رواية جديدة عقاب ابن البادية لريناد يوسف - اقتباس حدث التين الشوكي - الإثنين 25/12/2023
قراءة رواية عقاب ابن البادية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية عقاب ابن البادية
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
اقتباس حدث التين الشوكي
تم النشر يوم الإثنين
25/12/2023
فى الصباح الباكر تجمع الأربعة واطلقوا سراح الأغنام كي يرعوهم، تخطوا منطقتهم ودخلوا في حرم منطقة اخري دون ان ينتبهون للمسافة التي قطعوها نظراً إنشغالهم في الاحاديث الشيقة عن السيارة وعن الأغنام وكل منهم اصبح يمتلك كم رأس، وحتى رجوة التي كانت تستولى على إحدى الصغار من كل رأس تلد من اغنام وماعز الثلاثة، فأصبحت ذات ثروة.. وهم في طريقهم صرخت رجوه بفرحه:
يااااا تييين شووووكي استاحشته واااجد الله عليكم جيبولي منه نفسي فيه.
تلفت رابح حوله وانتبه أنهم في ارض غير أرضهم وكانت مزروعة بأشجار كثيرة لا تنموا بفعل الطبيعة في الصحراء، بل تذرع بالأيدي، ومن ضمنهم التين الشوكي، فإنتبه وقال لهم:
ويش هاد احنا ابتعدنا كتير ودخلنا بحدود قبيله تانيه.. هالتين مزروع زراعه مايصير نقطف منه.. فصرخت فيه من لاتهتم بتلك الأمور:
ويش فيها اذا اخدنا كم تينه يعني، راح يفتقر صاحبهم؟.. سالم جيبلي تين الله يخليك حباب.
تلفت سالم حوله يتفقد المكان، فأردف آدم:
- اي راحت للي مايرفض ولا يستحرم بس تطلبه رجوه بشي.
رابح:
-اي بس يسمع كلمة حباب ينقلب حاله ومايعرف يمينه من شماله.
رجوه:
- صكر فمك انت وياه، اذا مابيكم خير وماتجيبون لا تحكون.. سالم احسن منكم انتوا الزوز هو قلبه رجيج ويحب بت عمه مو زيكم بس تقولون نحبك يارجوه بالكذب.
صمت راجح وادم فهم أمام سليطة اللسان العنيدة التي لا يكسب احد أمامها اية نقاش ولا فرصة لمن يعارض مطالبها للنجاة.
اما سالم فخلع عقاله وأقترب من شجرة التين وبدأ يقطف به حبات التين ويضعهم ارضاً لحين الإنتهاء وتنظيفهم من الشوك وإطعامهم لها بيديه حتى لا يأذيها الشوك، فتفاجأ الجميع بشخص آت نحوهم ووجهه لا يبشر بالخير، فتلفتت رجوة حولها على مكان تتخلص فيه من التين، فلم تجد، وبعقل طفولي أمسكت حبات التين وقامت بشد بنطال سالم بسرواله الداخلي ورميهم داخله وإغلاقه، كل هذا حدث في ثوانِ معدودة لم تعطي لاحد منهم فرصة الإعتراض.. فضرب كل من آدم ورابح جبهته بصدمة من فعلتها، أما سالم فأحتقن وجهه بالإحمرار وهو يكتم ألماً فوق إستطاعته، وخاصة مع إقتراب الرجل منهم وبصوته الجهوري سألهم:
-منو انتوا وايش تسوون هيني، هي ارض ملك ومانها مرعى، من اي قبيله انتم؟
فأجابه رابح:
-من قبيلة الشيخ منصور وهادول حلاله، ونعتذر منك ياعم ماحسينا بروحنا ابتعدنا والطريق خذتنا.. الحين بنرد.
- انتم من وليدات قبيلة المنصور، يااهلا وسهلا.. ابشروا لعيون شيخكم تصير اراضينا مرعى لحلالكم، خدوا راحتكم ولا تعاودوا بالحلال للشيخ الا بعد يشبعن، ووصلوله السلام وقولوله ابو ريحان يسلم عليك.. وأمانه عليكم اللي نفسا تطيب لشي ياكلا.. انتم ضيوفنا وارضنا ارضكم.
شكره رابح ووعده ان يبلغ سلامه وواجبه للشيخ، وغادر الرجل، وما ان إبتعد حتى خر سالم على الأرض محرراً صرخاته وهو يحاول إخراج حبات التين من بنطاله، وحتى رجوه جلست تبكي وهي تنظر لكفوف يديها الذان إمتلئا شوكاً، واردفت من بين دموعها:
-اني بهيمه ويش خلاني امسك التين بيدي والراجل ماراح يعملنا شي؟
صرخ لها سالم :
- اذا يدك وتصرخين شلون لو احطلك التين بسروالك..ولك الله يلعنك يارجوه.
اما رابح وآدم فبرغم إشفاقهم على صديقهم إلا انهم لم يستطيعا السيطرة على ضحكاتهم، فقد كان موقفاً غريباً وحادثاً اليماً لن يشفى منه سالم سريعاً.. فامرا رجوه أن تبتعد عنهم، واخذا ينظفانه من الشوك وهم يخبرانه مع كل شوكة تنسل من جسده أن هذا هو جزاء السرقة وطاعة رجوه العمياء.. ومن بين ألمه كان يسمع صوت بكائها ونويحها من ألم يديها، فأخبر راجح بان يذهب لإزالة الشوك عنها ويترك له آدم يكمل معه.. وعاد بعدها الجميع للبادية وهم يحملون موقف سيضحك الجميع عليه لأيام وأيام، وسيكون هو بطل جلسات السمر لمدة طويلة.. اما سالم فمنذ عاد دخل خيمته ولم يخرج منها وهو يحاول ان يعثر على مالايراه من شوك ولكنه يشعر به..
وفى الليل كانت كل القبيلة تتحدث عن فعلة رجوه بسالم ويضحكون، منهم من يولول من صعوبة ماحدث له كأمه وأبيه وإخوته، ومنهم من تأخذ ملامحه وضع الشفقة لثوانٍ ثم ينفجر ضاحكاً.
وصل الخبر للشيخه عوالي عن طريق مايزه، فضربت على صدرها وهي تقول:
- عمت عيني عليك ياوليدي الله يكسر اديكي يابت قصير.
مايزه:
- هالبنت خربها دلال سالم ياشيخه وخلاها صارت مثل الصبيان ماحدا يعرفها بت ولا وليد.. من شي كم يوم شفتها ورا الخيمه رافعه ملابسها وتبول متل الوليدات ورجولها كلهن صارن بول وزناخه ومشت ولا كنها عامله شي، بس معزوزه اختها دقتها، وسالم جه لمعزوزه ووده يدقها، وضل يلالي ويقول رجوه تعمل كل شي وماحد يحاسبها.
صمتت عوالي قليلاً ثم اردفت لمايزه:
-اليوم كم بالشهر؟
مايزه:
-باقي فيه ثلات ايام
- روحي نبهى على رجوه ماتروح المرعى غدوه، ونبهي عالبنيات اللي من سن رجوه واكبر منها شوي يجون بعد الفجر لخيمتي.. ونبهى عالجميع غدوه يوم ختان.. وجهزيلي كل شي.. وخلي كل وحده ليها بنت تتختن تجيب معها قماشات بلكي بنتها يجيها نزيف.
-. امرك ياشيخه.
ذهبت مايزه واخبرت الجميع، ومن ضمنهم معزوزه التي شهقت حين سمعت الخبر وقالت لأمها بعد كغادرة مايزه:
- بس ياإمي رجوه مازال صغيره عالختان!
مكاسب:
- اللي تشوفه الشيخه يصير، هي تعرف اكثر مني ومنك، واذا قالت تتختن البنت تتختن.
نظرت معزوزه لأختها النائمه في السلام واردفت بهمس:
- ياربي مازال طفله ومافيها للختان شي، ويش جاها الشيخه عليها؟! لسه تو اللي تعافت من الحوي وردت عافيتها!
ثم نظرت لأمها وقالت:
- اذا فاقت بالليل تشرب لاتخبريها.. ماتخلي قلبها يطيح من الخوف.
صمتت مكاسب واستوت على الفراش وأستعدت للنوم وكانها لم تسمع شيئ، وكأن من ستختن غداً ليست ابنتها ولا تمت لها بصلة!
وفى الصباح الباكر كانت رجوه تقف ضمن طابور طويل هى اصغر من فيه، لا تعلم لِم ارسلت الشيخة في طلبهم، حتى بعد ان ذكرت أمامها كلمة ختان لم تفهمها، وظلت تنتظر دورها وكل ظنها أن الشيخة ستوزع عليهم حلوى مما تجلبها من الحضر.
خرجت عليهن الشيخة عوالي وتفقدتهن، ونظرت لرجوه بالتحديد وأشارت اليها وهي تعطي أمراً لمايزه:
- جيبيلي الفنص هي اول شي.
أمسكتها معزوزه بخوف وشفقة واحتضنتها ودخلت معها، فقد أقسمت ألا تتركها للخوف والألم وحيدة، لأنها تعلم جيداً ماهو بإنتظار أختها، فهي مرت بكل هذا من قبل.
وبدأت بها عوالى وقيدتها مايزه واخذت رجوه تصرخ بخوف وهي لا تعلم ماذا سيفعلن بها، وتستنجد بأختها معزوزه التي إنضمت لجبهتهم وأمسكتها تثبتها، ولأول مرة في حياتها كانت تساعد في ترويعها بدلاً من أن تحتضنها وتهدئ من روعتها وتحميها من الألم كما تفعل دائماً.
وتم الأمر سريعاً.. وظلت رجوه تصرخ حتى وصل صوتها لمن استيقظ من نومه مفزوعاً على صوتها وخرج من خيمته كالمضروب على رأسه يبحث عنها من مصدر الصوت ويكتشف ماذا يحدث معها.
اما عوالي ماأن انتهت منها رفعت المشرط تمسحه من الدماء وهي تقول لها:
-هي يافنص عشان تعرفي انك بنيه وماتبولي وانت واقفه مثل الذكور، وكمان جزاتك لعملتك بسالم امس لتذوقي عذاب الاماكن الناعمات شلون يصير.. يلا قومي على خيمتك وتنامين ثلاث ايام اذا ريتك بره الخيمه تمشين اقص رجولك.
حملتها معزوزه وخرجت بها عائدة لخيمتهم، وما آن رأها سالم حتى جري عليها وهو يشعر بأن قلبه يحتضر عليها خوفاً، وسأل معزوزه برعب واضح:
-ويش فيها يامعزوزه، ليش صراخها معبي القبيله، وليش تحملينها، ويش فيك يارجوه؟
رجوه:
- كله منك، كل اللي صار بسببك، انت اللي وشيت بيا للشيخه وانا ماقصدت أذيتك، انا بهيمه مافكرت ووجعتك غصب، بس أنت وجعتني قاصد، انا اكرهك ياسالم اكرهك اكرهك، ابتعد عن طريقي ولا تجيب اسمي على لسانك ولا تقول عندي بت عم اسمها رجوه..هيا يامعزوزه دخليني الخيمه.. وعادت للصراخ مرة اخرى، فتحركت بها معزوزة وتبعها سالم الذي لا زال لا يعلم ماذا أصابها، أو يفهم حتى ماذا تقصد.. وبعد إلحاح اخبرته معزوزه بأنعا خُتنت وبأن الشيخة اخبرتها انه عقاب لها على مافعلت معه.. فخرج سالم من الخيمة غاضباً، ودخل خيمته وقد كان آدم ضيفاً عليهم اليوم، فهجم عليه هو ورابح واشبعهم ضرباً، وهو يقول لهم:
- لو ماخبرتن الكل باللي صار ماكان رجوه جاها شي، انتم سبب كل البلا الله ياخذكم، وظل يضرب فيهم وهم يدافعون عن انفسهم دون فهم، وكان صباحاً مليئاً بالوجع.
وعلى اثر كل ماحدث قرر انه لن يخرج اليوم للمرعى، ولن يبرح المكان حتى يطمئن على رجوه، فعاد لها، ودخل خيمتها فقابلته بالصراخ والطرد، فجلس خارج الخيمة وهو يفكر في شيئ يجعلها تسامحه وترضى عنه عن ذنب لم يقترفه، وقبل هذا قرر الذهاب للشيخة يسألها عن شيئ يخفف عن رجوه وطأة الألم، فأمرته الشيخة بتركها والإبتعاد عنها فهذا ألم طبيعي وسينتهي.. ولكن هيهات أن يترك سالم رجوه تتألم. ولا يحاول ان يزيل ألمها حتى بشيئ معنوي.
فاخذ سيارة آدم وذهب بها للحضر بعد ان اخذ من نقوده الخاصة مبلغاً كبيراً.. وهناك اشترى لرجوة ثوب جديد ودمية من قماش، وأساور ملونة كثيرره، وأيضاً إبتاع لها الكثير من الحلوى التي تعشقها، وإبتاع لها التين الشوكي الذي كان السبب في كل هذا.. وأيضاً دواء مسكن للألم.
وعاد لها محملاً بكل هذا، ودخل عليها، وما أن رأته حتى صرخت، فأسرع يريها مااحضره لها، فهدأت قليلاً، وبدأت تتفحص مامعه، وأختطفت منه الدمية والحلوى، وضمتهم لصدرها وعادت للنحيب، ولكن كفت عن الصراخ على سالم بأن يترك الخيمة وسمحت له اخيراً بالجلوس معها.
فأعطاها من الدواء الذي خفف عنها قليلاً، ونظرت الى التين الشوكي المقشر الذي مده لها وهو يقول:
- سامحيني يارجوه، والله اذا حد خبرني راح يصير فيكي هيك ماكنت خليت يد تنمد عليكي بالأذى.
اخذت من يده التين ونظرت اليه وسألته في شفقة:
- وجعتك كتيرر مووو..انت اللي تسامحني ياسالم والله والله مابقصدي..اني بعمري ماريدلك الوجع
- اعرف مابقصدك يارجوتي واعرفك ما تريديلي وجع.
- بس انت الله يلعنك هنن كم شوكه طلعتهن ما غاب منك شي، ريتك حطيتلي تين متل ماحطيتلك ولا ان الشيخه تسوي هيك فيا.. الله يلعنك ويلعنها سوا.
معزوزه بخوف:
-ششش صكري فمك حد يسمعك ويقول للشيخه عليكي.
- ويقول مايهمني.. الله يلعن كل القبيله ويلعنك انت كمان معهم... ياااابااااا يايمااااا لو يعطوني الموس ويكتفولي الشيخه والله لأسويلها متل ماسوتلي واللللله..واكبسها رماد بعددد وأخلي صرخاتها توصل للغيييم.
ضحك سالم على كلامها، ولكنه كتم ضحكته خوفاً من ثورتها، وكذلك ضحكت معزوزه وغطت فمها بالشال، وظل الاثنان معها لا يفارقانها، يسمعون من فمها ابشع الشتائم، وسالم اخذ من السب مايكفيه لعامين كاملين، ولكنه كان يهمس لنفسه:
- قولي ويش مابدك وسبي والعني، والله بستاهل وبتحمل، بس انت طيبي يارجوة القلب
..يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية