رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 24 - 2 الأحد 26/11/2023
قراءة رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
2
تم النشر يوم الأحد
26/11/2023
ابتعلت غصتها، وجرح رؤيته بهذه الهيئة اضاف على جروح قلبها اضعاف، لتجيبه بتماسك واهي، رافضة ان تعطيه أي أمل كاذب:
- ايوة فعلا النهاردة حنتي وكتب كتابي، ع العموم كتر خيرك ع المجازفة الكبيرة اللي جومت بيها دي عشان تباركلي، عجبالك انت كمان.
قالتها وتعمدت الذهاب لتنهي نقاشًا لا طائل منه، ولكنه أجفلها حينما اوقفها جاذبًا اياها من مرفقها مردفًا بغضبٍ استوحشت به ملامحه:
- استني عندك ، انتي هتمشي وتسيبني كدة بناري، من غير ما ترسيني ع الحجيجة، مفيش مرواح من غير ما تجاوبي على سؤالي يا روح؟ دا انا ما صدجت عثرت فيكي.
نفضت ذراعها عن قبضته لتزجره بقولها:
- فوج لنفسك يا عمر، انا مش واحدة هينة ليك ولا لغيرك، عشان اسمحلك تتصرف معايا كدة؟
رفع يده عنها ليردف متقدمًا نحوها مما جعلها تتراجع هي للخلف:
- يديا الاتنين جدامك اها، ممكن بجى تفهميني يا ست يا ام شخصية قوية، كيف واحدة زيك، مجدرتش تسد مع ناسها زي ما كنتي مفهماني؟ كيف رضختي لرغبة اخوكي، ودوستي على جلبي برجليكي؟
صاح بالاخيرة يجفلها بهيئته الغريبة، وقد اصطدم ظهرها بأحد الأعمده حتى ودت ان تهرب من أمامه، ولكنها اغلق كل الطرق بتصدره بجسده أمامها، فخرج صوتها باهتزاز:
- بعد من جدامي يا عمر، عيب كدة لو حد دخل هيجول عليك ايه؟
- يجولوا اللي يجولوا، انتي جاوبي على سؤالي وبس؟
احتد بها يضرب بكفه اعلى رأسها بعنف جعلها تشك ان من يقف أمامها ويحدثها الاَن هو عمر نفسه حبيبها الذي انتظرت من أجله سنوات:
- يا عمر بجولك سيبني امشي، موضوعي معاك خلص ، انا فعلا مقدرتش اسد مع أهلى ، لأني مجدرش اعترض على قرار اخويا، ولا اتحداه،، سيبني بجى واعتبر نفسك كنت مغشوش فيا .
كانت منكمشة بجسدها عنه، هذه اول مرة تعرف معنى الرعب بحق، وكلماتها كانت كمن يصب الزيت على النار ، لتزداد ملامحه اظلامه، حتى لم يشعر بقبضته التي ارتفعت أمامها بقوله:
- يعني جاية بعد السنين دي كلها، وبعد ما اتغربت، وجدرت اجيب اللي اواجه بيه أهلك وابجى ند ليهم وانا بتجدملك، تيجي انتي على اخر لحظة وتجوليلي مش لاعبة، لا طب انا ماسك في اللعب، و مش ناوي اشيلك من مخي يا روح، جوليلي هتعملي ايه؟
- بعد عنها لاجطعلك يدك.
صدر الصوت الجهوري من صاحبه، لتلتف رؤس الاثنان نحوه، فالتقط هو نظرتها اليه، ليرى ولأول مرة بها الامتنان لمجيئه، قبل ان تتبدل الى الخوف من القادم، خصوصًا بعدما شاهدت تحفز الاَخر وكأنه يرحب بالشجار:
- عارف باشا، ازيك يا عريس، المفروض برضوا اباركلك زي ما باركتلها.
تقدم نحوه بصمت، ليسحبها من ذراعها حتى جعلها خلفه قبل ان يجيبه بازدراء، رافعًا السبابة أمامه بتهديد:
- قسمًا بالله لولا اني عامل جيمة للمكان الطاهر اللي احنا جاعدين فيه، لكنت عرفتك مجامك، وعلمتك كيف تتعامل مع الناس محترمين.
هم ان يتحرك بها، ولكن عمر اوقفه بقوله:
- طب انا راجل مش محترم، وعايز اعرف كيف واحد يتجوز واحدة غصب عنها حتى وهي جلبها معلج بغيره؟ ولا انت مش واخد ان هي كانت ساكتة وانا بكلمها؟
كتمت صوت الشهقة، بوضع كفها على فمها، لتطالعه بخيبة أمل، بأن يتحدث في أمر كهذا امام ابن عمها والذي من المقرر أن يصبح زوجها بعد عدة ساعات، اتعتبرها نتيجة لغضبه؟ ولكن ألا يجدر به أن يراعي ولو قليلًا بخطورة هذا الحديث عليها هي أولاً، فلم تشعر باندفاع الرد منها:
- انا مخبرة واد عمي عن كل حاجة عني يا عمر، كل حاجة بجي عارفها عني.
اتت كلماتها بنتيجة السحر على قلب الأول لتثلج صدره، ان تدعم نفسها بدعمه امام الثاني والذي زادت من اشتعال النيران بقلبه، وافعالها تصدمه:
- يعني عرفتيه..... وبرضوا متجبل كدة عادي؟
- انت عايز ايه بالظبط يا عمر؟
صاحت بها وللمرة الثانية تسبق الاَخر، والذي اوقفها بكف يده عن المتابعة، ليردف امرًا لها :
- اطلعي حالًا، واسبجيني على عربيتي.
همت لتجادل بالرفض نظرًا لقلقها مما قد ينتج فور مغادرتها، ولكنه قاطعها بصرامة رغم هدوء نبرته:
- بجولك حالاً.
- وتطلع ليه ما تخليها جاعدة؟ حتى عشان تكدبني لو بألف عليها .
تجاهل وظل مشددًا عليها بجمرات عينيه المتقدة بحزم نحوها، مما أجبرها على تنفيذ امره بالخروج على الفور، وللمرة الثانية يتجرع الاَخر اثر خذلانها له وكأنه العلقم بحلقه
حتى اذا اختفت من أمامهما، توجه عارف اليه بنظره، يضع كفيه بجيبي بنطاله، فاردًا جسده باسترخاء المظفر يخاطبه:
- طبعًا انت غرضك من دا كله اني اتخانج معاك ، اتحمج لكرامتي بجى واعرفك مجامك، او انت تغلبني بجوة جسمك زي ما انت متصور، المهم ان في الحالتين الموضوع يكبر ويبجى فضيحة، بس انا بجولك بجى، لأ، لأ يا عمر، مش هناولك غرضك، ولا هسمح لأي حاجة تعطلني عن جوازي.......
توقف برهة، يطالع اثر الكلمات على ملامح الاخر والتي ازدادت قتامة وحقد، ليضاعف عليه مستطردًا:
- وعن اجابة سؤالك، اه يا عمر انا جابل، عشان دي بت عمي اللي انا مربيها على يدي، يعني عارف جيمتها زين، وان كان على شوية العطب اللي عشش في تفكيرها الكام سنة اللي فاتوا، انا كفيل اصلحه......
علق عمر على الاَخيرة بابتسامة ساخرة:
- تصلح! انت متأكد منها دي ؟
- اه متأكد يا عمر ، وخد بالك، انا بتكلم ان العطب في التفكير مش القلب، وحط تحتيها دي مية خط.....
توقف ليخيم الصمت للحظات بينهما، ولم يبقى الا حديث الاعين المشتعلة بالتحدي والثقة، في مواجهة الكره والبغض، قبل ان ينهي عارف بقوله:
- عن اذنك بجى، عايز اللحج كتب كتابي بعد شوية، ولفرحي بكرة ، عجبالك يا عمر.
بصق كلماته، وذهب مغادرًا من أمامه، يتركه متسمرًا محله، في نيران قهرًا يسحقه، في يأس فكر يتخبط به الاَن.
❈-❈-❈
اتى بخطواته السريعة يندفع داخل السيارة التي صفق بابها بعنف جعلها تنتفض بخضة، لتحاصرها عينيه المتربصة والمشتعلة للحظات، قبل أن تنفجر به :
- تمام، هتفضل باصصلي كدة كتير وانت ساكت؟ اتكلم يا عارف وطلع اللي في جلبك، انا جيت على عربيتك اها زي ما جولت، وخليت اختي تروح لوحديها، ياللا بجى في انتظار اي قرار منك.
- قرار إيه؟
سألها مستفهمًا، فكان ردها ان ازاحت وجهها عنه بحرج، فوصله مقصدها، ليزفر بعنف، طاردًا كتلة من الهواء الكثيف بصدره، يطالعها بتريث وهي تجيبه بتوتر:
- مش مضطرة احلفلك، بس دا حجك عليا، قسمًا بالله العظيم، انا ما جصدت اجابله، ولا كنت اعرف اني هيهل عليا كدة ويفاجئني، دا انا تجريبًا جطعت مع صاحبتي نفسها اللي هي اخته، عشان اجطع أي صلة.
توقفت تلتف بنظرها للأمام مردفة باستياء:
- اكره ما عليا ان اتحط في موقف دفاع عن نفسي، وموضع اتهام في شيء انا بريئة منه..... وبرضوا انت حر في اي فعل تعمله.
- تجصدي ايه يا روح؟.... اني افلتك؟
توجهت له تخاطبه بجرأة ليست بغريبة عنها:
- انا بجول لو انت عايز، او هيدخل في مخك ذرة من شك ناحيتي، يبجى تجطع من أولها وتوفر على نفسك أي فكر، أو تعب، لاني زي ما برفض ان اتحط في موضع اتهام، ف انا كمان لا يمكن هسمحلك تشك فيا بعد كدة.
- ومين جالك اني شاكك فيكي؟
للمرة الثانية يسألها بهدوء يثير استفزازها، حتى لم تعد بها قدرة على التماسك:
- لأن الموقف نفسه..........
توقفت مجبرة، لتزيح بأبهامها دموع عزيزة غلبتها في السقوط أمامه، لتشيح بوجهها نحو النافذة، تكره ان تُظهر له مزيدًا من الضعف، ولكنه كالعادة وكما أصبحت ترى منه مؤخرًا ادهشها بفعله، حينما أمتدت يده لها بالمحرمة الورقية، تناولته لتجفف بها الاثر المتبقي على خديها ، وصوته يأتي بجوارها مردفًا بلين وتجاهل مقصود: