-->

رواية جديدة عقول غيبها العشق لأسماء حميدة - الفصل 1 - 2 - الأحد 31/12/2023

  

قراءة رواية عقول غيبها العشق كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية عقول غيبها العشق

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء حميدة

الفصل الأول

2

تم النشر يوم الأحد

31/12/2023


وسيم حد اللعنة، ف (أرون دانييل) يمتلك قسمات الوجه التي ينطبق عليها هذا الوصف، معالمه وبرغم خشونتها إلا أنها جذابة ومفعمة بالحياة حتى وإن عكست متاعبها. 


تململت بضيق عندما ضج رأسها بذكرى حماقتها وتصرفها الساذج وذلك حين دقت هكذا وبكل بساطة باب قلعته الشامخة، وطلبت منه وبمنتهى البلاهة أن يسمح لها بالتقاط صورة له، فلو فكرت بإمعان قبل سابق لعلمت أن مسألة كتلك ليست بهذه السهولة واليسر، وإلا ما طلب (إبرام) هذا منها. 


تساقط فيض من الأحجار والحصى الصغيرة حين انتفضت بعد أن رأت عقرباً كبيراً، وشهقت برعبٍ وكأن المصائب لا تأتي فرادى، فحتماً عندما تتساقط هذه الفتات من الأحجار مرتطمة بسطح الماء أسفلها سيستشعر هذا الغليظ (أرون) وجودها. 


استحوذ عليها رعبٌ هيستيري وكأن العالم من حولها قد استمع إلى شهقتها تلك فاعتدلت تستند مختبأة بزاويةٍ خلف الصخور وهي تحبس أنفاسها تلقائياً وكأنه سيستمع إلى صوت وقع ضجيج صدرها الذي يدب به الخوف، بينما تدافعت الحصى تعرف طريقها إلى البحر. 


برهة!! اثنتان!! بل ثلاثة ولكن لم تلتقط قوقعتها السمعية أي صيحات غضب، وأخيراً تحمست تطل برأسها من خلف الصخرة، فوجدته لازال شاخصاً إلى الفراغ أمامه ولم يحرك ساكناً وبدا كمَن انفصل عن العالم من حوله. 


كانت عينا الصقر خاصته متمركزة على حركة يخت بعيد ينعر ماتوره وهو يشق عباب أمواج البحر المتلاطمة. 


وعلى غير توقعٍ مسبق منها استدار (أرون) باتجاهها ولم يكن منها إلا أنها أخذت شهيقاً مطولاً لتُهدئ من روعها، وهي تتأمله عندما عاودت رفع عدستها ليقابلها هذا الوجه الذي لا ينسى والمغطى بحاجبين كثيفين يزينا عينين زيتونيتين بدتا في صباح هذا اليوم وكأنها تبحران بأغوارها مقتحمتان حاجز أسرارها الدفين. 


أخذت تهلل داخلها بأبيات النصر والغلبة وهي تتلصص عليه من بعيد بعد أن مر اندفاع الحصى ولم يلحظ وجودها، تذكر نفسها بأنه غافلٌ عن أنها وجدت شق بحصنه المنيع واخترقت درعه، فقط لو علم لما تسمر بمكانه يشعر بكل هذا الهدوء والاسترخاء على حافة تلك البركة.

تحاول أن تتناسَ توضيحه الجلي بأنه لا يحب المتطفلين، فآخر صورة التقطت له كانت عندما كان يحرق جثة محبوبته على الشاطئ وهو يقف متجهماً عبوساً، واتضح بالصورة التي رأتها مع (إبرام) مدى حزنه الشديد لفقدها. 


تفرست بملامحه فبدا جذاباً ووسيماً دون التفكير بمقاييس الجمال، وقد أضفت سمرة الشمس على بشرته مظهرًا مهيباً تبرز مدى حدة معالمه، ومن يراه يخاله كقراصنة الكاريبي، يشبه ذلك النوع من الرجال الذين يحتجزون أعدائهم فعلياً في زنزانة. 


كفي عن حماقتكِ (كيتي) ، فمَن أكثر غلاظة من (أرون دانييل) صياد الوحوش!! الذي لو طالتها يداه سيفعلها قطعًا. 


احتجت خلايا قلبها بانزعاج، وهي تحاول فك تيبس أطرافها، و عينيها التقطت رسمة هذا الفم بشفاهه الغليظة، وتسائلت لعله جميل. 

هذا ما إن قرر أن يبتسم، لكنها لن تكتشف ذلك حتماً، فاللقاء الوحيد الذي جمعهما كان مزموماً أشبه بخيطٍ رفيع يعلو ذقناً حاداً لا يلين والغضب الجم شعورٌ نضحت به كل تقسيمة بوجهه. 

ضغطت سبابتها زر العدسة تلتقط صورة له ستحتفظ بها لنفسها. 


بينما هذا الوسيم قد تأهب لفعل شيء، فقد امتدت يده تزيح المنشفة عن كتفيه، يرميها على الصخور. 


تجمد إصبع (كيتي) على زر العدسة، وهي تحاول التركيز لتسجل تلك اللقطة المفعمة بالقوة والرشاقة حينما تقدمت تلك الكتلة العضلية المتناسقة قافزاً في ماء هذه البركة التي شكلتها الصخور المرتصة تحفها وكأن هناك مهندس قد شقها عن البحر لتبدو جزءاً مقصياً عنه.


زفرت (كيتي) براحة وهي تضع يدها أعلى صدرها تستعيد أنفاسها المسلوبة، وهي منتشية بعد أن زفرت بغنيمةٍ كبرى وذلك بعد أن التقطت سلسلة من الصور الفوتوغرافية لهذا ال (أرون) الغامض المختبأ بعيداً عن الأضواء. 


تقطب جبينها بعبوسٍ طفيف وهي تراقبه يتحرك بتسلية ونشاط داخل المياه. 


فطالما هذا المزهو بحاله يختال على مَن يحاول الاقتراب منه وكأنه ليث غدنفر مدلل لا يضاهيه أحد قوة وعنفوان. 


وبالرغم من أنها استمعت إلى أنه عاد منذ حادثة  (إميليا) إنساناً عادياً، ولكن هذا لم يمنع تشتت مَن استمع إلى أسطورته منذ ما يتعدى الألف عامٍ، فكيف لمَن عاد إلى طبيعته البشرية يظل على قيد الحياة طوال هذه القرون.. 


نعم لم يظهر (أرون) منذ أحوالٍ متلاحقة بصفته الطفرة الأبرز لعصورٍ متتالية، قرون منذ أن ذاع صيته واحتلت أخباره الصحف، وها هو يختفي وبكل بساطة حتى كادت أن تندثر قصصه وزعم البعض أنها مجرد روايات لا أساس لها من الصحة. 


لقد أخلف (أرون) ظهره للعالم على حد قول (إبرام) ، فقد انتقل إلى هذه الجزيرة المعزولة ولكن في السنوات القليلة الماضية بدأت تثار الشائعات حول هذا البرج وساكنه، بعضهم يصدق وآخرين يجزموا باستحالة هذا. 


وأي صورة ستلتقط لصياد الوحوش ستعد كنزاً ثميناً، وستشكل سبقاً صحفياً فريداً من نوعه، صورة واحدة ستثير الجدل وينشب عنها تكهناتٍ لا حصر لها حتى وإن لم تكن هناك وقائع تذكر، ف (أرون دانييل) هدف لا غرير له وبلا منازع لأصحاب تلك المجلات التي تتهافت سعياً وراء فضائح الوجوه المعروفة و أخبارهم. 


ولكن ما لم تكن تتوقعه (كيتي) أن شخصاً تخطى من العمر قرون بأكملها يحتفظ بشبابه وحيويته كل هذا القدر. 


استماتت قبضة (كيتي) على علبة الفيلم، وهي ترسم المخططات حيال ما ظفرت به يداها. 


ومن الآن وصاعداً لن تشعر حيال هذا ال (أرون) سوى بالتعاطف والشفقة حتى ولو لم يكن هو الشخص نفسه الذي حِيكت عنه القصص القديمة. 


ولكن لِم يخالجها الآن شعور بالاشمئزاز والنفور من حالها ومما تفعله؟! 

وها هي تقاوم رغبة ملحة في إلقاء هذا الفيلم على طول ذراعها إلى البحر، فهي تمقت هذا النوع من الأخبار وتكره هؤلاء الفضوليين أصحاب هذه المجلات الذين تسلك مسلكهم الآن مجبرة. 


شردت لحظة وهي تنظر إلى علبة الفيلم بريبة، وقبل أن تُقدم على فعل أي شيء أخرق دسته بجيب قميصها، وهي توبخ حالها فإذا كان هناك مفر من مصيدة (ابرام) ما قطعت كل تلك المسافة إلى هنا ولكن لا خيار أمامها، فعل كل حال من هو (ابرام) ليتمكن من أذية شخص گ (أرون دانييل) . 


كبتت (كيتي) وبحزم تلك الهواجس التي تخالجها عن دناءة موقفها ونزاع يدور بأغوارها ينتصر أحد طرفيه مُقراً انحطاط فعلها، وإن أنكرت فبهذا قد خدعت نفسها. 


وبمهنية وآلية، أخرجت (كيتي) فيلماً جديداً من حقيبة ظهرها التي وضعتها جانباً، تدسه في المكان المخصص له بآلة التصوير التي تحملها بين يديها، وعاودت رماديتيها لتحملق مرة أخرى إلى طيف هذا القوي (أرون)، فوجدته قد توقف عن السباحة يتسطح على ظهره تتقاذفه الأمواج ما بين مدٍ وجزر. 

راقبته (كيتي) شبه مغيبة متجمدة بموضعها. 


عيناها لم تفارقه، بل أخذت تراقبه بشخوص، وتقطيبة زينت جبهتها وهي تتسائل عما يفعل، ثبتت بمكانها وتدفق الدماء بأوردتها جعلها تشعر بسريان قشعريرة الإثارة بأوصالها، فعلى ما يبدو أنه يتابع شخص ما، انتقلت نظراتها إلى حيث نقطة مرمى بصره الذي استقر باتجاه الشرفة فوجدت خيال لشخص آخر


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء حميدة، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة