-->

رواية جديدة مشاعر مهشمة 2 لشيماء مجدي - الفصل 61 - 4 الأحد 17/12/2023

 

قراءة رواية مشاعر مهشمة الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية مشاعر مهشمة الجزء الثاني 
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات 
الكاتبة شيماء مجدي 

الفصل الواحد والستون

4

تم النشر يوم الأحد

 17/12/2023


منذ سفرها صباح البارحة، وتلك ثالث مرة يحدثها هاتفيًا، أسعدها ذلك كثيرًا، فقد أكد لها صدق شعوره نحوها طوال الفترة الماضية، وأن مشاعره لم تكن عابرة، ناتجة عن فراغه العاطفي كما خُيل لها، بل إنه رغم البُعد، والمسافات الحالية، يسعى لإن يكون بينهما تواصل يومي. بعد بعض العبارات الابتدائية التي تبادلها في تلك المكالمة، هتفت هي برنة صوتها المميزة، التي يشوبها السرور:


-انا فرحانة بجد انك بتكلمني، وبصراحة متخيلتش إنك تعمل كده؟


آتاها صوته الرجولي متسائلًا:


-امال تخيلتي إيه؟


بينما تعد فنجان قهوة لها، أجابته بصراحة:


-تخيلت انك هتنساني مسافة مسافر.


لم تمر ثانيتين وعلق بتفاجؤ مرح:


-ازاي بس تفكري كده؟ طب ده احنا بينا عيش وملح حتى.


توقفت للحظة عمَ تفعله، وسألته بطيف غيرة:


-وانت بقى بتبقى على العيش والملح اللي بينك وبين أي واحدة؟


على فوره أكد لها:


-أيوه طبعا.


لاح انزعاج نابع من غيرة أنثوية فوق وجهها، ورددت بضيق ملحوظ:


-والله؟


سارع في التكلم بمشاكسة:


-بس في حالة واحدة يعني.


لم يزول الانزعاج من صوتها وهي تسأله:


-إيه بقى؟


أخبرها بصوت رخيم:


-يكون اسمها مي.


انفرجت شفتاها رغمًا عنها ببسمة غبطة، ثم قالت له بجرأة:


-امم، طب ماتقول إني وحشتك بقى.


جاءها تعليقه المتفاجئ تفاجؤً يثير الضحك:


-يا بنتي ايه ده؟ انتي بتتنقلي لمراحل عالية كده ليه مرة واحدة!


بعدما ضحكت على ما قاله، ردت عليه بجدية:


-يا صلاح ماحنا مش صغيرين، انا عندي اربعة وتلاتين ومطلقة، وانت سبعة وتلاتين وأرمل، هنلف وندور ونفضل نلمح سنتين يعني؟


عقب بعقلانية من وجهة نظره:


-مش لدرجة سنتين، بس اديني وقتي، امهدلك حتى عشان متحسيش اني بشقطك.


بينما تصب سائل القهوة في الفنجان، تشكلت أمارات الاستغراب على ملامحها من وضفه الأخير، ورددت:


-بتشقطني! صلاح انا لو مكانك كنت اتكلمت من تاني يوم، انت عايش في السبعينات لسه باين.


آتاها تعليقه الساخر:


-بتوع إيجيبت بقى هنقول إيه.


وهي تسير نحو الشرفة، وبيدها فنجان القعوة الذي انتهت من إعداده، سألته بغير فهم:


-يعني إيه؟


استطرد متسائلًا باستشفاف ثقيل:


-يعني انتي واخدة بالك؟


ببسمة مزينة ثغرها، ردت عليه:


-والله نأمل يكون انت اللي واخد بالك.


أخبرها بطريقة مرحة وصوته يعبر عن ضحكة الخافت:


-واخد بالي طبعا، ده جرأتك في التلميح تغني عن مليون تصريح.


صدحت ضحكة عالية منها، كان لها بالتأكيد بالغ الأثر على كينونته الذكورية، حيث اعترف بعدها بصوت يعج بالاشتياق:


-على فكرة وحشتيني.


لان وجهها، وعبر عن سعادة بالغة باعترافه، الذي يوحي بافتقاده لها ذينك اليومين، ومن هنا أخذت المكالمة منحدرًا آخرًا، يحمل اعترافات، وتصريحات بمشاعر كل منهما نحو الآخر، مترتبًا على ذلك تغير مسار العلاقة، من صداقة، إلى مسمى مختلف، في السمات والمشاعر، وبالتأكيد لن يتوقف على الوصف الحالي، بل سيرتقي إلى رباط أسمى بين طيات المستقبل والحاضر.



❈-❈-❈


عندما جاءه خبر زيارة صديقه السابق من العاملة، انتباه حالة من التفاجؤ اللحظي، ولكن حينما تدارك حقيقة مجيئه للإطمئنان على أحواله الصحية، بعد مغادرته المشفى وعودته إلى بيته، تهللت أساريره، وعلى وجه السرعة نزل إليه لغرفة الاستضافة بالأسفل، فزيارته المفاجئة توحي باحتمالية عودة المياه لمجاريها بينهما، وانتهاء الخلافات الذي افتعلها هو بغبائه. ببسمة واسعة، وخطوات متحمسة ولج إلى داخل الغرفة، وهو يرحب به بحبور:


-مجد بيه الكيلاني ذات نفسه منورنا في بيتنا.


لاحظ "مجد" من موضعه تعافيه الملحوظ، وبينما يتقدم منه رسم بسمة بسيطة على محياه، وعلق بصوته الرزين:


-ايه النشاط والحيوية دي كلها، لا ده واضح ان صحتك جت على الحادثة


رد عليه "عاصم" بعد ضحكة خافتة:


-الظاهر كده.


نهض "مجد" من موضعه وهو يتبادل مع السلام بالأيدي، ثم عاود الجلوس بعدما قال له الآخر بتهذيب:


-اتفضل اقعد.


جلس "عاصم" على مقعد مجاور له، في حين سأله الآخر بطمأنة على أحواله:


-عامل إيه الكام يوم اللي فاتوا؟ 


هز رأسه بطريقة متفاعلة مع الحديث وهو يرد عليه بهدوء:


-شوية كده وشوية كده، بس الدكتور مطمني، مفيش حاجة تقلق يعني.


بعد حمحمة بسيطة جلى بها "مجد" صوته، أخبره برزانة:


-أنا بصراحة قلت اسيبك يومين تاخد نفسك من جو المستشفى، واجي اتطمن عليك.


رسم بسمة طيبة، راضية وهو يرد عليه حامدًا:


-انا الحمد لله بخير.


توسعت بسمة الآخر التي ظهر بها نوعًا من المزاح وهو يعلق: 


-ده واضح مش محتاج تقول.


بعد صمت دام للحظتين، سأله "عاصم" بود:


-الدنيا معاك تمام؟ الشغل.. وحياتك عموما؟


اعترى صوته بعض الحرج عندما تدارك تساؤله عن شئون عمله الذي خربه له لأكثر من مرة، وتجاوز عنه "مجد" في كل مرة، لم يبدِ ملاحظته لما طرأ على اعبيراته، وأجابه بصوت عادي:


-آه تمام، الشغل ماشي وحياتي شوية ضايعة في الشغل، وشوية بفصل عشان البيت و..


قاطع كلماته متسائلًا بتعمدٍ:


-وابنك؟


ضم "مجد" ما بين حاجبيه باستغراب لمجيئه على ذكره، في حين كان الآخر يود أن يبدي له ندمه على ما سبق، تحديدًا الأذى الذي طال زوجته، وكاد يلحق بابنه، ابتلع ريقه وسأله بخزي واضح:


-عامل إيه؟


تفهم سبب التوتر البادي علر وجهه، وتحاشيه النظر إبيه في تلك اللحظة، وحتى يعفيه عن الحرج، فهو قد سبق وسامحه عمَ بدر منه، ولا يوجد بد للعتاب بعد كل ما حدث، رد عليه ببساطة:


-يزيد كويس، بس مطلع عنينا، وزنان بشكل رهيب، معرفش بيجيب طاقة منين للزن ده كله.


عندما وجد طريقة رده الطيبة، المعبرة عن تسامحه، لاح فوق وجهه تعبيرًا شاكرًا، وعلق على ما قاله بمرح طفيف:


-لا طاقة الزن دي بتتجدد، متسألش بتيجي منين ولا الزن مبيخلصش ليه.


تفاعل معه "مجد" في الحديث المرح، قائلًا:


-مانت عندك اتنين قده بقى الله يكون في عونك.


بنفس الطريقة المتبادلة بينهما أخبره:


-والتالتة كلها كام شهر وهتنضم ليهم، ده غير ولاد عز، يعني تقدر تقول الفيلا بقت روضة على الضيق.


صدرت ضحكة خافتة منه وعلق بتشفٍ:


-وانا اللي فاكره إنك مكنتش بتطيق الأطفال، شمتان فيك الحقيقة.


اتسعت بسمة ضاحكة فوق وجهه، ورد عليه:


-بتفرق بقى اطفال الناس من أطفالنا، دول بيجوا بيفرضوا عليك حبهم.


ثم ما لبث أن أضاف بحب أبوي صادق:


-يعني ولادي حاجة تانية، وليهم مكانة كبيرة في قلبي، وولاد اخويا كمان، ومهما زنوا مش بزهق منهم ولا بمل من شقاوتهم.


ظهر الاستغراب على وجه "مجد" جليًا، من تغيره الواضح، وقال له باستحسان يحمل الدهشة:


-الجواز والخلفة غيروك أوي.


علق على ما قاله، مضيفًا بابتسامة راضية:


-الجواز والخلفة والأخوة والعيلة، في حاجات كتير في الفترة الأخيرة غيرتني وحاجات تانية انا كمان غيرتها.


سعد "مجد" لذلك التغيير الطيب، وعقب على الأخير من قوله:


-بس أهم حاجة تكون للأحسن.


هز رأسه بطريقة تلقائية مع رده الهادئ:


-أهو بنحاول.


لفهما الصمت ثانيةً، كسره "مجد" بعد عدة لحظات بقوله المباغت:


-بابا عايز يشوفك يا عاصم.


زوى ما بين حاجبيه في تعجبٍ، في حين أضاف الآخر مبلغًا باستيضاح:


-في أمانة معاه عايز يديهالك.


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شيماء مجدي من رواية مشاعر مهشمة الجزءالثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية