رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 25 - 4 الأربعاء 29/11/2023
قراءة رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
4
تم النشر يوم الأربعاء
29/11/2023
بعد قليل
وبداخل الجزء الخاص بالنساء اتخذت العروس مقعدها على المنصة المخصصة لها ولعريسها، والذي ذهب الاَن، ليتلقى التهاني والمباركات من الرجال في الجزء الخاص بهم ايضًا، واغاني الدي جي والسماعات العليا، تنطلق من الجهتين،
- وعلى قدر ضخامة الفرح وازدحام الصوان بالمدعوين، الا أن وجود الأقرباء من المحبين، كان لو وضع اخر، شقيقات العروس وبناتهن، لا يتوففن عن الرقص والتصفيق، والتشيجع لكل من يشاركهم.
وعلى إحدى الاغاني الشهيرة المنافسة على اشدها، بين الفتيات الصغار، لتعلق نادرة التي كانت تجاور العروس في هذا الوقت.
- شوف يا خوي البنات مضاريب الدم ، عاملين عمايلهم، انزلي يا روح خدي لفة وسطيهم.
اعترضت لها بمنتهى بابتسامة صفراء، فقد ملت من هذا الطلب المتكرر:
، لأ يا نادرة، ولو عايزة تروحي انتي ترجصي وسطيهم ، روحي، عشان انا مش نازلة من الكرسي دا النهاردة .
عبست الأخيرة تشاكسها بقولها:
- يا باي عليكي، هتعملينا فيها عروسة وبرستيج، خليكي يا ختي لازجة في الكرسي، اروح انا اهيص
قالتها وفور ان نزلت من المنصة ، هزهزت كتفيها بالرقص تضاعف من مناكفتها، والأخرى تتصنع الغضب رغم ابتهاجها من الداخل، لتلتف بعدها نحو التي تقف متفرجة بجوار والدتها، لتدعوها بالاقتراب، حتى اذا أصبحت بجوارها، عاتبتها على الفور :
- كدة برضوا يا نادية، من ساعة ما جعدت عمالة اشاورلك، وانتي ولا معبراني.
قطبت الاخيرة بدهشه تطالع غضبها الغير مبرر، فتأخذ دورها هي الأخرى في المشاكسة:
- طب وليه العصبية؟ انا اصلا مكسوفة من جعدة الكوشة جمبك، بالاسود اللي لابساه، معلش يعني....
قاطعتها على الفور بحمائية:
- ومالوا الأسود؟ دا انتي احلى من كل الموجدبن في الفرح بيه، اصحي لنفسك يا نادية دا انتي جمر.
- والله انتي اللي جمر.
رددت بها بامتنان لا يخلوا من اعجاب حقيقي بها، لتردف بعدها:
- على فكرة يا روح، انا بتكلم جد والله، حريم البلد النهاردة هيتهبلوا عليكي، انا بسمع تعليفاتهم بنفسي، بس انتي ليه مكشرة، ولا تكونيش لسة متوترة؟
ظهرت اجابة السؤال على ملامحها التي تجهمت فجأة بشكل فكاهي، جعل الأخرى تعلق بابتسامة تجاهد لإخفاءها:
- معجول لسة يا روح، مش احنا اتفجنا نعيش اللحظة؟
- يا بنتي هو مديني فرصة افكر طبيعي حتى عشان اعيش ولا أنيل.
خرجت منها بعصبية لتستدرك وضعها على الفور امام البشر، ثم اقتربت منها، تستكمل حديثهما الهامس، بعيدا عن الصخب الدائر حولهم:
- يا نادية والله بيوترني بتصرفاته، يعني مثلآ في العربية فضل ماسك وداني يوشوشني بكلامه الجريء، وانا في نص هدومي، لا عارفة اتجاوب معاه، ولا جادرة ارفع عيني في المراية جدام السواج، ولا في الفوتسيش اجواك ايه بس؟
لم تقوى نادية على كبت ضحكتها، لتتمتم لها بمكر:
- هو باين عليه فاهمك، وشكله كدة مستحليها معاكي، فوكي عشان ميزودتش في الغلاسة عليكي..
رددت خلفها ياستخفاف:
، بزود فين تاني؟ هنا كمان جدام الناس؟!
وما كادت ان تنهيها حتى التفت رأسها مع الأخرى، على صوت زغاريط النساء التي صدحت بقوة، ترحيبًا بدخول العريس وخلفه عدد قليل من رجال العائلة، كشقيق العروس ووالد العريس وعمه، وبعض الشباب .
انتفضت نادية تريد النهوض من جوارها ولكن الأخرى أوقفتها تجذبها من مرفقها:
- اجعدي متجوميش، هو اساسا داخل عشان يسلم على جدتي، مش واخدة بالك .
اعترضت بحرج تريد نزع قبضتها عن مرفقها:
- طب سيبي يدي، ما هو أكيد لازم يجي ويجعد جمبك.
تجاهلت تزيد بالتشبث بها، حتى أجفلها اشارة الأخر نحوها، سهمت بنظرها اليه بعدم فهم، ولكن نادية وضحت لها:
- بيجولك انزلي، شكله عايزاك ترجصي معاه وسط البنات .
سمعت منها وقد تأكد لها بالفعل مطلبه، التفت براسه عنه، وبعند طفولي رفضت ان تنظر اليه مغمغمة بضجر:
- جال انزل جال، دا انا اختي من الصبح بتتحايل عليا وانا ورافضة، طب مش نازلة.
وبإصرار أشد،، وصل اليها ليسحبها من كفها أمام الجميع وبدون نقاش، بابتسامة جعلت السيدات يطلقن الزغاريد، ابتهاجًا بفعله، لترضخ له نتيجة الحرج، وعلى غير ارادتها، لتتخذ مكانها بالوسط بجوار الجدة التي وقفت تحرك ذراعها بالعصا، تعبيرًا عن فرحها بزواج حفيديها، لتشتعل الأجواء على انغام المزمار البلدي، وقد التف حولهما الفتيات الصغيرات لتضطر هي ان تجاري الوضع وتتمايل معه على قدر ما تستطيع، تخطف نظرات مفهومة نحو صديقتها والتي اندمجت هي الأخرى في التصفيق مع البقية ، لا تخفي ابتسامتها ولا ضحكتها على ردود أفعالها.
غافلة عمن وقف هو الاَخر مشدوهًا بفتنتها، لا يرى بشرًا من الحفل غيرها، وبرغم كل الحواجز لا يملك الارادة التي تمكنه من إزاحة النظر عنها، حتى حينما انتبهت له اخيرًا، لتلتقي عينيها بخاصتيه عدد من اللحظات، شعر بها وكأنه انفصل عن الواقع، ولم يعد في الكون غيرهما، وكأنها استجابت لنداء قلبه، كي يروي عطشه بنظرتها، ينقض العهود ويخالف الوعود الذي قطعها على نفسه، يستجدي كلمة واحدة منها ، ليتها تشعر به وبما يحمله لها بقلبه.
ولكن كيف؟ وقد قطعت تفسد سحر اللحظة، بأن انزلت ابصاره عنه، وغيرت حتى المكان التي كانت تقف به قبالته، ليعود ليأسه مرة أخرى ويتذكر مقارنتها المجحفة له بزوجها الراحل .
❈-❈-❈
بعد قليل وقد أوشك الحفل على الانتهاء، خرجت من صوان النساء لتبحث عن طفلها الذي غافلها يركض مع الاطفال،
بصوت خفيض كانت تهتف منادية باسمه حتى لا تثير انتباه الرجال اليها في الصوان الاخر .
- معتز، انت يا زفت.....
قطعت وقد تفاجأت به امامه محمولا على ذراعي هذا الغليظ، على الفور امتقعت ملامحها، وتحفزت بتظرة محتدة تخاطبه بأمر :
- نزلي الود من على يدك .
قابل غضبها، بهدوء شديد يلطف بقوله:
- خبر ايه يا بت عمي؟ هو انا هخطفه، دا معتز دا حبيبي والله، حرام عليكي تمنعيني عنه.
غلت الدماء برأسها لنردف بتهديد صريح، تقطع عليه اي طريق للتواصل:
- نزل الواد وبلاش كلامك الملون ده، انا مش عايزة صوتي يعلى، بس لو زودت عن كدة ، مش هايهمني حد، ان شالله حتى اجول على عملتك السودة وجلة اصل اختك اللي دارت عليك ، ولا يكونش فكرت سكوتي ضعف ولا خوف منك .
كانت قوية وحاسمة في توجيه التهديد المباشر له، حتى اجبرته على انزال الطفل، يكتنفه اضطراب شديد، وابصاره تتلفت في الانحاء حوله خشية سماع احدهم للحديث بينهم، يردف بمهادنة:
- ايه اللي حصل يا بوي لدا كله؟ انا في الاول والاخر، عايزك قي حلال ربنا، يعني مش جاصد أذية.
تناولت كف ابنها لتسحبه اليها وتقربه، تبصق بعبارتها الأخيرة بوجهه قبل ان تستدير وتذهب:
- واحنا لا عايزنك حلالك ولا حرامك، بس اكفينا شرك وابعد عنينا، يا اما تبجى انت اللي جيبته لنفسك.
ظل واقفًا لحظات يتطلع في اثرها بوجه انسحبت الدماء منه، يمسح على عرق جبهته الباردة بقلق شديد، لقد اجفلته بحدتها، وهو الذي منى نفسه بنسيانها ما حدث وقد مر على هذا الأمر شهور ، يبدوا ان الطريق مازال طويلا بينها وبينه، ولكنه لن ييأس.
اقنع بها نفسه، قبل ان يتحرك ويعود الى حفل الرجال بعرس ابن عمه، جاهلًا عمن كان يقف متخفيًا في جهة قريبة، وقد سمع كل الحديث .
❈-❈-❈
انتهى حفل العرس اخيرًا:
وها هي الاَن تقف بغرفتها، الغرفة التي اسسها من أجلها منذ سنوات، تجهزت وارتدت مئزرها في انتظار دلوفه، ليعود اليها بعد لحظات ، بعدما تركها منذ قليل، كي يودع مجموعة من أصدقاء الغرباء ، قبل عودتهم لبلادهم،
كانت تجلس على طرف التخت تضم على طرفي المئزر بقوة، حتى تخفي أي شيء أسفله، شعرت به يتقدم بخطواته الوتيدة حتى وقف فجأة دون صوت ليجبرها على رفع رأسها اليه، والتقت ابصارها بعسلتيه المشتعلتين نحوها، بنظرة تحمل اشياء جعلته لا تقوى على استيعابها في هذا الوقت، فخرج صوتها بصعوبة في الحديث له:
- ااا وصلت صحابك ، ولا سلمت عليهم؟
لم يجيبها بشيء، بل جاء صوتها محفزًا ليقترب ويدنو اليها، وتناول مرفقها بين يديه، ثم رفعها اليه، كي تقف قباله،
فازدادت خجلا، وازداد ارتباكها حتى لم تعد بقادرة على مواجهته، قبل ان يمسك بذقنها بطرف اصبعيه، ليجبرها على مواجهته، وهو يخاطبها:
- بصيلي كويس يا روح، حطي عينك في عيني، خلاص معدتش بجى فيه هروب، انتي ليا وانا عمري ما كنت غير ليكي، فاهمة انا بجولك ايه؟
أومأت بهز رأسها، بصمت لم يعجبه، ليشدد بإمساك ذقنها ويأمرها:
- كرري انا جولت ايه ؟
ابتلعت تخرج الكلمات منها بصعوبة:
- انااا ليك، وانتي عمرك.... ما كنت لحد.... غيري.
- جدعة يا روح.
تمتم بها ، ثم فاجئها بأن التفت ذراعه حولها، ليجذبها بقوة نحوه، حتى ارتطمت بصدره، لتصدر صوت شهقة الاجفال منها، وشعر برجفتها، ليعقب بضجر:
- انتي لسة برضوا بترجفي يا روح؟
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية ميراث الندم, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..