رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 27 - 3 الأربعاء 6/12/2023
قراءة رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
3
تم النشر يوم الأربعاء
6/12/2023
احتج الاخير رافضًا:
- لا يا عم، ادخل انت اعملي الشاي اللي بتقول عليه، ولو هتجيب معاه حاجة تبلع برضوا انا قابل، يعني فايش ينفع ، بسكويت، كحك بسمسم ، اي حاجة، جبنة قريش، او حتى مش بدوده والله انا قابل ، المهم يبقى هنا تحت عرش العنب الجميل، في الجو اللي يهبل ده
تبسم بسيونى بعرض وجهه تقديرًا لتواضع الاخر، ونفسه الطيبة في التعامل معه، ليرد الود بمعاملة بالمثل، مشيرًا بسبابته الى اسفل عينيه مستجيبًا له:
- من عنيا الجوز ، انت تؤمر يا يوسف بيه ، احلى غدا في الخضرة اللي هتحبها وتحت العنبة كمان.
قالها الرجل ثم دلف لداخل المنزل ووقف هو يتجول بين أحواض الخضرة، غير مبالي بالوسخ الذي التصق في الحذاء الغالي ، يتأمل عناقيد العنب المتدلية من سقف العرش، ثمار طازجة ، وأخرى صغيرة وخضراء في طريقها للنضج، كلها أشياء تسلب العقل بروعتها.
وفي غمرة انشغاله ، تفاجأ بما يزيد الشغف بداخله، حيث ظهر من العدم قطيع من الاغنام، يسير متوجهًا الى وجهة محددة.
توسعت عينيه بذهول يتابعهم، اناث وذكور ، كبار وصغار، بألوان شتى، تحرك خلفهم حتى دلفوا داخل احد الأحواش القريبة منه،،
- يا سبحان الله، ودول طلعوا يتفسحوا مع نفسهم ولا إيه؟
غمغم بها قبل ان يجفل على صوت زمجرة نسائية تأتي من خلفه، مرافقة لصوت مأمأة غنم، وكأنها تتشاجر معه،
التف برأسه ليجد بالفعل فتاة تسحب بعنف احد الخرفان من قرنيه الكبيران، وفمها يردد بالسباب عليه، فخرج صوته مشفقًا:
- يا بنتي انتي مجنونة، ما براحة ع الحيوان، ايه القسوة دي؟
توقفت الفتاة ذات البشرة القمحية، بطرحة رأسها التي تدلت منها بعض الخصلات في الأمام، نتيجة المجهود الذي تقوم به، فظلت للحظات تطالعه بعدم استيعاب، حتى سألته:
- انت بتكلمني انا؟
اجاب سؤالها بانفعال:
- ايوة انتي طبعًا، حلي ايدك شوية عن الخروف، دا كدة ممكن تقصفي رقبته، ولا تكسري قرنه، حرام عليكي.
ظهرت التسلية على وجه الفتاة لتردد من خلفه بسخرية:
- اجصف رجبته ولا اكسرله جرنه كمان، يا حلاوة يا ولاد، انتي مين انت؟ من جمعية الرفق بالحيوان ، ولا يكونش جاي من حاجة تبع الاممم المتحدة بناءًا على شكوى متجدمة ضدي؟
تببسمت في الاَخيرة بسماجة استفزته، ليعلق ردا لها:
- يعني انا بكلمك ع الرحمة يا اَنسة، وانتي بتتريقي، طب حتى افتكري انه روح ربنا خالقها، ويجب علينا نعامله برفق شوية.
رفعت يديها الاثنان عنه فجأة لتعبر مضيفة على قوله :
- نعامله برفق وحنية كمان، بس انتي متزعلش يا سعادة الباشا، ياللا يا زينهم.
قالت بالاخيرة تدفع الخروف نحو مدخل الحوش الذي سبق الدخول فيه من قبل اقرانه
فتكلم هو ردًا له:
- انا كنت فاكرك بتتريقي، بس كون انك سبتيه اساسًا، دي عندي كبيرة اوي.
ردت بنفس النغمة الهادئة وهذه السخرية التي تتخلل نبرتها:
- با سيدي ولا يكون عندك فكر، انت تؤمر، يا باشا ياللي انا مش عارفة اسمك، انا بجدر فعلا وجهة نظرك الخاصة بالخرفان، والرفق والحنية عليهم.
- وجهة نظري!
تفوه بها بعدم فهم، وقبل ان يسألها عن الغرض من كلماتها، اجفل بدفعة قوية غبية، على مؤخرته في الخلف، جعلته يطير من أمامها، حتى سقط بالكامل داخل احدى أحواض الخضرة، رفع رأسه مصعوقًا بنظرة نارية نحوها، فتفاجأ بهذا الخروف الذي كان يدافع عنه منذ قليل، يطالعه متحفزًا، لاعادة الكرة بنطحه مرة ثانية، وابتسامة متسلية على ثغر الفتاة تعقب له:
- احنا آسفين يا باشا، بس دا زينهم ، اللي انت عايزاني اعاملة برفق وحنية، اتفضل، دي الهواية المفضلة عنده، نطح أي شيء يديله ضهره.
قالتها وانطلقت بضحكة عفوية لم تقوى على كتمها، على قدر ما استفزه صورته المخزية امامها واستهزائها به، على قد ما اطربه الصوت العفوي منها، حتى انتفضت على اثر الصوت الجهوري المنادي باسمها:
- بت يا ورد، انتي يا مضروبة الدم، بتعملي ايه عندك.؟
❈-❈-❈
- خلاص يا روح انا اتصلت....
قطع قاصدًا حين اجفلها بالدخول مباشرة الى داخل الغرفة بعدما انهى المكالمة التليفونية مع احد اشقائه، وقد كانت هي متسطحة على فراشها في طريقها للنوم، بعد ان غلبها التعب وسهر الامس قي التفكير، ترتدي هذه البيجامة الضيقة المنحسرة عليها، بدون السترة التي تعلوها، لتظل بهذا الجزء الداخلي الملتصق بها، مكشوف الذراعين
استفزه مشهدها حينما انتفضت تعتدل بجذعها باضطراب فور ان فاجئها بدخوله، ونظرة كاشفة منها، وكأنها توبخه، ليقابل حنقها بابتسامة ماكرة معلقًا:
- ايه؟ كنت عايزاني استأذن جبل ما ادخل؟
قطبت تستدرك وضعها الجديد كزوجة له، فتراجعت عن غباء تفكيرها، قائلة بأسف:
- لا طبعا ازاي بس؟ دي اوضتك وانت من حجك تدخل في الوجت اللي انت عايزه،، انا بس اللي لسة متعودش.
- امممم.
زام بفمه، ثم جلس بجورها، قبل ان يباغتها بجذبها من خصرها لتلتصق به، حتى صدر منها نصف شهقة قطعتها على الفور، في محاولة يائسة منها لعدم الإجفال.
تغاضى هو، ليشاكسها بعبثه:
- طيب ولما هي اوضتي، وادخلها زي ما احب، بتتكسفي ليه من دخلتي عندك؟ ماسكة ليه في حتة البيجاما دي من امبارح، مش هي العروسة برضوا بتغير في اليوم يجي مية مرة..
- ايوة طبعًا، بس انا افتكرت.....
قطعت بحرج، توقف قولها الاحمق، ليكمل لها بابتسامة خبيثة:
- افتكرت انك اجازة ومش هجربلك دلوك.
اغلقت عينيها بحرج شديد، فهذه الخاطرة بالفعل قد مرت برأسها، فخرج صوتها الاَن بتصحيح:
- يا عارف انا جولتلك اني لسة متعودتش، لكن انا تحت امرك في اي وجت أكيد، لو تحب دلوك اجوم...... واغير هدومي يعني.....
سألها ليزيد من خجلها:
- وتلبسي جميص زي بتاع امبارح، ولا هو نفسه؟
اومأت بهز رأسها وصوت خرج كالهمس:
- زي ما تحب.
زفر يخرج تنهيدة مطولة، لفحت حرارتها بشرة عنقها، ليردف بما يعتمل بصدره:
- لو ع اللي بحبه، ف انا عايز كتير، كتير جوي، بس معلش بجى، الصبر طيب.
التفت رأسها اليه لتواجهه بعيناها سائلة:
- طب وايه لزوم الصبر؟ ما انا بجولك اها، انا تحت امرك .
توقف يطالع تصميمها، وهذه العفوية التي تتحدث بها، لتغزو ابتسامة غامضة ثغره، ثم اجفلها بخطف قبلة عابرة على الذراع العاري اجفلتها كالعادة ، ليزداد اتساع ابتسامته، ثم نهض فجأة معقبًا:
- ميأمرش عليك ظالم .
قالها بدعابة، ثم تحركت اقدامه للخروج، وتركها بتخبطها وارتباكها، مبعثرًا بأفعاله كيانها، حتى تسائلت بداخلها عن سبب دخوله بالاساس.
وكأنه قرأ ما يدور برأسها ، فتوقف يخبرها قبل ان يخرج من باب الغرفة:
- نسيت اجولك، واد عمك ناجي خد الطريحة، اخوكي غازي جام معاه بالواجب وزيادة، بس للأسف فتنة دخلت في الموضوع وولعتها، ودلوك هيتعمل جلسة في المندرة للبحث في الأمر
❈-❈-❈
لطمت على خدها وكأن التهمة التصقت بها هي، لقد حدث ما كانت تخشاه وكبر الموضوع بفضله، حتى وصل الأمر لشقيقها:
- يا مرك يا نادية، يعني الجلسة اللي في المندرة هناك معمولة عشاني، معمولة عشاني ياما؟
زفرت جليلة بحنق متعاظم ترد عليها:
- ما انتي لو كنتي اتكلمتي في يوميها مكنش دا كله حصل، كان اخوكي جطع مع الزفت ده، وغازي رباه بمعرفته.
صاحت ترد عليها:
- طب ما هو راح رباه ياما ، وكانت النتيجة ايه؟ اهو كبر الموضوع وكل واحد هيزود من مخه، انا كان مالي انا ومال المرار ده؟ انا كنت عايزة اروح بيتي؟ كنتوا سبيتوني اروح، بدل المرار والشندلة دي
سقطت على كرسيها ترثي نفسها وحزنها:
- ما انا كنت عايشة في حضن جوزي في امان الله، ليه بس الدنيا تجلب عليه بوشها العفش وتديني ضهرها ؟
- استغفر الله العظيم .
تمتمت بها جليلة لتأمرها بحزم:
- استغفري ربنا، دا كل حاجة عنده بتدبير، خلي عندك ثقة فيه.
سمعت منها وتمتمت متضرعة، قبل ان تردف بتصميم:
- ونعم بالله، عدلها من عندك يارب..... بس انا برضك لازم امشي.
❈-❈-❈
لقد تم ما اراده المتبجح، وبدلا من ان يستحي من فعلته، ها هو الاَن يصيح بصوته الجهوري، يونبئ الجميع عن صدق نوياه، حتى لو خانه حكمة التصرف بعقل، مستغلًا رغبة الأخرى، بعدم الزج بها في حديث صفعها له بالقلم وما كان على وشك القيام به، ليجعلها ترد بهذا الفعل معه
الاَن فقط قدر موقفها في الكتمان، الاَن فقط علم ان المرأة في هذه المواقف هي بالمدانة من الجميع، حتى والكل يعلم بأنها الضحية، لابد ان تحمل الذنب وحدها.
- ها يا عزب يا ولدي، اديك سمعت من واد عمك، ايه رأيك في اللي حصل؟
توجه سعيد بالسؤال نحو المذكور بعدما ذكر له الاَخر، عن سبب استدعائه، ليرد ناجي بهذه الاصابات التي تملا وجهه، والأربطة الملتفة حول ذراعه:
- انا بتأسفلك يا عزب، جدامهم كلهم، ونفسي توصلوا الكلام دا لنادية عشان فهمتني غلط، روحوا جيبوها تجول الحجية لو كنت انا اتعديت ولا زودتها معاها.
- نجيبها فين يا واد؟ هو انت مش ناوي بجى تبطل الكهن والاستنطاع بتاعك ده؟
هتف بها غازي بعدائية نحو هذا الملعون، والذي لو بيده، لكان اخبر الجميع عن حقيقة ما حدث، فيجعلها فضيحة لها، ثم يتلقاها بحجره هو بعد ذلك بصفته المنقذ، ولكن ابدا لن يحدث.
فخرج صوت عزب بعد فترة من الصمت، بوجه مغلف، رغم غضبه ، لكنه متماسك:.
- مفيش داعي للاعتذار يا ناجي، انا خلاص فهمت ، ايه عايز تاني؟
جاء الرد من سعيد:
- ما جالك يا ولدي، انه عايز يتجوزها، باجي على ثانوية المرحوم اجل من شهر، اجبل بواد عمك، حتى عشان نجفلوا ع الكلام والحديت، وان كان على معتز ، ف انا هعتبره زي حفيدي.
بوجه جامد رد عزب:
- تشكر يا عم سعيد، ربنا يباركلك، بس بالعجل كدة يعني، ايه هيجيب الكلام والحديت، وانا اختي مخطوبة أصلا.
- مخطوبة لمين؟
تسأئل ناجي بحدة وعدم تصديق، فجأه الرد من غازي، بنبره متشفيه:
- مخطوبة ليا انا، ما هو انا كمان كنت مستني سنوية المرحوم جبل ما اعلن واجول، ان كتب كتابي عليها هيبجي بعدها على طول .
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية ميراث الندم, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..