانو يتقابلان فيه يتأملها بدقة وكأنه يحفر ملامحها الحزينة بداخله

كم كانت جميلة حتى وهي على تلك الحالة وكأن الحزن لم يزدها إلا جمالا.

سألها بهدوء: عاملة إيه يا فرحة قلبي لو تعرفي قد إيه أنا طاير من الفرحة عشان شفتك قدامي مش هتصدقيني

عارف ان الظرف مش مناسب وكنت أتمنى أشوفك في ظروف أحسن من كده بقالي شهر يحاول أتواصل معاكي بس أنتي ما بترديش على رسايلي ما صدقتش نفسي لما شفت رسالتك الصبح وأنتي بتبلغيني أنك نازلة وعايزة تشوفيني.


دمعت عينيها وهي تومئ له بالموافقة وردت بصوت متعب: أنا تعبانه أوي يا حسام حاسة أني في كابوس مش عارفة أصحى منه لحد دلوقتي مش قادرة أتخيل ان شهد ماتت وبالطريقة دي كل ما ببص في وش يونس ويسألني عن أمه بحس أن فيه خنجر بيقـ طع في قلبي

من كتر ما كنت مخنوقة كنت حابة أشوفك قلت إني شفتك دي هي اللي هتبرد قلبي شوية.


منحها ابتسامة خفيفة ثم هتف بعشق خالص: أنا بحبك أوي يا فرحة وعمري ما بطلت أحبك ارجوكي ما تحرمينيش منك مرة تانية خليني أشوفك باستمرار.


ربنا يسهل يا حسن أنا هسيبك بقى عشان رايحة شقة شهد الله يرحمها أجيب لبس وحاجات ولعاب يونس.


سألها وهو يدنو منها ببطء: طيب تحبي أوصلك؟


هزت رأسها نفيا مغمغمة وهي تمضي في طريقها: لأ بلاش حد يشوفني معاك دلوقتي ما تنساش أني لسة مخطوبة يلا أشوفك على خير وهكلمك في التليفون أكيد سلام.


❈-❈-❈


بتفحص شديد كان يتأمل وجهها الذابل لقد تغيرت كثيرا تلك الشمس باتت عتمة وظلام وكأن الحزن جعلها تكبر أعواما عديدة  فقدت عينيها بريقها ونقص وزنها كثيرا وكأنها فقدت ملذات الحياة بأكملها.

يا الله لم يتوقع أن تصبح فتاة كشمس هكذا لطالما كان يحسدها بداخله على تماسكها ونظراتها المتفائلة للحياة وكأنها تعيشها وردية تدور في عالمها هي فقط.


أشاحت بوجهها عنه ثم هتفت بصوت متعب: مراد أنا عايزة أروح أشوف أهلي واقعد معاهم شوية كده كده عشق مش طايقاني وكل ما بدخل عليها الأوضة بتصرخ وتطردني برة وصدقني أنا نفسيتي مش مستحملة.


أومأ لها بالموافقة ثم قطع المسافة التي بينهما ونظرا إلى عينيها مباشرة مردفا بحنان: شمس الموت علينا حق جايز الطريقة اللي ماتت بيها أختك كانت صعبة شويتين بس كل ده قضاء وقدر والمفروض إن أنتي مؤمنة بربنا وعارفة أن الموت علينا حق والكلام الغريب اللي أنتي قلتيه من شوية على الفطار مش عايز أسمعه مرة تانية جوازنا هيتم وهندي لنفسنا فرصة زي أي زوجين طبيعيين

أنا عايز أقول لك كلمة أول مرة هاقولها لحد أنا محتاج لك جنبي يا شمس.


دمعت عينيها من تراكم المشاعر بداخلها مما جعله يرفع أصابعه ويمسح دموعها برقة أذابتها كليا فلأول مرة يتعامل معها أحد بهذه الطريقة الجميلة.

لطالما كانت تواسي نفسها وتمسح دموعها بيدها

يا الله! كم هو رائع! ذلك الشعور شعور بأن هناك شخصا يهتم أن يكون بجوارك في أحزانك قبل أفراحك وهذا بالضبط ما كانت تسعى خلفه شمس وتدعو الله بأن يمنحها رجل يخاف عليها كثيرا ويعوضها حنان الأب الذي افتقدته

فلطالما كان والدها قاسيا يخفي مشاعره خلف قسوته وصوته المرتفع.

لن تشعر بنفسها إلا وهي ترتمي بين أحضـ انه وراحت تعانـ قه بقوة وكأنها تخبره بأنها تحتاجه هي الأخرى.

اما عن مراد فقد شعرا بالراحة نوعا ما وبادلها العنـ اق وهو يبتسم على تلك الصغيرة التي بالكاد تصل إلى معدته.

أراح رأسه على رأسها وهو يتنهد بحرارة ويدعو الله بأن يعوضها خيرا  ويستطيع أن   ينسيها المأساة التي مرت بها تلك الصغيرة.


❈-❈-❈


تسير ذهابا وإيابا في مكتبها يتلبسها شيطان الغيرة فعندما وصلت إلى الشركة أخبرتها موظفة الاستقبال بأن أروى قد حضرت منذ قليل وهي الآن برفقة المهندس يوسف مما جعلها تشتعل بنار الغيرة والغضب

تعلم بأنها تركته ولا يحق لها التدخل في شؤونه الخاصة لكن هي ما زالت تعشقه وخلال الفترة المنصرمة كانت تقنع ذاتها بأنه هو السبب بسبب تعسفه وتعنته في علاقتهما

فلو كان متفاهما قليل لكان الوضع مختلف الآن لربما كانو مخطوبين ويخططان للزواج لكن هيهات ليس ما يتمناه المرء يدركه

قبضت على يدها حتى خدشت أظافرها باطنها وصكت على أسنانها بغضب كي تكتم صوت صراخها فالآن أيقنت بأنها لا تعشقه فقط بل متيمة به لكن ماذا عساها أن تفعل وهي تعلم علم اليقين أن أكثر شيء يزعج يوسف الرشيدي هو اقتراب أحدا من كرامته وهي فعلتها وقللت منه كثيرا وهذا جعل عودته إليها شبه مستحيلة

لكن منذ متى وهي ضعيفة لطالما حصلت على ما تريده.

اتسعت حدقتاها في دهشة حتى كادتا أن تخرجا من محجرهما عندما تذكرت نظرات أروى فالآن فهمت ما يدور حولها وإن أروى استغلت فرصة ابتعادها عنه وتركها له وتقربت منه وهذا ما لم تسمح به أبدا

ستبذل قصارى جهدها كي يعود إليها فمن وجهة نظرها يوسف حقها ولن تفرط فيه لأحد أبدا حتى لو اضطرت لفعل كل شيء يطلبه منها.

لكن هل هذا سيحدث حقا؟

أم أن قرار لارا جاء متأخرا؟


❈-❈-❈


بيد مرتعشة فتحت خزانة أختها ودموعها تنساب كالشلال فوق وجنتيها فرائحة أختها ما زالت تملأ الأرجاء.

سحبت أول شيء قابلها واحتضـ نته بقوة وراحت تستنشقه وكأنه إكسير الحياة بالنسبة لها.

ضلت تنتحب وتنتحب حتى جرحت حنجرتها وبعد وقت لا تعرف مداه قضته في البكاء والذكريات مع شقيقتها الراحلة. استقامت واقفة بصعوبة ودلفت للخارج وهي ما زالت تحمل قميص شقيقتها عازمة على اخذه معها

اتجهت إلى غرفة الصغير وفتحتها ثم ولجت قاصدة الخزانة

وبالفعل فتحتها وراحت تنتقي له العديد من الملابس لكن سرعان ما توقفت عندما أبصرت مظروفين أسفل الثياب فالتقطتهما سريعا وقرأت المدون عليهما.

أول ظرف كان عليه "إلى شقيقتي فرحة"

والآخر "إلى حبيب يونس"

تركت الذي يخص يونس ثم شرعت في فتح المظروف الخاص بها فوجدت ورقة مطوية مكتوبة بخط يد شقيقتها

ابتلعت غصتها وراحت تقرأ ما دونته بصوت مرتفع "حبيبتي فرحة أعلم أنك عندما ستقرأين هذا الكلام سأكون انا تحت التراب لطالما كنتي الأقرب لي طوال حياتي وفكرة الانتحار لم تكن جديدة بالنسبة لي حاولت مرارا وتكرارا إلا انني لم أفلح وربما المرة القادمة التي أنتويتها لم تفلح أيضا لكنني كتبت هذا الكلام كي أبرئ نفسي أمامكم

لقد تحملت الكثير والكثير حتى كرهت نفسي وجـ سدي كرهت كل شيء حولي كرهت زوجي وكرهت منزلي باتت حياتي عبارة عن كره

كره لكل شيء حتى الهواء الذي اتنفسه بت أكرهه".


انهمرت دموع فرحة وراحت تستكمل بعد ما  ابتلعت غصة مريرة علقت في فاهها "حاولت أن أتعايش وأتحمل لكن فكرة يوميا كانت تؤرق نومي وترهق جـ سدي داخليا وخارجيا لم أحمل أحد سبب موتي لكني والله ما فعلتها إلا كي أرتاح أرتاح من كل شيء حولي لقد كان معي منذ قليل كالوحش الثائر حاولت توسله كثيرا إلا انه لم يسمع بكيت وبكيت حتى جرحت حنجرتي وهو أيضا لا يسمع

والآن قررت أن أريح نفسي بنفسي كل ما أطلبه منك يا فرحة أن تعتني بيونس وأخبريه دائما بانني لم أحب أحدا غيره في تلك الحياة فهو الذي جعلني أتحمل حتى الآن والمظروف الذي كتبته منذ قليل لا تعطيه إياه إلا عندما يسير شبا ناضجا قادرا على فهم الحياة ربما يسامح وقتها عندما يقرأ تلك الكلمات.

أحبك كثيرا يا فرحة وأحب أمي وأبي واخوتي سلامي لك ولهم جميعا

أخبريهم بأنني لا أطلب منهم سوى العفو والدعاء بالرحمة والمغفرة.


..يتبع

إلى حين نشر الرواية الجديدة للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة