رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 30 - 6 - الجمعة 8/12/2023
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثلاثون
6
تم النشر يوم الجمعة
8/12/2023
نزوت في أحد الأركان بالغرفة محدقة فيما حولها بنظرات شاردة. تراجعت لتقف بالشرفة الخارجية مستنشقة نسمات الهواء العالية، و مستعيدة بذاكرتها لمحات خاطفة من موعدها مع الطبيبه قبل سابق واكتشافها حقيقه أمرها ومرضها! وبدأ علقها يصور لها بأنها بعد شهور قليله ستفارق الحياه!.
أغمضت عينيها تدمع ببكاء حارق بحسرة وهي تتذكر مشاكلها مع أيمن بسبب عملها الذي لا يريدة، وبدات تعترف أخيرا بانها كانت مخطئه في ذلك الأمر بتعاملها معه بتهور فيجب أن تتراجع عن تلك الفكره وتنسي عنادها لتعوض أيامها المتبقيه بالحياه .
قررت ألا تستسلم وتتودد إليه على طريقتها الخاصة رغم جفائه وغضبه معها، و رغم مشاكلها التي اكتشفتها بحملها وستؤدي الى فقدانها إلا أنها ستبذل جهدها لاخفاء ذلك الأمر عن زوجها حتى لا تسير قلقه الشديد نحوها وتعكر صفوه.. لكنها من جانب آخر ستستغل الأمر للتقرب منه من جديد! ستعود مثل سابق تهتم بزوجها، فمن الواضح بأن اكتشاف مرضها سيجعلها تعطيه فرص ثمينة للتقارب الحسي بينهما.
جمدت أنظارها على يديها الموضوعه فوق بطنها تفكر بطفلها أيضا، متذكرة تلك الدقات العنيفة لقلبها عندما تخيلت أنها ربما ترحل عن الحياه وتتركه وحيد، كم شعرت بالاسي نحوه ونحو والده ونحوها أيضا! فاحتمال كبير أثناء ولادتها تموت قبل أن تراه حتى.. بدأت تبكي أكثر بحزن عده ساعات متواصله وهي تتخيل تلك الأفكار السوداويه داخل عقلها، وحين انتهت نهضت وبدأت تمسح دموعها وهي تفكر كيف ستبدأ تتصرف حتى يعود أيمن لها دون أن يلاحظ عليها شيء! فأي تصرف أهوج في تلك اللحظات الأخيرة حدث حسب عليها وليس لها.
وقف أيمن يتأمل هيئته بالمرآه قبل ان يذهب الي موعده مع أحد اصدقائه ليجد صورتها تنعكس أمامه فتسأل بجمود
= في حاجه يا ليان
لتلمع عين ليان بالحب وتقدمت قليلاً لتصبح أمامه، إبتلعت ريقها وهي تقول بخفوت
= انت خارج .
لتكسو تعابيره الاكفهرار والنفور، احتدت نظراته وقست تعبيراته بشدة متخيل بانها ستعود الى تلك الدراما كعادتها وتفعل المشاكل، لذلك أجاب عليها بصوت بارد
= انتٍ شايفه ايه؟ لو عايزه تقلبيها خناق ونكد استني لما ارجع مليش مزاج لوجع الدماغ ده
دلوقتي
ارتفع حاجباها للأعلى من حديثه الحاد لكنها حاولت لم تكترث به رغم شعورها بالحزن لانها أوصلته الى تلك الحاله، فخطتها لابد أن تكتمل وتعود تتقرب منه دون أن يعرف شيء، لذا تجاهلت كلماته قائلة بنعومة
= لا ما تخافش ما كنتش هقول كده .
هز رأسه بهدوء، وكاد أن يتناول زجاجة عطره ليضعه علي ملابسه فوجد يدها تمتد نحو زجاجة العطر بدل منه واخذتها هاتفه بصوت منخفض مثير
= بس كنت هقول لك ايه رايك لو قعدت معايا النهارده، وبلاش خروج مع اصحابك
أبعدها عنه بشراسة، واردف من بين أسنانه المضغوطة بقوة
= مش قلتي مش هتفتحي معايا الموضوع ولا ناويه تقلبيها نكد يبقى عاوزاني اقعد معاكي ليه؟ ما هو اصل انتٍ الايام اللي فاتت كنتي دايما بتقعدي معايا عشان حاجه واحده بس عشان تفتحي موضوع الشغل وتقلبيها بعد كده خناق.
تنهدت بحزن عميق حاولت اخفاءه، وهي تقول بإبتسامة عابثة
= انا كنت عاوزاك تقعد معايا عشان وحشتني واوعدك مش هفتح اي موضوع يضايقك ثاني
بدأت تُعطر له ملابسه وعلي وجهها ابتسامة واسعة رسمتها بصعوبة وسط ألمها، لم يعتد عليها هكذا فهي كانت دوماً الفترة الماضية ذات وجه غاضبا لا تعرف البسمه طريق لوجهها ولكن اليوم يري أمرأه اخري امامه وعندما انتهت من تعطيره .. بدأت تُهندم له ملابسه وأضافت برقه
= خلاص مش هضغط عليك طالما عاوز تخرج مع اصحابك بعد ما اتفقت معاهم، خلي بالك من نفسك.. ربنا يحفظك ليا يا حبيبي
لتلمع عين أيمن بنظرات مختلفه نحوها و وجدها تقترب منه اكثر لتُطبع قبله رقيقه علي خده وتابعت قائلة بهدوء
= انا خلاص صرفت نظر عن موضوع الشغل وهعمل اللي انت عاوزه يا حبيبي عشان يهمني رضاك .
ثم انصرفت من أمامه ليقف أيمن مذهولا من فعلتها التي أصبحت تُنعش قلبه وجعلته يخفق بلمساتها، هز رأسه برفض وتحرك سريعاً فربما تفعل ذلك حتى تعود بعدها وتطلب منه طلب عملها وهو لم يقع لها مجدداً .
❈-❈-❈
استدار سالم نحو الشرفة بغرفه المعيشه ليريح اعصابه، لينظر بشرود إلى الخلف حين استمع الى صوت صادر وجذب أنظاره وجود ليلي أمامه، تجمد عيناه عليها بصمت، وطالعته هي بنظرات مطولة متنهدة بحرارة، فكرت في استغلال الفرصة والحديث إليه مرة أخيرة معلنة عن خطاها ربما يجعله يعيد حساباته من جديد نحوها، إبتلعت ريقها متوجسة وهي تقول بصوت شبه مكتوم
= بابا ممكن أتكلم معاك .
نظر لها بانزعاج، فهو أصبح يشعر بأن قدومها دومًا يحمل المصائب، لذا رد باقتضاب نافر
= اي حاجه عاوزه تقوليها مش هتفيد في حاجه روحي اوضتك وقبل ما تدخلي خدي اكلك معاكي هتلاقيه في المطبخ .
تجمدت أنظارها علي والدها بخيبة أمل وهذا ما توقعت إياه وتخشاه دوماً حدوثه، لكنها هتفت ببكاء تسترجيه
= طب انت ناوي تسامحني امتى! أنا آسفة بجد، سمعت صوتك من شويه وانت بتتخانق مع ابله تسنيم انها مش راضيه تسامحك طب وانت كمان مش راضي ليه تسامحني وتديني فرصه ثانيه؟ رغم أن حضرتك شايف ان كل واحد مننا يستحق فرصه ثانيه كده .
رمقها بنظرات مليئة بالغضب و الاشمئزاز، و صاح قائلاً بازدراء
= عشان اللي زيك ما يستاهلش حتى يتبص في وشه، انتٍ مش هتحاسبيني انا هنا اللي بحاسبك وبس وانا هنا اللي اعمل اللي انا عاوزه.. وبالمناسبه موضوعك مع الزفت اللي كنتي تعرفيه ده وبعت له صور لك خلاص اعتبري خلص .
زاد بكائها المتحسر بصمت، وتحول وجهها للقهر والانكسار أثر كلماته القاسية، ثم تابع حديثه قائلاً بلهجة صارمة
= الولد اعترف بكل حاجه واتقبض عليه خلاص، وانتٍ هتيجي معايا بعد يومين عشان تقولي اقولك و اللي حصل وبعدها هيتحكم عليه، وحاجه اخيره قبل ما نقفل الموضوع ده انا تعبت عقبال ما عرفت الم قرفك فمش عاوز اتفاجئ انك عملتي مصيبه تاني .
رغم أنها من المفترض أن تسعد بذلك الخبر لان ذلك الكابوس انتهى من حياتها لكنها ما زالت تشعر بالتعاسه، مدت يدها بإحباط شديد على وجنتيها ماسحة ما بها من عبرات انسابت عليها وهي تسمع صوته متابعًا بوعيد رغم هدوء نبرته
= كفايه اللي انا فيه، هاه كفايه عشان تعبت من عمايلك ومن حملك الكبير عليا .
نظر سالم إليها نظرة أخيرة باشمئزاز منفر، ثم تحرك وتركها، انهارت قدمي ليلي فجثت على ركبتيها مجهشة ببكاء مرير يمتلكها شعور مخيف مليئة بالتعاسة والاحباط من عوده العلاقه بينهما من جديد، وبدأت بالفعل تقتنع بأنها خسرت والدها للأبد
❈-❈-❈
أسندت ليان برفق على الفراش واضعة رأسها على الوسادة بيأس، و رغم انزعاجها من أسلوب زوجها الفظ والفج معها و رفض يسامحها إلا أنها ستستمر في محاولتها ليعود الحال الصالح بينهما من جديد وتصليح الأمر باسرع وقت ممكن لذلك ستحاول مره ثانيه معه، وبالفعل نهضت من فوق الفراش و وقفت تحضر وجبه خفيفه له رغم تعبها الذي تشعر به نوعًا ما، و بعد مرور وقت لاحق استشعرت بوجود أيمن خلفها أبتسمت باتساع، وتحركت له بخطوات متمهلة، رأها تلقي بجسدها بحضنه هاتفه
= حمد لله على سلامتك، انا حضرت لك الغداء ولا اكلت مع اصحابك .
أبعدها عنه بجفاء، ووقف أمامها قائلاً بثبات واثق
= ما كانش في داعي تستنيني كنتي نمتي وانا هتصرف في حكايه أكلي، ولا خلاص مش قادره تصبري لحد الصبح ونتكلم .
أجابته بصوت خفيض لكنه كان مختنقًا بشدة
= انا مستنياك عشان اطمن عليك مش عشان اتكلم معاك في حاجه وانا قلت لك ان انا صرفت نظر عن الموضوع ده خالص مش عاوز تصدقني ليه.
هز رأسه بعدم تصديق، وأجابها بهدوء حذر
= عشان هي حاجه ما تتصدقش يا ليان شوفي بالك قد ايه عماله تحكي في الموضوع
ويا ريتك حتى لما بتتكلمي، بتتكلمي بهدوء وكنتي متضايقه ومتعصبه ومصممه تصميم غير عادي ان انتٍ هتشتغلي حتى لو غصب عني! فعاوزه بين ليله والثانيه اصدق أنك صحتي ولقيتي نفسك صرفتي نظره عن الموضوع ولا انتٍ اللي بتعمليه ده بتخططي لحاجه ثانيه ؟.
كان محق بالفعل فاصرارها الغريب وقتها لم يشفع لها الآن بسهوله، مال عليها برأسه ليضيف لها بجدية مجبرًا إياها على قطم ذلك الموضوع نهاء
= انا بس عشان ما تتعبيش نفسك على الفاضي لاني مش هغير قراري مهما عملتي .
شعرت بأنفاسه الساخنة تلفح وجهها، لتشعر باختناق كبير في صدرها من وضعها البائس، ثم وضعت يدها على كتفه بحنان و بدأت في تدليكه برفق كمحاولة منها لتهدئة أعصابه المشدودة، وحاولت رسم ابتسامة صغيرة قائله
= وانا مش عاوزاك تغير قرارك واقتنعت بكلامك او يا سيدي زهقت من كتر خلافاتنا وكمان لما حسيت الموضوع ابتدى يزيد وان احنا ممكن نسيب بعض تاني.
ثم أخرجت ليان تنهيدة عميقة من صدرها وهي تضيف
= انا مش عاوزه أبعد عنك يا أيمن حتى لو اخر يوم في عمري عاوزه اقضي معاك و بس .
نظر لها عاقدًا ما بين حاجبيه باستغراب من كلماتها العجيبة وهو يقول بشك
= مالك في حاجه؟ بتتكلمي كده ليه هو انتٍ مخبيه عني حاجه.
ابتعدت عنه من مكانها وهي تهز رأسها نافية
و ردت عليه بارتباك
= لا خالص! انا بس عاوزاك تسامحني ومش عاوزه نكون زعلانين من بعض، حاسه نفسي وحشة أوي، عشان الكلام إياه اللي قلته لك وضايقك مني وما كانش ينفع فعلا اقوله .
وضع أيمن يده على رأسه يحكه بضيق، ثم هتف ممتعضًا
=يا سلام! كل اللي انتٍ فيه ده عشان الكلمتين اللي قلتيهم؟ وبعدين ما انتٍ قلتيهم من بدري فكرتي بس دلوقتي تعتذري وتحسي انك زودتيها
إبتلعت ريقها متوجسة وهي تقول بصوت شبه متحشرج
= ما هو انا برده ما كانش ينفع اقول لك أنك ما تقربش و..
رد أيمن مقاطعها بتذمر
= بقولك ايه ما تجيبليش سيره الموضوع ده، انا عاوز انام وما ليش مزاج لحاجة خالص غير أني أنام.. وسعي من قدامك .
لكنها بالطبع لم تتركه وظلت تحاصره باسلوبها وكلماتها الخاصه لتجعلة يلين لها.
❈-❈-❈
بعد مرور وقت، نهضت تسنيم وهي تحمل الصينية بعد أن تناولت وتحركت تجاه المطبخ، ولكن عندما مرت امام غرفه ليلي تفاجات بها شبة مفتوحه و لمحتها وهي ممتده على الارض! اثر ذلك قلقها واعتقدت أنها تعرضت لفقدان وعي، لكنها عندما أقتربت من الداخل أخذت ثوانٍ لتتمكن من استيعاب ما أمامها، فتجمدت أنظارها علي الدماء التي بجانب ذراعيها وحولها لتفهم على الفور بانها قطعت شرايين يدها لتنتحر .
سقطت الصينية على الأرض منها، وتراجعت بتعجل للخلف وتلفتت حولها باحثة عن سالم بسرعه وعندما وقعت عيناها عليه يقف بداخل الشرفة سرعان ما صرخت مذعورة باسمة تستنجد به قائلة
= ســـالـــم !.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية